الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمُنْتَقَضِي الْعَهْدِ لَكِنَّ هَذَا سَهْوٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مُنْتَقِضِيهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، فَيَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا مِنْ نَفْسٍ، وَمَالٍ بِخِلَافِ الْبَاغِي كَمَا مَرَّ اسْتِمَالَةً لِقَلْبِهِ لِئَلَّا يُنَفِّرَهُ الضَّمَانُ، وَلِأَنَّ لَهُ تَأْوِيلًا، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي قَبْضَتِنَا، وَلَا تَأْوِيلَ لَهُمْ، أَمَّا مُنْتَقِضُوهُ، فَلَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْقِتَالِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَأَهْلِ حَرْبٍ، وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ، وَلَوْ أَتْلَفُوا بَعْدَ الْقِتَالِ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنُوهُ مَعْنَاهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَلَوْ قَالَا بَعْدَ الِانْتِقَاضِ كَانَ، أَوْلَى
(وَالْمُكْرَهُ) عَلَى إعَانَةِ الْبُغَاةِ عَلَيْنَا (مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ مُنْتَقِضِي الْعَهْدِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ مُنْتَقِضِيهِ (مِثْلُهُمْ) أَيْ: مِثْلُ الْبُغَاةِ فِي أَنَّهُمْ لَا يُتْبَعُونَ إذَا انْهَزَمُوا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُمْ فِي عَدَمِ ضَمَانِ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْقِتَالِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ فِيهِ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْوُجُوبَ، وَقَالَ أَنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَانُوا بِمُعَاهَدٍ فَادَّعَى الْإِكْرَاهَ لِانْتِقَاضِ عَهْدِهِ بِخَوْفِ الْخِيَانَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ قَاتَلَ الذِّمِّيُّونَ الْبُغَاةَ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا مَنْ عَلَى الْإِمَامِ مُحَارَبَتُهُ، وَيُقَاسُ بِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ، وَالْمُعَاهَدُونَ، وَلَوْ اقْتَتَلَ طَائِفَتَانِ بَاغِيَتَانِ، فَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ عَلَى قَهْرِهِمَا لَمْ يُعِنْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إلَّا إذَا أَطَاعَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَهْرِهِمَا ضَمَّ إلَيْهِ أَقْرَبَهُمَا إلَى الْحَقِّ، وَاسْتَعَانَ بِهَا عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنْ اسْتَوَيَا اجْتَهَدَ فِيهِمَا، وَلَا يَقْصِدُ مُعَاوَنَةَ الْمَضْمُومَةِ إلَيْهِ، بَلْ دَفْعَ الْأُخْرَى فَإِنْ انْدَفَعَتْ لَمْ يُقَاتِلْ الْمَضْمُومَةَ حَتَّى يَدْعُوهَا إلَى الطَّاعَةِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي يَلْزَمُ الْوَاحِدَ مِنَّا مُصَابَرَةُ اثْنَيْنِ مِنْ الْبُغَاةِ، وَلَا يُوَلِّي عَنْهُمَا إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ.
(بَابُ الرِّدَّةِ)
هِيَ لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ، وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي، وَهِيَ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(أَفْحَشُ كُفْرٍ ارْتِدَادُ مُسْلِمِ مُكَلَّفٍ) ، وَارْتِدَادُهُ يَحْصُلُ (بِفِعْلٍ) ، وَلَوْ بِقَلْبِهِ كَعَزْمِهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَتَرَدُّدِهِ فِيهِ (أَوْ تَكَلُّمِ) بِهِ (مَحْضٍ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْفِعْلِ، وَالتَّكَلُّمِ (عِنَادًا) أَيْ: بِالْعِنَادِ (وَبِالِاسْتِهْزَاءِ، وَبِاعْتِقَادٍ مِنْهُ) أَيْ: بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ كُفْرُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فَلَيْسَ بِرِدَّةٍ، وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ، فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ إذْ لَا اعْتِدَادَ بِاعْتِقَادِهِ نَعَمْ تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا، وَبِالْمَحْضِ أَيْ: الصَّرِيحِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِذَلِكَ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ رِدَّةً كَاجْتِهَادٍ، أَوْ جَهْلٍ، أَوْ سَبْقِ لِسَانٍ، أَوْ حِكَايَةِ كُفْرٍ، أَوْ خَوْفٍ قَالَ الْقَاضِي مَنْ سَجَدَ لِصَنَمٍ بِدَارِنَا حُكِمَ
