الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْقَادِرِ عَلَى فِعْلِ الْوَطْءِ، وَلِهَذَا أُمِرَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصُومَ فَإِنَّهُ وِجَاءٌ.
وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ هَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ وَيَتَزَوَّجَ؟ فِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] .
وَأَمَّا الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَهُوَ الْقَائِمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَجَاءَ أُنَاسٌ فَأَخَذُوهَا مِنْ بَيْتِهِ وَنَهَبُوهُ]
467 -
69 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَعَدَتْ مَعَهُ أَيَّامًا وَجَاءَ أُنَاسٌ ادَّعَوْا أَنَّهَا فِي الْمَمْلَكَةِ، وَأَخَذُوهَا مِنْ بَيْتِهِ وَنَهَبُوهُ، وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَهِيَ حَامِلٌ؟ .
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إذَا لَمْ يُبَيَّنْ لِلزَّوْجِ أَنَّهَا أَمَةٌ بَلْ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا مُطْلَقًا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَظَنَّ أَنَّهَا حُرَّةٌ، أَوْ قِيلَ لَهُ: إنَّهَا حُرَّةٌ، فَهُوَ مَغْرُورٌ وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ لَا رَقِيقٌ. وَأَمَّا النِّكَاحُ فَبَاطِلٌ، إذَا لَمْ يُجِزْهُ السَّيِّدُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ صَحَّ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، بَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِكَاحٍ جَدِيدٍ.
وَأَمَّا إنْ ظَهَرَتْ حَامِلًا مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ بِلَا رَيْبٍ، وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، بَلْ كُلُّ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِهِ رُدَّ إلَيْهِ.
[مَسْأَلَةٌ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا]
468 -
70 - مَسْأَلَةٌ:
عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ
وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ:«الْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَصَمْتُهَا إقْرَارُهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْت لَهُ: فَإِنَّهَا تَسْتَحِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَلِكَ إذْنُهَا إذَا هِيَ سَكَتَتْ» .
وَعَنْ خَنْسَاءَ ابْنَةِ خِذَامٍ، أَنَّ «أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ نِكَاحَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؟
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله: فَالْمَرْأَةُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا، إلَّا بِإِذْنِهَا كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَرِهَتْ ذَلِكَ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى النِّكَاحِ، إلَّا الصَّغِيرَةُ الْبِكْرُ، فَإِنَّ أَبَاهَا يُزَوِّجُهَا وَلَا إذْنَ لَهَا.
وَأَمَّا الْبَالِغُ الثَّيِّبُ فَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لَا لِلْأَبِ وَلَا لِغَيْرِهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ الْبَالِغُ لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُهَا بِدُونِ إذْنِهَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
فَأَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَيَنْبَغِي لَهُمَا اسْتِئْذَانُهَا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِئْذَانِهَا، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَاجِبٌ.
وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا بِهِ، وَيَنْظُرَ فِي الزَّوْجِ هَلْ هُوَ كُفُؤٌ أَوْ غَيْرُ كُفُؤٍ؟ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهَا لِمَصْلَحَتِهَا لَا لِمَصْلَحَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِزَوْجٍ نَاقِصٍ لِغَرَضٍ لَهُ، مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُوَلِّيَةَ ذَلِكَ الزَّوْجِ بَدَلَهَا، فَيَكُونُ مِنْ جِنْسِ الشِّغَارِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ يُزَوِّجُهَا بِأَقْوَامٍ يُخَالِفُهُمْ عَلَى أَغْرَاضٍ لَهُ فَاسِدَةٍ، أَوْ