الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ
،
لَمْ يجز تأخيره، بَلْ يَأْتِي بِهِ عَلَى الْفَوْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م ر" وَأَبِي يُوسُفَ وَدَاوُد، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "تَعَجَّلُوا إلَى الْحَجِّ" يَعْنِي الْفَرِيضَةَ، وَحَدِيثُهُ أَوْ حَدِيثُ الْفَضْلِ "مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ" رَوَاهُمَا أَحْمَدُ1، وَلِابْنِ مَاجَهْ الثَّانِي2، وَفِيهِمَا أَبُو إسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ إسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ إلَّا رِوَايَةً عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ، رَوَاهُ عَنْهُ مِهْرَانُ، تَفَرَّدَ عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَلِمَا يَأْتِي فِي الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ، وَكَالْجِهَادِ وَكَحَجِّ الْمَعْضُوبِ4 بِالِاسْتِنَابَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَذَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَاصِيًا، لِلْأَخْبَارِ5، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: لَا، فِي الشَّابِّ. وَكَذَا الْخِلَافُ لَهُمْ فِي صَحِيحٍ لَمْ يَحُجَّ حَتَّى زَمِنَ، قَالُوا: فَإِنْ عَصَى اُسْتُنِيبَ عَنْهُ عَلَى الْفَوْرِ، لِخُرُوجِهِ بِتَقْصِيرِهِ عَنْ اسْتِحْقَاقِ التَّرَفُّهِ، وَقِيلَ: لَا، كَمَنْ بَلَغَ مَعْضُوبًا. وَيَعْصِي عِنْدَهُمْ مِنْ السَّنَةِ الْآخِرَةِ مِنْ "آخِرِ" سِنِي الْإِمْكَانِ، لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في المسند "2867" و"1834".
2 في سننه "2883".
3 أحمد "1973" وأبو داود "1732".
4 في "ب""المغصوب".
5 أخرجه الترمذي في سننه "812" عن علي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "من ملك زادا وراحلة تبلغه ألى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا" وذلك أن الله يقول في كتابه {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97] .
وَقِيلَ: مِنْ الْأُولَى، لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فِيهَا، وَقِيلَ: لَا يُسْنَدُ عِصْيَانُهُ1 إلَى سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَحَيْثُ عَصَى لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، لِبَيَانِ فِسْقِهِ، وَإِنْ حُكِمَ بِهَا فِيمَا بَيْنَ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ. وَقِيلَ: يَعْصِي، فَقَدْ بَانَ فِسْقُهُ، فَفِي نَقْضِهِ الْقَوْلَانِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَخِّرْهُ، فَإِنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَالْأَشْهَرُ سَنَةَ تِسْعٍ، فَقِيلَ: أَخَّرَهُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَرِهَ رُؤْيَةَ الْمُشْرِكِينَ عُرَاةً2 حَوْلَ الْبَيْتِ3، وَقِيلَ: بِأَمْرِ اللَّهِ لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي استدار فيها الزمان4 وتتعلم منه أمته المناسك التي استقر أمره عليها "م 15"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَخِّرْهُ فَإِنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَالْأَشْهَرُ سَنَةَ تِسْعٍ: فَقِيلَ: أَخَّرَهُ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَرِهَ رُؤْيَةَ الْمُشْرِكِينَ عُرَاةً5 حَوْلَ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتَدَارَ فيها الزمان وتتعلم منه أمته المناسك التي اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَيْهَا، انْتَهَى.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ حَكَاهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي6 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ
1 في "س""عصابة".
2 في "ب""غزاة".
3 أخرجه البخاري "1622" ومسلم "1347""435" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ أبا بكر الصديق بعثه في الحجة التي أمره عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.
4 أخرجه البخاري "4406" ومسلم "1679""29" عن أبي بكرة عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض....." في حجة الوداع.
5 في "ح""غزاة".
6 "8/37".
وظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] يقتضي الإتمام
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
احْتِمَالًا، قَالَ الْمَجْدُ: حَكَى ذَلِكَ جَدِّي1 فِي تَفْسِيرِهِ. فَقَالَ: يَكُونُ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، إمَّا فِي حَقِّهِ وَحَقِّ اللَّهِ لِخَوْفِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ، وَإِمَّا لِحَاجَةٍ وَفَقْرٍ فِي حَقِّهِ مَنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ، وَمَنَعَ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا خَوْفًا عَلَيْهِ، انْتَهَى مَا حَكَاهُ الْمَجْدُ عَنْ جَدِّهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي احْتِمَالٌ أَيْضًا لِلشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَوَّاهُ الْمَجْدُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَشْيَاءَ وَمَالَ إلَيْهِ "والقول الثالث" احتمال أيضا لمن ذكرنا، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ "قُلْت": وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا، "3قَالَ الْمَجْدُ3": وَقَالَهُ4 أَبُو زَيْدٍ الْحَنَفِيُّ.
"قُلْت": تَأْخِيرُ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ، وَفِي تَأْخِيرِهِ حِكَمٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: لِئَلَّا يَرَى الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَتَكُونُ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي تَأْخِيرِهِ لِمَجْمُوعِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ5، فَاكْتَفَى بِهِ فِي حَقِّهِ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ خَاصَّةً لِاخْتِصَاصِهِ بِالدِّينِ الْحَنِيفِيِّ، فَكَمُلَتْ أَرْكَانُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ، لِعَدَمِ حَجِّ غَيْرِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ قَبْلَ فَرْضِهِ، ذكره ابن نصر الله في حواشيه.
1 هكذا في النسخ الخطية و"ط" ولعله عمه فخر الدين محمد بن الخضر ابن تيمية المفسر له التفسير الكبير في أكثر من ثلاثين مجلد ذيل طبقات الحنابلة "2/151".
2 "8/37".
3 ليست في "ص".
4 في "ح""وقال".
5 أخرجه الترمذي "815" وابن ماجه "3076" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حجات حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر.