المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيان موجب القود عند تعدد الفعل - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: ‌ بيان موجب القود عند تعدد الفعل

الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْوَكِيلِ قَطْعًا وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ غَيْرُهُ فَتَعْلِيلُهُمْ قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ اهـ. (وَلَا رُجُوعَ) لَهُ بِهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَّا أَنْ يُنْسَبَ الْمُوَكِّلُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْإِعْلَامِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ اهـ.

وَكَالْعَفْوِ فِيمَا ذُكِرَ عَزْلُ الْوَكِيلِ

، ثُمَّ أَخَذَ فِي‌

‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

فَقَالَ (الْأَقْوَى) هُوَ تَابِعٌ لِقَوْلِهِ وَمَا سِوَى الشَّرْطِ أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ الْأَقْوَى مِنْ الْفِعْلَيْنِ الْمُزْهِقِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ (كَأَنْ يَحُزَّ الشَّخْصُ مَجْرُوحًا وُجِدْ فِيهِ حَيَاةٌ اسْتَقَرَّتْ) بِأَنْ يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ وَإِدْرَاكٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارِيَّاتٍ يُوجِبُ (الْقَوَدْ) فَالْقَوَدُ فِي هَذِهِ عَلَى الْحَازِّ دُونَ الْجَارِحِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا يَقْتَضِيهِ جُرْحُهُ فَلَوْ انْتَهَى بِالْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِأَنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ إمَّا بِسِرَايَةِ الْجُرْحِ، أَوْ بِكَوْنِهِ مُذَفِّفًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْجَارِحِ دُونَ الْحَازِّ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَالَةِ الْيَأْسِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا إسْلَامُهُ وَلَا رِدَّتُهُ وَيَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ مَاتَ لَهُ فِيهَا قَرِيبٌ لَمْ يَرِثْهُ وَعَلَى الْحَازِّ التَّعْزِيرُ وَلَوْ شَكَّ فِي انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ عُمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا أَقْوَى فَهُمَا قَاتِلَانِ كَأَنْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَ إنْسَانٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا يَدَهُ، وَالْآخَرُ رِجْلَهُ، أَوْ رِجْلَيْهِ، أَوْ أَجَافَهُ أَحَدُهُمَا جَائِفَةً، وَالْآخَرُ جَائِفَةً، أَوْ أَكْثَرُ وَمَاتَ سِرَايَةً هَذَا كُلُّهُ إذَا تَعَاقَبَ الْفِعْلَانِ فَإِنْ وُجِدَا مَعًا فَهُمَا قَاتِلَانِ سَوَاءٌ كَانَا مُذَفِّفَيْنِ كَحَزٍّ وَقَدٍّ أَمَّ لَا كَإِجَافَتَيْنِ وَقَطْعِ عُضْوَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْقَاتِلَ صَاحِبُ الْمُدَفِّفِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَفِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّهُمَا قَاتِلَانِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ قَوَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِي إلَى الْقَتْلِ بِحَبْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ

(وَ) يُوجِبُ مَا سِوَى الشَّرْطِ (بَدَلًا) وَهُوَ الدِّيَةُ (عَنْ قَوَدٍ إنْ نَفَقَا جَانٍ) أَيْ: مَاتَ لِتَعَذُّرِ الْقَوَدِ وَفِي مَعْنَى الْمَوْتِ سُقُوطُ الطَّرَفِ الَّذِي فِيهِ الْقَوَدُ (كَأَنْ عَفَا بِهِ) أَيْ: كَمَا يُوجِبُ ذَلِكَ بَدَلَ الْقَوَدِ بِالْعَفْوِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] الْآيَةَ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا لَا هُوَ، أَوْ الدِّيَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الرُّبَيِّعِ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» وَقَوْلُهُ: «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ؛، وَلِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ فَتَعَيَّنَ جِنْسُهُ كَالْمُتْلَفَاتِ الْمِثْلِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا هِيَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ قَتَلَتْ رَجُلًا لَزِمَهَا دِيَةُ الرَّجُلِ وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْ الْقَوَدِ لَزِمَهَا دِيَةُ الْمَرْأَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ وَهُوَ الْوَجْهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: لَوْ قَتَلَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ، أَوْ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فَهَلْ نَقُولُ: الْوَاجِبُ الدِّيَةُ عَيْنًا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ، أَوْ هُوَ كَغَيْرِهِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا عَلَى الْمُرَجَّحِ وَيُعْدَلُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ وَشَرَفُ الدِّينِ مُسْقِطٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قُلْت قَدْ تَعَرَّضُوا لَهُ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مِنْ حَشْوِ الْكَلَامِ، وَالْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ فَقَدْ وَافَقَ ابْنُ النَّقِيبِ فِيمَا تَرَدَّدَ فِيهِ وَبَحَثَهُ مَنْقُولُ الْإِمَامِ، وَبَحْثُهُ وَلَوْ عَفَا بِبَعْضِ الْبَدَلِ كَنِصْفِهِ وَجَبَ وَسَقَطَ الْقَوَدُ وَلَوْ عَفَا بِغَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِرِضَا الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ وَلَيْسَ كَالصُّلْحِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ حَيْثُ يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ قَدْ رَضِيَ، وَالْتَزَمَ فَرَجَعْنَا إلَى بَدَلِ الدَّمِ (لَا) إنْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ (مُطْلَقَا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَدَلِ بِأَنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْقَوَدِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنْ سَقَطَ الْقَوَدُ إذْ الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا لَا هُوَ أَوْ الدِّيَةُ كَمَا مَرَّ، وَالْعَفْوُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ، وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَفْوِ بِبَدَلٍ فَلَوْ اخْتَارَ الْبَدَلَ بَعْدَ الْعَفْوِ مُطْلَقًا فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ يَثْبُتُ وَيَكُونُ كَالْعَفْوِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَالْأَرْجَحُ أَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَجْهِيزُهُ وَدَفْنُهُ وَلَا يَنْجُسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ إذَا كَانَ حَيَوَانًا غَيْرَ آدَمِيٍّ وَسَمَكٍ وَجَرَادٍ إذْ لَمْ يَجِبْ حَقِيقَةً بَلْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) فَإِنْ فُقِدُوا فَيُحْتَمَلُ الْعَمَلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْتِهَاءِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَا مَعًا) يَتَفَاوَتُ الْحَالَانِ فِي الْمُذَفِّفَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَاتِلَانِ فِي الْمَعِيَّةِ، وَالْقَاتِلُ أَوَّلُهُمَا فِي التَّرْتِيبِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَعَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْبَدَلِ بَدَلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَحَثَهُ) بِقَوْلِهِ:، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا وَبَحَثَهُ أَيْ: بِقَوْلِهِ: وَالْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: الْبَدَلَ (قَوْلُهُ: إسْقَاطُ ثَابِتٍ) الَّذِي هُوَ الْقَوَدُ وَقَوْلُهُ: لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ الَّذِي هُوَ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ مَحْمُولَةٌ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

مَعَ تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ ع ش

[بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ]

(قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِالْمَجْرُوحِ بِخِلَافِ مَرِيضٍ انْتَهَى فِي النَّزْعِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ وَقَدْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَعِيشُ بِخِلَافِ مَنْ انْتَهَى بِسَبَبِ الْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ إنَّ الْمَرِيضَ الْمُنْتَهِيَ إلَى مَا ذُكِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَيْضًا إسْلَامٌ وَلَا رِدَّةٌ اهـ.

شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: لَزِمَهَا دِيَةُ الرَّجُلِ) أَيْ اتِّفَاقًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا إلَخْ) مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ

ص: 41

ابْتِدَاءً بِالْبَدَلِ.

قَالَ وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ هَذَا الِاخْتِيَارَ يَكُونُ عَقِبَ الْعَفْوِ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّرَاخِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِمَادُ النَّصِّ وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ كَانَ لَغْوًا وَلَهُ بَعْدَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا أَمَّا لَوْ قَالَ عَفَوْت عَنْك، أَوْ عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى الْقَوَدِ وَيُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ، وَالْأَصَحُّ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْآنَ إلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ

(وَبَعْدَ مَا لَوْ سَبَبُ الْقَبْضِ جَرَى كَرَمْيَةِ الْجَانِي، وَالْقَطْعُ سَرَى) أَيْ: وَلَا إنْ عَفَا بِالْبَدَلِ بَعْدَمَا جَرَى سَبَبُ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ ثُمَّ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بِالسَّبَبِ كَأَنْ رَمَى وَلِيُّ الدَّمِ الْجَانِيَ، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ ثُمَّ أَصَابَهُ وَقَتَلَهُ وَكَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ عَفَا عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْعَافِي الْبَدَلُ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْعَفْوِ بَلْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي صُورَةِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ صَارَ بِالْعَفْوِ مَعْصُومًا عِنْدَ الْإِصَابَةِ، وَالتَّلَفِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْعَفْوُ كَيْفَ يَصِيرُ الْمَرْمِيُّ مَعْصُومًا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَدَلِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَافِي فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيفَاءُ بِالسَّبَبِ بِأَنْ لَمْ يُصِبْهُ السَّهْمُ وَلَا سَرَى الْقَطْعُ فِيمَا ذُكِرَ صَحَّ الْعَفْوُ وَلَا يَلْزَمُ لِقَطْعِ الْيَدِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ وَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ مُتَعَدِّيًا ثُمَّ عَفَا عَنْهُ فَلَا قَوَدَ فِي الْيَدِ وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ يَدَ مَنْ يُبَاحُ لَهُ دَمُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ، وَالْعَفْوُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا اسْتَوْفَى (وَالْعَفْوُ عَنْ نَفْسٍ وَعَفْوُ الطَّرَفِ) أَيْ، وَالْعَفْوُ عَنْ أَحَدِهِمَا (لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ كَمَا لَوْ قَطَعَ رَقِيقٌ يَدَ رَقِيقٍ فَعَتَقَ الْمَقْطُوعُ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِهِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِطَرَفِهِ سَيِّدُهُ وَلِنَفْسِهِ وَرَثَتُهُ، أَمْ اتَّحَدَ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ عَتَقَ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا مُعْتَقُهُ (لَا إذَا عُفِيَ) بِأَنْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْقَطْعِ (ثُمَّ سَرَى) إلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ قَوَدَ النَّفْسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَوَلَّدَتْ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةً لِدَرْءِ الْقَوَدِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ النَّفْسِ

ــ

[حاشية العبادي]

مَا دَلِيلُهُ (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ تَرْجِعُ إلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا فَيُقَالُ: إنْ نَوَى الْقَوَدَ سَقَطَ، أَوْ الدِّيَةَ فَلَغْوٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا صَرَفَ لِمَا شَاءَ فَإِنْ صَرَفَهُ لِلْقَوَدِ سَقَطَ، أَوْ لِلدِّيَةِ فَلَغْوٌ

(وَقَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ سَرَى) أَيْ: إلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ: كَيْفَ يَصِيرُ؟) إذْ قَضِيَّةُ بُطْلَانِهِ رُجُوعُ الْأَمْرِ إلَى مَا كَانَ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْعَفْوُ) صَرِيحٌ خُصُوصًا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ صِحَّةِ الْعَفْوِ وَلُزُومِ الْبَدَلِ وَهُوَ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ الْقطْع وَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ مُتَعَدِّيًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَفْوُ الطَّرَفِ) أَيْ: الْعَفْوُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَا إذَا عَفَا) هَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اتِّحَادِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ فَقَوْلُهُ:، وَالْعَفْوُ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ إنَّمَا يُصَدَّقُ كُلِّيًّا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُسْتَحَقِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: يَكُونُ عَقِبَ الْعَفْوِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَكُونُ عَقِبَ الْعَفْوِ) أَيْ تَنْزِيلًا لِلِاخْتِيَارِ عَقِبَهُ مَنْزِلَةِ الْعَفْوِ عَلَيْهَا م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ كَانَ لَغْوًا) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجَرٍ وَم ر أَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْهَا تَبَعًا لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ صَحَّ حَتَّى لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَى الْأَرْشِ وَلَوْ فَوْرًا وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَلْغُو الْعَفْوُ عَنْ الْأَرْشِ قَبْلَ وُجُوبِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ الْقَوَدِ) ، أَوْ الدِّيَةِ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، أَوْ قَالَ عَفَوْت عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُحْمَلُ عَلَى الْقِصَاصِ وَيُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ أَيْ: بِأَنْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ أَحَدِهِمَا لِيَتَأَتَّى الصَّرْفُ إلَى أَحَدِهِمَا، أَوْ نِيَّتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ، أَوْ أَحَدُهُمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَقِيلَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ حَصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَطَعَ رَقِيقٌ إلَخْ) قَدْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ هُنَا فَعَدَمُ إسْقَاطِ الْعَفْوِ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ظَاهِرٌ وَكَذَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ اتَّحَدَ لَكِنَّهُمَا جِنَايَتَانِ ثَبَتَا لَهُ مَعَ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي الِاتِّحَادِ لَكِنْ سَيَأْتِي يُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْمَتْنِ مَا إذَا الْقَطْعُ سَرَى، ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُ قَوَدَ النَّفْسِ) أَيْ، وَالصُّورَةُ كَمَا

ص: 42

إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الطَّرَفِ، وَقَدْ عَفَا عَنْهُ (وَمَا سَرَى هُنَا) مَفْعُولُ (وَدَى) قَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِيُفِيدَ الْحَصْرَ أَيْ، وَالسِّرَايَةُ لَا الْقَطْعُ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحِقُّ وَعَفَا عَنْ الْقَطْعِ قَبْلَ السِّرَايَةِ أَعْطَى الْجَانِي دِيَتَهَا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(إنْ كَانَ مِنْ وَاجِبِ قَطْعٍ أَزْيَدَا) أَيْ: إنْ كَانَ وَاجِبُ السِّرَايَةِ أَزْيَدَ مِنْ وَاجِبِ الْقَطْعِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَسَوَاءٌ وُجُوبُ دِيَةِ السِّرَايَةِ عَفَا عَنْ الْقَطْعِ وَحْدَهُ، أَمْ ضَمَّ إلَيْهِ الْعَفْوَ عَمَّا يَحْدُثُ مِنْهُ فَإِنَّهُ عَفْوٌ عَنْ الشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَفْوُ عَمَّا يَحْدُثُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ الْقَطْعِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَوَصِيَّةُ الْقَاتِلِ، فَيَسْقُطُ بَدَلُ السِّرَايَةِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا سَقَطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَأَمَّا أَرْشُ الْقَطْعِ فَإِنْ جَرَى الْعَفْوُ عَنْهُ بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِأَرْشِ الْقَطْعِ فَوَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، أَوْ بِلَفْظِ إبْرَاءٍ، أَوْ إسْقَاطٍ، أَوْ عَفْوٍ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ فَسَاقِطٌ وَقِيلَ وَصِيَّةٌ لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا وَرُدَّ بِأَنَّهُ إسْقَاطٌ نَاجِزٌ، وَالْوَصِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ: لَا إذَا عَفَا قَوْلَهُ

(وَلَا إذَا الْقَطْعُ سَرَى) إلَى نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (ثُمَّ عَفَا وَلِيُّهُ عَنْ نَفْسِهِ) فَإِنَّهُ يُسْقِطُ قَوَدَ الطَّرَفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الْقَتْلُ، وَالْقَطْعُ طَرِيقُهُ وَقَدْ عَفَا عَنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَيْسَ لَهُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ وَخَرَجَ بِالنَّفْسِ الطَّرَفُ وَبِهِ صَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا الطَّرَفَا) أَيْ: لَا إنْ كَانَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ طَرَفَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ قَوَدُ نَفْسِهِ فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعُدُولِ إلَى حَزِّهَا فَرُبَّمَا قَصَدَهُ بِالْعَفْوِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ الْقَطْعَ، ثُمَّ الْحَزَّ فَفِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَطْعِ تَسْهِيلُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَلَوْ (اقْتَصَّ) مَقْطُوعُ الْيَدِ (مِنْ قَاطِعِهِ وَنَفَقَا) أَيْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (سِرَايَةً حَزَّ الْوَلِيُّ الْعُنُقَا) أَيْ: عُنُقَ الْجَانِي إنْ شَاءَ (وَإِنْ عَفَا) بِالْبَدَلِ (فَبَدَلٌ تَنَصَّفَا) فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ لِاسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ فَلَوْ مَاتَ الْجَانِي حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ بِقَوَدٍ آخَرَ، أَوْ بِغَيْرِهِ أَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ

(وَفِي) الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاطِعِ (الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِشَيْءٍ) لِلْوَلِيِّ (إنْ عَفَا) عَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الطَّرَفِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْحَصْرُ مَعَ أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا كَانَتْ سِرَايَةً بِقَطْعِ الطَّرَفِ جَازَ الْعُدُولُ إلَى الْجَزَاءِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ مَفْعُولٌ) أَيْ: مَا وَقَوْلُهُ: فِيمَا إلَخْ هُوَ الْمَعْنَى هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ الْقَطْعِ) كَيْفَ يَصْدُقُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ عَفْوٌ عَنْ الْقَطْعِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْعَفْوَ عَنْ أَرْشِهِ وَقَدْ يَرُدُّ هَذَا أَنَّ الْعَفْوَ لَغْوٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً هُوَ الْقَطْعُ إلَّا أَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقَطْعِ عَلَى أَرْشِهِ ثُمَّ عَفَا عَنْ أَرْشِهِ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ وَهُوَ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إدْخَالَ هَذَا فِي كَلَامِ النَّاظِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ: فَيَسْقُطُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَصِيَّةٌ) فَيَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْقِطُ قَوَدَ الطَّرَفِ) أَيْضًا نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ: بَلْ قِصَاصُ الطَّرَفِ بَاقٍ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ وَاسْتَدَلَّ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ سِرَايَةً فَإِنَّ نَفْسَهُ هَدَرُ قِصَاصٍ صَرْفُهُ بَاقٍ قَالَ: وَقَوْلُهُمْ إنَّ قِصَاصَ الطَّرَفِ هُوَ الطَّرِيقُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ لِلْوَلِيِّ حَزُّ الرَّقَبَةِ ابْتِدَاءً، وَالْقَطْعُ ثُمَّ الْحَزُّ وَاعْتَرَضَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ هُنَا عَفْوًا عَنْ النَّفْسِ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَطْرَافِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ أَقُولُ كَيْفَ يَشْمَلُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ كَالْأَصْحَابِ، وَالْعَفْوُ عَنْ نَفْسٍ، وَقَطْعُ الطَّرَفِ لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ نَصْبَ الطَّرَفَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمُقَدَّرَةِ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْيَدَيْنِ) لَيْسَ بِشَيْءٍ إنْ عَفَا (فَصْلٌ) لَوْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ فَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَيْهِ وَعَفَا عَنْ الْبَاقِي عَلَى الدِّيَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْجَانِي لَمْ تَجِبْ أَيْ: الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا، أَوْ عَلَى غَيْرِهَا أَيْ: غَيْرِ جِنْسِهَا وَقَبِلَ الْجَانِي فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ كَالدِّيَةِ، وَالثَّانِي وَهُوَ أَوْجَهُ تَجِبُ وَتَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي تَرَكَهُ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ شَرْحِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْجَانِي الْوُجُوبُ إذَا قَبِلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِالْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ فَلَوْ أَجَافَهُ فَعَفَا عَنْ قَوَدِهَا، ثُمَّ سَرَتْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ قَوَدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيّ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحِقُّ) لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا سَرَى هُنَا وُدِيَ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ تَخْتَصَّ الدِّيَةُ بِمَا سَرَى (قَوْلُهُ: فَوَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ) الْأَظْهَرُ صِحَّتُهَا اهـ.

مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ) إذْ الْعَفْوُ قَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِسْقَاطِ

ص: 43

النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ بِقِصَاصِ الْيَدَيْنِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ التَّسَاوِي كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ فَلَوْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، أَوْ يَدَيْهِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ وَمَاتَ الْمُسْلِمُ سِرَايَةً وَعَفَا وَلِيُّهُ عَنْ النَّفْسِ بِالْبَدَلِ فَلَهُ فِي الْأُولَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ ثُلُثَاهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ بِقَطْعِ يَدِ الذِّمِّيِّ إلَّا قَدْرَ سُدُسِ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَبِقَطْعِ يَدَيْهِ إلَّا قَدْرَ ثُلُثِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً، وَالْمَقْطُوعُ رَجُلًا فَلَهُ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ نِصْفُهَا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَفْوُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ بَلْ بِحَزِّ الرَّقَبَةِ مِنْ الْجَانِي فَالظَّاهِرُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوَ عَلَى مَالٍ لِعَدَمِ التَّدَاخُلِ إذَا فَرَّعْنَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُوجِبُ مَا سِوَى الشَّرْطِ الْقَوَدَ (عَلَى امْرِئٍ مُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا وَلَوْ مُرْتَدًّا فَلَا قَوَدَ عَلَى حَرْبِيٍّ عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَإِنْ صَارَ مُلْتَزِمًا بَعْدَهَا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ عِنْدَهَا وَلَا عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ عِنْدَهَا وَإِنْ صَارَ مُكَلَّفًا بَعْدَهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِالْتِزَامِ عِنْدَهَا وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ كَمَا رُفِعَ عَنْ النَّائِمِ نَعَمْ يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى تَعَدٍّ بِسُكْرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، ثُمَّ جُنَّ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ ثَبَتَ مُوجِبُهُ بِالْإِقْرَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ، ثُمَّ جُنَّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَا فِي الْقَوَدِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ رَمَى حَرْبِيٌّ إلَى مُسْلِمٍ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَجَبَ الضَّمَانُ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ دِيَةٍ وَفِيهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ.

وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (إنْ كَانَ) الْمُلْتَزِمُ (لَمْ يَفْضُلْهُ) أَيْ: الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بِالْإِسْلَامِ وَلَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ أَصْلِيَّتِهِ لَدَى إصَابَةٍ، وَ) لَا (سَيِّدَته) فَإِنْ فَضَلَهُ عِنْدَ الْإِصَابَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ مَاثَلَهُ بَعْدَهَا فَلَا يُقَادُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَلَا حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهَا وَلَا مَنْ فِيهِ حُرِّيَّةٌ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا حُرٌّ ذِمِّيٌّ بِرَقِيقٍ مُسْلِمٍ، أَوْ عَكْسُهُ وَلَا أَصْلٌ بِفَرْعِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَا سَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ كَأَنْ قَتَلَ مُكَاتَبٌ رَقِيقَهُ وَلَوْ أَبَاهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «لَا يُقَادُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ وَصَحَّحَاهُ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِ فَرْعِهِ فَلَا يَكُونُ الْفَرْعُ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ.

وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ جَدَعْنَاهُ» فَمُنْقَطِعٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ بِثَابِتٍ وَإِنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وَلَا يُقَادُ النَّافِي بِالْمَنْفِيِّ لِبَقَاءِ شُبْهَةِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ، وَالْأَشْبَهُ مَا قَالَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَفْوُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَثَلًا اقْتَصَّ مَقْطُوعُ الْيَدِ مِنْ قَاطِعِهِ وَمَاتَ سِرَايَةً فَعَفَا الْوَلِيُّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ كَأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ السِّرَايَةِ فَيَصِحُّ وَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الْبَدَلِ أَيْضًا فَهَذَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ حَتَّى يُحِيلَهُ عَلَى مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي هُوَ الْمَقْتُولُ، وَالْمُوصِي هُنَا الْوَلِيُّ فَلَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهَا مِنْهُ وَأَيْضًا فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا بِالْبَدَلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الْبَدَلِ، وَالْمَوْجُودُ فِيهَا الْإِيصَاءُ بِالْبَدَلِ لِلْقَاتِلِ ثُمَّ كَيْفَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْأَرْشِ؟ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الْأَرْشِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ الْمَقْطُوعِ عَفَا عَنْ السِّرَايَةِ قَبْلَ حُصُولِهَا بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ لِيَكُونَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ فَهُوَ لَا يُطَابِقُ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ بَعْدَ حُصُولِ السِّرَايَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْبُلْقِينِيِّ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْجَانِيَ بَعْدَ الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ فِي الْقَطْعِ لَوْ عَادَ فَحَزَّ رَقَبَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا مَا يُقَابِلُ أَرْشَ الْقَطْعِ كَنِصْفِ الدِّيَةِ إذَا كَانَ الْقَطْعُ لِلْيَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ قَبْلَ الْحَزِّ اسْتَقَرَّ الْقَطْعُ وَانْفَصَلَ عَنْ الْجِنَايَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إذَا فَرَّعْنَا عَلَيْهِ) أَيْ: التَّدَاخُلِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِصَابَةِ) كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَدَى إصَابَةٍ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ الْقَوَدُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي كَوْنُهُ مُلْتَزِمًا عِنْدَ الْإِصَابَةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْفِعْلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ الْعَفْوِ، وَالْمُرَادُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ الْعَفْوُ عَنْ الْقَطْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ، أَوْ عَنْ أَرْشِهِ

(قَوْلُهُ: بِلَا تَرْجِيحٍ) نَقَلَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَرْجِيحَ وُجُوبِ الضَّمَانِ اعْتِبَارًا بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْإِصَابَةُ دُونَ مُقَدِّمَاتِهَا قَالَ: وَلَا يُشْكِلُ أَنَّ الْفَضْلَ عِنْدَ الرَّمْيِ فَقَطْ يَمْنَعُ الْقَوَدَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ تَمَيُّزَ الرَّامِي بِفَضِيلَةٍ عِنْدَ الرَّمْيِ يَصِيرُ شُبْهَةً فِي فِعْلِهِ فَدَرَأَتْ الْقَوَدَ بِخِلَافِ حِرَابَةٌ عِنْدَ الرَّمْيِ فَقَطْ فَإِنَّهَا نَقِيصَةٌ فَلَا تُفْضِي بِشُبْهَةٍ لَا سِيَّمَا وَهُوَ عِنْدَ الْفِعْلِ الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الْإِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ وَأَمَّا وُجُودُهَا عِنْدَ الْإِصَابَةِ فَإِنَّمَا أَثَرٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَقْصُودَ وُجِدَ وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ.

، وَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالدِّيَةِ لَا بِالْقَوَدِ اهـ.

م ر (قَوْلُهُ:، وَالْأَشْبَهُ إلَخْ)

ص: 44

الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ أَنَّهُ يُقَادُ بِهِ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى النَّفْيِ.

وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ هُنَا مَعَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ يُقَادُ الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ وَبِالْمُؤْمِنِ وَبِالْمُسْلِمِ لَا بِالْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ وَأَنَّهُ يُقَادُ الْمُرْتَدُّ بِمِثْلِهِ وَبِالذِّمِّيِّ وَبِالْمُؤْمِنِ، وَالْمُكَاتَبُ، وَالْمُسْتَوْلَدَةُ، وَالْقِنُّ، وَالْمُدَبَّرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَبِالْحُرِّ، وَالْفَرْعُ بِأَصْلِهِ وَسَائِرُ الْمَحَارِمِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَالذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَبِالْخُنْثَى، وَالْخُنْثَى بِهِمَا، وَالْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ، وَالشَّرِيفُ بِالْخَسِيسِ، وَالشَّيْخُ بِالشَّابِّ، وَالرَّقِيقُ بِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَاهُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَا لَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، أَوْ مُؤْمِنًا، أَوْ رَقِيقٌ رَقِيقًا فَأَسْلَمَ الْجَارِحُ، أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ سِرَايَةً؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ لَمْ يَفْضُلْهُ عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَإِنْ فَضَلَهُ عِنْدَ السِّرَايَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْإِصَابَةُ؛ لِأَنَّهَا الْفِعْلُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ دُونَ السِّرَايَةِ وَقَوْلُهُ: لَدَى إصَابَةٍ قَيْدٌ فِي مُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ وَفِي لَمْ يَفْضُلْهُ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ: وَسَيِّدِيَّتِهِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي كَانَ أَوْلَى

(قُلْت وَلَوْ رَمَى امْرُؤٌ مِنَّا) أَيْ مُسْلِمٌ بِسَهْمٍ (إلَى ذِي ذِمَّةٍ) ، ثُمَّ (أَسْلَمَ قَبْلُ) إنْ (وَصَلَا) إلَيْهِ السَّهْمُ (، أَوْ رَشَقَ الْحُرُّ رَقِيقًا) أَيْ رَمَاهُ (فَعَتَقْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُصِيبَهُ بِمَا رَشَقْ)(فَلَا قِصَاصَ) فِيهِمَا وَإِنْ تَسَاوَيَا عِنْدَ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَاوِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ فَحِينَئِذٍ (اسْتَثْنِ تَيْنِ) الْمَسْأَلَتَيْنِ (مِنْ) قَوْلِهِ لَمْ يَفْضُلْهُ (لَدَى إصَابَةٍ) فَإِنَّهُ لَمْ يَفْضُلْهُ عِنْدَهَا فِيهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِمَا وَتَرَكَ الْحَاوِي اسْتِثْنَاءَهُمَا لِعِلْمِهِمَا مِمَّا مَرَّ مِنْ أَوَائِلِ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ فِيهِمَا مُخَفَّفَةٌ وَكَالذِّمِّيِّ الْمُؤْمِنُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (وَحَيْثُ حُرٌّ ذُو هُدَى) أَيْ: مُسْلِمٌ (يَقْتُلُ مَنْ يُجْهَلُ مِنْهُ الْأَصْلُ فِي هُدًى وَرِقٍّ) أَيْ: يُجْهَلُ أَصْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالرِّقِّ (فَالْقِصَاصُ مُنْتَفِي) عَنْ الْقَاتِلِ لِلشُّبْهَةِ (وَالرَّافِعِيُّ عَنْ كِتَابِ الْبَحْرِ حَكَاهُ) وَأَقَرَّهُ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ (أَمَّا شَيْخُنَا) الْبَارِزِيُّ (فَيَجْرِي هَذَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ قَتَلْ الْمُسْلِمُ الْحُرَّ لَقِيطًا) فِي صِغَرِهِ (وَالْعَمَلْ) مِنْهُمَا (عَلَى) وُجُوبِ (الْقِصَاصِ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ قَالَ وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْأُولَى الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَدَّعِي الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ وَبِهِ يَجْتَمِعُ الْكَلَامَانِ انْتَهَى.

