المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مِنْهُمْ. (يُنْدَبُ) لَهُمْ. (وَفَاءُ النَّذْرِ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُمْ كَمَا - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: مِنْهُمْ. (يُنْدَبُ) لَهُمْ. (وَفَاءُ النَّذْرِ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُمْ كَمَا

مِنْهُمْ. (يُنْدَبُ) لَهُمْ. (وَفَاءُ النَّذْرِ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُمْ كَمَا مَرَّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنِّي نَذَرْت اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِك» إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ فِيهِ لِلْوُجُوبِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْكَافِرِ لِلتَّقَرُّبِ كَمَا مَرَّ فَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ إذْ لَا يَحْسُنُ تَرْكُهُ بِالْإِسْلَامِ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ فِي الْكُفْرِ مِنْ الْخَيْرِ. (فُرُوعٌ)

قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ نَذَرَ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ لَا تُحْسَبُ قِرَاءَتُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَلَا فِي الْقِيَامِ لِخَامِسَةٍ نَاسِيًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَدْعُوَهُ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ يَدْعُوهُ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اسْمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْأَسْمَاءَ الْوَارِدَةَ فِي الْخَبَرِ. اهـ. وَكَانَ الْبَغَوِيّ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَإِلَّا فَعَلَى مَا نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّهُ اللَّهُ أَوْ عَلَى مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالدُّعَاءِ بِهِ.

وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ، ثُمَّ عَيَّنَ شَاةً لِنَذْرِهِ فَلَمَّا قَدَّمَهَا لِلذَّبْحِ تَعَيَّبَتْ لَا تُجْزِئُ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً، ثُمَّ عَيَّنَ شَاةً وَأَوْصَلَهَا مَكَّةَ فَلَمَّا قَدَّمَهَا لِلذَّبْحِ تَعَيَّبَتْ أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ وَبِالْوُصُولِ إلَيْهِ حَصَلَ الْإِهْدَاءُ وَالتَّضْحِيَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالذَّبْحِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الْأَيَّامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ: لَزِمَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ وَيُحْتَمَلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَيْ: كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ

. ‌

(بَابُ الْقَضَاءِ)

أَيْ: الْحُكْمِ وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ كَقَبَاءٍ وَأَقْبِيَةٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ يُقَالُ لِإِتْمَامِ الشَّيْءِ وَإِحْكَامِهِ وَإِمْضَائِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَتِمُّ الْأَمْرَ وَيَحْكُمُهُ وَيَقْضِيهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَقَوْلِهِ {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] وَقَوْلِهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 105] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهَا «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرًا «إذَا جَلَسَ الْحَاكِمُ لِلْحُكْمِ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَلَكَيْنِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ فَإِنْ عَدَلَ أَقَامَا وَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ» وَمَا جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَنْ يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ يَحْرُمُ عَلَى مَا سَيَأْتِي.

(أَهْلُ الْقَضَاءِ وَنِيَابَةٍ تَعُمْ) أَيْ: وَأَهْلُ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ. (أَهْلُ الشَّهَادَاتِ) كُلِّهَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَصْلُحُ لَهَا فَلِلْقَضَاءِ أَوْلَى. (فَلَا) يَكْفِي. (خُرْسٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ جَمْعُ أَخْرَسَ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُمْ. (وَ) لَا. (صُمْ) جَمْعُ أَصَمَّ وَهُوَ مَنْ لَا يَسْمَعُ أَصْلًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَلَا رَقِيقٌ لِنَقْصِهِ وَعَدَمِ تَفَرُّغِهِ وَلَا امْرَأَةٌ إذْ لَا يَلِيقُ بِهَا مُجَالَسَةُ الرِّجَالِ وَرَفْعُ صَوْتِهَا بَيْنَهُمْ وَلَا خُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَلَا أَعْمَى وَفَاسِقٌ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ وَلَا كَافِرٌ وَلَوْ عَلَى كُفَّارٍ وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْوُلَاةِ مِنْ نَصْبِ حَاكِمٍ لَهُمْ فَهُوَ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ وَزَعَامَةٍ لَا تَقْلِيدُ حُكْمٍ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ بِالِالْتِزَامِ لَا بِإِلْزَامِهِ.

(مُجْتَهِدٌ) فَلَا يَكْفِي الْجَاهِلُ وَالْمُقَلِّدُ كَمَا فِي الْإِفْتَاءِ. (كَافٍ) فِي الْقَضَاءِ فَلَا يَكْفِي الْمُغَفَّلُ وَمُخْتَلُّ الرَّأْيِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِالنِّيَابَةِ الْعَامَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَصَحَّحَ فِيهِ الْمَنْعَ وَعَلَّلَهُ، بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ مَا لَمْ يَذْبَحْ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ.

(بَابُ الْقَضَاءِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي مُحَابَاةِ نَفْسِهِ وَلِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً إلَخْ)، أَمَّا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ هَذِهِ الشَّاةَ الْمُعَيَّنَةَ فَتَعَيَّبَتْ بِنَفْسِهَا وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَقِيَاسُ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إجْزَاؤُهَا أَيْ: عَدَمُ لُزُومِ إبْدَالِهَا كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَمَّا قَدَّمَهَا لِلذَّبْحِ تَعَيَّبَتْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ تَعَيَّبَ الْهَدْيُ تَحْتَ السِّكِّينِ عِنْدَ ذَبْحِهِ أَجْزَأَ. اهـ. وَجَزَمَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّهُ الرَّاجِحُ

[بَابُ الْقَضَاءِ]

(بَابُ الْقَضَاءِ)(قَوْلُهُ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ» إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ عَالِمٌ أَهْلٌ لِلْحُكْمِ وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَنِيَابَةٍ تَعُمُّ) أَيْ نِيَابَةٍ مِنْ الْقَاضِي إلَيْهِ أَيْ: الْأَهْلِ لَأَنْ يَصْدُرَ إلَيْهِ نِيَابَةٌ عَامَّةٌ مِنْ الْقَاضِي هُوَ أَهْلُ الشَّهَادَاتِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا خُنْثَى) وَلَوْ ظَهَرَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَتْ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: كَافٍ) قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْكِفَايَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ وَهِيَ شَرْطٌ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) فَسَّرَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْكِفَايَةَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى إنْفَاذِ مَا تَصَدَّى لَهُ وَحُسْنِ

ص: 216

الْخَاصَّةُ كَتَوْلِيَتِهِ فِي تَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ بَلْ يَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَكَتَوْلِيَتِهِ فِي نُزُولِ أَهْلِ قَلْعَةٍ عَلَى حُكْمِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ وَلَا كَوْنُهُ بَصِيرًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ. (وَالِاجْتِهَادُ) لُغَةً: اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي تَحْقِيقِ مَا يَسْتَلْزِمُ الْمَشَقَّةَ، وَاصْطِلَاحًا: اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي طَلَبِ الظَّنِّ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَشَرْطُهُ. . (أَنْ يَعْرِفَ) الشَّخْصُ. (أَحْكَامَ الْكِتَابِ وَالسُّنَنْ وَالْقَيْسَ) لُغَةً فِي الْقِيَاسِ. (وَالْأَنْوَاعَ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ فَمِنْ أَنْوَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ وَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرُ وَالْآحَادُ وَالْمُسْنَدُ وَالْمُرْسَلُ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي وَالْأَدْوَنُ وَالصَّحِيحُ وَالْفَاسِدُ وَقَوْلُهُ وَالْأَنْوَاعَ مِنْهَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَأَنْوَاعِهِ لِرَفْعِ إيهَامِ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْقِيَاسِ فَقَطْ. .

(وَلُغَاتْ عُرْبٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَأَنْ يَعْرِفَ لُغَاتِ الْعُرْبِ مُفْرَدَاتِهَا وَمُرَكَّبَاتِهَا لِوُرُودِ الشَّرِيعَةِ بِهَا وَلِأَنَّ بِهَا يُعْرَفُ عُمُومُ اللَّفْظِ وَخُصُوصُهُ. (وَقَوْلَ الْعُلَمَا) مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا لِئَلَّا يُخَالِفَهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ. (وَ) حَالَ. (الرُّوَاةْ) لِلْأَخْبَارِ قُوَّةً وَضَعْفًا قَالَ الشَّيْخَانِ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَأَنْ يَعْرِفَ أُصُولَ الِاعْتِقَادِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي اعْتِقَادٌ جَازِمٌ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَدِلَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَةُ يَنْظُرُونَ فِيهَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْسِنَ الْكِتَابَةَ وَلَا التَّبَحُّرَ فِي هَذِهِ الْعُلُومِ بَلْ يَكْفِي مَعْرِفَةُ جُمَلٍ مِنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ حِفْظُهَا عَلَى ظَهْرِ الْقَلْبِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ مَظَانَّهَا فِي أَبْوَابِهَا فَيُرَاجِعَهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، ثُمَّ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الْعُلُومِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الشَّرْعِ وَيَجُوزُ تَجْزِيءُ الِاجْتِهَادِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ مُجْتَهِدًا فِي بَابٍ دُونَ بَابٍ فَيَكْفِيَهُ عِلْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي وَافِرَ الْعَقْلِ حَلِيمًا مُتَثَبِّتًا ذَا فِطْنَةٍ وَتَيَقُّظٍ كَامِلَ الْحَوَاسِّ وَالْأَعْضَاءِ عَالِمًا بِلُغَةِ الَّذِينَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بَرِيًّا مِنْ الشَّحْنَاءِ بَعِيدًا مِنْ الطَّمَعِ صَدُوقَ اللَّهْجَةِ ذَا رَأْيٍ وَسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَلَا يَكُونُ جَبَّارًا يَهَابُهُ الْخُصُومُ فَلَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْحُجَّةِ وَلَا ضَعِيفًا يَسْتَخِفُّونَ بِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا وَرِعَايَةُ الْعِلْمِ وَالتَّقْوَى أَهَمُّ مِنْ رِعَايَةِ النَّسَبِ. (وَإِنْ تَعَذَّرَتْ) شُرُوطُ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي زَمَنِنَا. (فَمِمَّنْ وَلَّاهُ) سُلْطَانٌ. (ذُو شَوْكَةٍ) صَحَّتْ وِلَايَتُهُ. (وَنَافِذٌ قَضَاهُ) وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا لِلضَّرُورَةِ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ

الْمَصَالِحُ

وَلِهَذَا يَنْفُذُ قَضَاءُ أَهْلِ الْبَغْيِ

(وَهُوَ) أَيْ: الْقَضَاءُ أَيْ: طَلَبُهُ وَكَذَا قَبُولُهُ إذَا وُلِّيَ. (عَلَى مُعَيَّنِ الْقُطْرِ يَجِبْ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. (فِيهِ) أَيْ فِي قُطْرِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ قُطْرِ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَتَرْكِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: مَا يَسْتَلْزِمُ) أَيْ تَحْقِيقُهُ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلَ الْعُلَمَاءِ) وَإِطْلَاقُهُ وَتَقْيِيدُهُ وَإِجْمَالُهُ وَبَيَانُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يُوجَدَ صَالِحٌ فِي غَيْرِهِ يُجِيبُ إلَى التَّوْلِيَةِ فِيهِ وَالْوُجُوبُ حِينَئِذٍ عَلَى مَنْ بِالْقُطْرِ بَعِيدٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

الرَّأْيِ، ثُمَّ قَالَ: فَلَا يُغْنِي عَنْهَا ذِكْرُ الِاجْتِهَادِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُسْنُ الرَّأْيِ بِحَيْثُ يَحْمِلُ أَكْثَرَ النَّاسِ عَلَى طَاعَتِهِ لَوْ فُرِضَ عَجْزُ الْإِمَامِ عَنْ تَنْفِيذِ حُكْمِهِ أَوْ عَسِرَ مُرَاجَعَتُهُ فِي ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ ثَمَّ مُجْتَهِدَانِ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ وَالْآخَرُ بِضِدِّهِ تَعَيَّنَتْ تَوْلِيَةُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْكَافِي فَقَطْ عَلَى أَنَّ اخْتِلَالَ الرَّأْيِ قَدْ يَكُونُ لِنَحْوِ هَرَمٍ وَهُوَ لَا يُنَافِي الِاجْتِهَادَ. اهـ. وَلْيُحَرَّرْ اشْتِرَاطُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ وَالِاجْتِهَادُ) وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَأْسِيسِ قَوَاعِدَ أُصُولِيَّةٍ وَحَدِيثِيَّةٍ وَغَيْرِهِمَا يُخْرِجُ عَلَيْهَا اسْتِنْبَاطَاتِهِ وَتَفْرِيعَاتِهِ وَهَذَا التَّأْسِيسُ هُوَ الَّذِي أَعْجَزَ النَّاسَ عَنْ بُلُوغِ حَقِيقَةِ مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ بُلُوغُ الدَّرَجَةِ الْوُسْطَى فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّ أَدْوَنَ أَصْحَابِنَا بَلَغَ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَرْتَبَةُ الِاجْتِهَادِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلُغَاتِ عُرْبٍ) أَيْ: ذَاتًا وَصِفَةً. (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِلُغَةِ إلَخْ) جَعَلَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ الْآدَابِ وَشَرَطَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَفْهَمُ عَنْهُمْ وَلَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا إذَا عَرَفَ مُصْطَلَحَاتِهِمْ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ وَأَقَارِيرِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.

حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَتْ شُرُوطُ الِاجْتِهَادِ إلَخْ) وَيَجِبُ تَقْدِيمُ مُجْتَهِدِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَتَقْدِيمُ الْأَفْضَلِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ) وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِ الْخُلَفَاءِ الظَّلَمَةِ وَأَحْكَامِ مَنْ وَلَّوْهُ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ نُفُوذَ تَوْلِيَةِ امْرَأَةٍ وَأَعْمَى فِيمَا يَضْبِطُهُ وَقِنٍّ وَكَافِرٍ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْكَافِرِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الِاضْطِرَارُ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ إذَا وَافَقَ الْحَقَّ. اهـ. تُحْفَةٌ فِي مَوَاضِعَ وَخَالَفَ م ر فِي الْكَافِرِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قُطْرِ غَيْرِهِ) وَهُوَ مَا يَصِيرُ فِيهِ غَرِيبًا عُرْفًا اهـ. وَفُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْقَطْرُ بِبَلَدِهِ سم

ص: 217

الْوَطَنِ وَخَالَفَ سَائِرَ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقِيَامُ بِهَا وَالْعَوْدُ إلَى الْوَطَنِ وَالْقَضَاءُ لَا غَايَةَ لَهُ مَعَ قِيَامِ حَاجَةِ قُطْرِ الْمُتَعَيَّنِ إلَيْهِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِقُطْرِهِ صَالِحٌ آخَرُ وَوَلِيَ أَحَدُهُمَا فِيهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ فِي قُطْرٍ آخَرَ لَيْسَ بِهِ صَالِحٌ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْقُطْرُ الْآخَرُ عَنْ قَاضٍ مَعَ انْتِفَاءِ حَاجَةِ قُطْرِهِ إلَيْهِ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ قَاضٍ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَنَاحِيَةٍ عَرَفَ أَنَّهَا خَالِيَةٌ عَنْهُ، إمَّا بِأَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ قَاضِيًا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَنْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ. اهـ.

وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِمَا وَلَا يُعْذَرُ الْمُتَعَيِّنُ بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ خِيَانَةٍ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَحْتَرِزَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ لِاضْطِرَارِ النَّاسِ إلَيْهِ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ عِنْدَ التَّعَيُّنِ، وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّا لَا نُكْرِهُ عَلَى الْقَضَاءِ أَحَدًا» فَحَمَلُوهُ عَلَى حَالِ عَدَمِ التَّعَيُّنِ مَعَ أَنَّهُ غَرِيبٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ امْتِنَاعُهُ حِينَئِذٍ كَبِيرَةٌ فَيَفْسُقُ فَكَيْفَ يُوَلَّى قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ أَوَّلًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ امْتِنَاعُهُ غَالِبًا بِتَأْوِيلٍ فَلَيْسَ فَاسِقًا قَطْعًا وَإِنْ أَخْطَأَ وَعَلَى الْإِمَامِ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ مَنْ يُوَلِّيهِ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَصْحَابِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَوِّضَ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ إلَى مَنْ لَا يَصْلُحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ، ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُفَوَّضِ إلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ كَمَا لَا يَخْتَارُ نَفْسَهُ وَلَوْ قَالَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ: اخْتَارُوا رَجُلًا وَوَلُّوهُ فَفَعَلُوا انْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ. (وَلِلْأَصْلَحِ وَالْمِثْلِ نُدِبْ) أَيْ: وَنُدِبَ الطَّلَبُ وَكَذَا الْقَبُولُ لِلْأَصْلَحِ مَعَ وُجُودِ الصَّالِحِ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ وَخُمُولٍ وَلِمِثْلِ غَيْرِهِ فِي أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ مَعَ وُجُودِ مُمَاثِلِهِ. (لِحَاجَةٍ) لَهُ إلَى رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

(وَلِخُمُولٍ) أَيْ: أَوْ لِخُمُولِ ذِكْرِهِ وَعَدَمِ انْتِشَارِ عِلْمِهِ فَيَرْجُو انْتِشَارَهُمَا بِالْوِلَايَةِ وَأَفْهَمَ وُجُوبُ الطَّلَبِ عَلَى الْمُتَعَيَّنِ وَنَدْبُهُ لِغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ جَوَازَ بَذْلِ الْمَالِ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ حَرُمَ أَخْذُهُ

(وَكُرِهْ) أَيْ: الطَّلَبُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِغَيْرِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلَبُ أَوْ نُدِبَ أَيْ لِلصَّالِحِ الْمَفْضُولِ وَلِلْمِثْلِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ وَالْخَامِلِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ حَيْثُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» ، وَيُكْرَهُ لَهُمَا قَبُولُهُ إذَا وَلِيَا، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْتَدِئَهُمَا بِالتَّوْلِيَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا بَذْلُ الْمَالِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ وَالْمِثْلُ الْمُحْتَاجُ أَوْ الْخَامِلُ يَتَوَلَّيَانِ وَإِلَّا فَكَالْمَعْدُومِينَ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقُلُوبِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ وَيَلْحَقُ بِالْمَفْضُولِ فِيهِمَا الْمِثْلُ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ وَالْخَامِلُ

(وَعَادَ كُلُّ صُوَرِهْ) أَيْ: الْقَاضِي. (إلَى الْإِمَامِ) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ مُجْتَهِدًا كَافِيًا فِي الْإِمَامَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّر كَمَا فِي زَمَانِنَا وَيَجِبُ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ لِلْإِمَامَةِ إنْ تَعَيَّنَ وَيُنْدَبَانِ إنْ كَانَ أَصْلَحَ أَوْ مِثْلَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ أَوْ خَامِلٌ وَيُكْرَهَانِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى مَا فُصِّلَ وَيَزِيدُ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ شُجَاعًا وَكَوْنِهِ سَالِمَ الْأَعْضَاءِ الَّتِي يُؤَثِّرُ فَوَاتُهَا فِي اسْتِيفَاءِ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةِ النُّهُوضِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مِنْ قَوْلِهِ كَافٍ وَكَوْنِهِ قُرَشِيًّا لِخَبَرِ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، فَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ لَا غَايَةَ لَهُ) اُنْظُرْ لَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ السُّلْطَانِ بِأَنَّهُ لَا يُوَلِّي الْقَضَاءَ أَحَدًا عَلَى الدَّوَامِ بَلْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِعَزْلِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَتَوْلِيَةِ غَيْرِهِ كَمَا فِي زَمَنِنَا هَذَا وَتَعَدَّدَ الصَّالِحُ فِي الْقُطْرِ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: وَوَلَّوْهُ) هَلْ يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُ الْجَمِيعِ عَلَى تَوْلِيَتِهِ وَلَوْ بِالرِّضَا بِهِ مَعَ تَوْلِيَةِ الْبَعْضِ أَوْ يَكْفِي الْبَعْضُ مُطْلَقًا أَوْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ الْأَكْثَرَ أَوْ كَوْنُهُ أَهْلَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ) فَقَوْلُهُ لِحَاجَةٍ إلَخْ خَاصٌّ بِالْمِثْلِ

(قَوْلُهُ: أَيْ الطَّلَبُ) أَخَّرَ الْقَبُولَ وَسَيَذْكُرُ كَرَاهَتَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلِلْمِثْلِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمِثْلُ الْآخَرُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ وَلَا خَامِلٍ وَقَدْ يَقْتَضِي هَذَا كَرَاهَةَ الطَّلَبِ وَالْقَبُولِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَكَرَاهَةُ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا بِخُصُوصِهِ دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ وَيُتَّجَهُ أَنْ لَا يُكْرَهَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ قَبُولُ مَنْ سُئِلَ مِنْهُمَا بَلْ يُحْتَمَلُ عَدَمُ كَرَاهَةِ الطَّلَبِ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَوْ كُرِهَ لَهُمَا الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ وَكُرِهَ لِلْإِمَامِ الِابْتِدَاءُ بِالطَّلَبِ كَمَا يَأْتِي آنِفًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مَا يُؤَدِّي إلَى تَعَطُّلِ الْقَضَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا بَذْلُ الْمَالِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَحَبًّا جَازَ لَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِيَتَوَلَّى وَيَجُوزُ لَهُ الْبَذْلُ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ لِئَلَّا يُعْزَلَ وَالْآخِذُ ظَالِمٌ بِالْأَخْذِ اهـ قَالَ: أَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْبَذْلِ عِنْدَ انْتِفَاءِ التَّعَيُّنِ وَالِاسْتِحْبَابِ هُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ عَدَمُ جَوَازِ الْبَذْلِ لِلتَّوَلِّي وَجَوَازُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ الَّذِي نَقَلَا الْمَسْأَلَةَ عَنْهُ فَهُوَ الصَّوَابُ اهـ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِيُوَلَّى وَيَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حَمْلُهُ) أَيْ: قَوْلِهِمَا فِي كُلِّ بَلَدٍ وَقَوْلُهُ عَلَى فَوْقِ إلَخْ أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَا فِيهِ قَاضٍ وَمَا لَيْسَ فِيهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ.

(قَوْلُهُ امْتِنَاعُهُ غَالِبًا إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَمْتَنِعُ بِلَا تَأْوِيلٍ فَيَفْسُقُ فَلَا بُدَّ بَعْدَ تَوْبَتِهِ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَاسِقَ مَتَى حَصَلَ بِتَوْبَتِهِ الْعِلْمُ بِزَوَالِ الْفِسْقِ صَحَّتْ فِي الْحَالِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعَاضِلِ: إنَّهُ يُزَوَّجُ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ يَرْتَفِعُ فِسْقُهُ وَهَذَا مِثْلُهُ وَلَهُ نَظَائِرُ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِمَامِ الْبَحْثُ) وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ وَإِنْ تَأَهَّلَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْحَثْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ كَانَ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَقَدْ اخْتَارُوهُ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ

ص: 218

يَكُنْ فَكِنَانِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِسْمَاعِيلِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ الْبَغَوِيّ: فَعَجَمِيٌّ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْمَاوَرْدِيُّ: فَجُرْهُمِيٌّ وَجُرْهُمٌ أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُرْهُمِيٌّ فَإِسْحَاقِيٌّ وَالْهَاشِمِيُّ أَوْلَى وَكَذَا الْأَسَنُّ وَالشَّدِيدُ بِلَا عُنْفٍ اللِّينُ بِلَا ضَعْفٍ

(وَحَرَامٌ لَوْ قَبِلْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ) أَيْ: وَيَحْرُمُ قَبُولُ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ الْقَضَاءَ وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ أَوْ مُحْتَاجًا أَوْ خَامِلًا إذَا كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ. (بِعَزْلٍ مِنْ أُهِلْ) بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ لِلْوَزْنِ أَيْ: بِعَزْلٍ مِنْ أَهْلٍ لِلْقَضَاءِ. (وَخَوْفِ) أَيْ: أَوْ بِخَوْفِ. (مَيْلٍ) إلَى خِيَانَةٍ مِنْ نَفْسِهِ قِيَاسًا عَلَى حُرْمَةِ الطَّلَبِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ كَلَامِهِ بِجَامِعِ تَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَزْلَ الْمَوْلَى أَوْ خَوْفَ الْخِيَانَةِ.

(وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِتَحْرِيمِ قَبُولِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ فِيمَا ذُكِرَ. (يُكْرَهْ) لَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ. (بَذْلٌ) لِلْمَالِ لِيَتَوَلَّى وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، أَمَّا بَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ فَجَائِزٌ وَإِنْ حَرُمَ أَخْذُهُ فَإِنْ بَذَلَ وَتَوَلَّى مَعَ عَزْلِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: فَتَوْلِيَتُهُ بَاطِلَةٌ وَالْمَعْزُولُ عَلَى قَضَائِهِ لِتَحْرِيمِ الرِّشْوَةِ وَالتَّوْلِيَةِ بِهَا قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلْيَكُنْ هَذَا عِنْدَ تَمْهِيدِ الشَّرْعِيَّاتِ، أَمَّا عِنْدَ الضَّرُورَاتِ وَظُهُورِ الْفِتَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْفِيذِ الْعَزْلِ وَالتَّوْلِيَةِ جَمِيعًا كَتَوْلِيَةِ الْبُغَاةِ وَخَرَجَ بِمِنْ أَهْلٍ غَيْرُهُ فَلَا يَحْرُمُ الْقَبُولُ وَالْبَذْلُ بِعَزْلِهِ أَوْ بِخَوْفِ الْخِيَانَةِ بَلْ هُمَا مَنْدُوبَانِ لِدَفْعِهِ عَنْ النَّاسِ وَإِنْ حَرُمَ الْأَخْذُ.

وَتَثْبُتُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ. (بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ: عَدْلَيْنِ يُخْبِرَانِ بِهَا (أَوْ بِشَهْرِهْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمُتَوَلِّي كِتَابُ مَنْ وَلَّاهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَنْ وَلَّاهُ كِتَابَ الْعَهْدِ وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْكِتَابُ وَحْدَهُ وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ مُدَّعِيهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ أَهْلُ بَلَدِهِ فَفِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ عَدَمُ وُجُوبِهَا وَيَنْبَغِي لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْبَلْدَةَ الَّتِي لَا يَعْرِفُ أَهْلَهَا أَنْ يَسْأَلَ عَمَّنْ بِهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْعُدُولِ لِيَدْخُلَ عَلَى بَصِيرَةٍ بِحَالِ مَنْ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهُمْ قَبْلَ الدُّخُولِ سَأَلَ عَنْهُمْ عِنْدَ دُخُولِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَهَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَإِنْ عَسِرَ فَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَالسَّبْتِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ فَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِهَا» وَأَنْ يَنْزِلَ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ لِئَلَّا تَطُولَ الطَّرِيقُ عَلَى بَعْضِهِمْ وَيَشْتَغِلَ بِقِرَاءَةِ الْعُهَدِ كَمَا دَخَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ أَهْلَ الْبَلَدِ خَبَرُهُ بِنِدَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَتَسَلَّمَ دِيوَانَ الْحُكْمِ وَهُوَ مَا عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَهُ مِنْ مَحَاضِرٍ وَسِجِلَّاتٍ وَحُجَجِ أَيْتَامٍ وَغَيْرِهِمْ وَالسِّجِلُّ مَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمَحْضَرُ هُوَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ مَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ

(وَيُعْزَلُ الْقَاضِي) أَيْ: يَعْزِلُهُ الْإِمَامُ جَوَازًا. (بِظَنِّ الْخَلَلِ) الَّذِي لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ أَيْ بِظُهُورِهِ فِيهِ وَلَوْ ظَنًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَيِّنًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَزْلٍ لِانْعِزَالِهِ بِهِ. (وَبِامْرِئٍ أَصْلَحَ مِنْهُ أَنْ يَلِي) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ: وَبِتَوْلِيَةِ امْرِئٍ أَصْلَحَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلَلٌ. (أَوْ) بِأَنْ. (ظَهَرَتْ

مَصْلَحَةٌ

) فِي عَزْلِهِ مِنْ نَحْوِ تَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلَلٌ وَلَمْ يَتَوَلَّ أَصْلَحُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ وَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ. (وَنَفَذَا) أَيْ الْعَزْلُ. (بِدُونِ مَا قُلْنَاهُ) مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْعَزْلُ لِطَاعَةِ الْإِمَامِ نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ لَمْ يَنْفُذْ، أَمَّا

ــ

[حاشية العبادي]

أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ لِيُوَلَّى وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ اهـ

(قَوْلُهُ: بِعَزْلٍ مِنْ أَهْلٍ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَحْرُمُ الْقَبُولُ بِعَزْلِ الْمَفْضُولِ مَعَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ عَزْلُ الْمَفْضُولِ بِوِلَايَةِ أَصْلَحَ مِنْهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ قَدْ فَرَضَ الْإِرْشَادُ هَذَا الْحُكْمَ فِي الطَّلَبِ فَقَالَ: وَحَرُمَ أَيْ طَلَبُهُ لِغَيْرِهِ أَيْ عَلَى غَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ بِعَزْلٍ أَيْ مَعَ عَزْلِ قَاضٍ صَالِحٍ وَلَوْ مَفْضُولًا أَوْ خَوْفِ خِيَانَةٍ عَلَى نَفْسِهِ اهـ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيُؤَوَّلَ تَعْبِيرُهُ بِالْقَبُولِ فَيَزُولَ الْإِشْكَالُ وَإِنْ خَالَفَ قَوْلَ الشَّارِحِ قِيَاسًا عَلَى حُرْمَةِ الطَّلَبِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ كَلَامِهِ إلَخْ سم. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ فَجَائِزٌ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الَّذِي يَخَافُ الْخِيَانَةَ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِئَلَّا يُعْزَلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الَّذِي لَا يَخَافُ الْخِيَانَةَ كَمَا سَلَفَ فِي الْحَاشِيَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا

(قَوْلُهُ: بِشَاهِدَيْنِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَعَدَلَ الْإِرْشَادُ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي بِشَاهِدَيْنِ إلَى قَوْلِهِ بِعَدْلَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ، ثُمَّ نَقَلَ مِنْ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْأَخْبَارِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ بِرّ

(قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ) كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَبِامْرِئٍ أَصْلَحَ مِنْهُ أَنْ يَلِيَ) يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَبَ أَنْ يَلِيَ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ امْرِئٍ أَصْلَحَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْعَزْلُ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي آنِفًا. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ وِلَايَةِ الْمَفْضُولِ مَعَ الْفَاضِلِ فِي الْمُجْتَهِدِينَ أَوْ الْمُقَلِّدِينَ الْعَارِفِينَ بِمَدَارِك مُقَلَّدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا عَارِفًا بِمَدَارِك إمَامِهِ وَالْمَفْضُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَمْ تَجُزْ تَوْلِيَتُهُ وَلَا قَبُولُهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَوْجِيهُ الْأَصْحَابَ بِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ الْمَطْلُوبِ. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: كَمَا دَخَلَ) الْكَافُ لِلْقِرَانِ أَيْ: مُقَارِنًا لِدُخُولِهِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ إلَخْ) أَيْ: ثُبُوتَهُ وَتَحَقُّقَهُ كَمَا فِي م ر فَلَا يَكْفِي هُنَا الظَّنُّ. (قَوْلُهُ: وَنَفَذَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا خَاصٌّ بِالْأَمْرِ الْعَامِّ، أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَالتَّصَوُّفِ وَالتَّدْرِيسِ وَالطَّلَبِ وَالنَّظَرِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي الرَّوْضَةِ إذَا أَرَادَ وَلِيُّ الْأَمْرِ إسْقَاطَ بَعْضِ الْجُنْدِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِسَبَبٍ جَازَ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَجُوزُ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ فَفِي الْخَاصَّةِ أَوْلَى اهـ. مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لِطَاعَةِ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْإِمَامِ وَأَحْكَامُ الْإِمَامِ لَا تُرَدُّ إذَا لَمْ تُخَالِفْ نَصًّا وَلَا

ص: 219

الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ بِلَا سَبَبٍ بِنَاءً عَلَى انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا خِلَافُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ

(وَانْعِزَالُ ذَا) أَيْ: الْقَاضِي. (وَنَائِبٍ) لَهُ يَحْصُلُ بِإِغْمَائِهِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي. (لَا مَنْ عَنْ الْإِمَامِ عَمَّ) أَيْ: لَا النَّائِبِ الْعَامِّ عَنْ الْإِمَامِ بِأَنْ نَصَّبَهُ عَنْهُ الْقَاضِي بِإِذْنِهِ فِي اسْتِخْلَافِهِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي بِإِغْمَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ سَفِيرٌ فِي تَوْلِيَتِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْعَامِّ بَلْ الْخَاصِّ بِأَنْ نَابَ فِي مُعَيَّنٍ كَبَيْعٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَائِبِ الْقَاضِي بِأَنْ اسْتَخْلَفَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَهُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ إذَا لَمْ يَنْهَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك أَوْ اسْتَخْلِفْ وَأَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ نِيَابَتِهِ مُعَاوَنَتُهُ وَقَدْ زَالَتْ فَلَا يُشْكِلُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ إذْ لَيْسَ الْغَرَضُ هُنَاكَ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ. (وَلَا الْقَيِّمِ لِلْأَيْتَامِ وَالْوَقْفِ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَلَّ مَصَالِحُ الْأَيْتَامِ وَالْأَوْقَافِ فَصَارَ سَبِيلُ الْقَيِّمِ سَبِيلَ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَالْوَاقِفِ. (بِالْإِغْمَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: انْعِزَالُ الْقَاضِي وَنَائِبِهِ يَحْصُلُ بِإِغْمَائِهِ لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ. (وَسَمْعِ خَبَرِهِ) أَيْ: وَبِسَمَاعِهِمَا خَبَرَ عَزْلِهِ مِنْ عَدْلٍ فَلَا يَنْعَزِلَانِ قَبْلَ سَمَاعِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لِمَا فِي رَدِّ أَقْضِيَتِهِمَا مِنْ عِظَمِ الضَّرَرِ فَإِنْ سَمِعَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ انْعَزَلَ وَحْدَهُ. (وَبِالْجُنُونِ) وَبِالْخَرَسِ وَبِالصَّمَمِ وَبِعَزْلِ نَفْسِهِ. (وَذَهَابِ بَصَرِهْ) لِمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ ذَهَبَ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. (كَذَا بِنِسْيَانٍ وَأَنْ) أَيْ: وَبِأَنْ. (لَا يَنْتَبِهْ) لِلْأُمُورِ. (تَغَفُّلًا) بِحَيْثُ ذَهَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ. (وَالْفِسْقِ) لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ. (لَا الْإِمَامِ بِهْ) أَيْ: لَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ لِحُدُوثِ الْفِتَنِ وَاضْطِرَابِ الْأَحْوَالِ بِانْعِزَالِهِ. (وَحَيْثُ لَا فِتْنَةَ) فِي إبْدَالِ الْإِمَامِ الْفَاسِقِ بِغَيْرِهِ. (فَلْيُبْدَلْ) بِغَيْرِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ أَيْضًا بِالْإِغْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ وَخَالَفَ الْقَاضِيَ لِمَا ذُكِرَ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّشَائِيُّ.

(وَلَا) يَنْعَزِلُ. (قَاضٍ) وَوَالٍ. (بِمَوْتِ ذَا) أَيْ الْإِمَامِ. (كَأَنْ يَنْعَزِلَا) أَيْ: كَمَا لَا يَنْعَزِلَ بِانْعِزَالِهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ بِتَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ وَلِأَنَّ مَا عَقَدَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ لِغَيْرِهِ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِمَوْتِ الْوَلِيِّ

(وَيَشْهَدُ) الْقَاضِي. (الْمَعْزُولُ) إذَا قَضَى بِشَيْءٍ. (مَعَ عَدْلٍ) بِأَنَّهُ. (قَضَى قَاضٍ بِهِ لَكِنْ) إنْ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ إقْرَارًا أَوْ شَهَادَةً بِأَنْ قَالَ قَضَيْت بِهِ. (أَنَا) أَوْ أَشْهَدُ بِأَنِّي قَضَيْت

ــ

[حاشية العبادي]

يُنْظَرُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْعَزْلُ يَظْهَرُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ عَزْلِ الْإِمَامِ لِلْقَاضِي وَعَزْلِ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ بِلَا سَبَبٍ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: بِلَا سَبَبٍ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ م ر

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ نِيَابَتِهِ مُعَاوَنَتُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِانْعِزَالِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَظَرَهُ بِالتَّعْيِينِ وَجَعَلَهُ سَفِيرًا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا اسْتَخْلَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ نَصَّبَ الْإِمَامُ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي فَقَالَ السَّرَخْسِيُّ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَانْعِزَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ اهـ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا الِاحْتِمَالَ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ) أَيْ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي بِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ) مِثْلُهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَصَاحِبُ الْوَظِيفَةِ فَيَنْعَزِلَانِ بِمُجَرَّدِ الْعَزْلِ وَالْكَلَامُ فِي الْوَظِيفَةِ إذَا صَحَّ الْعَزْلُ بِأَنْ كَانَ بِسَبَبٍ يُسَوِّغُهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ وَكَذَا فِي النَّاظِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَلَهُ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ عَزْلُ مَنْ أَقَامَهُ نَاظِرًا بَلْ يَنْعَزِلُ النَّاظِرُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي. اهـ. م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

إجْمَاعًا. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ جَمِيعِ عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ دُونَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةِ حَرُمَ عَزْلُهُ وَلَمْ يَنْفُذْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ) لَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لِلْوَقْفِ نَاظِرًا فَإِنَّ النَّظَرَ لِلْقَاضِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكِنْ إذَا أَقَامَ نَاظِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ بِلَا سَبَبٍ وَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بَلْ لَوْ عَزَلَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَنْعَزِلْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ نَائِبَ الْقَاضِي وَلَا الْإِمَامِ وَإِنَّمَا أَقَامَهُ الْقَاضِي لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَالْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ الْوَاقِفِ نَقَلَهُ سم عَنْ م ر

(قَوْلُهُ وَلَا الْقَيِّمِ لِلْإِيتَامِ وَالْوَقْفِ) يُحْمَلُ هَذَا الْكَلَامُ فِي قَيِّمِ الْوَقْفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ بِالْهَامِشِ، أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَأَقَامَ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى ذَلِكَ

ص: 220

بِهِ (لَا يُرْتَضَى)، أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ حَتَّى لَوْ صَدَّقَ أَمِينَهُ الَّذِي فَضَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ الْحِسَابِ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ بَلْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا أَوْ يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرَيَانِ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ قَالَ الْإِمَامُ: وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً هَلْ يَسْتَحِقُّهَا؟ وَأَمَّا فِي الشَّهَادَةِ فَلِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيُخَالِفُ الْمُرْضِعَةَ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ وَبِأَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَى فِعْلِهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَتَهَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فِيهِمَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُضِفْ لِنَفْسِهِ لَكِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْبَلَ مَعَ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ لَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْعَدْلِ الْقَضَاءَ إلَى الْمَعْزُولِ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ صِحَّةُ الصِّيغَةِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ نَظَرًا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَلَامُهُمْ يَدُلُّ لِلثَّانِي الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَادَّعَاهُ وَشَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ صَحَّ وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ كَمَنْ رَأَى شَيْئًا بِيَدِ إنْسَانٍ مُدَّةً يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ بِظَاهِرِ الْيَدِ قَبِلَ شَهَادَتَهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ صَرَّحَ لَا يَقْبَلُهَا وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ تَضُرُّ إضَافَةُ الْعَدْلِ الْقَضَاءَ إلَى الْمَعْزُولِ وَخَرَجَ بِقَضَائِهِ مَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا مِلْكُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ حُكْمِيٍّ بِكَذَا أَوْ قَالَ: الْمَالُ الَّذِي بِيَدِ الْأَمِينِ سَلَّمْته لَهُ زَمَنَ حُكْمِي وَهُوَ لِزَيْدٍ وَصَدَّقَهُ الْأَمِينُ فِي تَسَلُّمِهِ مِنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَكِنْ هَلْ يَغْرَمُ الْأَمِينُ فِي الْأَخِيرَةِ لِعَمْرٍو قَدْرَ ذَلِكَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي تَسْلِيمِهِ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ، أَمَّا قَبْلَ عَزْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا إذَا كَانَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ

. (آدَابُهُ يُنْعِمُ) أَيْ: وَآدَابُ الْقَاضِي أَنْ يُحْسِنَ (فِي) أَهْلِ (الْحَبْسِ النَّظَرْ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْظُرُ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ عَذَابٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَبْلَ النَّظَرِ فِيهِمْ يَتَسَلَّمُ مِنْ الْمَعْزُولِ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ وَأَمْوَالَ الْأَيْتَامِ وَالضَّوَالَّ وَالْأَوْقَافَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى النَّظَرِ فِيهِمْ أَيْضًا كُلُّ مَا كَانَ أَهَمَّ مِنْهُ كَالنَّظَرِ فِي الْمَحَاجِيرِ الْجَائِعِينَ الَّذِينَ تَحْتَ نَظَرِهِ وَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ مِنْ الْحَيَوَانِ فِي التَّرِكَاتِ وَغَيْرِهَا وَمَا أَشْرَفَ مِنْ الْأَوْقَافِ وَأَمْلَاكِ مَحَاجِيرِهِ عَلَى السُّقُوطِ بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْفَوْرُ فِي تَدَارُكِهِ وَقَبْلَ جُلُوسِهِ لِلنَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا فَمَنْ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ، وَيَبْعَثُ إلَى الْحَبْسِ أَمِينًا أَوْ أَمِينَيْنِ لِيَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوسٍ وَمَا حُبِسَ بِهِ وَمَنْ حُبِسَ لَهُ فِي وَرَقَةٍ فَإِذَا جَلَسَ الْيَوْمَ الْمَوْعُودَ وَحَضَرَ النَّاسُ صُبَّتْ الْأَوْرَاقُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَخَذَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَنَظَرَ فِي الِاسْمِ الْمُثْبَتِ فِيهَا وَسَأَلَ عَنْ خَصْمِهِ فَمَنْ قَالَ أَنَا خَصْمُهُ بَعَثَ مَعَهُ ثِقَةً إلَى الْحَبْسِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ لَوْ انْعَزَلَ بِالْعَمَى قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْعَزَلَ بِالْعَمَى فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِبْصَارِ وَقَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْبِنَاءِ تَرْجِيحُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ. (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ إضَافَةَ الْعَدْلِ إلَخْ) أَيْ الْعَدْلِ الشَّاهِدِ مَعَ هَذَا الْقَاضِي أَمَّا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ عَدْلَانِ مُسْتَقِلَّانِ وَأَضَافَا فَظَاهِرٌ قَبُولُهُمَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِرّ. (قَوْلُهُ: فِيهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) قَالَ جَمْعٌ بِقُرْعَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْيَسُ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي كَمَا نَقَلَهُ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ م ر.

(قَوْلُهُ: الَّذِي فَضَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) أَيْ: مِمَّا إذَا كَانَ اسْتَأْمَنَهُ الْمَعْزُولُ عَلَيْهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ مُتَظَلِّمًا لِلْقَاضِي بَقِيَ عَلَى أَمِينِ الْمَعْزُولِ شَيْءٌ فَقَالَ الْأَمِينُ أَخَذْته أُجْرَةً لِعَمَلِي وَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَرِدُّ إلَخْ) وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِجَارَةِ. اهـ. أَنْوَارٌ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الْأَنْوَارِ أَنَّ أَوْجَهَ الْوَجْهَيْنِ تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ. اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي فِعْلِ الشَّخْصِ بِبَدَنِهِ لِغَيْرِهِ التَّبَرُّعَ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْقَاضِي لَهُ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ لَاغٍ فَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ إلْغَاءِ هَذَا لَا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ أُجْرَةٍ، ثُمَّ إنَّ مُجَرَّدَ الْعَمَلِ يَحْتَمِلُ التَّبَرُّعَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا فَاحْتِيجَ لِلْيَمِينِ لِيُثْبِتَ بِهَا أَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا هَذَا مَا ظَهَرَ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ هَذَا عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً إنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْقَاقِهِ بِالْيَمِينِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودِ) بَلْ الْمَقْصُودُ بِشَهَادَتِهَا فِعْلُ الْوَلَدِ فَجَازَتْ شَهَادَتُهَا فِيهِ وَالْحُكْمُ فِعْلُ الْقَاضِي فَلَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَقْصُودٍ إلَخْ) بَلْ الْمَقْصُودُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ شَهَادَتَهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ حُصُولُ اللَّبَنِ فِي الْجَوْفِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِإِرْضَاعِ الْفَاسِقَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْبَلَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلَ وَأَنَّهُ تَضُرُّ إضَافَةُ الْعَدْلِ الْقَضَاءَ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَحَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْبَيْعِ وَالْمِلْكِ بَقَاءُ التُّهْمَةِ هُنَا عِنْدَ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ) وَالضَّابِطُ

ص: 221

لِيَأْخُذَ بِيَدِ مَحْبُوسِهِ وَيُحْضِرَهُ فَإِذَا حَضَرَ عِنْدَهُ سَأَلَ الْمَحْبُوسَ عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ عَمِلَ مَعَهُ مُقْتَضَى الِاعْتِرَافِ وَإِلَّا. (فَخَصْمُ مَنْ يَزْعُمُ) أَنَّهُ حُبِسَ. (ظُلْمًا إنْ حَضَرْ) بِالْبَلَدِ. (عَلَيْهِ حُجَّةٌ) بِأَنَّ حَبْسَهُ بِحَقٍّ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَ الْمَحْبُوسُ بِيَمِينِهِ.

(وَإِنْ غَابَ) عَنْ الْبَلَدِ. (رَقَمْ) أَيْ: كَتَبَ. (إلَيْهِ) الْقَاضِي لِيَحْضُرَ عَاجِلًا فَيَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ وَإِنْ قَالَ حُبِسَتْ بِشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ خَلَّاهُ فِي الْحَبْسِ وَبَحَثَ عَنْهُمْ. (أَوْ نُودِيَ إنْ جَهْلًا زَعَمْ) أَيْ: وَإِنْ زَعَمَ الْجَهْلَ بِسَبَبِ حَبْسِهِ أَوْ قَالَ لَا خَصْمَ لِي نُودِيَ عَلَيْهِ لِطَلَبِ الْخَصْمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُحْبَسُ مُدَّةَ النِّدَاءِ وَلَا يُخَلَّى بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُرَاقَبُ، فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَأَقَامَ حُجَّةً عَلَى الْحَقِّ أَوْ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَطْلَقَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَأُطْلِقَا) أَيْ: الْمَحْبُوسُ فِي هَذِهِ وَالْمَحْبُوسُ فِيمَا قَبْلَهَا (لِعَدَمِ الْحُضُورِ) نَعَمْ يَحْلِفُ الثَّانِي عَلَى مَا يَدَّعِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ بِلَا خَصْمٍ خِلَافُ الظَّاهِرِ (إطْلَاقَ مَظْلُومٍ) أَيْ: يُطْلِقُ الْقَاضِي مَنْ ذُكِرَ كَإِطْلَاقِهِ الْمَظْلُومَ الثَّابِتَ ظُلْمُهُ بِاعْتِرَافِ خَصْمِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي. (وَ) كَمَا يُطْلَقُ الْمَحْبُوسُ. (لِلتَّعْزِيرِ إنْ شَاءَ) بِأَنْ رَأَى إطْلَاقَهُ وَإِنْ رَأَى مَصْلَحَةً فِي إدَامَةِ حَبْسِهِ أَدَامَهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ.

(ثُمَّ) بَعْدَ نَظَرِهِ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَنْظُرُ فِي. (الْأَوْصِيَاءِ) عَلَى الْأَطْفَالِ وَنَحْوِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُرَافَعَةَ فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً سَأَلَ عَنْ حَالِهَا وَعَنْ حَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَمَنْ وَجَدَهُ مُسْتَقِيمَ الْحَالِ قَوِيًّا أَقَرَّهُ أَوْ فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ أَوْ ضَعِيفًا لِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَضَدَهُ بِمُعِينٍ فَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ فَرَّقْت مَا أُوصِيَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لِمُعَيَّنِينَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ عَدْلٌ أَمْضَاهُ أَوْ فَاسِقٌ ضَمِنَهُ بِتَعَدِّيهِ بِالتَّفْرِقَةِ وَغَيْرُ الْوَصِيِّ إذَا فَرَّقَ مَا هُوَ لِمُعَيَّنِينَ وَقَعَ الْمَوْقِعُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَإِنْ كَانَ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ ضَمِنَ. (وَ) فِي. (الضُّلِّ) بِضَمِّ الضَّادِ أَيْ: الْمَالِ الضَّائِعِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ضَلَّ الشَّيْءُ ضَاعَ وَهَلَكَ وَالِاسْمُ الضُّلُّ بِالضَّمِّ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ هُوَ ضُلُّ بْنُ ضُلٍّ إذَا لَمْ يُعْرَفْ هُوَ وَلَا أَبُوهُ وَالْمُرَادُ بِالضَّالِّ مَا يَشْمَلُ اللُّقَطَةَ فَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكُهُ أَوْ لَمْ يَجُزْ تَمَلُّكُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ حَفِظَهُ الْقَاضِي عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَلَهُ حِفْظُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِلَا خَلْطٍ وَلَهُ خَلْطُهَا بِمِثْلِهَا فَإِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ غَرِمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ

(وَ) فِي (الْوَقْفِ إنْ عَمَّ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكَذَا إنْ خُصَّ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيَنْظُرُ هَلْ آلَ إلَيْهِمْ وَهَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ مِنْهُمْ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ. (وَ) فِي. (مَالِ الطِّفْلِ) الَّذِي تَحْتَ نَظَرِ أُمَنَاءِ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ الطِّفْلُ بِبَلَدِ قَاضٍ وَمَالُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَحِفْظُ الْمَالِ عَلَى مَنْ هُوَ عِنْدَهُ كَمَا مَرَّ بَسْطُهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ وَكَلَامُهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ مِنْ التَّرْتِيبِ فَإِنَّهُمْ قَدَّمُوا نَدْبًا الْمَحْبُوسِينَ، ثُمَّ الْأَوْصِيَاءَ، ثُمَّ الْأُمَنَاءَ وَأَخَّرُوا عَنْ الْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهِمْ أَبْعَدُ؛ لِأَنَّ نَاصِبَهُمْ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا يُنَصِّبُهُمْ بَعْدَ ثُبُوتِ أَهْلِيَّتِهِمْ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ الضَّوَالِّ وَاللُّقَطَةِ وَالْأَوْقَافِ وَلْيُقَدِّمْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ

(وَبَعْدَ ذَا اسْتَكْتَبَ) الْقَاضِي أَيْ: اتَّخَذَ أَدِيبًا كَاتِبًا لِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا غَالِبًا وَقَدْ «كَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم كُتَّابٌ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» . (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ لِتُؤْمَنَ خِيَانَتُهُ حَافِظًا لِئَلَّا يَغْلَطَ عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَا ذُكِرَ حَالَةَ كَوْنِ الثَّلَاثَةِ. (شَرْطًا) فِي أَدَاءِ الْمَنْدُوبِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَلَا الْعَبْدُ وَالْفَاسِقُ وَلَا الْكَافِرُ قَالَ تَعَالَى {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118] وَقَوْلُهُمْ الْكَافِرُ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي دِينِهِ مَجَازٌ قَرِينَتُهُ لُزُومُ التَّقْيِيدِ. (عَفًّا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ ثَانِيهِ أَيْ: عَفِيفًا لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِالطَّمَعِ. (فَقِيهًا) بِمَا زَادَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ. (قَدْ أَجَادَ الْخَطَّا) أَيْ: جَيِّدَ الْخَطِّ وَافِرَ الْعَقْلِ لِئَلَّا يُخْدَعَ حَاسِبًا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي كَتْبِ الْمَقَاسِمِ وَالْمَوَارِيثِ فَصِيحَا عَالِمًا بِلُغَاتِ الْخُصُومِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ شَيْئًا بِخِلَافِ الْمُرَتَّبِينَ الْآتِيَيْنِ وَمَحَلُّ نَدْبِيَّةِ اتِّخَاذِهِ إذَا لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً أَوْ كَانَ رِزْقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا يُعَيِّنُ كَاتِبًا لِئَلَّا يُغَالِيَ فِي الْأُجْرَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى رِزْقِ الْقَاضِي وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ بَيْنَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِلتَّعْزِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ وَجَدَهُ مُسْتَقِيمَ الْحَالِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ قَرَّرَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقِيلَ يَنْزِعُ الْمَالَ مِنْهُ حَتَّى يُثْبِتَ عَدَالَتَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ الثَّانِيَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُرْشِدِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلَ اهـ مَا فِي شَرْحِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ حَيْثُ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَإِنْ ثَبَتَتْ وَأَطْلَقَ تَصَرُّفَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ عِنْدَ الشَّكِّ جَزْمًا وَإِنَّمَا احْتَاجَ شَاهِدَ عَدْلٍ فِي قَضِيَّةٍ، ثُمَّ شَهِدَ فِي أُخْرَى بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ إلَى الِاسْتِزْكَاءِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَثَمَّ مُتَعَدِّدَةٌ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ بِمَا إذَا كَانَ مُثْبِتُهَا ذَا دِيَانَةٍ وَسَتْرٍ وَعِلْمٍ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُمْ يُطَالِبُونَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَلَهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلْمُطَالَبَةِ فَإِنْ كَانُوا مَحْجُورِينَ فَلَا لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ غَيْرَ الْقَاضِي شَرْحُ رَوْضٍ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْوَصِيِّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ شَيْءٍ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: مَحَاضِرَ إلَخْ) الْمَحْضَرُ مَا تُحْكَى فِيهِ وَاقِعَةُ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِلَا حُكْمٍ وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بِكَذَا أَوْ نَفَّذَهُ

ص: 222

يَدَيْهِ وَيُشَاهِدَ مَا يَكْتُبُهُ. (وَرَتَّبَ اثْنَيْنِ مُتَرْجِمَيْنِ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ. (لِيَنْقُلَا) إلَيْهِ. (اللَّفْظَ مِنْ الصَّوْبَيْنِ) أَيْ: مِنْ جِهَتَيْ الْخَصْمِ وَالشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَلُ لُغَتَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنْ جِهَتَيْ الْقَاضِي وَالْخَصْمِ بِأَنْ يَنْقُلَا لَفْظَ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّارِحُ.

. (وَرَتَّبَ اثْنَيْنِ مُزَكَّيَيْنِ) يُرْجَعُ إلَيْهِمَا فِي حَالِ الشُّهُودِ وَرَتَّبَ أَصْحَابَ مَسَائِلَ وَهُمْ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمْ إلَى الْمُزَكِّينَ لِيَبْحَثُوا وَيَسْأَلُوا وَرُبَّمَا فُسِّرُوا فِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ بِالْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ وَبَاحِثُونَ وَهَلْ حُكْمُهُ بِقَوْلِهِمْ أَوْ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ الْأَصْلُ وَأُولَئِكَ رُسُلٌ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا الْأَوَّلُ فَيُعْتَمَدُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ يُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ كَوْنُ صَاحِبِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدًا فَإِنْ عَادَ بِالْجَرْحِ تَوَقَّفَ الْقَاضِي أَوْ بِالْعَدَالَةِ دَعَا مُزَكَّيَيْنِ لِيَشْهَدَا عِنْدَهُ بِهَا ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا: وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ الْخِلَافُ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ إنْ وَلِيَ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ فَالْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ وَشَهِدَ بِمَا بَحَثَهُ فَالْحُكْمُ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَإِنْ أَمَرَهُ بِمُرَاجَعَةِ مُزَكَّيَيْنِ وَإِعْلَامِهِ بِمَا عِنْدَهُمَا فَرَسُولٌ مَحْضٌ وَالْعُمْدَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا فَلْيَحْضُرَا وَيَشْهَدَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ اهـ وَلَهُمْ أَنْ يَخْتَارُوا الشِّقَّ الْأَخِيرَ وَيَمْنَعُوا أَنَّ الْمُرْسَلَ رَسُولٌ مَحْضٌ بَلْ هُوَ شَاهِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ هَذَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ تُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ

(وَرَتَّبَ) الْقَاضِي. (الْأَصَمُّ) أَيْ: الَّذِي لَا يَسْمَعُ إلَّا بِرَفْعِ الصَّوْتِ. (مُسْمِعَيْنِ) يُسْمِعَانِهِ كَلَامَ الْخَصْمِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُزَكَّيَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَاوِي وَتَرَكَهُ النَّاظِمُ ذُهُولًا فَلَزِمَهُ عَوْدُ ضَمِيرِهَا الْآتِي إلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَفَى فِي التَّرْجَمَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَكْفِي فِي الزِّنَا تَرْجَمَةُ رَجُلَيْنِ وَيُسْتَثْنَى الْأَعْمَى فَيَكْفِي تَرْجَمَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى مَنْ يُتَرْجِمُ الْأَعْمَى كَلَامَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَضَمَّنَتْ حَقًّا لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ دُونَ مَا إذَا تَضَمَّنَتْ حَقًّا عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُكْتَفَى فِي إسْمَاعِهِ بِإِسْمَاعِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ وَأَجَابَ فِي الْوَسِيطِ بِالْمَنْعِ، أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمِّ

ــ

[حاشية العبادي]

فَرَّقَهَا أَجْنَبِيٌّ وَكَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْوَارِثِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلْيُرَاجَعْ. (فَائِدَةٌ)

لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ الْخَيْلِ وَالْغِلْمَانِ وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ وَآلُهُ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِزَمَنِ النُّبُوَّةِ الْمُؤَيَّدِ بِالنَّصْرِ وَالرُّعْبِ وَالْهَيْبَةِ بِرّ

(قَوْلُهُ: لِيَنْقُلَا اللَّفْظَ مِنْ الصَّوْبَيْنِ) أَيْ لِيَنْقُلَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ لَفْظَ كُلِّ خَصْمٍ وَكُلِّ شَاهِدٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُسْمِعَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ جِهَتَيْ الْخَصْمِ إلَخْ) السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ حَمْلُ الصَّوْبَيْنِ عَلَى صَوْبِ الْخَصْمِ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَصَوْبُ الشَّاهِدِ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَا يَسْمَعُ إلَّا بِرَفْعِ الصَّوْتِ) أَيْ لَا مَنْ لَا يَسْمَعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي تَرْجَمَتُهُ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ مَنْ يُورِثُ كَلَامُهُ لَبْسًا بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْكُتُبُ الْحُكْمِيَّةُ هِيَ الْحُجَجُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ. اهـ. م ر وَق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَرَتَّبَ اثْنَيْنِ مُزَكَّيَيْنِ) وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ صِنْفٍ مِنْهُمْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ كَمَا يَأْتِي فِي الشُّهُودِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَجِبُ التَّزْكِيَةُ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي عَدَالَةَ الشُّهُودِ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ التَّزْكِيَةَ وَجَبَتْ وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي عَدَالَةَ الشُّهُودِ. اهـ. عَمِيرٌ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ إنْ وَلِيَ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ إلَخْ) هُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَالْمُعَدِّلُونَ الَّذِي يَشْهَدُونَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ الْحَاكِمُ التَّعْدِيلَ يُسْتَحَبُّ اثْنَانِ وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَيَجُوزُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يُخْبِرُ حَاكِمًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَيَقُولُ الْمُعَدِّلُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ قَبِلْتهَا وَيُخْبِرُ بِهَا الْحَاكِمَ الضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِاثْنَيْنِ: اذْهَبَا وَتَفَحَّصَا بِأَنْفُسِكُمَا فَيَذْهَبَانِ وَيَبْحَثَانِ عَنْ الْمَالِ وَيُخْبِرَانِ الْحَاكِمَ فَهَذَانِ يَشْهَدَانِ بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْطٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ إذَا جَاءَ اثْنَانِ إلَى الْمُعَدِّلُ فَشَهِدَا بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ فَطَرِيقُ ذَلِكَ طَرِيقُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ وَأَوْضَحْنَاهُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: تُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ بِالْحُضُورِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ فَصَارَ هَذَا عُذْرًا فِي شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: كَفَى) وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ كَفَى أَرْبَعُ نِسْوَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ إلَخْ) هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ:، أَمَّا إسْمَاعُ إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ مِثْلُهُ فِي تَرْجَمَةِ كَلَامِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ

ص: 223

كَلَامَ خَصْمِهِ وَالْقَاضِي فَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ وَتَرْتِيبُ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورِينَ أَدَبٌ وَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ شَرْطًا وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ إلَى الْقَاضِي. (بِلَفْظِهَا) بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا أَوْ أَنَّهُ عَدْلٌ. (وَالْأَجْرَ) لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُزَكَّيَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ. (فَاجْعَلْهُ) عِنْدَ تَعَذُّرِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (عَلَى مَنْ عَمِلَا لِأَجْلِهِ ذَا الْعَمَلَا) مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَالْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ.

(وَكَتَبَ الْقَاضِي) أَدَبًا بِنَفْسِهِ أَوْ كَاتَبَهُ نُسْخَةً. (بِحُكْمٍ) أَيْ: بِحُكْمِهِ. (وَوَثِقْ بِحِفْظِهِ) لَهَا بِدِيوَانِ الْحُكْمِ بَعْدَ خَتْمِهِ لَهَا وَكِتَابَتِهِ عَلَى رَأْسِهَا اسْمَ الْخَصْمَيْنِ. (وَ) كَتَبَ كَذَلِكَ. (نُسْخَةً) أُخْرَى. (لِلْمُسْتَحِقْ) وَدَفَعَهَا إلَيْهِ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ لِيَنْظُرَ فِيهَا وَيَعْرِضَهَا عَلَى الشُّهُودِ أَحْيَانًا لِئَلَّا يَنْسَوْا وَإِذَا كَثُرَتْ النُّسَخُ جَعَلَهَا إضْبَارَةً وَكَتَبَ عَلَى رَأْسِهَا خُصُومَاتِ أُسْبُوعِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَإِنْ لَمْ تَكْثُرْ تَرَكَهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ فَيَعْزِلَهَا فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ جَمَعَهَا وَكَتَبَ عَلَيْهَا سَنَةَ كَذَا لِيَسْهُلَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْزَمُهُ كِتَابَةُ نُسْخَةٍ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ وَإِنْ طَلَبَهَا الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ لَا بِالْكِتَابِ، وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَهُ الْخَصْمُ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ فَقَدْ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَتَعَذَّرُ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمُ بِمَا سَبَقَ لِنِسْيَانٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَلَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حُكْمِهِ لَزِمَهُ أَيْضًا. (وَبَعْدَ جَمْعِ الْفُقَهَا) أَيْ: جَمْعِهِ لَهُمْ وَحُضُورِهِمْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ يَخْرُجُ إلَيْهِ رَاكِبًا. (فَلْيَجْلِسْ) فِيهِ وَقُدِّمَ حُضُورُهُمْ عَلَى خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُمْ بِانْتِظَارِهِ أَوْلَى كَمَا فِي الصَّلَاةِ. (مُشَاوِرًا) لَهُمْ نَدْبًا. (فِي الْحُكْمِ) عِنْدَ تَعَارُضِ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ لِيَأْخُذَ بِالْأَرْجَحِ عِنْدَهُ قَالَ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ وَأَطْيَبُ لِلْخُصُومِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ الْمَعْلُومِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ وَلَا يُشَاوِرُ غَيْرَ فَقِيهٍ وَلَا فَقِيهًا غَيْرَ أَمِينٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُضِلُّهُ. (وَلْيَزْجُرْ مُسِيَ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ. (فِي أَدَبٍ) أَيْ: مُسِيءِ الْأَدَبِ بِظُهُورِ لَدَدٍ أَوْ تَكْذِيبٍ لِلشُّهُودِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (بِاللَّفْظِ، ثُمَّ) إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِهِ. (عَزَّرَهْ) بِمَا يَرَاهُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ إسَاءَتُهُ عَلَى الْقَاضِي فَالْأَوْلَى تَعْزِيرُهُ إنْ حُمِلَ تَرْكُهُ عَلَى ضَعْفٍ وَالْعَفْوُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ

(وَ) عَزَّرَ. (شَاهِدَ الزُّورِ) بِمَا يَرَاهُ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ (نِدَاءً شَهَرَهْ) أَيْ وَشَهَرَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ (فِي النَّاسِ) بِأَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ تَحْذِيرًا عَنْهُ وَتَأْكِيدًا لِلزَّجْرِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَإِنَّمَا تَثْبُتُ شَهَادَتُهُ بِالزُّورِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَلَا تَكْفِي الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا لِاحْتِمَالِ زُورِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إقَامَتُهَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ

(وَلْيُسَوِّ) وُجُوبًا. (فِي الْإِكْرَامِ) بِقِيَامٍ وَاسْتِمَاعٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ وَجَوَابِ سَلَامٍ وَغَيْرِهَا. (مَا) زَائِدَةٌ. (بَيْنَ خَصْمَيْنِ أَوْ الْأَخْصَامِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ذَا الْعَمَلَا) وَهُوَ التَّرْجَمَةُ وَالتَّزْكِيَةُ وَالْإِسْمَاعُ. (قَوْلُهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) فَهُوَ عَلَى الْمُزَكِّي لَهُ وَالْمُتَرْجِمِ لَهُ وَالْمُسْمِعِ لَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَرَّرَ) كَأَنَّهُ قَوْلُهُ: أَدَبًا

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَقَالَ الْقَفَّالُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ لَا غَيْرِهِمَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْبَصَرِ كَالْمُتَرْجِمِينَ. (قَوْلُهُ: إضْبَارَةً) بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ هِيَ الرَّبْطَةُ مِنْ الْوَرَقِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالرِّزْمَةِ وَبِالْحُزْمَةِ تَقُولُ ضَبَرْت الْكُتُبَ أَضْبِرُهَا ضَبْرًا إذَا ضَمَمْت بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَجَعَلْتهَا رَبْطَةً وَاحِدَةً وَيُسَمَّى أَيْضًا كُلُّ شَيْءٍ ضِبَارَةً بِكَسْرِ الضَّادِ وَجَمْعُهُ ضَبَائِرُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَيْ: بِدَعْوَاهُ وَسَأَلَهُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ أَيْ: الْقَاضِي بِقَبُولِهَا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتَ حَقِّهِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: غَيْرِهِمَا) بِأَنْ لَمْ يَنْسَ وَلَمْ يُعْزَلْ لَكِنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَلَوْ حَكَمَ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ. اهـ. م ر وع ش. (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ: إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا لَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ أَوْ التَّخَرُّجِ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ فَإِنْ قَصَّرَ عَنْ ذَلِكَ اُتُّجِهَ وُجُوبُ إحْضَارِ فُقَهَاءِ مَذْهَبِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا أَشْكَلَ الْحُكْمُ كَانَتْ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الْبَيِّنَةُ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: لَكِنَّهَا تُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنْ الْحُكْمِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الْبَيِّنَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِتَيَقُّنٍ لِلْقَاضِي قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَا يَكْفِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا لِاحْتِمَالِ زُورِهَا وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إقَامَتُهَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ

ص: 224

فَلَوْ سَلَّمَ الْخَصْمَانِ مَعًا أَجَابَهُمَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَصْحَابُ: يَنْتَظِرُ سَلَامَ الْآخَرِ فَيُجِيبُهُمَا مَعًا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ سَلِّمْ فَإِذَا سَلَّمَ أَجَابَهُمَا قَالَ: وَفِيهِ اشْتِغَالٌ مِنْهُ بِغَيْرِ الْجَوَابِ وَمِثْلُهُ يَقْطَعُ الْجَوَابَ عَنْ الْخِطَابِ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوا ذَلِكَ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَعْنَى التَّسْوِيَةِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَوَّلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي وَحْدَهُ، ثُمَّ زَيَّفَهُ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فِي الْحَالِ، ثَانِيهَا بَعْدَ الْحُكْمِ، ثَالِثُهَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِمَا مَعًا فِي الْحَالِ وَلَمْ يَحْكِ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَجْهًا بَلْ عَزَاهُ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا وَالْمُخْتَارُ مَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ اهـ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَطَالَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَا نَسَبَهُ الرَّافِعِيُّ إلَى الْأَصْحَابِ غَلَطٌ أَوْقَعَهُ فِيهِ جَزْمُ الْبَغَوِيّ التَّابِعِ لِلْقَاضِي اهـ.

