الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، وَإِنْ اشْتَبَهَ أَمْرُهُ فَلَا بَأْسَ بِتَنَاوُلِ الْيَسِيرِ مِنْهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، مِثْلُ تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ. وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَنُوحُ عَلَى الْقَبْرِ وَالنِّسَاءُ مُكْشِفَاتُ الْوُجُوهِ]
397 -
37 - سُئِلَ: عَمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَنُوحُ عَلَى الْقَبْرِ، وَيَذْكُرُ شَيْئًا لَا يَلِيقُ. وَالنِّسَاءُ مُكْشِفَاتُ الْوُجُوهِ، وَالرِّجَالُ حَوْلَهُمْ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. النِّيَاحَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ. عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْمَعْرُوفِينَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ النَّائِحَةَ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا فَإِنَّهَا تَلْبَسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دِرْعًا مِنْ جَرَبٍ، وَسِرْبَالًا مِنْ قَطِرَانٍ» وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ: «أَنَّهُ لَعَنَ النَّائِحَةَ، وَالْمُسْتَمِعَةَ» . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» .
وَكَشْفُ النِّسَاءِ وُجُوهَهُنَّ بِحَيْثُ يَرَاهُنَّ الْأَجَانِبُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنْ هَذَا الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِهِ، وَمَنْ لَمْ يَرْتَدِعْ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَزْجُرُهُ، لَا سِيَّمَا النَّوْحُ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ الْقُبُورِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي يَكْرَهُهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، مِنْ الْجَزَعِ وَالنَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ وَإِيذَاءِ الْمَيِّتِ، وَفِتْنَةِ الْحَيِّ وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَتَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِنْ الصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ، وَفِعْلِ أَسْبَابِ الْفَوَاحِشِ، وَفَتْحِ بَابِهَا، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْهَوْا عَنْهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا]
398 -
38 - مَسْأَلَةٌ:
مَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ". وَهَلْ يَتَكَلَّمُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: وَأَمَّا لَفْظُ الْحَدِيثِ: «اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا
قُبُورًا» يَعْنِي: أَنَّ الْقُبُورَ مَوْضِعُ الْمَوْتَى، فَإِذَا لَمْ تُصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَلَمْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا كُنْتُمْ كَالْمَيِّتِ، وَكَانَتْ كَالْقُبُورِ، فَإِنَّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَاَلَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ كَمَثَلِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» . وَفِي لَفْظٍ: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَاَلَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» .
وَأَمَّا سُؤَالُ السَّائِلِ: هَلْ يَتَكَلَّمُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ؟ فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ، وَقَدْ يَسْمَعُ أَيْضًا مَنْ كَلَّمَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إنَّهُمْ يَسْمَعُونَ قَرْعَ نِعَالِهِمْ» . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: «أَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّك؟ وَمَا دِينُك؟ وَمَنْ نَبِيُّك؟ فَيُثَبِّتُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي. وَالْإِسْلَامُ دِينِي وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي - وَيُقَالُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ» .
«وَهَذَا تَأْوِيلُ قَوْله تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] . وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ» . وَكَذَلِكَ يَتَكَلَّمُ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: آهْ آهْ لَا أَدْرَى سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْته، فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانُ. وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ، أَنَّهُ قَالَ:«لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَسَأَلْت اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ مِثْلَ الَّذِي أَسْمَعُ» . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ نَادَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا أَلْقَاهُمْ فِي الْقَلِيبِ، قَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» . وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مُنْتَشِرَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.