الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ
وَاجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ "وَ" مِنْ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ الشَّيْخُ: لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ فَفِيهِ أَوْلَى، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَزُورَهُ زَوْجَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَتَتَحَدَّثَ مَعَهُ وَتُصْلِحَ رَأْسَهُ أَوْ غَيْرُهُ، مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ، مَا لَمْ يُكْثِرْ، لِأَنَّ صَفِيَّةَ زَارَتْهُ صلى الله عليه وسلم فَتَحَدَّثَتْ مَعَهُ1، وَرَجَّلَتْ عَائِشَةُ رَأْسَهُ2، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا لَا يَشْغَلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَلَيْسَ الصَّمْتُ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الصَّمْتُ إلَى اللَّيْلِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4، رَأَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه امْرَأَةً لَا تَتَكَلَّمُ فَقِيلَ لَهُ: حَجَّتْ مُصْمِتَةٌ، فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ5 الْجَاهِلِيَّةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ6. وَرَوَى أَبُو دَاوُد7: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَدٍ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ أَنَّهُ سَمِعَ شُيُوخًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَمِنْ خَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحمد قال: قال علي: حفظت عن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البخاري "2035" ومسلم "2175""24".
2 تقدم ص "181".
3 "4/481".
4 "2/293"
5 في "ب""أعمال".
6 في صحيحه "3834" من حديث قيس بن أبي حازم.
7 في سننه "2873".
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ: لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.
وَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَفِ بِهِ "وَ" لِمَا سَبَقَ1. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَهُ فِعْلُهُ إذا كان أسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَمَتَ نَجَا" 2 وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّمْتِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ، لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ، كَتَوَسُّدِ الْمُصْحَفِ أَوْ الْوَزْنِ بِهِ، وَجَاءَ: لَا تُنَاظِرْ بِكِتَابِ اللَّهِ4. قِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَتَكَلَّمُ بِهِ عِنْدَ الشَّيْءِ تَرَاهُ، مِثْلَ أَنْ تَرَى رَجُلًا جَاءَ فِي وَقْتِهِ فَتَقُولَ: وَ {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} [طه: 40] ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى، وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا إنْ قَرَأَ عِنْدَ الْحُكْمِ الَّذِي أُنْزِلَ لَهُ أَوْ مَا يُنَاسِبُهُ وَنَحْوَهُ فَحَسَنٌ كَقَوْلِهِ لِمَنْ دَعَاهُ لِذَنْبٍ تَابَ مِنْهُ: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} [النور: 16] وَقَوْلُهُ عِنْدَمَا أَهَمَّهُ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وفي الصحيحين5 أن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَ ثَابِتٌ وَجَمَاعَةٌ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ، فَدَخَلُوا عَلَى الْحَسَنِ فَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: هِيهِ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ص "188".
2 أخرجه الترمذي "2501" من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
3 "4/482".
4 أورده ابو عبيد في غريب الحديث "4/475" والزمخشري في الفائق "3/446" من كلام الزهري.
5 البخاري "7510" ومسلم "193""326".
الثَّانِيَةِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ فِي اسْتِزَادَةِ الْحَدِيثِ: إيهِ، وَيُقَالُ هِيهِ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إيهِ اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ، تَقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا اسْتَزَدْتَهُ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ عَمَلٍ: إيهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فَإِنْ وَصَلْت نَوَّنْت فَقُلْت إيهٍ حَدِّثْنَا، قَالَ ابْنُ السَّرِيِّ: إذَا قُلْت إيهِ، فَإِنَّمَا تَأْمُرُهُ أَنْ يَزِيدَك مِنْ الْحَدِيثِ الْمَعْهُودِ بَيْنكُمَا وَإِنْ قُلْت إيهٍ بِالتَّنْوِينِ، كَأَنَّك قُلْت: هَاتِ حَدِيثًا مَا، لِأَنَّ التَّنْوِينَ تَنْكِيرٌ، فَأَمَّا إذَا أَسْكَنْتَهُ1 وَكَفَفْتَهُ قُلْتَ: إلَيْهَا عَنَّا قَالُوا لِلْحَسَنِ: قُلْنَا مَا زَادَنَا، قَالَ: قَدْ حَدَّثَنَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ يَوْمَئِذٍ جَمِيعٌ، أَيْ مُجْتَمَعُ الْقُوَّةِ وَالْحِفْظِ، وَلَقَدْ تَرَكَ شَيْئًا مَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيْخُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يُحَدَّثَكُمْ فَتَتَّكِلُوا، قُلْنَا: فَحَدِّثْنَا، فَضَحِكَ وَقَالَ:{خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] مَا ذَكَرْت لَكُمْ هَذَا إلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ2 فِيهِ "إنَّهُ" لَا بَأْسَ بِضَحِكِ الْعَالِمِ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أُنْسٌ، وَلَمْ يَخْرُجْ ضَحِكُهُ إلَى حَدٍّ يُعَدُّ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ، وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ بِالْقُرْآنِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ، وَفِي الصَّحِيحِ3 مِثْلِهِ مِنْ فِعْلِهِ عليه السلام لَمَّا طَرَقَ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا رضي الله عنهما ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ {وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف: 54] قال: ونظائره كثيرة،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ب" و"ط""أسكنته".
2 "3/65" وفي العبارة بعض تصرف من المصنف – وقد سقطت عبارة شرح مسلم من النسخة "ب".
3 البخاري "1127" ومسلم "775""206" من حديث علي رضي الله عنه.