الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: وَإِنْ أُمِرَ بِإِحْرَامٍ مِنْ مِيقَاتٍ
فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ فِي عَامٍ أَوْ فِي شَهْرٍ فَخَالَفَ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يَجُوزُ، لِإِذْنِهِ فِيهِ1 فِي الْجُمْلَةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ نَوَاهُ بِخِلَافِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَجَبَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ. وَفِيهِ2 فِي ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ بِتَفْوِيتِ الْفَضْلِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ، كَحَبْسِهِ عَنْ تَبْكِيرِ الْجُمُعَةِ، وَقَوْلِهِ: اشْتَرِ لِي أَفْضَلَ الرِّقَابِ وَأَعْتِقْ عَنْ كَفَّارَتِي فَاشْتَرَى مَا يُجْزِئُهُ، وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ فِي تَرْكِهِ الْأَفْضَلَ شَرْعًا، وَمَنْعُ مَا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي أَمْرِهِ بِشِرَاءِ أَفْضَلِ رَقَبَةٍ.
فَعَلَى هَذَا "الْمُخْتَارِ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ دَمٌ لِلْمُخَالَفَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ النُّسُكُ لِلنَّائِبِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ، لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ، كَتَصَرُّفِ3 الْوَكِيلِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ، وَيَحْتَمِلُ وُقُوعُهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ وَتَنْجَبِرُ الْمُخَالَفَةُ بِنَقْصِ4 النَّفَقَةِ بِقِسْطِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ يَسِيرٍ فلا أثر له، والله أعلم "م 21".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 21" قَوْلُهُ: وَإِنْ أُمِرَ بِإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ فِي عَامٍ أَوْ فِي شَهْرٍ فَخَالَفَ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَجُوزُ، لِإِذْنِهِ "فِيهِ" فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ نَوَاهُ بِخِلَافِ
1 ليست في "س".
2 يعني "الانتصاف".
3 في "س""لتصرف".
4 في "س""بنقض".
وَيُشْبِهُ شَرْطُ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان أَوْ زَمَانٍ، أَوْ نَظِيرِهِ شَرْطَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ رَاكِبًا أَوْ اللبث فيها أو المبيت جميع اللَّيْلِ أَوْ1 أَكْثَرَهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيُخَالِفُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنْ لَزِمَهُ بِمُخَالَفَتِهِ زِيَادَةٌ فَمِنْ النَّائِبِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ أَخَذَ طَرِيقًا أَبْعَدَ وَأَكْثَرَ نَفَقَةً وَهِيَ مَسْلُوكَةٌ جَازَ.
وَلَوْ عَيَّنَ سَنَةً فَحَجَّ بَعْدَهَا جَازَ، كَبِعْهُ2 غَدًا فَيَبِيعُهُ بَعْدَهُ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ، وَلَوْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِثُلُثِهِ كُلَّ سَنَةٍ حَجَّةً فَعَنْ مُحَمَّدٍ كَإِطْلَاقِهِ يُحَجُّ عَنْهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ حِجَجًا3، وهو أفضل، للمسارعة إلى
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَا أَمَرَهُ وَجَبَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُتَوَجَّهُ الْمَنْعُ فِي تَرْكِهِ الْأَفْضَلَ شَرْعًا فَعَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ دَمٌ، للمخالفة. وفيه نظر، لأنه لا دليل، "4يحتمل أَنْ4" يَقَعَ النُّسُكُ لِلنَّائِبِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ، لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ، كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ، وَيَحْتَمِلُ وُقُوعُهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ وَتَنْجَبِرُ الْمُخَالَفَةُ بِنَقْصِ النَّفَقَةِ بِقِسْطِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ يَسِيرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى، جَزَمَ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ مَا فَعَلَهُ أَفْضَلَ، وَلَعَلَّهُ كَمَا لَوْ أُمِرَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ لَا إسَاءَةَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ فَعَلَ الْأَفْضَلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ هُوَ الصَّوَابُ على ما بناه المصنف، والله أعلم.
1 في الأصل "و".
2 في "س""كبيعه".
3 في "ب""حجا".
4 4 ليست في "ح".
الطَّاعَةِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. وَفِي الْيَنَابِيعِ1 مِنْ كُتُبِهِمْ: إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَصِيُّ، وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ كُتُبِهِمْ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمُسَمَّى، فَلَوْ أَحَجَّ2 الْوَصِيُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ جَازَ، لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ الْحَجُّ لَا يَخْتَلِفُ.
وَفِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى مِنْ كُتُبِهِمْ: أَحِجُّوا مِنْ ثُلُثِي حَجَّتَيْنِ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ، وَمَا فَضَلَ لِوَرَثَتِهِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يَفْسُدُ حَجُّهُ وَلَمْ يَضْمَنْ النَّفَقَةَ، لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْأَمْرِ3، وَعَلَى الْحَاجِّ دَمُ جِنَايَتِهِ4، لِأَنَّهُ الْجَانِي عَنْ اخْتِيَارٍ، وَكَذَا سَائِرُ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ: هَلْ الْمَشْرُوطُ كَالشَّرْعِيِّ؟ فَلَوْ عَيَّنَّا الْكُوفَةَ لَزِمَ الْأَجِيرَ الدَّمُ بِمُجَاوَزَتِهَا، فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، فَلَا يَنْجَبِرُ بِهِ الْخَلَلُ حَتَّى لَا تُنْقَصَ الْأُجْرَةُ، فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلْدَةِ5 الْكُوفَةِ إحْرَامُهَا مِنْهُ، وَعَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلَدِهِ6 إحْرَامُهَا مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الدَّمُ نُقِصَ قِسْطٌ مِنْ الْأُجْرَةِ. وَكَذَا لَوْ لَزِمَهُ دَمٌ7 بِتَرْكِ مَأْمُورٍ.
وَلَا تَنْقُصُ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ، وَإِنْ شَرَطَ الإحرام أول شوال فأخره
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 هو الينابيع في معرفة الأصول والتفاريع للشيخ أبي عبد الله محمد بن رمضان الرومي الحنفي شرح فيه مختصر القدوري لأبي الحسن أحمد بن محمد القدوري وهو في مجلد كشف الظنون "2/1634".
2 في الأصل "حج".
3 في "ب" و"س" و"ط""الأمر".
4 في الأصل و"س""حناية".
5 ليست في "س".
6 في "ب" و"س""بلده".
7 في الأصل "دين".
فَالْخِلَافُ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا، لِأَنَّهُ تَرَكَ مَقْصُودًا، كَذَا خَصُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَكْسُهَا مِثْلَهَا وَأَوْلَى، لِأَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ، وَلَهُمْ فِيهِ قَصْدٌ صَحِيحٌ.
قَالُوا: وَلَوْ صَرَفَ إحْرَامَهُ إلَى نَفْسِهِ ظَنًّا مِنْهُ يَنْصَرِفُ1 "2وَأَتَمَّ الْحَجَّ2" عَلَى هَذَا لَمْ يَضُرَّ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً، لِإِعْرَاضِهِ عَنْهَا، وَسَبَقَ قَوْلُهُمْ فِيمَا إذَا عَيَّنَ عَامًا فَقَدِمَ عَلَيْهِ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لِعَمَلِ قُرْبَةٍ عَلَى وَجْهِ النَّفَقَةِ وَالرِّزْقِ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ سَوَاءٌ، فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الشَّرْطُ وَالصِّفَةُ فِيهِ أَوْ لَا، أَوْ يُعْتَبَرُ الْأَفْضَلُ شَرْعًا لَا الْمَفْضُولُ.
وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَبْوَابِ وَجْهٌ شَرْعِيٌّ، وَلَمْ أَجِدْهُمْ تَعَرَّضُوا لَهُ. وَهَذَا إلْزَامٌ لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ بَابَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَاحِدٌ، وَقَدْ ذَكَرُوا مَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَنَحْنُ وَالشَّافِعِيَّةُ لَا نَقُولُ بِهِ، وَلَيْسَ الْوَقْفُ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ، فَمَا الْفَرْقُ؟ وَنَفْرِضُ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى الْحَجِّ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ، أَوْ شَرَطَ الْإِحْرَامَ مِنْ مَكَان أَوْ فِي زَمَانٍ، فَإِنْ قِيلَ فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَيَجِبُ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ وَقْفٍ عَلَى عَمَلِ قُرْبَةٍ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ، وَيَظْهَرُ أنه عسر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ب""بتصرف".
2 2في "س""واثم بالحج".