ــ
[حاشية العبادي]
كَمَا أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا قَاتَلَ بِأَمَانِهِمْ يَنْفُذُ عَلَيْهِمْ دُونَنَا قُلْت أَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ الذِّمَّةَ لَمَّا كَانَتْ هُنَا مُطْلَقَةً انْتَقَضَتْ مُطْلَقَةً، وَالْأَمَانُ هُنَاكَ كَانَ خَاصًّا بِأَهْلِ الْبَغْيِ، فَاخْتَصَّ بِهِمْ بِرّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا سَهْوٌ إلَخْ.) أُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ ضَمَانُهُمْ قَبْلَ انْتِقَاضِهِمْ، فَانْتِقَاضُ عَهْدِهِمْ لَا يَمْنَعُ ضَمَانَهُمْ لِمَا أَتْلَفُوهُ قَبْلَ الِانْتِقَاضِ، وَهُوَ تَكَلُّفٌ لَا يَخْفَى لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: هُوَ أَهْوَنُ مِنْ التَّغْلِيظِ
(قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ مُنْتَقِضِيهِ) لَك أَنْ تَقُولَ يُغْنِي عَنْ هَذَا التَّصْوِيبِ جَعْلُ ضَمِيرِ مِنْهُمْ عَائِدًا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى جَعْلِهِ رَاجِعًا إلَى الْمُنْتَقِضِينَ الْمُحَوِّجُ لِهَذَا التَّصْوِيبِ بِرّ، وَقَوْلُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَيْ: الْمَفْهُومِينَ مِنْ الْمَقَامِ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ: قُبِلَ ذِمِّيٌّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهُ، فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ يُنَافِي الِانْتِقَاضَ إذْ لَا انْتِقَاضَ مَعَ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُكْرَهَ الْمَذْكُورَ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الصَّنِيعِ لَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ: فِي غَيْرِ الْمُنْتَقِضِينَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِإِكْرَاهٍ، فَقَالَ: وَيُقَاتِلُونَ أَيْ: الَّذِينَ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ كَالْبُغَاةِ لَكِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ مُطْلَقًا، وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ، وَجْهَانِ فِي شَرْحِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْإِكْرَاهَ) أَيْ: فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْ: فِي عَدَمِ انْتِقَاضِ أَمَانِهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِإِكْرَاهِهِ رَوْضٌ.
(بَابُ الرِّدَّةِ)(قَوْلُهُ: أَفْحَشُ كُفْرٍ ارْتِدَادُ مُسْلِمٍ) فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ مَا فِيهِ إذْ كَيْفَ يَكُونُ الِارْتِدَادُ بِنَحْوِ قَوْلِهِ: لِمُسْلِمٍ يَا كَافِرُ أَفْحَشَ مِنْ كُفْرِ الْمُثَلِّثِ، وَعَابِدِ الْوَثَنِ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ أَفْحَشُ حُكْمًا، أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ: السَّكْرَانِ) أَيْ: الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ: أَوْ جَهْلٍ) إذَا نَظَرْت إلَى قَوْلِهِ: فِيمَا سَلَفَ، وَبِاعْتِقَادِ الَّذِي هُوَ قَسِيمٌ لِلْعِنَادِ، وَالِاسْتِهْزَاءِ عَلِمْت أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ الْجَهْلِ هُنَا عَلَى جَهْلٍ يُعْذَرُ بِهِ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ السَّابِقَ جَهْلٌ قَطْعًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاجْتِهَادِ إذْ لَيْسَ كُلُّ اجْتِهَادٍ يُعْذَرُ بِهِ صَاحِبُهُ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَهْدُ الْمُعَاهَدِ، وَالْمُؤَمَّنِ، وَلَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ إلَّا فِي الْإِكْرَاهِ بِبَيِّنَةٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَانُوا بِمُعَاهَدٍ) مِثْلُهُ الْمُؤَمَّنُ، فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَالْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: بِخَوْفِ الْخِيَانَةِ) أَيْ: فَيَتَحَقَّقُهَا أَوْلَى.
[بَابُ الرِّدَّةِ]
(بَابُ الرِّدَّةِ)(قَوْلُهُ: عِنَادًا إلَخْ.) تَعْمِيمٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْفِعْلِ، وَالْقَوْلِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَأْتِي فِي النِّيَّةِ أَيْضًا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ إلَخْ.) يُفِيدُ أَنَّ كُفْرَ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ دَاخِلٌ فِي الِارْتِدَادِ، وَخَارِجٌ بِالْمُسْلِمِ، وَفِي دُخُولِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
بِرِدَّتِهِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَلَا، وَمَثَّلَ النَّاظِمُ لِلْفِعْلِ الصَّرِيحِ بِقَوْلِهِ:(كَالْإِلْقَاءِ لِلْمُصْحَفِ الْعَزِيزِ فِي الْقَاذُورَهْ، وَسَجْدَةٍ لِكَوْكَبٍ، وَصُورَهْ) مِنْ صَنَمٍ، وَنَحْوِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالشَّمْسِ، وَالصَّنَمِ، وَمَثَّلَ لِلتَّكَلُّمِ الصَّرِيحِ بِقَوْلِهِ:(وَجَحْدِهِ لِمُجْمَعِ) عَلَيْهِ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَاوِي تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ، وَزَادَ عَلَيْهِ النَّاظِمُ قَوْلَهُ (مَا خَفِيَا) تَبَعًا لِاعْتِرَاضِ النَّوَوِيِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَالزِّنَا، وَحُدُوثِ الْعَالَمِ، وَقِدَمِ الصَّانِعِ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ، فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ لِلْعُذْرِ، بَلْ يُعَرَّفُ الصَّوَابَ لِيَعْتَقِدَهُ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنْ أَرَادَ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَكْفُرُ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا عَرَفَهُ، وَجَحَدَهُ كَفَرَ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْجَحْدَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ، بَلْ لَوْ أَنْكَرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ خَفِيًّا كَانَ جَحْدُهُ مِنْ الْعَالِمِ بِهِ لَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ فَلَيْسَ لِقَوْلِهِ: فَلَا يَكْفُرُ لِلْعُذْرِ إلَى آخِرِهِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَارِفَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ. اهـ.
وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا عَرَفَ مَعَ الْحُكْمِ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْحُكْمَ فَقَطْ لَا يَكْفُرُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَسْتَحْسِنْ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّ الْخَمْرِ قَالَ: وَكَيْفَ نُكَفِّرُ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، وَنَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ يَرُدُّ أَصْلَهُ، وَإِنَّمَا نُبَدِّعُهُ، وَأُوِّلَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ ثَبَتَ شَرْعًا، ثُمَّ حَلَّلَهُ فَإِنَّهُ رَدٌّ لِلشَّرْعِ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الشُّرْبِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إنْ صَحَّ فَلْيَجْرِ فِي سَائِرِ مَا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى افْتِرَاضِهِ فَنَفَاهُ، أَوْ تَحْرِيمِهِ فَأَثْبَتَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّ مُسْتَحِلَّ الْخَمْرِ لَا نُكَفِّرُهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فَقَطْ، بَلْ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالْإِجْمَاعُ، وَالنَّصُّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ حَدِيثِ «التَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» أَنَّ مُخَالِفَ الْإِجْمَاعِ كَافِرٌ، وَقَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ بِالْهَيِّنِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا التَّوَاتُرُ كَالصَّلَاةِ كُفِّرَ مُنْكِرُهَا لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لَا لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهَا التَّوَاتُرُ لَمْ يُكَفَّرْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ: وَعَلَيْهِ، فَلَا يَنْبَغِي عَدُّ جَحْدِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَلَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ. اهـ. قِيلَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا لَهُ عُذِرَ فِي الْجُمْلَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي، وَالدَّاخِلُ لَهَا لِنَحْوِ تِجَارَةٍ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: فِي الْقَاذُورَةِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْقَاذُورَةِ النَّجَاسَةُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مُسْتَقْذَرٍ كَالْبُصَاقِ، وَالْمُخَاطِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِقَوْلِهِ إلَخْ.) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ كَوْنُهُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْفَى، وَإِنْ عُلِمَ بِالْفِعْلِ، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ: بَلْ يُعَرَّفُ الصَّوَابَ أَيْ: إنْ جَهِلَهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ إلَخْ.) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَحَدَ يَكْفُرُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ، وَلَا يُسَلِّمُهُ لِاشْتِرَاطِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنْ الدَّيْنِ بِالضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِمُجَرَّدِ عِلْمِ الشَّخْصِ بِأَنَّ هَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى بِرّ
(قَوْلُهُ: وَنَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ يَرُدُّ أَصْلَهُ) أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِرّ (قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ) لَعَلَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا ثَبَتَ (قَوْلُهُ: إنْ صَحِبَهَا تَوَاتُرٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّين بِالضَّرُورَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لِمُجْمَعٍ) مِثْلُهُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ. اهـ. طب. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) ، وَهُوَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهُ الْخَوَاصُّ، وَالْعَوَامُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولِ التَّشْكِيكِ فَالْتَحَقَ بِالضَّرُورِيَّاتِ. اهـ. شَرْحُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الْمَشْهُورُ بَيْنَ النَّاسِ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ كَحِلِّ الْبَيْعِ جَاحِدُهُ كَافِرٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا لِجَوَازِ أَنْ يَخْفَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى إلَخْ.) أَيْ: بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ ظَاهِرًا لَكِنْ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِمَا جَحَدَهُ حَقِيقَةً عُذِرَ بَاطِنًا هَذَا حَاصِلٌ مَا فِي م ر وع ش عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ إلَخْ.) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. مِنْ حَوَاشِي م ر (قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ) حَاصِلُهُ أَنَّ جَحْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كُفْرٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا عَرَفَ مَعَ الْحُكْمِ إلَخْ.) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ، بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَعِبَارَةُ الْهِنْدِيِّ فِي النِّهَايَةِ جَاحِدُ الْحُكْمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُجْمَعٌ بِإِجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ لَا يَكْفُرُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَنْكَرَ وُجُوبَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَنَحْوِهَا يَكْفُرُ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، بَلْ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ؛ لِأَنَّ جَاحِدَ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الظَّنِّيِّ لَا يَكْفُرُ وِفَاقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا صُدِّقَ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقُولُ بِحُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّنْجَانِيُّ إلَخْ)
الْجَوَابُ الْأَوَّلُ جَوَابُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي التَّكْفِيرِ كَوْنَهُ ضَرُورِيًّا، وَهَذَا جَوَابُ مَنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ كَذَا قَالَهُ حَجَرٌ فِي بَابِ الْأَشْرِبَةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً) أَيْ: لِتَوَاتُرِ ثُبُوتِهِ عَنْ الشَّارِعِ بِحَيْثُ صَارَ كَالضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي إلَخْ.) يُرَدُّ بِأَنَّا إنْ قُلْنَا بِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَعَدُّهُ وَاضِحٌ، أَوْ بِكَلَامِ النَّوَوِيِّ فَالتَّكْفِيرُ لَمْ يَأْتِ مِنْ مُطْلَقِ الْجَحْدِ بَلْ مِنْ جَحْدِ الضَّرُورِيِّ
الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ. اهـ.
وَعَلَى عَدِّهِ فِيهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ بِلَا تَأْوِيلٍ لِيَخْرُجَ الْبُغَاةُ، وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَمْوَالَهُمْ، وَاَلَّذِينَ أَنْكَرُوا وُجُوبَ الزَّكَاةِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّأْوِيلِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم لَمْ يُكَفِّرُوهُمْ (مَثَّلَهُ) أَيْ: مَثَّلَ الْحَاوِي الِارْتِدَادَ أَيْضًا (بِقَذْفِ بَعْضِ الْأَنْبِيَا) صَرِيحًا، أَوْ تَعْرِيضًا، وَمِثْلُهُ سَائِرُ أَنْوَاعِ السَّبِّ كَالِاسْتِخْفَافِ (لَكِنْ مَتَى أَسْلَمَ) قَاذِفُ النَّبِيِّ (يَسْلَمْ) مِنْ الْقَتْلِ، وَغَيْرِهِ كَسَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ كَمَا نَقَلَ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) الْمَرْوَزِيِّ، وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي، وَجِيزِهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُقْرِي عَنْ الْأَصْحَابِ وَ (قَالَ) أَبُو بَكْرٍ (الْفَارِسِيُّ مَذْهَبِي) قَاضٍ (بِأَنَّ هَذَا) أَيْ: مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ قَذْفِهِ النَّبِيَّ (مُسْلِمٌ) لَكِنَّهُ (يُقْتَلُ حَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ حَدُّ قَذْفِ النَّبِيِّ، وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَادَّعَى فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَوَافَقَهُ الْقَفَّالُ، وَصَوَّبَهُ الدَّمِيرِيِّ (وَ) قَالَ (الصَّيْدَلَانِيُّ) هُوَ مُسْلِمٌ لَكِنْ (ثَمَانِينَ جُلِدْ) أَيْ: جَلَدَهُ الْحَاكِمُ ثَمَانِينَ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ ارْتَفَعَتْ بِإِسْلَامِهِ، وَبَقِيَ جَلْدُهُ فَعَلَيْهِ لَوْ عَفَا وَاحِدٌ مِنْ بَنِي أَعْمَامِ النَّبِيِّ فَفِي سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَقَوْلُ النَّظْمِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَيُقْبَلُ التَّوْبُ) أَيْ: تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ أَيْ: إسْلَامُهُ (وَلَوْ) كَانَ (زِنْدِيقَا) يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ، وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ، أَوْ سَكْرَانَ، أَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ» ، وَيُعَزَّرُ مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ لِزِيَادَةِ تَهَاوُنِهِ بِالدِّينِ
(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةٌ) لِلْمُرْتَدِّ قَبْلَ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَرَمًا بِالْإِسْلَامِ، وَرُبَّمَا عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَالُ (تَضْيِيقَا) أَيْ: فَوْرًا، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» لَكِنْ لَا يُقْتَلُ فِي جُنُونِهِ، أَوْ سُكْرِهِ فَرُبَّمَا رَجَعَ فَلَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ فَمُسِيءٌ يُعَزَّرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ تَوْبَةُ السَّكْرَانِ إلَى إفَاقَتِهِ.
(وَلَمْ يُنَاظَرْ) أَيْ: الْمُرْتَدُّ فِيمَا لَوْ قَالَ عَرَضَتْ لِي شُبْهَةٌ فَنَاظِرُونِي (وَلْيُسْلِمْ) أَوَّلًا (وَيُحَلْ) بَعْدَهُ (رَيْبٌ) أَيْ: شُبْهَتُهُ إذْ الشُّبْهَةُ لَا تَنْحَصِرُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ، وَفِي، وَجْهٍ يُنَاظَرُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّيْفِ، وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَاسْتَبْعَدَ الْخِلَافَ كَذَا فِي الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ عَكْسُ ذَلِكَ فَجَعَلَ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ الْمُنَاظَرَةَ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ النَّصِّ عَدَمُهَا، وَفِيهَا كَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَوْ قَالَ أَنَا جَائِعٌ فَأَطْعِمُونِي، ثُمَّ نَاظِرُونِي، أَوْ كَانَ الْإِمَامُ مَشْغُولًا بِأَهَمَّ مِنْهُ أُخِّرَ، وَلَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِإِحْدَاهُمَا، وَيَكْفِيَانِ مِمَّنْ يُنْكِرُ الرِّسَالَةَ إلَّا مَنْ خَصَّهَا بِالْعَرَبِ، فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَقُولَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، أَوْ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ، وَلَوْ كَانَ كُفْرُهُ بِجُحُودِ فَرْضٍ، أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَيَرْجِعَ عَمَّا اعْتَقَدَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمْتَحَنَ عِنْدَ إسْلَامِهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْبَعْثِ، وَفِي مِنْهَاجِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْإِيمَانَ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ كَلِمَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَا إلَهَ غَيْرُ اللَّهِ، أَوْ سِوَى اللَّهِ، أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ، أَوْ مَا مِنْ إلَهٍ إلَّا اللَّهُ، أَوْ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ، أَوْ لَا رَحْمَانَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ لَا إلَهَ إلَّا الْبَارِئُ، أَوْ لَا بَارِئَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِنْ الْقَتْلِ، وَغَيْرِهِ) شَامِلٌ لِحَدِّ الْقَذْفِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَلَّا حُدَّ بِطَلَبِ الْوَارِثِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يُوَرَّثُونَ (قَوْلُهُ: حَدِّ الْقَذْفِ) قَدْ تَقَرَّرَ فِي حَدِّ قَذْفِ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ، فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ، فَمَا الْفَرْقُ حَتَّى أَطْلَقَ الْإِمَامُ احْتِمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ السُّقُوطِ م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَ) أَيْ: تَعَدِّيًا
(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُقْتَلُ إلَخْ.) صَرِيحُ الصَّنِيعِ فَرْضُ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَتُبْ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ:، وَشَرْحِهِ لَا تَقْبَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ سُكْرِهِ) شَامِلٌ لِمَنْ ارْتَدَّ صَاحِيًا، وَلِمَنْ ارْتَدَّ سَكْرَانَ بِأَنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا
(قَوْلُهُ: ثُمَّ نَاظِرُونِي) وَقُلْنَا بِتَقْدِيمِ الْمُنَاظَرَةِ، أَوْ بِتَأْخِيرِهَا، وَأَسْلَمَ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ:(قَوْلُهُ: وَفِي مِنْهَاجِ الْحَلِيمِيِّ إلَخْ)
الْمُعْتَمَدُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُسْتَلْزِمِ لِكَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ إنْ جَحَدَهُ ارْتَدَّ. اهـ. حَجَرٌ كَذَا فِي تَقْرِيرِ الْمَنْهَجِ لِلْمَرْصَفِيِّ رحمه الله، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ ضَرُورَةٌ بِسَبَبِ التَّوَاتُرِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ الْإِجْمَاعَ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَتَدَبَّرْ. نَعَمْ أَجَابَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ بِأَنَّ وَجْهَ عَدِّ جَحْدِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ كَوْنُ الْغَالِبِ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ التَّوَاتُرَ، وَعِلْمُهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ:، وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ) اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَكَأَنَّهُ لَا يُجَابُ قَذْفُهُ أَعْظَمُ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْقَتْلُ إنْ لَمْ يَتُبْ لَمْ يُوجِبْ الْأَدْوَنَ، وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ، أَوْ لِكَوْنِ النَّبِيِّ مَعْصُومًا لَا يُؤَثِّرُ قَذْفُهُ عَارًا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إلَخْ.) جَزَمَ بِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنَّ الْقِيَاسَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ يُجْلَدُ ثُمَّ يُقْتَلُ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ إلَخْ.) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: الْأَوْلَى اسْتِتَابَتُهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِيهِ، ثُمَّ بَعْدَ إفَاقَتِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهَا فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ إلَّا بَعْدَ إفَاقَتِهِ. اهـ.
وَكَلَامُهُمْ هُنَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَدُّ بِأَقْوَالِهِ كَالصَّاحِي، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْقَوْلِ إلَخْ.) ، وَفِي التُّحْفَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّ الْإِيمَانَ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ النَّجَاةِ فِي الْآخِرَةِ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ، وَأَمَّا النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ «يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ» ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ
إلَّا اللَّهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَحْمَدُ، أَوْ أَبُو الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ كَقَوْلِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ لَوْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ لَمْ يَصِحَّ إيمَانُهُ، وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْحَلِيمِيُّ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ
(وَمِنَّا) أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ (فَرْعُهُ) أَيْ: الْمُرْتَدِّ (وَإِنْ سَفَلْ) ، فَيَكُونُ مُسْلِمًا، وَإِنْ انْعَقَدَ بَعْدَ رِدَّةِ أَبَوَيْهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُنْعَقِدُ مِنْ مُرْتَدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَبِهِ قَطَعَ جَمِيعُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ أَمْ مُرْتَدٌّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، فَلَا يُسْتَرَقُّ، وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُسْتَتَابَ، فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ قَاضِيَةٌ بِهِ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا، وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ ثَمَّ مُرْتَدٌّ، أَوْ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ كَانَ هُنَا كَافِرًا أَصْلِيًّا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ إنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مِمَّنْ يُقِرُّ بِهَا كَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيٌّ، وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ كِتَابِيًّا فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ
(وَ) الْفَرْعُ (لِمُعَاهَدٍ) بِعَقْدِ جِزْيَةٍ، أَوْ أَمَانٍ نُقِضَ عَهْدُهُ، وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَتَرَكَ فَرْعَهُ لَا يُغْتَالُ، وَلَا يُسْتَرَقُّ بَلْ (بِجِزْيَةٍ أَقَرْ) إنْ قَبِلَهَا (أَوْ أُلْحِقَ الْمَأْمَنَ) إنَّ لَمْ يَقْبَلْهَا بِأَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلِ عَهْدِهِمْ حَتَّى يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمَحَلِّ الْإِقْرَارِ، وَالْإِلْحَاقِ (بَعْدَ أَنْ كَبِرْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ: بَلَغَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي
(وَدَيْنَهُ) أَيْ: دَيْنُ الْمُرْتَدِّ الَّذِي لَزِمَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مُطْلَقًا، وَبَعْدَهَا بِإِتْلَافٍ (اقْضِ) مِنْ مَالِهِ إذْ غَايَةُ الرِّدَّةِ جَعْلُهَا كَالْمَوْتِ (وَعَلَيْهِ) ، وَعَلَى مُمَوِّنِهِ (يُصْرَفُ) مِنْ مَالِهِ لِحَاجَتِهِ لَهُ كَحَاجَةِ الْمَيِّتِ لِلتَّجْهِيزِ
(وَبَاطِلُ تَصَرُّفٍ) مِنْهُ (لَا يُوقَفُ) أَيْ: لَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ (قُلْتُ) ، وَهُوَ (الَّذِي مَا جَازَ أَنْ يُعَلَّقَا) كَبَيْعٍ، وَهِبَةٍ، وَنِكَاحٍ، فَإِنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ، وَهُوَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَعِتْقٍ، وَتَدْبِيرٍ، وَوَصِيَّةٍ، وَخُلْعٍ، وَوَقْفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا، فَلَا، وَمَحَلُّهُ قَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا، وَتُوضَعُ أَمْوَالُهُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَمِثْلُهَا
ــ
[حاشية العبادي]
أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ، وَجَمِيعُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْحَلِيمِيِّ ضَعِيفٌ م ر (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَخْ.) الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اشْتِرَاطُ التَّرْتِيبِ، وَالْمُوَالَاةِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ
(قَوْلُهُ: وَنِكَاحٍ)، وَكَذَا وَقْفٌ خِلَافًا لِمَا سَهَا بِهِ الرَّوْضُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَلَا) نَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلْيَنْفُذْ حَالًا، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا)
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُتَكَلِّمِينَ، وَطَرِيقَةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ) فَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ، وَإِنْ بَعُدَ لَكِنْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِحَيْثُ يَرِثُ مِنْهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ اتِّفَاقًا. اهـ.
م ر وع ش (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ: لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ، وَلَمْ يُبَاشِرْ إسْلَامًا حَتَّى يُغَلَّظَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ) كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَأَقَرَّهُ م ر وَحَجَرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ.) الَّذِي فِي م ر وَحَجَرٍ عَنْ الْبَغَوِيّ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ. اهـ. أَيْ لِشَرَفِهِ عَنْ الْمُرْتَدِّ ق ل
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إلَخْ.) أَيْ: فَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْمِنْهَاجِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ بِخِلَافِ مَا يَحْتَمِلُهُ لَا بُدَّ فِي بُطْلَانِهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ مِلْكِهِ، فَلَا بُدَّ فِي بُطْلَانِ جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لمر، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ هُنَا مِنْ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ قَبْلَ الْحَجْرِ حَتَّى عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَمَحَلُّهُ قَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ إلَخْ.) كَذَا فِي التُّحْفَةِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ م ر، وَالْأَصَحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ كَحَجْرِ الْفَلَسِ لِأَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ.
يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَأَنَّهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ، وَعَدَمِهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِهِ لِلْبَهْجَةِ مِنْ قَوْلِهِ: قَدْ تَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ، فَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ، وَعَدَمِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا حَاجَةَ فِي الْحَجْرِ إلَى الْحَاكِمِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ لِوَقْفِ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَبُطْلَانِ غَيْرِهِ، وَلَا وَجْهَ لَأَنْ يُقَالَ أَنَّهُ إذَا حَجَرَ الْحَاكِمُ لَا يَنْفُذُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ حَجْرِ الرِّدَّةِ إذْ لَا احْتِيَاجَ إلَى عَدَمِ النُّفُوذِ بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ، وَيَكْفِي فِيهِ الْوَقْفُ، وَعَدَمُ النُّفُوذِ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ، وَإِذَا، وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ مَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا، فَلَا قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَوْلُهُ: وَإِذَا، وَقَفْنَا إلَخْ أَيْ: أَمَّا لَوْ أَزَلْنَاهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَبْقَيْنَا تَصَرُّفَهُ نَظَرًا لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْحَجْرَ، وَلَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ. اهـ.
الْمَحْرَمُ، وَنَحْوُهُ، وَيُؤَجَّرُ عَقَارُهُ، وَرَقِيقُهُ، وَنَحْوُهُمَا صِيَانَةً لَهَا عَنْ الضَّيَاعِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَمَلٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِلَّا، فَلَا
(وَاقْبَلْ شَهِيدَيْ رِدَّةٍ قَدْ أَطْلَقَا) شَهَادَتَهُمَا بِهَا بِأَنْ لَمْ يُفَصِّلَاهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ، وَالْبَيَانِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَالْهَرَوِيُّ وَالْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُمْ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا، وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَكَمَا فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَإِقْرَارِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ مَاتَ مُرْتَدًّا عَلَى مَا سَيَأْتِي، بَلْ، أَوْلَى، وَبِنَحْوِهِ أَجَابَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا، وَنَقْلًا، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ قَالَ: وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحَثَ لَهُ (وَ) أَقْبَلَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِتَلَفُّظِهِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ بِيَمِينِهِ (الْكُرْهَ لِلَّفْظِ) أَيْ: دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَخِيلَةً إذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبُ الشَّاهِدِ، وَالْحَزْمُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْوِيرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ اعْتَبَرَ تَفْصِيلَ الشَّهَادَةِ فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ أَوَّلًا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَ بِالرِّدَّةِ لِتَضَمُّنِهِ حُصُولَ الشَّرَائِطِ، أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذَا، فَيَبْعُدُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَيَقْنَعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاخْتِيَارُ، وَيُجَابَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ، وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ: فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ، وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقْنَعَ بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ (وَ) أَقْبَلَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِرِدَّةٍ بِيَمِينِهِ الْكُرْهَ (لِلرِّدَّةِ) أَيْ: دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ عَلَيْهَا (مَعْ مَخِيلَةٍ) أَيْ: قَرِينَةٍ تَعْضِدُهُ (كَالشَّخْصِ فِي الْأَسْرِ وَقَعْ) أَيْ: كَوُقُوعِهِ فِي أَسْرِ كُفَّارٍ، وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَخِيلَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ بِدَارِنَا، أَوْ بِدَارِهِمْ، وَهُوَ مُطْلَقٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُنَافِي الرِّدَّةَ فَفِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ بِخِلَافِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَتِهَا.
(لَا إنْ يُكَذِّبْ شَاهِدًا) عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ بِأَنْ قَالَ كَذَبَ عَلَيَّ، أَوْ مَا ارْتَدَدْت، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ شُهُودٌ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَأَنْكَرَ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ رُجُوعًا، وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَوْلِهِ: رَجَعْت، فَلَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ، وَتَكْذِيبُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا قَالَ كَذَبَ عَلَيَّ، أَوْ لَمْ أَزْنِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ يُحَدُّ فِي الْأُولَى
(وَحَظُّ) ابْنٍ (حَيْ) مِنْ اثْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ (قَالَ) بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الْمَعْرُوفِ بِالْإِسْلَامِ (أَبِي مَاتَ عَلَى الْكُفْرَانِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى (فِي) لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ (قُلْتُ) هَذَا (إذَا) بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ، فَإِنْ (أَطْلَقَهُ اسْتَفْصَلَهُ) الْحَاكِمُ (فَإِنْ يُفَسِّرْ قَوْلَهُ) أَيْ: قَوْلَ أَبِيهِ (أَوْ فِعْلَهُ) الَّذِي
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَمَا قَبْلَهُ م ر (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ: لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ لَهُ، وَفِي الرَّوْضِ:، وَشَرْحِهِ، وَإِذَا وُطِئَتْ مُرْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ وُطِئَتْ مُكْرَهَةً، أَوْ اُسْتُخْدِمَتْ مُكْرَهَةً، وَكَذَا الْمُرْتَدُّ، فَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْأُجْرَةِ مَوْقُوفَانِ. اهـ.
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي الرَّوْضِ:، وَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ الْمُؤَجَّلُ أَيْ: بِرِدَّتِهِ، بَلْ مَوْقُوفٌ أَيْ: بَلْ حُلُولُهُ مَوْقُوفٌ كَمِلْكِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ فِي الْأَسْرِ وَقَعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِرِدَّةِ أَسِيرٍ، وَلَمْ يَدَّعِ إكْرَاهًا حُكِمَ بِرِدَّتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا حُكِيَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مَعَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ أَحَاطَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ، فَاطَّلَعَ مِنْ الْحِصْنِ، وَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا شُبِّهْت بِهِمْ خَوْفًا قُبِلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ، وَمَاتَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ارْتَدَّ طَائِعًا، وَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِتَلَفُّظِ رَجُلٍ بِالْكُفْرِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، أَوْ مُقَيَّدٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْإِكْرَاهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَسَجَدَ لِصَنَمٍ، أَوْ تَلَفَّظَ بِكُفْرٍ، ثُمَّ ادَّعَى إكْرَاهًا، فَإِنْ فَعَلَهُ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، أَوْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَهُوَ أَسِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ: أَوْ تَاجِرٌ، فَلَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ:(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ.) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالرِّدَّةِ لَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ، وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ الْفَرْقُ بِمَا ذُكِرَ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: بِقَوْلِهِ رَجَعْت أَيْ: عَنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ دُونَ التَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا حَجْرَ إلَّا عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ الْمِلْكِ، وَمَعْنَى قَوْلِ م ر أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ أَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ قَوْلُ الْمِلْكِ عَنْ قَوْلِ الْوَقْفِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْحَجْرِ، أَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي بُطْلَانِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَوَقْفُ مَا يَقْبَلُهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَجِّرُ عَقَارَهُ) أَيْ: يُؤَجِّرُهُ الْقَاضِي، أَوْ نَائِبُهُ ع ش مُغْنِي
(قَوْلُهُ: قَدْ أَطْلَقَا)، وَلَوْ بِقَوْلِهِ: مَا ارْتَدَّ، أَوْ كَفَرَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ الْقَائِلِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ، أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، أَمَّا مُجَرَّدُ ارْتَدَّ، أَوْ كَفَرَ، فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا. اهـ. م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ: كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ، وَمَنْ مَعَهُ ضَعِيفٌ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ النَّاسِ إلَخْ.) هُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يَشْهَدُ بِهَا إلَّا بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ التَّامِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِفْصَالِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَإِلَّا وَقْفٌ، وَيُفَرَّقُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ، وَلَوْ الْوَارِثَ يَتَسَامَحُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَيِّتِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْحَيِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِ، وَكَوْنِهِ يُفَوِّتُ إرْثَهُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَارُ مُوَرِّثِهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِعَارِهِ، فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ أَكْثَرَ مِنْ الشَّاهِدِ يُعَارِضُهُ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَغْفُلُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: إلَّا يُعْتَبَرُ التَّفْصِيلُ لَا تَصِحُّ تِلْكَ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