وَأَوْجَهُ الْأَوْجُهِ ثَالِثُهَا مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ وَكَمَالِ الرَّدِّ. (لِمَجْلِسِ الْمُسْلِمِ رَفْعٌ جُوِّزَا) أَيْ: وَجُوِّزَ لِلْقَاضِي رَفْعُ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُسْلِمُ أَقْرَبَ إلَى الْقَاضِي كَمَا «جَلَسَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ وَقَالَ: لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَجَلَسْت مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك وَلَكِنِّي سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجْلِسِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ أَيْ: حَتَّى فِي التَّقْدِيمِ فِي الدَّعْوَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَلَّتْ الْخُصُومُ الْمُسْلِمُونَ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأَخُّرِ

(وَقَدَّمَ) الْقَاضِي عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْخُصُومِ (الْمُسَافِرَ الْمُسْتَوْفِزَا) أَيْ: الَّذِي تَهَيَّأَ لِلسَّفَرِ وَخَافَ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمُقِيمِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِالتَّخَلُّفِ. (فَامْرَأَةً) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الْمُسَافِرِ قَدَّمَ الْمَرْأَةَ عَلَى غَيْرِهَا طَلَبًا لِسَتْرِهَا نَعَمْ إنْ كَثُرَ الْمُسَافِرُونَ أَوْ النِّسَاءُ قَدَّمَ بِالسَّبْقِ، ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ كَمَا فِي بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ بَعْضِهِ الْآخَرِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مُدَّعِينَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُدَّعِي وَتَقْدِيمُهُمْ رُخْصَةً غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقِيلَ: وَاجِبٌ وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَعَلَيْهِ جَرَى النَّاظِمُ حَيْثُ زَادَ قَوْلَهُ. (نَدْبًا) فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ (فَسَابِقًا فَمَنْ يُقْرَعُ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الْمَرْأَةِ قُدِّمَ وُجُوبًا السَّابِقُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَالْعِبْرَةُ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ مَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ فَإِنْ عَسِرَ الْإِقْرَاعُ لِكَثْرَتِهِمْ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي رِقَاعٍ وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَأْخُذَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَيَسْمَعَ دَعْوَى مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَتِّبَ ثِقَةً يُثْبِتَ أَسْمَاءَ الْحَاضِرِينَ يَوْمَ قَضَائِهِ لِيَعْرِفَ تَرْتِيبَهُمْ وَيُقَدِّمَ السَّابِقَ وَالْقَارِعَ. (فِي خُصُومَةٍ) وَاحِدَةٍ. (فَلَا يُثَنْ) بِأُخْرَى دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْبَاقِينَ فَيَنْتَظِرَ فَرَاغَهُمْ أَوْ يَحْضُرَ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِمَجْلِسِ الْمُسْلِمِ رَفْعٌ جُوِّزَا) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَهُ رَفْعُ مُسْلِمٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَزِدْت لَهُ تَبَعًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ لِأُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ فِي الرَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ سُلَيْمٍ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّحْبِيرِ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ بِدَلِيلِ سُجُودَيْ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُهَا أَكْثَرِيَّةً لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاحْتِجَاجِ بِهَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ أَكْثَرِيَّتَهَا تَقْتَضِي رُجْحَانَ الْعَمَلِ بِهَا إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ إلَخْ) أَيْ فَيَكْفِي فِي التَّقْدِيمِ أَيْ بِسَبَبِ السَّفَرِ كَوْنُ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسَافِرًا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ مُقِيمًا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا حَضَرَ خَصْمُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ غَيْرُهُ لِحُضُورِهِ وَالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي إلَخْ) وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ مُدَّعٍ وَحْدَهُ، ثُمَّ مُدَّعٍ مَعَ خَصْمِهِ ثُمَّ خَصْمُ الْأَوَّلِ قُدِّمَ مَنْ جَاءَ مَعَ خَصْمِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ خَصْمَ الْأَوَّلِ إنْ حَضَرَ قَبْلَ دَعْوَى الثَّانِي قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ أَوْ بَعْدَهَا فَتَقْدِيمُ الثَّانِي لَيْسَ إلَّا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَقْتَ دَعْوَى الثَّانِي غَيْرُ مُمْكِنٍ لَا لِبُطْلَانِ حَقِّ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ فِي خُصُومَةٍ وَاحِدَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِذَا قَدَّمْنَا بِوَاحِدَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّقْدِيمُ بِالدَّعْوَى وَجَوَابِهَا وَفُصِّلَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا نَعَمْ إذَا تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِانْتِظَارِ بَيِّنَةٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا سَمِعَ دَعْوَى مَنْ بَعْدَهُ حَتَّى يَحْضُرَ هُوَ بِعَيْنِهِ فَيَشْتَغِلَ حِينَئِذٍ بِإِتْمَامِ حُكُومَتِهِ إذْ لَا وَجْهَ لِتَعْلِيلِ الْخُصُومِ ذَكَرَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إقَامَتُهَا إلَخْ أَيْ فَتَثْبُتُ بِهَا شَهَادَةُ الزُّورِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا إذْ لَا يَفْسُقُ حِينَئِذٍ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا إنَّمَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ أَيْ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ أَوْ الشَّهَادَةِ بِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الثَّانِي سَقَطَ وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَقَدْ قَامَ بِالسُّنَّةِ عَنْ الْآخَرِ فَجَوَابُ الْحَاكِمِ رَدٌّ عَلَى الْمُسْلِمِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْآخَرِ حُكْمًا. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ:

ص: 225

مَجْلِسٍ آخَرَ، أَمَّا الْمُقَدَّمُ بِالسَّفَرِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ إلَّا بِوَاحِدَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدِّمَ بِالْجَمِيعِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ فِي تَقْدِيمِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إذَا عُرِفَ أَنَّ لَهُ دَعَاوَى فَهُوَ كَالْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَا يُفِيدُهُ وَالْكُلَّ يَضُرُّ غَيْرَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْعُجَابِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَرْجَحُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ خَفِيفَةً بِحَيْثُ لَا تَضُرُّ بِالْبَاقِينَ إضْرَارًا بَيِّنًا قُدِّمَ بِجَمِيعِهَا وَإِلَّا فَبِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونٌ فِيهَا وَقَدْ يَقْنَعُ بِوَاحِدَةٍ وَيُؤَخِّرُ الْبَاقِيَ إلَى أَنْ يَحْضُرَ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْدِيمِ بِوَاحِدَةٍ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ يَسْمَعَ فِي عَدَدٍ مِنْهَا لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِينَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ وَأَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ. (كَالْحُكْمِ فِي الْمُفْتِي وَمَنْ قَدْ دَرَّسَا) فَإِنَّهُمَا يُقَدِّمَانِ بِالسَّبْقِ، ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَرْضِ وَلَوْ كِفَايَةً، أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَالتَّقْدِيمُ بِالْمَشِيئَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُسَافِرَ وَالْمَرْأَةَ، وَأَنَّ التَّقْدِيمَ إنَّمَا يَكُونُ بِفَتْوَى وَاحِدَةٍ وَدَرْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ يَأْتِي هُنَا

(وَلْيَتَّخِذْ مَكَانَ رِفْقٍ مَجْلِسَا) أَيْ: وَلْيَتَّخِذْ لِلْقَضَاءِ نَدْبًا مَجْلِسًا رَفِيقًا بِالنَّاسِ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا بَارِزًا مَصُونًا مِنْ أَذَى حَرٍّ وَبَرْدٍ وَرِيحٍ وَغُبَارٍ وَدُخَانٍ هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَإِنْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ زِحَامٌ اتَّخَذَ مَجَالِسَ بِعَدَدِ الْأَجْنَاسِ فَلَوْ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٌ اتَّخَذَ ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَيَنْبَغِي ارْتِفَاعُ مَحَلِّ جُلُوسِهِ كَدَكَّةٍ وَأَنْ يَتَوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ غَيْرَ مُتَّكِئٍ وَحَسَنٌ أَنْ يُوضَعَ لَهُ فِرَاشٌ وَوِسَادَةٌ لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ وَلِيَكُونَ أَهْيَبَ لِلْخُصُومِ وَأَرْفَقَ بِهِ فَلَا يَمَلُّ

. (وَالْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ فَأُكْرِهَ أَمْرُهُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَأَكْرَهَهُ لَهُ أَيْ: أُكْرِهَ لَهُ اتِّخَاذَ الْمَسْجِدِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ عَادَةً وَقَدْ يَحْتَاجُ لِإِحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالصِّغَارِ وَالْحُيَّضِ وَالْكُفَّارِ بِخِلَافِ اتِّخَاذِهِ مَجْلِسًا لِلْفَتْوَى وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ فَلَا يُكْرَهُ. (وَ) الْحُكْمُ. (فِي) قَضِيَّةٍ أَوْ. (أَوْ قَضَايَا افْتَرَقَتْ) أَيْ: مُتَفَرِّقَةٍ اتَّفَقَتْ لَهُ وَقْتَ حُضُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا. (لَا يُكْرَهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

. (وَ) أُكْرِهَ لَهُ. (نَصْبُهُ الْبَوَّابَ) وَهُوَ مَنْ يَقْعُدُ بِالْبَابِ لِلْإِحْرَازِ. (وَالْحَاجِبَ) وَهُوَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ لِلِاسْتِئْذَانِ. (إنْ يَجْلِسْ لِحُكْمٍ وَالزِّحَامُ قَدْ أُمِنْ) مِنْهُ لِخَبَرِ «مَنْ وَالَى مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ عَنْهُمْ حَجَبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ «أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنْ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمْ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ لِلْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ فِي وَقْتِ خَلَوَاتِهِ أَوْ خَافَ الزِّحَامَ لَمْ يُكْرَهْ نَصْبُهُمَا

(وَ) أُكْرِهَ لَهُ. (الْحُكْمُ بِالْمُدْهِشِ) أَيْ: مَعَ مُدْهِشٍ. (عَنْ) اسْتِيفَاءِ. (فِكْرٍ) كَغَضَبٍ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ وَحُقْنَةٍ وَمَلَلٍ وَهَمٍّ وَفَرَحٍ شَدِيدٍ وَنُعَاسٍ وَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي» وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ مَهْمُومٌ وَلَا مُصَابٌ مَحْزُونٌ وَلَا يَقْضِي وَهُوَ جَائِعٌ» وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ سَائِرُ التَّغَيُّرَاتِ الْمُزْعِجَةِ وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ الْغَضَبَ لِلَّهِ تَعَالَى وَاسْتَغْرَبَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ لِلَّهِ يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّعَدِّي بِخِلَافِ الْغَضَبِ لِحَظِّ النَّفْسِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ نَعَمْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْحُكْمِ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْحُكْمُ عَلَى الْفَوْرِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ. (كَمَا عَامِلٌ أَوْ عَنْهُ وَكِيلٌ عُلِمَا) أَيْ: كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُعَامَلَ النَّاسَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ الْمَعْرُوفُ بِوَكَالَتِهِ لِئَلَّا يُحَابِيَ فَيَمِيلَ قَلْبُهُ إلَى مُحَابِيهِ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ فَإِذَا عُرِفَ أَبْدَلَهُ فَلَوْ وَقَعَتْ خُصُومَةٌ لِمُعَامِلِهِ نُدِبَ أَنْ يُنِيبَ فِي فَصْلِهَا خَوْفَ الْمَيْلِ وَنُصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَلَا أَمْرِ ضَيْعَتِهِ بَلْ يَكِلُهُ إلَى غَيْرِهِ لِيَتَفَرَّغَ قَلْبُهُ

(وَأُكْرِهَ لَهُ حُضُورُهُ وَلِيُمَهْ) لِمَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْمَعَ فِي عَدَدٍ مِنْهَا لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِينَ) أَجَابَ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ بِقَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ. اهـ. وَأَقُولُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَأَتَّ تَرْجِيحُ النَّوَوِيِّ التَّقْدِيمَ بِجَمِيعِهَا إنْ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ خَفِيفَةً لَا تَضُرُّ بِالْبَاقِينَ إضْرَارًا بَيِّنًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُقِيمَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْمَرْأَةَ الْمُسَافِرَةَ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسَافِرِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي غَيْرِهِ إلَخْ) مَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِالْعُرُوضِ بِرّ

(قَوْلُهُ اتَّخَذَ ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ) قَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ إفْرَادُ كُلِّ خُنْثَى عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْخَنَاثَى احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الِاخْتِلَافِ

(قَوْلُهُ: فَأُكْرِهَ أَمْرَهُ) أَيْ ارْتِكَابَهُ

(قَوْلُهُ حَجَبَهُ اللَّهُ) أَيْ عَنْهُ فَهُوَ بِمَعْنَى احْتَجَبَ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَابِيَ إلَخْ) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَ هَذَا بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ قَبْلَهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ، ثُمَّ بَعْدَ التَّعْلِيلَيْنِ قَالَ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مُعَامَلَتَهُ مَعَ أَبْعَاضِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ وَمَا قَالَهُ لَا يَأْتِي مَعَ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأُكْرِهَ لَهُ حُضُورُهُ وَلِيمَةً إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

صَرَّحَ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ الْمُسْلِمِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا جَازَ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ وَصَرَّحَ

ص: 226

حَيْثُ (يُقْصَدُ) بِهَا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهَا، بِأَنْ كَانَتْ عَامَّةً فَلَا يُكْرَهُ لَهُ حُضُورُهَا بَلْ يُنْدَبُ فَإِنْ كَثُرَتْ وَقَطَعَتْهُ عَنْ الْحُكْمِ تَرَكَ إجَابَةَ الْكُلِّ نَعَمْ لَوْ كَانَ يَخُصُّ بَعْضَهُمْ قَبْلَ تَوْلِيَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُضَيِّفَهُمَا مَعًا وَأَنْ يَشْفَعَ لِأَحَدِهِمَا وَيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُمَا وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَيَزُورُ الْقَادِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعْمِيمُ أَتَى بِمُمْكِنِ كُلِّ نَوْعٍ وَخَصَّ مَنْ عَرَفَهُ وَقَرُبَ مِنْهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلَائِمِ إذَا كَثُرَتْ؛ بِأَنَّ أَظْهَرَ الْأَغْرَاضِ فِيهَا الثَّوَابُ لَا الْإِكْرَامُ وَفِي الْوَلَائِمِ بِالْعَكْسِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّفْسُ لَا تَسْكُنُ إلَيْهِ وَلِعَدَمِ اتِّضَاحِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ يُسَوِّي أَوْ يَتْرُكُ كَإِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ. (بَلْ) الْوَلِيمَةُ. (مِمَّنْ لَهُ خُصُومَهْ يَحْرُمُ) عَلَى الْقَاضِي حُضُورُهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِخَوْفِ الْمَيْلِ

(وَاَلَّذِي إلَيْهِ يُهْدَى) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مِمَّنْ لَهُ خُصُومَةٌ وَلَوْ عَهِدَ مِنْهُ ذَلِكَ. (سُحْتٌ) أَيْ: حَرَامٌ لِخَبَرِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرُوِيَ «هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ» وَرُوِيَ «هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ» . (وَلَا يَمْلِكُهُ) لَوْ قَبِلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبُولٌ مُحَرَّمٌ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ. (فَرْدَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: فَيَرُدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَضْعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَمَا يُهْدَى إلَيْهِ. (مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ) وَقَدْ. (عُهِدَتْ) هَدِيَّتُهُ إلَيْهِ. (قَبْلَ الْقَضَا) لَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَادِثًا بِسَبَبِ الْعَمَلِ لَكِنْ (يُنْدَبُ) لَهُ أَنْ. (لَا يَأْخُذْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ (أَوْ عِوَضَا) أَيْ: أَوْ يُعَوِّضُهُ عَنْهُ إنْ أَخَذَهُ فَإِنْ لَمْ تُعْهَدْ هَدِيَّتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ حَرُمَ قَبُولُهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ سَبَبَهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا بِخِلَافِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، أَمَّا إذَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ فَكَمَا لَوْ لَمْ تُعْهَدْ مِنْهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ الْجَمِيعِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الْهَدِيَّةِ جَازَ قَبُولُهَا لِدُخُولِهَا فِي الْمَأْلُوفِ، وَإِلَّا فَلَا وَفِي الذَّخَائِرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الزِّيَادَةُ حَرُمَ قَبُولُ الْجَمِيعِ، وَإِلَّا حَرُمَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بِالْوِلَايَةِ وَهُوَ حَسَنٌ وَالضِّيَافَةُ وَالْهِبَةُ كَالْهَدِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَذَلِكَ لِوُجُودِ الْمَعْنَى وَقَصْدُ الْمُتَصَدِّقِ ثَوَابَ الْآخِرَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ لِلْقَاضِي قَبُولُهَا مِمَّنْ لَيْسَتْ لَهُ عَادَةٌ، وَأَمَّا الرِّشْوَةُ وَهِيَ مَا يُبْذَلُ لَهُ لِيَحْكُمَ لَهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ لِيَمْتَنِعَ مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ التَّهْذِيبِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ أَنَّ ذَلِكَ كَالْهَدِيَّةِ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: يُقْصَدُ بِهَا وَحْدَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيُكْرَهُ لَهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ اُتُّخِذَتْ لَهُ أَيْ خَاصَّةً أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اُتُّخِذَتْ لِلْجِيرَانِ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ وَهُوَ مِنْهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَلَوْ وَلِيمَةَ عُرْسٍ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) السِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَامَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَرْكِ إجَابَةِ الْكُلِّ. (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَلْتَحِقُ بِالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ اهـ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الْمَذْكُورِينَ نَحْوُ نَاظِرِ الْوَقْفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ الْوَقْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَزُورَ الْقَادِمِينَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ مُتَخَاصِمِينَ

(قَوْلُهُ: و؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الْعَمَلُ) ظَاهِرٌ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ هَدِيَّةَ أَبْعَاضِهِ إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَرُمَتْ وَذَكَرَ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهَيْنِ شَرْحُ رَوْضٍ وَقَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ زَادَ فِي الْمَعْنَى كَأَنْ أَهْدَى مَنْ عَادَتُهُ قُطْنٌ حَرِيرًا فَقَدْ قَالُوا يَحْرُمُ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَمْ يَصِحُّ مِنْهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمُعْتَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. قُلْت وَلَا يَأْتِي غَيْرُ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ الذَّخَائِرِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ عَارِفًا بِأَنَّهُ الْقَاضِي وَلَا الْقَاضِي عَارِفًا بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ كَمَا قَالَهُ فِي تَفْسِيرِهِ حَجَرٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ كَالصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَخَصَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ الْقَاضِي وَعَكْسُهُ وَاعْتَمَدَهُ وَلَدُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِلَّا لَأَشْكَلَ بِمَا يَأْتِي فِي الضِّيَافَةِ وَبَحَثَ غَيْرُهُ الْقَطْعَ بِحِلِّ أَخْذِهِ لِلزَّكَاةِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ وَأَلْحَقَ الْحِبَّانِيُّ بِالْأَعْيَانِ الْمَنَافِعَ الْمُقَابَلَةَ بِمَالٍ عَادَةً كَسُكْنَى دَارٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَاسْتِعَارَةِ كِتَابِ عِلْمٍ وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ وَفِي النَّذْرِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَهُ بِاسْمِهِ وَشَرَطْنَا الْقَبُولَ كَانَ كَالْهَدِيَّةِ لَهُ وَكَذَا لَوْ وُقِفَ عَلَى نَذْرٍ لَيْسَ هُوَ شَيْخَهُ فَإِنْ عُيِّنَ بِاسْمِهِ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عَنْ دَيْنِهِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولٌ وَكَذَا أَدَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِهِ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الرُّجُوعِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ بِشَرْطِ إلَخْ مَفْهُومُهُ الْجَوَازُ لَا بِهَذَا الشَّرْطِ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ إقْرَاضِهِ فَلْيُرَاجَعْ

ــ

[حاشية الشربيني]

سَلِيمٌ بِجَوَازِهِ وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ. اهـ. مَعْنًى.

ص: 227

الْحُكْمِ بِالْحَقِّ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا

. (وَخَطَأً قَطْعًا وَظَنًّا نَقَضَا) أَيْ: وَيَنْقُضُ الْقَاضِي وُجُوبًا الْحُكْمَ إذَا عَرَفَ الْخَطَأَ فِيهِ قَطْعًا لِمُخَالَفَتِهِ لِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ ظَنًّا. (بِخَبَرِ) أَيْ: بِمُخَالَفَتِهِ لِخَبَرِ. (الْوَاحِدِ مَهْمَا عَرَضَا وَبِالْقِيَاسِ) أَيْ أَوْ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ. (إنْ يَكُنْ غَيْرَ خَفِيَ) أَيْ: جَلِيًّا وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِهِ مُوَافَقَةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ أَوْ يَبْعُدُ احْتِمَالُ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَمَا فَوْقَ الذَّرَّةِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَسَائِرِ التَّغَيُّرَاتِ الْمُزْعِجَةِ عَلَى الْغَضَبِ فِي خَبَرِ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» أَوْ يَرِدُ النَّصُّ عَلَى عِلَّتِهِ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ عَلَيْكُمْ» وَمِنْ هَذَا تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ عَلَى الْمَعَانِي كَقَوْلِهِ سَهَا فَسَجَدَ وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حُكْمُ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَتَبَّعُ أَحْكَامَ غَيْرِهِ الصَّالِحِ لِلْحُكْمِ بَلْ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ نُقِضَ، أَمَّا الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ كَقِيَاسِ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِعِلَّةِ الطَّعْمِ وَقِيَاسِ الشَّبَهِ الْمُلْحَقِ فِيهِ مَا أَشْبَهَ أَصْلَيْنِ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهًا فَلَا نَقْضَ بِهِ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ الْمُتَقَارِبَةَ لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا فَيَشُقُّ النَّقْضُ بِهَا

وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ شَرَّكَ الشَّقِيقَ فِي الْمُشَرَّكَةِ بَعْدَ حُكْمِهِ بِحِرْمَانِهِ وَلَمْ يَنْقُضْ الْأَوَّلَ وَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي. (مِثْلَ خِيَارِ مَجْلِسٍ حَيْثُ نُفِيَ كَذَا الْعَرَايَا وَذَكَاةَ الْحَمْلِ بِالْأُمِّ) أَيْ: وَمَظْنُونُ الْخَطَأِ بِمُخَالَفَتِهِ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِثْلَ الْحُكْمِ بِنَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَبِنَفْيِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا وَبِنَفْيِ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ فَيُنْقَضُ قَضَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِيهَا بِذَلِكَ لِظُهُورِ الْأَخْبَارِ فِي خِلَافِهِ وَبُعْدِهَا عَنْ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرُوهَا. (أَوْ نَفْيِ قِصَاصِ الثِّقْلِ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ. (أَوْ بَعْدَ أَرْبَعٍ مِنْ السِّنِينَا تَنْكِحُ مَنْ قَدْ فَقَدَتْ قَرِينَا) أَيْ: وَمَظْنُونُ الْخَطَأِ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسٍ الْجَلِيِّ مِثْلَ الْحُكْمِ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ وَمِثْلَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ نِكَاحِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُدَّةِ الْعِدَّةِ فَيُنْقَضُ أَيْضًا قَضَاؤُهُمْ فِيهِمَا بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فِي عِصْمَةِ النُّفُوسِ فِي الْأُولَى وَفِي جَعْلِ الْمَفْقُودِ مَيِّتًا مُطْلَقًا أَوْ حَيًّا كَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَهُمْ جَعَلُوهُ فِيهَا مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ الْمَالِ. .

(خِلَافَ) الْحُكْمِ بِصِحَّةِ. (تَزْوِيجٍ بِلَا وَلِيِّ وَشَاهِدٍ مَا هُوَ بِالْمَرْضِيِّ) أَيْ: أَوْ بِشَاهِدٍ غَيْرِ مَرْضِيٍّ كَفَاسِقٍ مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ عَدْلٍ فَلَا يُنْقَضُ كَمُعْظَمِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ قَالَ: وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ مُحَقِّقُونَ فِي الْحُكْمِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَذُكِرَ مَعَهَا تَمَامُ عَشْرِ صُوَرٍ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَنْعُ النَّقْضِ قَالَ: وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّهَا مَسَائِلُ اجْتِهَادِيَّةٌ وَالْأَدِلَّةُ فِيهَا مُتَقَارِبَةٌ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يَمِيلُ إلَى مُوَافَقَةِ الرُّويَانِيِّ وَكَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي تَذْنِيبِهِ حَيْثُ قَالَ فِي الْحُكْمِ بِالنَّقْضِ: هَذَا وَجْهٌ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْمَنْعِ وَرَجَّحَهُ مُرَجِّحُونَ وَقَدْ قَالَ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَالْحُرِّ بِالْعَبْدِ الْأَوْجَهُ الْمَنْعُ وَفِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِتَحْرِيمِ رَضْعَةٍ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ النَّقْضِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي بَعْضِهَا كَالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مَا فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ لِمَا فِي عَدَمِ النَّقْضِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّالِحِ لِلْحُكْمِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيُنْقَضُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ وَلَوْ أَصَابَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُوَلِّيَهُ ذُو شَوْكَةٍ بِحَيْثُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ مَعَ الْجَهْلِ فَلَا يُنْقَضُ مَا أَصَابَ فِيهِ

. (وَلْيَسْكُتْ أَوْ يَقُلْ مَنْ الدَّعْوَى لَهُ فَلْيَتَكَلَّمْ) أَيْ: وَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمَانِ عِنْدَهُ فَيَسْكُتُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا أَوْ يَقُولُ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا بِقَيْدٍ زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ. (إنْ عَرَتْ) أَيْ: وُجِدَتْ. (جَهَالَهْ) مِنْ الْقَاضِي لَهُ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ كَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إذَا عَرَفَ الْخَطَأَ فِيهِ قَطْعًا) الْجَوْجَرِيُّ مِثَالُ مَا يُخَالِفُ النَّصَّ الْقَاطِعَ مَا لَوْ حَكَمَ بِحُصُولِ الْفُرْقَةِ فِي اللِّعَانِ بِأَكْثَرِ الْكَلِمَاتِ. (قَوْلُهُ: بِمُخَالَفَتِهِ لِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تُفِيدَ الْقَطْعَ بِالْخَطَأِ. (قَوْلُهُ: «مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ عَلَيْكُمْ» ) الدَّافَّةُ الْجَلِيسُ يَدَفُّونَ نَحْوَ الْعَدُوِّ وَالدَّفِيفُ الدَّبِيبُ صِحَاحٌ وَقَامُوسٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَتْبَعُ أَحْكَامَ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصَّلَ فِي جَوَازِ تَتَبُّعِ الْقَاضِي حُكْمَ مَنْ قَبْلَهُ أَيْ مِنْ الْقُضَاةِ الصَّالِحِينَ لِلْقَضَاءِ كَمَا فِي شَرْحِهِ وَجْهَانِ اهـ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَنْعَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ نُقِضَ) وَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ تَتَبُّعُ قَضَاءِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ مَنْ قَدْ فَقَدَتْ قَرِينًا) أَيْ زَوْجًا. (قَوْلُهُ: مِثْلَ الْحُكْمِ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ) جَعَلَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ قِيَاسَ الْقَتْلِ بِمُثْقَلٍ عَلَى الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ مِنْ أَمْثِلَةِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ فَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ اخْتِلَافُ أَئِمَّتِنَا فِي نَقْضِ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ فِي هَذَا الْقَرْعِ هَلْ خَالَفَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ أَوْ لَا؟ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ) يَعْنِي الْخَمْسَ الْمَذْكُورَةَ أَمَّا مَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ سُنَّةً مُتَوَاتِرَةً أَوْ إجْمَاعًا فَإِنَّهُ يُنْقَضُ بِلَا نِزَاعٍ وَأَضَافَ ابْنُ الْمُقْرِي لِذَلِكَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَاعْتَمَدَ النَّقْضَ فِيهِ وَمَثَّلَ لَهُ بِنِكَاحِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَإِذَا حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ بَانَ خِلَافَ نَصِّ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لَا خَفِيَ. اهـ. بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا) فَلَوْ نُقِضَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَمَا اسْتَمَرَّ حُكْمٌ وَلَشَقَّ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا رَجَّحَهُ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ

ص: 228

قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا لَا يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُ الْآخَرِ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ نَقِيبُهُ فَهُوَ أَوْلَى وَالْمُدَّعِي. (مُكَلَّفٌ مُلْتَزِمٌ) لِلْأَحْكَامِ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَرَقِيقًا وَسَفِيهًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُعَاهَدِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ وَالْوَجْهُ صِحَّةُ دَعْوَى الْمُعَاهَدِ بَلْ وَالْحَرْبِيِّ فِي الْجُمْلَةِ فَقَدْ مَرَّ فِي الْأَمَانِ أَنَّ الْأَسِيرَ لَوْ اشْتَرَى مِنْ الْحَرْبِيِّينَ شَيْئًا لَزِمَهُ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ ثَمَنَهُ وَأَنَّهُمْ لَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى شِرَاءِ عَيْنٍ فَاشْتَرَاهَا لَزِمَهُ أَنْ يَبْعَثَهَا إلَيْهِمْ فَكَيْفَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ.

(قَدْ ادَّعَى أَمْرًا خَفِيًّا) وَفِي نُسْخَةٍ تَتَبُّعًا ذِكْرٌ خَفِيٌّ فَالْمُدَّعِي مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكَرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَنْبَةِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفُ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَنْبَتِهِ وَقِيلَ: الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ. (مِثْلَ) أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ. (أَسْلَمْنَا مَعًا) فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْنَا مُرَتَّبًا فَالنِّكَاحُ مُرْتَفِعٌ فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسْلَامَيْنِ مَعًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ، وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ فَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَالْأُمَنَاءُ الْمُصَدِّقُونَ فِي الرَّدِّ بِأَيْمَانِهِمْ مُدَّعُونَ لِزَعْمِهِمْ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ اُكْتُفِيَ بِيَمِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَيْدِيَهُمْ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُمْ فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُمْ الْبَيِّنَةَ

. (وَجَازَ) لِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ. (جَحْدُ حَقِّهِ) أَيْ: حَقِّ الْآخَرِ (إنْ جَحَدَا) أَيْ: الْآخَرُ حَقَّهُ (ثُمَّ تَقَاصَصَا) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُحِدَ مِنْ حَقِّهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ مِثْلِ مَا هُنَا وَإِنْ قَالَ لَهَا أَسْلَمْت قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا وَلَا مَهْرَ لَك وَقَالَتْ بَلْ أَسْلَمْنَا مَعًا صُدِّقَ فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُهُ) يُفْهَمُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ إلَخْ) لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِدُونِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَقِّهِ أَيْ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ بِقَدْرِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بَلْ وَالْحَرْبِيِّ) صَرَّحَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِاشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ فِي الْمُدَّعِي وَقَالَ ع ش خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَرَدَّهُ الرَّشِيدِيُّ فِي الْمُرْتَدِّ وَقَالَ: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِصْمَةِ وَعَدَمِهَا فَالْمُرَادُ الْعِصْمَةُ وَلَوْ بِجِهَةٍ مَا. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا ذَكَرَهُ وَعِبَارَةُ سم عَلَى قَوْلِ التُّحْفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ حَرْبِيًّا مَا نَصُّهُ قَدْ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحَرْبِيِّ اهـ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ فَكَيْفَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ لُزُومِ بَعْثِ مَا ذَكَرَهُ صِحَّةَ دَعْوَاهُمْ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ تَصْحِيحِهَا بِعَقْدِ الذِّمَّةِ لَهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيَرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا حَرْبِيَّانِ جَاهِلَانِ الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ كَوْنِ الْحَرْبِيِّ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَلِذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ هُنَا أَنَّ عَدَمَ الْحِرَابَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي دُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ. (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ وَقِيلَ مَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ رَاجِعْ حَاشِيَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ) يُمْكِنُ أَنْ يُعْكَسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَيُقَالُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِزَعْمِهَا ارْتِفَاعَ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ كَذَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ) قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: تَصْدِيقُ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ، بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَجِيئُهُمَا مُسْلِمَيْنِ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً، ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا اهـ.

وَقَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ بِمَا مَرَّ اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل فِي بَابِ الدَّعْوَى الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفَ هُوَ الزَّوْجُ عَلَى هَذَا أَيْضًا كَالثَّانِي كَمَا رَجَّحَاهُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ وَفِي عَكْسِ مَا ذُكِرَ يُصَدَّقُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مُدَّعُونَ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تَرَكَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَرَكَهُ هُنَا لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُجْحَدُ حَقُّ الْآخَرِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُجْحَدُ قَدْرُ

ص: 229

بِقَدْرِهِ. (كَأَنْ يَتَّحِدَا) أَيْ: كَمَا يَتَقَاصُّ الْغَرِيمَانِ فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ وَاتَّحَدَ. (دَيْنَاهُمَا) جِنْسًا وَ. (وَصْفًا) وَلَا حَاجَةَ لِلرِّضَى إذْ مُطَالَبَةُ كُلٍّ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ عِنَادٌ بِلَا فَائِدَةٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ وَمَاتَ سَقَطَ وَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ حُصُولُ التَّقَاصِّ فِي مُؤَجَّلَيْنِ تَسَاوَيَا أَجَلًا وَهُوَ وَجْهٌ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِانْتِفَاءِ الْمُطَالَبَةِ؛ وَلِأَنَّ أَجَلَ أَحَدِهِمَا قَدْ يُحَلُّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْآخَرِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا جِنْسًا أَوْ وَصْفًا أَوْ كَانَ الْحَقُّ غَيْرَ دَيْنٍ فَلَا تَقَاصَّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى جَعْلِ الْحَالِّ قِصَاصًا بِالْمُؤَجَّلِ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَأَوْجَبَ مِثْلَ النُّجُومِ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً لَمْ يَكُنْ قِصَاصًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكَاتَبُ دُونَ سَيِّدِهِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ بِرِضَى الْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ فَبِرِضَاهُ مَعَ السَّيِّدِ أَوْلَى، ثُمَّ قِيلَ مَحَلُّ التَّقَاصِّ كُلُّ دَيْنٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَقِيلَ الْمِثْلِيُّ مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ اخْتِصَاصَهُ بِالنَّقْدِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ لَيْسَ عَقْدَ مُغَابَنَةٍ وَمُرَابَحَةٍ لِقِلَّةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فَقَرُبَ فِيهِ التَّقَاصُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ حَرَقَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ مِائَةَ صَاعٍ حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِهِ وَالْحِنْطَةُ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ حَالَّةٌ كَانَتْ قِصَاصًا وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ جِنَايَةٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَمْ يَخْتَلِفْ هَذَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ جَرَيَانِ التَّقَاصِّ فِي الدِّيَاتِ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِمْ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ النَّقْدَ بِأَنْ أَعْوَزَتْ الْإِبِلُ وَرَجَعَ الْوَاجِبُ إلَى النَّقْدِ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ

. (وَ) لِرَبِّ الْمَالِ الْعَيْنِيِّ. (أَخْذُ مَالِهِ) مِنْ غَرِيمِهِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ بِدُونِ رَفْعٍ إلَى الْقَاضِي. (إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ فِي اسْتِقْلَالِهِ) بِأَخْذِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْهَا. (وَ) لِرَبِّ الدَّيْنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَخْذِ جِنْسِ دَيْنِهِ أَخْذُ. (غَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ) اسْتِقْلَالًا مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ أَوْ الْمُنْكِرِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ لِإِطْلَاقِ خَبَرِ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي مَشَقَّةً وَتَضْيِيعَ زَمَنٍ بِخِلَافِ غَرِيمِهِ الْمُقِرِّ غَيْرِ الْمُمَاطِلِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ تَقْدِيمُ النَّقْدِ عَلَى غَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ بِأَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَا لَهُ عَلَى عَمْرٍو وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ لَهُ وَلَا جُحُودُ بَكْرٍ اسْتِحْقَاقَ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَذَكَرَ فِي تَتِمَّةِ التَّتِمَّةِ لِلْمَسْأَلَةِ شَرْطَيْنِ أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَلْزَمُ الْآخِذَ أَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ دُونَ مَا لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْقَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه. اهـ. وَأَلْحَقَ بِهِ غَيْرُهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ وَلَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الصِّفَاتِ فَلَا تَقَاصَّ هُنَا أَيْضًا لِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ الْمَشْرُوطِ فِي السَّلَمِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ إلَخْ) وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْإِسْنَوِيِّ عَنْ النَّصِّ وَجَمْعٍ أَنَّ شَرْطَ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا سَلَمَيْنِ فَلَا تَقَاصَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: حَالَّةٌ) أَخْرَجَ الْمُؤَجَّلَةَ فَلَا تَقَاصَّ لَكِنْ هَلْ يُقَالُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكَاتَبُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ يُفَرَّقُ

(قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النَّقْدِ عَلَى غَيْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عُمَرَ وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ) وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ مِنْ الرَّوْضَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ اهـ وَفِيهَا تَحْرِيفٌ بِزِيَادَةِ وَاوٍ بَعْدَ وَاوِ عَمْرٍو وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهَا مُخْتَصِرُوهَا وَغَيْرُهُمْ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا أَيْضًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَى الِامْتِنَاعِ يُحْمَلُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ اهـ وَقَوْلُهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قِيمَةِ حَقِّهِ، ثُمَّ قَالَ وَحَيْثُ لَزِمَتْ الْمَجْحُودَ يَمِينٌ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ التَّوْرِيَةِ لِلضَّرُورَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يَنْوِيهِ وَهُوَ مُحِقٌّ فِيهِ يُوَافِقُ اعْتِقَادَ الْمُحَلَّفِ لَهُ وَإِلَّا لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ إذْ الْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْمُتَدَاعِي عِنْدَهُ لَا بِمَذْهَبِ الْخَصْمِ. (قَوْلُهُ: جِنْسًا) أَخَذَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْوَصْفِ لِلُزُومِهِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْوَصْفِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ مِثْلَ حِنْطَتِهِ) أَيْ: الَّتِي هِيَ نُجُومُ كِتَابَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ قِصَاصًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُكَاتَبُ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ إذْ مُطَالَبَةُ كُلٍّ إلَخْ وَخَرَجَ بِالْحَالَّةِ الْمُؤَجَّلَةُ فَلَا يَكُونُ التَّقَاصُّ إلَّا بِرِضَى الْمُكَاتَبِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ

(قَوْلُهُ: الْمُمَاطِلِ) يَكْفِي فِيهِ مَرَّةً إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ وَإِلَّا فَمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَذِبُهُ فِي وَعْدِهِ بِالْوَفَاءِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ خَبَرِ هِنْدٍ) مَعَ أَنَّ حُقُوقَهَا مُخْتَلِفَةٌ مِنْ دُهْنٍ وَمُشْطٍ وَأَدَمٍ وَحَبٍّ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) أَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ) هَلْ لَهُ أَخْذُ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ رَشِيدِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْمِثْلِيَّةُ فِي مُطْلَقِ الدَّيْنِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ)

ص: 230

يُعْلِمَ الْغَرِيمَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ حَتَّى إذَا طَالَبَهُ الْغَرِيمُ بَعْدُ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ.

(وَضَمِنَا) أَيْ: الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ إنْ تَلِفَ قَبْلَ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَامِ وَأَوْلَى لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ قَصَّرَ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَتُهُ ضَمِنَ نَقْصَهَا وَكَذَا إنْ نَقَصَتْ بِانْخِفَاضِ السِّعْرِ وَلَمْ يَرُدَّ الْمَأْخُوذَ لِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَالْغَاصِبِ وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِهِ وَلَا إبْقَاؤُهُ رَهْنًا (لَا النَّقْبَ) لِلْجِدَارِ أَيْ: لَا يَضْمَنُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ وَكَذَا كَسْرُ الْبَابِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ أَوْ الْبَابُ لِلْمَدِينِ وَغَيْرِ مَرْهُونٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ (وَ) لَا يَضْمَنُ. (الزَّائِدَ) عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ إلَّا بِأَخْذِ شَيْءٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَأْخُذْهُ لِحَقِّهِ مَعَ الْعُذْرِ بِخِلَافِ قَدْرِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَا ذُكِرَ طَرِيقًا لِذَلِكَ ضَمِنَهُ فَقَوْلُهُ. (إنْ تَعَيَّنَا طَرِيقُهُ) شَرْطٌ لِلنَّقْبِ وَأَخْذِ الزَّائِدِ الْعَائِدِ إلَيْهِمَا أَلِفُ تَعَيَّنَا. (وَبَاعَهُ) أَيْ: وَبَاعَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ بِامْتِنَاعِهِ سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَالْأَخْذِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي بِالْحَالِ فَالْمَذْهَبُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُؤْنَةٌ وَمَشَقَّةٌ فَوْقَ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْبَيْعِ أَيْضًا مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِهِ بِهَا (وَحَصَّلَا) أَيْ الْآخِذُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِبَعْضِهِ (جِنْسًا لَهُ) أَيْ: جِنْسَ دَيْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ جِنْسَهُ وَالْفَاضِلُ يَرُدُّهُ إلَى غَرِيمِهِ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَلَهُ بَيْعُهُ وَتَمَلُّكُ جِنْسِهِ لِإِيهَامِهِ جَوَازَ بَيْعِهِ بِجِنْسِ دَيْنِهِ وَهُوَ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ مُحَقِّقِي بَعْضِ الْأَصْحَابِ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي الْعُجَابِ مِنْ بَيْعِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا تَقَرَّرَ مَعَ نَقْلِهِ فِيهِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَإِذَا تَمَلَّكَ جِنْسَ دَيْنِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، ثُمَّ وَفَّرَ الْخَصْمُ دَيْنَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَعَنْ الْإِمَامِ وُجُوبُ رَدِّ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ الْمَالِكُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ وَبَاعَهُ ثُمَّ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ رَدُّ قِيمَةِ مَا أَخَذَهُ وَبَاعَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ بَيْعَ الْآخِذِ وَتَمَلُّكَهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ الْغَرِيمِ وَمَا دَامَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا فَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ وَالْقِيمَةُ تُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ وَهُنَا الْمُسْتَحَقُّ الدَّيْنُ فَإِذَا بَاعَ وَأَخَذَ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا وَلَا أَنْ يُوَفَّرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ.

وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

يَعْنِي وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَامِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْمُسْتَامِ وَالْغَاصِبِ كَمَا يَأْتِي ضَمَانُ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ. (قَوْلُهُ لَا النَّقْبَ وَالزَّائِدَ) قَضِيَّتُهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّحْصِيلِ بِالْبَيِّنَةِ وَأَطَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي اسْتِشْكَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مَرْهُونٍ) عَطْفٌ عَلَى لِلْمَدِينِ. (قَوْلُهُ: وَمَشَقَّةٌ) أَوْ ضَرُورَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مُؤْنَةٌ أَوْ مَشَقَّةٌ أَوْ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي بِالْحَالِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَبِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ وُجُودَ الْبَيِّنَةِ بِالْحَقِّ لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَلَهُ إنْ لَمْ يُطْلِعْ الْقَاضِيَ بَيْعُ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ اهـ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يُوَفِّرَ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الظَّافِرِ وَالْمَعْنَى وَلَا أَنْ يُعْطِيَ الْمَدِينُ الظَّافِرَ الْمَذْكُورَ شَيْئًا بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَكِنْ لَيْسَ لَهُ نَقْبُ جِدَارِهِ وَكَسْرُ بَابِهِ قَالَهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَا) حَتَّى إذَا قَصَّرَ فِيهِ كَأَنْ أَخَّرَ بَيْعَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ أَخْذِهِ إلَى تَلَفِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ ضَمِنَهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ تَلَفِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَامِ) التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَالْمُسْتَامُ يَضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ وَهُنَا الضَّمَانُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَالْغَاصِبِ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَخْ) أَيْ: حَتَّى لَا يَضْمَنَ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَنْخَفِضْ السِّعْرُ وَلَا نَقْصَهَا إنْ نَقَصَتْ إنْ قَصَّرَ أَوْ انْخَفَضَ السِّعْرُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرُدَّ الْمَأْخُوذَ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ قَبْلَ بَيْعِ غَيْرِ الْجِنْسِ وَتَمَلُّكِ الْجِنْسِ لِلْمَالِكِ وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَذَا، أَمَّا إنْ قَصَّرَ وَنَقَصَتْ فَيَضْمَنُ وَإِنْ رَدَّ الْمَأْخُوذَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) فَإِنْ قُلْت: مَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُجُوبِ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي حِينَئِذٍ عِنْدَ الْأَخْذِ؟ قُلْت فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا ظَفِرَ بِالْجِنْسِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَمَلَّكَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَبَاعَهُ وَاشْتَرَى جِنْسَ حَقِّهِ لَا بُدَّ مِنْ تَمَلُّكِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ق ل قَالَ: وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَخَذَ مَا هُوَ دُونَ صِفَةِ حَقِّهِ كَمُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ لَا بُدَّ مِنْ تَمَلُّكِهِ بِلَفْظٍ. اهـ. (قَوْلُهُ رَدَّ قِيمَةَ الْمَأْخُوذِ) لَوْ زَادَ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ عَلَى حَقِّهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْفَاضِلَ فَالْقِيَاسُ هُنَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ جَمِيعَهُ

ص: 231

عَلَى ذَلِكَ. (كَالْكَسْرِ) أَيْ: كَمَا يَتَمَلَّكُ الْمُكَسَّرَ الَّذِي أَخَذَهُ. (لِلصَّحِيحِ) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مَعَ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ (لَا بِعَكْسِ هَذَا) أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الصَّحِيحَ لِلْمُكَسَّرِ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ حَقِّهِ وَلَا يَبِيعُهُ بِهِ إذَا كَانَا رِبَوِيَّيْنِ وَاتَّحَدَا جِنْسًا لَا مَعَ التَّفَاضُلِ لِلرِّبَا وَلَا مَعَ التَّسَاوِي أَيْ: وَقِيمَةُ الصَّحِيحِ أَكْثَرُ لِلْإِجْحَافِ بِالْمَدِينِ بَلْ يَبِيعُهُ بِنَقْدٍ آخَرَ وَيَبْتَاعُ بِهِ الْمُكَسَّرَ وَيَتَمَلَّكُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ تَمَلُّكِ الصَّحِيحِ لِلْمُكَسَّرِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الصَّحِيحِ أَكْثَرَ (لَا إذَا كَانَ مُقِرْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (يُعْطَى) أَيْ: لَا إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا بِهِ غَيْرَ مُمَاطِلٍ فَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِهِ أَخْذُ جِنْسِهِ وَلَا غَيْرِ جِنْسِهِ اسْتِقْلَالًا إذْ تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَى الْمَدِينِ فَيُطَالِبُهُ لِيُؤَدِّيَ فَإِنْ خَالَفَ وَأَخَذَ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْمَأْخُوذِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا فَإِنْ تَسَاوَى الْحَقَّانِ تَقَاصَّا (وَلَا) إذَا كَانَ الْحَقُّ. (عُقُوبَةً) كَقَوَدٍ وَحَدِّ حَذْفٍ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَإِثْبَاتِهِ، ثُمَّ اسْتِيفَائِهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ: لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ

(وَمَنْ ذِكْرَ) وَهُوَ مَنْ يَصِحُّ دَعْوَاهُ. (إنْ ادَّعَى) عِنْدَ الْقَاضِي دَعْوَى. (صَحِيحَةً) طَالَبَ الْقَاضِي خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ كَمَا سَيَأْتِي وَمَعْنَى كَوْنِهَا صَحِيحَةً أَنْ تَكُونَ مَسْمُوعَةً مُحْوِجَةً إلَى الْجَوَابِ. (بِأَنْ ذَكَرْ) فِيهَا. (تَلَقِّيًا لِلْمِلْكِ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ. (إنْ كَانَ أَقَرْ) لَهُ بِالْمِلْكِ قَبْلَ الدَّعْوَى فَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِعَيْنٍ، ثُمَّ ادَّعَاهَا لَمْ يَصِحَّ دَعْوَاهُ بِهَا حَتَّى يَذْكُرَ أَنَّهُ تَلَقَّى مِلْكَهَا مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ لِمُؤَاخَذَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِإِقْرَارِهِ اسْتِصْحَابًا. (لَا مَا) أُخِذَ مِنْهُ. (بِحُجَّةٍ) فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ عَلَى الْآخِذِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الْآخِذِ؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةُ دَاخِلٍ فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ الْيَدِ. (وَجِنْسِ الثَّمَنِ وَنَوْعِهِ وَالْقَدْرِ فَلْيُبَيَّنْ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ الثَّمَنِ النَّقْدُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَالْوَجْهُ حَمْلُهُ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْعَيْنِ عَلَى الدَّيْنِ مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَنًا فَلَوْ عَبَّرَ كَالتَّنْبِيهِ بِالدَّيْنِ كَانَ أَوْلَى أَيْ: وَصِحَّةُ الدَّعْوَى بِأَنْ يَذْكُرَ التَّلَقِّيَ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ وَيُبَيِّنَ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَقَدْرَهُ وَكَذَا صِحَّتُهُ وَتَكْسِيرُهُ إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا الْقِيمَةُ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ وَإِنْ غَلَبَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَارَقَ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الثَّمَنِ بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا نَعَمْ مُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ قَالَ الشَّارِحُ وَهَلْ يَكْفِي فِي الدِّرْهَمِ الْفُلُوسِ إطْلَاقُهُ كَالدِّرْهَمِ الْفِضَّةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي..

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: حَتَّى يَذْكُرَ أَنَّهُ إلَخْ) فَلَا تَكُونُ دَعْوَاهُ مُلْزِمَةً إلَّا بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَلَكَهَا مِنْهُ) أَيْ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ انْتَقَلَتْ مِنْهُ أَيْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ إلَيْهِ أَيْ مَنْ انْتَقَلَتْ. (قَوْلُهُ: الَّذِي عَبَّرَ بِهِ جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَكَذَا ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ النَّقْدِ إنْ كَانَ عَنْ تَلَفٍ مُتَقَوِّمٍ كَفَى ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ صِفَاتِ السَّلَمِ وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي النَّقْدِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَمَنْ ادَّعَى نَقْدًا اُشْتُرِطَ بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٍ وَتَكَسُّرٍ إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةً أَوْ عَيْنًا تَنْضَبِطُ كَحَيَوَانٍ وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ وَقِيلَ يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ اهـ زَادَ الشَّارِحُ أَوْ تَلِفَتْ وَهِيَ مِثْلِيَّةٌ فَلَا تَجِبُ الْقِيمَةُ وَيَجِبُ الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ لِنَقْدٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَقَدْرُهُ وَلِمَضْبُوطٍ وَتَالِفٍ مِثْلِيٍّ صِفَةُ سَلَمٍ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ بِرّ. (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا الْقِيمَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ النَّقْدِ بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ دَيْنَ السَّلَمِ فَاعْتُبِرَا بَيَانُهُمَا فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ) كَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي) مَا لَمْ يَذْكُرْ فُلُوسًا مَعْلُومَةَ الْمِقْدَارِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْقِيمَةِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ نَقَصَ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ عَنْ الْقِيمَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: لَا مَا بِحُجَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قِيلَ إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ قَبْلَ الدَّعْوَى مِلْكًا لِغَيْرِهِ بِإِقْرَارِهِ لَا إنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ بِحُجَّةٍ لِتَرَجُّحِ بَيِّنَتِهِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَجِنْسُ الثَّمَنِ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى نَقْدًا وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ جِهَةً يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْحُلُولُ بِالْقَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحُلُولِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا) هَلَّا قَيَّدَ فِي الدَّعْوَى بِنَقْدِ ذَلِكَ الزَّمَنِ

ص: 232

(وَلْيَصِفْ الْعَيْنَ) الَّتِي. (سِوَى ذَا) أَيْ: الثَّمَنِ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَتَقْيِيدُهُ بِسِوَى الثَّمَنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى إذْ الْمَعْنَى وَلْيَصِفْ الْعَيْنَ وَلَوْ ثَمَنًا مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ. (كَالسَّلَفْ) أَيْ: كَصِفَاتِ السَّلَمِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ اكْتِفَاءً بِالْوَصْفِ نَعَمْ إنْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ، ثُمَّ لَقِيَهُ فِي آخَرَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحِقَّةُ هَذِهِ الْحَالَةَ فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ فَيَرُدُّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ. (وَإِنْ طَرَأَ) عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ. (حَيْثُ لَهُ مِثْلٌ تَلِفْ) فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَإِنْ طَرَأَ التَّلَفُ. (لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِغَيْرِ مَا لَهُ مِثْلٌ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ فَلْيَذْكُرْ. (الْقِيمَةَ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَإِنْ ادَّعَى سَيْفًا مُحَلَّى فَلْيَذْكُرْ قِيمَتَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ ذَهَبَا قُوِّمَ بِالْفِضَّةِ أَوْ فِضَّةً قُوِّمَ بِالذَّهَبِ أَوْ ذَهَبًا وَفِضَّةً قُوِّمَ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْحُلِيَّ يُضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، ثُمَّ قَالَا وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ الرِّبَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْغَرَامَاتِ وَنَقَلَا ذَلِكَ عَنْ الْجُمْهُورِ. (وَلْيُذْكَرْ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعَى بِهِ. (نَاحِيَةً) وَ. (مَدِينَةً) وَ. (مَحَلَّهْ) وَ. (السِّكَّةَ) وَ. (الْحُدُودَ) الْأَرْبَعَةَ. (فِي الْعَقَارِ) فَإِنْ حَصَلَ تَمْيِيزُهُ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَفَى كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي آخِرِ الدَّعَاوَى عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ تَمْيِيزُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَفَى، وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ أَغْنَتْ شُهْرَتُهُ عَنْ تَحْدِيدِهِ لَمْ يَجِبْ تَحْدِيدُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَلْيُذْكَرْ أَنَّ الْعَقَارَ فِي يَمْنَةٍ دَاخِلَ السِّكَّةِ أَوْ يَسْرَتَهُ أَوْ صَدْرَهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ. (لَا) فِي دَعْوَى. (الْفَرْضِ) لِلْمُفَوِّضَةِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى بِهِ مَعَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّهَا تَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْبَيَانُ وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ وَحَطُّ الْكِتَابَةِ وَالْغُرَّةُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ فِي إبِلِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِيهَا

. (وَ) لَا فِي دَعْوَى. (الْإِيصَاءِ) أَيْ الْوَصِيَّةِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى بِهَا مَعَ الْجَهْلِ تَحَرُّزًا عَنْ ضَيَاعِهَا وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهْلَ فَكَذَا دَعْوَاهَا. (وَ) لَا فِي دَعْوَى. (الْإِقْرَارِ) وَلَوْ بِالنِّكَاحِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى بِهِ مَعَ الْجَهْلِ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ وَلَا فِي دَعْوَى الْمَمَرِّ وَمَجْرَى الْمَاءِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ مَمَرًّا أَوْ حَقَّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ قَدْرِهِمَا بَلْ يُكْتَفَى بِتَحْدِيدِ الْمِلْكِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي وَرَقَةً وَحَرَّرَ فِيهَا دَعْوَاهُ وَقَالَ أَدَّعِي مَا فِيهَا أَوْ أَدَّعِي ثَوْبًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا فِي اعْتِبَارِ صِفَاتِ السَّلَمِ الْأَعْيَانُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَمِ بِنَحْوِ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ لِنَقْدٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَقَدْرُهُ وَالْمَضْبُوطُ وَتَالِفٌ مِثْلِيٌّ صِفَةُ سَلَمٍ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ بُرُلُّسِيٌّ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِصِفَاتِ السَّلَمِ) أَيْ عَنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ بِرّ. (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ كَعَكْسِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدٍ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدٍ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ: هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى سَيْفًا مُحَلًّى إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بَاقِيًا وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى تَقْيِيدِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ بِأَنْ تَكُونَ مَضْبُوطَةً وَإِلَّا ذُكِرَتْ الْقِيمَةُ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَلِمَضْبُوطٍ وَتَالِفٍ مِثْلِيٍّ صِفَةُ سَلَمٍ وَإِلَّا فَقِيمَةٌ اهـ أَيْ وَأَلَّا يَكُنْ الْمُدَّعَى مَضْبُوطًا وَلَا تَالِفًا مِثْلِيًّا كَالسَّيْفِ الْمَذْكُورِ كَمَا شَرَحُوهُ كَذَلِكَ وَمَثَّلُوا بِهِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَخَرَجَ بِتَنْضَبِطُ مَا لَا تَنْضَبِطُ كَالْجَوْهَرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيَقُولُ جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا فِي الْغَصْبِ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمُصَنِّفُ جَرَى، ثُمَّ عَلَى أَنْ تِبْرَ الْحُلِيِّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَصَنْعَتِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ. اهـ. أَقُولُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الدَّعْوَى يَصِفُ التِّبْرَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَيَذْكُرُ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ. (قَوْلُهُ: لَا فِي دَعْوَى الْفَرْضِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: كَالشَّهَادَةِ بِهَا أَيْ بِالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ وَالْإِيصَاءِ) وَيَنْبَغِي أَيْضًا صِحَّةُ الدَّعْوَى مَعَ الْجَهْلِ بِالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْضَبِطَانِ لِاخْتِلَافِهِمَا بِحَالِ الزَّوْجِ يَسَارًا وَغَيْرَهُ مَعَ احْتِمَالِ تَغَيُّرِ حَالِهِ كُلَّ وَقْتٍ وَاخْتِلَافِ الْكِسْوَةِ بِحَالِ الزَّوْجَةِ طُولًا وَغَيْرَهُ وَسِمَنًا وَغَيْرَهُ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ) أَيْ بِأَنْ لَا تُذْكَرَ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حَيْثُ لَهُ مِثْلٌ) أَيْ: وَكَانَ يَنْضَبِطُ فَخَرَجَ الْجَوَاهِرُ فَيُكْتَفَى بِذِكْرِ الْقِيمَةِ وَفِي الْحَاوِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ النَّوْعَ وَالْجِنْسَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ ذَكَرَ اللَّوْنَ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَعْنِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا عِنْدَ التَّقَارُبِ فِي الْمِقْدَارِ، أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ نُقَوِّمَهُ بِالنَّقْدِ الْآخَرِ لَا مَحَالَةَ مِثَالُهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ نُقَوِّمُهُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالدَّنَانِيرِ.

(قَوْلُهُ: كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ هُنَا) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَنَّ صِفَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي التِّبْرِ، فَإِنْ قُلْنَا: مُتَقَوِّمٌ ضَمِنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ، وَإِنْ قُلْنَا: مِثْلِيٌّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصِّفَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى الْفَرْضِ إلَخْ)

ص: 233

بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ اهـ. وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِهِ

(وَبِوَلِيٍّ وَذَوَيْ عَدْلٍ نَكَحْ) أَيْ: وَيَذْكُرُ الرَّجُلُ فِي دَعْوَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِوَلِيٍّ عَدْلٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ. (وَإِذْنِهَا حَيْثُ اشْتِرَاطُهُ اتَّضَحْ) لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَكْفِي وَصْفُ الْوَلِيِّ بِالرُّشْدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْعَدَالَةِ، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا وَقِيَاسُ التَّعَرُّضِ لِلْعَدَالَةِ وُجُوبُ التَّعَرُّضِ لِسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْوَلِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ يَلِي النِّكَاحَ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ مِنْ ذِي شَوْكَةٍ فَإِذَا قَالَ بِوَلِيٍّ يَصِحُّ عَقْدُهُ كَفَى. (وَالْعَجْزِ عَنْ طَوْلٍ وَخَوْفِ الْعَنَتِ) أَيْ وَيَذْكُرُ الْحُرُّ. (إنْ كَانَ) النِّزَاعُ. (فِي دَعْوَى نِكَاحِ الْأَمَةِ) مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ نَكَحَهَا بِمَنْ لَهُ إنْكَاحُهَا وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ عَجْزَهُ عَنْ مَهْرِ حُرَّةٍ وَخَوْفَهُ الزِّنَا الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَيَذْكُرُ الزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ إذَا كَانَ هُوَ مُسْلِمًا وَلَفْظُ إنْ كَانَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ تَعْيِينُ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَاعْتِبَارُ تَفْصِيلِ شُرُوطِ النِّكَاحِ يَسْتَوِي فِيهِ دَعْوَى ابْتِدَائِهِ وَدَوَامِهِ لِبِنَاءِ أَمْرِ الْفُرُوجِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ كَالدِّمَاءِ إذْ الْوَطْءُ الْمُسْتَوْفِي لَا يُتَدَارَكُ كَالدَّمِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ فِي الدَّعْوَى بِهَا هَذِهِ زَوْجَتِي وَإِنْ ادَّعَى اسْتِمْرَارَ نِكَاحِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي تَقْرِيرَهُ حِينَئِذٍ وَلَا بُدَّ فِيمَا إذَا كَانَ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا مِنْ قَوْلِهِ نَكَحْتهَا بِإِذْنِ وَلِيِّي أَوْ مَالِكِي وَلَا يُعْتَبَرُ نَفْيُ الْمَوَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا فَيُكْتَفَى بِهِ؛ وَلِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ يَعْسُرُ عَدُّهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْأَسْبَابِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسَ الْمَالِ لَا الْعَقْدَ الْوَارِدَ عَلَيْهِ لِكَثْرَتِهَا وَتَكَرُّرِهَا، أَمَّا الْعُقُودُ الْمَالِيَّةُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَيَكْفِي فِيهَا الْإِطْلَاقُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَمَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِشْهَادُ بِخِلَافِهِ

(وَسُمِعَتْ دَعْوَى النِّكَاحِ) بِذِكْرِ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ. (مُطْلَقَهْ مِنْهَا) أَيْ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ مِنْ الْمَرْأَةِ مُطْلَقَةً أَيْ:. (بِلَا) ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ. (مَهْرٍ لَهَا أَوْ نَفَقَهْ) أَوْ قَسَمٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لَهَا أَيْضًا فَتُثْبِتُهُ وَتَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى حُقُوقِهَا فَإِنْ أَنْكَرَ الرَّجُلُ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا بَلْ هُوَ كَسُكُوتِهِ فَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ وَحَلَفَ الرَّجُلُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا غَيْرَهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَاسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَغَيْرَهُمَا. (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَنَقَلُوا فِي اشْتِرَاطِ تَقْيِيدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ الْمُدَّعِيَيْنِ بِالصِّحَّةِ وَجْهَيْنِ وَبِالِاشْتِرَاطِ أَجَابَ فِي الْوَجِيزِ وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ: الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِي النِّكَاحِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشَّرَائِطِ وَإِيرَادُ الْهَرَوِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الِاكْتِفَاءُ) إنْ أَقْرَأَهُ الْقَاضِي أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ شَرْحُ رَوْضٍ

(قَوْلُهُ: بِوَلِيٍّ عَدْلٍ) أَيْ فَحَذْفُ عَدْلٍ مِنْ وَلِيٍّ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ أَصْلِهِ: وَلَا التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ تَفْصِيلِ شُرُوطِ النِّكَاحِ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشُّهُودِ تَبَعًا لِلدَّعْوَى وَأَنْ يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُهُودِ الْإِقْرَارِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنِّكَاحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّفْصِيلُ بِخِلَافِ الدَّعْوَى بِالنِّكَاحِ حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشُّهُودِ أَيْ بِالنِّكَاحِ كَذَلِكَ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِ الْفِرَاقِ أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا بِنِكَاحٍ وَلَا قَوْلِ شُهُودِهِ لَا نَعْلَمُهُ فَارَقَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوَّلًا) وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِ الْفِرَاقِ قَالَ فِي شَرْحِهِ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ فَتَضْعِيفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ بِمَا يَأْتِي عَقِبَهُ لَكِنَّ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِنَفْسِ النِّكَاحِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ نَفْيُ الْمَوَانِعِ) كَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَالرَّضَاعِ فِي النِّكَاحِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقٍّ بِهِ كَالرَّهْنِ فِي غَيْرِهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِيهَا الْإِطْلَاقُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ شَرَائِطِهِ كَمَا فِي النِّكَاحِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا) فَلَوْ رَجَعَ قَبِلْنَا رُجُوعَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا) أَيْ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْإِنْكَارِ لَيْسَ طَلَاقًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَتْ وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا حَلَفَتْ حُكِمَ لَهَا عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَحَلَّ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَقْدَ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ وَيُحْكَمَ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِ التَّمَتُّعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِيمَا إذَا زَالَ عَنْهُ ظَنُّ غُرْبَتِهَا اهـ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ جَوَازُ وَطْئِهِ هُنَا مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى إنْكَارِ النِّكَاحِ وَامْتِنَاعِ نِكَاحِهَا زَوْجًا آخَرَ فِيمَا سَبَقَ وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ لِدَعْوَاهَا الزَّوْجِيَّةَ فَهَلَّا مُنِعَ الْوَطْءُ هُنَا لِدَعْوَاهُ عَدَمَ الزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَجَابَ فِي الْوَجِيزِ) وَمَشَى عَلَيْهِ الرَّوْضُ.

