الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُحِبُّهَا حُبًّا مُطْلَقًا بَلْ كَانَ وَاحِدٌ يُبْغِضُهَا مِنْ وَجْهٍ لِأَجْلِ شَرِّهَا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
540 -
3 - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى أَخِيهِ بِالطَّلَاقِ لَوْ أَعْطَيْتنِي مِلْءَ ثَوْبِك ذَهَبًا مَا أَعْطَيْتُك هَذِهِ الْحَاجَةَ، ثُمَّ إنَّهُ أَعْطَاهُ تِلْكَ الْحَاجَةَ بِعَيْنِهَا، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْأَيْمَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]
541 -
4 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ يَمِينًا مِنْ الْأَيْمَانِ، فَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا لَيْسَ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ، كَالْكَعْبَةِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمَشَايِخِ، وَالْمُلُوكِ وَالْآبَاءِ؛ وَتُرْبَتِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ يَمِينٌ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ بَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّهْيُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمْ. فَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ كَانَ حَالِفًا فَيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ، وَقَالَ:«إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» ، وَفِي
السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» .
وَالثَّانِي: الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. فَهَذِهِ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ مَقْصُودُ الْحَالِفِ بِهَا تَعْظِيمَ الْخَالِقِ - لَا الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ - كَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صِيَامُ شَهْرٍ أَوْ الْحَجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ.
أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا. أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ. أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. أَوْ لَا أَفْعَلُهُ. أَوْ إنْ فَعَلْته فَنِسَائِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ. وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْأَيْمَانُ لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. قِيلَ إذَا حَنِثَ لَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ وَحَلَفَ بِهِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ يُجْزِيهِ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ.
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُوَافِقُ لِلْأَقْوَالِ الثَّابِتَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] . وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» .
فَإِذَا قَالَ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ، أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ: أَجْزَأَهُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، فَإِنْ كَفَّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَهُوَ أَحْسَنُ. وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْعِتْقِ، أَوْ إطْعَامِ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ. وَإِذَا أَطْعَمَهُمْ أَطْعَمَ كُلَّ وَاحِدٍ جِرَايَةً مِنْ الْجِرَايَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي بَلَدِهِ، مِثْلُ: