الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِمَّتَهُ، وَتَعَرَّضَ لِنَقْصِ حَسَنَاتِهِ، وَارْتِهَانِهِ بِالدَّيْنِ؛ وَأَهْلُ الْمَرْأَةِ قَدْ آذَوْا صِهْرَهُمْ وَضَرُّوهُ.
[الْمُسْتَحَبُّ فِي الصَّدَاقِ]
وَالْمُسْتَحَبُّ فِي " الصَّدَاقِ " مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ: أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا بَنَاتِهِ، وَكَانَ مَا بَيْنَ أَرْبَعِمِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ. بِالدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ، نَحْوًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا. فَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَنَّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَاقِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «كَانَ: صَدَاقُنَا إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرُ أَوَاقٍ، وَطَبَّقَ بِيَدَيْهِ. وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَهَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد فِي سُنَنِهِ.
وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: «قُلْت لِعَائِشَةَ: كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. قَالَتْ أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قُلْت: لَا. قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ: فَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ «صَدَاقَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ» ، فَمَنْ دَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَى أَنْ يَزِيدَ صَدَاقَ ابْنَتِهِ عَلَى صَدَاقِ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّوَاتِي هُنَّ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ فِي كُلِّ فَضِيلَةٍ، وَهُنَّ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فِي كُلِّ صِفَةٍ: فَهُوَ جَاهِلٌ أَحْمَقُ. وَكَذَلِكَ صَدَاقُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ. فَأَمَّا الْفَقْرُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَصْدُقَ الْمَرْأَةَ إلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ.
[تَعْجِيلُ الصَّدَاقِ كُلِّهِ لِلْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ]
وَالْأَوْلَى تَعْجِيلُ الصَّدَاقِ كُلِّهِ لِلْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا أَمْكَنَ، فَإِنْ قَدَّمَ الْبَعْضَ وَأَخَّرَ الْبَعْضَ: فَهُوَ جَائِزٌ. وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ الطَّيِّبُ يُرَخِّصُونَ الصَّدَاقَ. فَتَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالُوا: وَزْنُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ. وَزَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بِنْتَه عَلَى دِرْهَمَيْنِ، وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ أَيِّمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، بَعْدَ أَنْ خَطَبَهَا الْخَلِيفَةُ لِابْنِهِ فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهِ. وَاَلَّذِي نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ تَكْثِيرِ صَدَاقِ النِّسَاءِ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ اتَّسَعَ عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا يَجْعَلُونَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَمْ يَكُونُوا يُؤَخِّرُونَ مِنْهُ شَيْئًا. وَمَنْ كَانَ لَهُ يَسَارٌ وَوَجَدَ فَأَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ امْرَأَتَهُ صَدَاقًا كَثِيرًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]