الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِطْعَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: يُخَيَّرُ فِي الْجَمِيعِ، كَفِدْيَةِ الْأَذَى، أَمَّا الشَّاةُ فَيُخَيَّرُ كَمَا يُخَيَّرُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى لِلتَّرَفُّهِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ التَّقْصِيرِ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أو صدقة أو نسك1 رواه الأثرم
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/172".
فصل: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَاصْطِيَادُهُ
،
التَّاسِعُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَاصْطِيَادُهُ، بِالْإِجْمَاعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَقَوْلِهِ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} [المائدة: 96] وَيَأْتِي حُكْمُ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ، وَيُحْرِمُ وَيَفْدِي مَا يُولَدُ مِنْهُ مَعَ أَهْلِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَقِيلَ: لَا يَفْدِي مَا تَوَلَّدَ مِنْ مأكول وغيره، قدمه، في الرعاية لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ، وَهَذَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: الْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، تَغْلِيبًا لِتَحْرِيمِ قَتْلِهِ، كَمَا غَلَّبُوا تَحْرِيمَ أَكْلِهِ، وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ هُوَ أَوْ بَعْضُهُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ آدَمِيًّا وَمَالًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ، وَمِنْهُ جِنَايَةُ دَابَّتِهِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي "إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى" فِي الْغَصْبِ2 وَعِنْدَ مَالِكٍ وَدَاوُد: جُرْحُ الصَّيْدِ لَا يُضْمَنُ. لَنَا أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ تَنْفِيرِهِ، وَقَدْ منعه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ فَصْلِ قَتْلِ صَيْدِ الْبَرِّ: وَقِيلَ لَا يَفْدِي مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، انْتَهَى. "قُلْتُ": ليس كما قال "3عن الرعاية3"، فإنه قال فيها: وَمَا أَكَلَ أَبَوَاهُ فَدَى وَحَرُمَ قَتْلُهُ، وَكَذَا مَا أَكَلَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ دُونَهُ، وَقِيلَ لَا يَفْدِي كَمُحْرِمِ الْأَبَوَيْنِ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِالْفِدْيَةِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ "ذَكَرَهُ" فسبق القلم فقال "قدمه" والله أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
2 "7/249".
3 3 ليست في "ح".
الشَّارِعُ. وَكُلُّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ ضُمِنَتْ أَبْعَاضُهَا كَالْآدَمِيِّ وَالْمَالِ، وَلَا حُجَّةَ فِي الْآيَةِ1 "لِأَنَّهُ"2 أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَتْلِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ مَا نَقَصَهُ.
وَتَحْرُمُ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةُ وَالْإِعَانَةُ وَلَوْ بِإِعَارَةِ سِلَاحٍ لِيَقْتُلَهُ بِهِ3، سَوَاءً كَانَ مَعَهُ مَا يَقْتُلُهُ بِهِ أَوْ لَا، أَوْ بِمُنَاوَلَتِهِ سِلَاحَهُ أَوْ سَوْطَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِاصْطِيَادِهِ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَوْ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ فَرَسًا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الصَّيْدِ إلَّا بِهِ; لِأَنَّ فِي خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ أَشَارَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ"؟ قَالُوا: لَا. وَفِيهِ: أَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا فَلَمْ يُؤْذِنُونِي وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوَلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، قَالُوا: لَا وَاَللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ: إذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يتراءون شيئا، فنظرت فإذا حمار وحش4. وفيه: فبينما أنا مع
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .} [المائدة: 95] .
2 ليست في الأصل.
3 ليست في "س".
4 في الأصل و"ط""وحشي".
أَصْحَابِي يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ إذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارٍ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ1. وَيَضْمَنُهُ بِذَلِكَ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَبُو الْحَارِثِ فِي الدَّالِّ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْمُشِيرِ، وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِيهِ وَفِي الَّذِي يُعِينُ "وهـ" لِخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ، وَرَوَاهُ النَّجَّادُ2 عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُحْرِمٍ أَشَارَ.
