الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَمَّدَ الْإِسْقَاطَ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً تَرْدَعُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقْدَحُ فِي دِينِهِ وَعَدَالَتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ حَامِل تَعَمَّدَتْ إسْقَاطَ الْجَنِينِ]
679 -
33 - مَسْأَلَةٌ:
فِي امْرَأَةٍ حَامِلٍ تَعَمَّدَتْ إسْقَاطَ الْجَنِينِ إمَّا بِضَرْبٍ وَإِمَّا بِشُرْبِ دَوَاءٍ: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
الْجَوَابُ: يَجِبُ عَلَيْهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ غُرَّةُ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، تَكُونُ هَذِهِ الْغُرَّةُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ؛ غَيْرِ أُمِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ كَانَتْ الْغُرَّةُ لِأَبِيهِ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ الْمَرْأَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَيَكُونُ قِيمَةُ الْغُرَّةِ عُشْرُ دِيَةٍ، أَوْ خَمْسِينَ دِينَارًا. وَعَلَيْهَا أَيْضًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ صَامَتْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ أَطْعَمَتْ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
[مَسْأَلَةٌ دَفَنَتْ ابْنَهَا بِالْحَيَاةِ حَتَّى مَاتَ لِمَرَضِهَا وَمَرَضه]
680 -
34 - مَسْأَلَةٌ:
فِي امْرَأَةٍ دَفَنَتْ ابْنَهَا بِالْحَيَاةِ حَتَّى مَاتَ؛ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَرِيضَةً؛ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَضَجِرَتْ مِنْهُ: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَهَذَا هُوَ الْوَأْدُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: 8]{بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 9] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: 31] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ " النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك. قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك» . وَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ حَرَّمَ قَتْلَ الْوَلَدِ مَعَ الْحَاجَةِ وَخَشْيَةِ الْفَقْرِ فَلِأَنَّ
يَحْرُمَ قَتْلُهُ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَهَذِهِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ يَجِبُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ؛ لَيْسَ لَهَا مِنْهَا شَيْءٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
681 -
35 - سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَلْطِمُ الرَّجُلَ، أَوْ يُكَلِّمُهُ، أَوْ يَسُبُّهُ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ؟
الْجَوَابُ: وَأَمَّا " الْقِصَاصُ فِي اللَّطْمَةِ، وَالضَّرْبَةِ " وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَمَذْهَبُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الْقِصَاصَ ثَابِتٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيِّ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ مِنْ ذَلِكَ قِصَاصٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِيهِ مُتَعَذِّرَةٌ فِي الْغَالِبِ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ؛ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَضَتْ بِالْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] . وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ مُتَعَذِّرَةٌ. فَيُقَالُ: لَا بُدَّ لِهَذِهِ الْجِنَايَةِ مِنْ عُقُوبَةٍ: إمَّا قِصَاصٌ، وَإِمَّا تَعْزِيرٌ. فَإِذَا جُوِّزَ أَنْ يُعَزَّرَ تَعْزِيرًا غَيْرَ مَضْبُوطِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَلَأَنْ يُعَاقَبَ إلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَالْعَدْلُ فِي الْقِصَاصِ مُعْتَبَرٌ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الضَّارِبَ إذَا ضَرَبَ ضَرْبَةً مِثْلَ ضَرْبَتِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا كَانَ هَذَا أَقْرَبَ إلَى الْعَدْلِ مِنْ أَنْ يُعَزَّرَ بِالضَّرْبِ بِالسَّوْطِ؛ فَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْقِصَاصَ فِي ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ الظُّلْمِ يُبِيحُ مَا هُوَ أَعْظَمُ ظُلْمًا مِمَّا فَرَّ مِنْهُ. فَعُلِمَ أَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ أَعْدَلُ وَأَمْثَلُ. وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَسُبَّهُ كَمَا يَسُبُّهُ: مِثْلُ أَنْ يَلْعَنَهُ كَمَا يَلْعَنُهُ. أَوْ يَقُولُ: قَبَّحَك اللَّهُ. فَيَقُولُ: قَبَّحَك اللَّهُ. أَوْ: أَخْزَاك اللَّهُ. فَيَقُولُ لَهُ: أَخْزَاك اللَّهُ. أَوْ يَقُولُ: يَا كَلْبُ، يَا خِنْزِيرُ، فَيَقُولُ: يَا كَلْبُ، يَا خِنْزِيرُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مُحَرَّمَ الْجِنْسِ مِثْلَ تَكْفِيرِهِ أَوْ الْكَذِبِ