الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُدُودَ اللَّهِ فِيهَا، وَنَهَاهَا أَبُوهَا عَنْ طَاعَتِهِ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهَا أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا دُونَ أَبَوَيْهَا، فَإِنَّ الْأَبَوَيْنِ هُمَا ظَالِمَانِ، لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَنْهَيَاهَا عَنْ طَاعَةِ مِثْلِ هَذَا الزَّوْجِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطِيعَ أُمَّهَا فِيمَا تَأْمُرُهَا بِهِ مِنْ الِاخْتِلَاعِ مِنْهُ أَوْ مُضَاجَرَتِهِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، مِثْلُ أَنْ تُطَالِبَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالصَّدَاقِ بِمَا تَطْلُبُهُ لِيُطَلِّقَهَا، فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُطِيعَ وَاحِدًا مِنْ أَبَوَيْهَا فِي طَلَاقِهِ إذَا كَانَ مُتَّقِيًا لِلَّهِ فِيهَا.
فَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَصَحِيحِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ غَيْرَ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «الْمُخْتَلِعَاتُ وَالْمُتَبَرِّعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» .
وَأَمَّا إذَا أَمَرَهَا أَبَوَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِمَا فِيهِ طَاعَةٌ لِلَّهِ، مِثْلُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَنَهَوْهَا عَنْ تَبْذِيرِ مَالِهَا، وَإِضَاعَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا أَمَرَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ نَهَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُ، فَعَلَيْهَا أَنْ تُطِيعَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ أَبَوَيْهَا، فَكَيْفَ إذَا كَانَ مِنْ أَبَوَيْهَا؟
وَإِذَا نَهَاهَا الزَّوْجُ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ، أَوْ أَمَرَهَا بِمَا نَهَى اللَّه عَنْهُ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطِيعَهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إنَّهُ «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» بَلْ الْمَالِكُ لَوْ أَمَرَ مَمْلُوكَهُ بِمَا فِيهِ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُطِيعَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُطِيعَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا، أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهَا فِي مَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
[مَسْأَلَةٌ مُتَزَوِّج بِامْرَأَتَيْنِ يَجْتَمِعُ بِإِحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبَتِهَا]
487 -
89 - مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَتَيْنِ، وَإِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا وَيَكْسُوهَا وَيُعْطِيهَا وَيَجْتَمِعُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبَتِهَا؟ .
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» . فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ فِي الْقَسْمِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَاتَ عِنْدَ الْأُخْرَى بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُفَضِّلُ إحْدَاهُمَا فِي الْقَسْمِ، لَكِنْ إنْ كَانَ يُحِبُّهَا أَكْثَرَ وَيَطَؤُهَا أَكْثَرَ فَهَذَا لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129] أَيْ: فِي الْحُبِّ وَالْجِمَاعِ.
وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، فَيَقُولُ: هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» . يَعْنِي: الْقَلْبَ.
وَأَمَّا الْعَدْلُ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَهُوَ السُّنَّةُ أَيْضًا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فِي النَّفَقَةِ، كَمَا كَانَ يَعْدِلُ فِي الْقِسْمَةِ مَعَ تَنَازُعِ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ، هَلْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ مُسْتَحَبًّا لَهُ؟ وَتَنَازَعُوا فِي الْعَدْلِ فِي النَّفَقَةِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَوُجُوبُهُ أَقْوَى وَأَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَهَذَا الْعَدْلُ مَأْمُورٌ بِهِ مَا دَامَتْ زَوْجَةً، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اصْطَلَحَ هُوَ وَاَلَّتِي يُرِيدُ طَلَاقَهَا عَلَى أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ بِلَا قَسْمٍ وَهِيَ رَاضِيَةٌ ذَلِكَ جَازَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