الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَقْبُحُ، فَإِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتَكَلَّمُونَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ حِينَ كَانَ يَطَؤُهَا وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا، حَتَّى إذَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَخَذُوا يَسْعَوْنَ فِيمَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ حَتَّى لَا يُقَالُ: إنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ، وَهَذَا مِنْ الْمُضَادَّةِ لِلَّهِ فِي أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ حِينَ كَانَ الْوَطْءُ حَرَامًا لَمْ يَتَحَرَّ، وَلَمْ يَسْأَلْ، فَلَمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ أَخَذَ يَسْأَلُ عَمَّا يُبَاحُ بِهِ الْوَطْءُ وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ فِي الْمُحَرَّمِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ فَاسِقٌ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ نِكَاحُهَا الْأَوَّلُ صَحِيحًا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَاقِعٌ، وَالْوَطْءُ قَبْلَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِيهِ حَرَامًا، وَهَذَا الزَّوْجُ لَمْ يَتُبْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا سَأَلَ حِينَ طَلَّقَ لِئَلَّا يَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ فَكَانَ سُؤَالُهُمْ عَمَّا بِهِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ الْأَوَّلُ، لِأَجْلِ اسْتِحْلَالِ الْوَطْءِ الثَّانِي.
وَهَذِهِ الْمُضَادَّةُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالسَّعْيُ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيَجْتَنِبْهَا، وَلْيَحْفَظْ حُدُودَ اللَّهِ، فَإِنَّ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ لَهَا أَبٌ وَأَخٌ وَوَكِيلُ أَبِيهَا فِي النِّكَاحِ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ]
412 -
14 - مَسْأَلَةٌ:
فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَبٌ وَأَخٌ وَوَكِيلُ أَبِيهَا فِي النِّكَاحِ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ، فَذَهَبَ إلَى الشُّهُودِ، وَغَيَّرَتْ اسْمَهَا وَاسْمَ أَبِيهَا، وَادَّعَتْ أَنَّ لَهَا مُطَلِّقًا يُرِيدُ تَجْدِيدَ النِّكَاحِ، وَأَحْضَرَتْ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا ذَكَرَ أَنَّهُ أَخُوهَا، فَكَتَبَتْ الشُّهُودُ كِتَابَهَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَ مَا فَعَلَتْهُ، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَهَلْ يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ؟ وَهَلْ يَجِبُ تَعْزِيرُ الْمُعَرِّفِينَ، وَاَلَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهَا، وَاَلَّذِي عَرَّفَ الشُّهُودَ بِمَا ذُكِرَ؟ وَهَلْ يَخْتَصُّ التَّعْزِيرُ بِالْحَاكِمِ أَوْ يُعَزِّرُهُمْ وَلِيُّ الْأَمْرِ مَنْ يَحْتَسِبُ وَغَيْرُهُ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، يُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا لَوْ عَزَّرَهَا وَلِيُّ الْأَمْرِ مَرَّاتٍ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، كَمَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُكَرِّرُ التَّعْزِيرَ فِي الْفِعْلِ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، فَكَانَ يُعَزِّرُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِائَةً، وَفِي الثَّانِي مِائَةً، وَفِي الثَّالِثِ مِائَةً، يُفَرِّقُ التَّعْزِيرُ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى فَسَادِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ ادَّعَتْ إلَى غَيْرِ أَبِيهَا، وَاسْتَخْلَفَتْ أَخَاهَا، وَهَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعْدٍ وَأَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» .
وَثَبَتَ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ إلَّا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، وَمَنْ رَمَى رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا جَارَ عَلَيْهِ» .
وَهَذَا تَغْلِيظٌ عَظِيمٌ يَقْتَضِي أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً عَظِيمَةً يَسْتَحِقُّ فِيهَا مِائَةَ سَوْطٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الشُّهُودِ وَأَوْقَعَتْهُمْ فِي الْعُقُودِ الْبَاطِلَةِ، وَنَكَحَتْ نِكَاحًا بَاطِلًا، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَاطِلٌ، يُعَزِّرُونَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.
بَلْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يُقِيمُونَ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ بِالرَّجْمِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ جَوَّزَ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يُجَوِّزْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ الْكَاذِبِ وَإِقَامَةِ الْوَلِيِّ الْبَاطِلِ، فَكَانَ عُقُوبَةُ هَذِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعَاقَبَ أَيْضًا عَلَى كَذِبِهَا، وَكَذَلِكَ الدَّعْوَى أَنَّهُ كَانَ زَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا، وَيُعَاقَبُ الزَّوْجُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهَا يُعَاقَبُ عَلَى هَذَيْنِ الرِّيبَتَيْنِ.
وَأَمَّا الْمُعَرِّفُونَ بِهِمْ يُعَاقَبُونَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِالنَّسَبِ لَهَا وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّطْلِيقِ وَعَدَمِ وَلِيٍّ حَاضِرٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَالَغَ فِي عُقُوبَةِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