وَأَمَّا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ: لَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ، فَقَالَ الْقَاضِي: الْمَعْرُوفُ عَنْهُ مَا رَوَاهُ3 النَّجَّادُ: لَا يَدُلُّ الْمُحْرِمُ عَلَى صَيْدٍ وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ. ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى دَلَالَةٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا التَّلَفُ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِعَانَةَ تُوجِبُ الْجَزَاءَ، كَذَا الْإِشَارَةُ; وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ سَبَبٌ يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِهِ يَخْتَصُّهُ كقتله وكحفر4 بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ وَشَرَكٍ وَإِمْسَاكِهِ، وَضَمَانُهُ آكَدُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَغَيْرُهُمْ، وَلِهَذَا يَضْمَنُهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ شَرَكٍ يَمْلِكُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ بِهِ وَلَوْ نَفَّرَهُ ضَمِنَهُ، وَلَوْ أَفْزَعَ عَبْدًا فَأَبَقَ فَلَا، زَادَ فِي الْخِلَافِ: وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَتَلِفَ فَرْخُهُ ضَمِنَهُ، وَلَوْ غَصَبَهُ فَمَاتَ فَرْخُهُ فَلَا. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: يَضْمَنُهُ قَادِرٌ لَمْ يَكُفَّ الضَّرَرُ عَنْهُ: وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: الدَّلَالَة يُضْمَنُ بِهَا الْمَالُ بِدَلِيلِ الْمُودِعُ يَدُلُّ عَلَى الْوَدِيعَةِ. فَقِيلَ لَهُ:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 البخاري "1821" مسلم "1196""56" و"64".
2 في الأصل "البخاري".
3 في الأصل "روى".
4 في الأصل و"ط""حفر".
لِتَفْرِيطِهِ فِي الْحِفْظِ؟ فَقَالَ قَدْ جَعَلْتَ سَبَبًا فِي التَّفْرِيطِ فِي الْحِفْظِ، فَكَذَا فِي ضَمَانِ الصَّيْدِ، كَالْإِتْلَافِ1، كَذَا قَالَ; وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِإِحْرَامِهِ عدم التفريط2، فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا الْتَزَمَهُ، كَالْمُودَعِ، بِخِلَافِ الْمُحِلِّ فَإِنَّهُ3 لَمْ يَلْتَزِمْ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمُبْهِجِ: إنْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ مُلْجِئَةً لَزِمَ الْمُحْرِمَ الْجَزَاءُ، كَقَوْلِهِ: دَخَلَ الصَّيْدُ فِي هَذِهِ الْمَغَارَةِ، وَإِلَّا4 لَمْ يَلْزَمْهُ، كَقَوْلِهِ: ذَهَبَ إلَى تِلْكَ الْبَرِّيَّةِ; لِأَنَّهُ لَا يُضْمَنُ بِالسَّبَبِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْجِئًا، لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَاتِلِ وَالدَّافِعِ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: بِأَنَّ الْمُمْسِكَ غَيْرُ مُلْجِئٍ وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ، وَالدَّلَالَةُ سَبَبٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ "5وَيَضْمَنُ بِهَا الْمُودَعُ5" وَسَبَقَ أَنَّ ضَمَانَ الصَّيْدِ آكَدُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ، لِمَا سَبَقَ، وَسَوَاءً كَانَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيَا لا يعلمه إلا بدلالته عليه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "كإتلاف".
2 في "ط""التعرض" وفي "س""التعريض".
3 في "س""لأنه".
4 في "س" ولا".
5 5 في "ق""لا يضمن".
وَلَا شَيْءَ عَلَى دَالٍّ وَمُشِيرٍ لِمَنْ رَأَى الصَّيْدَ قَبْلَ دَلَالَتِهِ وَإِشَارَتِهِ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَبَبًا فِي تَلَفِهِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْ الْمُحْرِمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ أَوْ1 اسْتِشْرَافٌ فَفَطَنَ لَهُ غَيْرُهُ فَصَادَهُ، أَوْ أَعَارَهُ آلَةً لِغَيْرِ الصَّيْدِ فَاسْتَعْمَلَهَا فِيهِ وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ: لَوْ دَلَّهُ فَكَذَّبَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ.
وَإِنْ نَصَبَ شَبَكَةً ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ، كَدَارِهِ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ، كَالْآدَمِيِّ فيها2 وَأَطْلَقَ فِي الِانْتِصَارِ ضَمَانَهُ وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ.
وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ فِي الْفَارِّ مِنْ الزَّكَاةِ بِنَصْبِ الْيَهُودِ الشَّبَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَخَذُوا يَوْمَ الْأَحَدِ مَا سَقَطَ فِيهَا، وَأَنَّهُ شُرِعَ لَنَا، وَمُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا لَمْ يَتَحَيَّلْ فَالْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ واحدة، وإذا يَتَحَيَّلْ3 فَالْخِلَافُ وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ.
وَفِي الْفُصُولِ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ: فِي دِبْقٍ4 قَبْلَ إحْرَامِهِ لَا يَضْمَنُ بِهِ بَلْ بَعْدَهُ، كَنَصْبِ أُحْبُولَةٍ وحفر بئر ورمي، اعتبارا بحال النصب
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "و".
2 في "ط" و"س""فيهما".
3 في النسخ الخطية و"ط""لم يتحيل" والمثبت من الإنصاف "8/280".
4 في "س""زبيق" والدبق: شيء يلتصق كالغراء تصاد به الطير مختار الصحاح "دبق".
وَالرَّمْيِ، وَيَحْتَمِلُ الضَّمَانَ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ، كَرَمْيِهِ عَبْدًا فَأَصَابَ حُرًّا، وَقَالَ: يَتَصَدَّقُ مَنْ آذَاهُ أو1 أفزعه بِحَسَبِ أَذِيَّتِهِ2، وَقَالَ: أَظُنُّهُ اسْتِحْسَانًا3 كَالْآدَمِيِّ. قَالَ: وَتَقْرِيبُهُ كَلْبًا مِنْ مَكَانِ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ، كَتَقْرِيبِهِ الصَّيْدَ مِنْ مَهْلَكَةٍ.
وَمَنْ نَفَّرَ صَيْدًا فَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ فِي حَالِ نُفُورِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُ بَعْدَ أَمْنِهِ مِنْ نُفُورِهِ فَلَا، وَقِيلَ: بَلَى; لِأَنَّ عُمَرَ دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَلَى وَاقِفٍ فِي الْبَيْتِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ طَيْرٌ مِنْ هَذَا الْحَمَامِ فَأَطَارَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُلَطِّخَهُ بِسُلْحِهِ4 فَوَقَعَ عَلَى وَاقِفٍ آخَرَ فَانْتَهَزَتْهُ5 حَيَّةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَقَالَ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ6: إنِّي وَجَدْت فِي نَفْسِي أَنِّي أَطْرَتْهُ مِنْ مَنْزِلٍ كَانَ فِيهِ7 آمِنًا إلَى مَوْقِعَةٍ كَانَ فِيهَا حَتْفُهُ، فَقَالَ نَافِعٌ لِعُثْمَانَ: كَيْفَ تَرَى فِي غَيْرِ ثَنِيَّةٍ عَفْوًا تَحْكُمُ بِهَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَرَى ذلك فأمر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""و".
2 في "س""أذنيه".
3 في "س""استحبابا".
4 سلح الطائر سلحا من باب نفع وهومنه كالتغوط من الإنسان المصباح "سلح".
5 في "س""فانتهزته".
6 نافع بن عبد الحارث بن خالد الخزاعي أسلم يوم الفتح وأمره عمر على مكة الإصابة "6/408". تهذيب التهذيب "10/407".
7 ليست في الأصل.
بِهَا عُمَرُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1.
وَإِنْ تَلِفَ فِي حَالِ نُفُورِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَوَجْهَانِ "م 23". وَإِنْ رَمَاهُ فَأَصَابَهُ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَا ضَمِنَهُمَا، وَإِنْ مَشَى الْمَجْرُوحُ قَلِيلًا ثُمَّ سَقَطَ عَلَى الْآخَرِ ضَمِنَ الْمَجْرُوحَ فَقَطْ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يَضْمَنُهُمَا.
وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ أَعَانَهُ أَوْ أَشَارَ فَقَتَلَهُ أَوْ اشْتَرَكَا فِي قتله فروايات: إحداهن جزاء واحد على الجميع، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُشْتَرِكِينَ; لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْمِثْلَ فَلَا يجب غيره، {وَمَنْ قَتَلَهُ} [المائدة: 95] ظَاهِرٌ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ، فَالْقَتْلُ هُوَ الْفِعْلُ الْمُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الرُّوحِ، وَهُوَ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ لا فعل كل واحد، كقوله: من
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 23" قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ فِي حَالِ نُفُورِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: لَوْ نَفَّرَهُ فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَأَطْلَقُوا التَّلَفَ. فَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْآفَةَ السَّمَاوِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، وَلَا يُمْكِنُ إحَالَتُهُ عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ، فَتَعَيَّنَ إحَالَتُهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وقيل: لا بآفة سماوية، في الأصح.
1 في مسنده "1/333".
جَاءَ بِعَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، فَجَاءَ بِهِ جَمَاعَةٌ; لِأَنَّ الْمَجِيءَ مُشْتَرَكٌ، بِخِلَافِ: مَنْ دَخَلَ "1دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ. فَدَخَلَهَا جَمَاعَةٌ، لِوُجُودِ الدُّخُولِ، وَهُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ إلَى دَاخِلٍ1" مُنْفَرِدًا، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ""1وَلَمْ يُفَرِّقْ1" وَرَوَاهُ النَّجَّادُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَكَذَا رَوَاهُ النَّجَّادُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2. وَلَمْ يعرف لهم مُخَالِفٌ; وَلِأَنَّهُ جَزَاءٌ عَنْ مَقْتُولٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ، وَيَحْتَمِلُ التَّبْعِيضَ، فَكَانَ وَاحِدًا، كَقِيَمِ الْعَبِيدِ وَالْمُتْلَفَاتِ، وَكَذَا الدِّيَةُ، لَا كَفَّارَةَ الْقَتْلِ، عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَصَحِّ فِيهِمَا.
قَالَ الْقَاضِي: وَجَزَاءُ الصَّيْدِ يَتَبَعَّضُ; لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ بَعْضَ الْجَزَاءِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ لَا تَتَبَعَّضُ، فَلَا يَخْرُجُ بَعْضُ الرَّقَبَةِ وَيَصُومُ، وَمَتَى ثَبَتَ اتِّحَادُ3 الْجَزَاءِ فِي الْهَدْيِ ثَبَتَ فِي الصَّوْمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} [المائدة: 95] وَلِمَا سَبَقَ.
"وَالثَّانِيَةُ" عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ "وهـ" وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُشْتَرِكِينَ، كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَيَأْتِي خِلَافُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي صيد الحرم4.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 1 ليست في "س".
2 الشافعي في مسنده "1/331" والدارقطني في سننه "2/246، 247".
3 في الأصل "إيجاب".
4 ص "475".
"وَالثَّالِثَةُ": جَزَاءٌ وَاحِدٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ، وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ; لِأَنَّ الْجَزَاءَ بَدَلٌ لَا كَفَّارَةٌ; لِأَنَّ اللَّهَ عَطَفَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ، وَالصَّوْمُ كَفَّارَةٌ، فَتَكْمُلُ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ1; وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: لَوْ وَطِئَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَحَمَّلُهَا "الزَّوْجُ" عَنْهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ، وَإِلَّا فَعَلَى "2كُلٍّ مِنْهُمَا2" صَوْمٌ كَامِلٌ، وَهِيَ طَرِيقٌ جَيِّدَةٌ عَلَيْهِمْ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: لَا جَزَاءَ عَلَى مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مَعَ مُحْرِمٍ قَاتِلٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مَعَ مُبَاشِرٍ. وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ، لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ ليملكه فقتله محل، وقيل: القرار عليه "وهـ" لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ فِعْلَ الْمُمْسِكِ عِلَّةً وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ على الممسك، لتأكده "م 24" وأن عَكْسَهُ الْمَالُ، كَذَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ وَالشَّرِيكُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَالْمُحِلِّ "3فِي الْحِلِّ3" فالجزاء جميعه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"الْمَسْأَلَةُ 24" قَوْلُهُ: وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ أَعَانَهُ أَوْ أَشَارَ فَقَتَلَهُ أَوْ اشْتَرَكَا فِي قتله فروايات: إحداهن جزاء واحد على الجميع، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَالثَّانِيَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالثَّالِثَةُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ، وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ: لَا جَزَاءَ عَلَى مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مَعَ مُحْرِمٍ قَاتِلٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا4
1 في "س""آدمي".
