الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب محظورات الإحرام وكفارات وما يتعلق بذلك
مدخل
…
باب محظورات الإحرام وكفارات وما يتعلق بذلك
وَهِيَ تِسْعٌ: إزَالَةُ الشَّعْرِ:
بِحَلْقٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ يَتَضَرَّرُ بِإِبْقَاءِ الشَّعْرِ، بِالْإِجْمَاعِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَقَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ:"مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِك مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً"؟ قُلْتُ: لَا، فَنَزَلَتْ الْآيَةُ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] قَالَ: "هُوَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَلِمُسْلِمٍ2: أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ: كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِك تُؤْذِيك فَقُلْتُ: أَجَلْ، فَقَالَ: "فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ"
وَالْفِدْيَةُ فِي ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَصَرَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش"; لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ، وَاعْتُبِرَتْ فِي مَوَاضِعَ، كَمَحَلِّ الْوِفَاقِ، بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ وَمَا يُمَاطُ به الأذى،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 البخاري "1816" ومسلم "1201""85".
2 في صحيحه "1201""80".
وَعَنْهُ: فِي أَرْبَعٍ. نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، لِأَنَّ الْأَرْبَعَ كَثِيرٌ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً فِي خَمْسٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَلَا وَجْهَ لَهَا.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: فِي رُبْعِ الرَّأْسِ، وَكَذَا فِي الرَّقَبَةِ كُلِّهَا أَوْ الْإِبْطِ الْوَاحِدِ أَوْ الْعَانَةِ; لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: إذَا حَلَقَ عُضْوًا لَزِمَهُ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَطَعَامٌ، أَيْ الصَّدْرُ وَالسَّاقُ وَشِبْهُهُ. وَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ نُسِبَ، فَيَجِبُ فِي رُبْعِهِ قِيمَةُ رُبْعِ دَمٍ وَإِنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ لَزِمَهُ دَمٌ، عِنْدَهُ، وَقَالَا: صَدَقَةٌ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ: فِيمَا يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى، وَيَتَوَجَّهُ بِمِثْلِهِ احْتِمَالٌ.
وَالْفِدْيَةُ دَمٌ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مساكين لكل مسكين مد1 بر، في رواية وَهِيَ "أَشْهَرُ" كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَفِي رِوَايَةٍ: نِصْفُ صاع "م 1""وم ش" كغيره;
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَالْفِدْيَةُ يَعْنِي فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ دَمٌ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لكل مسكين مد بر، في رواية وهي أَشْهَرُ، كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِي رِوَايَةٍ: نِصْفُ صَاعٍ، انْتَهَى.
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَشْهَرُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَزَمَ بِهَا فِي الْكَافِي3. وأطلقها في المغني4 والشرح2.
1 بعدها في الأصل "من".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/223".
3 "2/377".
4 "5/1/38".
لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، فَيُعْتَبَرُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا كَالشَّعِيرِ. وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ: مِنْ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ، وَمِنْ غَيْرِهِ صَاعٌ.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: يُجْزِئُ خُبْزٌ رِطْلَانِ عِرَاقِيَّةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِأَدَمٍ وَإِنَّ مِمَّا يَأْكُلُهُ أَفْضَلُ مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ. قَالَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ: أَوْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أيام، واختار الْآجُرِّيُّ: يَصُومُ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَنَافِعٌ وَعِكْرِمَةُ: يَصُومُ عَشَرَةً وَالصَّدَقَةُ عَلَى عَشَرَةٍ، كَذَا قَالُوا.
وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ، نَقَلَ جَعْفَرٌ وَغَيْرُهُ: كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ "أَوْ" فَهُوَ مُخَيَّرٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ "وم ش"; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْمَعْذُورِ، وَالتَّبَعُ لَا يُخَالِفُ أَصْلَهُ; وَلِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ خُيِّرَ فِيهَا لِعُذْرٍ خُيِّرَ بِدُونِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَلَمْ يُخَيِّرْ اللَّهُ بِشَرْطِ الْعُذْرِ، بَلْ الشَّرْطُ لِجَوَازِ الْحَلْقِ.
وَعَنْهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَتَعَيَّنُ الدَّمُ، فَإِنْ عَدِمَهُ أَطْعَمَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ "وهـ"; لِأَنَّهُ دَمٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحْظُورٍ يَخْتَصُّ الْإِحْرَامَ، كَدَمٍ يَجِبُ بِتَرْكِ رَمْيٍ وَمُجَاوَزَةِ مِيقَاتٍ، وَلَهُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحَلْقِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَفِي كُلِّ شَعْرَةٍ إطْعَامُ مِسْكِينٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ شَرْعًا فِدْيَةً، وَعَنْهُ: قَبْضَةُ طَعَامٍ، لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ، فَدَلَّ1 أَنَّ الْمُرَادَ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ. وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ، وَعَنْهُ: نِصْفُهُ، وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُهُ، ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْقَاضِي، وَخَرَّجَهَا هُوَ من ليالي منى، وعند الحنفية
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "مما".
كَالْأَوَّلِ، وَفِي كَلَامِهِمْ أَيْضًا: عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَعَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ، وَعَنْهُ أَيْضًا: لَا ضَمَانَ فِيمَا1 لَمْ يُمَطْ بِهِ الْأَذَى.
وَعَنْ الشَّافِعِيِّ ثُلُثُ دِرْهَمٍ، وَعَنْهُ: إطْعَامُ مِسْكِينٍ، وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ كَقَوْلِهِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ مَا ضُمِنَتْ بِهِ الْجُمْلَةُ ضُمِنَ بَعْضُهُ بِنِسْبَتِهِ كَصَيْدٍ، وَبَعْضُ شَعْرٍ كَهِيَ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِسَاحَةٍ بَلْ كَمُوضِحَةٍ يَسْتَوِي صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا. وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا بِنِسْبَتِهِ كَأُنْمُلَةِ أُصْبُعٍ.
وَشَعْرِ الْبَدَنِ كَالرَّأْسِ فِي الْفِدْيَةِ "و" خِلَافًا لِدَاوُدَ، لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ بِهِ2، بَلْ أَوْلَى، أَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ.
وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ فِي رِوَايَةٍ "اخْتَارَهَا" جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ; لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَسَائِرِ الْبَدَنِ، وَكَلُبْسِهِ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ وَفِي رِوَايَةٍ: لِكُلِّ "وَاحِدٍ" مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ3 نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ4، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ "م 2""و" لِأَنَّهُمَا كجنسين، لتعلق النسك بالرأس
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ.
"إحْدَاهُمَا" أَنَّ شَعْرَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا: هذا ظاهر المذهب، وهو ظاهر كلام
1 بعدها في الأصل "على".
2 ليست في الأصل.
3 في النسخ الخطية "مفرد".
4 في الأصل "جماعة".
فَقَطْ، فَهُوَ كَحَلْقٍ وَلُبْسٍ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ فَالرِّوَايَتَانِ، وَنَصُّ أَحْمَدَ "رحمه الله" فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَجَزَمَ به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وَغَيْرُهُمْ; لِأَنَّ الْحَلْقَ إتْلَافٌ، فَهُوَ آكَدُ، وَالنُّسُكُ يَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي اللُّبْسِ.
وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، ولا شيء على الحالق "وم ش"; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ صَدَقَةٌ.
وَفِي الْفُصُولِ: احْتِمَالُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، كَشَعْرِ الصَّيْدِ، كَذَا قَالَ: وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يَنْهَهُ فَقِيلَ: عَلَى الْحَالِقِ، كَإِتْلَافِهِ مَالَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، وَقِيلَ: عَلَى الْمُحْرِمِ; لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ "م 3" وَإِنْ حَلَقَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فالفدية
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْخِرَقِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ الْهَادِي وَالْمُنَوِّرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُ وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ:
بِنِيَّتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الأشهر
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ وَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ فَقِيلَ: عَلَى الْحَالِقِ، كَإِتْلَافِهِ مَالَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، وَقِيلَ: عَلَى الْمُحْرِمِ، لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
1 "5/386".
2 "8/228".
على الحالق، نص عليه "وم" لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْهُ، كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأْسَ نَفْسِهِ; وَلِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، كَإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ بِيَدِهِ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رأسه "وهـ" وَلِلشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ. وَفِي الْإِرْشَادِ1 وَجْهٌ: الْقَرَارُ عَلَى الْحَالِقِ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا فِدْيَةَ2 عَلَى أَحَدٍ; لأنه لا دليل.
وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ حَلَالًا فَهَدَرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لِلْآدَمِيِّ كَالْحَرَمِ لِلصَّيْدِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، وَمَنْ طَيَّبَ غَيْرَهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَوْ أَلْبَسَهُ فَكَالْحَلْقِ3.
وَإِنْ نَزَلَ شَعْرُهُ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ أَزَالَ مَا نَزَلَ، أَوْ خَرَجَ فِيهَا أَزَالَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَقَتْلِ صَيْدٍ صَائِلٍ، أَوْ قَطَعَ جِلْدًا بِشَعْرٍ، أَوْ افْتَصَدَ فَزَالَ; لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يُضْمَنُ، كَقَلْعِ أَشْفَارِ عَيْنٍ لَمْ يَضْمَنْ هَدْيَهَا أَوْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ وَلَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْفَصْدِ احتمال مثله.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا4 الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ حَلَقَ مُكْرَهٌ فَدَى الْحَالِقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي5.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ، قَالَ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ: وَإِنْ حَلَقَ بِلَا إذْنِهِ فَدَى الْحَالِقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وهو ظاهر كلامه في المقنع6.
1 ص "162".
2 في الأصل و"س""ط""القرار" والتصويب من الإنصاف "8/229" والإرشاد إلا أن عبارة الإرشاد: الفدية على الحلال دون المحرم.
3 في "س" و"ط""فكالحلق".
4 في "ح" و"ط""إحداهما".
5 "2/376".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/228".
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: إنْ أَزَالَ شَعْرَ الْأَنْفِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ، لِعَدَمِ التَّرَفُّهِ، كَذَا قَالَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَإِنْ حَصَلَ أَذًى مِنْ غَيْرِ الشَّعْرِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَقُرُوحٍ وَصُدَاعٍ أَزَالَهُ وَفَدَى، كَأَكْلِ صَيْدٍ لِضَرُورَةٍ. وَلَهُ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ بِقَطْعِهِ بِلَا تَعَمُّدٍ، نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ بَانَ بِمُشْطٍ أَوْ تَخْلِيلٍ فَدَى، قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ خَلَّلَهَا فَسَقَطَ إنْ كَانَ شَعْرًا مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ، وَتُسْتَحَبُّ الْفِدْيَةُ مَعَ شَكِّهِ.
وَفِي الْفُصُولِ: إنْ شَكَّ فِي عَدَدِ بَيْضِ صَيْدٍ احْتَاطَ، كَشَكِّهِ. فِي عَدَدِ صَلَوَاتٍ تَرَكَهَا وَلَهُ حَكُّ رَأْسِهِ وَيَدَيْهِ بِرِفْقٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا، وَقِيلَ غَيْرُ الْجُنُبِ لَا يُخَلِّلُهُمَا بِيَدَيْهِ وَلَا يَحُكُّهُمَا بِمُشْطٍ أَوْ ظُفْرٍ وَلَهُ غُسْلُهُ فِي حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ "وهـ ش"; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "غَسَلَ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا، وَأَدْبَرَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ، وَاغْتَسَلَ عُمَرُ وَقَالَ:"لَا يَزِيدُ الْمَاءُ الشَّعْرَ إلَّا شُعْثًا" ، رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي عُمَرُ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ بِالْجُحْفَةِ: تَعَالَ أُبَاقِيكَ أَيُّنَا أَطْوَلُ نَفَسًا فِي الْمَاءِ رواه سعيد.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَرِهَ مَالِكٌ غَطْسَهُ فِي الْمَاءِ وَتَغْيِيبَ رَأْسِهِ فِيهِ، وَالْكَرَاهَةُ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَيَتَوَجَّهُ قَوْلُ: تَرْكُهُ أَوْلَى أَوْ الْجَزْمُ بِهِ; لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ إلَّا مِنْ احْتِلَامٍ، رَوَاهُ مَالِكٌ1. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ الْحَمَّامَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2، وَلِلشَّافِعِيِّ3 عَنْهُ: أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّامًا بِالْجُحْفَةِ وَقَالَ: مَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِأَوْسَاخِنَا. وَيُحْمَلُ هَذَا وَمَا سَبَقَ عَلَى الْحَاجَةِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَإِلَّا فَالْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُزِيلٌ لِلشُّعْثِ وَالْغُبَارِ، مَعَ الْجَزْمِ بِالنَّهْيِ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ لِإِزَالَةِ شُعْثٍ وَغُبَارٍ، فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، مَعَ أَنَّ الْحُجَّةَ "اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا" 4 وَهِيَ هُنَا، فَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ النَّهْيِ هُنَا عَدَمُهُ هُنَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِزَوَالِ الْغُسْلِ مِنْ الشُّعْثِ وَالْغُبَارِ مَا لَا يُزِيلُ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ وَاحْتِمَالُهُ إزَالَةَ الشَّعْرِ، كَمَا سَيَأْتِي5; فَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُنَاكَ الْقَوْلُ بِهَا هُنَا.
وَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ وَنَحْوِهِمَا6 جَازَ "وش" قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ7، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ به في المستوعب والشيخ، وحكاه عن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "الموطأ""1/324".
2 في صحيحه تعليقا قبل حديث "1840" بدون أداة النهي.
3 في مسنده "1/314".
4 أخرجه في مسنده "7089" و"8037" و"8047" من حديث عبد الله بن عمرو وحديث أبي هريرة.
5 ص "526".
6 في الأصل: "ونحوها".
7 سير ذكره مع تخريجه ص "411".
"هـ م ش" لِتَعَرُّضِهِ لَقَطْعِ الشَّعْرِ، وَكَرِهَهُ جَابِرٌ1، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ، كَالْأُشْنَانِ وَالْمَاءِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَسْتَلِذُّ رَائِحَتَهُ، ثُمَّ يَبْطُلَ بِالْفَاكِهَةِ2 وَالدُّهْنِ يَقْصِدُ بِهِ التَّرْجِيلَ وَإِزَالَةَ الشُّعْثِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَحْلَبَ3 وَالْأُشْنَانَ، وعنه: يحرم"م4" ويفدي "وهـ م" نَقَلَ صَالِحٌ: قَدْ رَجَّلَ شَعْرَهُ وَلَعَلَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ الْغَسْلِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَفِي الْفِدْيَةِ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: هُمَا فِي تَحْرِيمِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ فَدَى وَإِلَّا فلا.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 4""قَوْلُهُ": وَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ وَنَحْوِهَا جَازَ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، انْتَهَى.
الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي4 وَغَيْرِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ في المستوعب والشيخ في المغني5 والشارح وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ، "قُلْتُ": وَهُوَ قَوِيٌّ إذَا خَافَ مِنْ قَطْعِ الشَّعْرِ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ "قُلْتُ": وهي ضعيفة. والله أعلم.