، وَالْأَوْلَى فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ الْأُولَى فِي قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَالثَّانِيَةِ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبَ الْقَوَدِ فِيهَا بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ (فَعَلَى مَا قُلْنَا عَنْ شَيْخِنَا) مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ (مَا هَذِهِ تُسْتَثْنَى) مِمَّا ذُكِرَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُسْتَثْنَى عَنْ الْمَحْكِيِّ عَنْ الْبَحْرِ قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مُكَافَأَتَهُ لَهُ حَالَ الْقَتْلِ وَإِنَّمَا أَسْقَطْنَا الْقِصَاصَ لِلِاحْتِمَالِ وَلَوْ تَحَقَّقْنَاهَا لَأَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ بِلَا تَوَقُّفٍ

(وَمَنْ جَنَى، أَوْ فَرْعُهُ إنْ مَلَكَا قِسْطًا مِنْ الْقِصَاصِ عَنْهُ تُرِكَا) أَيْ وَإِنْ مَلَكَ الْجَانِي قِسْطَ قِصَاصِ نَفْسِهِ، أَوْ كُلَّهُ الْمَفْهُومَ بِالْأَوْلَى، أَوْ مَلَكَهُ فَرْعُهُ مِنْ الْقَتِيلِ، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ، أَوْ مِنْ سَيِّدِهِ سَقَطَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ أَصْلِهِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ أَبَاهُمَا فَوَرِثَهُ الْآخَرُ وَحْدَهُ لِمَانِعِ الْقَتْلِ، ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ بِنْتِهِ مَثَلًا وَكَمَا قَتَلَ زَوْجَتَهُ فَوَرِثَهَا ابْنُهَا مِنْهُ، أَوْ بِنْتُهَا مِنْهُ مَعَ عَصَبَةٍ وَكَمَا لَوْ قَتَلَ أَبَا زَوْجَتِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَوَرِثَهَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَكَمَا لَوْ قَتَلَ رَقِيقٌ عَبْدَ أَخِيهِ، ثُمَّ عَتَقَ، ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ فَوَرِثَهُ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَكَمَا لَوْ قَتَلَ رَقِيقٌ عَبْدَ زَوْجَةِ ابْنِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا الِابْنُ كَذَلِكَ وَعَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالْمِلْكِ دُونَ الْإِرْثِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ قَتَلَ الْأَبُ الرَّقِيقُ عَبْدَ ابْنِهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ قَوَدَ عَبْدِهِ، وَالِابْنُ لَا يَقْتَصُّ مِنْ أَبِيهِ وَلَوْ قَتَلَ الِابْنُ عَبْدَ أَبِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

كَالرَّمْيِ أَيْضًا وَكَتَبَ أَيْضًا أَصَحُّهُمَا وُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْمَالِ لَا بِالْقَوَدِ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ: الرَّقِيقُ وَقَوْلُهُ: أَبَاهُ أَيْ: السَّيِّدُ كَأَنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ أَبَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَلْ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: فِي الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ أَبَاهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَلَكَ أَبَاهُ لَا يُقْتَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا الْفِعْلُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لِظُهُورِ أَنَّ الْإِصَابَةَ لَيْسَ فِعْلًا لَهُ فَضْلًا عَنْ دُخُولِهَا تَحْتَ الِاخْتِيَارِ وَإِنَّمَا الْفِعْلُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ الرَّمْيُ نَعَمْ هِيَ أَثَرٌ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّمْيِ كَمَا أَنَّ السِّرَايَةَ أَثَرٌ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: قُلْت: وَلَوْ رَمَى امْرُؤٌ مِنَّا إلَخْ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ فَضْلِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، وَالْحُرِّيَّةِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْإِصَابَةِ دُونَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: اسْتَثْنَى تَيْنِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ رَمَى مُكَاتَبٌ إلَى رَقِيقِهِ فَخَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُصِيبَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ نَظِيرُهُ فِي الْأَصْلِيَّةِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَرْمِيَ إلَى وَلَدِهِ ثُمَّ يَنْفِيهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُصِيبَهُ وَقَدْ صَحَّ نَفْيُهُ لِعُذْرِهِ بِالتَّأْخِيرِ فَهَلْ يُسْتَثْنَى هَذَا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ؟ اُنْظُرْ؛ لِأَنَّهُ فَضَّلَهُ بِالْأَصَالَةِ أَوَّلَ الْفِعْلِ، وَكَذَا يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ رَمَى حُرٌّ ذِمِّيٌّ إلَى رَقِيقٍ ذِمِّيٍّ ثُمَّ الْتَحَقَ الْحُرُّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ عَلَى مُلْتَزِمٍ وَلَمْ يَفْضُلْ عِنْدَ رَمْيٍ، أَوْ إصَابَةٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ.

شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ لَمَّا عُلِمَ إسْقَاطُهُ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الدَّارِ بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ اهـ.

حَجَرٌ وَفِيهِ نَظَرٌ حَيْثُ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الدَّارِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهَا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَأْثِيرِ هَذَا الْفَرْقِ، وَالْحُكْمُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّقِيطِ لَيْسَ خَاصًّا بِمَا إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ يُعْطِي مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى فِي الْجَمْعِ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر أَوَّلًا ثُمَّ نَقَلَ مَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ

(قَوْلُهُ:

ص: 45

كَانَ لِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَرْعَ يَرِثُ الْقِصَاصَ ثُمَّ يَسْقُطُ وَقَالَ الْإِمَامُ: أَنَّهُ الْوَجْهُ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَقْتَضِي عَدَمَ إرْثِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ قَارَنَ سَبَبَ الْمِلْكِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ قَبْلَ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي فَقَالَ إنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا (وَفِي سِوَى النَّفْسِ بِنِسْبَةِ الْبَدَلْ عَنْهُ إلَى النَّفْسِ) أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى مُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ إنْ لَمْ يَفْضُلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا بِمَا مَرَّ وَلَا فِيمَا دُونَهَا أَيْضًا بِنِسْبَةِ بَدَلِ مَا دُونَ نَفْسِهِ إلَى بَدَلِ نَفْسِهِ عَلَى نِسْبَةِ بَدَلِ مَا دُونَ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى بَدَلِ نَفْسِهِ فَتُقْطَعُ يَدُ الرَّجُلِ بِيَدِ الْمَرْأَةِ وَيَدُ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِيَدِ عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَإِنْ زَادَ بَدَلُ الْجَانِي إذْ نِسْبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى بَدَلِ النَّفْسِ النِّصْفُ وَلَا تُقْطَعُ يَدٌ سَلِيمَةٌ بِشَلَّاءَ وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ بَدَلِ السَّلِيمَةِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ النِّصْفُ وَنِسْبَةُ بَدَلِ الشَّلَّاءِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ دُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهَا الْحُكُومَةُ فَلَوْ قَطَعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْجَانِي لَمْ يَقَعْ قَوَدٌ بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَهُ حُكُومَةٌ فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قَوَدُ النَّفْسِ وَإِنْ قَطَعَهَا بِإِذْنِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ وَإِنْ قَالَ: اقْطَعْهَا قَوَدًا، أَوْ عِوَضًا عَنْ يَدِك فَفَعَلَ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَهُ حُكُومَةٌ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ تَرْجِيحُ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: لَوْ تَرَاضَيَا بِأَخْذِ الْيَسَارِ بَدَلَ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ بَدَلًا لَكِنْ يَسْقُطُ قِصَاصُهَا لِشُبْهَةِ الْبَذْلِ وَتَجِبُ دِيَتُهَا وَيَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ وَلَا يَبْعُدُ تَنْزِيلُ الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْإِذْنِ عَنْ جِهَةِ الْقِصَاصِ انْتَهَى وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالسَّلِيمَةِ إنْ رَضِيَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ وَحَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سُلَيْمٌ بِأَشَلَّ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِمَا، وَالْأَصَحُّ فِي التَّنْبِيهِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ، وَالْمَنْفَعَةِ وَنَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ انْتَهَى.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَشَلِّ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ أَشَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدِّيَةُ لَا الْحُكُومَةُ (بِلَا خُلْفِ الْمَحَلْ وَلَا) خَلَفِ (حُكُومَةٍ) فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَحَلُّ، أَوْ اتَّحَدَ وَاخْتَلَفَتْ الْحُكُومَةُ فَلَا قَوَدَ فَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى بِيُسْرَى وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا وَلَا عَكْسُهُ وَلَا أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا إذَا اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا كَأَنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِجَنْبِ الْخِنْصَرِ، وَالْأُخْرَى بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ، أَوْ اتَّحَدَ وَزَادَتْ حُكُومَةُ أُصْبُعِ الْجَانِي كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَفْصِلَانِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ حَجْمٍ وَقُوَّةٍ وَطُولٍ وَسِمَنٍ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي ذَلِكَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِإِسْلَامٍ وَأَصَالَةٍ وَسِيَادَةٍ وَحُرِّيَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ إرْثِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لَكِنْ لَوْ صَبَرَ إلَى هَذَا لَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ فَإِنَّ الِابْنَ إذَا لَمْ يَرِثْهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا فَيَرِثُهُ غَيْرُهُ فَيَسْتَوْفِيهِ وَهَذَا مَعَ أَنَّ الِابْنَ بِصِفَةِ الْوَرَثَةِ مُسْتَنْكَرٌ، وَإِنْ اُغْتُفِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الِابْنِ لِمَا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْعِتْقُ إلَّا فِي مِلْكِ قَدْرِ الْمِلْكِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ هَذِهِ الْمُبَاحَثَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ يَرِثُهُ الِابْنُ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِامْتِنَاعِ الْوِرَاثَةِ مَعَ اسْتِجْمَاعِ الِابْنِ شَرَائِطَ الْوَرَثَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِيمَا دُونَهَا إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: ظَاهِرُ الْكَلَامِ اعْتِبَارُ التَّسَاوِي وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ وَقْتَ الْقِصَاصِ فَلَوْ قَطَعَ الصَّحِيحُ يَدًا شَلَّاءَ ثُمَّ شُلَّتْ يَدُ الْقَاطِعِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ وَهُوَ رَأْيُ الْقَفَّالِ وَالْإِمَامِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدًا نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ ثُمَّ سَقَطَتْ تِلْكَ الْأُصْبُعُ مِنْ الْجَانِي فُرِّقَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ هُنَاكَ سَقَطَ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَالْكَفَاءَةُ تُرَاعَى حَالَ الْجِنَايَةِ، وَالِامْتِنَاعُ هُنَا لِزِيَادَةِ خِسِّيَّةٍ فِي يَدِ الْقَاطِعِ، وَالِاعْتِبَارُ فِيهَا بِحَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا زَالَتْ قُطِعَ اهـ.

بِرّ (قَوْلُهُ: بِنِسْبَةٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِزِيَادَةِ نِسْبَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ إذْ لَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَظِيرَهَا فِيهِ هُوَ الشَّلَّاءُ الَّتِي قَطَعَهَا الْجَانِي أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ تَنْزِيلُ إلَخْ) فَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَالَ اقْطَعْهَا قَوَدًا فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ (تَنْبِيهٌ)

وَيُسْتَثْنَى مِنْ امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مَرَّ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفْسُ الْإِزْهَاقَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُ الْكَامِلَةِ بِالنَّاقِصَةِ كَالصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ وَكَامِلَةِ الْأَصَابِعِ بِفَاقِدَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ الْآنَ غَيْرُ مَرْعِيَّةٍ كَمَا يَأْتِي حَجَرٌ د (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) وَمَحَلُّهُ فِي الْمُسْتَحْشِفَةِ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لِقَوْلِهِمْ: تُقْطَعُ الْقَوِيَّةُ بِالضَّعِيفَةِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَعْفُهَا بِجِنَايَةٍ وَإِنْ أَوْجَبَتْ حُكُومَةً فَكَيْفَ، وَالْأَحْشَافُ أَيْ: الْأَيْبَاسُ فِيهِ الدِّيَةُ؟ وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَاهُ بَعْدُ أَنَّ فِي قَطْعِ الْمُسْتَحْشِفَةِ الْحُكُومَةَ كَالشَّلَّاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ مُوضِحَةَ غَيْرِ الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ دُونِ الدِّيَةِ، وَكَذَا الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ إلَخْ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ لِزِيَادَةِ نِسْبَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إنْ لَمْ يَفْصُلْ) أَيْ: عِنْدَ رَمْيٍ، أَوْ إصَابَةٍ كَمَا مَرَّ وَيُعْتَبَرُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا فِيمَا دُونَهَا اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الثَّانِي) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: لَوْ تَرَاضَيَا إلَخْ) سَوَاءٌ ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَهَا، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ شَرْعًا وَلَكِنْ جَعَلَ قَصْدَهَا عِوَضًا اهـ.

سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ) وَتَجِبُ دِيَتُهَا اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمُحَلَّى الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْرِجَ إنْ قَصَدَ الْإِبَاحَةَ هُدِرَتْ يَدُهُ وَإِلَّا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ، وَالْيَمِينِ قِصَاصُهَا بَاقٍ إلَّا إذَا أُخِذَ الْيَسَارُ عِوَضًا (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ فِي التَّنْبِيهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْجَمَالِ، وَالْمَنْفَعَةِ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا إذَا شُلَّ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ: قَطْعُ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا بِالْأَشَلِّ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْأَنْفِ

ص: 46

وَلَا يُقْطَعُ حَادِثٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِأَصْلِيٍّ كَأَنْ قَلَعَ سِنًّا وَلَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا، ثُمَّ نَبَتَ لَهُ سِنٌّ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً حَالَةَ الْجِنَايَةِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: فِي الْكَلَامِ عَلَى السِّنِّ (وَلَوْ بِالْكَثْرَهْ) أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْجَانِي الْمُلْتَزِمِ وَلَوْ مَعَ الْكَثْرَةِ (مِمَّنْ جَنَى) بِأَنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا لَاتُّخِذَ الِاشْتِرَاكُ ذَرِيعَةً إلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً، أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا وَلِلْمُسْتَحِقِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْقَوَدُ مِنْ الْبَاقِينَ وَمَثَّلَ لِكَثْرَةِ الْجُنَاةِ بِقَوْلِهِ:(كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهْ) فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ لِتَعَادُلِ الْمُبَاشَرَةِ، وَالسَّبَبِ فِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فَإِنْ غَلَبَتْ الْمُبَاشَرَةُ السَّبَبَ كَمَا لَوْ أَلْقَى إنْسَانًا مِنْ عُلْوٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْمُبَاشِرِ فَقَطْ، أَوْ عَكْسُهُ كَشَهَادَةِ الزُّورِ بِمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ مَعَ قَتْلِ الْوَلِيِّ الْجَاهِلِ بِالْحَالِ فَالْقَوَدُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ كَنَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ بِالْمَالِ

(وَضَرْبُ) أَيْ: وَلَوْ يَضْرِبُ (كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْجَمَاعَةِ شَخْصًا (سَوْطًا)، أَوْ عَصًا خَفِيفَةً وَضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ غَيْرُ قَاتِلٍ وَمَاتَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَيْهِمْ (إذَا تَوَاطَئُوا) عَلَى ضَرْبِهِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا لَا يُوجِبُ قَوَدًا نَعَمْ إنْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِضَرْبِ الْأَوَّلِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَهُوَ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ بِبَيْتٍ وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ خَرَجَ بِالسَّوْطِ وَنَحْوِهِ الْجُرْحُ وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَقَطَعَ ذَا) أَيْ: وَلَوْ بِقَطْعِ رَجُلٍ (كَفًّا) لِإِنْسَانٍ (وَذَا) أَيْ وَآخَرُ (سَاعِدَهُ) وَمَاتَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَآ لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِالْجَرْحِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الضَّرْبِ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَإِنْ كَانَ مُرَتِّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ، أَوْ مَعًا، أَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ قُدِّمَ بِالْقُرْعَةِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فَلَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَوْلِيَاءُ الْقَتْلَى وَقَتَلُوهُ جَمِيعًا وَقَعَ الْقَتْلُ عَنْ جَمِيعِهِمْ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً رَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَيُجْعَلُ الْقَتْلُ وَاقِعًا عَمَّنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ وَقِيلَ يُكْتَفَى بِالْقَتْلِ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَلَا رُجُوعَ بِشَيْءٍ

(وَ) لَوْ (شَارَكَ) الْجَارِحُ (الْمُدَاوِيَا) لِلْجُرْحِ بِدَوَاءٍ يَقْتُلُ غَالِبًا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (بِعِلْمِهِ) أَيْ: مَعَ عِلْمِ الْمُدَاوِي بِحَالِ الدَّوَاءِ فَمَاتَ الْجَرِيحُ بِهِمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ الْمُدَاوِي غَيْرَ الْجَرِيحِ وَإِلَّا فَعَلَى الْجَارِحِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ الدَّوَاءُ بِمُذَفِّفٍ كَسُمٍّ قَاتِلٍ فَالْقَوَدُ عَلَى الْمُدَاوِي؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْجَرِيحُ فَقَاتِلُ نَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ إلَّا مَا اقْتَضَاهُ جُرْحُهُ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ بِمَا يَقْتُلُ كَذَلِكَ مَعَ جَهْلِهِ بِالْحَالِ فَالْجَارِحُ شَرِيكُ شِبْهِ الْعَمْدِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا اقْتَضَاهُ جُرْحُهُ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ (لَا) إنْ شَارَكَ الْجَارِحَ (سَبْعًا) ، أَوْ نَحْوُهُ كَعَقْرَبٍ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَرْحُ السَّبُعِ يَقْتُلُ غَالِبًا كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّبُعَ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ وَفِعْلُهُ لَا يَصْدُرُ عَنْ فِكْرٍ وَرَوِيَّةٍ فَلَا يُوصَفُ بِالْعَمْدِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ وُجُوبِ الْقَوَدِ فَإِنَّهُ حَكَى فِيهِ طَرِيقَيْنِ، أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَأَشْهَرُهُمَا طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي شَرِيكِ الْحَرْبِيِّ، وَالْأَظْهَرُ فِيهِ الْوُجُوبُ، وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى وُجُوبِ الْقَوَدِ اهـ.

وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ السَّبُعِ، وَالْحَرْبِيِّ بِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَصْدُرُ عَنْ فِكْرٍ وَرَوِيَّةٍ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ، ثُمَّ مَحَلُّ الطَّرِيقَيْنِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَنْ يَقْصِدَهُ السَّبُعُ فَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ فَلَا قَوَدَ قَطْعًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا فَرْقَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ جَرْحُ السَّبُعِ يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِلَّا

ــ

[حاشية العبادي]

عُضْوِ الْجَانِي حِينَئِذٍ عَلَى نِسْبَةِ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ فَقَدْ فَاتَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: بِأَصْلِيٍّ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِأَصْلِيٍّ وَلَعَلَّهُ تَصْوِيرٌ، أَوْ أَرَادَ بِالْأَصْلِيِّ مَا لَيْسَ بِحَادِثٍ (قَوْلُهُ: أَهْلُ صَنْعَاءَ) قِيلَ: خَصَّهُمْ لِكَوْنِ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ

(قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ وُجُوبِ الْقَوَدِ) وَاعْتَمَدَهُ فِي الرَّوْضِ فَقَالَ: وَمِنْ أَيٍّ وَيُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ السَّبُعِ أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْأُذُنِ (قَوْلُهُ: غِيلَةً) الْغِيلَةُ أَنْ يَخْدَعَ وَيَقْتُلَ بِمَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحَدٌ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ قَاتِلٍ) فَإِنْ كَانَ قَاتِلًا قُتِلُوا وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَئُوا شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: إذَا تَوَاطَئُوا) وَجْهُ اشْتِرَاطِ التَّوَاطُؤِ أَنَّ الْهَلَاكَ لَا يُقْصَدُ بِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ إلَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ وَشَرَطَ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ السِّيَاطِ بِحَيْثُ يُقْصَدُ بِهَا الْهَلَاكُ غَالِبًا اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيَّ (قَوْلُهُ: عَالِمًا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَهُ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَلَزِمَ الْأَوَّلَ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ شِبْهِ الْعَمْدِ اهـ.

شَرْحُ إرْشَادٍ بِزِيَادَةِ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَبَسَهُ) أَيْ: فَيُقْتَلَانِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُوصَفُ بِالْعَمْدِ) أَيْ: حَتَّى يُقَالَ: إنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ فَلَا يَكُونُ شَرِيكَ مُخْطِئٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ وُجُوبِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ ع ش وَسَكَتَ

ص: 47

فَشَرِيكُ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَ) لَا أَنْ يُشَارِكَ الْعَامِدُ (خَاطِيَا) فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِحُصُولِ الزَّهُوقِ بِجُرْحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَمْدٌ، وَالْآخَرُ خَطَأٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَا مِنْ وَاحِدٍ نَعَمْ إنْ أَوْجَبَ جُرْحُ الْعَامِدِ قَوَدًا وَجَبَ فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ فَعَلَيْهِ قَوَدُهَا، أَوْ الْأُصْبُعَ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ وَكَالْخَطَإِ فِيمَا ذُكِرَ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَالْخَاطِئُ لُغَةٌ فِي الْمُخْطِئِ حَكَاهَا أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ فَاعِلُ مَا لَا يَنْبَغِي عَمْدًا فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمُخْطِئِ (أَوْ مِنْهُ) أَيْ: وَلَا إنْ شَارَكَ الْجَارِحُ (جَرْحًا) آخَرُ مِنْهُ (لَا قِصَاصَ فِيهِ) كَمَا لَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا وَقَطَعَ يَدَهُ خَطَأً، أَوْ لِسَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ صِيَالٍ، أَوْ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، أَوْ حِرَابَتِهِ، أَوْ فِي حَالِ رِقِّهِ، وَالْقَاطِعُ حُرٌّ، أَوْ فِي أَمَانِهِ، وَالْقَاطِعُ مُسْلِمٌ فَمَاتَ بِهِمَا فَلَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي بَعْضِهَا وَعَدَمِ حُصُولِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِي بَعْضِهَا الْآخَرِ وَيَثْبُتُ مُوجَبُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ قَوَدٍ، أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ شَارَكَ جُرْحًا آخَرَ مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ شَارَكَ أَبٌ إنْسَانًا فِي قَتْلِهِ، أَوْ مِنْهُ لَكِنْ فِيهِ قِصَاصٌ كَأَنْ قَطَعَ يُمْنَاهُ، ثُمَّ يُسْرَاهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ شَرِيكِ الْأَبِ وَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ أَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي فِعْلِ الْمُخْطِئِ، وَالْفِعْلَانِ مُضَافَانِ إلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي الْقَوَدِ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ وَاحِدٍ، وَالْأُبُوَّةُ صِفَةٌ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَذَاتُهُ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ وَقَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَجَافَ مَثَلًا إنْسَانًا وَجَرَحَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَمَاتَ بِهِمَا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا (كَقَتْلِ حُرِّ الْبَعْضِ لِلشَّبِيهِ) لَهُ هَذَا نَظِيرٌ لِمَا مَرَّ

، وَالْحَاوِي عَطَفَهُ فَقَالَ: أَوْ اشْتَرَكَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا أَيْ: فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَجُزْءُ الرِّقِّ بِجُزْءِ الرِّقِّ بَلْ الْجَمِيعُ بِالْجَمِيعِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فَسَقَطَ الْقَوَدُ وَعَدَلَ إلَى بَدَلِهِ وَدَلِيلُ ذَلِكَ الْمَالُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ فِي مَالِهِ وَيَتَعَلَّقُ الرُّبْعَانِ الْبَاقِيَانِ بِرَقَبَتِهِ وَلَا نَقُولُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ

(وَوَاجِبٌ) أَيْ: الْقَوَدُ وَإِنْ كَثُرَتْ الْجُنَاةُ (فِي) قَطْعِ (طَرَفٍ) كَيَدٍ (وَفِي الَّتِي تُوضِحُ) أَيْ: وَفِي الْمُوضِحَةِ (لَكِنْ بِاشْتِرَاطِ الْجُمْلَةِ) أَيْ جُمْلَةِ الْجُنَاةِ (فِي الْحَزِّ) لِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ (دُفْعَةً وَفِي التَّحَامُلِ) كَذَلِكَ حَتَّى يَحْصُلَ الْقَطْعُ، وَالْإِيضَاحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَحَلُّ الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْقَوَدِ وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ نِصَابًا دَفْعَتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ لَوْ أَبَان الْيَدَ بِدَفْعَتَيْنِ قُطِعَ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ انْفَرَدَ فِعْلُ كُلٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَنْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ، أَوْ جَرُّوا حَدِيدَةَ جَرِّ الْمِنْشَارِ فَلَا قَوَدَ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ لِاشْتِمَالِ الْمَحَلِّ عَلَى أَعْصَابٍ مُلْتَفَّةٍ وَعُرُوقٍ ضَارِبَةٍ وَسَاكِنَةٍ مَعَ اخْتِلَافِ وَضْعِهَا فِي الْأَعْضَاءِ وَعَلَى كُلٍّ حُكُومَةٌ لَائِقَةٌ بِجِنَايَتِهِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ شَارَكَ الْعَامِدُ خَاطِئًا) مَا لَمْ يَكُنْ الْخَاطِئُ آلَةً لِلْمُعْتَمِدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلِمَهُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ آدَمِيًّا وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ شَرِيكَ مُخْطِئٍ وَكَمَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مَأْمُورَ الْمُكَلَّفِ، أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قَوَدُهَا، أَوْ الْأُصْبُعِ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ) أَيْ: وَلَا يَجِبُ مَعَ قَطْعِ الْيَدِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ الدِّيَةِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْأُصْبُعِ وَاسْتَشْكَلَ ق ل هَذَا فَانْظُرْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ مَنْ امْتَنَعَ قَوَدُهُ لِمَعْنًى فِيهِ لَا مِنْ شَرِيكِ مَنْ امْتَنَعَ قَوَدُهُ لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ كَشَرِيكِ نَحْوِ الْمُخْطِئِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْخَطَإِ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ تُورِثُ فِي فِعْلِ الشَّرِيكِ فِيهِ شُبْهَةً فِي الْقَوَدِ بِخِلَافِ شَرِيكِ مَنْ امْتَنَعَ قَوَدُهُ لِمَعْنًى فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَلَا شُبْهَةَ فِيهِ اهـ.

أَيْ: فَالزُّهُوقُ فِي الْأَوَّلِ حَصَلَ بِمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ فَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ اجْتِمَاعِ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَغَلَبَ الثَّانِي وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِيهِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَمَّا حَصَلَ بِهِ الزَّهُوقُ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزِدْ) سَوَاءٌ سَاوَتْ، أَوْ نَقَصَتْ فَالشُّبْهَةُ مِنْ حَيْثُ التَّبْعِيضُ لَا الْمِقْدَارُ ق ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزِدْ) رَدٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: قَتْلُ جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ بِحَزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَجُزْءِ الرِّقِّ بِجُزْءِ الرِّقِّ مُتَعَذِّرٌ إذْ الْحُرِّيَّةُ شَائِعَةٌ فِيهِمَا وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَذَلِكَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ: بَلْ وَقَالَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ لَكَانَ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِ الْجُمْلَةِ فِي الْجُزْءِ) بِأَنْ يَتَحَامَلُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى انْتِهَائِهِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَرُّوا حَدِيدَةً جَرَّ الْمِنْشَارِ) أَيْ: وَلَمْ

ص: 48

مَجْمُوعُ الْحُكُومَتَيْنِ، أَوْ الْحُكُومَاتِ دِيَةَ الطَّرَفِ، أَوْ الْمُوضِحَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ التَّحَامُلِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إنْ اشْتَرَكُوا فِي أَجْزَاءِ الْقَطْعِ (لِوَارِثِيهِ) أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ لِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ وَإِنْ وَرِثُوا بِسَبَبٍ كَالزَّوْجَيْنِ (مِثْلُ) إرْثِ (مَالٍ حَاصِلِ) لَهُ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ فَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ، أَوْ أُخْتٌ فَالْأَمْرُ لَهَا وَلِلْإِمَامِ وَقِيَاسُ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي غَيْرِ الْقَوَدِ أَنْ يُقَالَ بِهِ فِيهِ أَيْضًا

(وَلِقَرِيبِ مُسْلِمٍ إنْ يَرْتَدِدْ، ثُمَّ يَمُتْ) أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِوَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ وَفِيمَا دُونَهُمَا لِقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ إنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا فَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ إنْسَانٍ فَارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بِالسِّرَايَةِ هُدِرَتْ نَفْسُهُ وَثَبَتَ قَوَدُ طَرَفِهِ لِقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ الْوَارِثِ لَهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لَا لِلْإِمَامِ لِلتَّشَفِّي وَلَا يُهْدَرُ تَبَعًا لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَرِدُ عَنْ قَوَدِهَا وَزَادَ عَلَى الْحَاوِي قَوْلَهُ: (وَالْمَالُ فَيْءٌ) لَا شَيْءَ لِلْقَرِيبِ فِيهِ (إنْ وُجِدْ) بِأَنْ عَفَا بِهِ الْوَارِثُ، أَوْ أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ وَهُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهَا وَدِيَةِ النَّفْسِ (وَ) الْمُسْتَحَقُّونَ لِلْقَوَدِ (الْقَادِرُونَ) عَلَى اسْتِيفَائِهِ (لِلزِّحَامِ) أَيْ: عِنْدَهُ بِأَنْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ الَّذِي يَسْتَوْفِيهِ (اقْتَرَعُوا) وَلَيْسَ لَهُمْ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّعْذِيبِ بَلْ يَتَّفِقُونَ عَلَى وَاحِدٍ يَسْتَوْفِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ لَهُمْ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْقَوَدُ بِنَحْوِ إغْرَاقٍ، أَوْ تَحْرِيقٍ إذْ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةُ تَعْذِيبٍ وَخَرَجَ بِالْقَادِرِ الْعَاجِزُ كَالشَّيْخِ، وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لِلِاسْتِيفَاءِ فَتَخْتَصُّ بِأَهْلِهِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَعَزَا فِي الْكَبِيرِ تَرْجِيحَهُ لِابْنِ كَجٍّ وَأَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ وَالْإِمَامِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: أَنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصُحِّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ دُخُولُ الْعَاجِزِ فِي الْقُرْعَةِ وَيُنِيبُ إذَا خَرَجَتْ لَهُ وَعَزَا الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ لِلْبَغَوِيِّ فَقَطْ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَجَزَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ أُعِيدَتْ لِلْبَاقِينَ (وَهُوَ) أَيْ: مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (بِمَنْعِ غَيْرِهِ) لَهُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا بِقَوْلِهِ: لَا تَسْتَوْفِ لِأَسْتَوْفِيَ بَلْ بِقَوْلِهِ: لَا تَسْتَوْفِ وَأَنَا لَا أَسْتَوْفِي (يَمْتَنِعُ) مِنْهُ لِبِنَاءِ الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَكَذَا بِقَوْلِهِ: لَا تَسْتَوْفِ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْبَقِيَّةِ لَهُ فَقَدْ يَبْدُو لَهُمْ التَّأْخِيرُ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي التَّزْوِيجِ بِأَنَّ مَبْنَى الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَيَجُوزُ لِجَمِيعِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَلِبَعْضِهِمْ تَأْخِيرُهُ كَإِسْقَاطِهِ، وَالنِّكَاحُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ

(وَمَنْ يُبَادِرْ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلِاسْتِيفَاءِ (قَبْلَ عَفْوٍ) مِنْ الْبَقِيَّةِ، أَوْ بَعْضِهِمْ (قَبَضَا لَهُ) أَيْ: قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ الْقَوَدِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فَدَفَعَ عَنْهُ الْعُقُوبَةَ كَمَا فِي وَطْءِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرَكَةَ (وَمَا عَنْ حَقِّهِ) أَيْ: وَمَا (زَادَ) عَنْ حَقِّهِ مِنْ دِيَةِ الْجَانِي (قَضَى) أَيْ قَضَاهُ لِوَرَثَتِهِ (وَحَقُّ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْمُبَادِرِ (فِي تُرَاثِ الْجَانِي) أَيْ فِي تَرِكَتِهِ لَا فِي ذِمَّةِ الْمُبَادِرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادِرَ فِيمَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِوَارِثَيْهِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: مَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، أَوْ مَا فِيهِ فَالْقِصَاصُ مُتَحَتِّمٌ بِشَرْطِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِمَامِ دُونَ الْوَرَثَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ) أَيْ: عِنْدَ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَهَا وَحْدَهَا فَرْضًا وَرَدًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَلِقَرِيبٍ) هَذَا يُفْهِمُ إخْرَاجَ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْوَلَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِهِ لِلْغَالِبِ فَلَا إخْرَاجَ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَلِقَرِيبٍ يَعْنِي أَيَّ وَارِثٍ لَهُ وَلَوْ بِوَلَاءٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ حَجَرٌ ش د (قَوْلُهُ: لَا لِلْإِمَامِ) أَيْ: مَعَ وُجُودِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلِهِ: لَا تَسْتَوْفِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا تَسْتَوْفِ لِأَسْتَوْفِيَ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الِاسْتِيفَاءُ وَلَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلتَّوَقُّفِ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ يُبَادِرُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ بَادَرَ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ وَقَبْلَ اسْتِئْذَانِ بَاقِيهِمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا غُرْمَ بِرّ (قَوْلُهُ: قَبْضًا لَهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْحَقُّ مِنْ أَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ بِقَتْلِهِ الْجَانِيَ لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ نَصِيبِهِ تَقَاصَّا بِمَالِهِ عَلَى تَرِكَةِ الْجَانِي وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الدِّيَتَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَضَاهُ لِوَرَثَتِهِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْمُبَادَرَةِ بِخِلَافِهِ عِنْدَ جَهْلِهِ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ جَهِلَ أَيْ: الْقَاتِلُ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ فَهَلْ تَحْمِلُهُ أَيْ بَدَلَ الْقَتْلِ وَهُوَ الدِّيَةُ عَاقِلَتُهُ قَوْلَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ اهـ.

أَيْ: إنَّهُ تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ حَمْلِهِمْ الدِّيَةَ حَمْلُ مَا عَدَا مَا يَخُصُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَتَعَاوَنُوا فِي كُلِّ جَذْبَةٍ وَإِرْسَالَةٍ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فَإِنْ تَعَاوَنُوا كَذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْحَزِّ لَا يَلْزَمُهُ الِاشْتِرَاكُ فِي التَّحَامُلِ بِأَنْ يَكُونَ تَحَامُلَ كُلٍّ مُسَاوِيًا لِتَحَامُلِ الْآخَرِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ) بِأَنْ لَمْ تُوجِبْ قَوَدًا اهـ.

شَرْحُ إرْشَادٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ طَلَبَ إلَخْ) أَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى مَنْ يَسْتَوْفِيهِ فَلَا قُرْعَةَ (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ لَا يَسْتَوْفِي إلَّا بِإِذْنِ الْبَاقِينَ حَتَّى الْعَاجِزُ لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ يُبَادِرْ) أَيْ: بِلَا إذْنٍ وَلَا عَفْوٍ شَرْحُ الرَّوْضِ

ص: 49

وَرَاءَ حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيِّ أَمَّا لَوْ بَادَرَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَفْوِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِنْ جَهِلَ الْعَفْوَ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِسُقُوطِ الْقَوَدِ عَنْ الْجَانِي إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ بَعْدَ الْعَفْوِ فَكَانَ كَقَتْلِ مَنْ ظَنَّهُ مُرْتَدًّا وَكَذَا لَوْ بَادَرَ قَبْلَ الْعَفْوِ وَلَكِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْقَوَدِ

(فِي الْحَرَمِ اُقْتُصَّ) أَيْ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ فِي الْحَرَمِ مِنْ الْجَانِي سَوَاءٌ جَنَى فِيهِ أَمْ الْتَجَأَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُوجِبُ ضَمَانًا فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ كَقَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الْقِصَاصِ عَلَى الْفَوْرِ نَعَمْ يُخْرَجُ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ، أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا (وَبِالْيَمَانِيِ) أَيْ: السَّيْفِ سُمِّيَ بِهِ لِوَصْفِهِ بِهِ كَثِيرًا فَهُوَ تَسْمِيَةُ الْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ أَيْ وَاقْتُصَّ بِالسَّيْفِ فَقَطْ إنْ جَنَى بِهِ الْجَانِي وَبِالسَّيْفِ

(أَوْ مِثْلِ فِعْلِهِ) طَرِيقًا وَقَدْرًا وَكَيْفِيَّةً إنْ جَنَى بِغَيْرِ السَّيْفِ كَالْخَنْقِ، وَالْإِغْرَاقِ أَمَّا بِالسَّيْفِ؛ فَلِأَنَّهُ أَوْحَى وَأَسْهَلُ وَهُوَ أَوْلَى لِذَلِكَ وَأَمَّا بِمِثْلِ فِعْلِهِ فَرِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «رَضَّ يَهُودِيٌّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ» وَفِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» ؛ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْقَوَدِ التَّشَفِّي وَإِنَّمَا يَحْصُلُ إذَا فُعِلَ بِالْجَانِي مِثْلُ فِعْلِهِ وَأَمَّا خَبَرُ النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ فَفِي عُقُوبَةٍ لَا مُمَاثَلَةَ فِيهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِمِثْلِ فِعْلِهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَإِنَّمَا يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ فِي الْخَنْقِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمُتْ بِهِ لَا يَعْفُو عَنْهُ بَلْ يَقْتُلُهُ وَإِلَّا فَلَا تُمْكِنُهُ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي الْجَائِفَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ رَأَيْته فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ، ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ ضَبْطُ مَا بِهِ تَحْصُلُ الْمُمَاثَلَةُ أَخْذًا بِالْيَقِينِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قَتَلَ نَحِيفًا بِضَرَبَاتٍ تَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَلَا تَقْتُلُ الْجَانِي لِقُوَّةِ جُثَّتِهِ.

فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِمَنْعِهَا؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُرَاعَى إذَا تُوُقِّعَ حُصُولُ الْقَوَدِ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْقَوَدِ بِالسَّيْفِ حَزُّ الرَّقَبَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ فَلَوْ ذَبَحَهُ كَالْبَهِيمَةِ لَمْ يَجُزْ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ قَدْ فَعَلَ بِقَتِيلِهِ ذَلِكَ ثُمَّ مَثَّلَ لِمِثْلِ فِعْلِهِ فَقَالَ (كَقَطْعِ سَاعِدِ بِكَفِّهِ بِسَاعِدٍ بِلَا يَدِ) أَيْ: بِلَا كَفٍّ بَعْدَ السِّرَايَةِ إلَى نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَفِّ الْهَالِكَةِ بِهَلَاكِ النَّفْسِ الْمُسْتَحَقَّةِ (وَقَطْعُ أَدْنَى) أَيْ: وَكَقَطْعِ أَقْرَبِ (مَفْصِلٍ) إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (بِالْهَشْمِ) فَلَوْ هَشَمَ عَظْمَ سَاعِدِهِ، أَوْ سَاقِهِ وَأَبَانَهُ قُطِعَ مِنْ الْجَانِي يَدُهُ مِنْ كُوعِهِ وَرِجْلُهُ مِنْ كَعْبِهِ وَلَزِمَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي وَلَا يُقْطَعُ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَالرُّكْبَةِ وَلَوْ هَشَمَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ قُطِعَ مِنْ الْمِرْفَقِ وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي فَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْكُوعِ مُكِّنَ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ لِعَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَمُسَامَحَتِهِ بِبَعْضِ حَقِّهِ وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ حُكُومَةِ الْمَقْطُوع مِنْ الْعَضُدِ فَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَى قَطْعِ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ

أَمَّا لَوْ طَلَبَ لَقْطَ الْأَصَابِعِ فَلَا يُمَكَّنُ لِتَعَدُّدِ الْجِرَاحَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ لَقْطَ أُصْبُعٍ وَاحِدٍ لَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ نِصْفِ الْكَفِّ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْكَفِّ وَلَهُ مَعَ حُكُومَةِ نِصْفِهَا الْتِقَاطُ الْأَصَابِعِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْجِرَاحَةُ إذْ لَيْسَ بَعْدَ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ إلَّا مَفَاصِلُ مُتَعَدِّدَةٌ وَسَوَّغَ تَمْثِيلُهُ لِلْمُمَاثِلَةِ بِقَطْعِ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ قُرْبَهُ إلَيْهَا مَعَ تَعَذُّرِهَا فِيهِ إذْ لَا وُثُوقَ بِهَا فِي كَسْرِ الْعَظْمِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَنْظِيرًا لَا تَمْثِيلًا وَخَرَجَ بِالْهَشْمِ الْجِنَايَةُ بِغَيْرِهِ كَأَنْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ الْكُوعِ، أَوْ أُصْبُعًا فَلَا يُمَكَّنُ وَإِنْ قَنَعَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُدُولِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَوْ خَالَفَ عُزِّرَ لِعُدُولِهِ عَنْ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِإِتْلَافِ الْبَعْضِ غُرْمٌ وَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَالَ الْإِمَامُ: لَا نُسْعِفُهُ بِذَلِكَ أَصْلًا (لَا بِاللَّوْطِ) أَيْ اللِّوَاطِ (وَالسِّحْرِ وَإِيجَارِ الطِّلَا) يَعْنِي الْخَمْرَ أَيْ لَا يُقْتَصُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ جَنَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا فَيُعْدَلُ إلَى السَّيْفِ وَكَالْخَمْرِ كُلُّ مَائِعٍ نَجِسِ الْعَيْنِ وَلَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْكُوعِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ لَا نُسْعِفُهُ بِذَلِكَ أَصْلًا) هَذَا مُسَلَّمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا لَوْ قَطَعَ الْأُصْبُعَ وَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ بِذَلِكَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مُسَمَّى الْيَدِ وَبِالْقَوَدِ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ مِنْ الْكُوعِ فَالْتَقَطَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَصَابِعَ الْجَانِي ثُمَّ طَلَبَ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ بِرّ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسْتَوْفِ مُسَمَّى الْيَدِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِيجَارِ الطِّلَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ: اقْتَصَرَ الْمِنْهَاجُ عَلَى قَوْلِهِ: وَخَمْرٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ إدْخَالَ مَا إذَا غَرَّقَهُ فِي دِنِّ خَمْرٍ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ وَيُصَحَّحُ الْمَنْعُ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي قِسْمِ التَّفْرِيقِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُفْعَلُ بِهِ مِثْلُهُ قَطْعًا كَمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِالْإِيجَارِ وَلَفْظُ الْخَمْرِ قَدْ يُخْرِجُ الْبَوْلَ حَتَّى يَقْتُلَ بِهِ وَوَجْهُهُ إبَاحَتُهُ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَفِيهِ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ كَمَا فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ تَعْيِينَ السَّيْفِ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَوْ قَتَلَهُ بِالْغَمْسِ فِي خَمْرٍ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ مِثْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْعَفْوَ) أَمَّا لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ فَلَا قِصَاصَ جَزْمًا اهـ.

ق ل أَيْ: بَلْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِمَنْعِهِ مِنْ الْقَوَدِ) أَيْ بِمَنْعِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِهِ م ر

ص: 50

أَوْجَرَهُ مَاءً مُتَنَجِّسًا أُوجِرَ مَاءً طَاهِرًا وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ الْمَسْمُومَ، وَالْمُثْلَةَ كَذَلِكَ اسْتَدْرَكَهُمَا بِقَوْلِهِ:(نَعَمْ بِمَسْمُومٍ) مِنْ سَيْفٍ، أَوْ طَعَامٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (وَمِثْلِهِ حُتِفْ) أَيْ: أُمِيتَ بِمَعْنَى يُقْتَصُّ بِهِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِهِمَا وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ حَتْفٌ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَتْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْرِي فِي قَطْعِ الطَّرَفِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْمُمَاثَلَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ بِهِمَا فَلَا يُقْتَصُّ بِهِمَا مُطْلَقًا فَلَوْ اُقْتُصَّ بِمَسْمُومٍ فِي طَرَفٍ فَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمُسْتَحَقٍّ وَغَيْرِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ السُّمُّ مُوحِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِهِ دُونَ الْجُرْحِ وَعَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ بِمَسْمُومٍ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْحَاوِي وَبِمَسْمُومٍ وَمِثْلِهِ قَدْ يُوهِمُ عَطْفَهُ عَلَى الْمَنْفِيِّ قَبْلَهُ عَدَلَ عَنْهُ النَّاظِمُ إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إلَى آخِرِهِ لَكِنْ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْحَتْفَ فِي الْإِمَاتَةِ بِمَا ذُكِرَ وَبِنَاءِ الْفِعْلِ مِنْهُ نَظَرٌ فَفِي الصِّحَاحِ الْحَتْفُ الْمَوْتُ يُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ حَتْفَ أَنْفِهِ إذَا مَاتَ بِغَيْرِ قَتْلٍ وَلَا ضَرْبٍ وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَخُصَّ الْأَنْفُ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ أَنَّ الرُّوحَ تَخْرُجُ مِنْهُ بِتَتَابُعِ النَّفْسِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَخَيَّلُونَ خُرُوجَهَا مِنْهُ

، ثُمَّ مَثَّلَ النَّاظِمُ لِلْمِفْصَلِ بِقَوْلِهِ:(كَمَنْكِبٍ وَفَخِذٍ) أَيْ كَالْقَطْعِ مِنْ أَصْلِهِمَا إذَا فَعَلَ الْجَانِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِ (إنْ لَمْ يُجِفْ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ الْقَطْعُ مِنْهُمَا بِلَا إجَافَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِدُونِهَا فَلَا قَوَدَ وَإِنْ أَجَافَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ وَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْقَوَدُ نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَا إجَافَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَلَوْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ قَوَدًا لَوْ وُقِفَتْ كَجَائِفَةٍ وَكَسْرِ عَظْمٍ فُعِلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: قَبْلُ، أَوْ مِثْلُ فِعْلِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَعَزَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِتَرْجِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ لِتَرْجِيحِ الْبَغَوِيّ فَقَطْ وَوَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ رَجَّحَهُ كَثِيرُونَ وَكَأَنَّهُ لِمَا مَرَّ عَنْهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَشَى عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ (وَسِعَةِ الْإِيضَاحِ) عَطْفٌ عَلَى قَطْعِ سَاعِدٍ أَيْ: وَكَسِعَةِ الْمُوضِحَةِ مُرَاعًى فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ بِالْمَحَلِّ وَبِالْمِسَاحَةِ طُولًا وَعَرْضًا لَا بِالْجُزْئِيَّةِ فَلَوْ أَوْضَحَ مِنْ إنْسَانٍ جَمِيعَ رَأْسِهِ وَكَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ لَمْ يُشَجَّ مِنْ رَأْسِهِ إلَّا بِقَدْرِ مِسَاحَةِ مُوضِحَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالِاخْتِيَارُ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي إذْ كُلُّ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَلَوْ أَرَادَ الِاسْتِيفَاءَ فِي مَحَلَّيْنِ كَمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَمُؤَخَّرِهِ مُنِعَ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْبَعْضَ وَيَأْخُذَ لِلْبَاقِي قِسْطًا مِنْ الْأَرْشِ مُنِعَ إذْ الْبَعْضُ الْمُسْتَوْفَى يُقَابَلُ بِالْأَرْشِ التَّامِّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَمَامِ الِاسْتِيفَاءِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوضِحَ فَلْيُعَلِّمْ عَلَى الْمَحَلِّ بِسَوَادٍ، أَوْ حُمْرَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا وَيَضْبِطُ الْجَانِي لِئَلَّا يَضْطَرِبَ وَيُوضِحُ بِحَدِيدَةٍ حَادَّةٍ كَالْمُوسَى لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ

(وَلْتُكَمَّلْ نَاصِيَةُ الْجَانِي بِأَجْنَابٍ) مِنْ الرَّأْسِ (تَلِي) نَاصِيَتَهُ إذَا كَانَتْ نَاصِيَتُهُ أَصْغَرَ مِنْ نَاصِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي اسْتَوْعَبَهَا الْجَانِي بِالْإِيضَاحِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ كُلَّهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ، وَالنَّاصِيَةُ وَلَا يَتَعَيَّنُ كُلُّ الْجَوَانِبِ بَلْ يَكْفِي جَانِبٌ وَاحِدٌ (وَ) لِتُكْمَلْ (رَأْسُهُ) إذَا كَانَ أَصْغَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي اسْتَوْعَبَهُ الْجَانِي بِالْإِيضَاحِ (بِحِصَّةِ) الْبَاقِي مِنْ (الْأَرْشِ) أَيْ: أَرْشِ مُوضِحَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ الثُّلُثِ فَالْحِصَّةُ ثُلُثُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِرَأْسِهِ كَالْيَدِ الصَّغِيرَةِ عَنْ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِيَدٍ وَمَا بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مُوضِحَةٌ فَلَا يُجْعَلُ تَابِعًا؛ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ اسْمُ الْيَدِ وَهُنَا الْمِسَاحَةُ (وَلَا تُجِزْ بِوَجْهٍ وَقَفَا أَنْ يُكْمَلَا) أَيْ: وَلَا تُجِزْ أَنْت إكْمَالَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجَانِي بِالنُّزُولِ إلَى وَجْهِهِ وَقَفَاهُ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ آخَرَانِ وَذِكْرُ الْوَجْهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْقَوَدِ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يَخْتَصَّ رَأْسُ الْجَانِي بِالشَّعْرِ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ شَعْرٍ لَمْ يُتْلِفْهُ الْجَانِي نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافَهُ فَيُحْلَقُ مَحَلُّ الشَّجَّةِ، ثُمَّ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِرَأْسَيْهِمَا شَعْرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ.

وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ النَّصَّ الْأَوَّلَ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ حَتْفٌ) كَأَنْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ وَفَقَأَ عَيْنَيْهِ وَجَدَعَ أَنْفِهِ فَمَاتَ فَيُفْعَلُ بِهِ مِثْلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُثْلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجْرِي فِي قَطْعِ الطَّرَفِ أَيْضًا) كَانَ مُرَادُهُ الْقَطْعَ الَّذِي سَرَى لِلنَّفْسِ بِدَلِيلِ فَلَوْ اقْتَصَّ بِمَسْمُومٍ إلَخْ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ بِمَسْمُومٍ، أَمَّا الْقَطْعُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا فَإِنْ قُطِعَ بِهِ فَسَرَى فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا قَوَدَ لِلسِّرَايَةِ لِتَوَلُّدِهَا مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يُقْتَصُّ بِالْمَسْمُومِ فِي الْقَطْعِ الَّذِي لَمْ يَسْرِ لِلنَّفْسِ فَإِنْ فَعَلَ فَسَرَى لِلنَّفْسِ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ لَا الْقَوَدُ لِتَوَلُّدِ السِّرَايَةِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَا فِي الْآلَةِ مِنْ السُّمِّ مُوجِبًا لَزِمَهُ الْقَوَدُ اهـ.

ح ج د ش (قَوْلُهُ: عَدَلَ عَنْهُ النَّاظِمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَسم ظَاهِرُ غَيْرِ مَهْرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فُعِلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ) نَعَمْ يَمْنَعُ مِنْ الْإِجَافَةِ كُلُّ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ إنْ كَانَ قَصْدُهُ الْعَفْوَ فَإِنْ خَالَفَ عُزِّرَ وَإِنْ عَفَا لِتَعَدِّيهِ أَيْ بِخِلَافِ مَا فِيهِ قَوَدٌ كَقَطْعِ الْيَدِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْعَفْوَ

(قَوْلُهُ: لَا إنْ فَاتَ مِنْهُ صِفَةٌ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: (تَنْبِيهٌ)

سَوَاءٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ عَزْوِ الْأَوَّلِ لِتَرْجِيحِ الْبَغَوِيّ فَقَطْ كَأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ سَبْقُ قَلَمٍ وَقَوْلُهُ: مَشَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا سَبَقَ إلَيْهِ قَلَمُهُ وَهُوَ الثَّانِي الضَّعِيفُ (قَوْلُهُ: مُقَابَلٌ بِالْأَرْشِ) إذْ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْجَانِي أَصْغَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

سم عَلَى الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ م ر اهـ.

ع ش

ص: 51

مَا إذَا كَانَ عَدَمُ الشَّعْرِ بِرَأْسِ الْمَشْجُوجِ لِفَسَادِ مَنْبِتِهِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لِحَلْقٍ وَنَحْوِهِ (وَمَنْ جَنَى إنْ فَاتَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ عُضْوِهِ دُونَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (جِرْمُ) يُتِمُّهُ بِأَرْشِهِ فَلَوْ قَطَعَ نَاقِصُ أُصْبُعٍ يَدًا كَامِلَةً قُطِعَ وَلَزِمَهُ أَرْشُ أُصْبُعٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ فِي ضِمْنِ جِنَايَتِهِ أُصْبُعًا لَمْ يُسْتَوْفَ قَوَدُهَا (لَا) إنْ فَاتَ مِنْهُ (صِفَةٌ) فَلَا يُتِمُّهَا بِأَرْشِهَا فَلَوْ قَطَعَ ذُو يَدٍ شَلَّاءَ يَدًا سَلِيمَةً فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا مَعَ قَطْعِ الشَّلَّاءِ أَرْشُ الشَّلَلِ بَلْ يَقْنَعُ بِقَطْعِهَا بِلَا أَرْشٍ، أَوْ يَأْخُذُ أَرْشَ الْيَدِ بِلَا قَطْعٍ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الصِّفَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ بِخِلَافِ نَقْصِ الْجُرْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ صَاعًا جَيِّدًا فَأَخَذَ عَنْهُ صَاعًا رَدِيئًا لَا يَأْخُذُ مَعَهُ الْأَرْشَ بَلْ يَقْنَعُ بِهِ، أَوْ يَأْخُذُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ جَيِّدًا وَلَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ صَاعَيْنِ وَوَجَدَ لَهُ صَاعًا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ وَطَلَبُ الْبَدَلِ لِلْآخَرِ فَقَوْلُهُ:(بِأَرْشِهِ يُتَمُّ) جَوَابُ الشَّرْطِ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ قَوْلِهِ مَنْ جَنَى وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أُصْبُعَانِ شَلَّاوَانِ وَيَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَلِيمَةٌ فَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِقَطْعِ يَدِ الْجَانِي وَإِنْ شَاءَ لَقَطَ الثَّلَاثَ السَّلِيمَةَ قِصَاصًا وَلَهُ مَعَهَا حُكُومَةُ مَنَابِتِهَا وَدِيَةُ الْأُصْبُعَيْنِ وَلَا تَنْدَرِجُ الْحُكُومَةُ فِي الْقِصَاصِ لِعَدَمِ التَّجَانُسِ وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ مَنْبِتِ الْأُصْبُعَيْنِ فِي دِيَتِهِمَا لِلتَّجَانُسِ

وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أُصْبُعَانِ شَلَّاوَانِ وَيَدُ الْجَانِي سَلِيمَةٌ لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ مِنْ الْكُوعِ وَجَازَ فِي الثَّلَاثِ السَّلِيمَةِ أَنْ يَلْقُطَ أَمْثَالَهَا مَعَ حُكُومَةِ مَنَابِتِهَا وَمَعَ حُكُومَةِ الشَّلَّاوَيْنِ وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهَا حُكُومَةُ مَنَابِتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ ضَعِيفَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَإِذَا ثَبَتَ تَتْمِيمُ نَقْصِ جُرْمِ الْجَانِي بِأَرْشِهِ لَا يَتَمَكَّنُ مُعْتَدِلُ الْيَدِ مِنْ قَطْعِ يَدِ الْجَانِي الزَّائِدَةُ بِأُصْبُعٍ أَصْلِيَّةٍ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْجُرْمِ لَمَّا اقْتَضَى زِيَادَةً عَلَى الْقَطْعِ اقْتَضَتْ زِيَادَتُهُ مَنْعَ قَطْعِهِ (فَعَادِلٌ) أَيْ: فَمُعْتَدِلُ (أَصَابِعُ الْكَفِّ) إذَا قَعَطَهَا مَنْ لَهُ سِتُّ أَصَابِعَ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الْقُوَّةِ، وَالْعَمَلِ بِحَيْثُ أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَصَالَتِهَا (لَقَطْ خَمْسًا مِنْ) الْأَصَابِعِ (السِّتِّ الْأَصِيلَاتِ فَقَطْ) وَلَاءً مِنْ أَيْ: جِهَةٍ شَاءَ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقَ يَعْنِي الْإِمَامَ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّتُّ عَلَى تَقْطِيعِ الْخَمْسِ الْمَعْهُودَةِ وَهَيْئَتِهَا وَإِلَّا فَصُورَةُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا مُبَايِنٌ لِصُوَرِ بَاقِيهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُشْبِهَةُ لِلْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ جَانِبِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ ثَانِيَةٌ وَاَلَّتِي عَلَى طَرَفٍ كَالْمُلْحَقَةِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (مَعَ سُدُسِ الَّذِي يَدِي عَنْ الْيَدِ) أَيْ مَعَ أَخْذِ سُدُسِ دِيَةِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً وَلَمْ يَقْطَعْ كَامِلَةً وَلَمْ يَقْطَعْ مِنْهُ إلَّا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ يَدٍ فَيَبْقَى سُدُسُ دِيَةِ الْيَدِ (بِحَطِّ شَيْءٍ مِنْهُ وَلْيَجْتَهِدْ) أَيْ: مَعَ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ السُّدُسِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ يَدِ الْجَانِي فَهِيَ فِي الصُّورَةِ كَالْخَمْسِ الْمُعْتَدِلَةِ وَلَهُ أَيْضًا حُكُومَةُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْكَفِّ الَّتِي تُقَابِلُ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ وَلَوْ بَادَرَ وَقَطَعَ السِّتَّ عُزِّرَ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَا غُرْمَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ لُزُومُ شَيْءٍ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ وَهُوَ قَدْرُ مَا حُطَّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَلَوْ قَطَعَ ذُو السِّتِّ أُصْبُعًا مِنْ الْمُعْتَدِلِ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ وَأُخِذَ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ خُمُسِ الدِّيَةِ وَسُدُسِهَا وَهُوَ ثُلُثُ عُشْرٍ؛ لِأَنَّ أُصْبُعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خُمُسُ أَصَابِعِهِ وَأُصْبُعُ الْجَانِي سُدُسُ أَصَابِعِهِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مَا قُلْنَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ التَّفَاوُتِ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ

وَلَوْ قَطَعَ الْمُعْتَدِلُ يَدَ السِّتِّ قُطِعَتْ يَدُهُ وَأُخِذَ شَيْءٌ لِلزِّيَادَةِ، أَوْ أُصْبُعًا مِنْهَا فَلَا قَوَدَ بَلْ عَلَيْهِ سُدُسُ دِيَةِ يَدٍ، أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَخْذُ أُصْبُعٍ

ــ

[حاشية العبادي]

كَانَ زَوَالُ الصِّفَةِ بِآفَةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَاجِبُ جِنَايَةِ غَيْرٍ، قَالَ ابْنُ الْخَيَّاطِ:، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ وَفِيهِ بَعْضُ تَخَيُّلٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الدِّيَةَ وَإِمَّا أَنْ تَقْنَعَ وَلَا يُمْكِنُنَا التَّخْيِيرُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّخَيُّلَ يَخْدِشُهُ مَا إذَا كَانَ يَحْرُمُ إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الصِّفَاتِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأَجْزَاءِ اهـ.

مَا فِي النَّاشِرِيِّ وَقَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَاجِبُ جِنَايَةِ غَيْرٍ أَيْ: وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: السَّابِقِ وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ الْمُبْتَدَأَةِ الْجِنَايَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ ذَلِكَ: أَيْ: وَحُطَّ عَنْ دِيَةِ غَيْرِ الْجُرْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي أَنَّ مِنْ دِيَةِ الْمَعْنَى وَاجِبُ جِنَايَةٍ أُخْرَى سَابِقَةٍ سَوَاءٌ وَجَبَتْ دِيَةٌ، أَوْ حُكُومَةٌ فَلَوْ أَبْطَلَ بَطْشَ يَدٍ نَاقِصَةِ الْبَطْشِ بِجِنَايَةٍ حُطَّ مِنْ دِيَتِهِ وَاجِبُ النَّقْصِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَكَوْنِهِ أَرَتَّ، أَوْ أَلْثَغَ خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا حَطَّ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا لِعُسْرِ تَتَبُّعِ مِقْدَارِ الْمَعَانِي وَانْتِفَاءِ مُضَاعَفَةِ الْغُرْمِ اهـ.

فَهَذَا مَعَ إطْلَاقِ مَا هُنَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي فَوَاتِ الصِّفَةِ عِنْدَ الِاخْتِصَاصِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةٍ، أَوْ لَا بِخِلَافِهِ عِنْدَ أَخْذِ الْمَالِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاشِرِيُّ بِقَوْلِهِ: وَفِيهِ بَعْضُ تَخَيُّلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ إلَخْ) تَمْهِيدٌ لِتَفْرِيعٍ مُعَادِلٍ إلَخْ وَتَوْجِيهٌ لِلتَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ: فَعَادِلُ) الظَّاهِرُ أَنَّ عَادِلًا هُنَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ فَعَادِلُ أَصَابِعِ الْكَفِّ نَظِيرُ زَيْدٌ حَسَنُ وَجْهِ الْأَبِ فَيَجُوزُ فِي أَصَابِعِ الرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ، وَالْجَرُّ وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ الْجَرُّ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقَ) كَأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى قَوْلِهِ: مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ثُلُثُ عُشْرٍ) وَهُوَ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ خُمُسَهَا عَشَرَةٌ وَسُدُسُهَا ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مَا قُلْنَا شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ شَيْءٌ) لَعَلَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ سُدُسُ دِيَتِهَا مَعَ حَطِّ شَيْءٍ مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ السِّتُّ عَلَى غَيْرِ تَقْطِيعِ الْخَمْسِ الْمَعْهُودَةِ وَهَيْئَتِهَا كَمَا أَفْهَمَتْهُ الْعِلَّةُ وَإِلَّا فَصُورَةُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا تُبَايِنُ صُوَرَ بَاقِيهَا فَالْخَارِجُ عَلَى الْمُعْتَادِ يَكُونُ زَائِدًا فَلَا يُلْتَقَطُ اهـ.

وَمُرَادُهُ بِالْعِلَّةِ مَا ذَكَرَهُ تَعْلِيلًا لِأَصَالَتِهَا بِقَوْلِهِ لِاسْتِوَائِهَا قُوَّةً وَعَمَلًا (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: لِلتَّسَاوِي فِي الصُّورَةِ كَمَا مَرَّ

ص: 52

وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ ثُلُثِ دِيَةِ الْيَدِ وَخُمُسِهَا، أَوْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ أَخَذَ أُصْبُعَانِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ نِصْفِ دِيَةِ الْيَدِ وَخُمُسَيْهَا وَلَوْ بَادَرَ ذُو السِّتِّ فَقَطَعَ بِأُصْبُعِهِ أُصْبُعًا قَالَ الْإِمَامُ: فَهُوَ كَقَطْعِ صَحِيحَةٍ بِشَلَّاءَ (لَا حَيْثُ كَانَ) مِنْ السِّتِّ (زَائِدٌ ذَا لَبْسِ) بِالْأَصْلِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَقْطُ شَيْءٍ مِنْهَا لِئَلَّا يُقْطَعَ زَائِدٌ بِأَصْلِيٍّ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَحَلِّ (وَلِيَكْفِ إنْ) أَيْ: وَإِنْ (بَادَرَ لَقْطُ خَمْسِ) مِنْهَا كَفَى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَصْلِيًّا وَيُعَزَّرُ لِتَعَدِّيهِ بِالْقَطْعِ فَإِنْ قَطَعَ الْكُلَّ غَرِمَ حُكُومَةَ الزَّائِدِ فَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَكُلُّهَا أَصْلِيَّاتٌ، أَمْ خَمْسٌ فَلَا قَوَدَ أَيْضًا فَلَوْ قَطَعَهَا، أَوْ خَمْسًا مِنْهَا عُزِّرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ لِاحْتِمَالِ أَصَالَةِ الْمَقْطُوعَاتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِي الْأُولَى شَيْءٌ لِلزَّائِدِ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ لَقْطَ خَمْسٍ نَصْبُهُ بِبَادَرَ كَمَا تَقَرَّرَ وَرَفْعُهُ بِيَكْفِ أَيْ: وَلْيَكْفِ لَقْطُ خَمْسٍ إنْ بَادَرَ إلَى لَقْطِهَا (وَلْيَلْتَقِطْ) مُعْتَدِلُ الْأَنَامِلِ إذَا قَطَعَ أُنْمُلَتَهُ مَنْ لِأُصْبُعِهِ أَرْبَعُ أَنَامِلَ أَصْلِيَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (أُنْمُلَةً مِنْ أَرْبَعِ) أَيْ: مِنْ الْأَنَامِلِ الْأَرْبَعِ الَّتِي لِلْجَانِي (مَعَ أَخْذِ أَرْشِ نِصْفِ سُدْسِ أُصْبُعِ) ؛ لِأَنَّ أُنْمُلَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُلُثُ أُصْبُعِهِ وَأُنْمُلَةُ الْجَانِي رُبْعُ أُصْبُعِهِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ نِصْفُ سُدُسٍ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ التَّفَاوُتِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ بِتَمَامِهَا فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَقْطَعُ أُصْبُعَهُ بِهَا إذْ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ الْمَنْعُ لِلزِّيَادَةِ فِي عَدَدِ الْأَنَامِلِ كَمَا فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ كَمَا مَرَّ بَلْ يَلْقُطُ ثَلَاثَ أَنَامِلَ وَيَأْخُذُ التَّفَاوُتَ وَأَيَّدَهُ النَّشَائِيُّ بِمَا نَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ فِي قَطْعِ زَائِدَةٍ بِزَائِدَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ زَائِدَةُ الْجَانِي أَتَمَّ بِأَنْ كَانَ لَهَا ثَلَاثُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَفْصِلَانِ لَمْ يُقْطَعْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ تَفَاوُتِ الْمَحَلِّ بِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَالْبَغَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ وَقَالَ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ سِتُّ أَصَابِعَ لَا يُقْطَعُ بِمِنْ لَهُ خَمْسٌ لِوُجُودِ الزِّيَادَةِ فِي مُنْفَصِلَاتِ الْعَدَدِ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ بَادَرَ وَقَطَعَ أُصْبُعَ الْجَانِي عُزِّرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَنَامِلُ الْأَرْبَعُ أَصْلِيَّاتٍ بِأَنْ كَانَتْ الْعُلْيَا زَائِدَةً خَارِجَةً عَنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَإِنْ قَطَعَ صَاحِبُهَا أُصْبُعَ مُعْتَدِلٍ لَمْ يُقْطَعْ أُصْبُعُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ وَلَوْ قَطَعَهَا مُعْتَدِلٌ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ وَأُخِذَتْ مِنْهُ حُكُومَةُ الزَّائِدَةِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَكُلُّهَا أَصْلِيَّاتٌ، أَمْ ثَلَاثٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا قَوَدَ وَلَا حُكُومَةَ (وَزِيدَ) عَلَى مِثْلِ فِعْلِ الْجَانِي (إنْ يَبْقَ) حَيًّا بَعْدَمَا فُعِلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ مِنْ تَحْرِيقٍ، أَوْ تَجْوِيعٍ، أَوْ تَخْنِيقٍ، أَوْ غَيْرِهَا حَتَّى يَمُوتَ لِتَتَّحِدَ جِهَةُ الْعُقُوبَةِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَعَزَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِتَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَقِيلَ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ؛ لِأَنَّهُ قُوبِلَ بِمِثْلِ فِعْلِهِ وَبَقِيَ الْإِزْهَاقُ فَيَحْصُلُ بِالْأَهْوَنِ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ وَقِيلَ يُفْعَلُ بِهِ أَهْوَنُ الْأَمْرَيْنِ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَتَرْجِيحُهُ قَرِيبٌ وَأَبْدَلَ فِي الرَّوْضَةِ قَرِيبٌ بِأَقْرَبَ وَحَمَلَ فِي التَّعْلِيقَةِ كَلَامَ الْحَاوِي عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ التَّمِيمِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ يُزَادُ فِي الْجَائِفَةِ أَيْضًا وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهَا بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا فَهِيَ كَقَطْعِ الْأَطْرَافِ