2 2 في الأصل "كل واحد منهم".
3 3 ليست في الأصل.
4 في النسخ الخطية و"ط""ممسكا" والتصحيح من الفروع.
عَلَى الْمُحْرِمِ، فِي الْأَشْهَرِ، قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: نَصَّ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ، قَالَ الْقَاضِي: فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يريد به جميعه، ويحتمل بحصته "وش" وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ: لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ، فَغَلَبَ الْإِيجَابُ، كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَصَيْدِ بَعْضِهِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضِهِ فِي الْحَرَمِ، وَجَزَاءُ الصَّيْدِ آكَدُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ، لِمَا سَبَقَ في الدال1، وكذا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَعَ مُبَاشِرٍ، وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ فَقَتَلَهُ مُحِلٌّ، وَقِيلَ: الْقَرَارُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ، وَجَزَمَ "بِهِ" ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ عَلَى الْمُمْسِكِ، لِتَأَكُّدِهِ، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
إحْدَاهُنَّ عَلَى الْجَمِيعِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَيْضًا وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 فِي مَوْضِعٍ، وَقَدَّمَهُ فِي آخَرَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَقَالَ: هَذَا أَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَاتِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَحَكَاهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَجْهَيْنِ وأطلقهما.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَقَالَ: هَذَا أَظْهَرُ، انْتَهَى. وَالْأَقْوَالُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ الرِّوَايَةِ، الْمَذْهَبُ خِلَافُهَا، وَقَدْ قدمه المصنف وغيره.
1 ص "470".
2 ص "169".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "9/33".
4 "2/362".
الْخِلَافُ إنْ كَانَ الشَّرِيكُ سَبُعًا. فَإِنْ سَبَقَ1 حَلَالٌ وَسَبُعٌ فَجَرَحَهُ2 فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ3 مَجْرُوحًا، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ فَعَلَيْهِ أَرْشُ جُرْحِهِ، فَلَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ ضَمِنَ الْجَارِحُ نَقْصَهُ وَالْقَاتِلُ تَتِمَّةَ الْجَزَاءِ.
وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ صَيْدٌ صَادَهُ أَوْ ذَبَحَهُ إجْمَاعًا، وَكَذَا إنْ دَلَّ حَلَالًا أَوْ أَعَانَهُ أَوْ أَشَارَ "و" وَكَذَا أَكْلُهُ مَا صيد له، نقله الجماعة "وم ش" لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ4 مِنْ حَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ5 أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي قَالَ:"إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ".
وَلِمُسْلِمٍ6 هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ: رِجْلَ حِمَارٍ، وَفِي لَفْظٍ: شِقَّ حِمَارٍ. وَفِي لَفْظٍ: عَجُزَ حِمَارٍ يَقْطُرُ دَمًا.
وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ7 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ السَّابِقِ قَالَ: وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْته أَنِّي اصْطَدْته لَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُ مَعْمَرٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ8: أنه أكل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""كان".
2 في النسخ الخطية "يجرحه" والمثبت من "ط".
3 في الأصل "جزاءان".
4 البخاري "18825" ومسلم "1193""50".
5 الصعب بن جثامة بن قيس بن ربيعة بن عبد الله الليثي حليف قريش مات في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وقيل في آخر خلافة عمر الإصابة "5/139".
6 في صحيحه "1194""53""54".
7 أحمد "222590" وابن ماجه "3093" والدارقطني "2/290".
8 البخاري "2854" ومسلم "1196""63".
مِنْهُ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ1 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الْإِحْرَامِ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَقَالَ: لَا نَعْرِفُ لِلْمُطَّلِبِ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ3: يُشْبِهُ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ4 أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَمِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا5: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ ثِقَةٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ عَنْ جَابِرٍ. وَعَمْرو مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَوَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِهَذَا الْخَبَرِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَقَالَ: إلَيْهِ أَذْهَبُ.
وَصَحَّ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا فَقَالُوا: أَلَا تَأْكُلُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: إنِّي لَسْت كَهَيْئَتِكُمْ، إنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي. رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ6.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَكْلُهُ مَا صِيدَ لَهُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الِانْتِصَارِ; لِأَنَّ خَبَرَ أَبِي قَتَادَةَ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ بِالْإِشَارَةِ والإعانة فقط، قلنا: وبالأمر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""خطب" وهو المطلب بن عبد الله بن حنطب القرشي المخزومي المدني أحد الثقات السير "5/317".
2 الشافعي في مسنده "1/323: وأحمد "14894" وأبو داود "1851" والنسائي في المجتبى "5/187" والترمذي "846".
3 في "س""جابر".
4 في مسنده "15158".
5 أحمد "15185".
6 مالك في الموطأ "1/354" والشافعي في مسنده "1/324".
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ مِنْهُمْ الْجَوَازَ فِيهِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَهُمْ: يَأْكُلُ إذَا لَمْ يَدُلَّ وَلَا أَمَرَ. فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ مُحْرِمَةٌ، قَالُوا: وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ خَبَرُ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا كَلَامُهُ، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَقَ أَخَصُّ.
وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ غَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِأَنَّ فِي خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ "هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَقَالَ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ، فَأُهْدِيَ لَنَا طَيْرٌ وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ فَلَمْ يَأْكُلْ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ، وَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ2. وَأَفْتَى بِهِ، أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْ أَفْتَيْتهمْ بِغَيْرِهِ لَأَوْجَعْتُك رَوَاهُ مَالِكٌ3.
وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ4 وَغَيْرِهِمْ: يَحْرُمُ، وَقَالَهُ طَاوُسٌ، وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ لِخَبَرِ الصَّعْبِ5 وَكَمَا لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَمَا سَبَقَ أَخَصُّ، وَالْجَمْعُ أَوْلَى.
وَمَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ لِدَلَالَةٍ أَوْ إعَانَةٍ وَصَيْدٍ لَهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى محرم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 تقدم تخريجه ص "469".
2 في صحيحه "1197""65".
3 الموطأ "1/352".
4 أثر علي أخرجه أبو داود في سننه "1849" وأما أثر ابن عباس فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/194" وابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "341" وأما أثر عائشة فأخرجه مالك في الموطأ "1/354" وابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "341".
5 تقدم ص "477".
غَيْرِهِ، كَحَلَالٍ، لِمَا سَبَقَ، وَلَنَا قَوْلٌ: يَحْرُمُ; لِأَنَّ ظَاهِرَ خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ تَحْرِيمُهُ إشَارَةٌ وَاحِدٌ قُلْنَا: نَعَمْ، عَلَى الْمُشِيرِ.
وَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ أَكَلَهُ ضَمِنَهُ، لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ; لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ، فَلَمْ يَتَكَرَّرْ، كَإِتْلَافِهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ، وَكَصَيْدِ الْحَرَمِ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَأَكَلَهُ; وَلِأَنَّهُ حَرَمٌ وَلِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَا يَضْمَنُ; وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ مُحْرِمٌ آخَرُ "و" وَكَذَا إنْ دَلَّ أَوْ أَعَانَ أَوْ أَشَارَ فَأَكَلَ مِنْهُ وَفِي الْغُنْيَةِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
وَإِنْ أَكَلَ مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، خِلَافًا لِأَصَحِّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، لَنَا أَنَّهُ إتْلَافٌ مُنِعَ مِنْهُ لِلْإِحْرَامِ، كَقَتْلِ الصَّيْدِ، وَلِهَذَا يُبَاحُ لِغَيْرِهِ، فَلَوْ حَرَقَهُ بِنَارٍ فَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يَضْمَنُهُ، وَفِي الْخِلَافِ: لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ فِيهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، وَكَالطِّيبِ لَوْ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَوْ تَطَيَّبَ ضَمِنَهُ، وَيَضْمَنُ بَعْضَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا، لِضَمَانِ أَصْلِهِ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ، وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ، لِجَوَازِ عُدُولِهِ إلَى عَدْلِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَوْمٍ. وَفِي الْخِلَافِ: لَا يُعْرَفُ فِيمَا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دُونَ النَّفْسِ، فَلَوْ قُلْنَا بِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَإِنْ سَلَّمْنَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ فِي شَعْرِهِ ثُلُثَ دَمٍ; لِأَنَّ النَّقْصَ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ لَا يُضْمَنُ بِهِ، كَطَعَامِ سَوَّسَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ; وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ، فَلَمْ يَجِبْ، كَمَا فِي الزَّكَاةِ، وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ وَجْهَيْنِ. وَبَيْضُ الصَّيْدِ مِثْلُهُ، فِيمَا سَبَقَ.