(قَوْلُهُ: مُفَرَّعَانِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ الصُّوَرَ الَّتِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ إلَى مِائَةِ صُورَةٍ وَصُورَتَيْنِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا عِنْدَ عَدَمِ مُقَارَنَةِ الْمُفْسِدِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: الْمَوَانِعِ) كَالرَّضَاعِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْمُصَاهَرَةِ. (قَوْلُهُ: لِلْأَسْبَابِ) أَيْ: أَسْبَابِ تَحْصِيلِ الْمَالِ كَالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَالْإِحْيَاءِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِيهَا الْإِطْلَاقُ) وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ وَصْفُ الْعَقْدِ بِالصِّحَّةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ

(قَوْلُهُ:

ص: 234

يَقْتَضِي اطِّرَادَهُمَا مَعَ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ لِيَتَضَمَّنَ ذِكْرُ الصِّحَّةِ نَفْيَ الْمَانِعِ

. (وَ) يَذْكُرُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ (أَنَّهُ قَاتِلُ زَيْدٍ) مَثَلًا. (عَمْدَا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَرْدَا أَوْ شَرِكَةً) لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ (بِالْحَصْرِ) أَيْ: مَعَ حَصْرِهِ الْقَاتِلِينَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَلَوْ كَانَا مِنْ بَعْضِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَحْصُرْهُمْ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ لَا تُعْلَمُ إلَّا بِحَصْرِهِمْ نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ عَدَدَهُمْ لَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةٍ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَيُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعُشْرِ الدِّيَةِ. (لَا) فِي دَعْوَى الْقَتْلِ. (عَمْدًا) مَحْضًا مِنْ الْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ حَصْرُهُمْ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْقَوَدِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الدَّعْوَى. (عَلَى مُكَلَّفٍ عَيَّنَ فِي دَعْوَاهُ) وَلَوْ حَرْبِيًّا فِيمَا يَضْمَنُهُ أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فِيمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَفِيمَا بِهِ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ وَبِخِلَافِ الْمُبْهَمِ كَأَحَدِ هَذَيْنِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ لَوْثٌ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ وَقَالَ: الْقَاتِلُ أَحَدُهُمْ وَلَا أَعْرِفُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ مُسْقِطَاتِ اللَّوْثِ وَتَحْلِيفُهُمْ فَرْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى. (لَا مُنَاقِضَ السَّابِقِ) أَيْ: لَا إنْ ادَّعَى دَعْوَى مُنَاقِضَةً لِدَعْوَى سَابِقَةٍ مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ. (كَالشَّهَادَهْ) الْمُنَاقِضَةِ. (لَهَا) أَيْ: لِلدَّعْوَى كَمَا لَوْ ادَّعَى مِلْكًا وَذَكَرَ سَبَبَهُ وَذَكَرَ الشَّاهِدُ سَبَبًا غَيْرَهُ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ فَإِنْ شَهِدَ بَعْدُ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى قُبِلَ كَمَا أَفْتَى بِهِ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَالدَّعْوَى الْمُنَاقِضَةُ لِأُخْرَى. (كَبِالْقَتْلِ) أَيْ: كَمَا لَوْ. (ادَّعَى انْفِرَادَهْ) بِالْقَتْلِ. (ثُمَّ) ادَّعَى. (عَلَى آخَرَ) انْفِرَادَهُ بِهِ أَوْ شَرِكَتَهُ فِيهِ فَلَا تُسْمَعُ الثَّانِيَةُ لِمُنَاقَضَتِهَا الْأُولَى وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَى الْأُولَى إنْ لَمْ يَمْضِ حُكْمُهَا لِمُنَاقَضَتِهَا الثَّانِيَةَ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي، ثُمَّ شَرِكَةَ آخَرَ وَإِنْ سَاوَتْهُ عِبَارَةُ الْحَاوِي بِمَفْهُومِ الْأُولَى. (وَالْمُعْتَرِفَا) لِلْمُدَّعِي فِي الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ. (وَاخَذَهُ) الشَّرْعُ بِاعْتِرَافِهِ. (وَإِنْ سَمَاعُهَا انْتَفَى) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَيُحْتَمَلُ كَذِبُهُ فِي الْأُولَى وَصِدْقُهُ فِي الثَّانِيَةِ

(وَاسْتَفْصَلَ) الْقَاضِي جَوَازًا. (الْمُجْمَلَ) مِنْ الدَّعْوَى وَلَا يَكُونُ تَلْقِينًا فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَأَلَهُ هَلْ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَوْ شُبْهَةً مُنْفَرِدًا أَوْ بِشَرِكَةِ غَيْرِهِ؟ . (وَالْأَصْلَ) أَيْ: أَصْلُ الدَّعْوَى. (نَرَى بَقَاءَهُ إذَا بِغَيْرٍ فَسَّرَا) أَيْ: إذَا فَسَّرَ مُدَّعَاهُ بِغَيْرِ مَعْنَاهُ فَلَوْ ادَّعَى قَتْلًا وَوَصَفَهُ بِخَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ بَطَلَ وَصْفُهُ وَبَقِيَ أَصْلُ دَعْوَاهُ وَهُوَ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ ظَنَّهُ فَيَتَبَيَّنُ بِتَفْسِيرِهِ خَطَؤُهُ فِي اعْتِقَادِهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ فِي الْوَصْفِ دُونَ الْأَصْلِ فَيَعْتَمِدُ عَلَى تَفْسِيرِهِ وَيَمْضِي حُكْمُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ هَذَا فِي الْعَامِّيِّ أَمَّا الْفَقِيهُ فَتَسْقُطُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ

(وَلَزِمَ التَّسْلِيمُ لِي) أَيْ: وَيُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَيْضًا كَوْنُهَا مُلْزِمَةً بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِهِ وَهَبَنِي كَذَا أَوْ بَاعَنِيهِ أَوْ لِي عَلَيْهِ كَذَا أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ فَقَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ وَيَفْسَخُ الْبَائِعُ وَيَكُونُ الْحَقُّ مُؤَجَّلًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَلَوْ قَالَ: هَذَا لِي أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ دَفْعُ النِّزَاعِ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَرُّضُ لِلُزُومِ التَّسْلِيمِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ. (وَأَنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَاكَ) وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أَنَّهُ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَضِيَّةُ هَذَا اعْتِبَارُهَا فِي الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ بِرّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شَرَائِطِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: لِيَتَضَمَّنَ ذِكْرُ الصِّحَّةِ نَفْيَ الْمَانِعِ) وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ أَيْضًا وُجُودَ الشُّرُوطِ وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِذِكْرِ الصِّحَّةِ لِتَضَمُّنِهَا الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْخَطَأُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ مِنْ بَعْضِهِمْ إذْ الْوَاجِبُ الْمَالُ إذَا كَانَا مِنْ بَعْضِهِمْ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيًّا) إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ ذِكْرُ الشَّيْخَيْنِ الِالْتِزَامَ ذُهُولٌ هُوَ الذُّهُولُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ يُرِيدُ إقَامَتَهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا سُمِعَتْ الدَّعْوَى م ر. (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ) اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِنَظِيرِهِ مِنْ الدَّعْوَى الْمُنَاقِضَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ الْعَوْدِ لِلْأُولَى كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ اتَّفَقَا عَلَى الْمِلْكِ وَلَمْ يَقَعْ الِاخْتِلَافُ سِوَى فِي السَّبَبِ بِرّ أَقُولُ قَضِيَّتُهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ إذَا نَاقَضَتْ الْأُولَى فِي مُجَرَّدِ السَّبَبِ وَعَدَمُ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ تُنَاقِضْ فِي مُجَرَّدِ السَّبَبِ. (قَوْلُهُ: فِي الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ) يَنْبَغِي وَالْأُولَى. (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ) أَيْ بِشَرْطِ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ فِي هَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِقْرَارُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جَوَابَ الدَّعْوَى صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي بِرّ

(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ أَصْلُ دَعْوَاهُ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ لِبَقَاءِ أَصْلِ الدَّعْوَى كَمَا سَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ الشَّارِحُ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَا يَكُونُ تَلْقِينًا) ؛ لِأَنَّ التَّلْقِينَ أَنْ يَقُولَ: قُلْ قَتْلُهُ عَمْدًا مَثَلًا وَالِاسْتِفْصَالَ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ قَتَلَهُ؟ . (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَعْنَاهُ) كَأَنْ فُسِّرَ الْخَطَأُ بِحَدِّ شِبْهِ الْعَمْدِ شَرْحٌ إرْشَادٌ

(قَوْلُهُ مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ) كَأَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ. (قَوْلُهُ: مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ دَفْعُ النِّزَاعِ) أَيْ: لَا التَّحْصِيلُ كَدَارٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ

ص: 235

يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَلَا طَلَبُهُ الْجَوَابَ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ إنْشَاءِ الدَّعْوَى بَلْ يُكْتَفَى بِهِ أَيْضًا فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (أَوْ مُرَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ حَقِّي أَوْ أَنْ يَسْأَلَهْ جَوَابَ دَعْوَاهُ) أَيْ أَوْ أَنْ يَقُولَ لِلْقَاضِي مُرْهُ بِالْخُرُوجِ عَنْ حَقِّي أَوْ سَلْهُ جَوَابَ دَعْوَايَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ. (وَمَا كَالْأَمْثِلَهْ) الْمَذْكُورَةِ نَحْوَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقْبِضَنِيهِ أَوْ أَنَّهُ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ حَقِّي وَقَوْلُهُ. (طَالَبَ) أَيْ: الْقَاضِي. (بِالْجَوَابِ) جَوَابُ إنْ ادَّعَى كَمَا تَقَرَّرَ. (قُلْتُ: لَا إذَا قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ تَنْفِي صِدْقَ ذَا) أَيْ: الْمُدَّعِي. (كَمِثْلِ دَعْوَاهُ) بِزِيَادَةِ مِثْلٍ أَيْ: كَدَعْوَى شَخْصٍ. (عَلَى أَجَلَّ) مِنْهُ كَدَعْوَى ذِمِّيٍّ عَلَى أَمِيرٍ أَوْ فَقِيهٍ. (إنِّي اكْتَرَيْتُهُ لِشَيْلِ الزِّبْلِ) أَوْ لِعَلْفِ الدَّوَابِّ أَوْ كَدَعْوَى مَعْرُوفٍ بِالتَّعَنُّتِ وَجَرِّ ذَوِي الْأَقْدَارِ إلَى الْقُضَاةِ وَتَحْلِيفِهِمْ لِيَفْتَدُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي دَعْوَاهُ وَلَا يُطَالِبُ بِالْجَوَابِ وَهَذَا قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَشْهُورُ سَمَاعُهَا وَمُطَالَبَتُهُ بِالْجَوَابِ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُ قَوْلِهِ لَا إذَا إلَى آخِرِهِ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ ذَكَرَ تَلَقِّيًا لِلْمِلْكِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الصَّحِيحِ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِأَنْ يَذْكُرَ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ لَا بِأَنْ تَنْفِيَ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ صِدْقَ الْمُدَّعِي

(وَالْعَبْدَ) أَيْ: طَالَبَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَ الْعَبْدِ بِالْجَوَابِ فِي كُلِّ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَالْعَبْدَ (فِيمَا لَوْ أَقَرَّ قُبِلَا) أَيْ: فِيمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (كَحَدِّ قَذْفٍ وَقِصَاصٍ حُمِلَا) أَيْ حَمَلَهُمَا الْعَبْدُ (وَسَيِّدًا فِي الْغَيْرِ) أَيْ: فِي غَيْرِ مَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ (كَالْأَرْشِ) الَّذِي. (عَرَا) أَيْ: وُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَلَوْ ادَّعَى بِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ نَعَمْ هَلْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْأَرْشَ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَيْضًا إنْ قُلْنَا نَعَمْ فَلَا طَلَبَ وَلَا إلْزَامَ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ بَعْدُ فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى بِهِ فَإِنْ سَمِعْنَاهَا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَإِنْ جُعِلَتْ كَالْبَيِّنَةِ فَلَا تُؤَثِّرُ إلَّا فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَالرَّقَبَةُ حَقُّ السَّيِّدِ وَالثَّانِي وَهُوَ مَا فِي التَّهْذِيبِ السَّمَاعُ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَقُلْنَا

ــ

[حاشية العبادي]

كَافٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعِي تَعَيَّنَ وَهُوَ غَمِيضٌ بِرّ. (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ) أَيْ فَيَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابَ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ فِي ذَلِكَ الْمُدَّعِي بِرّ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِهِ) أَيْ بِطَلَبِ الْجَوَابِ وَقَوْلُهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ أَيْ مَا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ وَمَا الْغَرَضُ مِنْهُ دَفْعُ النِّزَاعِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَذْكُرَ تَلَقِّي الْمِلْكِ) لَا بِأَنْ تَنْفِيَ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ صِدْقَ الْمُدَّعِي لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ وَالتَّأْوِيلِ مِنْ التَّعَسُّفِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ لَا أَنْ تَنْفِيَ الْقَرَائِنُ صِدْقَهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُقَالَ بَدَلُهُ لَا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْقَرَائِنُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُتَوَهَّمُ اشْتِرَاطُهُ تَصْدِيقَ الْقَرَائِنِ فَيَحْتَاجُ لِنَفْيِهِ لَا تَكْذِيبَ الْقَرَائِنِ لَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِنَفْيِهِ فَلَوْ كَانَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةَ الصَّحِيحِ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا إذَا كَانَ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ تُصَدِّقُ ذَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ الدَّعْوَى قَدْ يَسْتَشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ نَعَمْ هَلْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَارَا أَوَّلًا مَنْعَ الدَّعْوَى، ثُمَّ تَرَدَّدَا فِي تَحْلِيفِهِ مَعَ أَنَّ تَحْلِيفَهُ فَرْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَلَا يَنْفَعُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا اخْتَارَا أَوَّلًا مَنْعَ الدَّعْوَى بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيِّنَةِ، ثُمَّ تَرَدَّدَا فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْلِيفِ؛ لِأَنَّهَا إذَا سُمِعَتْ لِلتَّحْلِيفِ سُمِعَتْ لِلْبَيِّنَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ اعْتِرَاضِ الرَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ بِقَوْلِهِ، أَمَّا الْأَوَّلُ إلَخْ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمَا اخْتَارَا أَوَّلًا مَنْعَ الدَّعْوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ، ثُمَّ تَرَدَّدَا بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ صَنِيعُ التَّعْبِيرِ حِينَئِذٍ مِنْ تَكَلُّفٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: نَعَمْ هَلْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الدَّعْوَى عَلَى الْعَبْدِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي فَلَا يُؤَثِّرُ إلَّا فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَتَأَمَّلْ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ) فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّأْجِيلَ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ وَمَعْلُومُ الْغَايَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا بِرّ. (قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ) أَيْ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ إقْرَارَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُؤَثِّرُ إلَّا فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

الدَّعْوَى تَحْصِيلَ الْحَقِّ اُشْتُرِطَ التَّعَرُّضُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ دَفْعَ الْمُنَازَعَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَرُّضُ لَهُ إذْ قَدْ لَا تَكُونُ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُنَازِعُهُ فِيهَا وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَأَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالْعِرَاقِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ أَيْ: سَمِعَ الدَّعْوَى وَطَالَبَ بِالْجَوَابِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا إذَا كَذَّبَتْهُ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ

(قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَقَرَّ قُبِلَا) مِنْهُ

ص: 236

الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ.

الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الطَّرِيقِينَ: وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَسِيكَةٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفِ جَمِيعًا وَهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي التَّحْلِيفِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِالرَّقَبَةِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْعَبْدِ لَكِنَّ الرَّقَبَةَ لِلسَّيِّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ فِي وَجْهِهِ أَوْ وَجْهِ نَائِبِهِ قَالَ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي مَطْلَبِهِ بَعْدَ رَدِّهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي التَّحْلِيفِ إلَى طَرِيقِ التَّهْذِيبِ قَالَ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَقَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِالشَّيْءِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَكَذَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ: بَلْ قَالُوا إنَّ الدَّعْوَى بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ تُسْمَعُ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَتُؤَاخَذُ الْعَاقِلَةُ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَعَلَهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا

(وَ) طَالَبَ الْقَاضِي بِالْجَوَابِ (فِي) دَعْوَى. (النِّكَاحِ امْرَأَةً وَ) وَلِيًّا. (مُجْبِرَا) لَهَا لِقَبُولِ إقْرَارِهِمَا بِهِ فَإِنْ ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِمَا طَالَبَهُمَا بِالْجَوَابِ مَعًا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ طَالَبَهُ فَقَطْ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ تَحْلِيفِهِ تَحْلِيفُهَا فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَّفَ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةَ وَثَبَتَ النِّكَاحُ فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُجْبِرٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ مُكَاتَبَةٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ حَلَفَ الْآخَرُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مَعَ أَنَّ تَعْلِيلَهُ يَجْرِي فِي نِكَاحِ كُلِّ امْرَأَةٍ يُحْتَاجُ إلَى اسْتِئْذَانِهَا

(وَلَا يُقَدِّمْ) أَيْ: الْقَاضِي فِيمَا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ تَحْتَ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّةً بِمُدَّعَاهُ (حُجَّةَ الَّذِي وَجَدْ ذِي) أَيْ: الْمَرْأَةَ. (تَحْتَهُ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ. (فَالْحُرُّ لَيْسَ) أَيْ: لَا يَدْخُلُ. (تَحْتَ يَدْ) بَلْ تَتَعَارَضَانِ وَتَتَسَاقَطَانِ إلَّا أَنْ تُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَيُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِنِكَاحِ خَلِيَّةٍ وَيُؤْخَذُ مِمَّا زَادَهُ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى مَنْ الْمَرْأَةُ تَحْتَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْآخَرِ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَوْ قَالُوا: فَالزَّوْجَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ كَانَ أَوْلَى

(وَحُجَّةُ النِّكَاحِ قَدِّمَنْهَا عَلَى شُهُودِ الِاعْتِرَافِ مِنْهَا) فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا حُجَّةً بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ حُجَّةً بِاعْتِرَافِهَا لَهُ بِهِ قُدِّمَتْ حُجَّةُ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ حُجَّةً بِأَنَّ زَيْدًا غَصَبَ مِنْهُ كَذَا وَأَقَامَ آخَرُ حُجَّةً بِأَنَّ زَيْدًا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنَّ الْأُولَى تُقَدَّمُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ النِّكَاحِ وَالْغَصْبِ تَشْهَدُ بِمُحَقَّقٍ وَحُجَّةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِإِخْبَارٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَلَوْ أَقَامَ حُجَّةً بِالنِّكَاحِ وَامْرَأَةٌ حُجَّةً بِأَنَّهَا زَوْجَةُ غَيْرِهِ عُمِلَ بِحُجَّتِهِ إذْ حَقُّهُ فِي النِّكَاحِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ صَاحِبَ الْيَدِ مَعَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ وَالرَّقَبَةُ لَيْسَتْ بِحَقِّ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْلَيْنِ) هُمَا تَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِذِمَّتِهِ أَيْضًا وَسَمَاعُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَانِي بِآخِرَةِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ سَمَاعَهَا لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ فَمُسَلَّمٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ عَيْنُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَذَا وَإِنَّمَا أَرَادَ السَّمَاعَ وَتَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِالرَّقَبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَثَبَتَ النِّكَاحُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعَكْسَ كَذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ الْمُجِيزِ فَإِنَّ السَّيِّدَ بِمَنْزِلَتِهِ. (قَوْلُهُ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الدَّعْوَى تَكُونُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَفِيهِ نَظَرٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ مَا قَالَهُ) مِمَّا يُؤَيِّدُ الْمُخَالَفَةَ أَنَّ السَّيِّدَ فِي الْمُكَاتَبَةِ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَوَلِيٍّ غَيْرِ مُجْبِرٍ وَهُوَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي مُصَرِّحٌ بِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى السَّيِّدِ وَبِقَبُولِ إقْرَارِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ نَكَلَتْ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْأَمْرَيْنِ. (فَائِدَةٌ)

مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّكَاحِ بَيَانُ التَّارِيخِ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ. (فَرْعٌ)

يَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لَحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِمْ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ) أَيْ تَقْدِيمِهَا تَارِيخَ النِّكَاحِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ عَلَى تَارِيخِ النِّكَاحِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ) أَيْ: الدَّعْوَى لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ: بِإِقْرَارِهِ أَوْ نُكُولِهِ وَحَلِفِ الْخَصْمِ أَوْ الْبَيِّنَةِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ) يَعْنِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مَا مَالَ إلَيْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الرَّوْضِ وَاخْتَارَ هُنَا مَا اسْتَوْجَهَهُ الرَّافِعِيُّ

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ إلَخْ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ صُورَتُهُ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِشَخْصٍ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ شَهْرٍ وَعِبَارَتُهُ كَمَا

ص: 237

وَتَأْخِيرِهَا.

وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا لِوَاحِدٍ لَا يُسْمَعُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ قُدِّمَتْ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَقَرَّاهُ فَلَوْ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ (وَلَوْ بِقَوْلِهِ لِي الدَّعْوَى أَتَى) أَيْ: طَالَبَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَلَوْ أَتَى بِقَوْلِهِ أَنَا الْمُدَّعِي تَقْدِيمًا لِلسَّابِقِ كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) بَعْدَ جَوَابِهِ. (ادَّعَى) إنْ شَاءَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ هَذَا إنْ بَدَرَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى فَإِنْ تَنَازَعَا أَخَذَ بِقَوْلِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ فَمَنْ أَحْضَرَهُ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَحْضَرَ الْآخَرَ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا

. (فَإِنْ أَقَرَّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي (ثَبَتَا) أَيْ: الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِحُكْمِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِقْرَارِ ظَاهِرَةٌ وَالْبَيِّنَةُ يُحْتَاجُ فِي قَبُولِهَا إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَمَعَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمُقِرِّ فَيَحْكُمَ بِقَوْلِهِ لَهُ اُخْرُجْ مِنْ حَقِّهِ أَوْ كَلَّفْتُك الْخُرُوجَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ أَلْزَمْتُك بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّهِ أَوْ نَحْوَهَا وَهَلْ يَثْبُتُ بِحَلِفِ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ يُبْنَى عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ (وَلِسِوًى إنْ لَمْ يُكَذَّبْ أَوْ جُهِلْ) أَيْ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي مِنْ حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا وَكَانَ مِمَّنْ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ انْصَرَفَتْ عَنْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَارِيخُ النِّكَاحِ الْمُقَرِّ بِهِ قُدِّمَتْ وَكَتَبَ أَيْضًا مِثْلُ الْجَوْجَرِيِّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا نِكَاحُ الْأَوَّلِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِنِكَاحِ الثَّانِي اهـ وَلَوْ قَالَ، ثُمَّ أَقَامَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثِّلَ بِالْبَيِّنَتَيْنِ لِيُطَابِقَ الْمُمَثَّلَ لَهُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّقَدُّمِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ التَّقَدُّمُ فِي التَّارِيخِ لَا فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَوْ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ إلَخْ وَلَكِنَّ صَدْرَ كَلَامِهِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ التَّقَدُّمُ فِي الْإِقَامَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ تَقْدِيمًا لِلسَّابِقِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَثْبَتَ الْقَائِلُ أَنَّهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ قُدِّمَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالسَّابِقِ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا) بِأَنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ ثَبَتَا) أَيْ حَيْثُ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِأَنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَكَانَ فِيهِ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي فَقَطْ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ عِلْمِ الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لَا فِي حُدُودِ رَبِّنَا الْعَظِيمِ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا الْعِلْمَ بِمَا إذَا سَمِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مِمَّنْ يَسُوغُ قَضَاؤُهُ بِالْعِلْمِ قَضَى بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَسُوغُ قَضَاؤُهُ بِالْعِلْمِ كَقَاضِي الضَّرُورَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فَإِنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ حِينَئِذٍ إذْ لَا إقْرَارَ تَثْبُتُ بِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَلَا قَضَاءَ بِالْعِلْمِ لِامْتِنَاعِهِ م ر. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا إنْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ الثُّبُوتِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَثْبُتُ) أَيْ الْحَقُّ

ــ

[حاشية الشربيني]

نَقَلَهَا عَنْهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ لَوْ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَثْبَتَ آخَرُ أَيْ: أَقَامَ بَيِّنَةً بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا النِّكَاحُ الْأَوَّلُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي. اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ بَدَلُ قَوْلِهِ وَأَثْبَتَ آخَرُ، ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ثُبُوتُ الْمُقَرِّ بِهِ بِالْإِقْرَارِ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ بِأَنْ أُطْلِقَ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَا بِتَارِيخٍ مُتَّحِدٍ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ لِصَلَاحِيَتِهِ حِينَئِذٍ لِلتَّرْجِيحِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ ثُبُوتُهُ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْمُقَرِّ بِهِ بِالْإِقْرَارِ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ فَلَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِثُبُوتِ الطَّلَاقِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَوْ أُطْلِقَتْ إلَخْ بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْعَمَلِ بِالْعِلَّةِ الْأُولَى فَيَكُونُ إشَارَةً لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ) أَيْ: تَقَدَّمَتْ فِي الْوُجُودِ أَوْ تَأَخَّرَتْ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحَيْهِ لِحَجَرٍ وَتُقَدَّمُ فِيمَا إذَا أَقَامَ أَحَدُ مُتَدَاعِيَيْنِ لِنِكَاحِهَا بَيِّنَةً بِهِ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهَا لَهُ بِهِ بَيِّنَةُ نِكَاحٍ عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِهِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ عَقْدَ النِّكَاحِ بِأَنْ سَبَقَ النِّكَاحُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ السَّابِقُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ وَبَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِأَمْرٍ مُحْتَمِلٍ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، أَمَّا إذَا سَبَقَ الْإِقْرَارُ كَأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا فَأَقَرَّتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ مُدَّةَ سَنَةٍ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى نِكَاحَهَا مِنْ شَهْرٍ فَيُحْكَمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِثُبُوتِ نِكَاحِهِ بِإِقْرَارِهَا فَمَا لَمْ يَثْبُتْ طَلَاقٌ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي اهـ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَدَارَ هُوَ سَبْقُ الْإِقْرَارِ أَوْ النِّكَاحِ لَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَيَكُون التَّقْدِيمُ لِلْأَسْبَقِ تَارِيخًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إقَامَةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِلسَّابِقِ) أَيْ: السَّابِقِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ لِي الدَّعْوَى كَانَ مُدَّعِيًا أَيْضًا لَكِنَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ فِي بَيَانِ سَبْقِهِ عَلَى قَوْلِهِ إنْ بَدَرَ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّهُ أَقَامَ مُبَادَرَتَهُ بِالدَّعْوَى مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ مَقَامَ سَبْقِهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: يَنْبَنِي إلَخْ) فَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ ثَبَتَ وَإِلَّا احْتَاجَ لِحُكْمِ الْقَاضِي وَهَلْ يَحْتَاجُ فِي الثُّبُوتِ بِالْيَمِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ إلَى كَوْنِ مَنْ يُثْبِتُ الْحَقَّ بِشَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَالْإِقْرَارِ يُحَرَّرُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا) لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى حَذْفِ كَانَ وَاسْمِهَا وَإِبْقَاءِ الْخَبَرِ وَقَدَّرَهُ مُضَارِعًا لِصَلَاحِيَتِهِ لِلنَّفْيِ بِلَمْ بِخِلَافِ جَهْلٍ وَقَدْ يُقَالُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ - وَوَضَعْنَا} [الشرح: 1 - 2] . (قَوْلُهُ: انْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ) فَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ

ص: 238

الْخُصُومَةُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِظَاهِرِ الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْمُقِرَّ. (يَحْلِفُ) أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِلْمُدَّعِي أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَيُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلثَّانِي وَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ يَجْرِي. (فِي الْعَقَارِ وَاَلَّذِي نُقِلْ) أَيْ وَالْمَنْقُولُ وَهَذَا زَادَهُ النَّاظِمُ لِإِخْرَاجِ حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقَوَدِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَجْرِي فِيهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ إذْ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ مِنْهَا لَا تَنْصَرِفُ بِالْإِقْرَارِ، أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ كَانَ أَقَرَّ لِمَجْهُولٍ كَقَوْلِهِ هَذَا لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسَمِّيهِ أَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي وَلَمْ يُضِفْهُ لِأَحَدٍ فَلَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ الْمِلْكُ وَمَا صَدَرَ لَيْسَ بِمُزِيلٍ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِمُعَيَّنٍ قُبِلَ وَانْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ يُحَلِّفُهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَيَثْبُتَ لَهُ حَقُّهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُمْكِنْ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ كَأَنْ قَالَ: هُوَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا أَوْ ابْنِي الطِّفْلِ أَوْ مِلْكٌ لَهُ فَلَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْ الْمُقِرِّ وَلَا تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْهُ بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ.

وَقِيلَ تَنْصَرِفُ عَنْهُ وَيَنْزِعُ الْحَاكِمُ الْعَيْنَ مِنْهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا حَفِظَهَا إلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ أَوْ جُهِلَ وَلَمْ يُجْهَلْ لِيُوَافِقَ الْمَنْقُولَ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ الْمُوَافِقَ لَهُ قَوْلُ الْحَاوِي وَلِغَيْرٍ لَا مَجْهُولَ وَمُكَذَّبَ حَلَفَ

(وَسُمِعَتْ لِغَائِبٍ) أَقَرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ. (بَيِّنَتُهْ) أَيْ: بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَقَّ لِلْغَائِبِ لِدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُ وَتُهْمَةُ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَثْبَتَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَمْ لَا. (وَمِلْكُهُ) أَيْ: الْغَائِبِ. (بِهَذِهِ) أَيْ: بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (لَا تُثْبِتُهْ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا عَنْهُ. (وَرُجِّحَتْ) بَيِّنَةُ. (لِلْمُدَّعِي) بِأَنَّهُ مِلْكُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لِلْغَائِبِ وَسُلِّمَ لَهُ وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فَيَحْلِفُ مَعَهَا وَصَحَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى حَاضِرٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ. (وَإِنْ حَضَرْ) أَيْ: الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ كَانَ الْمُقِرُّ وَكِيلًا عَنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَائِبِ. (يُعْكَسْ) ذَلِكَ أَيْ: رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا إذَنْ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ لَهُ

(وَإِنْ جَاوَزَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ) مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ وَقْفَ دَارٍ بِيَدِهِ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهَا ذُو الْيَدِ لِمَنْ صَدَّقَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيَغْرَمَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ كَذَا قَالُوهُ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخَانِ إذْ الْوَقْفُ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَالْحَيْلُولَةُ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ابْنِي الطِّفْلِ) قَيَّدَ بِهَذَا كَيْ تُمْكِنَ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ الْمُقِرِّ، وَأَمَّا ابْنُ غَيْرِهِ فَإِنَّ خِصَامَ الْمُدَّعِي يَنْتَقِلُ مَعَ وَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا أَيْ وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ إلَى نَاظِرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ نَعَمْ لَوْ قَالَ: لِمَسْجِدٍ فَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا لَوْ قَالَ: لِرَجُلٍ فَلَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ أَخَذْته مِنْ مَعْنَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِرّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ) هَذَا الْحُكْمُ فِيهِ مُوَافَقَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَانِعَةٌ مِنْ التَّحْلِيفِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى التَّحْلِيفِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَانِعَةٌ مِنْ التَّلْحِيفِ بِرّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي قَرَّرْنَاهُ) أَيْ بِقَوْلِنَا وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ: أَوْ جُهِلَ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ وَمِثْلُهُ يَكُونُ لِنَفْيِ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]

(قَوْلُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ إقَامَةِ هَذِهِ بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَزَالَتْهَا الَّتِي لِلْخَارِجِ حَيْثُ الَّتِي لِلْيَدِ بَعْدَهَا تَجِيءُ هَكَذَا ظَهَرَ أَوَّلًا، ثُمَّ بَدَا لِي ثَانِيًا احْتِمَالٌ فَارِقٌ وَهُوَ أَنَّ مَسْأَلَةَ النَّظْمِ الْآتِيَةَ إنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ سَمَاعِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا بِتَصْدِيقِهِ عَلَى الْمِلْكِ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ يَمِينَهُ لَا

ــ

[حاشية الشربيني]

أَقَامَهَا فِي وَجْهِ الْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْمُقِرِّ فَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ) مَعْمُولٌ لِلتَّحْلِيفِ الْمَأْخُوذِ مِنْ يَحْلِفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسْجِدِ) كَذَا قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ كَانَ نَاظِرُهُ غَيْرَهُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي) فَإِنْ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِهَا عُومِلَ بِإِقْرَارِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي) فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثَبَتَ لَهُ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ لِلْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِشَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي فِيمَا إذَا قَالَ هِيَ لِابْنِي الطِّفْلِ أَوْ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا فَاَلَّذِي يَثْبُتُ لَهُ الْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى عَدَمِ انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ حِينَئِذٍ فَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ مُفِيدَةٌ لِانْتِزَاعِ الْعَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِانْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ فَلَهُ التَّحْلِيفُ لِتَغْرِيمِ الْبَدَلِ. اهـ. لَكِنْ وَافَقَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْبَدَلُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِي إقْرَارِهِ وَعَدَمِ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْهُ

ص: 239

مَسَافَةَ. (عَدْوَى أَوْ أَصَرَّ عَلَى السُّكُوتِ) عَنْ الْجَوَابِ. (أَوْ رَأَى الْإِنْكَارَا) أَيْ أَوْ أَنْكَرَ الْحَقَّ. (أَوْ أَظْهَرَ الْعِزَّةَ) بِمَعْنَى التَّعَزُّزِ أَيْ: التَّجَوُّهِ (أَوْ تَوَارَى) لِمَا طَلَبَهُ الْقَاضِي. (قَضَى) عَلَيْهِ الْقَاضِي. (بِهِ) أَيْ: بِالْحَقِّ عِنْدَ عِلْمِهِ بِهِ أَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ كَمَا سَيَأْتِي وَمَسَافَةُ الْعَدْوَى هِيَ الَّتِي إذَا خَرَجَ إلَيْهَا الْمُبَكِّرُ رَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ قَبْلَ اللَّيْلِ وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ هُنَا رَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا وَهْمٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ وَالْعَدْوَى مِنْ الْإِعْدَاءِ وَهُوَ الْإِعَانَةُ يُقَالُ أَعْدَى الْأَمِيرُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ أَيْ: أَعَانَهُ عَلَيْهِ فَسُمِّيَتْ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ مَسَافَةَ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعْدِي مَنْ اسْتَعْدَاهُ عَلَى الْغَائِبِ إلَيْهَا أَيْ: يُعَيِّنُ مَنْ طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ

(وَذَاكَ) أَيْ: قَضَاؤُهُ إنَّمَا يَنْفُذُ. (حَيْثُ يَشْهَدُ) أَيْ: حَيْثُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيمَا يَقْضِي فِيهِ. (فَلَا) يَقْضِي لِنَفْسِهِ وَلَا. (لِأَبْعَاضٍ) لَهُ وَإِنْ كَانَ حَقُّهُمْ عَلَى أَبْعَاضٍ لَهُ آخَرِينَ وَلَا لِرَقِيقِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ مُكَاتَبًا وَلَا لِشَرِيكِهِ أَوْ شَرِيكِ بَعْضِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ فِيمَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ. (وَلَا عَلَى الْعَدُوّ) لَهُ لِلتُّهْمَةِ فَإِنْ قَضَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ وَكَالْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ سَمَاعُ الدَّعْوَى

(وَلِمَنْ الْقَاضِي وَصِيُّهُ حَكَمْ) أَيْ: وَحَكَمَ الْقَاضِي لِيَتِيمٍ هُوَ وَصِيُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَلِي أَمْرَ الْأَيْتَامِ كُلِّهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا فَلَا تُهْمَةَ (وَ) حَكَمَ. (لِلْمَنُوبِ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ كَسَائِرِ الْحُكَّامِ

(وَعَلَى الرَّاضِي الْحَكَمُ)

ــ

[حاشية العبادي]

تُثْبِتُ مِلْكًا لِلْغَائِبِ بِرّ

(قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ إلَيْهَا الْمُبَكِّرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَيَّامَ مُتَفَاوِتَةٌ طُولًا وَقِصَرًا وَتَوَسُّطًا فَمَا الْمُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ هُنَا.؟ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اللَّيْلِ) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ غَايَتُهَا لَا أَنَّ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا الْمُبَكِّرُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا تُسَمَّى مَسَافَةَ عَدْوَى حَجَرٌ

(قَوْلُهُ وَلَا لِأَبْعَاضٍ) لَوْ حَكَمَ بِطَلَاقِ ابْنَتِهِ حِسْبَةً صَحَّتْ فَلَوْ ادَّعَتْ بِذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ الْعِرَاقِيِّ فِي التَّحْرِيرِ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَشَرِيكُهُ فِي الْمُشْتَرَكِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا حَكَمَ لَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهَا وَمَعْنَى عَدَمِ انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ تَحْلِيفِهِ لَا ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ. اهـ. لَكِنْ فِيهِ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فِيمَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ فِي قَضَائِهِ لِلشَّرِيكِ فِي صُورَةٍ يُشَارِكُ فِيهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُهُمْ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ فِي صُورَةٍ إلَخْ خَرَجَ مَا لَوْ حَكَمَ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِهِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ الْقَاضِي وَصِيُّهُ حَكَمَ) قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَاتِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ لَوْ أَنَّ وَصِيًّا عَلَى يَتِيمٍ وَلِيَ الْحُكْمَ فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِمَالٍ لِأَبِي الطِّفْلِ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَتَّى يَصِيرَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ فَيَدَّعِيَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. اهـ. وَعَلَّلَهُ شَارِحُوهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَصْمًا وَمُدَّعِيًا لِلصَّبِّي وَهُوَ حَاكِمٌ وَمَنْ كَانَ خَصْمًا فِي حُكُومَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ حَاكِمَا فِيهَا كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي هُوَ قَيِّمُهُ بِمَالٍ لَمْ يُقْبَلْ وَمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِشَخْصٍ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لَهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَقَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَالَفَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَلِي أَمْرَ الْأَيْتَامِ كُلِّهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا مِنْ قَبْلُ فَلَا تُهْمَةَ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِ.

وَالرَّافِعِيُّ صَحَّحَ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ وَعَزَاهُ لِلْقَفَّالِ لَكِنَّ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ غَيْرُ بَيِّنٍ وَلَا جُمْهُورُ أَئِمَّتِنَا عَلَيْهِ بَلْ الْبَيِّنُ قَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَيْتَامِ أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا تَنْقَطِعُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي حُكِمَ بِهِ بِانْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَإِنَّ مَا حُكِمَ فِيهِ لِلْيَتِيمِ الَّذِي تَحْتَ وَصِيَّتِهِ يَبْقَى بَعْدَ الْعَزْلِ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ وَضَعُفَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ قُلْت وَهَذَا فَرْقٌ صَحِيحٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَاكِمَ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ لِلْيَتِيمِ الَّذِي هُوَ قَيِّمُهُ وَيَجْتَمِعُ فِي تَصَرُّفِهِ وَصْفَانِ بَيْنَهُمَا عُمُومُ وَخُصُوصُ كَوْنِهِ حَاكِمًا وَكَوْنِهِ وَصِيًّا وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا وَهُوَ وَصْفٌ لَا يُحْكَمُ بِهِ فَلَا سَبِيلَ إلَى حُكْمِهِ إذْ لَوْ حَكَمَ لَكَانَ بِكَوْنِهِ حَاكِمَا وَلَوْ حَكَمَ بِكَوْنِهِ حَاكِمَا لَاحْتَاجَ إلَى مُدَّعٍ وَلَا مُدَّعِيَ إلَّا الْوَصِيُّ وَهُوَ هُوَ فَلَوْ كَانَ حَاكِمًا لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا وَهُوَ خَلَفٌ آيِلٌ إلَى دَوْرٍ وَهَذَا سِرٌّ دَقِيقٌ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ السُّبْكِيّ وَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي إلَخْ رَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْأَيْتَامِ ثَابِتَةٌ شَرَعَا وَوِصَايَتَهُ لَا تُزِيلُهَا وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ قَادِحٍ لِثُبُوتِ عَدَالَتِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ قُوَّةُ التُّهْمَةِ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا ثُبُوتَ الْحَقِّ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ شَرْعًا وَقَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ حَتَّى يَصِيرَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ مُرَادُهُ بِالْأَمِيرِ الْحَاكِمُ وَهُوَ الْأَمِيرُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الْحُكْمَ لَا أَمِيرُ الْعَسْكَرِ الَّذِي لَا حُكْمَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَاتِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ الْقَاضِي لِيَتِيمٍ إلَخْ) أَيْ: حَكَمَ مَثَلًا بِدَيْنٍ كَانَ لِأَبِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حُكِمَ لَهُ بِدَيْنٍ ثَبَتَ بِمُعَامَلَتِهِ فَلَا يَصِحُّ. اهـ.

رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا فَلَا تُهْمَةَ) لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمَنْ هُوَ وَصِيُّهُ فَيُخَالِفُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَذَاكَ حَيْثُ يَشْهَدُ وَقَدْ رَجَّحَ الْجُمْهُورُ وَصَاحِبُ الْمَطْلَبِ وَالْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ صِحَّةِ حُكْمِهِ لِمَنْ هُوَ

ص: 240

بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَافِ أَيْ وَحُكْمُ الْحَكَمِ عَلَى الرَّاضِي بِحُكْمِهِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ إذْ التَّحْكِيمُ جَائِزٌ فَقَدْ حَكَّمَ عُمَرُ وَأُبَيُّ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَحَكَّمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ وَرُوِيَ «مَنْ حُكِّمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا بِهِ فَلَمْ يَعْدِلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْأَمْوَالِ أَمْ فِي غَيْرِهَا، إلَّا فِي عُقُوبَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُتَحَاكِمَيْنِ مِمَّنْ يَحْكُمُ الْحَكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَمْتَنِعَ فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضَهُ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْقِيَاسُ الِاشْتِرَاطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَاضِي، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى الرَّاضِي أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَا يَحْكُمُ بِضَرْبِ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْقَاتِلُ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْخَصْمَيْنِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا الْقَاضِيَ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فَإِنْ جَازَ فَالْحَكَمُ نَائِبُ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَرَدَّهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ وَغَيْرَهُ قَالُوا: لَيْسَ التَّحْكِيمُ تَوْلِيَةً فَلَا يَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا صَدَرَ التَّحْكِيمُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ فَيَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِمَّا ذُكِرَ الْوَكِيلَيْنِ فَلَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَحْكِيمُ الْمُوَكِّلَيْنِ وَالْوَلِيَّيْنِ فَلَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَا يَكْفِي رِضَاهُ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ، وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَعَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دُيُونٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْغُرَمَاءِ، وَالْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا السَّيِّدِ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لَا أَثَرَ لِتَحْكِيمِهِ (مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ) مِنْ الْحَكَمِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْسِيمُ (وَ) مِنْ غَيْرِ (عِقَابٍ) بَعْدَ إثْبَاتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْوُلَاةِ وَيَلْزَمُ حُكْمُهُ (بِرِضَى فِي أَوَّلٍ) أَيْ بِالرِّضَا بِهِ قَبْلَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَى بَعْدَهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَمَهْمَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحَكَمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ

(وَنَافِذٌ هَذَا الْقَضَا) الصَّادِرُ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ (فِي ظَاهِرٍ) لَا بَاطِنٍ فَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِحُكْمِهِ الْحِلُّ بَاطِنًا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالنِّكَاحُ وَغَيْرُهُمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ إنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ» وَمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ صَادِقٍ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ فِيهِ فِي الْبَاطِنِ أَيْضًا قَطْعًا إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ وَيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ وَقِيلَ لَا لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الشَّرِيكِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ مُرَادَ الشَّارِحِ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ، وَلَوْ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَقَطْ عَلَى الْأَوْجَهِ، إذْ الرَّاجِحُ جَوَازُ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ وَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، لَكِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِالْمَنْعِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لَمْ يَجُزْ تَحْكِيمُهُ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ، كَذَا أَطْلَقُوهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي الْأَهْلِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ بَحَثَ جَوَازَ تَحْكِيمِ غَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي غَيْرِ الْأَهْلِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ فِيهِ بُعْدٌ فَتَأَمَّلْ بِرّ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا أَيْ الَّذِي قَالُوهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَصِيُّهُ لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر صِحَّةُ حُكْمِهِ لِمَنْ هُوَ وَصِيُّهُ.

(قَوْلُهُ طَالِبٌ مُعَيَّنٌ) أَيْ حَتَّى يَقَعَ مِنْهُ التَّحْكِيمُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْكُمُ بِضَرْبِ إلَخْ) بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ دِمَاءً فَتَنَازَعَا فِي إثْبَاتِهِ فَحَكَّمَا شَخْصًا يَحْكُمُ فَحَكَمَ بِأَنَّ الْقَتْلَ خَطَأٌ، فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ، إلَّا بِرِضَا عَاقِلَةِ الْجَانِي. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ مِنْ رِضَا الْخَصْمَيْنِ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَلَا يَكْفِي بَعْدَهُ بج (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) فِي الْحَاوِي إذَا تَحَاكَمَ الْإِمَامُ وَخَصْمُهُ إلَى بَعْضِ الرَّعِيَّةِ وَلَمْ يُقَلِّدْهُ، خُصُوصُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْخَصْمِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّحْكِيمَ مِنْهُ لَيْسَ تَوْلِيَةً

(قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ) وَيَلْزَمُهَا الْهَرَبُ وَالِامْتِنَاعُ مَا أَمْكَنَهَا فَإِنْ أَكْرَهَهَا لَمْ تَأْثَمْ هِيَ لِشُبْهَةِ الْحُكْمِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ الزِّنَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ) وَلَا يُحَدُّ الْوَاطِئُ لِشُبْهَةٍ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ شَرْحُ إرْشَادٍ (قَوْلُهُ أَلْحَنَ) أَيْ أَقْدَرَ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَتَى حَكَمَ الْحَاكِمُ صَارَ الْحُكْمُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ

ص: 241

وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَقِيلَ لَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ

(وَمَا لَهُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (أَنْ يَمْنَعَا مُعْتَقِدًا بُطْلَانَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (إذَا ادَّعَى) أَيْ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدَّعْوَى إذَا أَرَادَهَا وَلَا مِنْ الْأَخْذِ بِمَا حَكَمَ لَهُ بِهِ كَحَنَفِيٍّ يَدَّعِي عِنْدَ شَافِعِيٍّ بِأُجْرَةِ الْمَغْصُوبِ، وَشَافِعِيٍّ يَدَّعِي عِنْدَ حَنَفِيٍّ شُفْعَةَ الْجِوَارِ وَلَوْ شَهِدَ بِهَا عِنْدَهُ شَافِعِيٌّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (بِالْعِلْمِ) أَيْ قَضَى الْقَاضِي بِعِلْمِهِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي إنْ عَلِمَهُ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كَمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ بَلْ أَوْلَى سَوَاءٌ عَلِمَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ وَمَكَانِهَا أَمْ فِي غَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَاقِعَةِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بِالْعِلْمِ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ عِلْمُهُ بِذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَحَكَمْت عَلَيْك بِعِلْمِي (كَالتَّعْدِيلِ) أَيْ كَمَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ وَجَرْحِهِمْ (وَ) فِي (التَّقْوِيمِ) لِمَا يَحْتَاجُ لِتَقْوِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُقَوَّمٌ آخَرُ (لَا فِي حُدُودِ رَبِّنَا الْعَظِيمِ) وَتَعَازِيرِهِ لِنَدْبِ السَّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا بِخِلَافِ عُقُوبَاتِ الْآدَمِيِّ وَحُقُوقِهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَيَقْضِي فِيهَا بِعِلْمِهِ وَلَا يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ كَأَنْ عَلِمَ إبْرَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَلَا يَقْضِي بِهَا فِيهِ

وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِقَرِينَةِ تَمْثِيلِهِمْ لِلْقَضَاءِ بِهِ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَقَدْ رَآهُ الْقَاضِي أَقْرَضَهُ ذَلِكَ أَوْ سَمِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِذَلِكَ إذْ رُؤْيَةُ الْإِقْرَاضِ وَسَمَاعُ الْإِقْرَارِ لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ بِثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّمَا يَقْضِي بِالْعِلْمِ فِيمَا يَسْتَيْقِنُهُ لَا مَا يَظُنُّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ وَمَا يَسْتَيْقِنُهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الظَّنِّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ أَصْلَ اللُّزُومِ، وَالْكَلَامُ السَّابِقُ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ أَصْلُ اللُّزُومِ وَإِنَّمَا نَشَّأَ الظَّنُّ مِنْ جِهَةِ اسْتِصْحَابِ بَقَائِهِ لِجَوَازِ الْوَفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ كَالشَّهَادَةِ لَا يَشْهَدُ بِمَا يَظُنُّهُ مِنْ غَيْرِ يَقِينٍ إلَّا أَنْ يَنْشَأَ الظَّنُّ مِنْ اسْتِصْحَابٍ مَعَ تَحَقُّقِ أَصْلِ اللُّزُومِ، فِيهِ نَظَرًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ تَمْثِيلَهُمْ السَّابِقَ لَيْسَ بِتَامٍّ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ تَحَقُّقَ أَصْلِ اللُّزُومِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِذَا نَفَّذْنَا أَحْكَامَ الْقَاضِي الْفَاسِقِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُنَفَّذَ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَنْفِيذِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ مَعَ فِسْقِهِ الظَّاهِرِ

(وَ) قَضَى (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْقَاضِي أَيْ قَاضٍ آخَرُ بِمَا قَضَى بِهِ الْأَوَّلُ أَيْ أَمْضَاهُ (بِشَاهِدَيْهِ) أَيْ بِشَاهِدَيْ قَضَاءِ الْأَوَّلِ (وَاشْتَرَطْ) فِيهِ الْحَاوِي كَغَيْرِهِ (أَنْ يَنْتَفِي) مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي صِيغَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ بِهَا عِنْدَهُ شَافِعِيٌّ إلَخْ) وَلَهَا حَالَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْهَدَ بِنَفْسِ الْجَوَازِ وَهُوَ جَائِزٌ، ثَانِيهِمَا أَنْ يَشْهَدَ بِاسْتِحْقَاقِ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِاعْتِقَادِهِ بِخِلَافِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِذَلِكَ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي شَافِعِيٍّ حَضَرَ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ نَفْسَهَا مَثَلًا فَإِنْ حَضَرَ لِيَشْهَدَ بِصُورَةِ الْحَالِ جَازَ أَوْ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ قُلِّدَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ) أَيْ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ بِرّ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْضِي بِهَا فِيهِ) وَلَا يَقْضِي أَيْضًا بِعِلْمِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ قَالَ: وَكَأَنَّهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ بِرّ ج (قَوْلُهُ كَالشَّاهِدِ لَا يَشْهَدُ بِمَا يَظُنُّ مِنْ غَيْرِ يَقِينٍ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ لِرُؤْيَةِ التَّصَرُّفِ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ الَّتِي مُسْتَنَدُهَا الِاسْتِفَاضَةُ، ثُمَّ اُنْظُرْ لَوْ كَانَ طَرِيقُ عِلْمِ الْقَاضِي بِالْحَقِّ مِثْلَ هَذَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ بِرّ (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مَنْشَؤُهُ أَنَّهُ فَهِمَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ فِي التَّمْثِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُمَا قَائِلَانِ بِأَنَّ رُؤْيَةَ الْإِقْرَاضِ وَسَمَاعَ الْإِقْرَارِ لَا يُفِيدُ أَنَّ الْيَقِينَ ابْتِدَاءٌ وَالشَّيْخَانِ لَمْ يُرِيدَا ذَلِكَ وَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُمَا لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا غَرَضَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ وَقْتَ قَضَاءِ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ إبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَإِنَّهُمَا لَمْ يَقْتَصِرَا عَلَى مَا سَاقَهُ الشَّارِحُ عَنْهُمَا، وَإِنَّمَا قَالَا لَا يُفِيدُ الْيَقِينُ بِثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ اهـ.

فَاعْتِرَاضُهُ عَلَى الْعِرَاقِيِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَبْحَثَ بَاحِثٌ مَعَ الْعِرَاقِيِّ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ كَوْنَ الشَّيْخَيْنِ يَقْصُرَانِ الْحُكْمَ بِالْعِلْمِ عَلَى الظَّنِّ النَّاشِئِ مِنْ اسْتِعْجَالِ السَّبَبِ الْمُتَيَقَّنِ، يُرْشِدُك إلَى هَذَا أَنَّ الْعِرَاقِيَّ نَظَرَ لِلْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ وَالشَّاهِدِ بِجَوَازِ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ السَّمَاعَ الْفَاشِيَ وَرُؤْيَةَ التَّصَرُّفِ، وَذَلِكَ ظَنٌّ فِي أَصْلِ السَّبَبِ، وَكَوْنُ الشَّيْخَيْنِ يَمْنَعَانِ الْحُكْمَ فِي مُفَادِ هَذَا عَنْ عِلْمِ الْقَاضِي بِهِ وَيَقْصُرَانِ الظَّنَّ عَلَى مَا نَشَأَ عَنْ يَقِينِ السَّبَبِ مَوْضِعَ تَأَمُّلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَأَقُولُ: لَك دَفْعُ مَا أَوْرَدَهُ عَلَى نَظَرِ الشَّارِحِ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ ابْتِدَاءً أَمْرٌ مُتَعَيَّنٌ وَلَا يُنَافِيهِ مَا زَادَاهُ عَلَى مَا سَاقَهُ الشَّارِحُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ لِجَوَازِ الْكَذِبِ وَالتَّأْوِيلِ، وَكَذَا الْإِقْرَاضُ لِجَوَازِ كَوْنِ الْمَالِ الْمُقْرَضِ مِلْكَ الْمُقْتَرِضِ أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِلْمُقْرِضِ وَلِجَوَازِ التَّأْوِيلِ فِي لَفْظِ الْإِقْرَاضِ فَاعْتِرَاضُهُ عَلَى الْعِرَاقِيِّ فِي مَحَلِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم

ــ

[حاشية الشربيني]

يَقُولُ بِهِ حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ بِهَا) أَيْ بِالْجِوَارِ الْمُثْبِتِ لَهَا لَا بِشُفْعَتِهِ، إلَّا إنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ أَيْضًا قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ رَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ بِشَاهِدَيْ قَضَاءِ الْأَوَّلِ)

ص: 242

الْأَوَّلِ (التَّكْذِيبُ) لَهُمَا فَلَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ بِلَا تَكْذِيبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَهُمَا (لَا هُوَ) أَيْ الْقَاضِي الْأَوَّلُ فَلَا يَقْضِي بِشَاهِدَيْ قَضَائِهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ فِعْلُهُ، وَالرُّجُوعُ إلَى الْيَقِينِ هُوَ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الْإِنْسَانِ وَلِهَذَا يَأْخُذُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِالْيَقِينِ

(وَ) لَا يَقْضِي (بِخَطْ) نَفْسِهِ اعْتِمَادًا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ (كَشَاهِدٍ) فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ عَلَى تَحَمُّلِهِ وَلَا بِخَطِّهِ وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ (وَلَوْ رَوَى) الْأَخْبَارَ (بِمُحْرَزِ خَطٍّ) أَيْ بِخَطِّهِ الْمُحْرَزِ أَيْ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ جَوَّزَهُ لِعَمَلِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا بِذَلِكَ، وَقَدْ يُتَسَاهَلُ فِي الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، إذْ الْفَرْعُ يَرْوِي مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ وَلَا يَشْهَدُ وَيَقُولُ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ يَرْوِي كَذَا، وَلَا يَقُولُ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِكَذَا (وَعَمَّنْ عَنْهُ يَرْوِي) أَيْ وَلَوْ رَوَى الْأَخْبَارَ عَمَّنْ يَرْوِيهَا عَنْهُ وَقَدْ نَسِيَ هُوَ تَحْدِيثَهُ بِهَا جَوَّزَهُ كَأَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ عَنِّي بِكَذَا كَمَا وَقَعَ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ فِي رِوَايَتِهِ خَبَرَ (الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ) عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمِعَهُ مِنْهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ نَسِيَ سُهَيْلٌ ذَلِكَ فَكَانَ يَرْوِيهِ عَنْهُ فَيَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي أَنِّي حَدَّثْتُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَوْلُ النَّظْمِ (جَوِّزْ هَذَا) جَوَابُ لَوْ (وَإِلَّا لَا يَفُهْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي صِدْقَ الْمُدَّعِي أَيْ وَلَا كَذِبَهُ لَا يَتَكَلَّمُ أَيْ سَكَتَ (أَوْ سَأَلَهْ عَلَى ثُبُوتِ مَا ادَّعَى) بِهِ (الْحُجَّةُ لَهْ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَلَكَ حُجَّةٌ؟ نَعَمْ إنْ جَهِلَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْحُجَّةِ فَلَا يَسْكُتُ بَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَالسُّكُوتُ أَوْلَى وَإِنْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى وَإِنْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِهِ وَجَبَ إعْلَامُهُ، وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ وَقِيلَ لِشُمُولِهِ الْيَمِينَ إذَا كَانَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِكَوْنِهِ أَمِينًا أَوْ فِي قَسَامَةٍ أَوْ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ

ثُمَّ بَيَّنَ الشَّاهِدَ الْعَامَّ الدَّاخِلَ فِي الْحُجَّةِ بِقَوْلِهِ (أَيْ ذَكَرًا يَنْطِقُ حُرًّا مُسْلِمَا عَدْلًا) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ إلَّا فِي صُوَرٍ تَأْتِي، وَلَا الْأَخْرَسِ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْصِحُ عَنْ الْمُرَادِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ تَصَرُّفَاتُهُ بِهَا لِلْحَاجَةِ، وَلَا الْعَبْدِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ إذْ فِي الشَّهَادَةِ نُفُوذُ قَوْلٍ عَلَى الْغَيْرِ، وَلَا الْكَافِرِ وَلَوْ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَلَا الْفَاسِقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلَا غَيْرِ الْمُكَلَّفِ الْمَفْهُومِ مِنْ عَدْلًا كَالْإِقْرَارِ بَلْ أَوْلَى (عَلَى كَبِيرَةٍ مَا أَقْدَمَا) أَيْ وَالْعَدْلُ مَنْ لَمْ يُقْدِمْ عَلَى كَبِيرَةٍ أَيْ مَعْصِيَةٍ (مُوجِبَةٍ حَدًّا) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَقَذْفٍ، وَتَفْسِيرُ الْكَبِيرَةِ بِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّ الْأَصْحَابَ إلَى تَرْجِيحِهِ أَمْيَلُ، ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ تَعْرِيفَهَا بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِهَا أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا الرِّبَا وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ وَالسِّحْرَ وَالْوَطْءَ فِي الْحَيْضِ وَالنَّمِيمَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ، وَلَا حَدَّ فِيهَا وَقَالَ الْإِمَامُ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ: هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ، وَالْمُرَادُ بِهَا بِقَرِينَةِ تَعَارِيفِهَا السَّابِقَةِ غَيْرُ الْكَبَائِرِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ، وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه الْخَطَّابِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ بِدَعْوَاهُمْ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَكْذِبُونَ فَإِنَّ الْكَذِبَ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ فَإِنْ ذَكَرَ الْخَطَّابِيِّ فِي شَهَادَتِهِ مَا يَقْطَعُ احْتِمَالَ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ: سَمِعْتُهُ يُقِرُّ لِفُلَانٍ بِكَذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَغَيْرِهِ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُبْتَدِعِ إذَا كَانَ يَقْدَحُ فِي إمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَهُمَا) شَامِلٌ لِقَاضِي الضَّرُورَةِ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا إذَا شَهِدَا عِنْدَ قَاضٍ فَقَالَ شَهِدْتُمَا بِكَذَا بِلَا اسْتِثْنَاءٍ وَقَالَا بَلْ بِاسْتِثْنَاءٍ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالتَّقْوَى وَالدِّيَانَةِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُمَا وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي شُمُولِ الْمُقَلِّدِ فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُعْتَبَرُ تَكْذِيبُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بِشَرْطِ التَّقْوَى وَالدِّيَانَةِ

(قَوْلُهُ هَذَا) مَعْلُولُ جَوَّزَ، وَقَوْلُهُ جَوَابُ أَيْ قَوْلُهُ جَوَّزَ هَذَا (قَوْلُهُ الْحُجَّةُ لَهُ) أَيْ مَا ادَّعَى وَقَوْلُهُ لَهُ ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَأَلَهُ م ر (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِشُمُولِهِ إلَخْ) قَائِلُهُ الشَّارِحُ وَكَانَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِقِيلِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُسَمَّى حُجَّةً وَأَيْضًا فَقَدْ فَسَّرَ الْحُجَّةَ بِقَوْلِهِ أَيْ ذَكَرًا يَنْطِقُ إلَخْ

(قَوْلُهُ حُرًّا) أَيْ، وَلَوْ بِالدَّارِ م ر وَقَوْلُهُ مُسْلِمًا أَيْ، وَلَوْ بِالتَّبَعِيَّةِ م ر (قَوْلُهُ: نُفُوذُ قَوْلِهِ عَلَى الْغَيْرِ) فَفِيهِ نَوْعُ وِلَايَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] الْآيَةَ) شَامِلٌ لِلِاسْتِشْهَادِ عَلَى الْكَافِرِ مَعَ أَنَّهُ قَيَّدَ بِمِنْ رِجَالِكُمْ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ تَعَارِيفِهَا) يَحْتَمِلُ أَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْبِدَعَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ وَلَا تَوَعَّدَ عَلَيْهَا كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ وَلَا تُوصَفُ عُرْفًا بِالِارْتِكَابِ وَالْإِقْدَامِ وَلَا تُوزَنُ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ) يُتَأَمَّلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ أَنَّ الْبِدَعَ كَبَائِرُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ تَعْصِيَةُ أَرْبَابِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ تَنْتَفِي التَّعْصِيَةُ عَنْ الْكَبِيرَةِ لِنَحْوِ جَهْلٍ وَلَا يُخْرِجُهَا ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا كَبِيرَةً فِي نَفْسِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى الْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا

(قَوْلُهُ الشَّاهِدُ الْعَامُّ) ذِكْرُهُ الْعَامُّ بَيَانٌ لِوَجْهِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الذَّكَرِ وَهُوَ قَبُولُهُ فِي جَمِيعِ الشَّهَادَاتِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّ: أَنَّ الذُّكُورَةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي كُلِّ الشَّهَادَاتِ، فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهَا فِي مُطْلَقِ الشَّهَادَاتِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ) بِأَنْ أَنْكَرُوا بَعْضَ مَا عُلِمَ مَجِيئُهُ صلى الله عليه وسلم بِهِ ضَرُورَةً (قَوْلُهُ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ) فَمَا فِي بَابِ الْبُغَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَأْوِيلَ لَهُمْ فِيهِ. اهـ. بج وَخَطّ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ يَقْدَحُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ. اهـ

ص: 243

أَوْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ أَوْ يَقْذِفُ عَائِشَةَ

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: قَاذِفُ عَائِشَةَ كَافِرٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (وَلَمْ يَكُنْ أَصِرْ) أَيْ مَا أَقْدَمَ عَلَى كَبِيرَةٍ وَلَا أَصَرَّ (عَلَى صَغِيرَةٍ) وَهِيَ كُلُّ ذَنْبٍ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ، وَالْإِصْرَارُ عَلَيْهَا الْإِكْثَارُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مِنْهَا فَتَنْتَفِي بِهِ الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ، وَالصَّغِيرَةُ (كَكَذِبٍ لَا ضَرَرْ فِيهِ وَلَا حَدَّ) وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً كَأَنْ كَذَبَ فِي شِعْرِهِ بِمَدْحٍ وَإِطْرَاءٍ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ إظْهَارُ الصَّنْعَةِ لَا التَّحْقِيقُ، وَخَرَجَ بِنَفْيِ الضَّرَرِ وَالْحَدِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا لَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْكَذِبِ فَيَصِيرُ كَبِيرَةً لَكِنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ كَبِيرَةً كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ، بَلْ الْمُوَافِقُ لِتَعْرِيفِهِ كَأَصْلِهِ الْكَبِيرَةُ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا (وَ) مِثْلُ (لَعْنٍ) وَلَوْ لِكَافِرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَكَهَجْرِ مُسْلِمٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلُبْسِ حَرِيرٍ وَجُلُوسٍ عَلَيْهِ وَجُلُوسٍ مَعَ فُسَّاقٍ إينَاسًا لَهُمْ (وَهِجَا) وَلَوْ بِالتَّعْرِيضِ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا، وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فَإِنْ هَجَا فِي شِعْرِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَا بِمَا يَفْسُقُ بِهِ كَأَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَاهُ قَبْلُ

(قُلْتُ) هَذَا إذَا كَانَ (لِمُسْلِمٍ) فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ بَلْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ لِمُبْتَدِعٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ، وَلَعْنُهُ لَا يَتَحَقَّقُ بُعْدُهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ وَلَيْسَ إثْمُ حَاكِيهِ كَإِثْمِ مُنْشِئِهِ (كَذَا السَّفَاهُ) بِمَعْنَى السَّفَاهَةِ (جَا) صَغِيرَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا الْبَيْتِ

فِيهِ وَلَا حَدَّ وَهَجْوُ مُهْتَدِي

وَاللَّعْنُ وَالسَّفَاهُ وَالتَّمَرُّدُ

(وَ) مِثْلُ (غِيبَةِ الْمُسِرِّ فِسْقًا) وَالسُّكُوتِ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُسِرِّ فِسْقُهُ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُعْلِنُ فِسْقُهُ فَلَا تَحْرُمُ غِيبَتُهُ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ، وَغَيْرُ الْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ غِيبَتُهُ كَبِيرَةً وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحْسَنُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنْ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ وَأَقَرَّاهُ.

(وَ) مِثْلُ (لَعِبْ نَرْدٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَفَارَقَ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ الْكُعْبَانُ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ وَفِي الشِّطْرَنْجِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الِاسْتِوَاءُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغَلَبَةَ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ، وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى عَدِّ الْجَانِبَيْنِ وَالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا، وَالْغَالِبُ تَعَذُّرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَكُونُ) أَيْ الْكَذِبُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ مَعَ ضَرَرٍ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ الْحَدَّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا) إذْ لَا حَدَّ فِي الْكَذِبِ ذِي الضَّرَرِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَهِجَاءٍ) قَدْ يُقَالُ: الْهِجَاءُ نَوْعٌ مِنْ الْغِيبَةِ فَلِمَ أَفْرَدَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْغِيبَةَ قَدْ تَكُونُ كَبِيرَةً؟ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْهَا كَبِيرَةً (قَوْلُهُ قُلْت هَذَا) أَيْ عَدُّ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ أَيْ الْهِجَاءُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ جَازَ) حَيْثُ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا عَهْدَ إذَا كَانَ حَيًّا وَلَا قَرِيبَ لَهُ مُسْلِمٌ يَتَأَذَّى بِهَجْوِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: وَلَا قَرِيبَ لَهُ مُسْلِمٌ يُخْرِجُ الْكَافِرَ حَتَّى مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ) هَلْ يَتَقَيَّدُ جَوَازُ هَجْوِهِ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ كَمَا قَالُوا فِي جَوَازِ غِيبَتِهِ، وَقَدْ يَتَقَيَّدُ خُصُوصًا، وَالْهَجْوُ نَوْعٌ مِنْ الْغِيبَةِ (قَوْلُهُ كَذَا السِّفَاهُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ الْمُبْتَدِعُ) أَيْ إذَا هَجَاهُ بِبِدْعَتِهِ كَمَا قَالَهُ زي وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ وَفِي ظَنِّي خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ إثْمُ إلَخْ) أَيْ إذَا اسْتَوَيَا أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ وَلَمْ يُذِعْهُ وَأَذَاعَهُ الْحَاكِي وَأَشْهَرَهُ فَهُوَ أَشَدُّ إثْمًا بِلَا شَكٍّ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) أَيْ بِدُونِ مُقَابِلٍ وَإِلَّا حُرِّمَ وَكَالشِّطْرَنْجِ الْمُنَقَّلَةُ وَالطَّاوِلَةُ وَالطَّابُ كَالنَّرْدِ (قَوْلُهُ الْكُعْبَانُ) أَيْ الْحَصَى وَنَحْوِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ

ص: 244

عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ (وَسَمْعٍ لِشِعَارِ مَنْ شَرِبَ) أَيْ وَكَاسْتِمَاعِ شِعَارِ شَارِبِ الْمُسْكِرِ مِنْ آلَاتِ الطَّرِبِ كَطُنْبُورٍ وَعُودٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَكَذَا يَرَاعٌ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ وَهُوَ هَذِهِ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّهُ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ (وَ) فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الصَّغَائِرِ (مَرَّةٍ لِعِظَمٍ فِيهِ جُرِحْ) فَاعِلُهُ فَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ فِي عَدِّهِ كَبِيرَةً إذَا لَمْ يَسْتَعْظِمْهُ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَإِنْ اسْتَعْظَمُوا رُدَّتْ الشَّهَادَةُ بِفِعْلِهِ مَرَّةً وَصَارَ فَاعِلُهُ مَجْرُوحًا لِظُهُورِ قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي وَالنَّاظِمُ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ اعْتِبَارُ الْإِكْثَارِ (أَوْ تَابَ) أَيْ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى كَبِيرَةٍ وَلَا أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ تَابَ (مَعَ) ظُهُورِ (قَرَائِنٍ) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ دَلَّتْ عَلَى (أَنْ) أَيْ أَنَّهُ (قَدْ صَلَحْ كَقَاذِفٍ يَقُولُ إنِّي تُبْتُ) مِنْ قَذْفِي (وَلَا أَعُودُ لِلَّذِي أَذْنَبْتُ) بِهِ مِنْ الْقَذْفِ أَوْ يَقُولُ: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْتُ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ وَنَحْوُهُ فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَقُولَ كَذَبْتُ فَرُبَّمَا كَانَ صَادِقًا فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالْكَذِبِ؟ (لَا إنْ أَقَرَّ قَاذِفٌ بِكَذِبِهْ) فِي قَذْفِهِ فَلَا يَكْفِي الْقَوْلُ مَعَ الْقَرَائِنِ بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُمَا مُضِيُّ مُدَّةٍ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حُصُولُ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ هُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهَا فَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالْأَظْهَرُ سَنَةٌ؛ لِأَنَّ لِمُضِيِّ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِمَا تَشْتَهِيهِ نَعَمْ مِنْ قَذْفٍ بِصُورَةِ شَهَادَةٍ لَمْ يَتِمَّ نِصَابُهَا أَوْ خَفِيَ فِسْقُهُ وَأَقَرَّ بِهِ لِيُحَدَّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ، وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ لِإِتْيَانِهِ بِضِدِّ الْكُفْرِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ احْتِمَالٌ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسَلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ، وَتُفَارِقُ الرِّدَّةُ الْقَذْفَ بِغَيْرِ صُورَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ بِأَنَّ ضَرَرَهَا قَاصِرٌ وَضَرَرَهُ مُتَعَدٍّ، وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ التَّوْبَةَ بِالْقَوْلِ فِي الْقَذْفِ أَنَّ سَائِرَ الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ فَقَالَ: التَّوْبَةُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ: كَذَبْتُ فِيمَا فَعَلْتُ وَلَا أَعُودُ إلَى مِثْلِهِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَمَّا لَوْ قَذَفَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالزِّنَا أَوْ أَقَرَّ الْمَقْذُوفُ أَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ قَذْفِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِإِظْهَارِ صِدْقِهِ بِالْحُجَّةِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ بَيَانِ التَّوْبَةِ مَحَلُّهُ فِي التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ وَهِيَ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا الشَّهَادَةُ وَالْوِلَايَةُ، أَمَّا التَّوْبَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ فَهِيَ الْإِقْلَاعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَالنَّدَمُ عَلَيْهَا وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا وَمِنْ لَوَازِمِ الْإِقْلَاعِ الْخُرُوجُ عَنْ الْمَظَالِمِ.

(تَنْبِيهٌ) حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ إنْ لَمْ يُظْهِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُحَدَّ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السَّتْرُ فَيَأْتِي الْإِمَامُ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُحَدَّ (لَهُ مُرُوءَةٌ لِمَا لَا لَاقَ بِهْ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ وَهُوَ (خَلَا) مِنْ التَّخْلِيَةِ بِمَعْنَى التَّرْكِ أَيْ عَدْلًا لَهُ مُرُوءَةٌ بِأَنْ تَرَكَ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْمُرُوءَةُ: تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ وَغَيْرُ اللَّائِقِ (كَسَمْعِ الدُّفِّ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ صَنْجِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرُ الْعِرَاضُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَوَائِرِ الدُّفِّ.

، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الدُّفَّ فِي الثَّانِيَةِ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ مَمْنُوعٌ (وَ) مِثْلُ (لَعِبِ الْحَمَامِ) بِالتَّطْيِيرِ وَالْمُسَابَقَةِ إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ (وَ) لَعِبِ (الشِّطْرَنْجِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ (وَ) مِثْلُ (الرَّقْصِ) كَذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (أَوْ) مِثْلُ (سَمْعِ الْغِنَا) أَيْ اسْتِمَاعِهِ إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْغِنَا وَاسْتِمَاعِهِ مَكْرُوهٌ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ أَمْرَدَ أَوْ غَيْرِهِ فِتْنَةٌ حُرِّمَ فَقَوْلُهُ (إذَا أَكَبْ) أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهِ قَيْدٌ فِي الْأَمْثِلَةِ كُلِّهَا كَمَا تَقَرَّرَ هَذَا إذْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَإِلَّا فَذَلِكَ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَالْمَرْجِعُ فِي الدَّوَامِ إلَى الْعَادَةِ وَتَخْتَلِفُ بِعَادَاتِ النَّوَاحِي وَالْبِلَادِ بِالْأَمْكِنَةِ فَقَدْ

ــ

[حاشية العبادي]

يُحَرَّرُ تَمَيُّزُ السَّفَاهَةِ عَنْ اللَّعْنِ وَالْهَجْوِ وَالْغِيبَةِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْفَاسِقِ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضِ: وَالْوُقُوعُ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: الْغِيبَةُ صَغِيرَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ كَقَاذِفٍ إلَخْ) شَمَلَ هَذَا الْإِطْلَاقُ مَا لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَيْرَ مُحْصَنٍ بِرّ (قَوْلُهُ وَلَا يُكَلَّفُ إلَخْ) ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَ قَذْفِي بَاطِلٌ فَتَأَمَّلْ. بِرّ (قَوْلُهُ وَتُفَارِقُ الرِّدَّةُ) حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي التَّوْبَةِ فِيهَا بِالْإِسْلَامِ مُضِيُّ الْمُدَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَقَوْلُهُ الْقَذْفُ أَيْ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ مُضِيُّ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ الْإِقْلَاعُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ هِيَ التَّوْبَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) وَهُوَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّهُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ وُجِدَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ بِحُرْمَةِ أَنْوَاعِ الْمَزَامِيرِ وَمِنْهَا الشَّبَّابَةُ بَلْ هِيَ مِنْ أَعْلَى الْمَزَامِيرِ (قَوْلُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ) أَيْ تَوْبَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ

ص: 245

يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ مَا لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ مَثَلًا فِي الْخَلْوَةِ مِرَارًا كَاللَّعِبِ بِهِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ السُّوقِ مَثَلًا مَرَّةً عَلَى مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ (وَ) مِثْلُ (حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْهَمْزِ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ فَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْهَا سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِالدَّنَاءَةِ وَالْخِسَّةِ نَعَمْ إنْ اعْتَادَهَا وَكَانَتْ حِرْفَةَ أَبِيهِ فَلَا تَسْقُطُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاظِمُ حَيْثُ زَادَ قَوْلَهُ (لَيْسَتْ لِأَبْ) وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِصَنْعَةِ آبَائِهِ بَلْ يَنْظُرُ هَلْ يَلِيقُ بِهِ هُوَ أَمْ لَا؟ وَالتَّوْبَةُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ بِسُنَّةٍ كَمَا فِي الْمَعَاصِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ (لَمْ يُتَّهَمْ بِالْجَرِّ وَالدَّفْعِ) أَيْ عَدْلًا لَهُ مُرُوءَةٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ بِجَرِّ نَفْعٍ إلَيْهِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ عَنْهُ بِشَهَادَتِهِ

(فَلَا تُقْبَلُ أَنْ يَشْهَدَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ شَهَادَتُهُ (لِبَعْضٍ) لَهُ مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِ وَمِنْهُ أَنْ تَتَضَمَّنَ شَهَادَتُهُ دَفْعَ ضَرَرٍ عَنْهُ كَأَنْ يَشْهَدَ لِلْأَصِيلِ الَّذِي ضَمَّنَهُ بَعْضَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ لَهُ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قَبْلَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ وَلَا الْغَرِيمِ لِلْمَيِّتِ وَلَا لِلْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ وَكَذَا الْمُعْسِرُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ بِالْأَدَاءِ (وَ) لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (عَلَى عَدُوِّهِ) وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (دُنْيَا) وَخَرَجَ بِهِ عَدُوُّهُ دِينًا فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَالسُّنِّيِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ وَعَكْسُهُ إلَّا الْخَطَابِيَّةَ بِتَفْصِيلٍ فِيهِمْ تَقَدَّمَ (وَذَا مَنْ حَزِنَا بِفَرَحٍ مِنْهُ وَعَكْسٍ) أَيْ وَعَدُوُّهُ مَنْ يَحْزَنُ بِفَرَحِهِ وَيَفْرَحُ بِحُزْنِهِ وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ أَفْضَتْ الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَمَنْ خَاصَمَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا لَاتُّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إسْقَاطِ الشَّهَادَاتِ (كَزِنَا عِرْسِهْ) بِإِسْكَانِ الْهَاءِ أَيْ كَشَهَادَةِ الزَّوْجِ بِزِنَا زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْمُودِعِ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ

وَقَوْلُهُ: كَزِنَا عُرْسِهْ مِثَالٌ لِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ كَمَا تَقَرَّرَ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ نَظِيرًا لَهَا أَيْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالزِّنَا وَهَذَا أَوْلَى لِيُنَاسِبَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَكَالشَّهَادَةِ الْمُعَادَهْ) مِنْ الْمُسِرِّ بِفِسْقِهِ وَالْمُعْلِنِ بِهِ وَمِنْ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَالْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ يَخْرُجُ قَبْلَ الْبُرْءِ (بَعْدَ زَوَالِ الْفِسْقِ وَالسِّيَادَهْ أَوْ الْمُعَادَاةِ) أَوْ الْبُرْءِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِدَفْعِ الْعَارِ) أَيْ لِاتِّهَامِهِمْ بِدَفْعِ عَارِ رَدِّ شَهَادَتِهِمْ الْأُولَى عَنْهُمْ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعْلِنِ بِفِسْقِهِ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَا وَإِنَّمَا يَجِيءُ الْوَجْهَانِ إذَا أَصْغَى الْقَاضِي إلَى شَهَادَتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ لَا الْمُتَعَلِّقُ بِهَا الشَّهَادَةُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ أَنْ يَشْهَدَ لِبَعْضٍ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ أَصْلُ زَيْدٍ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَمَنَعَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ (فَرْعٌ) شَهَادَةُ الْمُودِعِ بِمِلْكِ الْعَيْنِ عِنْدَ نِزَاعِ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِهِ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ ضَرَرَ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا بِرّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُقْبَلْ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي شَهَادَةُ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ، وَكَذَا الْمُعْسِرُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِ أَمْوَالِهِ بِخِلَافِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ تَخْصِيصُ الْمُعْسِرِ بِالتَّقْيِيدِ بِقَبْلَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُوسِرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذْ شَرْطُ الْحَجْرِ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَالِ، وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَتَّجِهْ التَّخْصِيصُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ دَعْوَى الِاقْتِضَاءِ الْمَذْكُورِ، بَلْ التَّخْصِيصَ بِالتَّقْيِيدِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِي الْمُوسِرِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الْحَجْرُ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُحْجَرُ عَلَى الْمُوسِرِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْحَجْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى عَدُوِّهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ، بَلْ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فَقَالَ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ اهـ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهَذَا الَّذِي أَفْهَمَهُ النَّصُّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَظِنَّةِ هُوَ الْمُوَافِي لِلْقَوَاعِدِ وَهُوَ حَسَنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ بِرّ وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ لِيُنَاسِبَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ إلَخْ) إذْ لَيْسَ مِثَالًا لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ الْبُرْءِ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الشَّهَادَةِ الَّتِي لَمْ تَتِمَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ كَاللَّعِبِ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرَّةَ حِينَئِذٍ مُسْقِطَةٌ لِلْمُرُوءَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ عَظِيمًا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ حِينَئِذٍ بِالتَّكَرُّرِ ع ش وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّكَرُّرِ فِي الْعَظِيمِ، بَلْ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْإِطْلَاقُ رَاجِعْ م ر (قَوْلُهُ: وَحِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) يُحْمَلُ جَعْلُهَا مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَلَا لِلْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ يُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ لِحُلُولِ دَيْنِهِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى الْحَجْرِ فَإِنْ لَمْ يُضَارِبْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَالِمًا بِحَالِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِعَيْنٍ هِيَ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ يَسْتَغْرِقُهَا دَيْنُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ عَوْدِ النَّفْعِ إلَيْهِ غَالِبًا. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَشَهَادَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) هَلْ يَجِبُ حِينَئِذٍ الْحَدُّ؟ (قَوْلُهُ أَوْ الْبُرْءِ)

ص: 246

مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ ثُمَّ رَدَّهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصْغِ إلَيْهَا تُقْبَلُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصْغِي إلَيْهِ كَمَا لَا يُصْغِي إلَى الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ لَفْظُ الْمُعَادَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ غَالِطًا فِي شَهَادَتِهِ الْأُولَى (لَا) كَالشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُبَادِرِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْحِسْبَةِ بِعُذْرِ زَوَالِ (الرِّقِّ وَالْكُفْرِ) وَ (الصِّبَا) وَ (الْبِدَارِ أَيْ فِي) شَهَادَةِ (سِوَى الْحِسْبَةِ) فَإِنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَيَّرُونَ بِحَالِهِمْ الْأَوَّلِ فَلَا يُتَّهَمُونَ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ نَعَمْ الْمُسِرُّ بِكُفْرِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ كَالْمُسِرِّ بِفِسْقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شَهِدَ وَبِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ. اهـ.

وَمِثْلُهُ الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ وَبِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ أَمَّا الْمُبَادِرُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) كَشَهَادَةِ (الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ عَلَى الشُّهُودِ) الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِ زَيْدٍ فَشَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُمَا قَتَلَاهُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ ضَرَرَ مُوجِبِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّهُمَا صَارَا عَدُوَّيْنِ لِلْأَوَّلَيْنِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيُرَاجِعُ وَلِيُّ الدَّمِ فَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَيْنِ خَاصَّةً ثَبَتَ الْحَقُّ أَوْ الْأَخِيرَيْنِ بَطَلَتْ الْأُولَى لِلتَّكْذِيبِ وَالثَّانِيَةُ لِمَا مَرَّ أَوْ كِلَيْهِمَا بَطَلَتَا إذْ فِي تَصْدِيقِ كُلٍّ تَكْذِيبُ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَكَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَيْفَ يُرَاجَعُ الْمُدَّعِي بَعْدَ الشَّهَادَةِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُمَّ يَشْهَدُ الْأَوَّلَانِ فَيُبَادِرُ الْأَخِيرَانِ فَيُورِثُ ذَلِكَ رِيبَةً فَيُرَاجَعُ احْتِيَاطًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى التَّصْدِيقِ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ وَبِأَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلَيْنِ فِي إثْبَاتِ الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَدَّعِي كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُقِيمُ بَيِّنَةً وَخَرَجَ بِالْقَتْلِ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَكَالْقَتْلِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَلْفٍ فَلَا خَلَلَ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ الْأَلْفَيْنِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَخِيرَانِ مُبَادَرَةً (وَ) كَشَهَادَةِ (حَامِلِي الْعَقْلِ) أَيْ الدِّيَةِ وَهُمْ الْعَاقِلَةُ (بِفِسْقِ شَاهِدِي) قَتْلٍ (خُطًا) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَلَا تُقْبَلُ (وَلَوْ) كَانُوا مُتَّصِفِينَ (بِالْفَقْرِ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ (لَا) شَهَادَةِ (الْأَبَاعِدِ) مِنْهُمْ وَفِي الْأَقْرَبِينَ وَفَاءً بِالْوَاجِبِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَفَارَقُوا الْفُقَرَاءَ بِأَنَّ تَوَقُّعَ الْغِنَا أَقْرَبُ مِنْ تَوَقُّعِ مَوْتِ الْقَرِيبِ بِالْمُحْوِجِ إلَى التَّحَمُّلِ فَالتُّهْمَةُ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ، أَمَّا شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلِ الْعَمْدِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ وَلَوْ خَطَأً فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ لِتُهْمَةِ دَفْعِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ (وَ) كَشَهَادَةِ (وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثٍ) لَهُ (لَدَى شَهَادَةٍ) أَيْ عِنْدَ شَهَادَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَإِنْ بَرِئَ بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ، وَمِثْلُهَا شَهَادَتُهُ بِتَزْكِيَةِ شُهُودِ جُرْحِ مُوَرِّثِهِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجُرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَرْشِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ، وَدَخَلَ فِي كَوْنِهِ مَوْرُوثًا لَهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَخُو الْجَرِيحِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْجَرِيحِ ابْنٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ وَلِلْجَرِيحِ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ إنْ صَارَ وَارِثًا وَقَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ تُنْقَضْ كَمَا لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ أَوَّلًا فَلَا يُحْكَمُ بِهَا، أَمَّا شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْبُرْءِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (لَا إنْ بِمَالٍ شَهِدَا) أَيْ لَا إنْ شَهِدَ الْوَارِثُ لِمُوَرِّثِهِ الْجَرِيحِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بَعْضًا لَهُ بِمَالٍ وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَفَارَقَ شَهَادَتَهُ بِالْجُرْحِ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَ) لَا إنْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُ (بِوَصِيَّةٍ مِنْ الْمَالِ لِمَنْ يَشْهَدُ بِالْمِثْلِ) أَيْ لِمَنْ شَهِدَ (لَهُ) بِمِثْلِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ كَأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تَرِكَةٍ فَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ تُهْمَةٍ، وَاحْتِمَالُ الْمُوَاطَأَةِ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْمَالِ بِشَيْءٍ كَانَ أَعَمَّ (وَلَا كَأَنْ يَشْهَدْ) بِالْجَزْمِ فِي لُغَةٍ (لِقَطْعِ الطُّرُقِ) أَيْ وَلَا كَأَنْ تَشْهَدَ (رُفْقَةٌ) مِنْ الْقَافِلَةِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ لِأُخْرَى مِنْهَا بِمِثْلِ مَا شَهِدَتْ لَهَا بِهِ الْأُخْرَى فَتُقْبَلُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ) ، عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ لَمْ يُصْغِ الْقَاضِي إلَى شَهَادَةِ الْمُعْلِنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بِنَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ يُصْغِ إلَيْهَا تُقْبَلُ) هَلْ يَجْرِي هَذَا فِي السَّيِّدِ وَالْعَدُوِّ وَالْوَارِثِ؟ (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى إلَخْ) إذْ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى فِي ذِي الْفِسْقِ الْمُعْلِنِ كَمَا مَرَّ الْإِصْغَاءُ إلَيْهَا فَإِنْ أَصْغَى إلَيْهَا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الْمُعَادَةُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْإِصْغَاءُ إلَيْهِ لِاتِّهَامِهِ بِالتَّدَارُكِ حِينَئِذٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بِجُرْحِ مَوْرُوثٍ) ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ. نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ رَدًّا عَلَى ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ بِرّ م ر (قَوْلُهُ الْجَرِيحِ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ هُوَ مَرِيضٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ أَوْ بَعْدَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ فَيُبَادِرُ الْأَخِيرَانِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْبِدَارَ وَحْدَهُ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا مَانِعَ

ص: 247

الشَّهَادَتَانِ إذَا عَزَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَتْ بِهِ إلَى الْأُخْرَى فَإِنْ عَزَتْهُ إلَيْهِمَا مَعًا كَقَوْلِهَا: أَخَذَ مَالَنَا، لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ وَزَادَ (فَقَطْ) تَكْمِلَةً.

(وَبِتَغَافُلٍ) عَطْفٌ عَلَى بِالْجَرِّ أَيْ لَمْ يُتَّهَمْ بِجَرِّ نَفْعٍ وَلَا بِتَغَفُّلٍ (بِإِمْكَانِ الْغَلَطْ) أَيْ مَعَ إمْكَانِ غَلَطِهِ عَادَةً فِيمَا شَهِدَ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَحْفَظُ وَلَا يَضْبِطُ أَوْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ وَنِسْيَانُهُ إذْ لَا يَوْثُقُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بِأَنْ فَسَّرَ شَهَادَتَهُ وَبَيَّنَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ، وَزَالَتْ التُّهْمَةُ وَلَا يَضُرُّ السَّهْوُ وَالْغَلَطُ الْقَلِيلَانِ إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمَا أَحَدٌ (وَ) لَمْ يُتَّهَمْ (بِالْبِدَارِ) إلَى الشَّهَادَةِ (قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ) الْخَصْمُ شَهَادَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ الدَّعْوَى فَلَوْ شَهِدَ قَبْلَ طَلَبِهَا لَمْ تُقْبَلْ لِتُهْمَتِهِ بِالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ «ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ الْبِدَارُ إلَيْهِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِدَارُ أَعْلَمَهُ الشَّاهِدُ حَتَّى يُدْعَى وَيُسْتَشْهَدَ فَيَشْهَدُ، وَقَدْ بَيَّنَ الْبِدَارَ الْجَائِزَ بِقَوْلِهِ (لَا مَا فِيهِ حَقٌّ آكَدٌ لِذِي الْعُلَا) أَيْ لَا الْبِدَارُ إلَى الشَّهَادَةِ بِمَا فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَى الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ كَمَا يُقْبَلُ فِي مَحْضِ حَقِّهِ تَعَالَى

، الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ كَأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا وَذَلِكَ (كَالْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ) أَيْ عَنْهُ (وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ وَالْعَتَاقِ وَنَسَبٍ) وَالثَّابِتُ بِذَلِكَ فِي الْخُلْعِ الْفِرَاقُ دُونَ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ بِثُبُوتِ الْمَالِ أَيْضًا لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ حَقُّ الزَّوْجِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاحْتِمَالٌ آخَرُ بِثُبُوتِ الْفِرَاقِ دُونَ الْبَيْنُونَةِ، وَكَالْعَتَاقِ الِاسْتِيلَادُ دُونَ التَّدْبِيرِ، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ تَحَقُّقُ إفْضَائِهِ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِهِمَا وَدُونَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى النَّجْمَ الْأَخِيرَ شَهِدَ بِالْعِتْقِ، وَطَرِيقُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي: نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى، فُهِمَ قَذْفُهُ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَوْ مُتَزَوِّجٌ بِهَا وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ الْبِدَارُ هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ لَا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي، نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِي السَّرِقَةِ وَآخِرِ الْقَضَاءِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الدَّعَاوَى بِعَدَمِ سَمَاعِهَا فِيهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إذَا عَزَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى) بِأَنْ يَقُولَ: أَخَذُوا مَالَ هَذَا شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهَا أَخَذَ مَالَنَا لَمْ تُقْبَلْ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ قَبُولَهَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّاهِدِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الشَّرِيكِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرِيكٌ أَيْ وَتَرِدُ شَهَادَةُ شَرِيكٍ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنَنَا اَ هـ

قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ الصِّحَّةُ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ دُونَ نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّصْوِيرِ أَيْضًا فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ شَهِدَ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحْدَهُ قُبِلَتْ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ إرْثٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشَارَكَةُ الْآخَرِ فِيمَا يَقْبِضُهُ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لِلشَّرِيكِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا يَشْهَدُ بِهِ لِشَرِيكِهِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ شَيْءٍ لَهُ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، وَإِلَّا سُمِعَتْ وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ شَهِدَ لِوَالِدِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: هَذَا لِوَالِدِي وَلِفُلَانٍ وَعَكْسِهِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الْأَجْنَبِيَّ فَإِنْ قَدَّمَ الْآخَرَ فَيَحْتَمِلُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ جِهَةِ الْعَطْفِ عَلَى الْبَاطِلِ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: إفْضَائِهِ) أَيْ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ فَهُمْ قَذَفَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، نَعَمْ إنْ وَصَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِقَذَفَةٍ لَكِنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ.

(قَوْلُهُ بِلَا مُنَازِعٍ) ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُمَيِّزًا أَيْ عَنْ أَمْثَالِهِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِالْمُتَمَيِّزِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ لِلْبُطْلَانِ الْبِدَارِ وَالتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ) يَشْمَلُ التَّسَاوِي. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْبِيرُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْقَلِيلَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ) لَكِنْ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْفَرْقُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا شَهِدَا عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَمَّا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ قُبِلَتْ لَا مَحَالَةَ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولَا إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ: مِنْ الْحَاجَةِ قَطْعُ سَلْطَنَةِ السَّيِّدِ بِإِزَالَةِ الرِّقِّ عَنْ الْعَبْدِ فَتَقْيِيدُ السَّمَاعِ بِالِاسْتِرْقَاقِ مَمْنُوعٌ. اهـ نَقَلَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْبِدَارُ) أَيْ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ) جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا

ص: 248

لَكِنَّ مَحَلَّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ إذَا لَمْ يَبْرَأْ السَّارِقُ مِنْ الْمَالِ بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.

(لَا الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّهْ مَا لَمْ يَعُمَّا) فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَمَّا وَلَوْ آخِرًا لِيَدْخُلَ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ آخِرَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَذِكْرُ الْوَصِيَّةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِمَا لَمْ يَعُمَّا مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي (وَ) لَا (شِرَا الْبَعْضِيَّهْ) مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِهَا عَلَى الْمِلْكِ، وَالْعِتْقُ تَبَعٌ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَفِي الشِّرَاءِ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ الْمَالِ مُحَالٌ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ قَبُولُ شَهَادَةِ مَنْ اخْتَبَى فِي زَاوِيَةٍ لِلتَّحَمُّلِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي

ثُمَّ لَا بُدَّ لِلشَّهَادَةِ مِنْ مُسْتَنَدٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَقَدْ يَقُومُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ مَقَامَ الْعِلْمِ لِلْحَاجَةِ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ مَا يَكْفِي فِي الْإِبْصَارِ بِغَيْرِ سَمْعٍ وَهُوَ الْفِعْلُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَوِلَادَةٍ وَكَوْنِ الْمَالِ بِيَدِ فُلَانٍ وَمِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ كَالْعَقْدِ وَالْفَسْخِ وَالْإِقْرَارِ وَمِنْهُ مَا يَكْفِي فِيهِ السَّمْعُ وَهُوَ مَا يُشْهَدُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (رَأَى) أَيْ سَأَلَ الْحُجَّةَ ذَكَرًا مَوْصُوفًا بِمَا مَرَّ رَأَى الْفِعْلَ مَعَ فَاعِلِهِ إنْ شَهِدَ بِهِ (وَ) رَأَى (لِلْمِلْكِ) أَيْ لِلشَّهَادَةِ بِهِ (تَصَرُّفًا) فِيهِ (بِيَدْ) أَيْ مَعَ يَدِ الْمُتَصَرِّفِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي الْأَمْلَاكِ (كَالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَإِيجَارٍ وَهَدْ وَكَالِبنَا) وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهَا لَكِنَّ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يُرَى وَلَا يُسْمَعُ فَاعْتُبِرَ رُؤْيَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ (بِالطُّولِ) أَيْ مَعَ طُولِ مُدَّتِهِمَا عُرْفًا بِحَيْثُ يُظَنُّ بِهَا الْمِلْكُ (أَوْ) مَعَ (تَسَامُعِ مِنْ) جَمْعٍ (غَيْرِ مَحْصُورٍ) بِأَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (بِلَا مُنَازِعِ) فِي الْمِلْكِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ إذْ ظَنُّ الْمِلْكِ إنَّمَا يَحْصُلُ حَيْثُ لَا مُنَازِعَ أَمَّا إذَا رَأَى التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ أَوْ الْيَدَ وَحْدَهَا أَوْ رَآهُمَا مَعًا وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَسَامُعٌ فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ بِمَا ذُكِرَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّسَامُعُ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ يَدٍ

ــ

[حاشية العبادي]

غَيْرُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَمَاثَلُ فَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالْيَدِ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ تَجَرَّدَتْ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهَا إمَّا يَدٌ أَوْ تَصَرُّفٌ مَعَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَيْ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِهِ فَإِنْ انْضَمَّا إلَيْهَا لَمْ يُشْتَرَطْ طُولُ الْمُدَّةِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَحْدَهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةٍ، وَعَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ لِمَنْ اخْتَبَأَ

(قَوْلُهُ بِيَدٍ) إلَى قَوْلِهِ بِالطُّولِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الرَّقِيقُ، فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرْمَةِ وَكَثْرَةِ الِاسْتِخْدَامِ لِلْأَحْرَارِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ) وَلَا يَكْفِي مَرَّتَانِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدٍ يُظَنُّ مَعَهُ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ رُؤْيَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) قَالَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يُبَاشِرُ أَمْلَاكَ النَّاسِ نِيَابَةً عَنْهُمْ كَجُبَاةِ أَمْلَاكِ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَقَبْضِ الْأُجْرَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ قِيَامِ الْأَيْتَامِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَطُولُ مُدَّةُ أَيْدِيهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَمْلَاكِ النَّاسِ غَالِبًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَشْهَدُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا بِبَاطِنِ أَحْوَالِهِمْ مُمَيِّزًا بَيْنَ مَا هُوَ لَهُمْ وَمَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ. اهـ (قَوْلُهُ مِنْ جَمْعٍ) أَيْ مُكَلَّفِينَ كَمَا فِي ع ش مُسْلِمِينَ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ م ر وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِأَنَّ مَا هُنَا يُفِيدُ الظَّنَّ بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَيَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ. اهـ قَالَ سم: فَالْمُرَادُ هُنَا بِالْجَمْعِ وَبِأَمْنِ تَوَاطُئِهِمْ أَعَمُّ مِمَّا فِي التَّوَاتُرِ. اهـ وَلَعَلَّ التَّسَامُعَ الَّذِي اُخْتُلِفَ فِي كِفَايَتِهِ وَحْدَهُ غَيْرُ التَّوَاتُرِ الَّذِي هُوَ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: إذَا ظَنَّ الْمِلْكَ إلَخْ وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمُتَوَاتِرِ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ هُوَ الَّذِي بَلَغَتْ رُوَاتُهُ مَبْلَغًا أَحَالَتْ الْعَادَةُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْمُسْتَفِيضُ الَّذِي لَا يَنْتَهِي إلَى ذَلِكَ بَلْ أَفَادَ الْأَمْنَ مِنْ التَّوَاطُؤِ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْأَمْنُ مَعْنَاهُ الْوُثُوقُ وَذَلِكَ بِالظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ. اهـ. دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ إذَا ظَنَّ الْمِلْكَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَاصِلَ هُوَ الظَّنُّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُنَا لَمْ يَشْهَدْ بِالْعَقْدِ الَّذِي هُوَ مَحْسُوسٌ بَلْ بِالْمِلْكِ فَلَيْسَ هُوَ التَّوَاتُرُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ

(قَوْلُهُ

ص: 249

وَتَصَرُّفٍ كَمَا فِي أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي حَرْمَلَةٍ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ يَكْفِي؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا مَا يَخْفَى وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَنُقِلَ فِي الْمِنْهَاجِ تَصْحِيحُهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ، وَجَزَمَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ.

، وَإِذَا كَفَى التَّسَامُعُ وَحْدَهُ فَمَعَ الْيَدِ أَوْ التَّصَرُّفِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِطُولِ الْمُدَّةِ أَوْ التَّسَامُعِ مَعَ مَا ذُكِرَ لَا يُنَافِيهِ تَعَيُّنُ التَّسَامُعِ فِي قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ لَوْ رَآهُ يَسْتَخْدِمُ صَغِيرًا لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ أَوْ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَسَيَأْتِي مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ وَقَدْ عُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى مَعْرِفَةِ سَبَبِهِ، كَيْفَ وَمُشَاهَدَةُ السَّبَبِ لَا تُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَأَى الشِّرَاءَ مَثَلًا فَقَدْ لَا يَكُونُ الْمَبِيعُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَإِنْ رَآهُ يَصْطَادُ صَيْدًا فَرُبَّمَا اصْطَادَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ أَفْلَتَ وَعَطَفَ عَلَى رَأَى قَوْلَهُ (وَسَمِعَ الْقَوْلَ مَعَ الْإِبْصَارِ) لِقَائِلِهِ إنْ شَهِدَ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ أَصَمَّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا وَلَا أَعْمَى إلَّا فِيمَا يَأْتِي وَلَا يَصِحُّ اعْتِمَادُ الصَّوْتِ فِيهِ لِلتَّشَابُهِ بِخِلَافِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ لِلضَّرُورَةِ وَلِجَوَازِهِ بِالظَّنِّ وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ حَتَّى لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ الَّتِي يَطَؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا كَمَا لَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ، وَلَا يَمْنَعُ الْحَائِلَ الرَّقِيقَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ (وَ) سَمِعَ الْقَوْلَ (مِنْ أُنَاسٍ عَادِمِي انْحِصَارِ) أَيْ مِمَّنْ لَا يَنْحَصِرُ (فِي) شَهَادَةِ (نَسَبٍ) كَأَنْ سَمِعَ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ أَوْ فُلَانَةَ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ (بِلَا مُعَارِضٍ) لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ مُعَارِضٌ (كَأَنْ أَنْكَرَ مَنْسُوبٌ) أَيْ الْمَنْسُوبُ (إلَيْهِ) نَسَبَهُ (وَ) كَأَنْ (طَعَنْ) فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ التَّكَرُّرُ وَامْتِدَادُ مُدَّةِ السَّمَاعِ؟ قَالَ كَثِيرُونَ نَعَمْ وَبِهِ أَجَابَ الصَّيْمَرِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ لَا، بَلْ لَوْ سَمِعَ انْتِسَابَ شَخْصٍ وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ لَا يَرْتَابُ فِي صِدْقِهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِنَسَبِهِ دَفْعَةً جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ (وَ) سَمِعَ الْقَوْلَ مِمَّنْ لَا يَنْحَصِرُ فِي شَهَادَةِ (الْمَوْتِ) بِلَا مُعَارِضٍ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُ فِيهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا مَا يَخْفَى وَلِأَنَّهُ يَقَعُ فِي الْأَفْوَاهِ فَيَنْتَشِرُ كَالنَّسَبِ وَعَبَّرَ كَأَصْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَنْ لَا يَنْحَصِرُ، وَالْمُرَادُ بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ لِيَقَعَ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا. وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ وَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ اهـ. وَنَصَّ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ إلَخْ. وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ وَحْدَهُ عَلَى هَذَا مِنْ غَيْرِ طُولِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي أَسْبَابِ الْمِلْكِ) أَيْ، فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَلْيَكُنْ الْمِلْكُ مِثْلَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي) أَيْ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ هُنَا كَالشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُرَاجَعْ لَكِنْ يُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ النَّاسِ) سَيَأْتِي أَنَّ أَوْ هَذِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ كَذِبَ الطَّاعِنِ لَمْ يُؤَثِّرْ طَعْنُهُ. (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ جَمْعٌ كَثِيرٌ) أَيْ مُسْلِمُونَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ إذَا أَفَادَ الْخَبَرَ الْيَقِينَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) هَذَا يُوجَدُ مَعَ الِانْحِصَارِ (قَوْلُهُ أَوْ الظَّنُّ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِالْجَمْعِ الْمَذْكُورِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ الْمُقَرَّرِ فِي الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ يُفِيدُ الْيَقِينَ وَلَا بُدَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ) لَمْ يُفْصِحْ بِاعْتِبَارِ الْبُلُوغِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِاسْتِفَاضَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهَا لَا تَفِي قَدْرَهُ كَذَا عَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَ الْحِصَصِ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَوِيٌّ كَانَ يَنْبَغِي لِلنَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ كَمَا رَجَّحَ ثُبُوتَ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ بِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ الْيَدَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ) وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ يُقَرِّبُ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّسَامُعِ (قَوْلُهُ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ) أَيْ يُوثَقُ بِعَدَمِهِ، وَالْوُثُوقُ يَكُونُ بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةِ شَرْحِ م ر يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِصِدْقِهِمْ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِضَعْفِ هَذَا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَيُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ. اهـ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَصَرَهُ عَلَى غَيْرِ التَّوَاتُرِ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ هُنَاكَ فِي الْمَتْنِ فِي اشْتِرَاطِ الْيَدِ وَطُولِ الْمُدَّةِ مَعَهُ وَفِي ثُبُوتِ الْمَوْتِ بِهِ، إذْ التَّوَاتُرُ الْحَقِيقِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ

ص: 250

عَدَالَةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ، وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَكَذَا الرُّشْدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْإِرْثُ بِأَنْ شَهِدَ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ فُلَانًا وَارِثَ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَهَلْ يَثْبُتُ بِهِ الْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ وَالنِّكَاحُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ وَنَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ فِي الْأَخِيرَيْنِ عَنْ النَّصِّ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ فَتَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ، وَلَا فَرْقَ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، إذْ لَا دَخْلَ لِلرُّؤْيَةِ فِيهِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ وَإِشَارَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ مَثَلًا وَلَا يَكْفِي فِي التَّسَامُعِ قَوْلُ الشَّاهِدِ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ كَذَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ، بَلْ يَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَهُ

، قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَلَا يَذْكُرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْحَاكِمِ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ مِنْ تَسَامُعٍ أَوْ رُؤْيَةِ يَدٍ وَتَصَرُّفٍ فَلَوْ ذَكَرَهُ بِأَنْ قَالَ: أَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ هَذَا مِلْكُ زَيْدٍ أَوْ أَشْهَدُ أَنَّهُ مِلْكُهُ لِأَنِّي رَأَيْتُهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى عَنْ الْوَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ بِالْمِلْكِ بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاسْتِصْحَابَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَمْلُهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَبْلَ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَنَدِ مِنْ تَسَامُعٍ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَادِحٍ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ (تَنْبِيهَانِ) أَحَدُهُمَا: فُهِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِآخَرَ: هَذَا ابْنِي وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ لَا يَشْهَدُ بِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْكَبِيرِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ الْعَطْفُ بِأَوْ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْدَامِ الصَّغِيرِ الَّتِي قَدَّمْتهَا عَنْ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: صِفَةُ التَّسَامُعِ فِي النَّسَبِ أَنْ يَسْمَعَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِنَسَبِهِ يَنْتَسِبُ إلَى الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، وَالنَّاسُ يَنْسُبُونَهُ إلَيْهِ ثَانِيهِمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ التَّقْسِيمُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ بِحَاصِرٍ لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا عُلِمَ بِبَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي حُمُوضَةِ الْمَبِيعِ أَوْ تَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا قَالَ الشَّارِحُ: وَالشَّهَادَةُ بِالْحَمْلِ وَالْقِيمَةِ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ

(أَمَّا) شَهَادَةُ (ذَاتِ فَرْعٍ) عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ فَمَقْبُولَةٌ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَلِأَنَّهَا حَقٌّ لَازِمُ الْأَدَاءِ فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ نَعَمْ لَا تُقْبَلُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُعْتَبَرُ لِتَحَمُّلِهَا أَحَدُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَلْيُبِنْ) مِنْ أَبَانَ (سَبَبَ تِلْكَ) أَيْ فَلْيُبَيِّنْ (الْأَصْلُ) سَبَبَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ بِأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِلْفَرْعِ فِيهَا لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ وَالتَّسَاهُلِ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ (أَوْ فِيهَا أَذِنْ) لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا فَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ أُشْهِدُك عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا أَوْ إنْ اسْتَشْهَدْتُ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَالتَّعْدِيلُ) ، عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ، وَكَذَا أَيْ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ تَعْدِيلٌ وَإِعْسَارٌ أَوْ بِخِبْرَةِ صُحْبَةٍ وَقَرِينَةٍ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ التَّسَامُعُ لِإِثْبَاتِهِمَا، بَلْ يَثْبُتَانِ إمَّا بِهِ وَإِمَّا بِالْخِبْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الصُّحْبَةَ وَحْدَهَا وَالْقَرِينَةَ وَحْدَهَا غَيْرُ كَافِيَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تُصُوِّرَ انْفِكَاكُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ تَلَازُمُهُمَا وَالْجَرْحُ كَالْعَدَالَةِ فِي ذَلِكَ حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا أَقُولُ التَّزْكِيَةُ كَالتَّعْدِيلِ إنْ لَمْ تَكُنْ إيَّاهُ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَقَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي وَلِلَّذِي زَكَّى أَنَّ التَّعْدِيلَ وَالتَّزْكِيَةَ يَثْبُتَانِ بِكُلٍّ مِنْ التَّسَامُعِ وَالْخِبْرَةِ بِنَحْوِ الصُّحْبَةِ مَعَ الْقَرِينَةِ كَمَا صَرَّحْت بِذَلِكَ فِي التَّعْدِيلِ، عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُهِمَّاتِ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ وَأَجَابَ يَعْنِي ابْنُ الرِّفْعَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ لِإِفَادَتِهِ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ أَمَّا هُنَا فَلَمْ يَحْكِ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا، وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ تَوَاتُرًا حَقِيقِيًّا أَوْ لَا فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: لِيَقَعَ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ) أَيْ بِالشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ) فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ دُونَ شُرُوطِهِ وَتَفَاصِيلِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: نَعَمْ إنْ ذَكَرَهَا الشَّاهِدُ فِي ضِمْنِ شَهَادَتِهِ بِالْوَقْفِ ثَبَتَتْ وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ فَقَالَ النَّوَوِيُّ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ قَسَمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى جِهَاتٍ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى رَأْيِ النَّاظِرِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بِأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ الْأَدْنَى وَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ نَسَبِهِ الْأَعْلَى، وَيُصَوَّرُ أَيْضًا فِي النَّسَبِ الْأَدْنَى بِأَنْ يَصِفَ الشَّخْصَ فَيَقُولُ: الرَّجُلُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ وَمَسْكَنُهُ كَذَا هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ. اهـ.

؛ (قَوْلُهُ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ مَا هُوَ أَصْلٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرْعًا أَيْضًا لِغَيْرِهِ، وَهَلْ يَكْفِي تَسْمِيَةُ الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَا بَعْدَهُ؟ رَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ

ص: 251

فَقَدْ أَذِنْتُ لَك فِي أَنْ تَشْهَدَ وَيُسَمَّى هَذَا اسْتِرْعَاءً وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمَأْذُونِ لَهُ بَلْ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعَرُّضِ الْأَصْلِ لِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَثَّلْنَا فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَعْلَمُ كَذَا أَوْ أُخْبِرُ أَوْ أَسْتَيْقِنُ كَمَا لَوْ أَدَّى الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (أَوْ شَهِدَ الْأَصْلُ لَدَى الْحَاكِمِ) مِنْ قَاضٍ أَوْ حَكَمٍ بِأَنَّ لِفُلَانٍ كَذَا عَلَى فُلَانٍ وَسَمِعَهُ الْفَرْعُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وُجُوبَ أَدَائِهَا عِنْدَهُ. اهـ.

وَلَا يَتَعَيَّنُ بِنَاؤُهُ عَلَى وُجُوبِ أَدَائِهَا بَلْ يَأْتِي عَلَى جَوَازِهِ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالْمَذْكُورَاتِ مَا لَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا لَا عَلَى صُورَةِ الْأَدَاءِ فَقَدْ يُرِيدُ عِدَّةً كَأَنْ قَدْ وَعَدَهَا أَوْ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ إلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ وَقَدْ يَتَسَاهَلُ بِإِطْلَاقِهِ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الشَّهَادَةِ أَحْجَمَ وَكَذَا لَوْ قَالَ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا أَوْ شَهَادَةٌ مَجْزُومَةٌ بِكَذَا أَوْ لَا أَتَمَارَى فِيهَا أَوْ نَحْوَهُ، وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَكَادُ يَتَسَاهَلُ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ بَابًا، وَلْيُبِنْ الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ فَإِنْ اسْتَرْعَاهُ الْأَصْلُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ بَيَّنَ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ إلَى سَبَبِهِ أَوْ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْجَهْلُ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِهَةَ التَّحَمُّلِ وَوَثَقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ جَازَ كَأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِ ثُبُوتِ الْمَالِ وَهَلْ أَخْبَرَهُ بِهِ الْأَصْلُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ؟ (مَعْ هَلَاكِهِ) أَيْ إنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إذَا مَاتَ الْأَصْلُ (أَوْ خَصَّهُ عُذْرُ الْجُمَعْ) مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ دُونَ مَا عَمَّهُ وَالْفَرْعُ كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُ النَّظْمِ

، وَأَصْلُهُ الْعُذْرُ بِالْأَصْلِ تَبَعًا لِتَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ذَلِكَ بِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ بَاطِلٌ فَإِنَّ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عُذْرًا فِي حَقِّ الْأَصْلِ فَلَوْ تَجَشَّمَ الْفَرْعُ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ وَأَدَّى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُوَ حَسَنٌ (أَوْ فَوْقَ عَدْوٍ غَيْبُ أَصْلٍ اتَّفَقْ) أَيْ أَوْ اتَّفَقَ غَيْبَةُ الْأَصْلِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَإِنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُسْمَعُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوِ فَأَقَلَّ وَخَالَفَتْ الشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ الرِّوَايَةَ؛ لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ (لَا إنْ يُكَذِّبْ) أَيْ الْأَصْلُ فَرْعَهُ (أَوْ يُعَادِ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (أَوْ فَسَقْ) بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ فِي الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ الْفَرْعَ لَا يَشْهَدُ أَمَّا فِي التَّكْذِيبِ فَظَاهِرٌ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَحَمَّلْت أَوْ نَسِيتُ أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

بِأَنَّ فِيهَا اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا يَدُلُّ بِالْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ اعْتِمَادَ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ قَلِيلٌ وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا مَا تَعُمُّ بِهِ الْحَاجَةُ اهـ. وَقَوْلُهُ قَالَ الشَّارِحُ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ هُمَا دَاخِلَانِ فِي الْإِبْصَارِ إذْ الْمُرَادُ الْإِبْصَارُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا شَهِدَ بِهِ بِحَسَبِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَقَدْ أَذِنْت لَك فِي أَنْ تَشْهَدَ) ، وَلَوْ مَنَعَهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بِرّ (قَوْلُهُ، بَلْ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ صَرَّحَ بِمَنْعِ مَنْ عَدَاهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ دُونَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَشْهَدَ الْأَصْلَ لَدَى الْحَاكِمِ)

(فَرْعٌ)

لَوْ شَهِدَ الْأَصْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ أَوْ الْمُحَكَّمُ عَلَى شَهَادَتِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ يَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ م ر (فَرْعٌ)

آخَرُ لَوْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ بِتَزْكِيَةِ شُهُودٍ فَيَنْبَغِي جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ بِشَرْطِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ م ر (قَوْلُهُ وَهُوَ تَقْيِيدٌ بَاطِلٌ) لَا حَاجَةَ لِدَعْوَى الْبُطْلَانِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، بَلْ الْأَمْرُ أَسْهَلُ مِنْ أَنْ يُحْوِجُ إلَى هَذَا التَّحَامُلِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ التَّقْيِيدَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْعُذْرَ يَمْنَعُ كُلًّا مِنْهُمَا فَإِذَا حَضَرَ الْأَصْلُ سَهُلَ حُضُورُ الْفَرْعِ وَوَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِذَا عَمَّ الْفَرْعُ أَيْضًا امْتَنَعَ غَالِبًا فَلِهَذَا قَيَّدَ بِمَا ذُكِرَ، وَمِثْلُ هَذَا التَّقْيِيدِ لَا إشْكَالَ فِيهِ، بَلْ هُوَ وَاقِعٌ فِي أَصْدَقِ الْكَلَامِ سم (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَ عَدْوٍ إلَخْ) ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ غَيْبَتَهُ مُعْتَبَرَةٌ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَصْمَ هُنَا قَدْ يَهْرُبُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعَادِ) ، وَلَوْ عَادَى الْفَرْعُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ وَإِنْ أَثْبَتَتْ شَهَادَةَ الْأَصْلِ دُونَ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، بَلْ هِيَ مُثْبِتَةٌ لِلْحَقِّ أَيْضًا لَكِنْ ضِمْنًا م ر (قَوْلُهُ لَا يَشْهَدُ) يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنًى لَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الشربيني]

الِاحْتِمَالَ الْأَخِيرَ مُتَعَيَّنٌ لِتَوَقُّفِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا عَلَى صُورَةِ الْأَدَاءِ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِتَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بَعْدَ عَدِّهِ الْمَرَضَ مِنْ أَعْذَارِ الْأَصْلِ الْمُجَوِّزَةِ لِشَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِ، نَصُّهَا وَيَلْحَقُ خَوْفُ الْغَرِيمِ وَسَائِرُ مَا يَتْرُكُ بِهِ الْجُمُعَةَ بِالْمَرَضِ هَكَذَا أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِي الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ دُونَ مَا يَعُمُّ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ. اهـ وَمَعَ هَذَا لَا يَتِمُّ جَوَابُ الْمُحَشِّي فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُعَادُ) إلَى قَوْلِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ الْأَصْلِ إذَا حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَقَدْ قَالَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا لَوْ حَضَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ اُحْتِيجَ إلَى شَهَادَتِهِ فَاشْتُرِطَ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهَا إلَى الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْأَصْلِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ لَا تُهْمَةَ حِينَ شَهَادَتِهِ، وَلَيْسَتْ بِصَدَدِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى إعَادَتِهَا حَتَّى يُشْتَرَطَ ذَلِكَ قَالَ سم فِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ حَجَرٍ الْجَزْمُ بِخِلَافِ مَا فِي

ص: 252

نَحْوَهُمَا وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَا يَهْجُمُ غَالِبًا دَفْعَةً فَيُورِثُ رِيبَةً وَلَيْسَ لِمُدَّتِهَا الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَتَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا أَثَرَ لَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ كَمَا لَا أَثَرَ لِحُضُورِ الْأَصْلِ بَعْدَهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِسَبْقِ شَيْءٍ مِنْهَا نُقِضَ، وَخَرَجَ بِهَا جُنُونُ الْأَصْلِ وَإِغْمَاؤُهُ فَلَا أَثَرَ لَهُمَا كَمَوْتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَاضِرًا لَا يَشْهَدُ الْفَرْعَ بَلْ يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِ زَوَالِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ كُلُّ مَرَضٍ يُتَوَقَّعُ قُرْبُ زَوَالِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ الْفَرْقُ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْمَرِيضِ، وَغَلَّطَهُ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ بَلْ يُقَوِّيهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَصْلِ بِصِفَةِ الْأَهْلِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى عَدَمِ قَبُولِ الْفَرْعِ مِنْ وُجُودِهِ بِدُونِهَا لِسَبَبٍ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِهِ فَزَوَالُ الْمَرَضِ الْقَرِيبِ أَوْلَى وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمَرَضِ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَى الْفَرْعِ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْأَصْلَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَوَجَبَ عَلَى الْفَرْعِ انْتِظَارُهُ، وَأَلْحَقَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجُنُونِ الْخَرَسَ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَ الْفَرْعَ أُصُولُهُ فَإِنْ زَكَّاهُمْ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّزْكِيَةِ قُبِلَ بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ الْآخَرَ وَفَرَّقُوا بِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِ هُنَا وَالْمُزَكِّي ثَمَّةَ قَائِمٌ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي، وَيَلْزَمُ الْفَرْعَ أَنْ يُسَمِّيَهُمْ لِتُعْرَفَ عَدَالَتُهُمْ، فَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ عُدُولٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُمْ لَوْ سَمَّاهُمْ وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِصِدْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ

(وَبِاخْتِبَارٍ بَاطِنٍ لِلْعُسْرِ) أَيْ يُعْتَبَرُ فِي الشَّاهِدِ مَا مَرَّ مَعَ خِبْرَةِ الْبَاطِنِ لِشَهَادَةِ الْإِعْسَارِ (عِنْدَ قَرِينَةِ اصْطِبَارِ) الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى (الضُّرِّ) وَالْإِضَافَةُ بِأَنْ ظَهَرَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ إخْفَاءُ الْمَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّقَادُمُ فِي الْمَعْرِفَةِ بَلْ يَكْفِي شِدَّةُ الْفَحْصِ، وَالضُّرُّ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ خِلَافُ النَّفْعِ وَيُقَالُ بِالْفَتْحِ ذَلِكَ وَبِالضَّمِّ الْهُزَالُ وَسُوءُ الْحَالِ (وَ) مَعَ خِبْرَةِ الْبَاطِنِ (لِلَّذِي زَكَّى) أَيْ لِتَزْكِيَةِ الَّذِي زَكَّاهُ (بِصُحْبَةٍ) مَعَهُ كَصَدَاقَةٍ وَجِوَارٍ وَمُعَامَلَةٍ فَعَنْ عُمَرَ (أَنَّ اثْنَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمَا: إنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا فَأَتَيَا بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا؟ قَالَ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ قَالَ: هَلْ كُنْتَ جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا؟ قَالَ لَا، قَالَ: هَلْ عَامَلْتَهُمَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا أَمَانَاتُ الرَّجُلِ؟ قَالَ لَا قَالَ هَلْ صَاحَبْتَهُمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ؟ قَالَ لَا، قَالَ فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا) وَالْمَعْنَى أَنَّ أَسْبَابَ الْفِسْقِ خَفِيَّةٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَ مَنْ يُزَكِّيهِ

(وَمَا) أَيْ وَلَا (يُمْنَعُ أَعْمَى لَوْ رَوَى) الْأَخْبَارَ؛ لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ (أَوْ تَرْجَمَا) كَلَامَ الْخَصْمِ أَوْ الشُّهُودِ لِلْقَاضِي أَوْ بِالْعَكْسِ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ لِلَفْظٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ

(وَيَشْهَدُ الْأَعْمَى الَّذِي قَدْ اعْتَلَقْ بِمَنْ أَقَرَّ) بِشَيْءٍ بِأَنْ وَضَعَ فَمَهُ بِإِذْنِ الْأَعْمَى، وَيَدُ الْأَعْمَى عَلَى رَأْسِهِ مَثَلًا فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ وَتَعَلَّقَ بِهِ إلَى أَنْ أَدَّى الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ اسْتَرْعَاهَا

ــ

[حاشية العبادي]

بِالشَّهَادَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِشَهَادَتِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا وُجِدَتْ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ شَهَادَتِهِ وَبَعْدَهَا (فَرْعٌ)

كَذَّبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ أَوْ نَسَبَهُ لِشَهَادَةِ الزُّورِ عُزِّرَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْجَرْحِ الْجَائِزِ لَهُ م ر (قَوْلُهُ بِالْجُنُونِ وَالْخَرَسِ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَمَى مِنْ الْأَعْذَارِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ كَالْجُنُونِ بِرّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعْرِفُ) ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ مُدَّعَاهُ وَالشَّخْصُ يُحِيطُ بِمُدَّعَاهُ بِخِلَافِ مُدَّعَى غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ وَبِاخْتِبَارِ بَاطِنٍ لِلْعُسْرِ) مَعْنَى كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِيَارِ الْبَاطِنِ أَيْ بِالصُّحْبَةِ وَالْمُخَالَطَةِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَةٍ كَاصْطِبَارِهِ عَلَى الضِّيقِ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَبِخِبْرَةِ صُحْبَةٍ وَقَرِينَةٍ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ إذْ الْمُفِيدُ لِخِبْرَةِ الْبَاطِنِ الصُّحْبَةُ وَالْقَرِينَةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرُ لَفْظِ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ التَّقَادُمِ فِي الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْعِرَاقِيِّ يُشْبِهُ أَنَّ شِدَّةَ الْفَحْصِ كَالتَّقَادُمِ فَلَيْسَ ذِكْرُ التَّقَادُمِ لِلِاشْتِرَاطِ، بَلْ لِكَوْنِ الْغَالِبِ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْبَاطِنِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ قُلْت وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْفَلَسِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَكِّلُ بِالْقَرِيبِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعْسَارُهُ شَهِدَ بِهِ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصُّحْبَةِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ وَعَكْسُهُ لِضَعْفِ الْقَرِينَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَرِينَةَ تَلْزَمُ الصُّحْبَةَ فَلَا تَنْفَكُّ عَنْهَا وَمِنْ الْقَرَائِنِ صَبْرُهُ عَلَى الضُّرِّ اهـ. كَلَامُ الْجَوْجَرِيِّ مُلَخَّصًا وَبِهِ يَتَّضِحُ لَكَ مُرَادُ الْمَتْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُرُلُّسِيٌّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ) وَلِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَرْوُونَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ أَوْ اسْتَرْعَاهَا) كَأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا فَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعُبَابِ وَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ حُدُوثُ الْعَدَاوَةِ وَجَزَمَ م ر بِمَا نَقَلَهُ عَنْ حَجَرٍ آخِرًا (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ نَعَمْ لَوْ كَانَ عُقُوبَةٌ لَمْ تُسْتَوْفَ أُخِّرَتْ (قَوْلُهُ كَمَا لَا أَثَرَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ حُضُورَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ يُؤَثِّرُ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَقَلَ أَنَّ حُضُورَ الْأَصْلِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ يُبْطِلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ وَهُوَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَيْضًا (قَوْلُهُ حَاضِرًا) أَيْ غَيْرَ غَائِبٍ إذْ الْغَيْبَةُ فِي نَفْسِهَا عُذْرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إغْمَاءٌ. اهـ. بج.

(قَوْلُهُ لِقُرْبِ زَوَالِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ لَا يَزُولَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ صَحَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ حُضُورُهُ) أَيْ شَقَّ الْحُضُورُ مَعَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ مَعَ أَنَّ شَأْنَهُ

ص: 253

بِشَرْطِهَا فَيُقْبَلُ لِلْعِلْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ يَشْهَدُ بِالْفِعْلِ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آخَرَ فَعَلِقَ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَبِأَنْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ لِغَيْرِهِ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَبِالْبِسَاطِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَيَقْرُبُ مِنْهُ شَهَادَتُهُ بِمَا عَلِمَهُ بِالذَّوْقِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) الْأَعْمَى الَّذِي (سَمَاعُهُ) لِمَا شَهِدَ بِهِ (سَبَقْ عَمَاهُ) وَمَحَلُّهُ (فِي) الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (الْمَعْرُوفِ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (عِنْدَ الْقَوْمِ) وَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (كَحُكْمِ قَاضٍ) فِي قَضِيَّةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ الْحُجَّةِ فِيهَا قَبْلَ عَمَاهُ وَكَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مَعْرُوفًا فَلَهُ الْحُكْمُ فِيهَا بَعْدَ عَمَاهُ وَإِنْ صَارَ مَعْزُولًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ

(لِهِلَالِ الصَّوْمِ) أَيْ سَأَلَ الْحُجَّةَ ذَكَرًا مَوْصُوفًا بِمَا مَرَّ لِإِثْبَاتِ هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَقَدْ يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَشَهِدَ بِهِ عَدْلٌ فَيَكْفِي وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي رَمَضَانَ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي لِهِلَالِ رَمَضَانَ خِلَافُهُ (وَ) سَأَلَ (لِلزِّنَا) وَلِلِّوَاطِ وَوَطْءِ الْمَيِّتَةِ أَوْ الْبَهِيمَةِ (أَرْبَعَةٌ) مِنْ الرِّجَالِ مَوْصُوفِينَ بِمَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] وقَوْله تَعَالَى {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13] وَقَوْلُهُ {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] وَلِمَا فِيهِ وَفِي آثَارِهِ مِنْ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ فَغَلُظَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرُوا فِيهَا الْمَزْنِيَّ بِهَا فَقَدْ يَظُنُّونَ وَطْءَ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ ابْنِهِ زِنًا وَأَنْ يُفَسِّرَ الزِّنَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَنْ أَدْخَلَهْ) بِفَتْحِ هَمْزَة أَنْ أَيْ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْهُ (فِي فَرْجِهَا) عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا فَقَدْ يَظُنُّونَ الْمُفَاخَذَةَ زِنًا وَفِي الْخَبَرِ «زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ» بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمْ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ يَكْفِي إطْلَاقُهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ كَمَا سَيَأْتِي (قُلْتُ كَمِيلِ مُكْحُلَهْ) أَيْ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَهَذَا لَيْسَ شَرْطًا بَلْ أَحْوَطُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا ذِكْرَ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ وَهُوَ مَا فِي التَّنْبِيهِ فِي الْمَكَانِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤَالُ الْبَاقِينَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا

(وَ) سَأَلَ (لِسِوَى هَذَيْنِ) أَيْ لِغَيْرِ هِلَالِ الصَّوْمِ وَالزِّنَا مِمَّا لَيْسَ مَالًا وَلَا يَئُولُ إلَيْهِ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا رَجُلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي وَذَلِكَ (كَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ وَالْإِعْسَارِ وَالْعَتَاقِ وَكَانْقِضَا الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ) أَيْ لَا بِالْوِلَادَةِ وَالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِمَا غَالِبًا وَكَالرَّجْعَةِ وَمُدَّةِ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ (وَالْخُلْعِ لَا مِنْ جَانِبِ الذُّكُورِ) أَيْ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُمْ الْمَالُ بَلْ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَاتِ بِأَنْ ادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا (وَكَالْوِلَا) وَالْوِلَايَةِ (وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَكَالْكِتَابَاتِ) وَنَحْوِهَا كَتَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ، وَمَحَلُّهُ فِي الثَّلَاثَةِ إذَا ادَّعَاهَا الرَّقِيقُ فَلَوْ ادَّعَاهَا السَّيِّدُ عَلَى مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ أَوْ الْكِتَابَةَ عَلَى الرَّقِيقِ لِأَجْلِ النُّجُومِ قُبِلَ فِيهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ (وَكَالتَّوْكِيلِ وَكَالْوِصَايَاتِ) وَنَحْوِهَا كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ وَإِيدَاعٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالسَّلْطَنَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَشْهَدُ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ عَلَى مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ بِمَا تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قَالَ فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ مَجْهُولِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَعْيِينُهُمَا أَوْ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا، نَعَمْ لَوْ عَمِيَ وَيَدُهُمَا أَوْ يَدُ الْمُقِرِّ فِي يَدِهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَعْرُوفِ فِي عِبَارَةِ النَّظْمِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمُدَّعِيَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ) وَاعْتَمَدَهُ الرَّوْضُ فِي بَابِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَكْفِي فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ انْتَهَى أَوْ الْبَهِيمَةَ وَكُلَّ وَطْءٍ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ يَظُنُّونَ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ قَدْ يَظُنُّونَ أَوَّلًا وَثَانِيًا أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَظُنُّونَ ذَلِكَ لِمَهَارَتِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَمُوَافَقَتِهِمْ مَذْهَبَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُمْ لِلْمَرْأَةِ وَلَا تَفْسِيرُهُمْ فِي الزِّنَا وَهُوَ يُحْتَمَلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ احْتِيَاطًا لِهَذَا الْبَابِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ وَكَالرَّجْعَةِ وَكَالنِّكَاحِ) وَمِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ مِنْ بَيَانِ التَّارِيخِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَحُجَّةُ النِّكَاحِ قَدَّمْنَاهَا عَلَى شُهُودِ الِاعْتِرَافِ مِنْهَا مَبْسُوطًا عَنْ تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ لِابْنِ الْعِمَادِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّلَ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى تَفْصِيلٍ فَيُقَالُ إنْ رَامَ مُدَّعِيهَا إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَوْ إثْبَاتَ حِصَّةٍ مِنْ الرِّبْحِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إذْ الْمَقْصُودُ الْمَالُ وَيَقْرَبُ مِنْهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ فَيَثْبُتُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قُرْبَ زَوَالِهِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ، فَلَا يَرِدُ ثُمَّ رَأَيْت م ر فَرَّقَ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَلِسِوَى هَذَيْنِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ إمَّا عُقُوبَاتٌ أَوْ غَيْرُهَا فَالْعُقُوبَاتُ كَحَدِّ الشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ وَالْجُرْحِ، وَلَوْ عَلَى الْفَرْجِ إنْ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَغَيْرُ الْعُقُوبَاتِ إنْ كَانَ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا الرِّجَالُ فَكَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ غَالِبًا النِّسَاءُ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ وَرَجُلَانِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَانِ، وَأَنَّ مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلَا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسْوَةِ. اهـ مِنْ الرَّوْضِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا شَيْءٌ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ يَثْبُتُ بِهِمَا الْمَالُ وَأَنَّ مَحْضَ النِّسَاءِ لَا يَثْبُتُ بِهِنَّ مَالٌ وَلَا مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَأَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمْ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ.

(قَوْلُهُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا) سَيَأْتِي أَنَّ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ غَالِبًا يُقْبَلْنَ فِيهِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْغَلَبَةِ فِيهِمَا وَمَا الْحُكْمُ إذَا

ص: 254

لَا الْمَالُ (وَكَالْإِحْصَانِ وَكَالظِّهَارِ) وَاللِّعَانِ وَالنَّسَبِ وَاسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ وَالْكَفَالَةِ بِالْبَدَنِ (وَاعْتِرَافِ الزَّانِي) بِزِنَاهُ (وَ) الْجَانِي بِفِعْلٍ (مُوجِبٍ قِصَاصَهُ) كَإِيضَاحٍ (وَإِنْ عَفَا) عَنْهُ عَلَى مَالِ (مَنْ اسْتَحَقَّ) الْقِصَاصَ (رَجُلَيْنِ) أَيْ سَأَلَ لِمَا ذَكَرَ رَجُلَيْنِ (وَصْفَا) بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ وَصَحَّ فِي الْخَبَرِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَقِيسَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرُهَا مِمَّا شَارَكَهَا فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ وَمُوجِبٍ يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ اعْتِرَافُ كَمَا تَقَرَّرَ وَعَلَى الْمَجْرُورَاتِ بِالْكَافِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي نَفْسِهَا مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ لَوْ ثَبَتَتْ، وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُ، وَذِكْرُ الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْإِحْصَانِ وَالظِّهَارِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(وَلَوْ) شَهِدَ الرَّجُلَانِ (عَلَى مَنْ شَهِدَا) أَيْ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا شَهَادَةُ الْأَصْلِ، وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُصَرِّحُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ فِعْلًا وَلَا سَمِعَ قَوْلًا فَهُوَ كَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارِ اثْنَيْنِ وَلَوْ قُلْنَا بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، قَامَ الرَّجُلَانِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ مَقَامَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَا مَقَامَ الثَّانِي كَمَنْ شَهِدَ مَرَّةً عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَسَوَاءٌ فِي اشْتِرَاطِ الرَّجُلَيْنِ كَانَ الْأَصْلُ رَجُلًا أَمْ رَجُلَيْنِ أَمْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَمْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ

(وَالْبَادِي لِنِسْوَةٍ) أَيْ وَسَأَلَ لِمَا يَبْدُو أَيْ يَظْهَرُ لِلنِّسْوَةِ غَالِبًا (كَالْحَيْضِ) الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي وَالِاسْتِحَاضَةِ (وَالْوِلَادِ) تَرْخِيمُ الْوِلَادَةِ (وَعَيْبِهِنَّ) تَحْتَ الثِّيَابِ كَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَبَرَصٍ تَحْتَ الثِّيَابِ (وَالرَّضَاعِ) وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَاسْتِهْلَالِ الْوَلَدِ (أَرْبَعَا) مِنْ النِّسَاءِ (أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنْ تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَاتٍ فَقَبُولُ الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى وَخَرَجَ بِتَحْتِ الثِّيَابِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ: أَنَّ الْعَيْبَ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْمِهْنَةِ لَا يَثْبُتُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْمَالُ لَكِنَّ ذَلِكَ كَمَا تَرَى إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالنَّوَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا أَوْصَى إلَى عَمْرٍو بِإِعْطَائِهِ كَذَا فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ دُونَ الْوِصَايَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْجَانِي) عَطْفٌ عَلَى الزَّانِي (تَنْبِيهٌ)

مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَفَصَّلَهُ لَمْ يَكْفِ الْآخَرُ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهِ الْمَشْهُودَ بِهِ كَالْأَوَّلِ م ر (قَوْلُهُ يَجُوزُ عَطْفُهُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمُقَدَّرِ فَهُوَ الْمَعْطُوفُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَعْمُولِ اعْتِرَافٍ إلَخْ إنْ أَرَادَ بِمَعْمُولِ اعْتِرَافٍ لَفْظَ الزَّانِي فَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لَفْظُ الْجَانِي الْمُقَدَّرِ أَوْ بِزِنَا الْمُقَدَّرِ فَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَقْدِيرِ لَفْظِ الْجَانِي وَعَطْفِهِ عَلَى الزَّانِي فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ قَوْلَهُ مُوجِبٌ مَعَ الْمُقَدَّرِ مَعَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْمُولِ اعْتِرَافِ الْمَذْكُورِ وَالْمُقَدَّرِ

(قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) يُنْظَرُ وَجْهُ هَذَا الْبِنَاءِ

(قَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَالٌ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ)

ــ

[حاشية الشربيني]

اسْتَوَى الْفَرِيقَانِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ؟ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا مَا لَا يَعْسُرُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا اسْتَوَى فِيهِ الْفَرِيقَانِ فَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ بِفِعْلِ مُوجِبِ قِصَاصِهِ) خَرَجَ غَيْرُ الْعَمْدِ وَالْعَمْدُ الْمُوجِبُ الْمَالَ ابْتِدَاءً كَالْهَاشِمَةِ

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ) بِأَنْ يَشْهَدَ كُلٌّ عَلَى كُلٍّ، فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ) إذْ لَوْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ لَكَفَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ يَمِينًا وَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَشْهَدُ بِالْمَالِ بَلْ بِالشَّهَادَةِ وَلَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) ، فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ، إلَّا مِنْ الرِّجَالِ وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ الْأُصُولُ أَوْ بَعْضُهُمْ إنَاثًا وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي وِلَادَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ، وَنَفْسُ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ وَمَا يَبْدُو مِنْهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي الْأَمَةِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ يَأْتِي عَلَى خِلَافٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ غَالِبًا وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً، فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ حُرْمَةِ النَّظَرِ وَعَدَمِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ غَالِبًا ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ إنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عَيْبَ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا وَوَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ إذَا لَمْ يُقْصَدْ الْمَالُ وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ نَظَرِ ذَلِكَ حَرَامًا إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ لِلشَّاهِدِ النَّظَرَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَوْ لِلْفَرْجِ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّ ذَلِكَ النَّظَرَ صَغِيرَةٌ وَهِيَ لَا تُسْقِطُ

ص: 255

نَحْوَهُ وَاسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِمَّا تَحْتَ الثِّيَابِ الْجِرَاحَةَ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَهَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنَّ جِنْسَ الْعَيْبِ أَيْضًا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ الْعَيْبُ الْخَاصُّ وَالْجِرَاحَةُ الْخَاصَّةُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهَا كَالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ، وَعَجَبٌ مِنْ الْبَغَوِيّ كَيْفَ ذَكَرَ خِلَافَ هَذَا وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ؟ . اهـ.

وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ وَعَنْ الْقَاضِي وَالْبَنْدَنِيجِيِّ قَالَ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَادَّعَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا رَيْبَ فِيهِ إنْ وَجَبَتْ الْجِرَاحَةُ قِصَاصًا، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَوْجَبَتْ مَالًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ فِي تَعْلِيقِهِ وَتَهْذِيبِهِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ ثَبَتَ فِي مَنْعِ ثُبُوتِهَا بِالنِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ إجْمَاعٌ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ مَا أَبْدَاهُ الرَّافِعِيُّ وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ مُنْفَرِدَاتٍ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَزَادَ قَوْلَهُ

(وَاسْمَعَا) بِإِبْدَالِ أَلِفِهِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ لِمُنَاسَبَةِ أَرْبَعًا وَإِلَّا فَالْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ تَرْكُهُ لِيَكُونَ التَّقْدِيرُ وَسَأَلَ (لِلْمَالِ وَالْآيِلِ لِلْمَالِ وَحَقِّ مَالٍ) رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلًا ثُمَّ يَمِينًا كَمَا سَيَأْتِي لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» فَالْآيِلُ لِلْمَالِ (كَرَمْيِ السَّهْمِ مَقْصُودًا) أَيْ كَرَمْيِهِ سَهْمًا إلَى إنْسَانٍ مَقْصُودٍ بِالرَّمْيِ (مَرَقْ) مِنْهُ السَّهْمُ (ثُمَّ أَصَابَ) آخَرَ (خَطَأً) فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ الْخَطَأُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْعَمْدُ (وَ) مِثْلُ (مُوضِحَهْ تُعْجِزُ تَعْيِينًا) لَهَا بِأَنْ شَهِدُوا بِهَا وَعَجَزُوا عَنْ تَعْيِينِ مَحَلِّهَا فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ (عَلَى مَا رَجَّحَهْ) أَيْ الْحَاوِي كَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْقَوَدُ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ الْكَامِلَةِ لِتَعَذُّرِ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ بِالْعَجْزِ عَنْ التَّعْيِينِ فَالْجِنَايَةُ الْمَعْجُوزُ عَنْ تَعْيِينِهَا مُوجِبَةٌ لِلْمَالِ لَا لِلْقَوَدِ، وَكُلُّ جِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ كَقَتْلِ الْوَلَدِ تَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فَقَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَنَا فَحَسَنٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّبَرِّي مِنْهُ زَاعِمًا كَالشَّارِحِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْحَاوِي وَأَنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ فَسَهْوٌ مَنْشَؤُهُ تَوَهُّمُ أَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ مُوجِبَةٌ لِلْقَوَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَرَفْت وَقَوْلُهُ رَجَّحَهُ يَعْنِي جَزَمَ بِهِ.

(قَبْضِ نُجُومِ أَجَلٍ تَخْيِيرِ الْوَقْفِ) أَيْ وَكَقَبْضِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ حَتَّى النَّجْمِ الْأَخِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَالْأَجَلُ وَالْخِيَارُ وَالْوَقْفُ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي فَتَثْبُتُ الْأَرْبَعَةُ بِمَنْ ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ، وَالْعِتْقُ فِي الْأَوَّلِ يَحْصُلُ بِالْكِتَابَةِ، وَقَبْضُ النُّجُومِ مِثَالٌ لِلْمَالِ، وَالْوَقْفُ لِلْآيِلِ إلَيْهِ، وَالْأَجَلُ وَالْخِيَارُ لِحَقِّهِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِلْمَالِ أَيْضًا بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ (عَيْنٍ) أَيْ وَكَعَيْنٍ (سُرِقَتْ) فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْقَطْعُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ اجْتِمَاعِهِمَا بِخِلَافِ الْقَوَدِ مَعَ الدِّيَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَفَا عَنْ مُوجِبِ الْقَوَدِ مَعَ الْحُجَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

، وَكَذَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قَصَدَ بِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ مَثَلًا أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ فِي الْعَيْبِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ ذَكَرَ نَحْوَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لِفَسْخِ نِكَاحٍ لَمْ يُقْبَلْ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: تَرَكَهُ) أَيْ قَوْلَهُ وَاسْمَعَا (قَوْلُهُ يَعْنِي جَزَمَ بِهِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ: التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَنَا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَزْمَ بِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْخِلَافِ فِيهِ تَرْجِيحٌ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ) فَالسَّرِقَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَدَالَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جِنْسَهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ جِنْسَ الْعَيْبِ) أَيْ وَلَوْ الَّذِي تَحْتَ الثِّيَابِ فَجِنْسُهُ فِي نَفْسِهِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَكَانَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ) أَيْ غَالِبًا الْعَيْبُ الْخَاصُّ كَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَعَجِبَ مِنْ الْبَغَوِيّ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْجِرَاحَةُ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا تَلْحَقُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْجِرَاحَةِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا هَكَذَا قَالَهُ، لَكِنَّ جِنْسَ الْعَيْبِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا لَكِنْ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْعَيْبِ الْخَاصِّ، وَكَذَا هَذِهِ الْجِرَاحَةُ قُلْت الصَّوَابُ إلْحَاقُ الْجِرَاحَةِ عَلَى فَرْجِهَا بِالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَعَجَبٌ مِنْ الْبَغَوِيّ كَوْنُهُ ذَكَرَ خِلَافَ هَذَا وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ. اهـ (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الْجِرَاحَةِ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّ جِنْسَهَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِهِ أَنْ تَكُونَ كَالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ فَمَا تَعَلَّقَ بِهِ يُنَافِي مُدَّعَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَادَّعَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ) قَالَ حَجَرٌ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَرْدُودَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا رَيْبَ فِيهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوَدِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَيْ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

ص: 256

النَّاقِصَةِ وَمِثْلُ (مُهُورِ) فِي الْأَنْكِحَةِ فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ أَصْلُ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ (وَ) مِثْلُ (الْعِتْقِ) لِلرَّقِيقِ (فِي) مَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ (قَدْ كَانَ فِي مِلْكِي وَقَدْ أَعْتَقْتُهُ) فَيَثْبُتُ مِلْكُهُ بِمَنْ ذَكَرَ، وَالْعِتْقُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالْمِلْكُ فِي قَدْ كَانَ مِلْكِي لِيَكُونَ مِثَالًا لِلْمَالِ وَإِلَّا فَالْعِتْقُ لَيْسَ مَالًا وَلَا حَقًّا لَهُ وَلَا آيِلًا إلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الطَّاوُسِيُّ فِي كَلَامِ الْحَاوِي ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ يَعْتِقُ.

وَيَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِيهِ (وَ) مِثْلِ (الْمِلْكِ فِي أُمِّ الْوَلَدْ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْهَا عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ غَصَبَهَا مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فَيَثْبُتُ مِلْكُهُ لَهَا وَإِيلَادُهَا بِمَنْ ذَكَرَ وَعِتْقُهَا بِمَوْتِهِ يَحْصُلُ بِإِقْرَارِهِ (لَا نَسَبِ الطِّفْلِ وَحُرِّيَّتِهِ) فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ لَا يَثْبُتَانِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ (وَذُو الْيَدِ اسْتَبْقَاهُ فِي قَبْضَتِهِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَيَبْقَى الطِّفْلُ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ (كَذَلِكَ) لَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ (الْعِقَابُ) لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ زِنًا وَقَطْعِ سَرِقَةٍ وَقَوَدٍ (وَ) لَا (النِّكَاحُ) وَإِنْ ثَبَتَ الْمَهْرُ كَمَا مَرَّ (وَ) لَا (الْهَشْمُ إذْ) أَيْ حَيْثُ (يَسْبِقُهُ الْإِيضَاحُ) ؛ لِأَنَّ الْهَشْمَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى إيضَاحٍ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ يَقْتَضِي بَعْضُهَا الْقَوَدَ فَلَا يَثْبُتُ بِالنَّاقِصَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي مَرَقِ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ ثَمَّ جِنَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ فَيَجُوزُ أَنْ تَثْبُتَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا كَانَ الْهَشْمُ وَالْإِيضَاحُ مِنْ جَانٍ وَاحِدٍ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَيَثْبُتُ الْهَشْمُ بِمَنْ ذُكِرَ.

، فَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْضَحَهُ ثُمَّ عَادَ وَهَشَّمَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَّصِلْ بِالْمُوضِحَةِ وَلَمْ تَتَّحِدْ الْجِنَايَةُ قَالَ وَلَوْ ادَّعَى مَعَ الْقَوَدِ مَالًا مِنْ جِهَةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْقَوَدِ وَأَقَامَ عَلَى الدَّعْوَى رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْمَالِ (وَلَا طَلَاقٌ وَعَتَاقَةٌ إذَا عَلَّقَ) كُلًّا مِنْهُمَا (بِالْإِتْلَافِ وَالْغَصْبِ كَذَا وِلَادَةٌ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْمُعَلَّقُ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْمُعَلَّقُ بِهِ كَمَا يَثْبُتُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْتِهْلَالِهِ بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ (إلَّا) بِمَعْنَى لَا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (إذَا عَلَّقَ ذَيْنِ) أَيْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ (بَعْدَ الثُّبُوتِ) لَهُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ كَقَوْلِهِ: إنْ كُنْتُ غُصِبْتُ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ فَأَنْت حُرَّةٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ الْمُعَلَّقُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاقِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ظَاهِرًا فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُرَاغَمَةٌ لِحُكْمِ الْقَاضِي وَقَدْحٌ فِيهِ، وَالتَّعْلِيقُ قَبْلَهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَفْسِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَإِذَا شَهِدُوا بِهِ لَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ وَإِنْ ثَبَتَ الْمُعَلَّقُ بِهِ كَمَا لَا يَثْبُتُ قَطْعُ السَّرِقَةِ وَإِنْ ثَبَتَ الْمَالُ فَقَوْلُهُ (رَجُلًا) مَفْعُولُ اسْمَعَا أَيْ وَاسْمَعْ لِلْمَالِ وَحَقِّهِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ رَجُلًا (وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلًا ثُمَّ يَمِينًا) مِنْ الْمُدَّعِي (إنَّ ذَا) أَيْ الشَّاهِدَ (عَدْلٌ) أَيْ صَادِقٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ فَيَحْلِفُ يَمِينًا أَنَّ شَاهِدَهُ صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ لَهُ (وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ) عَلَى غَرِيمِي (لِكَذَا) وَأَفَادَ الْعَطْفُ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْحُجَّتَيْنِ، وَكُلُّ مَا ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ وَكَذَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَنَحْوَهَا وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ وَلَا يُقْضَى بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَلَا فِي

ــ

[حاشية العبادي]

تُوجِبُ كُلًّا مِنْهُمَا فَمَا تَمَّتْ حُجَّتُهُ ثَبَتَ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَالَ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ مِلْكٌ لَهَا وَإِيلَادُهَا بِمَنْ ذَكَرَ) قِيلَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ مَا نَصُّهُ يَعْنِي مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِيلَادِ الْمُقْتَضِي لِعِتْقِهِمَا بِالْمَوْتِ، فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ مُتَّجَهٌ وَإِنْ خَالَفَهُ صَرِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ هُنَا كَشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لَا نَسَبِ الطِّفْلِ) وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ فِي اسْتِلْحَاقِ عَبْدِ غَيْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ إذَا صَدَّقَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ) وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ أَيْ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَنَّ الزَّوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْوَلَدِ مِنْهَا وَهُوَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَدْ بَانَ انْقِطَاعُ حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ يَدِهِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ إذَا صَدَّقَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ) إنْ أَرَادَ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا نَحْوُ الْوِلَادَةِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْمُعَلَّقُ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرْدِ بِهَا مَا يَشْمَلُ مَا ذَكَرَ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا إلَخْ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَأَنَّ كُلَّ مُعَلَّقٍ بِهِ يَثْبُتُ بِهَا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى لَا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَحُرِّيَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ إنَّمَا قَامَتْ عَلَى مِلْكِ الْأُمِّ خَاصَّةً فَأَمَّا الْوَلَدُ فَلَمْ يَدَّعِ مِلْكَهُ وَإِنَّمَا يَقُولُ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْمُعَلَّقُ إلَخْ) وَإِنَّمَا ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ إذَا ثَبَتَتْ الْوِلَادَةُ بِالنِّسَاءِ مَعَ أَنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهِنَّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَازِمٌ شَرْعًا لِلْمَشْهُودِ بِهِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَمِثْلُهُمَا الْفِطْرُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ الْهِلَالُ بِوَاحِدٍ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ إلَخْ) أَيْ لِخَطَرِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) كَالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ لَا فِي الْأَمْوَالِ) وَقَالَ مَالِكٌ يَقْضِي فِيهِ بِالْمَرْأَتَيْنِ وَالْيَمِينِ. اهـ

ص: 257

غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْمُنْضَمَّ إلَى الْيَمِينِ حِينَئِذٍ أَضْعَفُ شَطْرَيْ الْحُجَّةِ فَلَا يُقْنَعُ بِانْضِمَامِ ضَعِيفٍ إلَى ضَعِيفٍ، وَنَبَّهَ بِثُمَّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ الْيَمِينِ عَنْ شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَتَعْدِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ قَوِيَ جَانِبُهُ، وَجَانِبُ الْمُدَّعِي فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَقْوَى حِينَئِذٍ وَبِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَاعْتُبِرَ تَعَرُّضُ الْمُدَّعِي فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالشَّهَادَةَ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَتَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ، وَالْقَضَاءُ بِهِمَا جَمِيعًا وَقِيلَ بِالشَّاهِدِ وَحْدَهُ، وَالْيَمِينُ مُؤَكِّدَةٌ وَقِيلَ بِالْيَمِينِ وَحْدَهَا وَالشَّاهِدُ يُقَوِّي جَانِبَ الْمُدَّعِي كَاللَّوْثِ فِي الْقَسَامَةِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهَا فِي الْغُرْمِ عِنْدَ رُجُوعِ الشَّاهِدِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَغْرَمُ النِّصْفَ وَعَلَى الثَّانِي الْكُلَّ وَعَلَى الثَّالِثِ لَا غُرْمَ

(وَمَنْ مِنْ الْوُرَّاثِ) أَيْ وَاَلَّذِي (يَحْلِفُ) مِنْ الْوُرَّاثِ الَّذِينَ ادَّعَوْا لِمُوَرَّثِهِمْ بِحَقٍّ مَعَ شَاهِدٍ (قَبَضَا نَصِيبَهُ) لِثُبُوتِهِ بِحَلِفِهِ مَعَ الشَّاهِدِ فَلَوْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ ثَبَتَ نَصِيبُهُمْ (وَلَمْ يُسَاهِمْ) أَيْ الْحَالِفُ فِيمَا قَبَضَهُ أَيْ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا مَلَكَاهَا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَإِرْثٍ وَلَمْ يَقُولَا قَبَضْنَاهَا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْمُكَذَّبَ يُشَارِكُ الْمُصَدَّقَ فِيمَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَلَوْ شَرَّكْنَا لَمَلَّكْنَا النَّاكِلَ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَثَمَّةَ بِالْإِقْرَارِ ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إقْرَارُ الْمُصَدَّقِ بِأَنَّ الْمُكَذَّبَ وَارِثٌ، وَالْإِرْثُ يَقْتَضِي الشُّيُوعَ (وَقَضَى) أَيْ الْحَالِفُ (مِنْ ذَاكَ) أَيْ مِمَّا قَبَضَهُ (بِالْحِصَّةِ) أَيْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْإِرْثِ (دَيْنَ ذِي الْبِلَا) أَيْ دَيْنَ الْمَيِّتِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْجَمِيعِ قَالَ الشَّيْخَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ: وَالْحَالِفُ مِنْهُمْ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَمْ بَعْضُهُمْ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إشْعَارٌ بِخِلَافِهِ (كَوَارِثِ السَّاكِتِ) مِثَالٌ لِلْحَالِفِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ نَظِيرٌ لَهُ أَيْ قَبَضَ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ بِمَعْنَى ثَبَتَ لَهُ نَصِيبُهُ بِيَمِينِهِ كَمَا ثَبَتَ لِوَارِثِ السَّاكِتِ مِنْهُمْ عَنْ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ نَصِيبُهُ بِيَمِينِهِ (لَا) وَارِثِ (مَنْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْحَقَّ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِمَامُ: فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ لِيَحْلِفَ مَعَهُ مُنِعَ مِنْهُ أَيْضًا، لَكِنْ هَلْ يَضُمُّهُ إلَى الْأَوَّلِ لِيَحْكُمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا فِي خُصُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ وَارِثُهُ شَاهِدًا آخَرَ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ الْبِنَاءُ وَأَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ (وَلَمْ تُعَدْ) لِثُبُوتِ نَصِيبِ وَارِثِ السَّاكِتِ بِيَمِينِهِ (شَهَادَةٌ) أَيْ لَا يُحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا وَلَا إعَادَةِ الدَّعْوَى بَلْ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا (كَالْغَائِبِ) مِنْ الْوَرَثَةِ إذَا حَضَرَ (وَنَحْوِ طِفْلٍ) مِنْهُمْ إذَا كَمُلَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْلِفُ لِإِثْبَاتِ نَصِيبِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَنْ مِنْ الْوَارِثِ يَحْلِفُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى الْجَمِيعِ لَا عَلَى حِصَّةٍ فَقَطْ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ ثَبَتَ نَصِيبُهُمْ) وَإِنْ امْتَنَعُوا لَمْ يَحْلِفْ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا أَحَدٌ إلَّا الْمُوصَى لَهُ بِمُعَيَّنٍ أَيْ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ، وَلَوْ مُشَاعًا رَوْضٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُولَا قَبَضْنَاهَا) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ قَالَا ذَلِكَ فَلَا مُشَارَكَةَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَالْإِرْثُ يَقْتَضِي الشُّيُوعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ هُنَا قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ صَارَ كَالتَّارِكِ لِحَقِّهِ اهـ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِمُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا كَذَا وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ مِنْ دَيْنِ جُمْلَتِهِ كَذَا وَكَذَا، كَذَا شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ السَّاكِتِ) هَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي؟ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ مِنْ الْيَمِينِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ، بَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ هُوَ وَوَارِثُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَ وَيُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَأْنِفْ الدَّعْوَى وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا اسْتَأْنَفَهَا وَأَقَامَ شَاهِدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

ق ل

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُولَا قَبَضْنَاهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ قَالَا قَبَضْنَاهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُكَذِّبِ انْتَقَلَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّ انْتِقَالَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ وَحِينَئِذٍ لَا يُشَارِكُ الْمُصَدَّقَ بِخِلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ قَوْلِ الْمُكَذِّبِ فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمَلَّكْنَا النَّاكِلَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمَلَّكْنَا الشَّخْصَ بِيَمِينِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ) سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُهُ لِمُوَرِّثِهِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَيَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ لَوْ مُوَرِّثُهُ كَانَ حَيًّا إذْ هُوَ خَلِيفَتُهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَحَاشِيَتُهُ.

، وَالْحَلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ بِالنُّكُولِ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي نَكَلَ فِيهِ أَمَّا إذَا اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى هُوَ أَوْ وَارِثُهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَأَقَامَ شَاهِدَهُ لِيَحْلِفَ مَعَهُ مُكِّنَ كَمَا فِي

ص: 258

بِلَا إعَادَةِ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى، وَزَادَ لَفْظَةَ نَحْوِ لِيَشْمَلَ الْمَجْنُونَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْغَائِبِ فِي بَقَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي النَّاكِلِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُ الشَّاهِدِ فَاخْتِيَارُ الْقَفَّالِ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ اتَّصَلَ بِشَهَادَتِهِ، وَاخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ الْمَنْعُ وَهُوَ الْأَقْوَى؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ فِي حَقِّ الْحَالِفِ فَقَطْ وَلِهَذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَلِفُ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ هُوَ الْحَالِفَ حَلَفَ ثَانِيًا (وَكَقَاضٍ آيِبِ) أَيْ رَاجِعٍ مِنْ سَفَرِهِ (إلَى مَحَلِّ الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِهِ وَكَانَ قَدْ سَمِعَ شَهَادَةً فِيهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهَا لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ وَإِنَّمَا فَقَدَ شَرْطَ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ

(لَا مَنْ عُزِلَا) بَعْدَ سَمَاعِهَا ثُمَّ وُلِّيَ ثَانِيًا فَلَا يَقْضِي بِهَا إلَّا بَعْدَ إعَادَتِهَا لِبُطْلَانِ السَّمَاعِ الْأَوَّلِ بِالْعَزْلِ (وَ) لَا إنْ سَمِعَهَا (لِلْوَصَايَا وَالْبُيُوعِ مَثَلَا) كَأَنْ ادَّعَى زَيْدٌ وَصِيَّةً أَوْ شِرَاءً لَهُ وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ أَوْ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ فَإِذَا قَدِمَ أَخُوهُ أَوْ كَمُلَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الشَّهَادَةِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الدَّعْوَى بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِ عَنْ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَيِّتُ وَلِهَذَا يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا الْحَقُّ لِأَشْخَاصٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ وِلَايَةٍ، وَقَوْلُهُ وَالْبُيُوعِ مَثَلًا مِنْ زِيَادَتِهِ

(فِي وَقْفِ تَرْتِيبٍ لِبَطْنٍ ثَانِي اجْعَلْ نَصِيبَ الْكُلِّ بِالْأَيْمَانِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ) أَيْ وَفِي وَقْفِ تَرْتِيبٍ ادَّعَاهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَأَنْ ادَّعَى ثَلَاثَةُ بَنِينَ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ أَنَّ أَبَاهُمْ وَقَفَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا، وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَنَكَلُو كُلُّهُمْ وَأَنْكَرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ اجْعَلْ نَصِيبَ كُلِّ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُمْ الْمُدَّعُونَ إنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي بِأَيْمَانِهِمْ وَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعُونَ كُلُّهُمْ اجْعَلْ نَصِيبَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ أَفْهَمَتْ عِبَارَةُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ خِلَافَهُ وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَحَالِفٌ فَقَطْ إنْ مَاتَ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ فَقَطْ جَعَلَ (حَظَّهُ لَهُمْ) أَيْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي بِلَا يَمِينٍ لَا لِلنَّاكِلِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ أَبْطَلَ حَقَّهُ وَصَارَ كَالْمَعْدُومِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ إنْ حَلَفُوا مَعَ الشَّاهِدِ ثَبَتَ وَقْفُ الدَّارِ عَلَيْهِمْ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِلْبَاقِينَ فَإِنْ مَاتُوا انْتَقَلَتْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَقْفًا بِلَا يَمِينٍ.

وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ وَقْفِيَّتِهَا ثَبَتَتْ بِحُجَّةٍ يَثْبُتُ بِهَا الْوَقْفُ فَيُدَامُ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لِمُسْتَحِقٍّ فَلَا يَفْتَقِرُ مَنْ بَعْدَهُ إلَى يَمِينٍ

ــ

[حاشية العبادي]

جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِلَا إعَادَةِ الشَّهَادَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمِيرَاثِ وَإِثْبَاتِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، وَذَلِكَ فِي حُكْمِ خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا ثَبَتَتْ بِالشَّهَادَةِ فِي حَقِّ الْبَعْضِ ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ كَالْيَمِينِ، فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى اخْتِصَاصِ أَثَرِهَا بِالْحَالِفِ، وَالشَّهَادَةُ حُكْمُهَا التَّعَدِّي وَالدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَعَدَمِ التَّعَدِّي، فَإِنَّمَا هِيَ وَسِيلَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ فَإِنْ كَانَ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ اهـ. وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ الرَّوْضُ: وَالْحَالِفُ مِنْ الْوَرَثَةِ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُهُ لِمُوَرِّثِهِ لَا لَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا، وَكَذَا كَذَا اهـ.

وَقَوْلُ الرَّوْضِ: يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ قَضِيَّتُهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْحَلِفِ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُثْبِتُهُ لِلْمَيِّتِ وَإِذَا ثَبَتَ لِلْمَيِّتِ كَانَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِوَارِثِ السَّاكِتِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ لِوَارِثِ السَّاكِتِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ لِلسَّاكِتِ، وَالْحَاضِرُ الْمَذْكُورُ أَقَلُّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يُجْعَلَ كَالسَّاكِتِ كَمَا لَا يَخْفَى وَالثَّانِي أَنَّ قَضِيَّةَ مَا تَقَرَّرَ فِي السَّاكِتِ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ الْحُكْمُ هُنَا بِعَدَمِ الشُّعُورِ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ لِلسَّاكِتِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْكَلَامُ شَامِلٌ لِلشُّعُورِ بِالْحَالِ، بَلْ وَلِلشُّرُوعِ فِي الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ إنَّهُمْ يَحْلِفُونَ) أَيْ الْغَائِبُ وَمَنْ مَعَهُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْغَائِبُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ

(قَوْلُهُ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ) فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا جَمِيعُهُمْ؟ قُلْت مِنْ ذِكْرِ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ إذْ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى حَلِفٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ فَتَثْبُتُ الْوَقْفِيَّةُ بِإِقْرَارِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ

سم (قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَا عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ يُفْهَمُ هَذَا التَّفْسِيرُ قُلْت مِنْ أُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُ الشَّارِحِ اجْعَلْ نَصِيبَ كُلِّ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُمْ الْمُدَّعُونَ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُدَّعَى الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعُونَ هُمْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، بَلْ بَعْضُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَى قَوْلِهِ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِلْبَاقِينَ أَيْ وَهُمْ الْمُنْكِرُونَ، وَجْهُ الْأَخْذِ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ ثَبَتَ وَقْفُ الدَّارِ عَلَيْهِمْ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِلْبَاقِينَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ إذْ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى أَنَّ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَى الْجَمِيعِ لَمْ يَنْتِفْ الْحَقُّ عَنْ الْبَاقِينَ، بَلْ كَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ إرْثًا وَلَا يَكُونُ كُلُّ الدَّارِ وَقْفًا عَلَى الْمُدَّعِينَ الْحَالِفِينَ فَتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَنَكَلُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) أَيْ الْمُدَّعُونَ (قَوْلُهُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي) أَيْ أَوْلَادِهِمْ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ الرَّوْضِ وَحَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْأَلِفِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ فِي بَقَاءِ حَقِّهِ) أَيْ وَأَخْذِهِ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ بِلَا إعَادَةِ دَعْوَى (قَوْلُهُ الْمَنْعُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لِلْوَصَايَا وَالْبُيُوعِ مَثَلًا كَأَنْ قَالَ أَوْصَى) لِي وَلِأَخِي

ص: 259

كَالْمَمْلُوكِ وَلِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُسْتَحِقِّ أَوَّلًا فَلَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا كَالْغَرِيمِ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْحَالِفَيْنِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى بَقِيَّتِهِمْ بِلَا يَمِينٍ كَمَا تَقَرَّرَ لِحَلِفِهِمْ أَوَّلًا وَإِنْ نَكَلُوا فَالدَّارُ تَرِكَةٌ يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَيُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ وَتَكُونُ حِصَّةُ الْمُدَّعِينَ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِمْ وَحِصَّةُ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ طَلْقًا لَهُمْ فَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعُونَ لَمْ تُصْرَفْ حِصَّتُهُمْ إلَى أَوْلَادِهِمْ وَقْفًا بِلَا يَمِينٍ وَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ الدَّارِ وَقْفًا؛ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ حَقٍّ فَإِذَا أَبْطَلَ الْأَوَّلُونَ حَقَّهُمْ بِالنُّكُولِ فَلَهُمْ أَنْ لَا يُبْطِلُوا حَقَّهُمْ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَقَطْ كَأَنْ نَكَلَ اثْنَانِ وَحَلَفَ وَاحِدٌ أَخَذَ الْحَالِفُ ثُلُثَ الدَّارِ وَقْفًا وَالْبَاقِي تَرِكَةً يَقْضِي مِنْهَا الدَّيْنَ وَالْوَصِيَّةَ وَيَقْسِمُ الْفَاضِلَ بَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ وَمَنْ نَكَلَ دُونَ مَنْ حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِانْحِصَارِ حَقِّهِ فِيمَا أَخَذَهُ، وَحِصَّةُ النَّاكِلِينَ وَقْفٌ عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا فَإِنْ مَاتَا وَالْحَالِفُ حَيٌّ فَنَصِيبُهُمَا لَهُ بِلَا يَمِينٍ فَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي بِلَا يَمِينٍ أَوْ وَهُوَ مَيِّتٌ لَمْ يَنْتَقِلْ نَصِيبُهُمَا إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي إلَّا بِيَمِينٍ وَانْتَقَلَ نَصِيبُ الْحَالِفِ إلَيْهِمْ بِلَا يَمِينٍ وَمَا بَعْدَ الثَّانِي كَالثَّانِي فِيمَا ذُكِرَ

(وَإِنْ شَرَطْ) أَيْ الْوَاقِفُ (شَرِكَتَهُمْ) فِي الْوَقْفِ الْمُدَّعَى بِأَنْ ادَّعَى الثَّلَاثَةُ أَنَّ أَبَاهُمْ وَقَفَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفُوا مَعَهُ وَأَنْكَرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَخَذَ الْمُدَّعُونَ الدَّارَ وَقْفًا فَإِنْ حَدَثَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ (قِفْ سَهْمَ حَادِثٍ) أَيْ سَهْمًا لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ فِي يَدِ أَمِينٍ (إلَى يَمِينِهِ) بَعْدَ بُلُوغِهِ فَتَبْقَى الْقِسْمَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ (لَكِنَّهُ إنْ نَكَلَا) بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ الْيَمِينِ (لِلْحَالِفِ اصْرِفْهُ) أَيْ اصْرِفْ السَّهْمَ الْمَوْقُوفَ لَهُ لِلْحَالِفِ (بِلَا يَمِينِ) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ نُكُولِهِ حَلَفَ وَارِثُهُ وَاسْتَحَقَّ الْمَوْقُوفَ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي صِغَرِ الْوَلَدِ وَقَفَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ لِلْوَلَدِ ثُلُثَ الْغَلَّةِ لِعَوْدِ الْمُسْتَحِقِّينَ حِينَئِذٍ إلَى ثَلَاثَةٍ فَإِنْ بَلَغَ وَحَلَفَ أَخَذَ الرُّبُعَ وَالثُّلُثَ الْمَوْقُوفَيْنِ أَوْ نَكَلَ صَرَفَ الرُّبُعَ إلَى الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَرَثَةِ الِابْنِ الْمَيِّتِ وَالثُّلُثَ إلَى الْبَاقِيَيْنِ خَاصَّةً وَإِنْ بَلَغَ مَجْنُونًا أُدِيمَ الْوَقْفُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ وُقِفَ لَهُ الْخُمُسُ وَلِوَلَدِهِ الْخُمُسُ مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ فَإِنْ أَفَاقَ وَبَلَغَ وَلَدُهُ وَحَلَفَا أَخَذَ الْمَجْنُونُ الرُّبُعَ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ إلَى وِلَادَةِ وَلَدِهِ وَالْخُمُسَ مِنْ يَوْمئِذٍ وَأَخَذَ وَلَدُهُ الْخُمُسَ مِنْ يَوْمئِذٍ وَلَوْ مَاتَ مَجْنُونًا بَعْدَمَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَالْغَلَّةُ الْمَوْقُوفَةُ لِوَرَثَتِهِ إذَا حَلَفُوا وَيُوقَفُ لِوَلَدِهِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ رُبُعُ الْغَلَّةِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعُونَ فَلِمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يَحْلِفَ أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ أَخَذَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ وَقْفًا وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ، ثُمَّ عَادَ إلَى مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ وَنَحْوِ الطِّفْلِ فَقَالَ (وَخُذْهُ) أَيْ وَخُذْ أَيُّهَا الْقَاضِي (لِلْغَائِبِ وَالْمَجْنُونِ) وَالطِّفْلِ نَصِيبَهُمْ مِمَّا ثَبَتَ (بِشَاهِدَيْنِ) أَقَامَهُمَا الْحَاضِرُ الْكَامِلُ مِنْ الْوَرَثَةِ أَمَّا فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ وَالطِّفْلِ فَوُجُوبٌ مُطْلَقًا وَيَأْمُرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْغِبْطَةِ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْغَائِبِ فَوُجُوبٌ فِي الْعَيْنِ وَجَوَازٌ فِي الدَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلُوا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ حَلَفُوا (قَوْلُهُ وَتَكُونُ حِصَّةُ الْمُدَّعِينَ وَقْفًا) أَيْ حِصَّتُهُمْ مِنْ الْبَاقِي لَا مِنْ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِهِمْ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَمْنَعُ الدَّيْنَ وَالْوَصِيَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ حِصَّتُهُمْ مِنْ الْبَاقِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي فِي نَظِيرِهِ وَيُقَسَّمُ الْفَاضِلُ بَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ وَمَنْ نَكَلَ إلَى قَوْلِهِ، وَحِصَّةُ النَّاكِلِينَ وَقْفٌ عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ أَوْ حِصَّتُهُمْ مِنْ الْجُمْلَةِ لَكِنَّ ثُبُوتَ الْوَقْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ حَتَّى يَمْتَنِعَ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا لَوْ سَلِمَتْ التَّرِكَةُ عَنْ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَلَهَا حُكْمُ التَّرِكَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَتَعَلَّقُ بِهَا دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ فَالدَّارُ تَرِكَةٌ إلَخْ وَقَوْلِهِ وَتَكُونُ حِصَّةُ الْمُدَّعِينَ إلَخْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ لِأَنِّي رَأَيْت مَنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ وَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يَأْخُذُوا جَمِيعَ الدَّارِ وَقْفًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا صُرِفَ فِي الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ فَيُنْقَضُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِثُبُوتِ وَقْفِيَّتِهَا بِهِ فَلْيُرَاجَعْ سم (قَوْلُهُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ أَيْضًا بِلَا يَمِينٍ) لِثُبُوتِ الْوَقْفِيَّةِ بِحَلِفِ الْحَالِفِ الْمَذْكُورِ وَإِقْرَارِ الْآخَرَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّتِهِمَا

(قَوْلُهُ حَلَفَ وَارِثُهُ وَاسْتَحَقَّ الْمَوْقُوفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَارِثُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ يَصِيرُ بِالْحَلِفِ تَرِكَةً يُسْتَحَقُّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَا بِطَرِيقِ اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ، إذْ الْكَلَامُ فِيمَا تَحَصَّلَ مِنْ الرُّبُعِ مِمَّا يَخُصُّهُ فَإِذَا حَلَفَ الْوَارِثُ ثَبَتَ كَوْنُهُ تَرِكَةً لِلْمَيِّتِ سم (قَوْلُهُ صُرِفَ الرُّبُعُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَكَلَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الرُّبُعِ الْمَوْقُوفِ وَأَنَّ ذَلِكَ الرُّبُعَ مُسْتَحَقٌّ لِلثَّلَاثَةِ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا أَوَّلًا بِحَلِفِهِمْ فَيُصْرَفُ لَهُمْ لَكِنْ قَدْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَتُصْرَفُ حِصَّتُهُ لِوَرَثَتِهِ فَيَكُونُ الرُّبُعُ لِلْبَاقِينَ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي وَرَثَةٍ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَكَذَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا اسْتَحَقَّهُ الْمَيِّتُ قَبْلَ حُدُوثِهِمْ وَيَجْرِي فِيهِ بَعْدَ حُدُوثِهِمْ مَا جَرَى فِي هَذَا الْوَلَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَوَرَثَةِ الِابْنِ الْمَيِّتِ) الْمُرَادُ بِهِمْ وَرَثَةٌ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ قَدْ يَكُونُ الْحَادِثُ الْمَذْكُورُ مِنْهُمْ بِأَنْ يَكُونَ وَلَدَ الْمَيِّتِ فَيُشَارِكُهُمْ فِي الرُّبُعِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ لِوَرَثَتِهِ) وَمِنْهُمْ وَلَدُهُ الْمَذْكُورُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِهِمْ مَا عَدَا وَلَدَهُ الْمَذْكُورَ وَرَثَةٌ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَوُجُوبٌ فِي الْعَيْنِ) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ إلَى الْقَاضِي وَالْمَالُ غَائِبٌ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْمُصَنِّفِ أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي وَغَيْرِهِ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْمُطَالَبَةُ بِمَالِ الْغَائِبِ وَلَا حَبْسُ مَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ مَالِهِ انْتَهَى حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الْعَيْنَ لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَنَافِعُ شَرْحُ رَوْضٍ.

(قَوْلُهُ وَجَوَازٌ فِي الدَّيْنِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْغَائِبِ مَثَلًا مُوَرِّثُك بِكَذَا أَوْ بَاعَ مِنَّا كَذَا وَأَقَامَا شَاهِدًا إلَخْ

(قَوْلُهُ وَجَوَازٌ فِي الدَّيْنِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ

ص: 260

وَكَالشَّاهِدَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَلَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُمْ بَلْ يُخَلَّى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْحُضُورِ وَالْكَمَالِ وَالْحَلِفِ

(وَأَدَاهَا) أَيْ وَأَدَّى الشَّهَادَةَ (مُسْتَحَقْ) أَيْ وَاجِبٌ عَلَى مُتَحَمِّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَمُّلَهَا؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِالْحَلِفِ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَضِيَّةِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِهِمَا لَزِمَهُ الْأَدَاءُ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي بِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ الِاجْتِهَادُ تَصْحِيحُ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا (إنْ يُدْعَ مِنْ) مَسَافَةِ (عَدْوَى) فَمَا دُونَهَا (لَهَا) أَيْ لِلشَّهَادَةِ لِأَدَائِهَا بِخِلَافِ مَا فَوْقَهَا لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ فَسَقْ فِسْقًا) ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا (بِإِجْمَاعٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهَا بَاطِلٌ وَخَرَجَ بِالْإِجْمَاعِ الْفِسْقُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى رَدَّ الشَّهَادَةِ فَقَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَا إذَا عَرَضْ لِشَاهِدٍ عُذْرٌ يَشُقُّ) مَعَهُ حُضُورُهُ لِلْحَاكِمِ (كَالْمَرَضْ) وَالْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِ وَتَعْطِيلِ الْكَسْبِ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بَلْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ شَهَادَتَهُ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ وَمِنْ الْعُذْرِ تَحْذِيرُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا نَادِرًا لِحَاجَةٍ، وَغَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ عَلَيْهَا الْحُضُورُ وَعَلَى زَوْجِهَا الْإِذْنُ لَهَا وَلَوْ دُعِيَ إلَى قَاضٍ مُتَعَنِّتٍ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَرُدَّهُ جَوْرًا وَتَعَنُّتًا فَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ الْوُجُوبُ أَوْ إلَى أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: عِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ إذَا عُلِمَ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْلُصُ إلَّا عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ الْوَزِيرِ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ تَحْصِيلَ الْحَقِّ بِهِ أَمَّا إذَا عَلِمَ تَحْصِيلَهُ بِالْقَاضِي فَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَى مَنْ لَا يَعْتَقِدُ انْعِقَادَ وِلَايَتِهِ لِجَهْلٍ أَوْ فِسْقٍ لَزِمَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ فَرَدَّ شَهَادَتَهُ لِإِعْلَانِهِ بِالْفِسْقِ ثُمَّ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ، وَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ يُسْتَحَبُّ كَتْمُ الشَّهَادَةِ بِهَا كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَصَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا الْوُجُوبَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الِاسْتِيفَاءِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَائِبٍ وَأَحْضَرَهُ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعَيْنِ، بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفَرِدُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَوْ قَبَضَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْئًا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ، بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ بَقِيَّتُهُمْ وَقَالُوا هُنَا يَأْخُذُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغَيْبَةَ لِلشَّرِيكِ هُنَا عُذْرًا فِي تَمْكِينِ الْحَاضِرِ مِنْ الِانْفِرَادِ حِينَئِذٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَهُ وَيَقْبِضُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِيمَا مَرَّ وُجُوبًا الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَيُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إنْ كَانَ لَهُمَا وَلِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي إلَخْ) وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ تَقْلِيدِهِ غَيْرَ مُقَلِّدِهِ لِبُعْدِهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ مُقَلِّدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ هَذَا الْجَوَازِ بَعِيدٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَعْطِيلُ الْكَسْبِ) أَيْ مَعَ الْحَاجَةِ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ مَا هُنَا عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَمَا يَأْتِي الْوُجُوبُ إذَا بَذَلَ لَهُ قَدْرَ كَسْبِهِ إلَّا أَنْ يَخُصَّ هَذَا بِذَاكَ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ إلَخْ) فِي إرْشَادِهِ إلَى ذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا اُحْتُرِزَ بِهِمْ عَنْ غَيْرِ الْأَمِيرِ وَالْوَزِيرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ) يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْلُصُ إلَّا عِنْدَهُ فَاللُّزُومُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِ وِلَايَتِهِ فِي اعْتِقَادِ الْمَدْعُوِّ دُونَ اعْتِقَادِ الْقَاضِي فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَاللُّزُومُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ تَخْلِيصُ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِلْوُجُوبِ فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ) لَعَلَّ مَحَلَّ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ فِسْقِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُتَّجَهْ اللُّزُومُ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُسْتَشْكَلُ اللُّزُومُ مَعَ فَرْضِ إعْلَانِهِ بِفِسْقِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ زَوَالِ فِسْقِهِ وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقِيَاسَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا فَرْقَ فِي اللُّزُومِ بَيْنَ أَنْ يَطْلُبَ إلَى الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَدِينُ غَيْرَ ثِقَةٍ مَلِيًّا رَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَمُّلَهَا) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ حِينَئِذٍ. اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ إلَخْ) إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ وَأَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَحَاشِيَتُهُ وَنَقَلَهُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُحْمَلُ هَذَا عَلَى غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا جَازَ لِضَرُورَةِ تَوَقُّفِ خَلَاصِ الْحَقِّ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَهُ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إعْلَامِ قَادِرٍ بِمَعْصِيَتِهِ لِيُزِيلَهَا حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِدَعْوَى قَالَ سم وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَحْتَاجُ لِلَّفْظِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ اجْتِهَادٌ فِي صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَفَسَادِهِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي أَنْ يَشْهَدَ لَهُ) أَيْ شَهَادَةً عَلَى

ص: 261

إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الشَّهَادَةِ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا

(وَأَجْرُ مَرْكُوبٍ) لِلشَّاهِدِ مِنْ مَحَلِّهِ إلَى مَحَلِّ الْقَاضِي (وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ) يَجِبُ (لَهُ) إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْعَدْوِ فَمَا فَوْقَهُمَا قَالَ الْبَغَوِيّ وَيَجِبُ لَهُ أَيْضًا نَفَقَةُ الطَّرِيقِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا يَكْسِبُ قُوتَهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَكَانَ فِي صَرْفِ الزَّمَانِ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ كَسْبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إلَّا إذَا بَذَلَ لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ قَدْرَ كَسْبِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمَّا الْأَدَاءُ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أَجْرَ لِمِثْلِهِ وَلَهُ أَخْذُ أَجْرِ التَّحَمُّلِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَمَا فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا دُعِيَ لِيَتَحَمَّلَ فَإِنْ أَتَاهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدَاءِ بِأَنَّ الْأَخْذَ عَلَى الْأَدَاءِ يُورِثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا يَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلتَّحَمُّلِ كَذَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي كِتَابَةِ الصُّكُوكِ (وَلِلْكَاتِبِ) لِلصُّكُوكِ (أَجْرُ الْكَتْبِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِطُولِ زَمَنِهِ كَمَا فِي التَّحَمُّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ وَكِتَابَةُ الصُّكُوكِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي حِفْظِ الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْخَطِّ وَحْدَهُ

(وَلَوْ يَشُكُّ الْحَاكِمُ) فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ (اسْتَزْكَى لَهْ) أَيْ طَلَبَ تَزْكِيَتَهُ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ شَرْطِهَا كَمَا لَوْ طَعَنَ الْخَصْمُ فَلَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ عَدَالَتَهُ أَوْ جَرْحَهُ اعْتَمَدَ عِلْمَهُ فِي ذَلِكَ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَةِ بَعْضِهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ لَهُ (لَا إنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَهْ) بِأَنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ لَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي شَهَادَتِهِ فَلَا يُسْتَزْكَى وَإِنْ شَكَّ الْحَاكِمُ فِي عَدَالَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ لِحَقِّهِ وَقَدْ أَغْنَى عَنْهُ اعْتِرَافُهُ (قُلْت كَذَا) فِي وَجْهٍ (أَفْتَى) بِهِ الْحَاوِي تَبَعًا لِلْوَجِيزِ (وَفِي الْأَصَحِّ لَا غُنْيَةً عَنْهُ) أَيْ عَنْ الِاسْتِزْكَاءِ (فَهُوَ حَقُّ ذِي الْعُلَا) تَعَالَى وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيمَا شَهِدَ بِهِ حُكِمَ بِإِقْرَارِهِ لَا بِالشَّهَادَةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْحَقِّ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ فَالْحُكْمُ يَسْتَنِدُ إلَى الْإِقْرَارِ وَقِيلَ إلَيْهِمَا مَعًا نَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَهَذَا يُخَالِفُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِلَى غَيْرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِفِسْقٍ غَيْرِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ اللُّزُومِ حِينَئِذٍ احْتِمَالُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يُرَدُّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ النَّظَرِ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ اللُّزُومُ إذَا دَعَا إلَى الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ تَغَيُّرَ اجْتِهَادِهِ بَعْدَ الرَّدِّ بِذَلِكَ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ يَجِبُ لَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ إنْ مَشَى الشَّاهِدُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ قَدْ يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ فَيَظْهَرُ امْتِنَاعُهُ فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْبَلَدَيْنِ، بَلْ قَدْ يَأْتِي فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلَهُ تَوَاضُعًا اهـ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ أَيْ مَثَلًا إلَّا إنْ احْتَاجَهُ أَيْ لِنَحْوِ مَرَضٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مَسَافَةُ الْعَدُوِّ) خَرَجَ الْقَرِيبُ بِأَنْ دَعَا مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ إلَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا لِنَحْوِ مَرَضٍ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ وَالصَّرْفُ إلَى غَيْرِ الْمَأْخُوذِ لَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ قَدْرَ كَسْبِهِ) لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ: أَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةُ مُدَّةِ الْأَدَاءِ قِيلَ وَلَهُ وَجْهٌ إنْ كَفَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ عِيَالَهُ (قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدَاءِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا، بَلْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ وَلَمْ يَكُنْ فَقِيرًا يَشْغَلُهُ الْأَدَاءُ عَنْ كَسْبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَبِعَ أَيْ الرَّوْضُ كَالرَّوْضَةِ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نُسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: تَرْجِيحُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي كِتَابَةِ الصُّكُوكِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ كَالرَّوْضَةِ م ر (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر

(قَوْلُهُ لَا إنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ) فِي الرَّوْضِ وَإِنْ جَهِلَهُ أَيْ حَالَ الشَّاهِدِ اسْتَزْكَاهُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِعَدَالَتِهِ كَقَوْلِهِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ: أَنْت عَدْلٌ فِيمَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيَّ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَيْ قَوْلُهُ أَنْتَ عَدْلٌ فِيمَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيَّ تَعْدِيلٌ لِلشَّاهِدِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّعْدِيلِ مِنْ قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ فَكَيْفَ يُجْعَلُ ذَلِكَ تَعْدِيلًا؟ اهـ. قِيلَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي قَوْلِهِ فِيمَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيَّ قَائِمٌ مَقَامَ لَفْظِ أَشْهَدُ فَاغْتُفِرَ الْإِخْلَالُ بِهِ لِذَلِكَ اهـ. (فَرْعٌ)

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُكْتَفَى بِقَوْلِ الشَّاهِدِ أَنَا مُسْلِمٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنَا حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْإِسْلَامِ دُونَ الْحُرِّيَّةِ اهـ. وَقَوْلُهُ فَقَوْلُهُ أَنَا مُسْلِمٌ أَيْ فِي غَيْرِ عَقْدِ النِّكَاحِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ مَسْتُورُ الْإِسْلَامِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَهُ، وَالتَّعْدِيلُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ) وَقَبْلَ الْحُكْمِ، وَقَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ يَسْتَنِدُ إلَى الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

دَعْوَى أُخْرَى إذْ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ الْمَرْدُودَةُ لِلْفِسْقِ لَا تُقْبَلُ ثَانِيًا، وَلَوْ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِلتُّهْمَةِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ) هُوَ الرَّاجِحُ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ نَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْهَرَوِيِّ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَهَلْ يَسْتَنِدُ الْحُكْمُ إلَى الْإِقْرَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ أَمْ إلَيْهِمَا جَمِيعًا؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْهَرَوِيُّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ. اهـ وَقَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ

ص: 262

مَا قَدَّمْته عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي بَابِ الزِّنَا مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَهُ اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا (بِاثْنَيْنِ مِنْ قَبْلِ الثَّنَا) أَيْ وَبِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ (يُحَالُ) قَبْلَ تَزْكِيَتِهِمَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ (فِي) دَعْوَى (الْعِتْقِ وَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي دَعْوَى (الطَّلَاقِ) بِغَيْرِ طَلَبِ الْمُدَّعِي احْتِيَاطًا وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الرَّقِيقَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُوقِفُ الْفَاضِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ ثُمَّ يُنْفِقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ إنْ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ وَتُجْعَلُ الزَّوْجَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَتُمْنَعُ الْخُرُوجَ، وَالْحَيْلُولَةُ فِي الْعَبْدِ بِغَيْرِ طَلَبِهِ جَائِزَةٌ وَبِطَلَبِهِ وَفِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَاجِبَةٌ.

(أَمَّا الْمَالُ) الْمُدَّعَى بِهِ وَإِنْ خَافَ هَلَاكَهُ (فَبِالْتِمَاسٍ) أَيْ فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَكَذَا بِغَيْرِ طَلَبِهِ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ (وَبِحَدِّ) أَيْ وَفِي حَدِّ (آدَمِي وَفِي الْقِصَاصِ حَبْسُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَابِتٌ (لِلْحَاكِمِ) بِالْتِمَاسِ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَتَسْتَمِرُّ الْحَيْلُولَةُ وَالْحَبْسُ إلَى ظُهُورِ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ بِالتَّزْكِيَةِ أَوْ الْجَرْحِ، وَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمُدَّعِي الْحَجْرَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ لَمْ يُجِبْهُ إلَيْهِ لِعِظَمِ ضَرَرِ الْحَجْرِ، وَخَرَجَ بِحَدِّ الْآدَمِيِّ حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُحْبَسُ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَبِالِاثْنَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَاحِدُ فَلَا حَيْلُولَةَ وَلَا حَبْسَ بِشَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَيْسَتْ التَّزْكِيَةُ مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِهَا قِيَامُهَا وَأَمَّا الْوَاحِدُ مَعَ الْيَمِينِ فَلِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ (وَاسْمَهُمَا وَاسْمَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا مَيَّزَهُمْ وَقَدْرَ مَالٍ رُقِّمَا إلَيْهِمَا) أَيْ وَكَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى الْمُزَكِّيَيْنِ اسْمَ الشَّاهِدَيْنِ وَمَا يَتَمَيَّزَانِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ كُنْيَةٍ وَشُهْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِئَلَّا يَشْتَبِهَا بِغَيْرِهِمَا وَاسْمَ الْخَصْمَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ بَعْضَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَدْرَ الْمَالِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ وَمَا مَيَّزَهُمْ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَكْتُبُ إلَى كُلِّ مُزَكٍّ كِتَابًا وَيَدْفَعُهُ لِصَاحِبِ مَسْأَلَةٍ وَيُخْفِيهِ عَنْ غَيْرِ مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَغَيْرِ مَنْ بَعَثَهُ إلَيْهِ احْتِيَاطًا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّ كِتَابَةَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ لِيُنَجِّزَ الْحُكْمَ وَلَا يَقِفُ عَلَى اسْتِكْشَافِ عَدَاوَةٍ وَلَا قَرَابَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الِاسْتِزْكَاءِ فِي شَيْءٍ حَتَّى لَوْ أَغْفَلَهُ وَثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ بَقِيَ عَلَى الْقَاضِي النَّظَرُ فِيمَا وَرَاءَ التَّعْدِيلِ

(وَشَهِدَا) أَيْ الْمُزَكِّيَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (مُشَافَهَهْ) لَا مُكَاتَبَةً وَلَا مُرَاسَلَةً (أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ أَوْ مَا شَابَهَهْ) كَقَوْلِهِ: إنَّهُ مَرْضِيٌّ أَوْ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فَإِنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ عَلَى وَلِيٍّ فَهُوَ آكَدُ وَفِي لَفْظِ الْغَزَالِيِّ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَقْبُولَةٌ فِي الْحَادِثَةِ فَقَدْ يَكُونُ عَدْلًا وَهُوَ مُغَفَّلٌ أَوْ خَارِمٌ لِلْمُرُوءَةِ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْقُونَوِيُّ تَبَعًا لِتَمْثِيلِ الْحَاوِي بِمَقْبُولِ الشَّهَادَةِ، وَالْمَنْقُولُ الِاكْتِفَاءُ بِأَنَّهُ عَدْلٌ وَلِهَذَا عَدَلَ النَّاظِمُ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِمَا ذَكَرَ إلَى قَوْلِهِ أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ الْحَالَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ سُؤَالِ الْقَاضِي إنْ سَأَلَ عَنْ قَبُولِهَا فِي الْحَادِثَةِ تَعَرَّضَ الْمُزَكِّي لِلْقَبُولِ أَوْ عَنْ عَدَالَتِهِ كَفَاهُ التَّعَرُّضُ لَهَا هَذَا وَفِي تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ فِي كِتَابَةِ اسْمِ الشَّاهِدِ وَالْخَصْمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ أَصْحَابُ مَسَائِلَ أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِهِمْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَاوَلَا رَفْعَ الْخِلَافِ وَأَنَّ مَا حَاوَلَاهُ مَرْدُودٌ

(وَمَنْ يَلِي جَرْحًا وَتَعْدِيلًا) مِنْ الْمُزَكِّيَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (إذَا قَالَ حَكَمْت بِعَدَالَةٍ) لِلشَّاهِدِ (فَذَا) مُغْنٍ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلْيَكُنْ كِتَابُهُ حِينَئِذٍ إلَى الْقَاضِي كَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَالرَّسُولَانِ كَشَاهِدَيْ كِتَابِهِ

(وَإِنْ أَتَاهُ) أَيْ وَإِنْ أَتَى الشَّاهِدُ الْمُعَدِّلُ الْحَاكِمَ (شَاهِدًا فِي وَاقِعَهْ أُخْرَى وَقَدْ طَالَ الزَّمَانُ) بَيْنَ الْوَاقِعَتَيْنِ (رَاجَعَهْ) أَيْ الْمُزَكِّي لِيُزَكِّيَهُ؛ لِأَنَّ طُولَ الزَّمَانِ يُغَيِّرُ الْأَحْوَالَ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ حَكَمَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ، وَيَجْتَهِدُ فِي طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا، وَقَوْلُ الْوَسِيطِ يَرْجِعُ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ (فَإِنْ يَرِبْهُ الْأَمْرُ) فِي الْعَدَالَةِ (يَسْتَفْصِلْ) كُلًّا مِنْ الشُّهُودِ اسْتِحْبَابًا فَيَسْأَلُهُمْ مُتَفَرِّقِينَ عَنْ زَمَانِ تَحَمُّلِهِمْ وَمَكَانِهِ وَغَيْرِهِمَا فَلَعَلَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الرَّقِيقَ) ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالرَّقِيقِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُنْفِقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا (قَوْلُهُ وَتُجْعَلُ الزَّوْجَةُ) أَيْ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ إلَخْ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَفِي دَعْوَى النِّكَاحِ تَعْدِلُ أَيْ تُحَوَّلُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَتُمْنَعُ الْخُرُوجَ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعًى عَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَلَيْسَ الْبُضْعُ فِي يَدِهِ وَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ شَهِدَ لِلْأَمَةِ بِالْحُرِّيَّةِ حِيلَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ إنْ طُلِبَ أَوْ رَآهُ الْقَاضِي إلَى أَنْ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ بِطَلَاقٍ فَرَّقَ أَيْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ فَيُحَالُ) ذِكْرُ الْحَيْلُولَةِ يُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَيْنِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِمَالٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَعْدِلَهُ أَيْ يُحَوِّلَهُ حَتَّى يُزَكَّى الشَّاهِدَانِ أُجِيبَ أَوْ بِدَيْنٍ لَمْ يُسْتَوْفَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَوْ طَلَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَمْ يُجِبْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمُدَّعِي) أَيْ فِي الدَّيْنِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ يَلِي جَرْحًا وَتَعْدِيلًا إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ نُصِّبَ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عِلْمُهُ بِذَلِكَ وَاتِّصَافُهُ بِسَائِرِ صِفَاتِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ، وَفِي الْمُزَكِّي صِفَاتُ الشُّهُودِ مَعَ الْعِلْمِ بِسَبَبِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ وَأَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا إنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْخِبْرَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّقَادُمُ فِي مَعْرِفَتِهَا، بَلْ يَكْفِي شِدَّةُ الْفَحْصِ

(قَوْلُهُ يَسْتَفْصِلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فَجْأَةً قَبْلَ أَنْ يَفْهَمُوا ذَلِكَ فَيَحْتَالُوا شَرْحُ رَوْضٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَيْسَتْ التَّزْكِيَةُ مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ أَنَّ الْحَبْسَ بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ حَبْسٌ أَيْضًا

ص: 263

مَا يَرُدُّ شَهَادَتُهُمْ وَإِذَا لَمْ يَرَ بِهِ الْأَمْرَ لَا يُفَرِّقُهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَضًّا مِنْهُمْ (وَإِنْ يُصِرَّ) الشَّاهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْصِيلًا (يَحْكُمْ) أَيْ الْحَاكِمُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَبْقَى مِنْ رِيبَةٍ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ يَرَ بِهِ بِالْفَاءِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ التَّزْكِيَةِ عَلَى الِاسْتِفْصَالِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالصَّحِيحُ عَكْسُهُ فَإِنْ عَرَفَ عَوْرَةً اسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِزْكَاءِ وَالْبَحْثِ وَإِلَّا فَإِنْ عَرَفَ عَدَالَةً حَكَمَ وَإِلَّا اسْتَزْكَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَصِيَغُ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ حَكَمْت عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوْ أَلْزَمْتُهُ بِهِ فَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوْ صَحَّ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَاقْتِضَاءُ الْبَيِّنَةِ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَصَارَ كَقَوْلِهِ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتُهَا وَلِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِلْزَامُ، وَالثُّبُوتُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَأَمَّا مَا يُكْتَبُ عَلَى ظُهُورِ الْكُتُبِ الْحُكْمِيَّةِ وَهُوَ صَحَّ وُرُودُ هَذَا الْكِتَابِ عَلَيَّ فَقَبِلْتُهُ قَبُولَ مِثْلِهِ وَأُلْزِمْتُ الْعَمَلَ بِمُوجَبِهِ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْهَرَوِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تَصْحِيحُ الْكِتَابِ وَإِثْبَاتُ الْحُجَّةِ، وَقَوْلُهُ أُلْزِمْتُ الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخٍ اخْتَصَرَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ مِنْ النَّاسِخِ وَاَلَّذِي فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ الْتَزَمْتُ بِالتَّاءِ قَبْلَ الزَّايِ كَمَا رَأَيْته كَذَلِكَ فِي إشْرَافِ الْهَرَوِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مَعْنًى أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أُلْزِمْتُ الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ بِلَا تَاءٍ حُكْمٌ كَمَا لَوْ خَاطَبَ بِهِ الْخَصْمَ. اهـ.

وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَيَحْكُمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ (وَبِحَمْلٍ مُقْتَرِنْ) أَيْ مَوْجُودٍ عِنْدَ الشَّهَادَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا فِي الْعُقُودِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْفِصَالُهُ عَنْ الْأُمِّ بِوَصِيَّةٍ (لَا بِالنَّتَاجِ وَثِمَارٍ قَدْ بَدَتْ) أَيْ يَحْكُمُ (بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُؤَرَّخَةٍ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَحَمْلِهِ لَا بِنِتَاجِهِ وَثِمَارِهِ الظَّاهِرَةِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ بَلْ تَبْقَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْحُجَّةُ الْمُطْلَقَةُ لَا تُوجِبُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي بَلْ تُظْهِرُهُ فَيَجِبُ سَبْقُهُ عَلَى إقَامَتِهَا وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ أَمَّا غَيْرُ الظَّاهِرَةِ فَكَالْحَمْلِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (إذْ شَهِدَتْ) ظَرْفٌ لِلْحَمْلِ وَالنِّتَاجِ وَالثِّمَارِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْعَيْنِ رَجَعْ) أَيْ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْعَيْنِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ (هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْتِقَالُهَا مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهَا مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ (وَلَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ تُنْتَزَعْ) أَيْ وَلَوْ انْتَزَعَهَا الْمُدَّعِي مِنْ مُشْتَرِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهَا وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي (كَالْحُكْمِ فِي مُتَّهَبٍ) لَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحْكُمُ (قَوْلُهُ وَثِمَارِهِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ الْبَارِزَةُ الْمُؤَبَّرَةُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَلْ الظُّهُورُ هُنَا بِنَحْوِ التَّأْبِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ أَوْ بِأَنْ تُشَاهَدَ وَلَوْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَنَحْوِهِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الْمُطْلَقَةِ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ (قَوْلُهُ أَيْ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الْمُطْلَقَةِ) خَرَجَ مَا لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَلَا رُجُوعَ إذْ إقْرَارُهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ (قَوْلُهُ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَيَجِبُ سَبْقُهُ عَلَى إقَامَتِهَا، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ وَتَخْصِيصُ السَّابِقِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّةِ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا حُكِمَ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ) أَيْ حَتَّى لِلْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخِ وَلِيِّ الدِّينِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَعَجِيبٌ أَنْ يُتْرَكَ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ بِطُولِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ كُلَّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ، وَهَذَا مُحَالٌ وَخَرْقٌ عَظِيمٌ إلَخْ اهـ.

وَمُنْدَفَعُ تَشْنِيعِهِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ إلَخْ مَعَ مَا بِإِزَائِهِ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْجَوْجَرِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ) زَادَ الْجَوْجَرِيُّ وَلَمْ تَقُمْ حُجَّةٌ عَلَى نَزْعِهَا فَتُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ قَدْ اسْتَشْكَلَهَا الْغَزَالِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَلَا إشْكَالَ لِمَا تَقَرَّرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَبْلَ الْحُجَّةِ

(قَوْلُهُ وَبِحَمْلٍ مُقْتَرِنٍ) وَمِثْلُهُ الْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَالتَّعْدِيلِ تَكُونُ لِلْمُدَّعِي كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ قَدْ بَدَتْ) أَيْ ظَهَرَتْ وَذَلِكَ لِكَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَوْ بِالنَّوْرِ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ دَخَلَتْ فِيهِ لِعَدَمِ ذَلِكَ اسْتَحَقَّهَا مُقِيمُ الْبَيِّنَةِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) سَلَكَ الْأَصْحَابُ فِي ذَلِكَ طَرِيقَ التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ تَضَمُّنُ شَهَادَتِهِمْ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا صِحَّةُ الدَّعْوَى فَيَكْفِي فِيهَا احْتِمَالُ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى انْتِظَامُهَا، وَإِمْكَانُهَا ظَاهِرٌ إلَّا مُوَافَقَتَهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمِلْكِ قَبْلَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا تَقَدُّمَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا. اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَادَّعَى بِهَا وَأَخَذَهَا. اهـ

ص: 264

الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهَا وَفُهِمَ بِالْأُولَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْحُجَّةِ الْمُؤَرَّخَةِ بِزَمَنِ الشِّرَاءِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ

(وَلَوْ شَهِدْ) عَلَى عَمْرٍو (بِأَنَّهُ أَقَرَّ) لِزَيْدٍ (بِالْأَمْسِ اعْتَمَدْ) وَحَكَمَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ الشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِدَامَةً لِحُكْمِ الْإِقْرَارِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كَانَ مِلْكَكَ أَمْسِ فَقِيلَ لَا يَحْكُمُ بِهِ كَالشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ أَمْسِ وَإِلَّا ظَهَرَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يُقِرُّ عَنْ تَحْقِيقٍ، وَالشَّاهِدُ قَدْ يَعْتَمِدُ التَّخْمِينَ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ كَانَ فِي (يَدِهِ) أَمْسِ اعْتَمَدَ وَحَكَمَ لَهُ بِالْيَدِ فِي الْحَالِ عَلَى مَا فِي الْوَجِيزِ وَتَبِعَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ كَانَ فِي يَدِهِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ فِي (مِلْكِهِ أَمْسِ بِلَا) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ لَا (أَعْلَمُ مَا يُزِيلُ مِلْكًا) لَهُ (أَوْ تَلَا مِنْهُ اشْتَرَاهُ) أَيْ أَوْ قَالَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اعْتَمَدَ وَحَكَمَ لَهُ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ أَمْسِ لِمُعَارَضَةِ السَّبْقِ الْيَدَ الدَّالَّةَ عَلَى الِانْتِقَالِ (بَلْ) أَيْ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّاهِدِ (بِالِاسْتِصْحَابِ أَعْتَقِدُ الْمِلْكَ) أَوْ أَشْهَدُ بِهِ لِلْمُدَّعِي (سِوَى صَوَابِ) أَيْ غَيْرَ صَحِيحٍ وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ يَجُوزُ لَهُ الْجَزْمُ بِالشَّهَادَةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الِاعْتِقَادِ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ بِامْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا كَلَامٌ وَأَنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِ الِاسْتِصْحَابِ تَرَدُّدٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ أَعْتَقِدُ غَيْرُ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ مَعَهُ بِالِاسْتِصْحَابِ

(وَلَوْ عَلَى) أَيْ يَحْكُمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى (الْغَائِبِ) إذَا كَانَ (فَوْقَ) مَسَافَةِ (الْعَدْوَى وَهَكَذَا حُكْمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى) فَتُسْمَعُ عَلَى غَائِبٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَاحْتَجُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» وَهُوَ قَضَاءٌ مِنْهُ عَلَى زَوْجِهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَبِقَوْلِ عُمَرَ فِي خُطْبَتِهِ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الْأُسَيْفِعِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدًا فَإِنَّا بَائِعُو مَالِهِ وَقَاسِمُوهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَكَانَ غَائِبًا، وَبِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَيْسَتْ بِأَعْظَمَ مِنْ الصِّغَرِ وَالْمَوْتِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الدَّفْعِ فَإِذَا جَازَ الْحُكْمُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَيِّتِ فَلْيَجُزْ عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا، أَمَّا الْغَائِبُ بِمَسَافَةِ الْعَدْوِ فَأَقَلُّ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَلَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى إذَا تَأَتَّى إحْضَارُهُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ انْتِظَارَهُ لَا يَطُولُ وَلِبِنَاءِ أَمْرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَصْلِ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ وَلَوْ حَضَرَ رُبَّمَا أَقَرَّ وَأَغْنَى عَنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالنَّظَرِ فِيهَا (وَمَا ادَّعَى إقْرَارَهُ) أَيْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِهَا عَلَى غَائِبٍ لِمُدَّعِي إنْكَارِهِ أَوْ سَاكِتٍ لَا لِمُدَّعِي إقْرَارِهِ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ، هَذَا إذَا أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِيَكْتُبَ بِهِ الْحَاكِمُ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْغَائِبِ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ وَأَرَادَ إقَامَتَهَا لِيُوفِيهِ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ وَيُوفِيهِ حَقَّهُ مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْقَفَّالِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَالشَّاهِدُ) أَيْ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ حُكِمَ لَهُ بِالْيَدِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَكِنَّ عِبَارَةَ الْجَوْجَرِيِّ فَيَحْكُمُ لَهُ بِالْمِلْكِ الْآنَ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ذِكْرِ الْيَدِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ بِرّ (قَوْلُهُ أَوْ تَلَا مَنْ اشْتَرَاهُ)، عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشِرَاءٌ مِنْهُ أَمْسِ أَيْ يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ بِالشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ أَمْسِ وَعِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ فَلَوْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ أَمْسِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ: الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُسْمَعُ قَوْلُهُ: هُوَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ خَصْمِهِ أَمْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَوْقَ الْعَدْوِ) وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ م ر (قَوْلُهُ وَاحْتَجُّوا لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَا شَاهِدٌ أَوْ لَمْ تَحْلِفْ وَلَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا غَائِبًا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ وَلَا مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْغَيْبَةَ إلَخْ) زَادَ الْجَوْجَرِيُّ وَبِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ عَلَى الْغَائِبِ بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَا الْحُكْمُ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ إجْمَاعٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحُكْمِ وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ مَا اُشْتُهِرَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ مَنْعِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ دُونَ مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ بِرّ (قَوْلُهُ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ م ر، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ بِمِصْرَ لَوْ وَلَّى نَائِبًا بِمَحَلٍّ مِنْ الْقَاهِرَةِ نَفَذَ حُكْمُهُ عَلَى غَائِبٍ خَارِجَ بَابِ زُوَيْلَةَ أَوْ بَابِ النَّصْرِ أَوْ بَابِ الْفُتُوحِ كَأَهْلِ الْحُسَيْنِيَّةِ، بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَّاهُ فِي مَحَلَّةٍ مِنْ الْقَاهِرَةِ وَخَصَّهُ بِهَا نَفَذَ حُكْمُهُ عَلَى غَائِبٍ بِمَحَلَّةٍ أُخْرَى مِنْ الْقَاهِرَةِ وَاعْتَرَفَ م ر بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَحُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْإِقْرَارِ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ تَعْيِينِيٍّ تَحْقِيقِيٍّ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ثُمَّ يَسْتَصْحِبُ، وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ تَخْمِينِيٍّ فَإِذَا لَمْ

ص: 265

وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَمْنَعُ قَوْلُهُ وَهُوَ مُقِرٌّ مِنْ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَمَا لَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ، وَمَا لَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدَةً بِالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ إرَادَةِ مُطَابَقَةِ دَعْوَاهُ بَيِّنَتَهُ: أَقَرَّ فُلَانٌ بِكَذَا وَلِي بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ يُنْكِرُ عَنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقِرًّا فَيَكُونُ إنْكَارُهُ كَذِبًا بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ النَّصْبِ وَعَدَمِهِ (بِالْبَيِّنَهْ) أَيْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى مَعَ الْبَيِّنَةِ عَلَى غَائِبٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (وَ) مَعَ سَمَاعِ (شَاهِدٍ) وَاحِدٍ (ثُمَّ يَمِينَيْنِ) مِنْ الْمُدَّعِي (عَنْهُ) أَيْ فِي الدَّعْوَى مَعَ إقَامَةِ شَاهِدٍ عَلَى غَائِبٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى إحْدَى الْيَمِينَيْنِ لِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ وَالْأُخْرَى بَعْدَهَا لِنَفْيِ الْمُسْقِطِ مِنْ إبْرَاءٍ وَغَيْرِهِ وَيُسَمَّى يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ، لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَمِيعِ صُوَرِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَمَا سَيَأْتِي وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَاوِ

(وَ) مَعَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى (أَنَّهُ) أَيْ الْغَائِبَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ (وَكَّلَهُ) وَلَوْ تَعَلَّقَ بِإِنْسَانٍ وَقَالَ: أَنْت وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِ كَذَا وَأَنَا أَدَّعِي عَلَيْكَ وَأُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِكَ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلُهُ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بَيِّنَةٌ بِهَا قَبْلَ دَعْوَاهُ؟ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ فَائِدَةً وَهِيَ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْ ضَمِّ الْيَمِينِ إلَى الْبَيِّنَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ مُجْمِعًا عَلَيْهِ

(وَأُحْضِرَا) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَحْضَرَهُ الْقَاضِي إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ (مِنْ قَدْرِ) مَسَافَةِ (عَدْوٍ) فَأَقَلَّ، وَالْإِحْضَارُ إمَّا بِخَتْمٍ أَوْ خَطٍّ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي أَوْ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَعْوَانِ، وَمُؤْنَتُهُ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ تُرْزَقْ الْأَعْوَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي امْتِنَاعُهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ اسْتَعَانَ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ فَإِذَا حَضَرَ عَزَّرَهُ بِمَا يَرَاهُ وَتَكُونُ مُؤْنَةُ الْمُحْضِرِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِامْتِنَاعِهِ (بَعْدَ بَحْثٍ حُرِّرَا) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ يُحْضِرُهُ بَعْدَ بَحْثِهِ الْمُحَرَّرِ عَنْ جِهَةِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَقَدْ يُرِيدُ مُطَالَبَتَهُ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ كَذِمِّيٍّ أَرَادَ مُطَالَبَةَ مُسْلِمٍ بِضَمَانِ خَمْرٍ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ، أَمَّا الْحَاضِرُ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إحْضَارِهِ إلَى الْبَحْثِ إذْ لَيْسَ فِي الْحُضُورِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ (لِفَقْدِ مَنْ أَصْلَحَ ثَمَّ أَوْ حَكَمْ) أَيْ إنَّمَا يَحْضُرُ الْخَارِجُ عَنْ الْبَلَدِ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوِ فَأَقَلَّ عِنْدَ فَقْدِ مَنْ يُصْلِحُ أَوْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا هُنَاكَ فَإِنْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يُحْضِرْهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ إحْضَارِهِ، وَقَوْلُهُ مَنْ أَصْلَحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْعَقْلِ، فَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَيْهِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ لَا يُحْضِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا فِي الرَّوْضَة أَنَّهُ يُحْضِرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَدْعَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فِي قِصَّةٍ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ

(وَذِي تَعَزُّزٍ وَمَنْ قَدْ اكْتَتَمْ) أَيْ يَحْكُمُ عَلَى غَائِبٍ وَعَلَى مُتَعَذِّرٍ وَمُكْتَتِمٍ أَيْ مُتَغَلِّبٍ وَمُتَوَارٍ لِئَلَّا يُتَّخَذَ التَّغَلُّبُ وَالتَّوَارِي ذَرِيعَةً لِإِبْطَالِ الْحُقُوقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي أَوَّلًا مَنْ يُنَادِي عَلَى بَابِ دَارِ الْمُتَوَارِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ أَوْ خُتِمَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَهَا وَسَأَلَ الْمُدَّعِي التَّسْمِيرَ أَوْ الْخَتْمَ أَجَابَهُ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ، وَلَا يَرْفَعُ الْمِسْمَارَ أَوْ الْخَتْمَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْحُكْمِ وَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَكَانٌ بَعَثَ إلَيْهِ جَمَاعَةً مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْخُصْيَانِ لِيَهْجُمُوا عَلَيْهِ مُتَرَتِّبِينَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخُصْيَانُ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَيَبْعَثُ مَعَهُمْ عَدْلَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ فَإِذَا دَخَلُوهَا وَقَفَ الرِّجَالُ فِي الصَّحْنِ وَأَخَذَ غَيْرُهُمْ فِي التَّفْتِيشِ، قَالَ: وَلَا هُجُومَ فِي الْحُدُودِ إلَّا فِي حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ (وَ) يَحْكُمُ عَلَى (الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَيِّتِ) لِئَلَّا

ــ

[حاشية العبادي]

فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْتَغْرَبُ وَيُسْتَبْعَدُ (قَوْلُهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّجَهٌ دُونَ مَا بَعْدَهُ م ر (قَوْلُهُ فَلَا يُمْنَعُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ إلَخْ) ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَقَرَّ بِهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِي، فَإِنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ لِلَّتِي يُقِيمُهَا بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الثَّانِيَ لَا يُفِيدُ انْتِزَاعَهَا مِنْ زَيْدٍ بِرّ

(قَوْلُهُ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ

(قَوْلُهُ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ بِرّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِرّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه إلَخْ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ قَاضٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَصْرَةَ حِينَئِذٍ لَمْ تَكُنْ خَالِيَةً مِنْ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ كَانَ قَاضِيهَا هُوَ الْمُغِيرَةُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ أَيْ مُتَغَلِّبٌ) تَفْسِيرٌ لِمُتَعَزِّزٍ (قَوْلُهُ وَالتَّوَارِي) تَفْسِيرٌ لِمُكْتَتِمٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَلَّقَ إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ لَا تُسْمَعُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَانْظُرْ شَرْحُ م ر وَحَجَرٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ أَنْ لِلْقَاضِي سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ كَمَا لَهُ سَمَاعُهَا عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ الْمُسَوِّغَةَ لِلْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مَوْجُودَةٌ

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ مَعَ غَيْبَتِهِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَهُوَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ) أَيْ يُنَفِّذُ مَا حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ) لَكِنْ لَا يُحْضِرُهُ مَعَ الْبُعْدِ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوِ فَإِنَّهُ يُحْضِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ النِّهَايَةِ وَقَالَ إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

ص: 266

يَفُوتَ حَقُّ الْمُدَّعِي (لَا إنْ كَانَ) قِيَامُ الْبَيِّنَةِ (فِي عُقُوبَةِ اللَّهِ عَلَا) وَجَلَّ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِيهَا عَلَى الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ عُقُوبَةِ الْآدَمِيِّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ (بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّ مَا ادَّعَيْتُ فِي ذِمَّتِهِ وَنَحْوَ إبْرَاءٍ نُفِيَ) أَيْ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا عَلَى أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ بَعْضِهِ وَلَا اسْتَوْفَاهُ وَلَا اعْتَاضَ عَنْهُ وَلَا احْتَالَ بِهِ وَلَا أَحَالَ عَلَيْهِ وَلَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ احْتِيَاطًا لَهُ، إذْ لَوْ حَضَرَ أَوْ كَمُلَ لَكَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَيْهِ وَيَعْتَبِرَ أَنْ يَقُولَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ يَكُونُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لِتَأْجِيلٍ وَنَحْوِهِ.

