الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا واصل صلى الله عليه وسلم بِهِمْ1 وَوَاصَلُوا بَعْدَهُ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي، وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ أَيْضًا إلَى إبَاحَتِهِ لِمَنْ يُطِيقُهُ، رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَامِرٍ وَغَيْرِهِمَا، فَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ وَاصَلَ بِالْعَسْكَرِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ مَا رَآهُ طَعِمَ فِيهَا وَلَا شَرِبَ حَتَّى كَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ فَشَرِبَ سَوِيقًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ، لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَذَا قَالَ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْوِصَالَ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ، لِأَنَّ النَّهْيَ مَا تَنَاوَلَ وَقْتَ العبادة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ الَّذِينَ وَاصَلُوا بِالْقَضَاءِ. وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِأَكْلِ تَمْرَةٍ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّ الْأَكْلَ مَظِنَّةُ الْقُوَّةِ، وَكَذَا بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ، عَلَى ظَاهِرِ مَا رَوَاهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إذَا وَاصَلَ شَرِبَ شَرْبَةَ مَاءٍ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ. وَلَا يُكْرَهُ الْوِصَالُ إلَى السَّحَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَهُ إِسْحَاقُ، لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ:"فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. لَكِنْ تَرَكَ الْأَوْلَى، لِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ كَرِهَهُ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 لحديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال في الصوم
…
فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال: "لو بأخر لزدتكم" كالتنكيل لهم حتى أبوا أن ينتهوا البخاري "1965" وذكر أبو الخطاب من الشافعية أن الوصال من الخصائص التي أبيحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمت على الأمة..واحتج الجمهور بعموم النهي ومن أراد الاستزاد ينظر شرح مسلم للنووي "7/212".
2 في صحيحه "1963".
فَصْلٌ: يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ
ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، مَعَ ذِكْرِهِمْ فِي يَوْمِ الشَّكِّ مَا يأتي3.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
3 ص "106".
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد1 وَغَيْرِهِ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَحُلْ دُونَهُ سَحَابٌ أَوْ فَتَرَ يَوْمُ شَكٍّ، وَلَا يُصَامُ. وَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَصُومَ إذَا لَمْ يَحُلْ دُونَ الْهِلَالِ شَيْءٌ مِنْ سَحَابٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ، عَلَى مَا سَبَقَ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ "وش" وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ خِلَافَهُ، إلَّا مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ الْكَرَاهَةُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ، وَأَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد يَوْمَ شَكٍّ فِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: لَمْ يَحُلْ دُونَهُ شَيْءٌ وَتَقَاعَدُوا عَنْ الرُّؤْيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَهُ فَيَوْمُ الشَّكِّ مُحَرَّمٌ عِنْدَهُ، لِقَوْلِ عَمَّارٍ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ2. فَتَقَدُّمُهُ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ أَوْلَى عِنْدَهُ بِالتَّحْرِيمِ، لِصِحَّةِ النَّهْيِ فِيهِ، وَلَا مُعَارِضَ. وَوَجْهُ تَحْرِيمِ "يَوْمِ"3 الشَّكِّ فَقَطْ أَنَّ قَوْلَ عَمَّارٍ صَرِيحٌ، وَالنَّهْيُ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ، وَوَجْهُ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِهِ فَقَطْ النَّهْيُ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الشرع وصوم الشك احتياط
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في سننه "2320".
2 رواه أبو داود "2334" والترمذي "686" والنسائي "4/153".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".