(وَ) فِي الْقَوَدِ (بِالْأَطْرَافِ) أَيْ: بِقَطْعِهَا (لَا) يُزَادُ حَيْثُ قُطِعَ مِنْ الْجَانِي مِثْلُ الطَّرَفِ الَّذِي قَطَعَهُ فَلَمْ يَمُتْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُدُولِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ زِيَادَةِ التَّحْرِيقِ وَنَحْوِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ حَزِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ ثُلُثٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَهُوَ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَانِ (قَوْلُهُ:، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ نِصْفِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ (قَوْلُهُ: كَقَطْعِ صَحِيحَةٍ بِشَلَّاءَ) فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهَا السَّابِقُ فِي شَرْحِ وَفِي سِوَى النَّفْسِ بِنِسْبَةِ الْبَدَلِ (قَوْلُهُ: بِنِسْبَةٍ بِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ) فِي قَوْلِهِ: لِوُجُودِ الزِّيَادَةِ فِي مُنْفَصِلَاتِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْطَعُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَكَذَا أَيْ: تُقْطَعُ أُنْمُلَتُهَا بِأُنْمُلَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مَعَ زِيَادَةِ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ مِنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ فَإِنْ قَطَعَهَا الْمُعْتَدِلُ فَلَا قِصَاصَ وَلَزِمَهُ رُبُعُ دِيَةِ أُصْبُعٍ، أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ أَيْ: أَوْ قَطَعَ مِنْهُ الْمُعْتَدِلُ أُنْمُلَتَيْنِ قُطِعَ أَيْ: مِنْهُ أُنْمُلَةٌ وَاحِدَةٌ وَأُخِذَ مِنْهُ مَا بَيْنَ ثُلُثِ دِيَتِهَا أَيْ الْأَصَابِعِ وَنِصْفِهَا أَيْ: مَا بَيْنَهُمَا بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ قَطَعَ مِنْهُ ثَلَاثَ أَنَامِلَ قُطِعَ مَنّهُ أُنْمُلَتَانِ مَعَ أَخْذِ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ وَلَوْ قُطِعَ الْأُصْبُعُ بِتَمَامِهَا قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا حُكُومَةَ) لِاحْتِمَالِ أَصَالَتِهَا وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ ذَا الْأُصْبُعِ الْمُعْتَدِلِ لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا ذَا أَرْبَعِ أَنَامِلَ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ كَمَا فِي الْهَامِشِ الْأَيْسَرِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَمْ تَلْزَمْ الْحُكُومَةُ مَعَ الِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ زَائِدَةً تَلْزَمُ الْحُكُومَةُ لَهَا لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْأُصْبُعِ وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْبَعُ أَصْلِيَّةً فَهِيَ أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ انْقَسَمَتْ أَنَامِلُهُ أَرْبَعًا فَلَا زِيَادَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ كَقَطْعِ الْأَطْرَافِ) الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَالتَّفَاوُتُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ خُمُسُ يَدِ الْمُعْتَدِلِ، وَالْمَقْطُوعُ مِنْ يَدٍ ذِي السِّتِّ أُصْبُعَانِ وَهُمَا ثُلُثُهَا (قَوْلُهُ: مَعَ اخْتِلَافِ الْمَحَلِّ) خَرَجَ مَا لَوْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ وَعُلِمَ بِأَنْ سَاوَى الزَّائِدُ الْأَصْلِيَّ وَكَانَ بِمَحَلِّهِ لِلْمُسَاوَاةِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فِي بَابِ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ كَزَائِدٍ بِجَنْبِهَا بِخِنْصَرٍ وَهُنَا الزَّائِدُ مُلْتَبِسٌ لَا يُعْلَمُ مَحَلُّهُ (قَوْلُهُ:، وَالتَّفَاوُتُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ السِّتَّةَ إذَا جُعِلَتْ أَثْلَاثًا كَانَ الثُّلُثُ اثْنَيْنِ وَإِذَا جُعِلَتْ أَرْبَاعًا كَانَ وَاحِدًا وَنِصْفَ سُدُسٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إلَخْ) رَجَّحَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ فَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ الْآتِي ضَعِيفٌ، أَوْ يُفَرَّقُ فَحَرِّرْ

ص: 53

رَقَبَتِهِ وَبَيْنَ التَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ السِّرَايَةِ كَمَا قَالَ (فَحَزَّ، أَوْ أَخَّرَ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَإِنْ شَاءَ عَجَّلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ وَلَوْ قَالَ الْجَانِي أَرِيحُونِي بِالْقَتْلِ، أَوْ بِالْعَفْوِ لَمْ يُجَبْ، أَوْ أَمْهِلُونِي مُدَّةَ حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ جِنَايَتِي فَكَذَلِكَ لِثُبُوتِ حَقِّ الْقَوَدِ نَاجِزًا (وَ) لِمُسْتَحِقِّ قَطْعِ الْأَطْرَافِ (الْقَطْعُ) لَهَا (وَلَا وَلَوْ لِمَنْ فَرَّقَهُ) أَيْ: الْقَطْعَ فِي جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ اجْتَمَعَتْ فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا وَلَاءً

(وَالْعَاصِي) أَيْ الْجَانِي (إنْ مَاتَ) بِسِرَايَةِ قَطْعِ طَرَفِهِ (قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سِرَايَةً (فَسِوَى قِصَاصِ) أَيْ: فَلَا يَقَعُ مَوْتُهُ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي مَعْنَى السَّلَفِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ (وَفِي الَّذِي يَتْرُكُ) أَيْ: وَفِي الْمَالِ الَّذِي يَتْرُكُهُ الْجَانِي (نِصْفَ الدِّيَةِ) إنَّ أَوْجَبَ الْقَطْعُ نِصْفَهَا (كَمَا فِي قَطْعِهِ يَدًا) فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ يَدَيْنِ، أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا فِيهِ الدِّيَةُ فَلَا شَيْءَ فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ هَذَا إنْ تَسَاوَيَا دِيَةً كَمَا قَدَّمْت نَظِيرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي الْيَدَيْنِ لَيْسَ شَيْءٌ إنْ عَفَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: قَبْلُ مَا لَوْ مَاتَ مَعَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ بَعْدَهُ فَيَقَعُ قِصَاصًا الطَّرَفُ بِالطَّرَفِ، وَالسِّرَايَةُ بِالسِّرَايَةِ وَلَوْ مَاتَ وَحْدَهُ بِالسِّرَايَةِ فَهَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ بِحَقٍّ فَلَا تُضْمَنُ سِرَايَتُهُ كَقَطْعِ السَّرِقَةِ (تَنْبِيهٌ)

لَوْ حَزَّ الْمَقْطُوعُ طَرَفَهُ رَقَبَةَ الْجَانِي، ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ سِرَايَةً وَقَعَ قِصَاصًا وَإِنْ انْدَمَلَ قُتِلَ قِصَاصًا وَفِي تَرِكَةِ الْجَانِي نِصْفُ الدِّيَةِ لِقَطْعِهِ الْيَدَ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ

(وَفِي) مَا يَتْرُكُهُ الْجَانِي إذَا مَاتَ بِقِصَاصٍ (مُوضِحَةِ) قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سِرَايَةً (تِسْعَةُ أَعْشَارٍ) مِنْ الدِّيَةِ (وَنِصْفُ عُشْرٍ مِنْهَا) لِاسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُ نِصْفَ عُشْرِهَا الْبَاقِي بِقِصَاصِ الْمُوضِحَةِ (كَفِي) أَيْ: لَا يَقَعُ مَوْتُ الْجَانِي قَبْلُ قِصَاصًا كَمَا فِي سِرَايَةِ (الْعَقْلِ) بِأَنْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَأَوْضَحَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَقَعُ قِصَاصًا فِي الْعَقْلِ بَلْ عَلَى الْجَانِي دِيَتُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَ) كَفِي (جِسْمٍ يَسْرِي) إلَى جِسْمِ آخَرَ كَأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَيْنِ لِغَيْرِهِ فَقَطَعَ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ أُصْبُعًا وَسَرَى الْقَطْعُ إلَى الْأُخْرَى، أَوْ أَوْضَحَ رَأْسَ غَيْرِهِ فَتَمَعَّطَ شَعْرُهُ فَاقْتَصَّ مِنْهُ فَتَمَعَّطَ شَعْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ الْأَجْسَامَ تُنَالُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهَا لَا تُعَدُّ قَصْدًا إلَى تَفْوِيتِهَا بِخِلَافِ سِرَايَةِ الْمَعَانِي كَأَنْ أَوْضَحَ غَيْرَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ مَثَلًا فَأَوْضَحَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَذَهَبَ سَمْعُهُ فَيَقَعُ قِصَاصًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَالُ بِالْجِنَايَةِ وَطَرِيقُ تَفْوِيتِهَا الْجِنَايَةُ عَلَى مَحَلِّهَا، أَوْ مُجَاوِرِهَا، وَالْعَقْلُ لَمَّا لَمْ يَوْثُقْ بِمَا يُزِيلُهُ أُلْحِقَ بِالْجِسْمِ (وَلَمْ يَجِبْ بِهَا) أَيْ: بِسِرَايَةِ الْجِسْمِ (الْقِصَاصُ) فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ غَيْرِهِ فَسَرَى إلَى الْكَفِّ بِتَآكُلِهَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ فِي مَحَلِّ السِّرَايَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ (وَكَفِي) قَتْلٍ، أَوْ قَطْعٍ لِلْجَانِي مِنْ مُسْتَحِقٍّ (ذِي خَطَإٍ) فِي قَتْلِهِ، أَوْ قَطَعَهُ فَلَا يَقَعُ قِصَاصًا بَلْ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي دِيَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذْ لَا تُشْفَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ وَلَا قَطْعَهُ وَمِثْلُهُ يُشْبِهُ الْعَمْدَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ خَفِيفٍ فَمَاتَ وَمَا ذُكِرَ فِي الْخَطَإِ الْمُلْحَقِ بِهِ شِبْهُ الْعَمْدِ هُوَ مَا فِي الْحَاوِي وَمُتَابَعِيهِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ هُنَا لَكِنَّهُمَا جَزَمَا بَعْدُ فِيهِ بِأَنَّهُ يَقَعُ قِصَاصًا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ

(وَ) كَقَتْلٍ، أَوْ قَطْعٍ لِلْجَانِي (مِنْ) مُسْتَحِقٍّ (سِوَى مُكَلَّفِ) فَلَا يَقَعُ قِصَاصًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَتَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بَرِئَ الْمُودِعُ وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي لَمْ يُبَرَّأْ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى الدِّيَةِ فَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْجَانِي وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ (وَ) اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ (دُونَ) إذْنِ (وَالٍ) فِيهِ (فَلْيَقَعْ) قِصَاصًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَا يَنْضَبِطُ وَلِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ، وَالْقَطْعِ (وَعُزِّرَا) عَلَى ذَلِكَ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْوَالِي وَارْتِكَابِهِ مَا لَا يَجُوزُ إذْ أَمْرُ الدِّمَاءِ خَطَرٌ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي إلَّا السَّيِّدَ فَيُقِيمُهُ عَلَى رَقِيقِهِ، وَالْمُسْتَحِقَّ الْمُضْطَرَّ فَيُقِيمُهُ عَلَى الْجَانِي لِيَأْكُلَهُ، وَالْمُنْفَرِدُ بِحَيْثُ لَا يُرَى فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَيُوَافِقُهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ حَدُّ قَذْفٍ، أَوْ تَعْزِيرٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ (كَفِعْلِهِ) أَيْ مُسْتَوْفِي الْقِصَاصِ (عَمْدًا سِوَى مَا أَمَرَا) بِهِ كَأَنْ أَمَرَهُ الْوَالِي بِحَزِّ الرَّقَبَةِ فَعَدَلَ إلَى الْقَدِّ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقَعُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَسِوَى قِصَاصٍ) أَيْ فَمَوْتُهُ غَيْرُ قِصَاصٍ (قَوْلُهُ: لَوْ حَزَّ الْمَقْطُوعُ طَرَفُهُ رَقَبَةَ الْجَانِي إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْعَاصِي إنْ مَاتَ قَبْلُ فَسِوَى قِصَاصٍ؟ وَالْجَوَابُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا وَقَعَ قِصَاصٌ أَنَّ سِرَايَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَقَعُ قِصَاصًا لِقَطْعِ رَقَبَةِ الْجَانِي فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَوْ انْدَمَلَ قَطْعُهُ قُتِلَ بِالْجَانِي فَإِذَا سَرَى وَقَعَتْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا عَنْ قَتْلِ الْجَانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَقَعَ قِصَاصًا) أَيْ: عَنْ قَتْلِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ: قُتِلَ قِصَاصًا أَيْ بِالْجَانِي

(قَوْلُهُ: أَيْ بِسِرَايَةِ الْجِسْمِ) الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَجِسْمٌ يَسْرِي (قَوْلُهُ: ذِي خَطَإٍ) يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ قَتَلَ الْجَانِي خَطَأً بِرّ (قَوْلُهُ: بَلْ تَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي إلَخْ) أَيْ وَتَجِبُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الْجَانِي كَمَا يَدُلُّ قَوْلُهُ الْآتِي فِي نَظِيرِهِ وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ الْجَانِي (قَوْلُهُ: دِيَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) هَلَّا قَالَ أَرْشُ جِنَايَتِهِ لِيَشْمَلَ تَحَمُّلَ أَرْشِ الْعُضْوِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَة قطع عُضْوٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ سِرَايَةٍ

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيَقَعْ) يُمْكِنُ كَوْنُ الْفَاءِ فَاءَ جَوَابِ، أَمَّا مَحْذُوفٌ أَيْ، وَأَمَّا اسْتِيفَاءُ الْقَاصِّ دُونَ إذْنٍ فَلْيَقَعْ كَمَا قِيلَ: فِي {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] أَيْ: وَ، أَمَّا رَبَّك فَكَبِّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْزِيرًا) فِيهِ حَمْلُ الْحَدِّ عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّعْزِيرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا إلَخْ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ لَهُ اسْتِيفَاءً وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إثْبَاتِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا عَجَزَ اهـ.

ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ اهـ.

بج

ص: 54

قِصَاصًا وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ (، وَ) لَوْ فَعَلَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ وَادَّعَى كَوْنَهُ (خَطَأً) وَأَمْكَنَ عَادَةً بِأَنْ أَمَرَهُ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ فَضَرَبَ كَتِفَهُ، أَوْ رَأْسَهُ مِمَّا يَلِيهَا (يَعْزِلُهُ) ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُخْطِئَ ثَانِيًا وَيُحَلِّفُهُ وَلَا يُعَزِّرُهُ إذَا حَلَفَ قَالَ الْإِمَامُ: وَيَنْبَغِي إذَا عُرِفَتْ مَهَارَتُهُ فِي ضَرْبِ الرِّقَابِ أَنْ لَا يَعْزِلَهُ بِخَطَإٍ اتَّفَقَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَأَنْ ضَرَبَ رِجْلَهُ، أَوْ وَسَطَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ لَكِنْ يُعَزِّرُهُ وَلَا يَحْلِفُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ عَزْلِهِ بِالْخَطَإِ أَنَّهُ لَا يُعْزَلُ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَجَعَلَا) أَيْ: الْوَالِي جَوَازًا اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى مُسْتَحِقِّهِ إنْ رَآهُ أَهْلًا لِاسْتِيفَائِهِ وَإِلَّا أَمَرَهُ بِالِاسْتِنَابَةِ (أَمَّا الْجَلْدُ) حَدًّا، أَوْ تَعْزِيرًا (وَالْقَطْعُ) لِطَرَفٍ (فَلَا) يَجْعَلُهُمَا إلَيْهِ لِتَفَاوُتِ تَأْثِيرِ الْجَلَدَاتِ، وَقَدْ يَزِيدُ فِي الْإِيلَامِ لِلتَّشَفِّي وَفِي الْقَطْعِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُرَدِّدَ الْحَدِيدَةَ وَيَزِيدُ فِي الْإِيلَامِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ مَضْبُوطٌ وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَالِي إذَا فَوَّضَ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ أَنْ يُحْضِرَ اسْتِيفَاءَهُ عَدْلَيْنِ لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ وَأَنْ يُسْتَوْفَى بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِيَنْتَشِرَ الْخَبَرُ فَيَحْصُلَ الزَّجْرُ وَيَتَفَقَّدُ الْآلَةَ لِئَلَّا تَكُونَ كَالَّةً إذْ لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَتَلَ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ الْمُحَرَّمِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ»

(بِإِذْنِ كَافِرٍ قَرِيبٍ يَقْبِضُ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالٍ) أَيْ: وَيَقْبِضُ الْوَالِي الْقِصَاصَ أَيْ يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِ بِإِذْنِ قَرِيبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْكَافِرِ فَلَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ اقْتَصَّ الْوَالِي مِنْهُ بِإِذْنِ قَرِيبِ الْقَتِيلِ الْوَارِثِ لَهُ (وَلَا يُفَوِّضُ) إلَيْهِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَأَجْرُ مَنْ يَحُدُّهُ) الْجَلَّادُ بِارْتِكَابِهِ مَا يُوجِبُ حَدًّا، أَوْ تَعْزِيرًا لِلَّهِ تَعَالَى (أَوْ يَجْلِدُ) بِارْتِكَابِ مَا يُوجِبُ قِصَاصًا، أَوْ حَدَّ قَذْفٍ، أَوْ تَعْزِيرَ آدَمِيٍّ يُؤْخَذُ (مِمَّنْ جَنَى) إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ فَلَزِمَتْهُ كَأُجْرَةِ كَيَّالِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأُجْرَةِ وَزَّانِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَعَذَّرَ الْآخَرُ أَيْضًا اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، أَوْ سَخَّرَ مَنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: وَأُفْرِدَ الْحَدُّ بِالذِّكْرِ إشَارَةً إلَى اخْتِلَافِ النَّصَّيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَقَدْ نَصَّ فِي الْقِصَاصِ عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْجَانِي وَفِي الْحَدِّ عَلَى أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَرَّرَهُمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْجَانِيَ مَأْمُورٌ بِالْإِقْرَارِ بِالْجِنَايَةِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مُوجِبَهَا فَكَانَتْ مُؤْنَةُ الْوَفَاءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَحْدُودِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مُوجِبَاتِ الْحُدُودِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ وَخَرَّجَ وَجَعَلَ الْأَصَحَّ فِيهِمَا وَاحِدًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ

(وَصِينَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ اسْتِيفَاءِ مَا ذُكِرَ (الْمَسْجِدُ) الْحَرَامُ وَغَيْرُهُ فَيُخْرَجُ مِنْهُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيُسْتَوْفَى خَارِجَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِيهِ حَرَامٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَمَا فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُخَفْ التَّلْوِيثُ (مُنْتَظِرًا) لِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرِ الْآدَمِيِّ (تَكْلِيفَ نَحْوِ الطِّفْلِ) مِنْ مَجْنُونٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ لَا مِنْ الْجُنَاةِ (وَعَوْدَ غَائِبٍ) مِنْهُمْ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُكَلَّفُونَ، وَالْحَاضِرُونَ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّ غَيْرِهِمْ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَمَّا فِيهِ فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ (وَ) مُنْتَظِرُ الِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ وَلَوْ فِي الطَّرَفِ (وَضْعَ الْحَمْلِ) أَيْ: حَمْلِ الْجَانِيَةِ لِمَا فِي اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ مِنْ هَلَاكِ الْجَنِينِ، أَوْ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زِنًا، أَمْ لَا حَدَثَ بَعْدَ وُجُوبِ الْعُقُوبَةِ، أَوْ قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ حَمَلَتْ الْمُرْتَدَّةُ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ الرِّدَّةِ لَا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ وَيُكْتَفَى فِي دَعْوَى الْحَمْلِ (بِالْقَوْلِ مِنْهَا) وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَا يُوجِبُ قِصَاصًا) فِيهِ حَمْلُ الْجَلْدِ عَلَى مَا يَشْمَلُ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ جَنَى) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ قَالَ: أَيْ: الْجَانِي أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي أَيْ: وَلَا أُؤَدِّي الْأُجْرَةَ مُنِعَ فَإِنْ أُجِيبَ فَهَلْ يُجْزِئُ؟ وَجْهَانِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الثَّانِيَ أَيْ: الْإِجْزَاءَ صَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ لِحُصُولِ الزَّهُوقِ وَإِزَالَةِ الطَّرَفِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُؤْلِمُ نَفْسَهُ وَيُوهِمُ الْإِيلَامَ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلسَّارِقِ فَقَطَعَ يَدَهُ جَازَ وَيُجْزِئُ اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ نَاقَضَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) فَلَوْ امْتَنَعَ الْإِمَامُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ) عَلَى الْجَانِي، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ، وَالثَّانِي قِيَاسُ مَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَمُنْتَظِرًا لِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ) هَذِهِ الْإِشَارَةُ شَامِلَةٌ لِحَدِّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرِ الْآدَمِيِّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ بَالَغَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ فِي الطَّرَفِ؟ وَهَلَّا قَالَ وَلَوْ فِي التَّعْزِيرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ) هُوَ مُسَلَّمٌ إنْ ظَهَرَتْ الْمَخَايِلُ م ر (قَوْلُهُ: بِلَا ثَبْتٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ ثَبْتٌ بِأَنْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ مَا دَامَتْ الْقَرَائِنُ قَائِمَةً وَلَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي مَنْعَ الزَّوْجِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مَحَلُّ مَنْعِهِ إذَا زَعَمَتْ الْحَبَلَ، أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُتَّجَهُ عَدَمُ مَنْعِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) وَهُوَ أَنَّهَا بَعْدَ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عَلَى الْجَانِي سَوَاءٌ الْجِنَايَةُ بِمُوجِبِ قَوَدٍ، أَوْ حَدٍّ عِنْدَ عَدَمِ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْهُ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ مِنْهُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا التَّخْرِيجُ، وَالتَّصْحِيحُ إلَى مَعُونَةٍ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمُتَأَمِّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ) لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ

ص: 55

مَخَايِلُهُ وَلَمْ تَشْهَدْ بِهِ الْقَوَابِلُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَمَارَاتِهِ مَا يَخْتَصُّ بِالْحَامِلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِلَا يَمِينٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْجَنِينُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا أَدْرِي أَيُؤْمَرُونَ بِالصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ مُدَّةِ الْحَمْلِ، أَوْ إلَى ظُهُورِ الْمَخَايِلِ وَإِلَّا ظَهَرَ الثَّانِي فَإِنَّ التَّأْخِيرَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ بِلَا ثَبْتٍ، بَعِيدٌ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ فَإِذَا ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ بِالِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا اُقْتُصَّ مِنْهَا

وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ الْوَطْءِ لِئَلَّا يَقَعَ حَمْلٌ يَمْنَعُ مِنْ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ يَطَؤُهَا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ مَوْجُودٌ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهَا إذَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا عَادَةً فَلَوْ كَانَتْ آيِسَةً لَمْ تُصَدَّقْ وَيُنْتَظَرُ أَيْضًا بَعْدَ الْوَضْعِ سَقْيُهَا الْوَلَدَ اللِّبَأ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ عَيْشُهُ وَلَا يَقْوَى بِدُونِهِ غَالِبًا (مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَهْ) مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ شُرْبُ لَبَنِهَا احْتِيَاطًا لِلْوَلَدِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَكَوُجُودِ الْمُرْضِعَةِ فَطْمُهُ لِحَوْلَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَضَرَّرَ بِفَطْمِهِ قَبْلَهُمَا وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ قَبْلَهُمَا وَفُطِمَ بِتَوَافُقِ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ بِرِضَى السَّيِّدِ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ جَازَ الِاسْتِيفَاءُ حِينَئِذٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ عِنْدَهُمَا اُنْتُظِرَ احْتِمَالُهُ الْفَطْمَ بَعْدَهُمَا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ أَنَّهَا لَوْ وُجِدَتْ وَامْتَنَعَتْ مَعَ الْإِرْضَاعِ لَمْ يُؤَخَّرْ الِاسْتِيفَاءُ بَلْ يُجْبِرُهَا الْإِمَامُ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِالْأُجْرَةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَالْفَطْمِ فِي الْحَدِّ) أَيْ وَمُنْتَظِرُ فَطْمَ الْوَلَدِ وَإِنْ وُجِدَتْ مُرْضِعَةٌ أُخْرَى (وَكَافِلٌ مَعَهْ) يَكْفُلُهُ بَعْدَ فَطْمِهِ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَلِهَذَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الْمُقِرِّ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ خَبَرُ الْغَامِدِيَّةِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: زَنَيْت فَطَهِّرْنِي وَوَاللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى قَالَ: فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ وَقَالَتْ هَذَا قَدْ وَلَدْته فَقَالَ: اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِهِ فِي يَدِهِ كِسْرَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ فَطَمْته فَدَفَعَهُ صلى الله عليه وسلم إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِرَجْمِهَا»

(وَفِي سِوَى الْحَدِّ) الَّذِي لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ قَوَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ (لِيُحْبَسْ) فِي صُوَرِ الِانْتِظَارِ الْجَانِي مِنْ حَامِلٍ وَغَيْرِهَا إلَى اسْتِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ وَلَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ حِفْظًا لِلْحَقِّ أَمَّا حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا حَبْسَ فِيهِ لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَالْوَلِيّ وَجَالِدٌ) لَوْ عَطَفَ بِأَوْ كَمَا فِي الْحَاوِي كَانَ أَوْلَى أَيْ، وَالْوَلِيُّ، أَوْ الْجَلَّادُ (إنْ بِالْإِمَامِ) أَيْ بِإِذْنِهِ (يُقْتَل) الْحَامِلُ، أَوْ يُقْطَعُ طَرَفُهَا أَوْ يَحُدُّهَا فَتُلْقِي جَنِينًا (فَعَاقِلُ الْإِمَامِ بِالْغُرَّةِ قَدْ كُلِّفَ) إنْ عَلِمَ هُوَ، وَالْمُبَاشِرُ لِذَلِكَ بِالْحَمْلِ، أَوْ جَهِلَاهُ، أَوْ عَلِمَ بِهِ دُونَ الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهِ، وَالْبَحْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْآمِرُ بِذَلِكَ، وَالْمُبَاشِرُ كَالْآلَةِ لَهُ لِصُدُورِ فِعْلِهِ عَنْ رَأْيِهِ وَبَحْثِهِ (لَا حَيْثُ بِجَهْلِهِ) أَيْ: الْحَمْلِ (انْفَرَدْ) أَيْ: الْإِمَامُ فَلَا غُرَّةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَلْ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُبَاشِرِ لِانْفِرَادِهِ بِالْعِلْمِ، وَالْمُبَاشَرَةِ (وَالْإِثْمُ) دَائِرٌ (فِي) أَيْ: مَعَ (الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ: بِالْحَمْلِ فَمَنْ عَلِمَ بِهِ أَثِمَ وَمَنْ لَا فَلَا (وَحَتَّى تَسْقُطَ فَوْقَى أَنْمُلٍ لِلتَّحْتَا) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَسُقُوطُ الْعُلْيَا لِلْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى لَكِنَّ ذَاكَ أَحْسَنُ تَرْكِيبًا أَيْ: وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُ الْأُنْمُلَةِ الْفَوقَى مِنْ الْجَانِي لِلْقَوَدِ مِنْهُ فِي الْأُنْمُلَةِ التَّحْتَاءِ حَيْثُ قَطَعَهَا مِمَّنْ لَا فُوقى لَهُ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ حَالًا مَعَ بَقَاءِ الْفَوقَى وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْحَامِلِ فَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهَا، أَوْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ إنْ عَفَا وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَفَوْقًا وَتَحْتًا بِوَزْنِ فَعَلَى بِفَتْحِ الْفَاءِ

(فَرْعٌ)

يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهِ ثَابِتٌ وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْجَرْحِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ يَجِبُ تَأْخِيرُ طَلَبِهِ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَقَدْ تَعُودُ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ إلَى وَاحِدَةٍ بِالسِّرَايَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ حَامِلٍ وَغَيْرِهَا) لَكِنَّ حَبْسَ الْحَامِلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَطَلَبُ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا لَا يَتَوَقَّفُ حَبْسُهُ عَلَى طَلَبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا حَبْسَ فِيهِ) ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ غَيْرِهِ حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْإِمَامُ: إطْلَاقُ عَدَمِ الْحَبْسِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعِيدٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حُبِسَ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ فَلَا بِرّ (قَوْلُهُ: بِالْحَمْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَلِمَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ) أَيْ: إنْ كَانَ هُنَاكَ مَخِيلَةٌ وَإِلَّا فَلَا تُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ اهـ.

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ: إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ تَصْدِيقَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَخِيلَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ مِنْ الْقِصَاصِ) أَيْ: بِأَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْوَطْءُ وَطَالَ الزَّمَنُ وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهَا حَتَّى وَلَدَتْ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَيَجُوزُ أَنْ تَحْبَلَ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الثَّانِي فَيُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ إلَى الْوِلَادَةِ وَهَكَذَا اهـ.

بج (قَوْلُهُ: فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ مَوْجُودٌ) أَيْ احْتِمَالُهُ بَعْدَ كُلِّ وَطْءٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ ظُهُورُ الْمَخَايِلِ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ إلَى فَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِتَوَافُقِ الْأَبَوَيْنِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَا عِبْرَةَ بِالتَّوَافُقِ عَلَى النَّقْصِ، أَوْ الزِّيَادَةِ بَلْ يَجُوزُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّ وَيُؤَخَّرُ عَنْهُمَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: أَحْسَنُ تَرْكِيبًا) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ حَتَّى تُسْقِطُ مَعْمُولَ لِمُنْتَظَرٍ، وَالْمُنْتَظَرُ هُوَ السُّقُوطُ لَا حَتَّى السُّقُوطِ تَدَبَّرْ

ص: 56