"تَنْبِيهٌ": قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَعَنْهُ: يَحْرُمُ وَيَفْدِي وَذَكَرَ صَاحِبٌ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ. وَفِي الْفِدْيَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: هُمَا فِي تَحْرِيمِهِ، فَإِنْ حَرُمَ فَدَى وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى.
1 أخرجه اين أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "410".
2 أي ينتقض تعليل المنع باستلذاذ رائحته بالفاكهة فهي ذات رائحة ولا يحرم للمحرم أن يشمها.
3 المحلب بفتح الميم: شجر له حب يجعل في الطيب والعطر "تاج العروس""حلب".
4 "2/372".
5 "5/118".
وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ احْتَاجَ1 وَقَطَعَهُ لِحِجَامَةٍ أَوْ غسل ولم يضره كذا قال.
وَيَحْرُمُ أَنْ يَتَفَلَّى الْمُحْرِمُ أَوْ يَقْتُلَ قَمْلًا بِزِئْبَقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صِئْبَانًا; لِأَنَّهُ بَيْضُهُ، لِتَرَفُّهِهِ، كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ، وَلِظَاهِرِ خَبَرِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ2، وَعَنْهُ: يَجُوزُ كَسَائِرِ مَا يُؤْذِي، وَكَالْبَرَاغِيثِ، كَذَا قَالُوا، وَظَاهِرُ تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ الْبَرَاغِيثَ كَقَمْلٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ3، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ: لَا يَقْتُلُهُ وَلَا بَعُوضًا، وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ قَوْلًا وَزَادَ: وَلَا قُرَادًا.
وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ قَرَصَهُ ذَلِكَ قَتَلَهُ مَجَّانًا، وإلا فلا يقتله، ورمي القمل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"قُلْتُ": قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ: يُكْرَهُ غَسْلُ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمَيِّ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَنَصَرُوا عَدَمَ الْفِدْيَةِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمَيِّ كُرِهَ لَهُ، وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، انْتَهَى. "قُلْتُ": الصواب أن مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ، فَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ فَبَعِيدٌ جِدًّا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمَ; لِأَنَّهَا فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِذَلِكَ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ أَوْ الْجَوَازِ لَا فِدْيَةَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ قَدْ ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي الْفِدْيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، فَهُمْ قَدْ صَحَّحُوا عَدَمَ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَعَلَى رِوَايَةِ التَّحْرِيمِ تَجِبُ الْفِدْيَةُ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ:"وَعَنْهُ: يَحْرُمُ وَيَفْدِي" وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. والله أعلم
1 في الأصل "احتجم".
2 تقدم تخريجه ص "398".
3 في الأصل "متوجه".
4 "5/118".
كَقَتْلِهِ، فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الرِّوَايَتَانِ فِيمَا "إذَا"1 أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ وَبَدَنِهِ وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ.
وَيَجُوزُ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَحَكَى الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ "م 5".
فَإِنْ حَرُمَ قَتْلُ الْقَمْلِ2 فَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، روي عن ابن عمر3 "وهـ م" وعنه: لَا لِخَبَرِ كَعْبٍ; وَلِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، كسائر المحرم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَرَمْيُ الْقَمْلِ كَقَتْلِهِ، فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ وَبَدَنِهِ وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ، وَيَجُوزُ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَحَكَى الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ، انْتَهَى.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي إنَّمَا يَكُونُ كَقَتْلِهِ إذَا رَمَاهُ مِنْ5 غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: قَالَ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ: وَمَوْضِعُ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا أَلْقَاهَا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ لَحْمِهِ أَمَّا إنْ أَلْقَاهَا مِنْ ظَاهِرِ بَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِ مَحِلٍّ أَوْ مُحْرِمٍ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، انْتَهَى.
"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: فَإِنْ حَرُمَ قَتْلُ الْقَمْلِ، فَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَعَنْهُ لا، انتهى. وأطلقهما في الكافي6 والزركشي.
1 ليست في "س".
2 في الأصل "القملة".
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/213".
4 "5/116".
5 في "ص""في".
6 "2/368".