، وَمَحَلُّ التَّحْلِيفِ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَإِنْ كَانَ اُعْتُبِرَ طَلَبُهُ لَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ لِصِدْقِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ هُنَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْيَمِينِ مَا لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَفِي الْمَطْلَبِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا الْوَكِيلُ وَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى مُتَعَذِّرٍ أَوْ مُتَوَارٍ فَلَا يَمِينَ لِقُدْرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْحُضُورِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَمَرُّدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَمَا ادَّعَاهُ حَاضِرٌ مِنْ الْأَدَا وَعِلْمِهِ بِفِسْقِ مَنْ قَدْ شَهِدَا وَأَنَّهُ لِي قَبْلَ هَذَا اعْتَرَفَا وَمَرَّةً مِنْ قَبْلُ هَذَا حَلَفَا) أَيْ وَيَحْكُمُ عَلَى الْحَاضِرِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ أَوْ عِلْمِهِ بِفِسْقِ شُهُودِهِ أَوْ اعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْحَقِّ قَبْلَ هَذَا أَوْ أَنَّهُ حَلَّفَهُ مَرَّةً أُخْرَى قَبْلُ وَهَذَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرْهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَنْعُ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ

(لَا حَيْثُ) أَيْ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ بَعْدَ يَمِينِ الْمُسْتَحِقِّ لَا حَيْثُ (يَدَّعِي وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ (عَلَى مَنْ غَابَ) فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ إذْ الْوَكِيلُ لَا يَحْلِفُ بِحَالٍ أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ فَيَحْلِفُ إنْ كَانَ حَاضِرًا (أَوْ) حَيْثُ يَدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى الَّذِي تَوَكَّلَا) عَنْ الْغَائِبِ (إبْرَاءَ ذِي الْغَيْبَةِ وَالتَّوْكِيلِ) أَيْ إبْرَاءَ الْغَائِبِ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ عَمَّا ادَّعَيْتَهُ عَلَيَّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَيُوفِي الْحَقَّ بِغَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ لِمَا مَرَّ وَلَا يُؤَخِّرُ الْحَقَّ لِحُضُورِ الْمُوَكِّلِ، وَحَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ، وَيُمْكِنُ ثُبُوتُ الْإِبْرَاءِ بَعْدُ إنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ فَلَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَكَ أَبْرَأَنِي فَاحْلِفْ أَنَّك لَا تَعْلَمُ ذَلِكَ فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْإِبْرَاءِ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَالَفَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ فَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَاضِي وَكِيلَ الْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْإِبْرَاءِ وَسَائِرِ الْأَسْبَابِ نِيَابَةً عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنْ فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لَوْ حَضَرَ كَمَا نَابَ عَنْهُ فِي تَحْلِيفِهِ مَنْ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ (وَلْيَقْضِهِ الْقَاضِي بِلَا كَفِيلِ) أَيْ وَلْيَقْضِ الْقَاضِي وُجُوبًا حَقَّ الْمُدَّعِي بِطَلَبِهِ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ (إنْ حَضَرَ الْمَالُ) وَلَا يُطَالِبُهُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَجِيءَ الْغَائِبُ وَيُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ سَوَاءٌ طَلَبَهَا أَمْ لَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ، فَإِنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَسَيَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذِهِ الصَّفْحَةِ مَا يُفِيدُ انْتِفَاءَ هَذِهِ الْيَمِينِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ

(قَوْلُهُ فَفِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ غَائِبٌ خَاصٌّ عَلَى مَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّ هَذَيْنِ آكَدُ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِمَا فَلَا يَسْقُطُ بِعَدَمِ طَلَبِ نَائِبِهِمَا الْمُقَصِّرِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْغَائِبِ حَجَرٌ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ الْأَمْرَ إلَيْهِ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِنَظَرِهِ وَجَزَمَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِتَوَقُّفِ الْيَمِينِ عَلَى طَلَبِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) نَاقَشَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ عَدَمَ الِاحْتِيَاطِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ وَذَلِكَ حَسَنٌ هُنَا طَلَبًا لِلِامْتِنَاعِ عَنْ التَّعَزُّزِ وَالتَّوَارِي بِرّ (قَوْلُهُ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتِرَافِهِ) ، عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ الثَّالِثَةُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ إنْ كَانَ حَاضِرًا) فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُؤَخِّرْ الْحُكْمَ إلَى تَحْلِيفِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْغَائِبُ إلَى مَحَلٍّ قَرِيبٍ وَهُوَ بِوِلَايَةِ الْقَاضِي فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فَيَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ عَلَى حُضُورِهِ وَحَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَعُدَ أَوْ كَانَ بِغَيْرِ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْمَالُ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ فَإِنْ كَانَ أَيْ الْمَالُ الْحَاضِرُ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُطَالِبَ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحَقَّيْهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوَفِّيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ لِذَلِكَ كَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ) هُوَ الْمَذْهَبُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَلَدُ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْمَالُ) أَيْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَوْ غَائِبًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَحَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْمَالُ) ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا لِلْغَائِبِ

ص: 267

الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّافِعِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِ إنْ غَابَ الْمَالُ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ خِلَافُهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ (وَإِنْ غَابَ) الْمَالُ وَسَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحُكْمِ إلَى قَاضِي مَحَلِّ الْغَائِبِ (فَذَا) أَيْ فَقَاضِي مَحَلِّ الْمُدَّعِي

(شَافَهَ حَيْثُ الْحُكْمُ مِنْهُ نَفَذَا لِحَاكِمٍ بِمَوْضِعٍ قَدْ انْفَرَدْ) أَيْ شَافَهَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ حَاكِمًا آخَرَ قَدْ انْفَرَدَ عَنْهُ بِمَوْضِعٍ أَيْ بِالْحُكْمِ فِيهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقِفَ فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ وَيُنَادِي الْآخَرُ وَهُوَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقُلْنَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ بِأَنِّي حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَوْفِ الْحَقَّ مِنْ مَالِهِ الَّذِي فِي مَحَلِّكَ وَخَرَجَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ مَا لَوْ شَافَهَهُ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ خَارِجَهُ كَإِخْبَارِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ شَافَهَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ وَوَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ لِيَسْتَوْفِيَ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ بِمَحَلِّ الْحُكْمِ وَخَارِجَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِمَوْضِعٍ قَدْ انْفَرَدَ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ ثَبَتَ) أَيْ شَافَهَ حَاكِمًا انْفَرَدَ بِمَوْضِعٍ أَوْ ثَبَتَ (اسْتِقْلَالُ ذَيْنِ) أَيْ الْقَاضِيَيْنِ (فِي بَلَدْ) وَاحِدٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ اثْنَيْنِ قَضَاءَ بَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِقْلَالُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمَا التَّوَافُقَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ (وَنَدْبًا اسْمَيْ الْخَصِيمَيْنِ رَقَمْ) أَيْ شَافَهَ حَاكِمًا كَمَا مَرَّ أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ نَدْبًا اسْمَيْ الْخَصْمَيْنِ (وَنِسْبَةً وَحِلْيَةً) وَقَبِيلَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِيَسْهُلَ التَّمْيِيزُ فَإِنْ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بِبَعْضِ ذَلِكَ اكْتَفَى بِهِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ نَدْبًا أَنَّ الْكِتَابَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إشْهَادِ عَدْلَيْنِ بِحُكْمِهِ كَفَى، وَصُورَةُ الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ: حَضَرَ عِنْدِي فُلَانٌ وَادَّعَى عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ الْمُقِيمِ بِبَلَدِ كَذَا وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقَدْ عُدِّلَا عِنْدِي وَحَلَّفْت الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْت لَهُ بِالْمَالِ وَسَأَلَنِي أَنْ أَكْتُبَ إلَيْكَ فِي ذَلِكَ فَأَجَبْتُهُ وَأَشْهَدْتُ بِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَلَا يَجِبُ تَسْمِيَةُ شُهُودِ الْحُكْمِ وَلَا شُهُودِ الْحَقِّ وَلَا ذِكْرُ أَصْلِ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا فَيَكْتُبُ حَكَمْتُ بِكَذَا بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ فَقَدْ يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِعِلْمِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْخَصْمَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَحْكُومِ لَهُ وَعَلَيْهِ إذْ قَدْ لَا يَكُونُ ثَمَّ حُكْمٌ بَلْ مُجَرَّدُ ثُبُوتٍ كَمَا سَيَأْتِي (ثُمَّ خَتَمْ) كِتَابَهُ نَدْبًا حِفْظًا لِمَا فِيهِ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَدْفَعَ لِشَاهِدَيْ الْحُكْمِ نُسْخَةً غَيْرَ مَخْتُومَةٍ لِلتَّذَكُّرِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَأَنْ يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ نَقْشَ خَاتَمِهِ الَّذِي يُرِيدُ الْخَتْمَ بِهِ وَأَنْ يُثْبِتَ اسْمَهُ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي بَاطِنِ الْكِتَابِ وَفِي عِنْوَانِهِ (وَيُشْهِدُ) بِحُكْمِهِ وُجُوبًا (اثْنَيْنِ) يَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (عَلَى التَّفْصِيلِ) لِمَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ وَإِذَا كَتَبَ ثُمَّ أَشْهَدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ أَوْ يَقْرَأَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمَا وَيَقُولُ: اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ أَوْ عَلَى حُكْمِي الْمُبَيَّنِ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمَا وَجَهِلَا مَا فِيهِ وَقَالَ اشْهَدَا عَلَيَّ أَنَّمَا فِيهِ حُكْمِي أَوْ أَنِّي قَضَيْت بِمَضْمُونِهِ لَمْ يَكْفِ، وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِلَا إشْهَادٍ خِلَافَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ فَلَوْ حَكَمَ وَعِنْدَهُ عَدْلَانِ فَلَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِحُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا (لَا مَنْ أَقَرَّ) بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ بِإِقْرَارِهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْهُ كَأَنْ يَقُولَ اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ فَيَشْهَدَا بِإِقْرَارِهِ إذَا حَفِظَا الْكِتَابَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ.

فَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ أَهَمُّ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ بِالْمَنْعِ حَتَّى يَقْرَآهُ وَيُحِيطَا بِمَا فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ تَصْحِيحَهُ قَالَا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُمَا هَلْ يَشْهَدَانِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَضْمُونِ الْكِتَابِ مُفَصَّلًا أَمَّا الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا فِيهِ مُبْهَمًا فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ قَطْعًا كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ الْمُبْهَمَةِ، وَخَرَجَ بِالِاثْنَيْنِ أَيْ الرَّجُلَيْنِ الْمُعَبَّرِ بِهِمَا فِي الْحَاوِي النِّسْوَةُ وَلَوْ فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ، وَالرَّجُلُ وَلَوْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ وَلَوْ فِي الْمَالِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (بَلْ) حُكْمُ الْحَاكِمِ (عَلَى الْمَجْهُولِ يَبْطُلُ) كَأَنْ قَالَ: حَكَمْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْصَى الْوَصْفَ وَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى نُدُورٍ كَمَا

ــ

[حاشية العبادي]

نَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ أَيْضًا فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَرْهُونٌ أَوْ جَانٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِبَيْعِهِ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ الْفَضْلِ فَلْيَتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ) ، عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ كَانَ الْمَالُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ الْمَالُ إلَخْ) قِيَاسُ الْمُتَّجَهِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ غَابَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ، وَقَدْ يُقَالُ أَوْ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْقَضَاءُ مِنْهُ وَالْمُشَافَهَةُ أَوْ الْمُكَاتَبَةُ

(قَوْلُهُ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْوَالِي مُشَافَهَةً كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي بِرّ (قَوْلُهُ وَخَارِجَهُ) هَلْ الْمُرَادُ الْخَارِجُ عَنْ مَحَلِّ حُكْمِ الْمُشَافِهِ لَكِنَّهُ مَحَلُّ حُكْمِهِ هُوَ أَوْ أَعَمُّ؟ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ اسْتِقْلَالُ ذَيْنِ) يُصَوَّرُ هَذَا فِي الْغَائِبِ بِمَا لَوْ اتَّسَعَ عَمَلُ قَاضِيَيْنِ وَكُلٌّ مُسْتَقِلٌّ فِيهِ بِالْعَمَلِ وَكَانَ الْغَائِبُ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ فَسَمِعَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَ بِالْحَاكِمِ الْآخَرِ وَأَخْبَرَهُ بِرّ (قَوْلُهُ أَنْ يُقْبَلَ قَطْعًا) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَيَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي وَيَقْضِيهِ مِنْهُ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَقُلْنَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِخْبَارِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَإِنْ قَدَرَ بَعْدُ فَحُكْمُهُ مُسْتَنِدٌ لِعِلْمٍ قَبْلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَافَهَهُ فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِلْمُشَافَهَةِ لِوُقُوعِهَا فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إخْبَارَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ) أَيْ إذَا تَوَقَّفَ الِاسْتِيفَاءُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. . اهـ. حَجَرٌ وم ر (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ إنْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ كَمَا مَرَّ

ص: 268

سَيَأْتِي (وَإِنْ قَالَ) الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمَجْهُولُ (أَنَا الَّذِي عَنَا) ني الْقَاضِي (بِهِ) أَيْ بِالْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ لِبُطْلَانِهِ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ فَيُؤَاخَذَ بِهِ فَإِنْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ اسْمَهُ وَاسْتَقْصَى وَصْفَهُ فَأُحْضِرَ شَخْصٌ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَالْوَصْفِ (فَإِنْ مُشَارِكٌ) لَهُ فِيمَا كَتَبَهُ مِنْ اسْمِهِ وَوَصْفِهِ (تَبَيَّنَا) بِاعْتِرَافِ الْمُشَارِكِ لَهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِشُهْرَةٍ أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَرِفْ هُوَ بِالْحَقِّ صُرِفَ الْحُكْمُ عَنْهُ وَأُحْضِرَ الْمُشَارِكُ لَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ فَذَاكَ وَإِلَّا بَعَثَ إلَى الْكَاتِبِ بِمَا وَقَعَ لِيَطْلُبَ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ صِفَةٍ تُمَيِّزُهُ وَيَكْتُبُهَا ثَانِيًا فَإِنْ تَمَيَّزَ فَذَاكَ وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَنْكَشِفَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ صَرْفِ الْحُكْمِ عَنْ الْمُحْضِرِ فِيمَا ذُكِرَ مَا إذَا كَانَ الْمُشَارِكُ لَهُ مَيِّتًا وَلَمْ يُعَاصِرْ الْمَحْكُومَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْإِشْكَالِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مُشَارِكٌ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ فَيَلْزَمُهُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ

(أَوْ قَالَ) الْمُحْضِرُ (لَيْسَ) هَذَا الْمَكْتُوبُ (اسْمِي وَيَحْلِفُ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي تَشْهَدُ بِأَنَّ ذَلِكَ اسْمُهُ وَشُهْرَتُهُ (صُرِفَا) أَيْ الْحُكْمُ (عَنْهُ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ وَلَوْ قَالَ: لَا أَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الِاسْمِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ فَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِمَا أَنْكَرَهُ قَالَ فِيهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ كَفَاهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ

(وَفِي سَمْعِ شَهَادَةٍ) أَيْ وَفِي سَمَاعِ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا حُكْمٍ (كَفَى أَنْ يَذْكُرَ) فِي الْكِتَابِ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (الشُّهُودَ) بِالْحَقِّ أَيْ اسْمَهُمْ (وَالتَّعْدِيلَ) لَهُمْ إنْ عَدَّلَهُمْ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِمْ أَخْبَرُ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إعَادَةُ التَّعْدِيلِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِمْ فَعَلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الْبَحْثُ وَالتَّعْدِيلُ وَيُسَمَّى هَذَا الْكِتَابُ كِتَابَ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَ التَّثَبُّتِ أَيْ تَثَبُّتِ الْحُجَّةِ، وَيَنُصُّ الْكَاتِبُ عَلَى الْحُجَّةِ أَهِيَ بَيِّنَةٌ أَمْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ لِيَعْرِفَهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَرَى بَعْضٌ ذَلِكَ حُجَّةً وَلَوْ ذَكَرَ التَّعْدِيلَ دُونَ الِاسْمِ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ كَمَا فِي الْحُكْمِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ لِيَحْكُمَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِيهِ؟ وَجْهَانِ الَّذِي فِي الْعُدَّةِ وَالْبَحْرِ الْمَنْعُ وَاَلَّذِي

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُبْهَمَةَ فِيهَا خِلَافٌ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ نَفْسُهُ فِي بَابِ الدَّعْوَى بِرّ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَارَكَ) أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ مُشَارِكٌ غَيْرُ الْمُحْضِرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ هُوَ) أَيْ الْمُحْضِرُ (قَوْلُهُ صُرِفَ الْحُكْمُ عَنْهُ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ كَمَا تَرَى أَنَّهُ يُصْرَفُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي وَيَحْلِفُ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ بِرّ (قَوْلُهُ زِيَادَةَ صِفَةٍ تُمَيِّزُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الزَّائِدَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ كِتَابَتِهِ بِزِيَادَةِ الْوَصْفِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ بِرّ.

(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشَارِكُ لَهُ مَيِّتًا إلَخْ) فَإِنْ وُجِدَ مُشَارِكٌ مَيِّتٌ بَعْدَ الْحُكْمِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ، وَقَدْ عَاصَرَهُ وَقَعَ الْإِشْكَالُ وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُعَاصَرَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الدَّيْنِ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُعَاصِرْهُ بِمُعَامَلَةٍ مَعَ مُوَرِّثِهِ مَثَلًا قَالَ: وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إمْكَانِ صُدُورِ الْمُدَّعَى بِهِ مَعَ الْمَيِّتِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الظَّاهِرِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مُعَاصَرَةٌ اقْتَضَى الظَّاهِرُ حَصْرَ الْأَمْرِ فِيهِ، وَإِمْكَانُ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ كَوْنَ الظَّاهِرِ خِلَافَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مُشَارِكٌ يُعَاصِرُ الْمَحْكُومَ لَهُ) حَتَّى تُمْكِنَ مُعَامَلَتُهُ لَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ) عَطْفٌ عَلَى تَبَيَّنَّا الْمُقَدَّرَ قَبْلَ مُشَارِكٍ (قَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ أَيْ الْمُحْضِرُ فِي الْجَوَابِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ، بَلْ أَحْضَرَ الشَّخْصُ فَاقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ هَذَا مُرَادُهُ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ أَنَّ الْمَكْتُوبَ اسْمُهُ

(قَوْلُهُ وَيَنُصُّ الْكَاتِبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَدَمُ مُنَاسَبَةِ هَذَا بَعْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَيَانِ ذِكْرِ الشُّهُودِ وَالتَّعْدِيلِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فَذَاكَ) أَيْ إنْ صَدَّقَ الْمُدَّعِي الْمُقِرَّ وَإِلَّا فَهُوَ مُقِرٌّ لِمُنْكِرٍ وَيَبْقَى طَلَبُهُ عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ إلَخْ) جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى حَسَبِ الْجَوَابِ م ر

(قَوْلُهُ أَوْ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ) بِأَنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي ثُمَّ غَابَ ع ش (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحُكْمِ) أَيْ كَمَا فِي شُهُودِ الْحُكْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ

ص: 269

فِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ الْجَوَازُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي (لَا لِشَاهِدَيْ كِتَابِهِ) أَيْ إنَّمَا يَذْكُرُ التَّعْدِيلَ لِشَاهِدَيْ الْحَقِّ كَمَا مَرَّ لَا لِشَاهِدَيْ الْكِتَابِ فَلَا تَثْبُتُ عَدَالَتُهُمَا بِتَعْدِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْدِيلٌ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ كَتَعْدِيلِ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِمَا فَلَا تَثْبُتُ بِهِ عَدَالَتُهُمَا وَإِلَّا لَثَبَتَتْ بِقَوْلِهِمَا، وَالشَّاهِدُ لَا يُعَدِّلُ نَفْسَهُ

(وَقُبِلَا) كِتَابُ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ (مِنْ فَوْقِ) مَسَافَةِ (عَدْوَى) بِخِلَافِ مَا دُونَهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَمَّا الْكِتَابُ بِالْحُكْمِ فَيَجُوزُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ نَعَمْ لَوْ قَالَ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ: اسْمَعْ دَعْوَى فُلَانٍ وَبَيِّنَتَهُ وَعَرِّفْنِي فَفَعَلَ.

قَالَ الشَّيْخَانِ: فَالْأَشْبَهُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الِاسْتِخْلَافِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالْخَلِيفَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي الِاعْتِدَادَ بِسَمَاعِهِ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ (وَلَدَى) أَيْ وَعِنْدَ (كُلٍّ) مِنْ الْقُضَاةِ (شَهِدْ) كُلٌّ مِنْ شَاهِدَيْ كِتَابِ الْحُكْمِ وَشَاهِدَيْ كِتَابِ السَّمَاعِ (وَلَوْ مِنْ الْكَاتِبِ تَعْمِيمٌ فُقِدْ) أَيْ وَلَوْ فُقِدَ تَعْمِيمُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ كِتَابَهُ إلَى كُلِّ قَاضٍ فَلَوْ كَتَبَ إلَى مُعَيَّنٍ فَشَهِدَ الشَّاهِدُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ قُبِلَ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ إلَيْهِ (أَوْ خَالَفَ) الشَّاهِدُ بِشَهَادَتِهِ (الْكِتَابَ) أَيْ مَا فِيهِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ كَمَا مَرَّ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْكِتَابِ، وَالْكِتَابُ تَذْكِرَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ جَرَى رَسْمُ الْقُضَاةِ بِهِ حَتَّى لَوْ ضَاعَ الْكِتَابُ أَوْ انْمَحَى أَوْ انْكَسَرَ خَتْمُهُ وَشَهِدَ بِمَضْمُونِهِ الْمَضْبُوطُ عِنْدَ قَبْلُ (أَوْ مَاتَ) الْكَاتِبُ (وَمَنْ إلَيْهِ مَكْتُوبٌ) أَيْ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا، الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى فَإِنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِمَا تَحَمَّلَهُ عَنْ الْكَاتِبِ، وَمَحَلُّهُ فِي مَوْتِ الْكَاتِبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ نَائِبًا عَنْ الْكَاتِبِ فَلَوْ كَتَبَ إلَى نَائِبِهِ ثُمَّ مَاتَ تَعَذَّرَ الْقَبُولُ وَالْإِمْضَاءُ، وَكَالْمَوْتِ الْعَزْلُ وَالِانْعِزَالُ بِجُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهَلْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ فَكِّ خَتْمِ الْكِتَابِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِيَقِفَ الشَّاهِدُ عَلَى مَا فِيهِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُحَرَّفْ أَوْ بَعْدَهَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ وَالرَّقْمِ الثَّانِي وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ، وَلَوْ شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا مِثْلَ مَا مَرَّ بِسَمَاعِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ لِلْمُخَاطِبِ الْحُكْمُ بِهِ يَنْبَنِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إنْهَاءَ سَمَاعِهَا نَقْلٌ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ أَمْ حُكْمٌ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يُحْكَمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ كَمَا فِي الْحُكْمِ الْمُبْرَمِ وَهَذَا أَرْجَحُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ، ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَفِي الْغَائِبِ) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَّصِفُ بِالْغَيْبَةِ وَالْحُضُورِ دُونَ الدُّيُونِ وَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ أَيْ يَحْكُمُ الْقَاضِي فِي مَالٍ حَاضِرٍ مِنْ الْأَعْيَانِ بِمَجْلِسِهِ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُدَّعِي إذَا تَمَّتْ حُجَّتُهُ وَفِي غَائِبٍ مِنْهَا عَنْ الْبَلَدِ (أَنْ يُعْرَفَ) بِأَنْ يُؤْمَنَ اشْتِبَاهُهُ بِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ وَفَرَسٍ وَعَقَارٍ مَعْرُوفَاتٍ بِحَيْثُ تُغْنِي شُهْرَتُهَا عَنْ ذِكْرِ صِفَاتِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فَإِنْ كَانَ عَقَارًا عُرِفَ بِذِكْرِ الْحَدِّ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِالْحَدِّ فَلْيُعَرَّفْ) فَيُذْكَرُ مَعَ بَلَدِهِ وَمَحَلَّتِهِ وَسَكَنِهِ حُدُودَهُ الْأَرْبَعَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الدَّعْوَى وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَيَّزُ بِدُونِهِ وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ: نَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ دُونَ حُدُودِهِ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ يَحْضُرُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الدَّعْوَى حَكَمَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا حَكَمَ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ لِيُسَلِّمَهَا إلَى الْمُدَّعِي

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ هُنَا) كَأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى قِسْمِ إنْهَاءِ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ، وَقَوْلُهُ: إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي لَا مِنْ الْكَاتِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ وَلَا مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ عَلَى لَا غَائِبٍ سم (قَوْلُهُ لَا لِشَاهِدَيْ كِتَابِهِ) يَنْبَغِي رُجُوعُ ذَلِكَ لِقِسْمِ إنْهَاءِ الْحُكْمِ أَيْضًا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ فِي قِسْمِ إنْهَاءِ الْحُكْمِ قَبْلَ ذِكْرِ إنْهَاءِ الشَّهَادَةِ

(قَوْلُهُ: تَعَذَّرَ الْقَبُولُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَةِ النَّائِبِ لَا مُطْلَقًا فَلِلشُّهُودِ الْأَدَاءُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْأَدَاءِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ الْكَاتِبُ فَلَهُ الْقَبُولُ وَالْإِمْضَاءُ سم (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَحْكُمُ بِالْفَرْعِ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ وَفِي غَائِبٍ مِنْهَا عَنْ الْبَلَدِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ، وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ بِدُونِهِ) أَيْ ذِكْرِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ دُونَ حُدُودِهِ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ إلَخْ) هَذَا فِي الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ، وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ فَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلْيَقُلْ: أَحْضِرْ إلَى مَا هُنَاكَ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ مَا هُنَا فِي الْغَائِبَةِ رَدُّهُ الْآتِي عَلَى الْبُلْقِينِيِّ وَقَوْلُهُ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْيَقُلْ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ إلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ اهـ.

فَلَوْلَا أَنَّ هَذَا فِي الْغَائِبَةِ اتَّحَدَ مَعَ ذَاكَ وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ مَرَّ نَظِيرُهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَدْ يُسْتَشْكَلُ قَوْلُهُ هُنَا وَإِذَا حَكَمَ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ يُحْضِرْهُ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَلَدَ الْعَيْنِ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ، وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي وِلَايَتِهِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ فِيهَا وَيُجَابُ إمَّا بِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِذَا حَكَمَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ فَقَطْ، وَأَمَّا بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ بَلَدًا لِعَيْنٍ فِي وِلَايَةِ كُلٍّ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ وَمَا عَدَاهَا وِلَايَةَ الْأَوَّلِ الْكَاتِبَ فَقَطْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ يَبْعَثُ مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ يَذْهَبُ إلَيْهَا لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا ثُمَّ يَعُودُ لِبَلَدِهِ، وَيَحْكُمُ فِيهَا ثُمَّ يُنْهِي حُكْمَهُ لِلْقَاضِي الْآخَرِ لِيُسَلِّمَهَا لِلْمُدَّعِي وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا حُكْمَ الْعَقَارِ الْغَائِبِ الْغَيْرِ الْمَعْرُوفِ لِلشُّهُودِ وَيَنْبَغِي أَنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَقَارًا إلَخْ) فَالْعَقَارُ لَا يَكُونُ إلَّا مَأْمُونَ الِاشْتِبَاهِ إمَّا بِالشُّهْرَةِ وَإِمَّا بِالتَّحْدِيدِ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ

ص: 270

(وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ الْحَاكِمُ فِي) شَيْءٍ (مُمَيَّزٍ بِسِمَةٍ) أَيْ عَلَامَةٍ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَسْمَعُهَا عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَتَمَيَّزُ بِسِمَةٍ لِكَثْرَةِ أَمْثَالِهِ كَالْكِرْبَاسِ فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بَلْ تَرْتَبِطَانِ بِقِيمَتِهِ فَيَدَّعِي كِرْبَاسًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا السَّمَاعُ فِيهِ كَاَلَّذِي يَتَمَيَّزُ بِسِمَةٍ، وَأَنَّ الرُّكْنَ فِي تَعْرِيفِ الْمِثْلِيِّ الْمُبَالَغَةُ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ، وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي الْمُتَقَوِّمِ بِالْعَكْسِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا التَّفْصِيلُ لَا نَرْتَضِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ صِفَاتِ السَّلَمِ مُطْلَقًا دُونَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ اتِّحَادَ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فِي الْبَابَيْنِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ مَا هُنَا فِي عَيْنِ غَائِبَةٍ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا مَرَّ ثَمَّ فِي عَيْنٍ غَائِبَةٍ بِالْبَلَدِ (وَ) إذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فِي ذَلِكَ لَا يَحْكُمُ بِهَا لِلْجَهَالَةِ وَخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ بَلْ (يَنْقُلُ) سَمَاعَهَا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِهِ إلَى حَاكِمِ مَحَلِّ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (لِيَأْخُذَ الْعَيْنَ) وَيَبْعَثَهَا إلَى النَّاقِلِ مَعَ الْمُدَّعِي (بِشَخْصٍ يَكْفُلُ) بَدَنَهُ لَا قِيمَةَ الْعَيْنِ (ثُمَّ لْيُعَيِّنْهُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ إلَى النَّاقِلِ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهَا (الشُّهُودُ) بِالشَّهَادَةِ فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا سَلَّمَهَا لِلْمُدَّعِي وَكَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ إحْضَارِهَا وَرَدُّهَا كَمَا سَيَأْتِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ بَعْثِهَا مَعَ الْمُدَّعِي مَنْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ كَالْأَمَةِ الَّتِي لَا يَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا فَيَبْعَثُهَا مَعَ أَمِينٍ فِي الرُّفْقَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَخْتِمَ الْعَيْنَ عِنْدَ بَعْثِهَا بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبَدَّلَ بِمَا لَا يَرْتَابُ فِيهِ الشُّهُودُ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَظْهَرَ الْخَصْمُ ثَمَّةَ أُخْرَى مُشَارَكَتَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَقَدْ صَارَ الْقَضَاءُ مُبْهَمًا وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.

وَذَكَرَ النَّاظِمُ ضَمِيرَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُدَّعَى بِهِ (وَلْيَقُلْ) أَيْ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا إذَا غَابَتْ الْعَيْنُ عَنْ الْمَجْلِسِ بِالْبَلَدِ (أَحْضِرْ إلَيَّ مَا هُنَاكَ) أَيْ مَا بِالْبَلَدِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لِتُقَامَ الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهِ وَلَا تُسْمَعُ بِصِفَتِهِ كَمَا فِي الْخَصْمِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِالْبَلَدِ هَذَا (إنْ سَهُلْ) إحْضَارُهُ فَإِنْ عَسُرَ كَشَيْءٍ ثَقِيلٍ أَوْ مُثَبَّتٍ فِي أَرْضٍ أَوْ جِدَارٍ وَضَرَّ قَلْعُهُ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ يَحْضُرُ بِنَفْسِهِ وَيَسْمَعُهَا بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

يَكُونَ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْغَائِبَ الْمَنْقُولَ إذَا عَسِرَ نَقْلُهُ أَوْ أَوْرَثَ قَلْعُهُ ضَرَرًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. سم

(قَوْلُهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا) أَيْ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْآتِي عَنْ الرَّوْضَةِ بِرّ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الرُّكْنَ فِي تَعْرِيفِ الْمِثْلِيِّ الْمُبَالَغَةُ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْمُتَقَوِّمِ بِالْعَكْسِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ وَالْغَائِبَةِ بِالْبَلَدِ، خِلَافًا لِمَا يَأْتِي فِي الرَّدِّ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ كَذَا م ر فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْقُلُ سَمَاعَهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعْرُوفِ، أَمَّا الْمَعْرُوفُ فَيَحْكُمُ فِيهِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ كَمَا سَلَفَ بِرّ (قَوْلُهُ وَيَبْعَثُهَا) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَحَلَّ مُؤْنَةِ الْبَعْثِ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمُؤَنُ الْإِحْضَارِ لَا إنْ أَثْبَتَهُ إلَخْ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ مِمَّا يَعْسُرُ بَعْثُهُ أَوْ يُورِثُ قَلْعُهُ ضَرَرًا كَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ وَالْمُثَبَّتِ أَوْ يَتَعَذَّرُ بَعْثُهُ كَالْعَقَارِ الْغَيْرِ الْمَعْرُوفِ وَيَنْبَغِي الْبَعْثُ أَوْ الْحُضُورُ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَمِينٍ) يَنْبَغِي تَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَزِيَّةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ اتِّهَامَ الْمُدَّعِي أَشَدُّ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ) أَيْ فِي الْحَالِ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ النَّاظِمُ ضَمِيرَ الْعَيْنِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ إلَخْ) وَفَائِدَةُ هَذَا السَّمَاعِ نَقْلُ الْعَيْنِ الْآتِي، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ وَفِي الْمُتَقَوِّمِ بِالْعَكْسِ) لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّمْيِيزِ فِيهِ بِدُونِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ م ر فِي بَابِ الدَّعَاوَى وَإِنْ خَالَفَ هُنَا وَاعْتَمَدَ الرَّشِيدِيُّ مَا فِي بَابِ الدَّعَاوَى (قَوْلُهُ لِلْجَهَالَةِ وَخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُشْتَبَهْ حَكَمَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَلَدِ أَوْ غَائِبَةً عَنْهَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ أَوْ فِيهَا. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاضِي النَّاقِلِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالسَّمَاعِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا غَابَتْ الْعَيْنُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِشُهْرَةٍ أَوْ تَوْصِيفٍ نَافٍ لِأَصْلِ الِاشْتِبَاهِ، لَكِنْ كَتَبَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله أَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَالْحُكْمُ مَعَ الْغَيْبَةِ وَإِنْ سَهُلَ الْإِحْضَارُ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ) يُفِيدُ أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ عَلَى الْأَوْصَافِ وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهَا تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ الْأَوْصَافُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُ إذْ لَوْ أَدَّتْ إلَيْهَا لَسُمِعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَوْصَافِ أَيْضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) كَعَشْرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي فِي يَدِ هَذَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ

ص: 271

حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِلدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهِ وَمَا يَتَعَذَّرُ إحْضَارُهُ كَالْعَقَارِ يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ دُونَ حُدُودِهِ حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَاسْتَثْنَى الْغَزَالِيُّ مِنْ وُجُوبِ إحْضَارِ مَا سَهُلَ إحْضَارُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَبْدًا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ عَبْدًا مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ فَصَحِيحٌ كَمَا فِي الْعَبْدِ الْمَعْرُوفِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَكَذَا إنْ اخْتَصَّ الْقَاضِي بِمَعْرِفَتِهِ وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ وَإِلَّا فَالْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ. اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ مِثَالٌ فَغَيْرُهُ مِثْلُهُ

ثُمَّ بَيَّنَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (تُسْمَعُ دَعْوَى الْعَيْنِ أَوْ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ) أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ مُرَدَّدَةً إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ لِيُطَالِبَ بِهَا أَوْ تَالِفَةٌ لِيُطَالِبَ بِقِيمَتِهَا كَأَنْ يَقُولَ: غَصَبَ مِنِّي كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا فَمُرْهُ بِرَدِّهِ إنْ بَقِيَ وَبِأَدَاءِ قِيمَتِهِ إنْ تَلِفَ أَيْ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا طَلَبَ مِثْلَهُ فَيَحْلِفُ الْخَصْمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى التَّرَدُّدِ أَوْ عَلَى التَّعْيِينِ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي أَوَائِلِ الدَّعَاوَى أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبَ ثَمَنَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ فَيَطْلُبَ قِيمَتَهُ أَوْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ؟ (وَقِيمَةٌ) لِلْعَيْنِ (تُثْبِتُهَا بِحُجَّةِ الْوَصْفِ) كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ شَاةً بِصِفَةِ كَذَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِهَا فَتَثْبُتُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لِلْمُدَّعِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ (إنْ ادَّعَى) خَصْمُهُ (التَّلَفْ) لَهَا (وَإِنْ يَقُلْ) خَصْمُهُ (مَا) أَيْ لَيْسَ (بِيَدِي مَا قَدْ وَصَفْ) أَيْ الْمُدَّعِي مِنْ الْعَيْنِ وَلَا اشْتَمَلَتْ يَدِي عَلَيْهِ (فَإِنْ أَقَامَ مُدَّعِيهَا بَيِّنَهْ) بِأَنَّهَا بِيَدِهِ أَوْ اشْتَمَلَتْ يَدَهُ عَلَيْهَا (أَوْ) وُجِدَ مِنْهُ (حَلِفٌ رُدَّ عَلَيْهِ) بَعْدَ نُكُولِ خَصْمِهِ (سَجَنَهْ) أَيْ حَبَسَ الْحَاكِمُ خَصْمَهُ لِإِحْضَارِ الْعَيْنِ (وَهُوَ مِنْ الْحَبْسِ إنْ ادَّعَى التَّلَفْ) لَهَا وَلَا بَيِّنَةَ (مُخَلَّصٌ) وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِضَرُورَةِ تَخْلِيدِهِ فِي الْحَبْسِ مَعَ إمْكَانِ صِدْقِهِ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ (وَانْقَطَعَتْ) عَنْهُ دَعْوَى الْعَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ مُشَارَكَتُهُ (قَوْلُهُ يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ وَلَا أَنْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَمَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ وَمَا يَعْسُرُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ أَوْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ) فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ فَالْمَنْعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَحْكُمُ بِهِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَفَادَ التَّحْدِيدُ مَعْرِفَةَ الْقَاضِي لَهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ بِرّ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْغَزَالِيُّ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ نَظِيرُ هَذَا فِيمَا يَعْسُرُ إحْضَارُهُ السَّالِفُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي أَوْ أَدَّتْ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ وَوَصْفُهَا إلَى مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُ يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي عِنْدَهُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ) أَيْ بِالْأَعْيَانِ الَّتِي بِالْبَلَدِ كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بِرّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ بِوَصْفٍ لَا يَحْصُلُ لِلْقَاضِي بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مَعَهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى التَّعْيِينِ، فَلَا تُمْكِنُ الدَّعْوَى إلَّا بِأَنْ يُصَادِفَ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدَّعِيَهَا وَيُوقِعَ الدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهَا.

اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِسِمَةٍ كَالْكِرْبَاسِ؛ لِأَنَّهَا سُمِعَتْ هُنَاكَ لِأَجْلِ نَقْلِهَا وَتَعْيِينِهَا لَا لِأَجْلِ الْحُكْمِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ، وَلَا نَقْلَ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ) قَالَ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَرَفَهُ النَّاسُ وَالْقَاضِي فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ وَإِنْ اخْتَصَّ بِمَعْرِفَتِهِ الْقَاضِي فَلَهُ الْحُكْمُ إنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ لَا لِبَيِّنَةٍ. اهـ. سم وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الشَّهَادَةَ بِالْوَصْفِ إنْ أَدَّتْ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِهَا وَتَكُونُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْرِفَةٍ لِلْقَاضِي لَمْ تَحْصُلْ لَهُ مِنْ وَصْفِ الشُّهُودِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ لِلْقَاضِي مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مِنْ وَصْفِ الشُّهُودِ بِأَنْ عَهِدَهُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ قَبْلُ وَطَابَقَ وَصْفُ الشُّهُودِ مَا عَرَفَهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ م ر الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ سم أَنَّ الْمَشْهُورَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ مِنْ وَصْفِ الشُّهُودِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ) فَإِنْ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَا م ر سم (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ) بِأَنْ عَلِمَ صِدْقَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ إلَّا يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ بَلْ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ

ص: 272

(إذْ حَلَفْ) أَنَّهَا لَيْسَتْ بِيَدِهِ وَلَا اشْتَمَلَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِمَا ادَّعَاهُ، وَلِلْمُدَّعِي الِانْتِقَالُ لِدَعْوَى قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً وَالْمِثْلِ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً لِاحْتِمَالِ تَلَفِهَا بِيَدِهِ

(وَمُؤَنُ الْإِحْضَارِ لَا إنْ أَثْبَتَهْ يَغْرَمُهَا وَالرَّدِّ) أَيْ وَيَغْرَمُ الْمُدَّعِي مُؤَنَ إحْضَارِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَجْلِسِ لِلْإِشْهَادِ عَلَيْهَا وَمُؤَنِ رَدِّهَا إلَى خَصْمِهِ لِتَعَدِّيهِ لَا إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ فَلَا يَغْرَمُهَا بَلْ هِيَ عَلَى خَصْمِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهَا عَلَيْهِ إنْ تَحَمَّلَهَا (لَا مَنْفَعَتَهْ) أَيْ لَا مَنْفَعَةَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُعَطَّلَةُ فِي زَمَنِ الْإِحْضَارِ وَالرَّدِّ فَلَا يَغْرَمُ أُجْرَتَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ (إنْ كَانَ) الْمُدَّعَى بِهِ (فِي الْبَلْدَةِ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُتَسَامَحُ بِهِ تَوْقِيرًا لِمَجْلِسِ الْقَاضِي وَمُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْبَلْدَةِ وَأَحْضَرَ إلَيْهَا وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْمُدَّعِي يَغْرَمُ مَعَ مُؤَنِ إحْضَارِهِ وَرَدِّهِ أُجْرَةَ مَنْفَعَتِهِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ هُنَا (أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ مَنْفَعَتِهِ بِإِعَادَةِ اللَّامِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْإِضَافَةِ أَيْ وَلَا يَغْرَمُ مَنْفَعَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أُجْرَتَهَا وَإِنْ أَحْضَرَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَلْدَةِ لِلْمُسَامَحَةِ بِمِثْلِهِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ

(وَالشَّاهِدُ مَهْمَا رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِ (مِنْ قَبْلِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (لَمْ يَقْضِ) الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي؟ فَيَنْتَفِي ظَنُّ الصِّدْقِ ثُمَّ إنْ اعْتَرَفَ الرَّاجِعُ بِتَعَمُّدِ الشَّهَادَةِ فَسَقَ وَإِنْ ادَّعَى الْغَلَطَ فَلَا لَكِنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ وَإِنْ أَعَادَهَا كَمَا مَرَّ

(وَلْيُحَدَّ) الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَتِهِ بِالزِّنَا (فِي قَذْفٍ) حَصَلَ بِهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يَنْفَعُهُ دَعْوَى الْغَلَطِ لِلتَّعْبِيرِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ التَّثَبُّتُ

(وَإِنْ قَالَ) الشَّاهِدُ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ (لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي (تَوَقَّفْ) عَنْ الْحُكْمِ لَزِمَهُ التَّوَقُّفُ (ثُمَّ) إنْ قَالَ لَهُ بَعْدُ (اقْضِ فَلْيَقْضِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ رُجُوعُهُ وَلَا بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ وَإِنْ عَرَضَ شَكٌّ فَقَدْ زَالَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِ التَّوَقُّفِ هَلْ هُوَ لِشَكٍّ طَرَأَ أَمْ لِأَمْرٍ ظَهَرَ لَهُ فَإِنْ قَالَ لِشَكٍّ طَرَأَ قَالَ بَيِّنْهُ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْحُكْمِ (وَلَنْ يُعِيدَا) لِقَضَائِهِ تِلْكَ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلٍ جَازِمٍ، وَالتَّوَقُّفُ الطَّارِئُ قَدْ زَالَ

(وَ) إنْ رَجَعَ الشَّاهِدُ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ (وَفَّى) الْقَاضِي (الْمَالَ) الْمَشْهُودَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ نَفَذَ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ (وَالْعُقُودَا) أَيْ الْمَشْهُودَ بِهَا كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ (أَمْضَى) أَيْ الْقَاضِي حُكْمَهُ فِيهَا كَمَا فِي الْمَالِ (وَلَا عِقَابَ) أَيْ وَلَا يُمْضِي الْعُقُوبَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِآدَمِيٍّ لِتَأَثُّرِهَا بِالشُّبْهَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهَا، وَتَرَكَ تَنْوِينَ عِقَابَ لِلْوَزْنِ أَوْ لِلْبِنَاءِ بِجَعْلِ لَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ وَلَوْ تَرَكَ الْوَاوَ كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى (وَالطَّلَاقُ يَنْفُذُ وَ) كَذَا (الرَّضَاعُ وَالْعَتَاقُ) وَسَائِرُ مَا يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ كَاللِّعَانِ وَالْفَسْخِ وَالْوَقْفِ وَالْأُضْحِيَّةِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الشَّاهِدِ فِي رُجُوعِهِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ كَمَا قَالَ

(وَلَيْسَ غُرْمُ) أَيْ لُزُومُ غُرْمٍ (رَاجِعٍ) عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ (بِبِدَعِ) لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ بِشَهَادَتِهِ فَيَغْرَمُ مِنْ غَيْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْفِرَاقِ (وَمِنْ صَدَاقِ) أَيْ مَهْرِ (الْمِثْلِ) فِي صُورَةِ الْفِرَاقِ مَا يُذْكَرُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُفَوَّضَةً أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَ إبْرَائِهَا الزَّوْجَ عَنْ الْمَهْرِ نَظَرًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إذَا حَلَفَ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ أَقَامَ مُدَّعِيهَا بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ رُدَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهَا بِيَدِهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا اشْتَمَلَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهَا عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْحَاكِمُ فِي تَحَمُّلِهَا وَلَا أَشْهَدُ بِالرُّجُوعِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى نَفْيِ إمْضَاءِ الْعِقَابِ فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ بِلَا عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ يَنْفُذُ) أَيْ يَثْبُتُ (قَوْلُهُ وَسَائِرُ مَا يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ) يُتَأَمَّلُ وَيُوَضَّحُ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فَتَثْبُتُ قِيمَتُهَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ، إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ تَحْصِيلَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ تَحْصِيلَ قِيمَتِهَا

(قَوْلُهُ وَمُؤَنُ الْإِحْضَارِ إلَخْ) وَهِيَ مَا زَادَ بِسَبَبِ الْإِحْضَارِ حَتَّى لَا تَنْدَرِجَ فِيهِ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ مُدَّةَ الْخُصُومَةِ عَلَى الْمَالِكِ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر وَحَجَرٍ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي. اهـ وَقَوْلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْ مَجَّانًا بِدَلِيلِ عَطْفِ الْقَرْضِ عَلَيْهِ. اهـ.

رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ أَيْ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ) وَلَوْ اتَّسَعَتْ الْبَلْدَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ خَارِجَ الْبَلَدِ فَإِنَّهَا تَجِبُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ، وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْكَلَامُ إنْ مَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. اهـ. م ر سم

(قَوْلُهُ وَسَائِرُ مَا يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ) أَيْ مِنْ فَاعِلِهِ فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مُعَلِّقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ إبْطَالُ التَّعْلِيقِ بِبَيْعِ مَا عَلَّقَ عِتْقَهُ فَلَا يَنْفُذُ حَالًا بَلْ بَعْدَ وُقُوعِ الصِّفَةِ، فَالْمُرَادُ بِالنُّفُوذِ وُقُوعُ أَثَرِ ذَلِكَ الْمَحْكُومِ بِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَتَعَذَّرُ

(قَوْلُهُ وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ) ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مُفَوَّضَةً) أَيْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ

ص: 273

إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ، إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ وَلَا يَغْرَمُ مَعَ ذَلِكَ مُتْعَةً كَمَا أَفْهَمَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الصَّدَاقِ (لَا فِي) صُورَةِ الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيّ) فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ (إنْ رَدَّ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَيْ رَاجَعَهَا إذْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا غَرِمَ كَمَا فِي الْبَائِنِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجَ الرَّجْعَةُ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ. اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ (أَوْ مِنْ قِيمَةٍ يُؤَدِّي) أَيْ وَيَغْرَمُ فِي الْحَالِ مِنْ قِيمَةِ الرَّقِيقِ مَا يَذْكُرُ وَذَلِكَ (فِي عِتْقِ مُسْتَوْلَدَةٍ وَ) عِتْقِ (عَبْدِ وَعِتْقِ مَنْ دُبِّرَ أَوْ كُوتِبَ) وَمِثْلُهَا الْوَقْفُ وَتَعْيِينُ شَاةٍ لِلْأُضْحِيَّةِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْقِيمَةِ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ (لَا فِي نَفْسِ تَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ) فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ بِرُجُوعِهِ (إلَى أَنْ مَاتَ سَيِّدٌ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَزُولُ حِينَئِذٍ (وَ) لَا (فِي التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ فِي الْعِتْقِ وَالتَّطْلِيقِ) فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ بِرُجُوعِهِ (إلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْوَصْفِ) الْمُعَلَّق بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْق وَالطَّلَاق إنَّمَا يُوجَدَانِ حِينَئِذٍ.

قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ شَهِدَا بِكِتَابَةِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا وَأَدَّى النُّجُوم وَعَتَقَ ظَاهِرًا فَهَلْ الْمَغْرُوم مَا بَيْن قِيمَته وَالنُّجُوم؛ لِأَنَّهُ الْفَائِت أَوْ كُلّ الْقِيمَة؛ لِأَنَّهُ الْمُؤَدَّى مِنْ كَسْبه وَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَجْهَانِ وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِمَالِ دُون الْقِيمَة فَالْمَنْقُول أَنَّهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا طَلْق امْرَأَته بِأَلْفٍ وَمَهْرهَا أَلْفَانِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ قَالَ فِيهَا ابْن الْحَدَّاد وَالْبَغَوِيّ عَلَيْهِمَا أَلْف وَقَدْ وَصَلِّ إلَيْهِ مِنْهَا أَلْف وَقَالَ ابْن كَجّ عَلَيْهِمَا مَهْر الْمِثْل بَعْد الدُّخُول وَنِصْفه قَبْله كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا عِوَضًا وَأَمَّا الْأَلْف فَمَحْفُوظ عِنْده لَهَا إنْ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه وَإِلَّا فَيُقِرّ عِنْدهَا حَتَّى يَدَّعِيه وَظَاهِر كَلَام الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيح الْأَوَّل وَقَوْل ابْن كَجّ عَلَيْهِمَا نِصْف الْمَهْر قَبْل الدُّخُول جَارٍ عَلَى الْمَرْجُوح مِنْ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِطَلَاقٍ قَبْله ثُمَّ رَجَعَا يَلْزَمهُمَا النِّصْف وَقَوْل النَّظْم (حِصَصْ مَا عَنْ أَقَلِّ حُجَّةٍ تَكْفِي نَقَصْ) مَفْعُول غُرْم وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِد الرَّاجِع يَغْرَم فِيمَا مَرَّ حِصَّة مَا نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ حُجَّة تَكْفِي فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة لَا حِصَّة مَا نَقَصَ عَنْ الْعَدَد الْوَاقِع فِيهَا فَلَوْ شَهِدَ بِالْعِتْقِ اثْنَانِ وَرَجَعَ أَحَدهمَا غَرِمَ النِّصْف أَوْ شَهِدَ بِهِ أَرْبَعَة وَرَجَعَ ثَلَاثَة غَرِمُوا النِّصْف بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا لِقِيَامِ الْحُجَّة بِمِنْ بَقِيَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُود كُلّهمْ غَرِمُوا الْكُلّ بِالسَّوِيَّةِ سَوَاء كَانُوا أَقُلْ الْحُجَّة أُمّ زَادُوا (لَا شَاهِدُ الْإِحْصَانِ) فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يَغْرَم بِرُجُوعِهِ شَيْئًا (فِي الصَّحِيحِ) وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَته عَنْ شَهَادَة الزِّنَا إذَا لَمْ يَشْهَد بِمَا يُوجِب عُقُوبَة وَإِنَّمَا وَصَفّه بِصِفَةِ كَمَالِ وَمُقَابِل الصَّحِيح الْمَزِيد عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ يَغْرَم لِتُوقَف الرَّجْم عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ فَيَغْرَم الثُّلُث وَقِيلَ النِّصْف (وَ) لَا شَاهِد (صِفَةِ الْعَتَاقِ وَ) لَا شَاهِد صِفَة (التَّسْرِيحِ) أَيْ الطَّلَاق فَلَا يَغْرَمَانِ بِرُجُوعِهِمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ شَهَادَتهمَا شَرْط لَا سَبَب وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَاف إلَى السَّبَب لَا إلَى الشَّرْط عَلَى الْأَصَحّ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْله فِي الصَّحِيح عَنْ صِفَة الْعَتَاق وَالطَّلَاق كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَمَا ذَكَره فِيهَا هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَعْرُوفُ فِيهَا الْغُرْمُ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ انْتَهَى وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْمُزَكِّيَ يَغْرَمُ وَبِهِ جَزَمَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ فَشُهُودُ الْإِحْصَانِ وَالصِّفَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى

(وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ) لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ (بِعَقْدٍ) أَيْ بِعَقْدِ نِكَاحِهِ عَلَيْهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ (فِي صِفَرْ وَ) شَهِدَ لَهَا (اثْنَانِ أَنَّ الْوَطْءَ

ــ

[حاشية العبادي]

عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ حَالٍ مِنْ مَفْعُولِ غَرِمَ وَهُوَ حِصَصَ الْآتِي فِي الْمَتْنِ وَبِبِدَعٍ خَبَرُ لَيْسَ وَالتَّقْدِيرُ: وَلَيْسَ غُرْمُ رَاجِعٍ حِصَصَ مَا عَنْ أَقَلِّ حُجَّةٍ تَكْفِي نَقْص حَالَ كَوْنِ تِلْكَ الْحِصَصِ كَائِنَةً مِنْ الْفَائِتِ غَيْرَ الصَّدَاقِ وَقِيمَةِ الْعَتِيقِ، وَمِنْ الصَّدَاقِ فِي مَسْأَلَةِ الْفِرَاقِ وَالْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَتَاقِ بِبِدَعٍ بِرّ (قَوْلُهُ مَنْ دُبِّرَ أَوْ كُوتِبَ) شَهِدَ بِعِتْقِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ (قَوْلُهُ لَا فِي نَفْسِ إلَخْ) شَهِدَ بِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ (قَوْلُهُ بِمَالٍ دُونَ الْقِيمَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ هُنَا لُزُومُ تَمَامِ الْقِيمَةِ كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجَةِ مِنْ مَالِهَا وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الرَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَسْبُ عَبْدِهِ وَهُوَ مِلْكُهُ م ر (قَوْلُهُ لَا شَاهِدَ الْإِحْصَانِ) عَبَّرَ الشَّارِحُ هُنَا بِشُهُودِ الْإِحْصَانِ وَفِيمَا يَأْتِي بِشُهُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) لَكَ مَنْعُ الْمُسَاوَاةِ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ. وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ أَيْ الْمُزَكِّي وَبَيْنَ شَاهِدِ الْإِحْصَانِ بِأَنَّ الزِّنَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْصَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْجَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَدُّ، وَالشَّهَادَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّزْكِيَةِ غَيْرُ صَالِحَةٍ أَصْلًا فَكَانَ الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةُ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ فِي عِتْقِ مُسْتَوْلَدَةٍ إلَخْ) ، وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَشَرْطُ اسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ قَدْرَ مَا خَرَجَ. نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَشَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ) أَيْ إنْ اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نُفُوذِ الْعِتْقِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَأَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالصِّفَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى)

ص: 274

فِي) الشَّهْرِ (التَّالِي) لِصِغَرٍ (صَدَرْ) مِنْهُ لَهَا أَيْ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِيهِ (وَ) شَهِدَ لَهَا (اثْنَانِ بِالتَّطْلِيقِ) أَيْ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ (وَالْكُلُّ جَحَدْ) بِبِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ أَنْسَبُ بِشَهِدَ بَعْدَهُ أَيْ وَكُلُّ الشُّهُودِ رَجَعَ أَوْ كُلُّ مَا شَهِدُوا بِهِ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ الْحُكْمِ (يَغْرَمُ مَنْ بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ شَهِدْ مَغْرُومَ زَوْجٍ) أَيْ يَغْرَمُ مَنْ شَهِدَ بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ مَا غَرِمَهُ الزَّوْجُ (بِالسَّوَى) بَيْنَهُمْ نِصْفٌ بِالْعَقْدِ وَنِصْفٌ بِالْوَطْءِ وَ (لَا يَلْحَقُ) الْغُرْمُ (شُهُودَ تَطْلِيقٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ وَافَقُوا الزَّوْجَ فِي عَدَمِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَوِّتُوا عَلَيْهِ شَيْئًا بِزَعْمِهِ (وَ) لَا شُهُودَ (وَطْءٍ) إنْ (أَطْلَقُوا) شَهَادَتَهُمْ أَيْ إنْ لَمْ يُؤَرِّخُوهَا لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ آخَرَ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا فَيَجِبُ النِّصْفُ فَقَطْ عَلَى شُهُودِ الْعَقْدِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ فِي التَّالِي

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْفَرْعِ ثُمَّ رَجَعَ هُوَ أَوْ الْأَصْلُ غَرِمَ الرَّاجِعُ أَوْ هُمَا فَالْغُرْمُ عَلَى الْفَرْعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ إشْهَادَ الْأَصْلِ وَيَقُولُ كَذَبْتَ فِيمَا قُلْت

(وَهُنَّ) أَيْ النِّسَاءُ وَإِنْ كَثُرْنَ (فِي) شَهَادَةِ (الْمَالِ) كَرَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمَحْضِهِنَّ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُنَّ مِنْ رَجُلٍ فَهُنَّ كَمَا كُنَّ فِيهِ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا كُلُّهُمْ غَرِمَ الرَّجُلُ النِّصْفَ وَهُنَّ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُنَّ نِصْفُ الْحُجَّةِ فَلَوْ رَجَعَ هُوَ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ أَوْ هُنَّ وَحْدَهُنَّ فَكَذَلِكَ وَلَوْ رَجَعَ ثَمَانٍ مِنْهُنَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِنَّ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ مَعَ ثَمَانٍ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِنَّ أَوْ مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَعَلَى التِّسْعِ الرُّبُعُ لِبَقَاءِ رُبُعِ الْحُجَّةِ

(وَفِي) شَهَادَةِ (الرَّضَاعِ) وَكُلُّ مَا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسَاءِ كَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ (كُلُّ امْرَأَتَيْنِ يُحْسَبَانِ كَرَجُلٍ) فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرَةُ نِسْوَةٍ بِرَضَاعٍ ثُمَّ رَجَعُوا غَرِمَ الرَّجُلُ سُدُسَ الْمَغْرُومِ، وَكُلُّ امْرَأَتَيْنِ السُّدُسَ وَلَوْ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ وَاحِدٍ إلَى سِتٍّ أَوْ رَجَعَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَا غُرْمَ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مَعَ ثَمَانٍ فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الْغُرْمِ أَوْ مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: وَالنِّسَاءُ فِي الْمَالِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ فِي الرَّضَاعِ كَرَجُلٍ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِ النَّظْمِ الْمَذْكُورِ

(وَقَتْلُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ الرَّاجِعِ ثَابِتٌ (بِقَتْلِهِ) أَيْ بِقَتْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ مِنْ قَتْلِ عَمْدٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ زِنًا بِإِحْصَانٍ أَوْ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً أُخْرَى فَأَفْضَتْ إلَى التَّلَفِ كَحَدِّ الزِّنَا لِلْبِكْرِ وَحَدِّ الشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ (إنْ يَقُلْ) أَيْ الرَّاجِعُ (تَعَمُّدٌ ذَا) أَيْ الْإِشْهَادَ إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَ الرَّاوِي عَنْ رِوَايَةِ خَبَرٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَإِنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ فَلَمْ يَقْصِدْ الرَّاوِي الْقَتْلَ وَيُحَدُّ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا لِلْقَذْفِ ثُمَّ يُقْتَلُ وَهَلْ يُرْجَمُ إنْ رُجِمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْعَبَّادِيِّ وَجَزَمَ فِي فَتَاوِيهِ بِالْأَوَّلِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرَ الْحَجَرِ وَعَدَدَهُ.

قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ (كَالْمُزَكِّي) لِلشُّهُودِ وَلَوْ قَبِلَ شَهَادَتِهِمْ (وَالْوَلِيّ) لِلدَّمِ فَإِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ بِقَتْلِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَإِنَّ التَّزَوُّجَ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ الصَّدَاقِ وَعَدَمِ التَّفْوِيضِ وَالتَّزَوُّجِ بِالْمَجْهُولِ يُوجِبَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَإِذَا غَرِمَهُ جَاءَ مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ أَيْ وَكُلُّ الشُّهُودِ رَجَعَ) بَيَانٌ لِلْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كُلَّمَا شَهِدُوا إلَخْ بَيَانٌ لِلْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ وَافَقُوا الزَّوْجَ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ يَقْتَضِي وُجُودَ النِّكَاحِ وَوُجُوبَ غُرْمِ الْمَهْرِ أَوْ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ: النِّصْفُ فَقَطْ) وُجِّهَ أَنَّهُ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالطَّلَاقِ وَلَمْ يَثْبُتْ وُقُوعُ الْوَطْءِ فِي هَذَا النِّكَاحِ فَشَهَادَةُ شُهُودِ الْعَقْدِ لَمْ تُغَرِّمَهُ إلَّا النِّصْفَ، وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لِلزَّوْجَةِ إلَّا النِّصْفَ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الْغُرْمِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَخُصُّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ مِقْدَارَ الرَّجُلِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِ النَّظْمِ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ فِي الْمَالِ يَحْسِبُ كُلَّ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ بِرَجُلٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ خَبَرُ قَوْلِهِ وَهُنَّ فِي الْمَالِ إلَخْ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْحَاوِي، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْجَمِيعَ فِي الْمَالِ كَرَجُلٍ سم

(قَوْلُهُ: تَعَمُّدٌ) خَبَرٌ وَقَوْلُهُ: ذَا مُبْتَدَأٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّزْكِيَةَ تَصِحُّ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا لِشَاهِدَيْ كِتَابَةٍ مَا يُخَالِفُ هَذَا حَيْثُ قَالُوا إنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ لَا يُعَدِّلُ شُهُودَ الطَّرِيقِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْدِيلٌ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ شُهُودِ الْكِتَابِ مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) شُهُودُ الْكِتَابِ وَالْحُكْمِ يُشْتَرَطُ ظُهُورُ عَدَالَتِهِمْ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَهَلْ تَثْبُتُ عَدَالَتُهُمْ بِتَعْدِيلِ الْكَاتِبِ إيَّاهُمْ وَجْهَانِ قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ نَعَمْ لِلْحَاجَةِ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَعْدِيلٌ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ كَتَعْدِيلِ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ وَلِأَنَّ الْكِتَابَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ فَلَوْ ثَبَتَ بِهِ عَدَالَتُهُمْ لَثَبَتَتْ بِقَوْلِهِمْ، وَالشَّاهِدُ لَا يُزَكِّي نَفْسَهُ اهـ.

فَتَعْلِيلُهُ الْأَوَّلُ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا يُقَالُ لَعَلَّ التَّزْكِيَةَ وَقَعَتْ فِي حَادِثَةٍ قَبْلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعِينٌ لِلشَّاهِدِ الْمُتَسَبِّبِ فِي الْقَتْلِ، وَمَقُولُهُ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ بِالْإِحْصَانِ اهـ وَقَوْلُهُ مُعِينٌ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ بِتَزْكِيَتِهِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِشُهُودِ الزِّنَا الْمُفْضِيَةِ شَهَادَتُهُمْ إلَى الْقَتْلِ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ فِي نِكَاحٍ آخَرَ) أَيْ قَبْلَ هَذَا

(قَوْلُهُ أَوْضَحُ) وَإِنْ كَانَ إعَادَةُ الْجَارِّ وَهُوَ فِي يُفْهِمُ الْمَقْصُودَ وَهُوَ اخْتِصَاصُ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ بِمَا بَعْدَهُ تَدَبَّرْ

ص: 275

الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذَا رَجَعَا وَقَالَا تَعَمَّدْنَا وَوَجْهُهُ فِي الْمُزَكِّي أَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ أَلْجَأَ الْقَاضِي إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلِمْت كَذِبَهُ وَعَلِمْت فِسْقَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَقَالَ الْقَفَّالُ: مَحَلُّهُ إذَا قَالَ عَلِمْت كَذِبَهُ فَإِنْ قَالَ عَلِمْت فِسْقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُقُ مَعَ فِسْقِهِ وَكَالْمُزَكِّي وَالْوَلِيِّ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ (وَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ مَنْ رَجَعَ مِنْ الشَّاهِدِ وَالْمُزَكِّي وَالْوَلِيِّ وَكَذَا الْقَاضِي فِي لُزُومِ الْقَوَدِ، فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ أَرْبَاعًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْكَافِي وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ الْمُؤَاخَذَ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ، وَذَكَرَا فِيهِ هُنَا وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ مَعَهُ كَالشَّرِيكِ لِتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْقَتْلِ، لَا كَالْمُمْسِكِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْمُحِقِّينَ زَادَ النَّوَوِيُّ الْأَصَحُّ مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْجِنَايَاتِ الْقَطْعُ بِهِ فَهُوَ الْأَصَحُّ نَقْلًا وَدَلِيلًا انْتَهَى (لَا أَخْطَأَ) أَيْ قَتْلُ الرَّاجِعِ عَنْ الشَّهَادَةِ ثَابِتٌ بِقَتْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إنْ قَالَ تَعَمَّدْت كَمَا مَرَّ لَا إنْ قَالَ مَعَهُ أَوْ دُونَهُ أَخْطَأَ (مَنْ شَارَكَنِي) فِي الشَّهَادَةِ (أَوْ) أَخْطَأْت (أَنَا) فِيهَا (أَوْ) قَالَ تَعَمَّدْت لَكِنْ (لَمْ أَدْرِ أَنْ) أَيْ الْمَشْهُودَ (يَقْتُلَهُ الْقَاضِي بِقَوْلِي) وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ الْعَمْدِ وَالْعُدْوَانِ بِأَنْ يَلْزَمَهُمَا الدِّيَةُ حِصَّةُ الْمُخْطِئِ مِنْهَا مُخَفَّفَةٌ، وَحِصَّةُ غَيْرِهِ مُغَلَّظَةٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَعَمَّدْت وَلَمْ يَقُلْ أَخْطَأَ شَرِيكِي بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ وَتَعَمَّدَ شَرِيكِي أَوْ لَمْ أَعْلَمْ لَزِمَهُمَا الْقَوَدُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي أَوْ عَكْسُهُ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِي وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت أَنَا وَشَرِيكِي وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ هُوَ فَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ شَرِيكِي وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ لَا يُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ حِينَئِذٍ تَعَمَّدْت وَلَا أَدْرِي حَالَ شَرِيكِي وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَقَالَ تَعَمَّدْنَا لَزِمَهُ الْقَوَدُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْت فَلَا

(وَحَلِفْ) أَيْ سَأَلَ الْقَاضِي ذَكَرَا كَمَا مَرَّ وَسَأَلَ حَلَفَ (كُلِّ أَمِينٍ) كَوَكِيلٍ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَمُضَارِبٍ وَأَجِيرٍ وَمُكْتَرٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُودِعِ (يَدَّعِي أَنْ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ (قَدْ تَلِفَ) فَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً عَلَى تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ ائْتَمَنَهُ فَلْيُصَدِّقْهُ وَلِأَنَّ التَّلَفَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالِاخْتِيَارِ، فَقَدْ لَا تُسَاعِدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَمِنْ ثَمَّ قُبِلَ قَوْلُ غَيْرِ الْأَمِينِ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ سَوَاءٌ (أَطْلَقَهُ) أَيْ التَّلَفَ (أَوْ) ادَّعَاهُ (بِخَفِيٍّ) أَيْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ (وَمَتَى قَالَ) تَلِفَ (بِظَاهِرٍ كَسَيْلٍ) وَلَمْ يُعَرِّفْ (أَثْبَتَا) أَيْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ تَلِفَ بِهِ وَإِنْ عَرَّفَ هُوَ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَالتَّمْثِيلُ بِالسَّيْلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(كَذَاكَ) سَأَلَ حَلِفَ كُلِّ أَمِينٍ (فِي الرَّدِّ) أَيْ رَدِّهِ الْمَالَ (عَلَى مُؤْتَمِنِهْ) بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ وَرَدِّهِ عَلَى غَيْرِ مُؤْتَمِنِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ (لَا مُكْتَرِي الشَّيْءِ وَلَا مُرْتَهِنِهْ) فَلَا يَسْأَلُ الْقَاضِي حَلِفَهُمَا إذَا ادَّعَيَا الرَّدَّ عَلَى الْمُكْرِي وَالرَّاهِنِ بَلْ يَسْأَلُهُمَا الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُمَا أَخَذَا الْمَالَ لِمَنْفَعَةِ أَنْفُسِهِمَا كَالْمُسْتَعِيرِ بِخِلَافِ دَعْوَى التَّلَفِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ يَتَعَلَّقُ بِالِاخْتِيَارِ فَيَسْهُلُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ التَّلَفِ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِجُعْلٍ، وَالْمُضَارِبُ وَالْأَجِيرُ فِي الرَّدِّ مَعَ انْتِفَاعِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا الْمَالَ لِمَنْفَعَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

ذَلِكَ ثُمَّ شَهِدُوا بِالزِّنَا مَعَ قُرْبِ الزَّمَنِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ التَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ لِلْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ قَصْدُ الشَّخْصِ وَلَمْ يُوجَدْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُكَتِ النَّشَائِيِّ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ صَاحِبَ الذَّخَائِرِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُ وَجْهٍ فَارِقٍ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ التَّزْكِيَةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. فَعَلِمْت أَنَّ هَذَا هُوَ مَأْخَذُ الشَّارِحِ وَهُوَ مَأْخَذٌ غَيْرُ مُبَيِّنٍ لِمَا عَلِمْتُهُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْخَيْنِ السَّالِفِ بِرّ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ الْعَمْدِ) أَيْ فَيَكُونُ ذَلِكَ شِبْهَ عَمْدٍ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ بِرّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ) أَيْ حَاجَةً إلَى ذَلِكَ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: تَعَمَّدْت أَنَا وَشَرِيكِي، وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا كَانَ يَقُولُ الْمَيِّتُ أَوْ الْغَائِبُ أَخْطَأْنَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْقَوَدَ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ حِينَئِذٍ تَعَمَّدْت وَلَا أَدْرِي حَالَ شَرِيكِي) أَيْ فَلَا قَوَدَ وَلَا يُشْكِلُ هَذَا عَلَى ثُبُوتِ الْقَوَدِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا قَالَ: كُلٌّ مِنْهُمَا تَعَمَّدْت بِخِلَافِ هَذَا، فَإِنَّهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَعَمَّدْت وَأَيْضًا فَهَذَا مُصَوَّرٌ مَعَ مَا ذُكِرَ بِمَا إذَا كَانَ شَرِيكُهُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ

(قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِ غَيْرِ الْأَمِينِ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ يَضْمَنُ الْبَدَلَ بِخِلَافِ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ أَوْ عَرَفَ دُونَ عُمُومِهِ) فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى الْإِتْيَانِ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا نَظَرٌ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ عَرَفَ أَيْ الظَّاهِرَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ جَهِلَ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي التَّلَفِ بِرّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِهِ) لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ أَنَّ الْوَدِيعَ قَبْلَ مَوْتِهِ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْوَدِيعُ أَنَّهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَالِكِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا لَوْ رَجَعَ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ وَيُفَرَّقَ بَيْنَ الْقَاضِي وَالْوَلِيِّ وَهُوَ وَاضِحٌ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ رَجَعَ الْقَاضِي وَحْدَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ) قَالَ م ر

ص: 276

الْمَالِكِ، وَانْتِفَاعُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهِ (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي بَقَا حَيَاةِ الشَّخْصِ) الَّذِي (قَدْ لُفَّ بِثَوْبٍ) وَلَوْ كَفَنًا (وَامْرُؤٌ نِصْفَيْنِ قَدْ) أَيْ وَقَدْ قَدَّهُ امْرُؤٌ نِصْفَيْنِ وَادَّعَى مَوْتَهُ حِينَ الْقَدِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَالْوَاجِبُ بِالْحَلِفِ الدِّيَةُ لَا الْقَوَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَقَا حَيَاةِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ مُدَّعِيهِ إذَا عَهِدَ لِلْمَلْفُوفِ حَيَاةً وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْجَانِي وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي تَحْلِيفِ الْوَلِيِّ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي كَمَالَ عُضْوٍ) بَاطِنٍ وَهُوَ مَا (سُتِرَا مُرُوءَةً) حَيْثُ جَنَى عَلَيْهِ جَانٍ وَادَّعَى نَقْصَهُ كَشَلَلٍ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا (خِلَافَ) مُدَّعِي كَمَالِ (عُضْوٍ ظَهَرَا) وَهُوَ مَا لَا يَخْرِمُ كَشْفُهُ الْمُرُوءَةَ كَيَدٍ فَلَا يَسْأَلُ الْقَاضِي حَلِفَهُ بَلْ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ إذْ لَا يَعْسُرُ إقَامَتُهَا عَلَى كَمَالِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ الْبَاطِنِ هَذَا إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ

الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ فَإِنْ ادَّعَى حُدُوثَ النَّقْصِ فَالْمُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَ) سَأَلَ (حَلِفَ الْوَارِثِ) أَيْ وَارِثِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (حَيْثُ يَدَّعِي وَفَاتَهُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْأَرْبَعِ) الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِيَلْزَمَ الْجَانِيَ دِيَتَانِ وَادَّعَى الْجَانِي وَفَاتَهُ بِالسِّرَايَةِ لِيُلْزِمَهُ دِيَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ، وَهَذَا فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُ الِانْدِمَالَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ لِقِصَرِهَا كَيَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ فَالْمُصَدَّقُ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ، أَوْ قُطِعَ فِيهَا بِالِانْدِمَالِ لِطُولِهَا فَالْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ بِلَا يَمِينٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ لِمُدَّةِ الِانْدِمَالِ ضَبْطٌ فَقَدْ يَبْقَى الْجُرْحُ سِنِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَهُوَ مَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ وَأَسْقَطَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا الْبَحْثَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى قَتْلِهِ لَكِنْ قَالَ الْجَانِي قَتَلْتُهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَهُ فَعَلَيْكَ ثَلَاثٌ، وَالزَّمَنُ مُحْتَمِلٌ لِلِانْدِمَالِ صُدِّقَ الْوَلِيُّ فِي بَقَاءِ الدِّيَتَيْنِ وَالْجَانِي فِي نَفْيِ الثَّالِثَةِ (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي حُرِّيَّةِ الَّذِي قَذَفْ) أَيْ قَذَفَهُ (زَيْدٌ) الْحُرُّ وَادَّعَى رِقَّهُ (كَفِي) أَيْ كَمَا يَسْأَلُ حَلِفَ مُدَّعِي حُرِّيَّةِ الْقَتِيلِ فِي صُورَةِ (الْقَتْلِ وَ) الْمَقْطُوعِ (فِي) صُورَةِ (قَطْعِ الطَّرَفِ) وَقَدْ ادَّعَى الْجَانِي رِقَّهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ الْحُرِّيَّةُ سَوَاءٌ ادَّعَاهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَمْ وَارِثُهُ (وَإِنْ خُنْثَى بِأُنُوثَةٍ أَقَرْ) أَيْ وَسَأَلَ حَلِفَ مُدَّعٍ أَنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ أَقَرَّ بِأُنُوثَتِهِ حَيْثُ قَطَعَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِأُنُوثَتِهِ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ الْقَوَدُ فَأَنْكَرَ الْخُنْثَى وَادَّعَى أَنَّهُ ذَكَرٌ لِيُثْبِتَ لَهُ الْقَوَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَوَدِ، وَالْمَقْطُوعُ مِنْهُمْ فِي قَوْلِهِ (وَالْعَوْدُ عَنْ إذْنٍ وَمَا الْبَيْعُ صَدَرْ) أَيْ وَسَأَلَ حَلِفَ مُدَّعِي الْعَوْدِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ إذْنِهِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ صُدُورِ الْبَيْعِ حَيْثُ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَهُ ثُمَّ ادَّعَى رُجُوعَهُ عَنْهُ قَبْلَ بَيْعِهِ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: الْمُصَدَّقُ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الرَّهْنِ أَيْضًا (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي قَصْدِ الْأَدَا) عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِهِ رَهْنٌ مَثَلًا وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْأَدَاءَ كَانَ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ لَيْسَ بِهِ رَهْنٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ (وَدُونَهُ لِأَيِّ دَيْنٍ شَاءَ يَصْرِفُونَهُ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى

ــ

[حاشية العبادي]

رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي) وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُ الْحَيَاةِ لَا الْقَتْلِ فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الْمَلْفُوفِ وَيُفَرَّقَ بِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَدَلٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ جَزَمَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَجَعَلَهُ أَمْرًا وَاضِحًا حَيْثُ قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا قِصَاصَ اهـ.، وَقَدْ كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِخَطِّهِ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا قَالَهُ ع نَقْلًا عَنْهُ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِارْتِضَائِهِ وَاعْتِمَادِ نَفْيِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: التَّصْوِيرُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَالْإِمَامِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، فَغَيْرُ الْمُبَاشِرِ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) كَسِقْطٍ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) هُوَ الْأَوْجَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْبُلْقِينِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ تَصْدِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ إذَا أَنْكَرَ الْجَانِي أَصْلَ السَّلَامَةِ فَيُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ السَّلَامَةِ الَّتِي شَهِدَتْ بِهَا إلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ) أَيْ بِيَمِينِهِ، وَكَذَا الْجَانِي، فَحَلِفُ الْجَانِي أَفَادَ سُقُوطَ الثَّالِثَةِ وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً اهـ.

شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ أَقَرَّ) خَرَجَ مَا لَوْ ادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ؛ لِأَنَّ أُنُوثَتَهُ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ أَوْ بِالْوِلَادَةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْخُنْثَى فِي قَوْلِهِ الْآنَ: إنِّي ذَكَرٌ لِاتِّهَامِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَقْطُوعَ إنْ كَانَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ أَدَّى حُكُومَتَهُمَا وَوَقَفَ الْأَمْرُ فَإِنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ اقْتَصَّ وَرَدَّ الْحُكُومَتَيْنِ فَإِنْ عَفَا فَدِيَتَانِ، وَتَقَاصَصَ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْحُكُومَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ هُمَا وَالشَّفْرَيْنِ تَأَتَّى هُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقُ فِي الْجِنَايَةِ: وَرَجُلٌ الْأَقَلُّ مِنْ حُكُومَةِ شَفْرَيْهِ إلَخْ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ

ص: 277

أَحَدَ الدِّيَتَيْنِ دُونَ قَصْدٍ فَلَهُ صَرْفُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالَانِ: حَاضِرٌ، وَغَائِبٌ وَدَفَعَ الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ لَهُ صَرْفُهَا إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ فَالِاخْتِيَارُ لِسَيِّدِهِ لَا لَهُ (وَضِدُّ رِقِّ أَصْلِهِ) أَيْ وَسَأَلَ حَلِفَ مُدَّعٍ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِرِقٍّ، وَاسْتَرَقَّهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَإِذَا حَلَفَ رَجَعَ مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي مُنَازَعَتِهِ بِأَنَّهُ رَقِيقٌ أَوْ صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ ذَكَرْتُهُ عَلَى رَسْمِ الْخُصُومَةِ أَوْ اعْتَمَدْت ظَاهِرَ الْيَدِ (وَإِنْ سَبَقْ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُدَّعِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَسَبَقَ مِنْ مُسْتَرِقِّهِ (قَرِينَةٌ) تَدُلُّ عَلَى الرِّقِّ ظَاهِرًا كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ (قَبْلَ بُلُوغِ الْمُسْتَرِقِّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ إنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ فِيمَا هُوَ مَالٌ فِي نَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ، إذْ الْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ كَمَا عُرِفَ (خَالَفَ ذَا) أَيْ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ مَعَ سَبْقِ قَرِينَةِ الرِّقِّ قَبْلَ بُلُوغِهِ (مَا فِي اللَّقِيطِ ذَكَرَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْحَاوِي فِي بَابِ اللَّقِيطِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اسْتَرَقَّهُ فِي صِغَرِهِ ثُمَّ بَلَغَ وَجَحَدَ لَمْ يَبْطُلْ رِقُّهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.

وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي سَبْقِ قَرِينَةِ الْمِلْكِ بِاسْتِخْدَامِهِ وَهُنَاكَ فِي التَّصْرِيحِ بِرِقِّهِ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ مَا لَوْ ادَّعَى إعْتَاقَهُ أَوْ إعْتَاقَ مَنْ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ (وَذُو الْبُلُوغِ بِالسُّكُوتِ يُشْتَرَى) أَيْ وَالْبَالِغُ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ مَعَ سُكُوتِهِ عَنْ الِاعْتِرَافِ بِالرِّقِّ وَعَنْ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُشْتَرَى إلَّا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَبِيعُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُسْتَحِقِّ بَدَلٍ عَنْ الدَّمِ) الْمُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْقَتْلِ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى بَابِ الْقَسَامَةِ وَهِيَ أَيْمَانُ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِقَتْلِ الْيَهُودِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ بِخَيْبَرَ وَأَنْكَرَهُ الْيَهُودُ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» وَفِي رِوَايَةِ «تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودٌ بِخَمْسِينَ يَمِينًا، قَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ» وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»

وَالْمُرَادُ بِبَدَلِ الدَّمِ بَدَلُ دَمِ الْقَتِيلِ كَمَا سَيَأْتِي حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَلَا قَسَامَةَ فِي بَدَلِ إتْلَافِ مَا عَدَاهُمَا مِنْ مَالٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهَا بَلْ يُصَدَّقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ لَوْثٌ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي خِلَافُ الْقِيَاسِ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي النَّفْسِ، وَحُرْمَتُهَا أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ غَيْرِهَا فَلَوْ مَاتَ الْمَقْطُوعُ عَلَى رِدَّتِهِ الْمُتَخَلِّلَةِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَلَا قَسَامَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ ضَمَانُ الْجُرْحِ دُونَ النَّفْسِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَحَقِّ الْمُسْتَحَقُّ الْخَاصُّ فَلَوْ كَانَ الْإِرْثُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا قَسَامَةَ (أَيْ لِوُجُوبِ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ لِوُجُوبِ (الْبَدَلِ الْمُقَدَّمِ) فِي بَابِ الْجِرَاحِ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ لَا لِوُجُوبِ الْقَوَدِ بِشَرْطِهِ لِمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ «قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ» وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا تُوجِبُ الْقَوَدَ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الدِّمَاءِ وَلَيْسَتْ كَاللِّعَانِ فِي رَجْمِ الْمَرْأَةِ لِتَمَكُّنِهَا فِيهِ مِنْ الدَّفْعِ بِلِعَانِهَا وَلَا كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ لِتَقَوِّيهَا بِالنُّكُولِ وَلِهَذَا جُعِلَتْ كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ

(كَمِثْلِ مَنْ كُوتِبَ) أَيْ مُسْتَحِقُّ بَدَلِ الدَّمِ كَمُكَاتَبٍ (فِي) قَتْلِ (عَبْدٍ) لَهُ فَيَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَا سَيِّدُهُ بِخِلَافِ عَبْدِ الْمَأْذُونِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ دُونَهُ وَزَادَ (مَثَلْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ كَالْمُكَاتَبِ فِي عَبْدِهِ مَثَلًا (وَسَيِّدٍ لِلْعَجْزِ)

ــ

[حاشية العبادي]

الْقِصَاصِ عَلَى عَادَتِهِ فِي كِتَابَةِ مَا يَرْتَضِيهِ بِإِزَاءِ مَا لَا يَرْتَضِيهِ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُصَرِّحُ بِرَدِّهِ تَأَدُّبًا مَعَهُ (قَوْلُهُ فَالِاخْتِيَارُ لِسَيِّدِهِ) هَذَا إذَا تَنَازَعَا عِنْدَ الْأَدَاءِ، فَإِنَّهُ أَدَّى مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَلَا قَصْدٍ فَالْخِيَرَةُ لَهُ كَغَيْرِهِ فَلَهُ تَعْيِينُهُ لِمَا شَاءَ م ر (قَوْلُهُ وَضِدُّ رِقِّ أَصْلِهِ) وَهُوَ حُرِّيَّةُ أَصْلِهِ أَيْ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ أَيْ الْحُرِّيَّةُ أَصَالَةً (قَوْلُهُ وَأَجَابَ الشَّارِحُ إلَخْ) قَدْ رُدَّ هَذَا الْجَوَابُ بِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ فِي الصِّغَرِ مِلْكَهُ وَيَسْتَخْدِمَهُ ثُمَّ يَبْلُغُ وَيُنْكِرُ وَأَنْ يَتَجَرَّدَ الِاسْتِخْدَامُ إلَى الْبُلُوغِ ثُمَّ يَدَّعِيَ مِلْكَهُ وَيُنْكِرَ الْمُسْتَرَقُّ وَبِهَذَا يُوَجَّهُ النَّظَرُ، وَقَدْ اعْتَمَدَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ مَا فِي اللُّقَطَةِ وَقَيَّدَ بِهِ مَا هُنَا فَقَالَ: وَحُرِّيَّةُ أَصْلِ مَنْ اشْتَرَى سَاكِتًا وَلَمْ يَرِقَّ صَغِيرًا اهـ.

(قَوْلُهُ فِي التَّصْرِيحِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ تَصْرِيحَ الرَّقِيقِ فَالصَّغِيرُ لَا عِبْرَةَ بِتَصْرِيحِهِ أَوْ تَصْرِيحِ الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يَكُونُ تَصْرِيحُهُ دَالًّا عَلَى مِلْكِهِ؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي لَكِنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِالْمِلْكِ بِطَرِيقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا وَجْهُ نَظَرِ الشَّارِحِ أَوْ مِنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَحْسَنُ حَمْلُ مَا فِي اللَّقِيطِ عَلَى مَا إذَا حُكِمَ لَهُ بِرِقِّهِ فِي صِغَرِهِ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِاسْتِخْدَامِهِ فَادَّعَى مِلْكَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِبَدَلِ الدَّمِ) أَيْ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَلَا كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْقَوَدِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ فِي عَبْدِهِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ أَمَتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَتَحْلِفُونَ) هَذَا مُجَامَلَةٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إذْ الَّذِي يَحْلِفُ أَخُوهُ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ أَمَّا حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ فَهُمَا ابْنَا عَمِّهِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم وَقَوْلُهُ: فَتُبَرِّئُكُمْ أَيْ مِنْ دَعْوَاكُمْ وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَيْسَ فِي جِهَتِهِمْ حَتَّى

ص: 278

أَيْ وَكَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِ مُكَاتَبِهِ فَيَحْلِفُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ (قَبْلَ أَنْ نَكَلْ) عَنْ الْيَمِينِ وَلَوْ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ الْمُسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ فَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ نُكُولِهِ لَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِالنُّكُولِ بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَمَا حَلَفَ فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ كَمَا لَوْ مَاتَ (كَوَارِثِ الْمَيِّتِ) الْمُسْتَحِقِّ لِبَدَلِ الدَّمِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَنْكُلْ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ مَوْتِهِ دُونَ مَا إذَا نَكَلَ (وَلَوْ فِي مُسْتَرَقْ قِيمَتُهُ يُوصِي بِهَا) أَيْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ ثُمَّ الْوَارِثُ وَلَوْ فِي بَدَلِ دَمِ الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِقِيمَتِهِ فَلَوْ أَوْصَى بِقِيمَةِ عَبْدِهِ إنْ قُتِلَ صَحَّتْ وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا الْخَطَرُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْأَخْطَارَ فَيَحْلِفُ السَّيِّدُ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ حَلِفِهِ وَنُكُولِهِ حَلَفَ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِقَتْلِ مَمْلُوكِ السَّيِّدِ فَتُورَثُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ لَهُ ثُمَّ يَصْرِفُهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِمُوجِبِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا ظَاهِرًا فِي تَنْفِيذِهَا كَمَا أَنَّهُ يَقْضِي دُيُونَهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّرِكَةِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَيَجِبُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْوَارِثُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَقْسِمَ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لِإِثْبَاتِ الْقَتْلِ فَتَخْتَصُّ بِخَلِيفَةِ السَّيِّدِ.

نَعَمْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْقِيمَةَ وَيَطْلُبَ بِيَمِينِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فِيهَا ظَاهِرًا وَلَا يَحْتَاجُ فِي طَلَبِهَا إلَى إثْبَاتِ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِذَا نَكَلَ الْخَصْمُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ دَعْوَاهُ عَلَى إعْرَاضِ الْوَارِثِ عَنْ الدَّعْوَى (نِسْبَةُ حَقْ هَذَا مِنْ الْخَمْسِينَ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا بِنِسْبَةِ حَقِّهِ مِنْ الْبَدَلِ (فِي الْقَسَامَهْ) فَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ ابْنَانِ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ وَاحِدًا حَلَفَ الْخَمْسِينَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ لِتَكْمُلَ الْحُجَّةُ وَفِي الْمُعَادَةِ لَا يَحْلِفُ وَلَدُ الْأَبِ إلَّا إذَا أَخَذَ شَيْئًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ فَفِي جَدٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ يَحْلِفُ الْجَدُّ خُمُسَيْ الْأَيْمَانِ، وَالْأُخْتُ نِصْفَهَا وَتَبْقَى خَمْسَةُ أَيْمَانٍ يَحْلِفُهَا الْأَخُ، وَفِي جَدٍّ وَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ يَحْلِفُ الْجَدُّ خُمُسَيْ الْأَيْمَانِ وَالْأَخُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا وَلَا تَحْلِفُ الْأُخْتُ شَيْئًا (وَالْكَسْرَ فِي الْأَيْمَانِ رُمْ تَمَامَهُ) أَيْ اقْصِدْهُ بِمَعْنَى تَمِّمْهُ فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ ثَلَاثَةَ بَنِينَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا أَوْ ابْنًا وَزَوْجَةً حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ سَبْعَةَ أَيْمَانٍ وَالِابْنُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ (وَحَاضِرٍ) أَيْ وَكَالْحَاضِرِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ غَيْبَةِ بَاقِيهِمْ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ (بِشَرْطِ أَنْ يُقَدَّرَا حَائِزَ مِيرَاثٍ) فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَحَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَمْ يَصْبِرْ إلَى قُدُومِ الْغَائِبَيْنِ حَلَفَ الْخَمْسِينَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ لِتَعَذُّرِ أَخْذِ شَيْءٍ قَبْلَ تَمَامِ الْحُجَّةِ فَيُفْرَضُ حَائِزًا لِذَلِكَ فَإِذَا حَضَرَ الثَّانِي فُرِضَ هُوَ وَالْأَوَّلُ حَائِزَيْنِ فَيَحْلِفُ النِّصْفَ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ فَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ يَحْلِفُ الثُّلُثَ بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ وَهُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَأَخَذَ بَاقِيَ الْبَدَلِ،

فَالْأَيْمَانُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الشُّفْعَةِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْحَاضِرُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الْقَسَامَةِ حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كَمَّلَ مَعَهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِيهَا تَقْصِيرٌ مُبْطِلٌ، وَالْقَسَامَةُ لَا تَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ، إذْ الصَّحِيحُ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْحَاضِرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ قِيمَتُهُ يُوصِي بِهَا) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ فَقُتِلَ، فَإِنَّ السَّيِّدَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ هُنَا لَكِنَّهُ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِعَيْنٍ فَادَّعَاهَا شَخْصٌ فَقِيلَ يَحْلِفُ الْوَارِثُ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ ثَبَتَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْوَارِثِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُوصِي لَهُ فَهُوَ الْحَالِفُ جَزْمًا حَجَرٌ وَرَوْضٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْوَارِثُ) يُرِيدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ ثَمَّ بِرّ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي طَلَبِهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَهُ إثْبَاتَ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ)

ــ

[حاشية الشربيني]

تُبَرِّئَهُمْ الْيَهُودُ مِنْهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِخَلِيفَةِ السَّيِّدِ) الْأَعَمُّ بِخَلِيفَةِ الْمَيِّتِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) كَأَنَّهُ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا يَحْتَاجُ فِي طَلَبِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي دَعْوَاهَا وَالتَّحْلِيفِ إلَى إثْبَاتِ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا إلَى إعْرَاضِ الْوَرَثَةِ عَنْ الدَّعْوَى. اهـ.

(قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ حَقِّهِ مِنْ الْبَدَلِ) وَهَلْ التَّوْزِيعُ بِحَسَبِ أَسْمَاءِ فَرَائِضِهِمْ أَوْ بِحَسَبِ سِهَامِهِمْ وَذَلِكَ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْعَوْلِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ، فَهَلْ يَحْلِفُونَ عَلَى أَسْمَاءِ فَرَائِضِهِمْ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ نِصْفَ الْخَمْسِينَ وَالْأُمُّ سُدُسَهَا وَالْأُخْتَانِ لِلْأَبِ ثُلُثَيْهَا وَالْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ ثُلُثَهَا جَبْرًا لِلْمُنْكَسِرِ فِي الْجَمِيعِ أَوْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى نِسْبَةِ سِهَامِهِ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ الْخَمْسِينَ وَالْأُخْتَانِ لِلْأَبِ أَرْبَعَةَ أَعْشَارِهَا وَالْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ خُمُسَهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَ الثَّانِيَ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: نِسْبَةُ حَقِّهِ إلَخْ) أَيْ غَالِبًا وَخَرَجَ بِهِ زَوْجَةٌ وَبَيْتُ الْمَالِ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ الْخَمْسِينَ مَعَ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ إلَّا الرُّبُعَ وَزَوْجَةٌ وَبِنْتٌ فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشَرَةً وَالْبِنْتُ الْبَاقِيَ تَوْزِيعًا عَلَى سِهَامِهِمَا فَقَطْ وَهِيَ خَمْسَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَلَا يَثْبُتُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِحَلِفِ مَنْ مَعَهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، بَلْ يُنَصِّبُ الْإِمَامُ مُدَّعِيًا فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ. اهـ

م ر (قَوْلُهُ خُمُسَيْ الْأَيْمَانِ) ؛ لِأَنَّهُ يُقَاسِمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ خَيْرٌ لَهُ فَيَأْخُذُ

ص: 279

مِنْهَا بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ حَلَفَ الْحَاضِرُ ثُمَّ مَاتَ الْغَائِبُ وَوَارِثُهُ الْحَالِفُ حَلَفَ حِصَّتَهُ لِأَخْذِ نَصِيبِهِ وَلَمْ يَحْسِبْ مَا مَضَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا لَهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَهُوَ كَالْغَائِبِ، وَالْمُكَلَّفُ كَالْحَاضِرِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ حَلِفِهِ وُزِّعَتْ حِصَّتُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ مَعَ تَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ، فَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ ابْنَانِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَلِفِهِ عَنْ ابْنَيْنِ حَلَفَ كُلٌّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَمِينًا، فَلَوْ حَلَفَهَا أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ حَلِفِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ أَخِيهِ حَلَفَ أَيْضًا ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَحْلِفُ مُوَرِّثُهُ وَلَا يَكْفِيهِ إتْمَامُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ (وَخُنْثَى أَكْثَرَا) أَيْ وَسَأَلَ حَلِفَ الْخُنْثَى الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَيْمَانِ بِتَقْدِيرَيْ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (وَيَأْخُذُ الْأَقَلَّ) مِنْ الْبَدَلِ بِالتَّقْدِيرَيْنِ احْتِيَاطًا فَلَوْ خَلَفَ الْقَتِيلُ وَلَدًا خُنْثَى وَابْنًا حَلَفَ الْخُنْثَى النِّصْفَ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَأَخَذَ مِنْ الْبَدَلِ الثُّلُثَ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَحَلَفَ الِابْنُ الثُّلُثَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْأُنُوثَةِ وَأَخَذَ النِّصْفَ لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ وَلَوْ خَلَفَ وَلَدًا خُنْثَى وَأَخًا عَاصِبًا حَلَفَ الْخُنْثَى الْخَمْسِينَ وَأَخَذَ النِّصْفَ (وَاَلَّذِي بَقِيَ) مِنْ الْبَدَلِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ النِّصْفُ (فَذَاكَ) أَيْ فَهُوَ (مَوْقُوفٌ) بِأَنْ يَأْخُذَهُ الْقَاضِي وَيُوقِفَهُ بَيْنَ الْخُنْثَى وَالْمُنْتَظِرِ اسْتِحْقَاقَهُ (إلَى التَّحَقُّقِ) لِحَالِ الْخُنْثَى (لَكِنْ بِشَرْطِ حَلِفٍ مِنْ مُنْتَظِرْ) اسْتِحْقَاقَهُ (حِصَّتَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَحْلِفُ الْأَخُ فِي الْمِثَالِ النِّصْفَ ثُمَّ إذَا تَبَيَّنَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمَا دَفَعَ الْقَاضِي إلَيْهِ الْمَوْقُوفَ بِالْيَمِينِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْخُنْثَى مَنْ يُنْتَظَرُ اسْتِحْقَاقُهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ الْقَاضِي الْبَاقِيَ بَلْ يُتْرَكُ فِي جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى ظُهُورِ الْحَالِ فَإِنْ ظَهَرَ ذَكَرًا أَخَذَهُ أَوْ أُنْثَى حَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْبَاقِي

(إذَا لَوْثٌ ظَهَرْ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ إنْ ظَهَرَ لَوْثٌ وَهُوَ (قَرِينَةٌ تَغْلِبُ الظَّنَّ) بِصِدْقِ الْمُدَّعِي (كَمَنْ يُلْفَى) أَيْ يُوجَدُ (قَتِيلًا حَيْثُ مَنْ عَادَى سَكَنَ) يَعْنِي كَوِجْدَانِ قَتِيلٍ بِمَكَانٍ سَاكِنٍ فِيهِ أَعْدَاؤُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ وَإِلَّا فَرُبَّمَا قَتَلَهُ غَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: الشَّرْطُ أَنْ لَا يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بَأْسَ بِمُخَالَطَةِ الْمُجْتَازِينَ لِلْحَاجَاتِ كَالتِّجَارَةِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَكَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الثَّانِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ بَلْ جَمِيعُهُمْ، إلَّا الشَّاذَّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تُؤَثِّرُ مُسَاكَنَةُ أَهْلِهِ وَأَصْدِقَائِهِ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ غَيْرُ أَهْلِهِ لَمْ تُشْتَرَطْ الْعَدَاوَةُ (أَوْ) يُوجَدُ قَتِيلًا طَرِيًّا (بَيْنَ جَمْعٍ يَقْبَلُونَ الْحَصْرَا) أَيْ يُتَصَوَّرُ حَصْرُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَعْدَاءَهُ فَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ حَصْرُهُمْ بِأَنْ لَا يُتَصَوَّرَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتْلِ فَلَا قَسَامَةَ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْوَلِيُّ مِنْهُمْ جَمْعًا مَحْصُورًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَنْبَغِي جَوَازُهَا كَمَا لَوْ ثَبَتَ لَوْثٌ عَلَى مَحْصُورِينَ فَادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ وَاسْتَبْعَدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ تَطَرُّقَ الْجَهْلِ هُنَا إلَى الْقَاتِلِ أَكْثَرُ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ لِثُبُوتِ اللَّوْثِ (أَوْ) يُوجَدُ قَتِيلًا طَرِيًّا فِي (صَفِّ خَصْمٍ قَاتَلُوا) صَفًّا آخَرَ يَبْلُغُ سِلَاحُهُمْ الْقَتِيلَ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِمْ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ صَفِّهِ لَا يَقْتُلُونَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ سِلَاحُهُمْ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ صَفِّهِ (أَوْ) يُوجَدُ قَتِيلًا طَرِيًّا فِي (صَحْرَا بِرَجُلٍ) أَيْ مَعَ رَجُلٍ عِنْدَهُ (بِمُدْيَةٍ) مَثَلًا.

(قُلْتُ) مُلَطَّخَةٍ (بِدَمْ) أَيْ بِثَوْبِهِ أَثَرُهُ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يُمْكِنُ إحَالَةُ الْقَتْلِ عَلَيْهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا لَوْثَ فِي حَقِّهِ أَيْ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ كَأَنْ وُجِدَ بِهِ جِرَاحَاتٌ لَا يَكُونُ مِثْلُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْحَاوِي كَالْوَجِيزِ لِلتَّلَطُّخِ بِالدَّمِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ، لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فَلِهَذَا زَادَهُ النَّاظِمُ (وَكَاعْتِرَافِهِ) أَيْ قَرِينَةُ اللَّوْثِ كَوِجْدَانِ الْقَتِيلِ فِيمَا مَرَّ وَكَاعْتِرَافِ شَخْصٍ (بِسِحْرٍ) مُمَرِّضٍ غَيْرِ قَاتِلٍ (بِأَلَمْ) أَيْ

ــ

[حاشية العبادي]

كَبِنْتٍ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الْأُنُوثَةِ) لِلْخُنْثَى وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ أَيْ لِلْخُنْثَى (قَوْلُهُ وَهُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ) أَيْ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ السُّدُسُ (قَوْلُهُ فِي التَّصْحِيحِ) لِابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ، وَلَوْ شَارَكَ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثًا خَاصًّا حَلَفَ كُلٌّ الْخَمْسِينَ وَلَا يَثْبُتُ الْبَاقِي بِيَمِينِهِ، بَلْ حُكْمُهُ كَمَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ كَذَا قَالَاهُ وَقَالَا فِيمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَفِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ خِلَافٌ يَأْتِي وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لَكِنْ صَحَّحَا فِي الدَّعَاوَى فِيمَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَادَّعَى الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ، بَلْ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ هُنَاكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

اثْنَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ وَتَأْخُذُ الْأُخْتُ اثْنَيْنِ وَنِصْفَ نِصْفِ الْخَمْسَةِ وَيَأْخُذُ الْأَخُ لِلْأَبِ نِصْفَ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ حَلَّفَ الْقَاضِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْخُنْثَى مَنْ يُنْتَظَرُ اسْتِحْقَاقُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ إلَى ظُهُورِ الْحَالِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْحَلِفِ إلَى الْبَيَانِ فَيَحْلِفُ بَعْدَ ظُهُورِهِ أُنْثَى وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ

(قَوْلُهُ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ شَبِيهَةٌ بِالدَّارِ الَّتِي تَفَرَّقَ فِيهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ قَتِيلٍ. اهـ (قَوْلُهُ وَاسْتَبْعَدَهُ إلَخْ) قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ هَذَا الْفَرْقُ لَا يُجْدِي (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ اللَّوْثِ) كَلَامُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ اللَّوْثِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَكِنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا عَلَى

ص: 280

مَعَ أَلَمٍ مِنْ وَقْتِ السِّحْرِ (حَتَّى قَضَى) أَيْ إلَى إنْ مَاتَ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الْمُعْتَرِفِ، وَإِنْ قَالَ لَكِنْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ

(وَقَوْلِ رَاوٍ) أَيْ وَكَقَوْلِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الْمُخْبَرِ عَنْهُ سَوَاءٌ أَتَى الرَّاوِي بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ أَمْ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِ رَاوٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِرَاوٍ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَفِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ لَوْثٌ، وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ

، وَالْمُرَادُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ جَاءَا مُتَفَرِّقَيْنِ أَمْ لَا (وَ) كَقَوْلِ (بَنِي) أَيْ أَصْحَابِ (فِسْقٍ) وَلَوْ كُفْرًا (وَصِبْيَةٍ) أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الْمُخْبَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ يَكُونُ غَالِبًا عَنْ حَقِيقَةٍ، وَمِنْ اللَّوْثِ التَّسَامُعُ بِأَنْ وَقَعَ فِي أَلْسِنَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا، وَإِبْهَامُ الْمُخْبِرِ الْقَاتِلَ كَقَوْلِهِ قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَإِذَا عَيَّنَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا أَقْسَمَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّفَرُّقِ عَنْ قَتِيلٍ، وَلَيْسَ مِنْهُ قَوْلُ الْجَرِيحِ: جَرَحَنِي فُلَانٌ وَلَا إبْهَامُ الْقَتِيلِ كَقَوْلِهِ قَتَلَ فُلَانًا أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ، وَخَالَفَ إبْهَامُ الْقَاتِلِ بِأَنَّ الْقَاتِلَ يُخْفِي قَتْلَهُ مَا أَمْكَنَهُ فَيَعْسُرُ تَعْيِينُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ اتَّحَدَ وَلِيُّهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ اُتُّجِهَ اللَّوْثُ وَلَوْ عَايَنَ الْقَاضِي لَوْثًا اعْتَمَدَهُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِالْأَيْمَانِ (وَإِنْ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ إنْ ظَهَرَ لَوْثٌ وَإِنْ (لَمْ يَكُنِ) بِالْقَتِيلِ بَعْدَ ظُهُورِ أَثَرِ قَتْلِهِ (آثَارُ تَخْنِيقٍ وَجُرْحٍ) لِاحْتِمَالِ هَلَاكِهِ بِعَصْرِ خُصْيَيْهِ وَقَبْضِ مَجْرَى نَفَسِهِ وَنَحْوِهِمَا فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ أَثَرٌ أَصْلًا فَلَا قَسَامَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ فَجْأَةً، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَتِيلٌ لِيَبْحَثَ عَنْ الْقَاتِلِ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ ثُبُوتُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ثُمَّ بَسَطَهُ (لَا بِأَنْ تَكَاذَبَ الشُّهُودُ) إمَّا (وَصْفًا) كَأَنْ قَالَ وَاحِدٌ: قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ: حَزَّ رَقَبَتَهُ (وَ) إمَّا (زَمَنْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ غُدْوَةً وَقَالَ الْآخَرُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ عَشِيَّةً (وَ) إمَّا (آلَةٍ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالرُّمْحِ فَإِنَّهُ لَا يَسْأَلُ فِي الثَّلَاثِ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ لِبُطْلَانِ اللَّوْثِ بِالتَّدَافُعِ بِالتَّكْذِيبِ، وَمِثْلُهَا التَّكَاذُبُ بِالْمَكَانِ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمَا وَيَأْخُذْ الْبَدَلَ كَنَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ؟ .

وَيُجَابُ بِأَنَّ بَابَ الْقَسَامَةِ أَمْرُهُ أَعْظَمُ وَلِهَذَا غَلَّظَ فِيهِ بِتَكْرِيرِ الْأَيْمَانِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ عَمْدًا كَمَا ادَّعَى الْوَلِيُّ، وَقَالَ الْآخَرُ قَتَلَهُ خَطَأً لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، بَلْ حُكْمُهُ كَمَا فِي التَّكَاذُبِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ فَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ شَامِلٌ لَهُ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ثُبُوتُهُ؛ لِأَنَّ التَّكَاذُبَ فِيمَا مَرَّ مَحْسُوسٌ، وَالْعَمْدِيَّةُ وَالْخَطَئِيَّةُ فِي مَحَلِّ الِاشْتِبَاهِ، ثُمَّ يَسْأَلُ الْجَانِي فَإِنْ أَقَرَّ بِعَمْدٍ ثَبَتَ أَوْ بِخَطَأٍ وَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ ثَبَتَ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَقْسَمَ الْوَلِيُّ وَحَكَمَ بِمُقْتَضَى الْقَسَامَةِ وَإِنْ امْتَنَعَ حَلَفَ الْجَانِي، وَالدِّيَةُ مُخَفَّفَةٌ فِي مَالِهِ أَوْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ مُوجِبُ الْعَمْدِ أَوْ نَكَلَ فَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِعْلًا وَخَبَرًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ، وَقَالَ الْآخَرُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ فَهُوَ لَوْثٌ وَلَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِقَوْلِهِمَا (أَوْ يَحْلِفَنْ بِغَيْبَتِهِ) أَيْ وَلَا إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ عَلَى غَيْبَتِهِ وَقْتَ الْقَتْلِ وَلَا بَيِّنَةَ بِحُضُورِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَسْأَلُ حَلِفَ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَنَقَضَ) الْقَاضِي (الْحُكْمَ بِهَا) أَيْ بِالْقَسَامَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَالَ (بِحُجَّتِهْ) أَيْ بِحُجَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْبَتِهِ فِي وَقْتِ الْقَتْلِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعِي أَوْ قَامَتْ حُجَّةٌ بِأَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيُعْتَبَرُ فِي بَيِّنَةِ الْغَيْبَةِ أَنْ يَقُولُوا كَانَ غَائِبًا بِمَوْضِعِ كَذَا فَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَهُوَ نَفْيٌ مَحْضٌ فَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

لَعَلَّ هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَهْلُ هُنَا أَيْ فِي الْمَقِيسِ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ أَيْ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ غَيْرُ قَاتِلٍ قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ حَتَّى قَضَى (قَوْلُهُ بَيْنَ فِسْقِ صَبِيَّةٍ) وَفُهِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ الْفَاسِقَيْنِ أَوْ الْكَافِرَيْنِ لَا يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ (قَوْلُهُ اتَّجَهَ اللَّوْثُ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُعَيِّنُ أَحَدَ الْقَبِيلَتَيْنِ أَوْ يَدَّعِي عَلَى الْإِبْهَامِ (قَوْلُهُ فَلَا قَسَامَةَ) ، عِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلَا لَوْثَ فَلَا قَسَامَةَ (قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا إلَخْ)، عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا تُسْمَعُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأُولَى أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ هُوَ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ فَتُسْمَعُ قَالَ: وَلَوْ اقْتَصَرَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ لَمْ يُمْكِنْ هُنَاكَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الْقَتْلِ عَنْ مَكَانِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَانَ غَائِبًا

ــ

[حاشية الشربيني]

مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) هُوَ الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأُمِّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ كَانَ بِالْمَيِّتِ أَثَرُ سِلَاحٍ أَوْ خَنْقٍ

ص: 281

تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِهِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةَ الْحُضُورِ، وَالْخَصْمُ بَيِّنَةَ الْغَيْبَةِ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْغَيْبَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا، وَمَحَلُّهُ إذَا اتَّفَقَتَا عَلَى سَبْقِ حُضُورِهِ وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ يَتَسَاقَطَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَإِنْ اخْتَارَ الثَّانِيَ (كَحَبْسِهِ أَوْ مَرَضٍ لِلْقَتْلِ قَدْ يُعَدُّ) أَيْ كَمَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالْقَسَامَةِ بِحُجَّةِ حَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مَرَضِهِ حَبْسًا أَوْ مَرَضًا يَبْعُدُ قَتْلُهُ لِلْمَقْتُولِ.

فَقَوْلُهُ لِلْقَتْلِ مَفْعُولٌ يُعَدْ زِيدَتْ لَامُهُ لِضَعْفِ عَامِلِهِ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ (أَوْ وَارِثٌ اللَّوْثَ جَحَدْ) أَيْ وَلَا إنْ أَنْكَرَ وَارِثٌ مِنْ الْوَرَثَةِ اللَّوْثَ فَلَوْ قَالَ: أَحَدُ ابْنَيْ الْقَتِيلِ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ وَلَوْ فَاسِقًا بَطَلَ اللَّوْثُ فَلَا حَلِفَ لِانْخِرَامِ ظَنِّ قَتْلِهِ بِالتَّكْذِيبِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْ قَاتِلِ الْمُوَرِّثِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ وَارِثَيْنِ دَيْنًا لِلْمُوَرِّثِ وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ حَيْثُ لَا يَمْنَعُ تَكْذِيبُهُ حَلِفَ الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهَا وَهِيَ مُحَقَّقَةٌ وَإِنْ كَذَبَ الْآخَرُ، وَاللَّوْثُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُثِيرٌ لِلظَّنِّ فَيَبْطُلُ بِالتَّكْذِيبِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ اللَّوْثُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ بِتَكْذِيبِ أَحَدِهِمَا قَطْعًا، وَخَرَجَ بِالْجَحْدِ مَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ وَقَالَ الْآخَرُ قَتَلَهُ عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ عَيَّنَهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ رُبُعَ بَدَلِ الدَّمِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ النِّصْفُ وَحِصَّتُهُ مِنْهُ النِّصْفُ

(فِي الْقَتْلِ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ إذَا ظَهَرَ لَوْثٌ فِي الْقَتْلِ لَا فِي قَطْعِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ وَالْمَالِ كَمَا مَرَّ (عَمْدًا) كَانَ الْقَتْلُ (أَوْ خُطًا) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَلَا يَكْفِي ظُهُورُهُ فِي مُطْلَقِ الْقَتْلِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ مُوجِبِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى قَتْلِ مَوْصُوفٍ يَسْتَدْعِي ظُهُورَ اللَّوْثِ فِي قَتْلِ مَوْصُوفٍ لَكِنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ تَمَكُّنَ الْوَلِيِّ مِنْ الْقَسَامَةِ عَلَى الْقَتْلِ الْمَوْصُوفِ بِظُهُورِ اللَّوْثِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ تَمَكَّنَ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَسَامَةِ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ وَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ اللَّوْثِ فِي الِانْفِرَادِ وَالِاشْتِرَاكِ لَا يُعْتَبَرُ فِي صِفَتَيْ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ (كَالْحُكْمِ فِي سَائِرِ أَيْمَانِ الْجِرَاحِ) مِنْ قَتْلٍ بِلَا لَوْثٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ جُرْحٍ فَإِنَّ فِيهَا خَمْسِينَ يَمِينًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعِي لِكَوْنِهَا مَرْدُودَةً أَوْ مَعَ شَاهِدٍ أَمْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

، وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْقَسَامَةِ فِي اللَّوْثِ وَحَلَفَ الْخَصْمُ خَلَصَ أَوْ نَكَلَ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى قَتْلًا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَقُلْنَا الْقَسَامَةُ لَا تُوجِبُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى سَبْقِ حُضُورِهِ) ، وَإِلَّا فَيَتَسَاقَطَانِ جَزْمًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا شَهِدَ عَدْلٌ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَقْسَمَ مَعَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْحُجَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِلَا أَثَرٍ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهَا إلَخْ) لِيَكُونَ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحٍ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بَعْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَمْ يَبْطُلْ اللَّوْثُ بِتَكْذِيبِ الْآخَرِ قَطْعًا، فَلِمَنْ لَمْ يَكْذِبْ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ خَمْسِينَ وَيَسْتَحِقُّ. اهـ.

وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِهِ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ يَنْبَغِي أَوْ عَمْدًا وَيَسْتَحِقُّ الْمُقْسِمُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِيهِ. اهـ وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ م ر؛ لِأَنَّ مَا فِي الشَّارِحِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِاللَّوْثِ وَمَا فِي م ر فِي شَهَادَتِهِ بِالْقَتْلِ، مَعَ أَنَّهُ عَلَى مَا قَالَهُ م ر لَا لَوْثَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّوْثِ نَقْلُ الْيَمِينِ إلَى جَانِبِ الْمُدَّعِي وَهِيَ هُنَا فِي جَانِبِهِ ابْتِدَاءً، بَلْ الْبُلْقِينِيُّ نَفْسُهُ قَالَ: إذَا شَهِدَ الْعَدْلُ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَكَانَ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ نَقَلَهُ عَنْهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنْ شَهِدَ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ بَعْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَاللَّوْثُ حَاصِلٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْعَمْدِ الْمَحْضِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَسَامَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ فِيهِ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِ الْقَاتِلِ حَالَّةً كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّوْثِ فِي قَوْلِ الشَّارِعِ إذَا لَمْ يَثْبُتُ اللَّوْثُ إلَخْ الْقَتْلُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ يَبْطُلُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ بِهِ مَعَ الْأَيْمَانِ، وَلَيْسَ بِحَقِيقَةِ اللَّوْثِ إذْ لَيْسَ هُنَا قَسَامَةٌ حَتَّى تَحْتَاجَ لِلَوْثٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَالْحُكْمِ فِي سَائِرِ إلَخْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ م ر أَيْضًا وَيَرْتَفِعُ التَّدَافُعُ بَيْنَ مَا قَالَاهُ وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَا لَوْثَ، وَأَمَّا قَوْلُ ع ش يَنْبَغِي أَوْ عَمْدًا إلَخْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ حَجَرٌ حَمَلَ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ لَمْ يَبْطُلْ بِتَكْذِيبِ أَحَدِهِمَا عَلَى مَعْنَى لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ بِتَكْذِيبِ الْآخَرِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ

(قَوْلُهُ فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِ اللَّوْثِ فِي الْقَتْلِ الْمَوْصُوفِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الدَّعْوَى مُفَصَّلَةً بِالْعَمْدِ

ص: 282

رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهَا الْقَوَدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ يَمِينِ الْقَسَامَةِ وَهَذِهِ يَمِينُ الرَّدِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَنُفِيَ) تَوْزِيعُهَا أَيْ الْأَيْمَانِ أَيْ لَا تُوَزَّعُ عَلَى أَبْدَالِ الدَّمِ بَلْ يَحْلِفُ فِي بَدَلِ الْيَدِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا يَحْلِفُهَا فِي بَدَلِ الْيَدَيْنِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ الْيَمِينُ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى بِقِلَّةِ مَا يَدَّعِي وَكَثْرَتِهِ وَلَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إذَا تَعَدَّدُوا بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ خَمْسِينَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِينَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَحْلِفُ بِنِسْبَةِ حَقِّهِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يَنْفِي مَا يَنْفِيهِ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ، وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعَيْنِ لَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ بَلْ يُثْبِتُ بَعْضَ الْأَرْشِ فَيَحْلِفُ بِقَدْرِ الْحِصَّةِ

(وَأُمْهِلَ الْخَصْمُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ مِنْ نَحْوِ إبْرَاءٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ الْمُدَّعِي إذَا ادَّعَاهُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ (إلَى ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (بِطَلَبٍ) مِنْهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا، وَمَنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاسْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ دَافِعَةٌ اسْتَفْسَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا إلَّا أَنْ يَعْرِفَ مَعْرِفَتَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأنِي مُوَكِّلُك فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ، وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ عَيَّنَ لِلدَّفْعِ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا وَادَّعَى عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ جِهَةً أُخْرَى وَاسْتُمْهِلَ لَمْ يُمْهَلْ، وَإِنْ ادَّعَاهَا قَبْلَ الِانْقِضَاءِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ

(وَإِنْ خَلَا) الْمُدَّعِي (عَنْ حُجَّةٍ يَحْلِفُ مَنْ عَلَيْهِ قَدْ تَوَجَّهَتْ دَعْوَاهُ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا أُلْزِمَ بِهِ كَدَعْوَى النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْإِيلَادِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعِتْقِ وَالْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ الْمُوجِبِينَ لِلتَّعْزِيرِ، وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ حَدُّ اللَّهِ وَتَعْزِيرُهُ فَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ فِيهِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ حَلِفٌ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَمَا لَوْ قَذَفَهُ شَخْصٌ فَطَلَبَ حَدَّهُ فَقَالَ الْقَاذِفُ حَلِّفُوهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى نَفْيِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ (لَا إنْ كَانَ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (حَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ حَدٌّ (لِلَّهِ) تَعَالَى تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ (وَ) لَا (الْقَاضِي) إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ جَوْرٌ فِي حُكْمِهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَلَا يَحْلِفُ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ يَأْبَى ذَلِكَ (وَ) كَذَا (لَوْ) كَانَ (مَعْزُولَا) كَمَا

ــ

[حاشية العبادي]

لَا بِالْقَسَامَةِ بِرّ

(قَوْلُهُ، وَلَوْ عَيَّنَ لِلدَّفْعِ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ إلَخْ) ، وَلَوْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ شُهُودَ الدَّفْعِ أَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا مُهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى لِلتَّعْدِيلِ أَوْ التَّكْمِيلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ عَيَّنَ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَتِهَا ثُمَّ ادَّعَى أُخْرَى عِنْدَ الْقَضَاءِ مُدَّةَ الْمُهْلَةِ وَاسْتُمْهِلَ لَهَا لَمْ يُمْهَلْ أَوْ أَثْنَاءَهَا أُمْهِلَ بَقِيَّتَهَا فَقَطْ حَجَرٌ حِينَئِذٍ لَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً وَأُمْهِلَ ثَلَاثًا لِلتَّكْمِيلِ فَأَحْضَرَ بَعْدَهَا وَاحِدَةً أُمْهِلَ أَيْضًا فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ الثَّانِيَةِ وَاحِدَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى لِلرَّابِعَةِ م ر

(قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَا عَنْ حُجَّةٍ يَحْلِفُ) رَفْعُ الْمُضَارِعِ الْوَاقِعِ خَبَرًا بَعْدَ مَاضٍ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الدَّعْوَى لَمْ تُسْمَعْ) لِمَا مَرَّ فِي دَعْوَى الْحِسْبَةِ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ) فَإِنْ حَلَفَ حُدَّ الْقَاذِفُ، وَإِلَّا حَلَفَ الْقَاذِفُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ غَيْرِهِ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَ الِانْفِرَادِ وَالشَّرِكَةِ وَالْعَمْدِ وَضِدِّهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِي جَهْلًا فِي الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ هَذَا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَيْ بَلْ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي جَهْلًا فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ الدِّيَةَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ عَلَى الْمُسْتَقِيمِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ الشَّرِكَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى شُرَكَائِهِ فَلَيْسَ هَذَا جَهْلًا بِالْمُدَّعَى بِهِ خِلَافًا لسم عَلَى حَجَرٍ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى إبْدَالِ الدَّمِ) فَلَا تُوَزَّعُ عَلَى الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ حَتَّى يَجِبَ فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ يَمِينًا (قَوْلُهُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ، وَكَذَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج

(قَوْلُهُ يَحْلِفُ مَنْ عَلَيْهِ إلَخْ)(فَائِدَةٌ) لَا يَكُونُ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فِي غَيْرِ الرَّدِّ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ: بَابِ الْقَسَامَةِ، وَبَابِ اللِّعَانِ وَبَابِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَبَابِ الْأُمَنَاءِ الْمُدَّعِينَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَلِلتَّلَفِ مُطْلَقًا، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ أَمِينًا فِيمَا خَوَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا ائْتُمِنَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضٍ وَوِلَادَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْبَابِ الْخَامِسِ بَابُ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ جَعَلَتْ فِيهِ الْإِثْبَاتَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعِي لَا يَثْبُتُ بِهَا حَقٌّ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ وَلِأَنَّهُ جَامِعٌ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِهَا. اهـ.

حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ فِي) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ (قَوْلُهُ

ص: 283

نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الدَّعَاوَى؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينَ الشَّرْعِ فَيُصَانُ مَنْصِبُهُ مُطْلَقًا عَنْ التَّحْلِيفِ وَالِابْتِذَالِ بِالْمُنَازَعَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْمَعْزُولَ يَحْلِفُ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ فِي دَعْوَى الْخِيَانَةِ أَمَّا إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ كَدَعْوَى الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا فَيَحْلِفُ لِنَفْيِهِ كَغَيْرِهِ (وَ) لَا (شَاهِدٌ) ادَّعَى عَلَيْهِ فِسْقَهُ أَوْ كَذِبَهُ فِي شَهَادَتِهِ فَلَا يَحْلِفُ لِمَا مَرَّ فِي الْقَاضِي (وَ) لَا (الْمُنْكِرُ التَّوْكِيلَا) إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَطَلَبَهُ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَأَنْكَرَ وَكَالَتَهُ فَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِهَا وَلَمْ يَلْزَمْ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ جُحُودَ الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّوْكِيلِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ (وَقَيِّمٌ وَمَنْ إلَيْهِ أُوصِيَا) أَيْ وَلَا الْقَيِّمُ وَالْوَصِيُّ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا بِحَقٍّ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهُمَا لَا يَحْلِفَانِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ الْإِقْرَارُ، وَهُمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ تَحْلِيفُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَا وَارِثَيْنِ فَيَحْلِفَانِ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِمَا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيِّ.

وَكَذَا لَا يَحْلِفُ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَادَّعَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ، وَلَا السَّفِيهُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِإِتْلَافِ مَالٍ وَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ أَقَرَّا لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِمَا شَيْءٌ (وَالْمُدَّعَى) بِهِ (وَكُلُّ جُزْءٍ) مِنْ أَجْزَائِهِ (نُفِيَا) فِي الْإِنْكَارِ وَالْحَلِفِ فَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضَهَا؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَهَا مُدَّعٍ لَهَا وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ دَعْوَاهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إنْكَارِ الْعَشَرَةِ كَانَ نَاكِلًا عَمَّا دُونَهَا فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا دُونَهَا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ وَيُطَالِبَهُ بِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُسْنِدْهُ الْمُدَّعِي إلَى عَقْدٍ وَإِلَّا كَفَى نَفْيُ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَمَا اُدُّعِيَ بِعَقْدٍ أَجْزَا) فِيهِ (نَفْيٌ بِلَا تَعَرُّضٍ لِلْأَجْزَا) فَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِخَمْسِينَ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ مَا نَكَحْتهَا بِخَمْسِينَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ بِخَمْسِينَ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تَحْلِفَ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا إلَّا إذَا اسْتَأْنَفَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ لِنُكُولِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

وَإِذَا حَلَفَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَفَ (بَتًّا) فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ إلَّا فِي نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا فِي الْإِثْبَاتِ فَلِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ وَأَمَّا فِي نَفْيِ فِعْلِهِ فَلِإِحَاطَتِهِ بِحَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ وُجُودَهُ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ وَلِهَذَا لَا يَشْهَدُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ (كَمَا أَجَابَهُ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَيْ حَلَفَ لِلْمُدَّعِي كَمَا أَجَابَهُ فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى الْعَشَرَةِ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ وَلَا بَعْضُهَا حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ الْعَشَرَةِ وَلَا بَعْضِهَا حَلَفَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى قَرْضٍ مَا أَقْرَضْتنِي حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّفْيِ الْمُطْلَقِ مُرَاعَاةً لِلْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَالْحَلِفِ، وَلَوْ حَلَفَ بَعْدَ الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ عَلَى نَفْيِ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ ثُمَّ ذَكَرَ لِلْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ مِثَالَيْنِ كَالْمُسْتَثْنَيَيْنِ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْحَلِفَ لِنَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَقَالَ (كَالْأَرْشِ) الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى السَّيِّدِ (فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ) إذَا أَنْكَرَهَا السَّيِّدُ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ وَلِذَلِكَ سُمِعَتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ (وَنَفْيُ مُتْلَفِ) أَيْ وَكَنَفِي إتْلَافِ (بَهِيمَةٍ سَرَّحَهَا) مَالِكُهَا (مُقَصِّرَا) كَأَنْ سَرَّحَهَا لَيْلًا فَادَّعَى عَلَيْهِ بِإِتْلَافِهَا فَأَنْكَرَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ بَتًّا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يَثْبُتْ زِنَا الْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ أَوْ كَذَّبَهُ) قَالَ م ر إذَا كَذَّبَ الشَّاهِدَ عُزِّرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسَبَهُ لِنَحْوِ فِسْقٍ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمَا بِحَقٍّ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ) لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِمَا شَيْءٌ) وَجْهُهُ فِي الْأُولَى تَعَلُّقُ الْحَقِّ بِثَالِثٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي، نَعَمْ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَعُمِلَ بِهَا حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا نَعْلَمُ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِإِنْكَارِ الْبَائِعِ لَيْسَ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ شَيْءٌ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ هُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ مَعَهُ التَّحْلِيفُ فَيَحْتَاجُ إلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ إلَى عَقْدٍ) شَامِلٍ لِنَحْوِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ لِنُكُولِهِ) أَيْ الَّذِي يُوجَدُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمُسْتَأْنَفَةِ لَا السَّابِقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ) مِنْهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ ثُمَّ مَاتَ الْمُقْبِضُ فَزَعَمَ الْمُقِرُّ أَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْوَارِثِ عَلَى الْإِقْبَاضِ فَيَكُونُ بَتًّا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَزْعُمُ الْإِقْبَاضَ وَهُوَ إثْبَاتٌ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَبِهِ أَفْتَيْت وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى النَّفْيِ الْمُطْلَقِ) كَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ فِي قَبْضِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا السَّفِيهُ إلَخْ) ، وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ لَا يَحْلِفُ وَإِذَا ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ظَاهِرًا مُسْقِطًا لَا يَحْلِفُ وَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، نَعَمْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ إنْ ادَّعَتْهَا وَإِذَا ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَأَنْكَرَ لَا يَحْلِفُ، وَإِذَا طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ لَمْ آخُذْ شَيْئًا لَا يَحْلِفُ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَرَامَ تَحْلِيفَهُ لَا يَحْلِفُ، وَإِذَا ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَا يَحْلِفُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ بِيَدِهِ أَعْيَانًا لِلْغَائِبِ وَطَلَبَ الْوَفَاءَ مِنْ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ، وَلَا

ص: 284

جِنَايَتِهَا بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِنَفْيٍ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ كَالثَّانِي أَوْ تَرَكَهُ كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى.

وَعِبَارَةُ الْحَاوِي كَأَرْشِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ وَإِتْلَافِ بَهِيمَةٍ قَصَّرَ بِتَسْرِيحِهَا (وَنَفْيِهِ) أَيْ يَحْلِفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِنَفْيِهِ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَجْزَائِهِ وَلِنَفْيِهِ (حَوَالَةً) فَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهَا فَأَذِنَ عَمْرٌو لِزَيْدٍ فِي قَبْضِهَا مِنْ بَكْرٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا هَلْ الصَّادِرُ بَيْنَهُمَا حَوَالَةٌ أَوْ وَكَالَةً صُدِّقَ نَافِي الْحَوَالَةِ سَوَاءٌ كَانَ زَيْدًا أَمْ عَمْرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ (وَإِنْ جَرَى) بَيْنَهُمَا (لَفْظُ حَوَالَةٍ) بِاتِّفَاقِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمُرَادِ بِهِ مِنْ حَوَالَةٍ وَوَكَالَةٍ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ نَافِي الْحَوَالَةِ لِمَا قُلْنَاهُ هَذَا إذَا لَمْ يَجْرِ إلَّا لَفْظُ أَحَلْتُك بِمِائَةٍ عَلَى بَكْرٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَالَ أَحَلْتُك بِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ عَلَى بَكْرٍ فَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا حَقِيقَةَ الْحَوَالَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَكَالَةِ مِنْ مُدَّعِيهَا (وَقَبْضَهُ امْنَعَا) أَيْ وَامْنَعْ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي قَبْضِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْحَوَالَةِ قَبْضَهُ الْمَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ لِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بِالْحَلِفِ وَالْوَكَالَةِ بِإِنْكَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ (لَا طَلَبَ الْمَالِ لِمَنْ بِهَا) أَيْ بِالْحَوَالَةِ (ادَّعَى) أَيْ لَا تَمْنَعُ طَلَبَ مُدَّعِيهَا الْمَالَ بَعْدَ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْآذِنُ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ فَلَوْ ادَّعَاهَا زَيْدٌ فِي الْمِثَالِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ عَمْرٍو بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَكِيلًا فَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ أَوْ مُحْتَالًا فَقَدْ ظَلَمَهُ بِمَنْعِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ

وَلَوْ ادَّعَاهَا عَمْرٌو فَلَهُ مُطَالَبَةُ بَكْرٍ بِحَقِّهِ لِبَقَائِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا إنْ كَانَ وَكِيلًا فَظَاهِرٌ أَوْ مُحْتَالًا فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ (وَلْيَتَمَلَّكْ) جَوَازًا (قَابِضٌ) أَيْ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْقَبْضِ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (إنْ طَلَبَهْ) أَيْ إنْ طَلَبَ تَمَلُّكَهُ أَيْ قَصَدَهُ وَكَانَ قَدْ قَبَضَهُ (قَبْلَ جُحُودِهِ) أَيْ جُحُودِ الْآذِنِ لَهُ الْحَوَالَةَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَذَبَ فِي جَحْدِهَا فَقَدْ أَخَذَ الْمَأْذُونُ لَهُ حَقَّهُ وَإِلَّا فَهُوَ وَكِيلٌ وَقَدْ ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ تَمَلُّكُهُ وَهَذَا فِي الْبَاطِنِ أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ لِلْآذِنِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ تَلِفَ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِزَعْمِ الْآذِنِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ بِزَعْمِهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ الْجُحُودِ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ، وَقَبْضُهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ بِنَفْيِهِ الْوَكَالَةَ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (وَرَهْنٍ) أَيْ وَيَحْلِفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِنَفْيِ الرَّهْنِ الَّذِي ادَّعَاهُ رَبُّ الدَّيْنِ (وَ) لِنَفْيِ (الْهِبَهْ) الَّتِي ادَّعَاهَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ (وَ) لِنَفْيِ (قَبْضِ هَذَيْنِ) أَيْ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ وَالْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ) كَانَ النِّزَاعُ فِي قَبْضِهِمَا (مَعَ) وُجُودِ (الْيَدِ) عَلَيْهِمَا أَيْ يَدِ الْمُدَّعِي قَبَضَهُمَا وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُتَّهِبُ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ لِنَفْيِ قَبْضِهِمَا إذَا ادَّعَى عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ أَنَّهُ غَصَبَهُمَا أَوْ قَبَضَهُمَا عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْهُمَا وَلَوْ قَالَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ الْوَاهِبُ أَذِنْتُ لَك فِي الْقَبْضِ وَلَمْ تَقْبِضْهُ بَعْدُ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُتَّهِبُ قَبَضْتُهُ فَالْمُصَدَّقُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُصَدَّقَ النَّافِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ.

(وَإِنْ بِهِ) أَيْ الْإِقْبَاضِ (يُقِرَّ) الرَّاهِنُ أَوْ الْوَاهِبُ (ثُمَّ يَجْحَدْ) ذَلِكَ (حَلَّفَهُ) أَيْ حَلَّفَ الْمُقِرُّ مُدَّعِي الْإِقْبَاضِ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ سَوَاءٌ ذَكَرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا كَقَوْلِهِ أَقَبَضْتُهُ بِالْقَوْلِ وَظَنَنْت أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ ظَلَمَهُ) أَيْ ظَلَمَ عَمْرٌو زَيْدًا (قَوْلُهُ قَبْلَ جُحُودِهِ) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّ ضَمِيرَ جُحُودِهِ رَاجِعٌ لِلْقَابِضِ وَهُوَ زَيْدٌ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ زَيْدًا قَبَضَ الْمَالَ مِنْ بَكْرٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَحَدَ الْحَوَالَةَ مِنْ عَمْرٍو وَادَّعَى الْوِكَالَةَ وَجَحَدَ عَمْرٌو الْوِكَالَةَ وَادَّعَى الْحَوَالَةَ فَإِذَا أَرَادَ زَيْدٌ تَمَلُّكَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَوَجْهُهُ أَنَّ عَمْرًا يَزْعُمُ أَنَّهُ مِلْكُ زَيْدٍ بِمُقْتَضَى الْحَوَالَةِ وَزَيْدٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَيَجُوزُ لَهُ الْآنَ تَمَلُّكُهُ؛ لِأَنَّ عَمْرًا يَزْعُمُ أَنَّهُ حَقُّهُ وَيَمْتَنِعُ مِنْ قَبْضِهِ فَإِذَا تَمَلَّكَ زَيْدٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ رُجُوعٌ عَلَى عَمْرٍو وَلَا لِعَمْرٍو رُجُوعٌ عَلَى بَكْرٍ هَكَذَا مُرَادُ الْمَتْنِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عَلَى الْإِرْشَادِ خِلَافًا لِمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِقَبْلِ الْجُحُودِ إذْ يَنْبَغِي حِينَئِذٍ جَوَازُ التَّمَلُّكِ وَإِنْ قَبَضَ بَعْدَ الْجُحُودِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ جَوَازَ التَّمَلُّكِ مَعَ صِحَّةِ قَبْضِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا كَمَا هُوَ زَعْمُهُ أَوْ مُحْتَالًا كَمَا هُوَ زَعْمُ خَصْمِهِ قُلْت يُؤْخَذُ جَوَابُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ إلَخْ إذْ هُوَ مُنْكِرُ الْحَوَالَةِ، وَقَدْ انْعَزَلَ عَنْ الْوِكَالَةِ بِإِنْكَارِ الْإِذْنِ إيَّاهَا فَلَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الْقَبْضَ بَاطِنًا إنْ عَلِمَ صِدْقَ عَمْرٍو فِي دَعْوَى الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْبَاطِنِ) يَنْبَغِي

ــ

[حاشية الشربيني]

تُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُرَادِ بِهِ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ فَخَالَفَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ إلَخْ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ كَمَا فِي قَوْلِهِ فَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ صُدِّقَ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ قَطْعًا. اهـ. شَرْحُ م ر ج، وَعِبَارَةُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالِاحْتِمَالُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا لَفْظُ الْحَوَالَةِ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْوَكَالَةُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَالثَّانِي لَفْظُ مِائَةٍ فَإِنَّهَا مُبْهَمَةٌ لَا تَتَعَيَّنُ لِلْمِائَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَهِيَ صَالِحَةٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا عَلَى السَّوَاءِ فَإِذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهَا لَمْ يَنْتَظِمْ فِيهِ مَعْنَى الْحَوَالَةِ فَيَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ تَكُونَ بِمَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَكَانَ كِنَايَةً فِي الْوَكَالَةِ

ص: 285

يَكْفِي قَبْضًا أَوْ عَوَّلْت عَلَى كِتَابِ وَكِيلِي فَبَانَ مُزَوَّرًا أَوْ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَمْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ تَأْوِيلًا، إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْوَثَائِقَ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا، نَعَمْ إنْ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ ثَانِيًا بَعْدَ إقْرَارِهِ وَجَحْدِهِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُحَلِّفْهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِهِ أَفْتَيْت؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى التَّسَلْسُلِ (وَعَوْدَ رَبِّ الرَّهْنِ) أَيْ وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِنَفْيِ رُجُوعِ الرَّاهِنِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَنْ الْإِذْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ (وَذِي ارْتِهَانٍ) أَيْ وَحَلَفَ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِنَفْيِ رُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ قَبْلَهُ إنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَأَنْ (قَالَ) لَهُ (بِعْ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْإِذْنِ، هَذَا إذَا أَنْكَرَ الرَّاهِنُ أَصْلَ الرُّجُوعِ فَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَسْبَقِ مِنْهُمَا صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْحَلِفِ.

وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ (عَنْ إذْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا (وَ) حَلَفَ الرَّاهِنُ لِنَفْيِ (قَدْرِ مَرْهُونٍ) كَالْأَرْضِ مَعَ الشَّجَرِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَ) قَدْرٍ (مَرْهُونٍ بِهِ) كَأَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ أَيْ حَلَفَ لِنَفْيِ الزَّائِدِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَمَسَائِلُ الرَّهْنِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِهِ بِأَبْسَطَ مِنْ ذَلِكَ، وَنَبَّهَ النَّاظِمُ عَلَى تَكْرَارِهَا ثَمَّةَ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْحَاوِيَ إنَّمَا أَعَادَهَا هُنَا لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْحَلِفَ فِيهَا عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَ) حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ لِنَفْيِ (الْعِتْقِ) أَيْ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ (أَوْ إيلَادِهِ أَوْ غَصْبِهِ) الْمَرْهُونَ (مِنْ قَبْلِ رَهْنٍ) فِي الثَّلَاثِ إذَا ادَّعَاهَا الرَّاهِنُ سَوَاءٌ تَنَازَعَا قَبْلَ لُزُومِ الرَّهْنِ أَمْ بَعْدَهُ وَذَلِكَ صِيَانَةً لِحَقِّهِ وَلِمَا فِي إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِذَلِكَ مِنْ تُهْمَةِ رَفْعِ الرَّهْنِ (وَ) حَلَفَ أَيْضًا لِنَفْيِ (جِنَايَةٍ جَنَى رَهْنٍ) أَيْ جَنَاهَا الرَّقِيقُ الْمَرْهُونُ عَلَى غَيْرِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ بِدَعْوَى الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْإِعْتَاقِ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَغَرِّمْ) أَنْتَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ لِنَفْيِ الْجِنَايَةِ (مَنْ رَهَنَا) أَيْ الرَّاهِنَ (لِمَنْ لَهُ أَقَرَّ) بِالْجِنَايَةِ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّقِيقِ بِالرَّهْنِ، وَالْمَغْرُومُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ الرَّقِيقِ (لَا) لِلْمُقَرِّ لَهُ (النَّاكِلِ عَنْ) يَمِينٍ (مَرْدُودَةٍ) عَلَيْهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَيْ لَا يَغْرَمُ لَهُ الرَّاهِنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِنُكُولِهِ (فَهِيَ إلَيْهِ تَرْجِعَنْ) أَيْ فَإِنَّ الْيَمِينَ الَّتِي نَكَلَ عَنْهَا الْمُرْتَهِنُ تُرَدُّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ لَا لِلرَّاهِنِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ إعْتَاقَ الْمَرْهُونِ أَوْ إيلَادَهُ وَنَكَلَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ لَا عَلَى الرَّاهِنِ

(وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ الَّذِي نَفَى بِالْبَتِّ مِنْ وَكِيلِهِ التَّصَرُّفَا) أَيْ وَحَلَفَ بَتًّا الْمُوَكِّلُ الَّذِي نَفَى التَّصَرُّفَ الصَّادِرَ مِنْ وَكِيلِهِ بِدَعْوَاهُ عَلَى أَنَّهُ مَا تَصَرَّفَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَزَادَ قَوْلُهُ بِالْبَتِّ دَفْعًا لِإِيهَامِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِكَوْنِهِ نَفْيًا لِفِعْلِ غَيْرِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ (وَ) حَلَفَ الْمُوَكِّلُ الَّذِي نَفَى (قَبَضَهُ) أَيْ قَبَضَ الْوَكِيلُ (ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ (وَ) نَفْيِ (تَلَفَهْ مِنْ قَبْلِ تَسْلِيمٍ) لِلْمَبِيعِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَبَضَ

ــ

[حاشية العبادي]

اعْتِبَارُ شُرُوطِ الظَّفَرِ ثُمَّ رَأَيْت النَّاشِرِيَّ بَحَثَ ذَلِكَ سم

(قَوْلُهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ فِيمَا يَظْهَرُ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْحَلِفَ يُقَدَّمُ أَوَّلًا فَلَا يُعَادُ فَهُنَا غِنًى عَنْ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ الْحَلِفُ انْفَصَلَتْ الْقَضِيَّةُ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ تَوَجُّهُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَكَرُّرُ الْإِقْرَارِ وَالْجَحْدِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ؟ وَالتَّعْلِيلُ بِالتَّسَلْسُلِ لَمْ أَفْهَمْهُ وَالْوَجْهُ أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّ صُدُورَ الْإِقْرَارِ بَعْدَ الْجَحْدِ مَانِعٌ لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ جَحَدَ ثُمَّ اعْتَرَفَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَمَنَعَ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ مَقْبُولٌ فَإِذَا جَحَدَ بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ يَحْتَاجُ لِبَيَانِ أَنَّهُ هَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ مِنْ قَبْلِ رَهْنٍ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ الْعِتْقَ أَوْ الْإِيلَادَ بَعْدَ الرَّهْنِ قَبْلَ اللُّزُومِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا فِيمَا قَبْلَ اللُّزُومِ، وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا مُطْلَقًا أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا أَوْ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، بَلْ لَا يَحْتَاجُ لِحَلِفِهِ حَيْثُ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا لِعَدَمِ نُفُوذِ عِتْقِهِ وَإِيلَادِهِ حِينَئِذٍ؟ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ قَبْلَ لُزُومِ الرَّهْنِ) وَفَائِدَتُهُ قَبْلَ اللُّزُومِ وَأَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ لَزِمَ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ بَيْنَ الْإِقْبَاضِ وَالْفَسْخِ كَمَا لَا يَخْفَى سم (قَوْلُهُ: صِيَانَةً لِحَقِّهِ) وَقَدْ يُقَالُ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَ اللُّزُومِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ وَالِامْتِنَاعَ عَنْ الْإِقْبَاضِ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ دَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى انْتِفَاءِ الْحَقِّ مُطْلَقًا سم (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّهْنِ) ، وَكَذَا بَعْدَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا جَنَى الْمَرْهُونَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ إلَخْ انْتَهَى فَهَلَّا تَرَكَ الشَّارِحُ هَذَا الْقَيْدَ كَمَا تَرَكَهُ الْمَتْنُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِ قَوْلِهِ وَغَرِمَ إلَخْ بِقَوْلِهِ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّقِيقِ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ بِالرَّهْنِ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْمُدَّعَاةُ قَبْلَ الرَّهْنِ

(قَوْلُهُ بِدَعْوَاهُ) أَيْ وَكِيلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّادِرِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَحَلَفَ بَتًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ الصِّحَّةِ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَشْهَدْت إلَخْ) أَيْ أَنِّي أَقْرَرْت لِأَشْهَدَ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ، وَفِي شَرْحِ حَجَرٍ عَلَى ج الْقَبَالَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْوَرَقَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ أَيْ أَشْهَدْت عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ لِكَيْ

ص: 286

الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا أَوْ حَالًا صُدِّقَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَدَّعِي عَلَيْهِ خِيَانَةً بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا (وَالْإِذْنَ وَالصِّفَهْ لِإِذْنِهِ وَقَدْرَهُ) الْوَاوُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ وَحَلَفَ الْمُوَكِّلُ الَّذِي نَفَى إذْنَهُ فِي تَصَرُّفٍ بَاشَرَهُ الْوَكِيلُ أَوْ صِفَةِ إذْنِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَصِحَّةٍ وَتَكْسِيرٍ وَغَيْرِهَا أَوْ قَدَّرَ الْمَأْذُونَ فِيهِ كَالْبَيْعِ بِمِائَةٍ أَوْ مِائَتَيْنِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيهِ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ (نَذَرْ) بِالْمُعْجَمَةِ يَعْنِي نَجْعَلُ نَحْنُ (وَكِيلَهُ مُخَالِفًا) لَهُ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (فَلَوْ أَقَرْ بِهَا) أَيْ بِالْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ (الَّذِي قَدْ بَاعَ) الْوَكِيلُ (يُدْفَعُ الشِّرَا) فَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ مُوَكِّلُهُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَكَالَتِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ انْدَفَعَ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ فِي الْأُولَى وَبِالتَّسْمِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فَتَبْقَى الْأَمَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهُ

(وَلْيَتَلَطَّفْ حَاكِمٌ إنْ أَنْكَرَا عَسَى مُوَكِّلٌ) أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ وَكَالَتَهُ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا لَمْ يَنْدَفِعُ الشِّرَاءُ عَنْ الْوَكِيلِ بَلْ يَقَعُ لَهُ ظَاهِرًا، وَلْيَتَلَطَّفْ الْحَاكِمُ بِالْمُوَكِّلِ نَدْبًا عَسَاهُ (يَقُولُ) لِلْوَكِيلِ (بِعْتُ ذَا) أَيْ الْمَبِيعَ (مِنْكَ) وَلَا يَكُونُ بِهَذَا مُقِرًّا بِمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ (أَوْ) بِعْتُهُ مِنْك (إنْ كُنْتُ قَدْ أَذِنْتُ) لَك فِي شِرَائِهِ بِعِشْرِينَ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت لِتَحِلَّ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى تَلَطُّفِهِ بِالْبَائِعِ أَيْضًا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِعِشْرِينَ فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ (قُلْتُ هُنَا الْبَيْعُ الْمُعَلَّقُ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (احْتَمَلْ) لِلْحَاجَةِ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِعْتُك إنْ كَانَ مِلْكِي وَ (إنْ لَمْ يَقُلْ) أَيْ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ (فَالْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (لَيْسَ يَحِلْ) لِلْوَكِيلِ وَطْؤُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ ظَاهِرًا لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَلَا بَاطِنًا أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَبَاعَهُ وَحَازَ مِنْهُ الْحَقَّا) أَيْ فَيَبِيعُهُ إنْ شَاءَ بَاطِنًا وَيَحُوزُ مِنْ ثَمَنِهِ حَقَّهُ الَّذِي دَفَعَهُ فِي شِرَائِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ) قَدْ يُقَال هَلَّا تَلَطَّفَ بِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي التَّصْدِيقِ وَصُدِّقَ الْمُوَكِّلُ فِي الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ ظَاهِرًا لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُنَافِرٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ، بَلْ يَقَعُ لَهُ ظَاهِرًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَلَا بَاطِنًا أَيْضًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ فَبَاعَهُ وَحَازَ مِنْهُ الْحَقَّ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ بَاطِنًا الْمَمْنُوعَ هُوَ التَّصَرُّفُ لَا لِأَجْلِ أَخْذِ الْحَقِّ كَأَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَرَادَ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَلَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَأَنْ يَهَبَهُ أَوْ يَقِفَهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ لِأَخْذِ الْحَقِّ فَهُوَ تَصَرُّفٌ مَخْصُوصٌ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ شُرُوطَ الْبَيْعِ لِلظَّفَرِ وَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ رَدَّهُ إلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ الْبَائِعِ عَلَى مَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ بَاطِنًا) إنْ كَانَ وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ مَلَكَهُ ظَاهِرًا فَلَا يَنْتَظِمُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ يَبِيعُهُ وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ كَانَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ لِقَوْلِهِ هُنَا وَلَا التَّصَرُّفُ ظَاهِرًا سم (قَوْلُهُ حَقُّهُ الَّذِي دَفَعَهُ فِي شِرَائِهِ) فِيهِ نَظَرٌ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُهَا مِنْهُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَيُغَرِّمَهُ الْمُوَكِّلُ بَدَلَهَا فَإِذَا كَانَ صَادِقًا كَانَ مَظْلُومًا بِأَخْذِ الْبَدَلِ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ ثَمَنِ مَا بَاعَهُ فَاَلَّذِي يَحُوزُهُ مَا غَرِمَهُ لِلْمُوَكِّلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أُعْطِيَ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ بِالْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ) أَخْذُ التَّقْيِيدِ بِالشِّرَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَدْفَعُ الشِّرَاءَ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَكَالَتِهِ) أَيْ وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ تَلْغُو التَّسْمِيَةُ وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَلْيَتَلَطَّفْ حَاكِمٌ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَتَلَطَّفَ أَيْضًا إذَا وَافَقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ مِلْكُ الْمُوَكِّلِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ فَيَتَلَطَّفُ بِالْمُوَكِّلِ لِيَبِيعَهَا لِلْبَائِعِ فَيُحْمَلَ قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَكَالَتِهِ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ بِمُطْلَقِ الْوَكَالَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ التَّلَطُّفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ إلَخْ) أَيْ وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَالْحَلِفُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حَسَبِ الْجَوَابِ وَهُوَ إنَّمَا أَجَابَ بِالْبَتِّ وَهُوَ الْإِنْكَارُ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ يَسْتَلْزِمُ مَحْذُورًا وَهُوَ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَسْت وَكِيلًا فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَك لَمْ يُوَكِّلْكَ (قَوْلُهُ لِتَحِلَّ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهَا ظَاهِرًا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَذِبِ الْوَكِيلِ فَالْجَارِيَةُ لَيْسَتْ لَهُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا بَلْ لِلْبَائِعِ فَيَحْتَاجُ فِيهِ الْحَاكِمُ إلَى تَلَطُّفِهِ بِالْبَائِعِ أَيْضًا. اهـ.

وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ، وَلَوْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي قَرِيبًا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ حِينَئِذٍ أَيْضًا لَا يَنْدَفِعُ عَنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) وَكَذَّبَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ، وَلَوْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ

ص: 287

(إنْ كَانَ مَا قَالَ الْوَكِيلُ صِدْقَا) أَوْ كَذِبًا وَوَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ كَذِبًا وَوَقَعَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ كَيْفَ شَاءَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ، وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا، وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(وَنَفْيِ عِلْمِهِ) أَيْ يَحْلِفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَجْزَائِهِ عَلَى الْبَتِّ لِغَيْرِ نَفْيِ فِعْلِ مَنْ سِوَاهُ كَمَا مَرَّ وَعَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ (لِنَفْيِ فِعْلِ مَنْ سِوَاهُ كَالرَّضَاعِ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ مُنْكِرَهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِهِ، وَيُشْتَرَطُ تَعَرُّضُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ لِعِلْمِ خَصْمِهِ بِالرَّضَاعِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَحْلِفُ فِيهِ الْمُنْكِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَيَقُولُ مَثَلًا فِي دَعْوَى غَصْبِ شَيْءٍ: إنَّ مُوَرِّثَك غَصَبَ مِنِّي كَذَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ وَمَا يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي فِيهِ عَلَى الْبَتِّ فَقَدْ ظَلَمَ لَكِنْ يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ

(وَلْيُبَحْ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ (بِظَنْ) مِنْ الْحَالِفِ حَصَلَ (بِخَطٍّ) لَهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا (أَوْ قَرِينَةٍ) أُخْرَى (كَأَنْ نَكَلْ) خَصْمُهُ عَنْ الْحَلِفِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِالْحَقِّ عَدْلٌ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا اعْتِمَادُ الْخَطِّ؛ لِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ، وَصُورَةُ اعْتِمَادِ خَطِّهِ صَرَّحَ بِهَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا لَكِنْ نَقَلَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ الظَّنُّ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ بِخِلَافِ خَطِّ أَبِيهِ فَلَا إيرَادَ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ (بِقَصْدٍ وَاعْتِقَادِ قَاضٍ) أَيْ وَالْعِبْرَةُ فِي الْحَلِفِ الْآمِرِ بِهِ الْقَاضِي بِقَصْدِهِ وَاعْتِقَادِهِ لَا بِقَصْدِ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادِهِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلَفِ» وَحُمِلَ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمُحَكَّمَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ (فَبَطَلْ تَوْرِيَةٌ) بِحَلِفِهِ عَلَى خِلَافِ قَصْدِ الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِيمَا نَوَاهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَقَالَ خَصْمُهُ لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْحَنَفِيِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ شُفْعَةَ الْجَوَازِ فَتَأَمَّلْ.

وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْقَاضِي الْخَصْمَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «يَمِينُك مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ» قَالَ أَرَادَ بِهِ الْخَصْمَ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ (وَ) بَطَلَ (وَصْلُ الِاسْتِثْنَا) بِحَلِفِهِ كَأَنْ وَصَلَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْقَاضِي) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ قَصْدِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَحِلُّ ذَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى خِلَافِ قَصْدِ الْقَاضِي وَاعْتِقَادِهِ، وَلَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إثْمُ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ فَإِنْ سَمِعَهُ الْقَاضِي عَزَّرَهُ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَلِفَ وَإِنْ وَصَلَ بِهِ كَلَامًا لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي مَنَعَهُ وَأَعَادَ الْحَلِفَ، وَلَوْ ادَّعَى حَنَفِيٌّ عَلَى شَافِعِيٍّ شُفْعَةَ جَوَازٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فَأَنْكَرَ فَلَا يَحْلِفُ عَلَى اعْتِقَادِهِ بَلْ عَلَى اعْتِقَادِ الْقَاضِي وَيَلْزَمُهُ مَا أَلْزَمَهُ كَمَا مَرَّ، وَيُعْتَبَرُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي وَطَلَبُ الْخَصْمِ لَهُ فَلَا يُفِيدُ تَحْلِيفُ غَيْرِهِ وَلَا الْحَلِفُ قَبْلَ تَحْلِيفِهِ أَوْ بَعْدَ وَقَبْلَ طَلَبِ الْخَصْمِ لَهُ، وَالْعِبْرَةُ حِينَئِذٍ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ فَتُفِيدُهُ التَّوْرِيَةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَلَهُ أَنْ يُوَرِّيَ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ بِهِمَا كَآحَادِ النَّاسِ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِهِمَا كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَجُزْ التَّوْرِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْتُ الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرْتُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا الَّذِي دَفَعَهُ فِي الشِّرَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ أَوْ كَذِبًا وَوَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ

(قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِالْحَقِّ عَدْلٌ) ظَاهِرُهُ عَدْلُ شَهَادَةٍ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِعَدْلِ الرِّوَايَةِ حَيْثُ قَدْ نَشَأَ الظَّنُّ مِنْ خَبَرِهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِقَصْدٍ وَاعْتِقَادِ قَاضٍ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بِقَصْدٍ يُفِيدُ أَنَّ التَّوْرِيَةَ غَيْرُ نَافِعَةٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَاعْتِقَادٍ يُفِيدُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا حَلَّفَ الشَّافِعِيَّ عَلَى مَا لَا يَرَاهُ الشَّافِعِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْلِفَ مُرَاعِيًا مَا يَعْتَقِدُهُ، بَلْ الْحَلِفُ عَلَى وَفْقِ اعْتِقَادِ الْقَاضِي وَسَيَأْتِي تَعَرُّضُ الشَّارِحِ لِهَذَا الْفَرْعِ غَيْرَ أَنَّك إذَا تَأَمَّلْت صَنِيعَ الشَّارِحِ لَاحَ لَك مِنْهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْقَصْدَ وَالِاعْتِقَادَ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لِإِفَادَةِ بُطْلَانِ التَّوْرِيَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَأَنَّ فَرْعَ الْحَنَفِيِّ الْمَذْكُورَ شَيْءٌ تَبَرَّعَ بِهِ الشَّارِحُ، وَلَيْسَ مُرَادَ الْمَتْنِ مِنْ لَفْظِ الِاعْتِقَادِ، وَالْوَجْهُ الْمُتَعَيَّنُ فِي حِلِّ الْمَتْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ إلَى مَا قُلْنَاهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ بِنَوْعِ عِنَايَةٍ بُرُلُّسِيٌّ (مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ) يَشْمَلُ الْوَزِيرَ إذَا صَحَّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي إلَخْ) وَكَانَ وَجْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ. . اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَذِبًا) وَوَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ مَالَهُ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ إذَا كَانَ عَدْلًا. اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ كَأَنْ نَكَلَ) أَيْ وَحَصَلَ لَهُ مِنْ نُكُولِهِ ذَلِكَ الظَّنُّ إذْ قَدْ يَكُونُ النُّكُولُ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ. اهـ. عِرَاقِيٌّ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْيَمِينِ مَا يُصَدِّقُهُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّتُهُ بِدُونِ الْقَاضِي فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَصَلَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ وَيَكُونُ رَاجِعًا لِعَقْدِ الْيَمِينِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي إذْ لَا يُقَالُ أَتْلَفْت كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ

ص: 288

وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ

(وَغُلِّظَتْ يَمِينُهُ) أَيْ الْحَالِفِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ نَدْبًا لَا بِتَكْرِيرِ الْأَيْمَانِ لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ، وَوُجُوبُهُ فِيهِمَا وَلَا بِالْجَمْعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ بَلْ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَبِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَالًا أَمْ غَيْرَهُ كَالْقَوَدِ وَالْعِتْقِ وَالْحَدِّ وَالْوَلَاءِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ وَالْوِلَادَةِ (وَاسْتُثْنِيَا) مِنْ الْمَالِ (مَالٌ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ) فَلَا تَغْلِيظَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْقَاضِي لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ فَلَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْخَصْمِ وَزَادَ (زُكِّيَا) لِبَيَانِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصَابِ نِصَابُ الزَّكَاةِ، وَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ نِصَابِهَا مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَغْلُظَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ قِيمَةً، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ اُعْتُبِرَ بِالْمَذْهَبِ انْتَهَى.

وَحُقُوقُ الْأَمْوَالِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالٍ هُوَ نِصَابٌ غُلِّظَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا وَاحْتَجَّ لِلتَّغْلِيظِ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ: أَعَلَى دَمٍ؟ فَقَالُوا لَا قَالَ فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْمَالِ قَالُوا لَا قَالَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ وَأَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77] الْآيَةَ وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ ثُمَّ مَثَّلَ لِمَا يُغَلَّظُ فِيهِ مِنْ جَانِبِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ (كَعَبْدِهِ الْخَسِيسِ) الَّذِي لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابَ الزَّكَاةِ (عِتْقًا ادَّعَى) أَيْ إذَا ادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ وَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ وَنَكَلَ فَإِنَّ يَمِينَهُ تُغَلَّظُ؛ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ لَيْسَ بِمَالٍ (لَا سَيِّدٍ) لَهُ فَإِنَّهُ لَا تُغَلَّظُ يَمِينُهُ إذَا حَلَفَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ مَالٍ قَلِيلٍ، وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ خُلْعًا عَلَى زَوْجِهَا وَأَنْكَرَ غُلِّظَتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْفِرَاقُ وَإِنْ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْ ثَبَتَتْ الْبَيْنُونَةُ وَصُدِّقَتْ فِي إنْكَارِ الْمَالِ بِيَمِينِهَا وَيُنْظَرُ فِي التَّغْلِيظِ عَلَيْهَا إلَى قَدْرِ الْمَالِ، وَكَذَا إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَحَلَفَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْمَالُ

(ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْخِصَامُ انْقَطَعَا) أَيْ فَائِدَةُ حَلِفِهِ انْقِطَاعُ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا سُقُوطُ حَقِّ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (وَبَعْدَ هَذَا) أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَتُقَامُ) جَوَازًا (الْبَيِّنَةْ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ لَا يُسْقِطُ الْحَقَّ كَمَا مَرَّ فَتُسْمَعُ وَيُقْضَى بِهَا وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نُكُولُهُ لِلتَّوَرُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ الْوَدِيعَةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ

(وَإِنْ نَفَاهَا) أَيْ الْبَيِّنَةَ (الْمُدَّعِي) حِينَ التَّحْلِيفِ

ــ

[حاشية العبادي]

عَدَمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ هُنَا صَادِقٌ فِي حَلِفِهِ فِي اعْتِقَادِ الْقَاضِي فِي الْوَاقِعِ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم

(قَوْلُهُ ثَبَتَتْ الْبَيْنُونَةُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. م ر

(قَوْلُهُ بَلْ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ. اهـ قَالَ م ر فِي حَاشِيَتِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّ أَظْهَرَ قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ بِمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ، وَأَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَقْتَضِي مَدْحًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ دُونَ الصِّفَةِ وَالْتَحَقَ بِالْأَفْعَالِ، وَإِضَافَةُ الْأَفْعَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَوْقِيفٍ، وَلِذَلِكَ تَوَسَّعَ النَّاسُ فِي تَحْمِيدَاتِهِمْ وَتَمْجِيدَاتِهِمْ وَغَيْرِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ

جَاءَتْ سُحَيْمَةُ تُغَالِبُ رَبَّهَا

وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغُلَّابِ

وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ. اهـ وَقَوْلُهُ: الَّذِي غَلَبَ فِيهِ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ ذَلِكَ كَالْمُخْزِي الْمُضِلِّ، فَلَا كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ م ر قَبْلُ عَنْ الْخَطَّابِيِّ رَاجِعْهُ. ثُمَّ رَأَيْت حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ قَالَ: إنَّ الْفِعْلَ أَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ وُرُودِهِ غَايَتَهُ أَنَّهُ يَكْفِي وُرُودُ مَعْنَاهُ أَوْ مُرَادِفِهِ بِخِلَافِ الصِّفَاتِ لَا بُدَّ مِنْ وُرُودِ لَفْظِهَا وَلَا يَجُوزُ اشْتِقَاقُهَا مِنْ فِعْلٍ أَوْ مَصْدَرٍ وَرُدَّ اهـ وَقَدْ يُرَدُّ التَّأْيِيدُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّ بَابَ الْمُفَاعَلَةِ غَلَبَةُ مَعْنَى الْفِعْلِ فِيهِ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْمَنْصُوصُ إلَخْ) صَرِيحُ الْمِنْهَاجِ وَظَاهِرُ شُرُوحِهِ اعْتِمَادُ مَا فِي الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ الْبَيِّنَةُ) مِثْلُهَا الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ صَرَّحَ بِهِ

ص: 289

(مَا أَمْكَنَهْ) أَيْ غَايَةَ إمْكَانِهِ كَأَنْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةٌ وَلَا غَائِبَةٌ أَوْ قَالَ: كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا بَاطِلَةٌ أَوْ كَاذِبَةٌ أَوْ زُورٌ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَيُقْضَى بِهَا سَوَاءٌ ذَكَرَ تَأْوِيلًا كَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَالَ ذَلِكَ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَوْ جَهْلًا ثُمَّ بَانَ لَهُ خِلَافُهُ وَلَوْ نَفَى حُرِّيَّةَ شُهُودِهِ أَوْ عَدَالَتَهُمْ فَقَالَ: شُهُودِي عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ مَقْبُولَةٍ سُمِعَتْ إنْ أَمْكَنَ الْعِتْقُ وَالِاسْتِبْرَاءُ، وَلَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَلَكِنْ أُرِيدُ تَحْلِيفَ خَصْمِي أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَيْهِ (وَبِنُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (كَأَنْ يَقُولَا) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ (لَا أَحْلِفَنَّ أَوْ صَرَّحَ) بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ (النُّكُولَا) أَيْ بِنُكُولِهِ كَأَنْ قَالَ: أَنَا نَاكِلٌ (أَوْ يَسْكُتَ الْمَذْكُورُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ عَنْ الْحَلِفِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَنَّ سُكُوتَهُ لِدَهْشَةٍ أَوْ غَبَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ عَلِمَا عُذْرًا لَهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَبِالنُّكُولِ حَكَمَا) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّهُ حَكَمَ بِالنُّكُولِ حَالَ السُّكُوتِ بِلَا عُذْرٍ (أَوْ قَالَ قَاضٍ) وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالنُّكُولِ (لِلَّذِي ادَّعَى احْلِفْ فَالْمُدَّعِي يَحْلِفُ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ يَمِينَ الرَّدِّ لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ بِنُكُولِ خَصْمِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ نُكُولَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَاذِبَةِ فَلَا يُقْضَى بِهِ مَعَ التَّرَدُّدِ، وَلَوْ أَقْبَلَ عَلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي فَفِي جَعْلِهِ كَالْحُكْمِ بِالنُّكُولِ وَجْهَانِ عَنْ الْقَاضِي أَقَرَّ بِهِمَا فِي الْكِفَايَةِ، نَعَمْ وَلَوْ أَبْدَلَ الِاسْمَ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ بِالرَّحْمَنِ كَانَ نَاكِلًا وَلَوْ أَبْدَلَ الصِّلَةَ فَقَالَ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ فَفِي كَوْنِهِ نَاكِلًا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنُكُولٍ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَيْسَ نُكُولًا خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَلَوْ قَالَ لَهُ أَتَحْلِفُ فَقَالَ لَا فَلَيْسَ نُكُولًا بَلْ لَوْ بَدَرَ حِينَ سَمَاعِ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ وَلَوْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِهِ احْلِفْ فَقَالَ لَا أَحْلِفُ قَالَ الْإِمَامُ هُوَ نُكُولٌ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: لِأَنَّ قَوْلَهُ احْلِفْ يَحْتَمِلُ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْقُضَاةِ مَنْ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ مِنْ اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ لِلطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ (لَا الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي عَنْ مُوَلِّيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ وَلَا غَيْرَهَا (فِي مَا لَيْسَ مِنْ إنْشَائِهِ وَفِعْلِهِ كَمَا) لَوْ (ادَّعَى إتْلَافَ مَالِ طِفْلِهِ) عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِمُوَلِّيهِ لَا لَهُ، وَلَا هُوَ ثَابِتٌ بِفِعْلِهِ، وَإِثْبَاتُ الْحَقِّ لِلشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

مُؤَاخِذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ

(قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ الْعِتْقُ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ أَتَى بِهِمْ غَيْرُ مَنْ أَرَادَهُمْ أَوَّلًا م ر (قَوْلُهُ لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ بِالنُّكُولِ) سَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضَةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِالنُّكُولِ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ، وَلَوْ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالنُّكُولِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ أَنَّ تَصْرِيحَهُ بِالنُّكُولِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ يَتَحَوَّلُ بِهِ الْيَمِينُ فَلْيُتَأَمَّلْ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقْبَلَ عَلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي إلَخْ) وَقَوْلُهُ أَيْ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ سُكُوتِهِ: احْلِفْ أَوْ أَتَحْلِفُ، وَإِقْبَالُهُ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْلِفْ عَلَى الْمَنْقُولِ، الْمُعْتَمَدُ حَكَمَ مِنْهُ بِنُكُولِهِ أَيْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ حَكَمْت بِنُكُولِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمُدَّعِي وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ قَدْ هَرَبَ وَعَادَ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِنُكُولِهِ صَرِيحًا أَوْ تَنْزِيلًا، وَإِلَّا لَمْ يُعَدِّلْهُ إنْ رَضِيَ الْمُدَّعِي حَجَرٌ ح (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْدَلَ الصِّلَةَ فَقَالَ: قُلْ بِاَللَّهِ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ فَفِي كَوْنِهِ نَاكِلًا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ) فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ وَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى إنْسَانٍ وَكَانَ قَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً فَإِنْ قُلْنَا التَّغْلِيظُ وَاجِبٌ غُلِّظَ عَلَيْهِ وَحَنِثَ وَإِنْ امْتَنَعَ جُعِلَ نَاكِلًا وَإِنْ قُلْنَا مُسْتَحَبٌّ لَمْ يُغْلَظْ كَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَا عَنْ تَصْحِيحِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يُعَدُّ نَاكِلًا إذَا غُلِّظَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَامْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ اجْتِهَادِ الْقَاضِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّغْلِيظِ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ وَعَنْ غَيْرِ الْقَفَّالِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي اللَّفْظِيِّ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَكُونُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهُ نَاكِلًا قَطْعًا اهـ

وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا قَالَ فَلْيَتَفَطَّنْ لِقَوْلِهِمَا وَيَحْنَثُ مَعَ كَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى الْحَلِفِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَرُبَّمَا يُقَالُ إكْرَاهُ الْقَاضِي مَانِعٌ مِنْ الْحِنْثِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظًا مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ بِيَمِينِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى قَوْلِ وُجُوبِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ فَكَانَ كَمَنْ حَلِفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ يُؤْمَرُ بِهَا وَيَحْنَثُ هَكَذَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ وَهُوَ صَوَابٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِمَنْعِ أَنَّهُ مُكْرَهٌ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ تَرَكَهُ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ فَلَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى الْحَلِفِ عَيْنًا، بَلْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الِاعْتِرَافِ فَفِي الْمَعْنَى هُوَ مُخَيِّرٌ لَهُ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالِاعْتِرَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) كَانَ وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ فَهَذَا الِاحْتِمَالُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي الِامْتِنَاعِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ فَتَحْلِيفُهُ بِهِ مُعْتَدٌّ بِهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِهِمَا إلَخْ السَّابِقُ قُبَيْلَ وَغَلُظَتْ يَمِينُهُ فَلَا يَحْسُنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي الِامْتِنَاعِ، ثُمَّ رَأَيْت مَنْ رَدَّ تَرْجِيحَ الْبُلْقِينِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ، وَغَلِطَ فِيهَا بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ احْلِفْ لَا بِقَوْلِهِ أَتَحْلِفُ؟ لِأَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ لَا أَوْ أَنَا نَاكِلٌ لَا يَكُونُ نُكُولًا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقْبَلَ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ احْلِفْ أَوْ أَتَحْلِفُ فَالْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ الْإِقْبَالِ

ص: 290

بَعِيدٌ وَلَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ بَلْ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ إلَى كَمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ يَحْلِفُ، وَيَكْتُبُ الْقَاضِي مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِعْلُهُ تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ أَمَّا مَا كَانَ مِنْ إنْشَائِهِ كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِلطِّفْلِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ الْمَنْعَ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّدَاقِ فِي بَابِهِ، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوَصِيِّ وَالْمُقِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَالْوَكِيلِ، وَقَيِّمِ السَّفِيهِ إذَا ادَّعَى لَهُ وَنَكَلَ خَصْمُهُ يَحْلِفُ السَّفِيهُ يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَالِ وَلَا يَقُولُ إلَيَّ، وَالْقَيِّمُ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ

(وَبِالْتِمَاسِهِ ثَلَاثًا أُنْظِرَا) أَيْ وَأُمْهِلَ الْمُدَّعِي بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ فِي يَمِينِ الرَّدِّ لِعُذْرٍ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالنَّظَرِ فِي الْحِسَابِ، وَسُؤَالُ الْفُقَهَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَيُفَارِقُ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْبَيِّنَةِ أَبَدًا بِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا لَمْ يُمْهَلْ بَلْ يَصِيرُ نَاكِلًا وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ، وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّؤَالُ وَهَلْ هَذَا الْإِنْظَارُ وَاجِبٌ أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثًا وَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِنْظَارَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى (لَا خَصْمُهُ) وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ لَا يُمْهَلُ بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ فِي يَمِينِهِ بِغَيْرِ رِضَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ، نَعَمْ إنْ اُسْتُمْهِلَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ لِيَنْظُرَ فِي حِسَابِهِ أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي (فَمُنْظَرٌ إنْ أَخَّرَا) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ مَنْ أُمْهِلَ وَهُوَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ الْمَرْدُودَةَ (أَوْ) يَمِينَهُ (مَعَ) إقَامَةِ (شَهِيدٍ) أَيْ شَاهِدٍ (وَاحِدٍ) عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (فَلَا قَسَمْ) أَيْ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ لِبُطْلَانِ حَقِّهِ مِنْ الْيَمِينِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَتَرْجِيحُ الْبَغَوِيّ بِمَضْمُونِ ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَلِيِّ فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ إلَى كَمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إلَخْ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضِ: فَصْلٌ قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ إلَى أَنْ قَالَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: وَكَمُتَّهَمٍ بِمَالِ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ حُبِسَ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَكَذَا قَيِّمُ وَقْفٍ وَمَسْجِدٍ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي الْوَلِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَكَوَصِيِّ مَيِّتٍ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ أَيْ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ اهـ. فَقَوْلُهُ هُنَا وَالْخِلَافُ جَارٍ إلَخْ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ ذَلِكَ دُونَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ كَمَا رَأَيْت

(قَوْلُهُ كَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ إلَخْ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَيُفَارِقُ إلَخْ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُمْهِلَ فِي الِابْتِدَاءِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ أَبَدًا أَوْ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ، وَلَوْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا فَقَطْ فَإِنْ أُخِّرَ عَنْهَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا سَيَأْتِي إلَّا مِنْ الْبَيِّنَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي إمْهَالَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمَجْلِسِ بِخِلَافِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ لَكِنْ جَوَّزَ لَهُ الْإِمْهَالَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ، وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِهِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ لَا إلَى أَكْثَرَ إلَّا بِرِضَاهُ م ر (قَوْلُهُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ثَلَاثًا اُنْظُرْ (قَوْلُهُ فَلَا قَسَمَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ نَفْيَ الْحَلِفِ هُنَا وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا الْبَيِّنَةُ وَحِكَايَةُ خِلَافِ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ نُكُولِ الْمُدَّعِي الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ أَمَّا نُكُولُ مُدَّعِيهِ إلَخْ أَمَّا هَذِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِيهَا جَوَازُ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُمَا قَالَا فِيهَا: وَلَوْ عَلَّلَ الْمُدَّعِي امْتِنَاعَهُ بِعُذْرٍ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ لِيَحْلِفَ مُكِّنَ مِنْهُ اهـ. وَتَبِعَهُمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَكِنْ الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ كَمَا فِي الْمَتْنِ وَاعْتَرَضَ الْجَوْجَرِيُّ مَا قُلْنَاهُ وَأَطَالَ فِيهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَحَمْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ عَلَى مَا لَوْ عَادَ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مَعَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ خُلُوٍّ الرَّوْضَةُ وَأَصْلُهَا عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ أُخِّرَ عَنْ الثَّلَاثِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى.

وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ حَمْلَهَا عَلَى مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ) أَيْ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فِي الْأُولَى، وَهِيَ تَأْخِيرُ يَمِينِهِ الْمَرْدُودَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ تَأْخِيرُهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا هُنَا حَلِفُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَمَا هُنَاكَ حَلِفُهُ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ رَوْضِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَلِفَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ. اهـ. م ر بج

(قَوْلُهُ بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ فِي يَمِينِهِ) أَمَّا إذَا طَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِقَامَةِ حُجَّةٍ بِنَحْوِ أَدَاءِ أَوْ إبْرَاءِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج (قَوْلُهُ إنْ أُخِّرَ) أَيْ لَمْ يَحْلِفْ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَيِّنَةَ) ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بِخِلَافِ النُّكُولِ عَنْ

ص: 291

بِالتَّأْخِيرِ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْهَرَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَوْ عَادَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَادَّعَى وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ الْحَلِفُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَأَقْوَى لِئَلَّا تَتَكَرَّرَ دَعْوَاهُ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَحْسَنُ وَأَصَحُّ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ الثَّانِي

(وَعَرْضُهُ) أَيْ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَتَمَّ) أَيْ مَنْدُوبٌ (كَشَرْحِهِ) لَهُ (حُكْمَ النُّكُولِ) فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ إنْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حُكْمَهُ فَيَقُولُ لَهُ إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ (وَإِذَا قَضَى) عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، أَوْ قَالَ وَلَمْ يَشْرَحْ لَهُ حُكْمَ النُّكُولِ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ (وَقَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَا عَرَفْتُ حُكْمَ ذَا) أَيْ النُّكُولِ لَمْ يَنْفَعْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ نَعَمْ (يَحْلِفُ) إنْ شَاءَ (لَكِنْ بِرِضَى ذِي الدَّعْوَى) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَإِنْ لَمْ يُنْقَضْ بِنُكُولِهِ وَلَمْ يَقُلْ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَلِفُ حَتَّى لَوْ هَرَبَ وَعَادَ فَلَهُ الْحَلِفُ، وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ شَرْحَ حُكْمِ النُّكُولِ مَنْدُوبٌ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ بِوُجُوبِهِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ الْقَضَاءِ عِنْدَ تَرْكِهِ (أَمَّا نُكُولُ مُدَّعِيهِ) أَيْ الْحَقِّ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ (فَهُوَ كَحَلِفٍ مِنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) حَتَّى يُسْقِطَ حَقَّ الْمُدَّعِي مِنْ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا مُلَازَمَتُهُ وَلَا اسْتِئْنَافُ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفُهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَلَا يَنْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْبَيِّنَةُ (لَكِنْ يَمِينُ الْمُدَّعِي) الْمَرْدُودَةَ (لَدَيْهِ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي (مِثْلُ اعْتِرَافِ مَنْ عَلَيْهِ يُدَّعَى) بِالْحَقِّ لَا مِثْلُ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِنُكُولِهِ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ بِهِ، فَيَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَالْإِقْرَارِ

وَلَا يَسْمَعُ بَعْدَ حَلِفِهِ دَعْوَى الْأَدَاءِ مِنْ خَصْمِهِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَبِالْأَدَا)

ــ

[حاشية العبادي]

مَعَ الشَّاهِدِ فَهَلْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْمَحَامِلِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: احْلِفْ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْهَامِشِ الْآتِي عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَرَيَانُ (قَوْلُهُ: لِبُطْلَانِ حَقِّهِ مِنْ الْيَمِينِ) وَزَعَمَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّهُمَا رَجَّحَاهُ أَيْ بُطْلَانَ حَقِّهِ مِنْ الْيَمِينِ فِي الْمُؤَخَّرِ الْمَذْكُورِ أَيْ الْمُؤَخَّرِ الْيَمِينِ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ يَمِينِ الرَّدِّ أَوْ مَعَ الشَّاهِدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُ قَاسَ تِلْكَ عَلَى هَذِهِ أَيْ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَوْ مَعَ الشَّاهِدِ فَأَجْرَى فِيهَا مَا فِي هَذِهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ لَمْ يَذْكُرهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمَا

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ وَلَمْ يَشْرَحْ إلَخْ)، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَلِفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَإِنْ كَانَ قَالَ: أَنَا نَاكِلٌ أَوْ رَدَّ الْيَمِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَمَّا نُكُولُ مُدَّعِيهِ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِاشْتِرَاطِ حُكْمِ الْقَاضِي فِي عَدَمِ عَوْدِ الْمُدَّعِي إلَى الْيَمِينِ وَكَأَنَّ الْفَارِقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْيَمِينَ مِنْ حَيْثُ هِيَ مُتَأَصِّلَةٌ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُدَّعِي بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ أَمَّا نُكُولُ مُدَّعِيهِ إلَى قَوْلِهِ فِي الشَّرْحِ إلَّا الْبَيِّنَةَ أَيْ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا كَذَا فِي الرَّوْضِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قَالَ أَيْ مَعَ شَاهِدِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: احْلِفْ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِقَامَةُ الشَّاهِدِ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَةَ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا كَلَامَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكُلْ عَنْهَا، وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْقَسَامَةِ اهـ. وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ وَقْفَةٌ اهـ.

مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ اعْتِبَارِ الْإِمَامِ هُنَا الْبَيِّنَةَ الْكَامِلَةَ وَاكْتِفَائِهِ فِي النُّكُولِ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ بِالشَّاهِدِ وَالتَّمْيِيزِ. وَانْظُرْ هَلْ وَجْهُ الْوَقْفَةِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى خَصْمِهِ إذْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّا لَوْ رَدَدْنَاهَا لَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ ذَكَرَهُ الْمَرْوَزِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْبَيِّنَةُ) أَيْ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْأُولَى، وَهِيَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَامِلَةٍ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ إنْ تَوَسَّمَ فِيهِ جَهْلَ حُكْمِ النُّكُولِ وَجَبَ تَعْرِيفُهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ إلَخْ) خَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْدُمُ عَلَى الْحُكْمِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَدْرِي أَنَّ امْتِنَاعَهُ يُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ بَلْ عَلَى الْقَاضِي إعْلَامُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْرِي فَالْأَرْجَحُ أَيْضًا عَدَمُ النُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ الْمُحْتَمَلِ بِإِظْهَارِ حُكْمِ النُّكُولِ. اهـ. م ر عَلَى شَرْحِ رَوْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْبَيِّنَةُ) ظَاهِرُهُ الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ فَلَيْسَ لَهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَنْ يُجَدِّدَ دَعْوَى وَيُقِيمَ الشَّاهِدَ وَيَحْلِفَ مَعَهُ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنْ رَجَّحَ صَاحِبُ الرَّوْضِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّاكِلِ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ لَيْسَ لَهُ تَجْدِيدُ دَعْوَى وَتَحْلِيفُ خَصْمِهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ تَرْجِيحِهِ الْعَوْدَ لِلْحَلِفِ هُنَا وَتَرْجِيحِ عَدَمِ عَوْدِهِ لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ

ص: 292

أَيْ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِاعْتِيَاضِ (حُجَّتُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَنْ تُسْمَعَا) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ، وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ بِأَمْرٍ تَحْقِيقِيٍّ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَلَى الصَّوَابِ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى.

وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ

وَقَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي صُوَرٍ بِقَوْلِهِ (وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ) مِمَّنْ طُلِبَتْ مِنْهُ فَادَّعَى مُسْقِطًا كَأَدَائِهَا أَوْ تَلَفَ الْمَالِ أَوْ الْمُبَادَلَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، أَوْ غَلَطَ الْخَارِصُ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَلَمْ يَنْحَصِرْ الْمُسْتَحِقُّونَ لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ بَلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوُجُوبِ هَذَا إذَا قُلْنَا يَحْلِفُ وُجُوبًا فَإِنْ قُلْنَا نَدْبًا وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ (وَ) تُؤْخَذُ (الْجِزْيَةُ) بِتَمَامِهَا مِنْ الذِّمِّيِّ (فِي) دَعْوَى (إسْلَامِهِ مِنْ قَبْلِ) فَرَاغِ (عَامٍ) مَعَ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ لِذَلِكَ وَهَذَا أَيْضًا إنْ قُلْنَا يَحْلِفُ وُجُوبًا فَإِنْ قُلْنَا نَدْبًا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ فِي تَيْسِيرِهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ (وَنُفِيَ كِتْبَتُهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَيْ لَا يَكْتُبُ (اسْمَ وَلَدِ الْمُرْتَزِقَهْ) فِي الدِّيوَانِ (إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ) بِالِاحْتِلَامِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَلْ يَصْبِرُ (كَيْ يُحَقِّقَهْ) أَيْ حَتَّى يَتَحَقَّقَ بُلُوغُهُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الْمُرَاهِقُ الْوَقْعَةَ وَادَّعَى الِاحْتِلَامَ لِيُسْهِمَ لَهُ فَيُعْطَى إنْ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ حُجَّتَهُ الْيَمِينُ، وَلَمْ تُوجَدْ وَلَوْ وَقَعَ فِي السَّبْيِ مَنْ أَنْبَتَ وَقَالَ اسْتَعْجَلْت الشَّعْرَ بِالْعِلَاجِ وَأَنَا غَيْرُ بَالِغٍ وَقُلْنَا يَحْلِفُ وُجُوبًا كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ فَنَكَلَ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُقْتَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: وَهُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ (وَلْيُعْتَقَلْ) مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَيْ يُحْبَسُ (فِي) دَعْوَى (دَيْنِ مَيْتٍ انْعَدَمْ وَارِثُهُ) أَيْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَوَجَدَ الْحَاكِمُ تَذْكِرَةً لِلْمَيِّتِ فِيهَا أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى فُلَانٍ وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ وَيَمْتَدُّ حَبْسُهُ (إلَى اعْتِرَافٍ) مِنْهُ بِالدَّيْنِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ (أَوْ قَسَمْ) بِأَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِهِ فَيُعْرِضُ عَنْهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ كَمَسْأَلَتَيْ

ــ

[حاشية العبادي]

نُكُولُهُ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ نُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَهَلْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَرَيَانُ

(قَوْلُهُ فَبِالْأَدَاءِ إلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا فَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الْعَصْرِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمُ السَّمَاعِ أَيْضًا هُنَا وَفَتْوَى عُلَمَاءِ الْعَصْرِ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ لَنْ تُسْمَعَا) وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا

(قَوْلُهُ فِي دَعْوَى دَيْنِ مَيِّتٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَكَذَا قَيِّمُ وَقْفٍ وَمَسْجِدٍ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ إذَا ادَّعَى قَيِّمُ الْوَقْفِ أَوْ الْمَسْجِدِ لَهُ شَيْئًا فَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، قَالَ فِي شَرْحِهِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَكَوَصِيٍّ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ اهـ. وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ الرَّوْضِ فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ دَفْعًا وَلَا إثْبَاتًا، بَلْ يَكْتُبُ الْقَاضِي بِهِ مَحْضَرًا وَيَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةَ الْمَجْنُونِ أَيْ فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

ظَاهِرٌ. اهـ

وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي سَقَطَ عَنْهُ تَكْلِيفُهُ الْيَمِينَ فَلَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَانِيًا لَكَلَّفَهُ بِمَا سَقَطَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اُنْتُزِعَتْ مِنْ دَاخِلٍ عَيْنٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ حَاضِرَةٌ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا ثُمَّ جَاءَ الدَّاخِلُ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَيْ فَتُرَجَّحُ لِلْيَدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ كَمَا قَالَهُ م ر تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْحَصِرْ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَتَأَتَّى رَدُّ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ) ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ الْمَحْضَ أَيْ الْخَالِي عَنْ يَمِينِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ لَا يُحْكَمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ، وَلَيْسَ النُّكُولُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا يَحْلِفُ وُجُوبًا) هُوَ الْأَصَحُّ

ص: 293

الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ حَيْثُ حَكَمَ فِيهِمَا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِيهِمَا أَصْلٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ، فَأَخَذْنَا بِالْأَصْلِ وَهُنَا لَا مُسْتَنَدَ إلَّا النُّكُولُ، وَالنُّكُولُ الْمَحْضُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ

وَ (إنْ تَتَعَارَضْ حُجَّتَانِ قُدِّمَتْ مَضِيفَةٌ) لِلْمِلْكِ إلَى سَبَبٍ كَإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نِتَاجٍ فِي مِلْكِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ أَوْ زِرَاعَةٍ فِيهِ عَلَى مَنْ أُطْلِقَتْ، إذْ مَعَ الْمَضِيفَةِ زِيَادَةُ عِلْمٍ (وَ) قُدِّمَتْ (مَنْ بِنَقْلٍ عُلِمَتْ) أَيْ عُلِمَ كَوْنُهَا نَاقِلَةً فَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ عَنْ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا لِيَرِثَهُ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا قُدِّمَتْ الْأُولَى لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لَهَا.

نَعَمْ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إسْلَامٌ أَوْ كُفْرٌ تَسَاقَطَتَا فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَعْرُوفِ الدِّينِ فَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَلَى دِينِهِ تَسَاقَطَتَا، وَيَحْلِفُ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ وَيُجْعَلُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِمَا أَمْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا إذْ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ قُدِّمَتْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ، وَالثَّانِيَةُ مُبْقَيَةٌ (وَ) حُجَّةٌ قَالَتْ (مَاتَ) فُلَانٌ (قُدِّمَنْ عَلَيْهَا) حُجَّةٌ قَالَتْ (قَتَلَهْ) فُلَانٌ فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ أَمَتِهِ بِقَتْلِهِ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، وَوَارِثُهُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ قُدِّمَتْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَتُقَدَّمُ أَيْضًا بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي بِعَفْوِ الشَّفِيعِ عَلَى بَيِّنَةِ الشَّفِيعِ بِأَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ الشِّقْصُ بِيَدِهِ لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْعَفْوِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الشُّفْعَةِ (وَ) قُدِّمَتْ حُجَّةٌ (مَعَ يَدٍ لَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَيُسَمِّي الدَّاخِلَ عَلَى حُجَّةِ مَنْ لَا يَدَ لَهُ وَيُسَمِّي الْخَارِجَ فَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَأَقَامَ حُجَّةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ حُجَّةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا لِتَرَجُّحِهَا بِالْيَدِ، نَعَمْ إنْ قَالَ الْخَارِجُ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنِّي أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَشَهِدَتْ حُجَّتُهُ بِذَلِكَ قُدِّمَتْ عَلَى حُجَّةِ الدَّاخِلِ (وَ) قُدِّمَتْ حُجَّةٌ مَعَ يَدٍ (لِلْمُقَرِّ لَهْ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَى حُجَّةٍ خَالِيَةٍ عَنْ ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً، وَأَقَرَّ الثَّالِثُ لِأَحَدِهِمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ صَاحِبَ يَدٍ، هَذَا إذَا أَقَرَّ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا، وَقُدِّمَ الْمُقَرُّ لَهُ بِإِقْرَارِ الثَّالِثِ لَا بِبَيِّنَةٍ حَتَّى يُقَالَ يُرَجَّحُ بِالْإِقْرَارِ

(وَإِنْ أَزَالَتْهَا) أَيْ يَدُ صَاحِبِ الْيَدِ الْحُجَّةَ (الَّتِي لِلْخَارِجِ) فَإِنَّ حُجَّتَهُ تُقَدَّمُ عَلَى حُجَّةِ الْخَارِجِ إنْ أَسْنَدَتْ الْمِلْكَ إلَى مَا قَبْلَ إزَالَةِ يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لَهُ وَإِنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ فَإِنْ لَمْ تُسْنِدْهُ إلَى مَا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُدَّعٍ خَارِجٌ (حَيْثُ الَّتِي لِلْيَدِ بَعْدَهَا تَجِي) أَيْ إنَّمَا تُسْمَعُ حُجَّةُ ذِي الْيَدِ حَيْثُ تَجِيءُ أَيْ تُقَامُ بَعْدَ حُجَّةِ الْخَارِجِ لَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً (وَلَوْ بِحَيْثُ لَمْ تُزَكَّ الْأَوَّلَهْ) أَيْ قُدِّمَتْ حُجَّةُ ذِي الْيَدِ حَيْثُ أُقِيمَتْ بَعْدَ الْأُولَى وَلَوْ قَبْلَ تَزْكِيَتِهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الزَّوَالِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى دَفْعِ الطَّاعِنِ عَنْهَا وَحَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَنْعَ إقَامَتِهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي إقَامَتِهَا دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الدَّاخِلِ بِتُهْمَةِ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعُهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِ تُهْمَةِ السَّرِقَةِ، قَالَ فَإِذَا أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ فَهَلْ يَحْتَاجُ الدَّاخِلُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؟ هَذَا مُحْتَمَلٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ قُدِّمَتْ مَضِيفَةٌ) الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ أَنَّ الْمُضِيفَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ ذَاتِ التَّارِيخِ وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ النَّاقِلَةُ ثُمَّ الْيَدُ ثُمَّ الشَّاهِدَانِ ثُمَّ سَبْقُ التَّارِيخِ ثُمَّ الْمُضِيفَةُ، وَأَنَّ بَيِّنَةَ التَّاجِ فِي رُتْبَةِ ذَاتِ التَّارِيخِ السَّابِقِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ تَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا) فِي الْقُوتِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهَا أَنَّ سَبْقَ تَارِيخِ الْخَارِجِ مُقَدَّمٌ عِنْدَ إسْنَادِ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ أَيْ إلَى الِانْتِقَالِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: إلَى دَفْعِ الطَّاعِنِ عَنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِدَفْعٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَهِدَ أَنَّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ الْمُضِيفَةِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ ثُمَّ التَّارِيخُ وَتَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ عَكْسُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَالنُّكُولُ إلَخْ) وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْحَقِّ فَتَعَيَّنَ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا قُلْنَا. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ مَضِيفَةٌ إلَخْ) فِي الْأَنْوَارِ لَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ، فَلَا تَرْجِيحَ، وَكَذَا فِي كُلِّ بَيِّنَتَيْنِ أَطْلَقَتْ إحْدَاهُمَا الْمِلْكَ وَنَصَّتْ إحْدَاهُمَا عَلَى السَّبَبِ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِمَا. اهـ وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِلشَّارِحِ وم ر وَحَجَرٍ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ حَيْثُ تَسَاقَطَا وَبَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَمُبَيِّنَةِ السَّبَبِ حَيْثُ عُمِلَ بِمُبَيِّنَةِ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ لَوْ بَحَثَ عَنْهَا قَدْ تَبَيَّنَ السَّبَبُ فَيَقَعُ التَّعَارُضُ، وَفِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ إنَّمَا يَكُونُ مُرَجِّحًا إذَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَتَكُونُ الصُّورَةُ أَنَّ أَحَدَ الْمُدَّعِيَيْنِ ادَّعَى الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَشَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى الْآخَرُ الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَشَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَتُرَجَّحُ الْأُولَى لِإِثْبَاتِهَا ابْتِدَاءَ الْمِلْكِ لِصَاحِبِهَا وَهُوَ عِلْمٌ زَائِدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَك حَمْلُ مَا فِي الْأَنْوَارِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي السَّبَبَ

ص: 294

وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ انْتَهَى، (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ إحْدَى الْحُجَّتَيْنِ مُرَجِّحٌ مِمَّا مَرَّ قُدِّمَ (شَهِيدَانِ عَلَى الْمُكَمِّلَهْ بِقَسَمٍ) أَيْ يَمِينٍ، لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَنْفَى لِتُهْمَةِ الْحَلِفِ كَاذِبًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مُرَجِّحٌ مِمَّا مَرَّ قُدِّمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِاعْتِضَادِهِمَا بِهِ، (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُرَجِّحٌ مِمَّا مَرَّ قُدِّمَتْ الْحُجَّةُ (الَّتِي تَسْبِقُ) غَيْرَهَا (فِي تَارِيخِهَا) ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكٍ أَمْ فِي غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ أَكْثَرَ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ بِلَا مُعَارَضَةٍ وَفِي وَقْتٍ بِمُعَارَضَةٍ، فَيَتَسَاقَطَانِ فِي الثَّانِي وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا فِي الْأَوَّلِ.

وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ، وَظَاهِرُ عَطْفِهِ بِثُمَّ أَنَّ السَّابِقَةَ إنَّمَا تُقَدَّمُ بَعْدَ جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ حَتَّى يُقَدَّمَ الشَّاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ سَبَقَ تَارِيخُهُمَا، وَتُقَدَّمُ حُجَّةُ ذِي الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ، فَلَوْ كَانَتْ سَابِقَتُهُ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ، وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةً بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ قُدِّمَتْ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ. (ثُمَّ) بَعْدَ فَقْدِ مَا مَرَّ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ (التَّسَاقُطُ) لِلْحُجَّتَيْنِ (اُصْطُفِيَ) أَيْ: اُخْتِيرَ كَأَنْ ادَّعَيَا دَارًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ، وَلَمْ يُقِرَّ الثَّالِثُ لِأَحَدِهِمَا، إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (كَذَاتِ تَارِيخٍ وَأُخْرَى مُطْلِقَهْ) فَإِنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ لَوْ بُحِثَ عَنْهَا فَاسْتَوَتَا، وَالظَّاهِرُ تَسَاقُطُهُمَا أَيْضًا فِيمَا لَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِكَوْنِ إحْدَى الْحُجَّتَيْنِ رَجُلَيْنِ وَالْأُخْرَى رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا بِزِيَادَةِ عَدَدٍ أَوْ وَرَعٍ أَوْ فِقْهٍ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ لِلشَّهَادَةِ نِصَابًا فَيُتَّبَعُ، وَلَا ضَبْطَ لِلرِّوَايَةِ فَيُعْمَلُ بِأَرْجَحِ الظَّنَّيْنِ.

(وَغُرْمُ كُلِّ الثَّمَنَيْنِ) لِمُدَّعِيَيْنِ أَقَامَا حُجَّتَيْنِ (لِحَقِّهْ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي) صُورَةِ (الْبَيْعِ) مِنْهُ إذَا (لَمْ تُؤَرِّخَاهُ بِزَمَنْ) ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى مَا بِيَدِهِ دَارٌ مَثَلًا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ بِكَذَا، وَكَانَتْ مِلْكَهُ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ وَأَقَامَ حُجَّةً بِمَا ادَّعَاهُ وَلَمْ تُؤَرَّخَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ أُرِّخَتَا بِزَمَنَيْنِ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا غَرِمَ لَهُمَا الثَّمَنَيْنِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِ الْمُدَّعَى مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، بِأَنْ يَسَعَهُ مَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ، فَإِنْ أَرَّخَتَاهُ بِزَمَنٍ أَوْ بِزَمَنَيْنِ لَا يُمْكِنُ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ، فَلَا غُرْمَ لِلتَّعَارُضِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَأَقَرَّ لَهُمَا غَرِمَ الثَّمَنَيْنِ، وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَيَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا عُرِفَ.

(وَ) غَرِمَ الثَّمَنَيْنِ لِحَقِّهِ أَيْضًا (فِي) صُورَةِ (الشِّرَا مِنْهُ وَتَوْفِيرِ الثَّمَنْ) فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ دَارٌ مَثَلًا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، وَطَلَبَ تَسْلِيمَ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَمْ تُؤَرَّخَا بِزَمَنَيْنِ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ، إذْ لَا تَعَارُضَ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الدَّارِ، فَلَا غُرْمَ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الدَّارُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا لِلتَّعَارُضِ فِيهَا لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ أُرِّخَتَا بِزَمَنَيْنِ قَضَى بِأَسْبَقِهِمَا وَسُلِّمَتْ الدَّارُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي وَلَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا سُلِّمَتْ الدَّارُ لَهُ، كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ وَلَا بَيِّنَةَ.

قَالَ الشَّيْخَانِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَاصِمٍ وَلَوْ تَعَرَّضَتْ أَحَدُ الْبَيِّنَتَيْنِ لِكَوْنِ الدَّارِ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِكَوْنِهَا مِلْكَ الْمُشْتَرِي الْآنَ كَانَتْ مُقَدَّمَةً، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرَا تَارِيخًا، وَلَوْ ذَكَرَتْ إحْدَاهُمَا نَقْدَ الثَّمَنِ دُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ إلَخْ) هَذَا يُفْهَمُ مِنْ ثَمَّ

(قَوْلُهُ فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ إلَخْ) صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فَيُنْكِرُ فَيَزْعُمَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَهُ بَيِّنَةٌ فَيُمْهَلَ لِإِحْضَارِهَا فَيَدَّعِيَ الثَّانِي عَلَيْهِ فَيُنْكِرُهُ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ يَحْضُرَ الْأَوَّلُ فَيُقِيمُهَا قَبْلَ الْحُكْمِ لِلثَّانِي بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقَوْلُهُ: اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَيْ مَنْ بِيَدِهِ دَارٌ (قَوْلُهُ وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ) أَيْ فَكَذَّبَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَرَّخَا بِزَمَنَيْنِ) بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَسُلِّمَتْ الدَّارُ لَهُ) قَالَ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

وَمَا فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ فَقْدِ مَا مَرَّ إلَخْ) قَالَ م ر وَتُقَدَّمُ مَنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مَالِكًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَمَنْ قَالَتْ: وَنَقَدَ الثَّمَنَ، أَوْ هُوَ مَالِكٌ الْآنَ عَلَى مَنْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَهُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ مَا بَيْنَ شِرَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَشِرَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَلَا غُرْمَ) وَكَوْنُهُ تَحْتَ يَدِهِ حِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا. اهـ. بج (قَوْلُهُ كَانَتْ مُقَدَّمَةً) ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَتْ إحْدَاهُمَا نَقْدَ الثَّمَنِ) هَذِهِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ

ص: 295

الْأُخْرَى كَانَتْ مُقَدَّمَةً أَيْضًا، سَوَاءٌ كَانَتْ سَابِقَةً أَمْ مَسْبُوقَةً؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَالْأُخْرَى لَا تُوجِبُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ، فَلَا تَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ و (بِحُجَّتَيْ عِتْقِ رَقِيقَيْنِ) بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا: بِأَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدَهُ سَالِمًا وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ غَانِمًا، (وَكُلْ) مِنْهُمَا (ثُلْثِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمَرِيضُ) ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، (قُلْ: نِصْفُهُمَا يَعْتِقُ بِالشُّيُوعِ) جَمْعًا بَيْنَ الْحُجَّتَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ؛ وَلِامْتِنَاعِ الْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ بِرِقِّ الْحُرِّ هَذَا إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا، فَإِنْ أُرِّخَتَا بِزَمَنَيْنِ حُكِمَ بِالْأَسْبَقِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنَجَّزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، أَوْ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، وَزَادَ قَوْلُهُ: بِالشُّيُوعِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِنِصْفِهِمَا أَحَدُهُمَا.

(وَرُدَّهَا) أَيْ: الْحُجَّةِ الشَّاهِدَةِ (بِمُبْهَمِ الرُّجُوعِ) عَنْ إحْدَى وَصِيَّتَيْنِ، كَأَنْ قَامَتْ حُجَّةٌ بِأَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَأُخْرَى بِأَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ، وَأُخْرَى بِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ وَلَمْ تُعَيَّنْ الْمَرْجُوعُ عَنْهَا، فَلَا تُقْبَلُ حُجَّةُ الرُّجُوعِ؛ لِإِبْهَامِهَا، وَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ، (كَوَارِثٍ يَشْهَدُ بِالرُّجْعَى) أَيْ: بِرُجُوعِ مُورِثِهِ عَنْ وَصِيَّتِهِ

(وَلَا يَشْهَدُ بِاَلَّذِي يُسَاوِي) الْمَرْجُوعَ عَنْهُ (بَدَلَا) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْبَدَلِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بَدَلًا لِلتُّهْمَةِ، فَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَوَارِثَانِ عَدْلَانِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَلَمْ يَشْهَدَا بِبَدَلٍ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، وَيَعْتِقُ سَالِمٌ، فَإِنْ شَهِدَا بِبَدَلٍ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاوِيًا لِلْمَرْجُوعِ عَنْهُ، كَأَنْ شَهِدَا بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ سُدُسُ مَالِهِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ عَنْ نِصْفِ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا، لِلتُّهْمَةِ بِرَدِّ الْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا، وَكُلُّ غَانِمٍ، وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا، وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ إنْ كَانَا حَائِزَيْنِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا، وَإِنْ شَهِدَا بِبَدَلٍ مُسَاوٍ كَأَنْ شَهِدَا بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فَيَعْتِقُ دُونَ سَالِمٍ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَبْدِيلِ الْوَلَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ، وَقَدْ لَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ، وَمُجَرَّدُ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَوْ رُدَّتْ بِهِ الشَّهَادَةُ لَمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ قَرِيبٍ لِمَنْ يَرِثُهُ، وَخَرَجَ بِالْوَارِثِ الْأَجْنَبِيُّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا.

أَمَّا (لَوْ) شَهِدَ (أَجْنَبِيَّانِ بِأَنْ قَدْ أَعْتَقَا سَالِمَهُ) أَيْ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدَهُ سَالِمًا، (وَ) شَهِدَ (وَارِثَانِ فَسَقَا) أَيْ فَاسِقَانِ (بِعَوْدِهِ عَنْهُ) أَيْ: بِرُجُوعِهِ عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ سَالِمٍ (وَعِتْقِ) أَيْ: وَبِالْإِيصَاءِ بِعِتْقِ عَبْدٍ (ثَانِ وَكُلُّ عَبْدٍ) مِنْهُمَا (ثُلْثُ مَالِ الْفَانِي) أَيْ الْمَيِّتِ، فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الرُّجُوعُ أَصْلًا لِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ بِهِ، بَلْ (يَعْتِقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، (وَمِمَّنْ قَدْ وَلِي) عِتْقَهُ عَتَقَ الْأَوَّلُ أَيْ: وَيَعْتِقُ مِنْ الثَّانِي (بِقَدْرِ ثُلْثِ الْبَاقِي بَعْدَ) عِتْقِ (الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ ثُلُثَاهُ مُؤَاخَذَةً لِلْوَارِثَيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ، وَكَأَنْ الْأَوَّلَ هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ سُدُسَ الْمَالِ وَالثَّانِي ثُلُثَهُ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثَانِ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلرُّجُوعِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ

ــ

[حاشية العبادي]

الرَّوْضِ وَطَالَبَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ، وَكَذَا قَالَ فِي مَسْأَلَةِ تَصْدِيقِهِ أَحَدَهُمَا

(قَوْلُهُ عَنْ وَصِيَّتِهِ) أَيْ مُوَرِّثِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْبَدَلِ) هَلَّا أَعْرَبَ بَدَلًا مَفْعُولًا بِهِ لِيُسَاوِيَ أَيْ بَدَلًا لِلْمَرْجُوعِ عَنْهُ؟

(قَوْلُهُ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّانِي) أَيْ؛ لِأَنَّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الثَّانِي قَدْرُ ثُلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْوَارِثَانِ إلَخْ) أَطْلَقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَشَبَّهَهَا بِمَا إذَا كَانَ الْبَيِّنَتَانِ أَجَانِبَ وَرَتَّبَ عَلَى التَّشْبِيهِ الْحُكْمَ

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَكَرَتْ نَقْدَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ الْوَاقِعَةُ مِنْ الْمُدَّعِي سَابِقًا

(قَوْلُهُ وَيَقْسِمُ الثُّلُثَ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ) ظَاهِرُهُ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ بِتَارِيخٍ مُتَّحِدٍ بِأَنْ أَوْصَى هُوَ لِزَيْدٍ وَوَكَّلَ مَنْ يُوصِي لِعَمْرٍو وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ الْمُعَلَّقَةَ بِالْمَوْتِ كَالْوَاقِعَةِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ كَمَا سَيَأْتِي بِالْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرِعْ كَمَا فِيمَا لَوْ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الَّذِي لَهُ الْوَصِيَّةُ بِهِ هُنَا وَاحِدٌ وَلَمْ يُحْصِرْ كُلًّا مِنْ الثُّلُثَيْنِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْعَبْدَيْنِ فِيمَا مَرَّ لِتَعَدُّدِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحَقِّ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّ الشَّهَادَةِ وَقَبُولُهَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ سَالِمٌ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمُجَرَّدُ هَذَا الِاحْتِمَالِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ التُّهْمَةَ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ هِيَ التُّهْمَةُ الْقَوِيَّةُ دُونَ الضَّعِيفَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يُجْعَلُ سِتَّةَ أَسْدَاسٍ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ الْبَاقِي يُجْعَلُ سِتَّةَ أَسْدَاسٍ فَالْمَجْمُوعُ اثْنَا عَشَرَ سُدُسًا وَيَبْقَى سُدُسُ الْمَالِ يُجْعَلُ ثَلَاثَةَ أَسْدَاسٍ فَالْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثُهَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ

ص: 296