الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا، فَتَقُولُ: لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ يَوْمِي، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ سَوْدَةَ، فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَأَمْسَكَهَا بِلَا قِسْمَةٍ» ، وَكَذَلِكَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ جَرَى لَهُ نَحْوُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ إنَّ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِيهِ
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ بِنْتًا عُمْرُهَا عَشْرُ سِنِينَ]
488 -
90 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِنْتًا عُمْرُهَا عَشْرُ سِنِينَ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا أَنْ يَسْكُنَ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَنْقُلَهَا عَنْهُمْ، وَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ، فَأَخَذَهَا إلَيْهِ وَأَخْلَفَ ذَلِكَ وَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ الدَّايَاتُ أَنَّهُ نَقَلَهَا، ثُمَّ سَكَنَ بِهَا فِي مَكَان يَضْرِبُهَا فِيهِ الضَّرْبَ الْمُبَرِّحَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَافَرَ بِهَا، ثُمَّ حَضَرَ بِهَا وَمَنَعَ أَنْ يَدْخُلَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا مَعَ مُدَاوَمَتِهِ عَلَى ضَرْبِهَا، فَهَلْ يَحِلُّ أَنْ تَدُومَ مَعَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؟ .
الْجَوَابُ: إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَلَا يَحِلُّ إقْرَارُهَا مَعَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، بَلْ إذَا تَعَذَّرَ أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالْمَعْرُوفِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَطْئًا يَضُرُّ بِهَا، بَلْ إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْعُدْوَانِ عَلَيْهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
489 -
91 - مَسْأَلَةٌ: فِي حَدِيثٍ عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ كَفَّ لَامِسٍ» . فَهَلْ هُوَ مَا تَرُدُّ نَفْسَهَا عَنْ أَحَدٍ؟ أَوْ مَا تَرُدُّ يَدَهَا فِي الْعَطَاءِ عَنْ أَحَدٍ؟ وَهَلْ هُوَ الصَّحِيحُ أَمْ لَا؟ .
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرُدُّ طَالِبَ مَالٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَسِيَاقَهُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ اعْتَقَدَ ثُبُوتَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا مَعَ كَوْنِهَا لَا تَمْنَعُ الرِّجَالَ، وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:{الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ، «أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْبَغَايَا يُقَالُ لَهَا عَنَاقٌ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَزَوُّجِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ» . وَقَدْ قَالَ سبحانه وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25] .
فَإِنَّمَا أَبَاحَ اللَّهُ نِكَاحَ الْإِمَاءِ فِي حَالِ كَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ، وَالْمُسَافِحَةُ الَّتِي تُسَافِحُ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ، وَالْمُتَّخِذَاتُ الْخِدْنِ الَّتِي يَكُونُ لَهَا صَدِيقٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا كَانَ مَنْ هَذِهِ حَالُهَا لَا تُنْكَحُ، فَكَيْفَ بِمَنْ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ؟ بَلْ تُسَافِحُ مَعَ مَنْ اتَّفَقَ،، وَإِذَا كَانَ مَنْ هَذِهِ حَالُهَا فِي الْإِمَاءِ، فَكَيْفَ بِالْحَرَائِرِ؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5] ، فَاشْتَرَطَ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي الرِّجَالِ هُنَا كَمَا اشْتَرَطَهُ فِي النِّسَاءِ هُنَاكَ.
وَهَذَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ النُّورِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] لِأَنَّهُ مَنْ تَزَوَّجَ زَانِيَةً بِزَانٍ مَعَ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مَاؤُهُ مَصُونًا مَحْفُوظًا، فَكَانَ مَاؤُهُ مُخْتَلِطًا بِمَاءِ غَيْرِهِ، وَالْفَرْجُ الَّذِي يَطَؤُهُ مُشْتَرَكًا، وَهَذَا هُوَ الزِّنَا، وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَ زَوْجُهَا يَزْنِي بِغَيْرِهَا لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا مِنْ جِنْسِ وَطْءِ الزَّانِي لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يَزْنِي بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا غَيْرُهُ.
وَإِنَّ مِنْ صُوَرِ الزِّنَى اتِّخَاذُ الْأَخْدَانِ، وَالْعُلَمَاءُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