وَإِنْ قَتَلَهُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيَاسِ قَوْلِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و"; لِأَنَّهُ قَتَلَهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ، كَآدَمِيٍّ وَكَجَمْلٍ صَائِلٍ، وَسَلَّمَهُ1 الْحَنَفِيَّةُ; لِأَنَّهُ أُذِنَ مِنْ صَاحِبِ الحق وهو العبد، وهنا أذن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "وسلم".
الشَّارِعُ لِإِذْنِهِ فِي الْفَوَاسِقِ1 لِدَفْعِ أَذًى مُتَوَهَّمٍ، فَالْمُتَحَقَّقُ أَوْلَى، وَفِي التَّنْبِيهِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَقَالَهُ زُفَرُ، كَجَمَلٍ صَائِلٍ عِنْدَهُمْ، وَكَقَتْلِهِ2 لِحَاجَةِ أَكْلِهِ، فِي الْأَصَحِّ "و" خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَسَوَاءٌ خَشِيَ مِنْهُ تَلَفًا أَوْ مَضَرَّةً أَوْ عَلَى بَعْضِ مَالِهِ. وَكَذَا إنْ خَلَّصَهُ مِنْ شَبَكَةٍ أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَتَلِفَ قَبْلَ إرْسَالِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، فِي الْأَشْهَرِ "و" لِأَنَّهُ فِعْلٌ مباح لحاجته3، كَمُدَاوَاةِ الْوَلِيِّ مُوَلِّيهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ فَوَدِيعَةٌ، وَلَهُ أَخْذُ مَا لَا يَضُرُّهُ، كَيَدٍ مُتَأَكِّلَةٍ، وَإِنْ أَزْمَنَهُ فَجَزَاؤُهُ "و" لِأَنَّهُ كَتَالِفٍ، وَكَجُرْحٍ تُيُقِّنَ بِهِ مَوْتُهُ، وَقِيلَ: مَا نَقَصَ، لِئَلَّا يَجِبَ جَزَاءَانِ لَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ; وَلِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَتْلِهِ.
وَإِنْ جَرَحَهُ غَيْرَ مُوحٍ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ، لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ، وَإِنْ جَهِلَ خَبَرَهُ فَأَرْشُ الْجُرْحِ، فَيُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غَيْرَ مُنْدَمِلٍ، لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ، فَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ سُدُسُهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَقِيلَ: يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ كله "م 25"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 25": قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَحَهُ غَيْرَ مُوحٍ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ. وَإِنْ جَهِلَ خَبَرَهُ فَأَرْشُ الْجُرْحِ، فَيُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غير مندمل، لعدم
1 أخرجه البخاري في صحيحه "1829" من حديث عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور".
2 في الأصل "وكقتل".
3 في الأصل و"ط""كحاجته".
وكذا إن وجد1 ميتا ولم يعلم موته بالجرح، وقيل: يضمن كُلَّهُ، إحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ الْمَعْلُومِ، وَهُوَ أظهر، كنظائره "م 26" وإن كان موحيا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ فَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ سُدُسُهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَقِيلَ يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ، وَقِيلَ، يَضْمَنُ كُلَّهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ.
"إحْدَاهُمَا": يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ "قُلْتُ": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ الصَّيْدِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ كَمَا قَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ، وَكَذَا صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ، وَقَدَّمُوا وُجُوبَ مِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ لَحْمًا، فَكَذَا هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ، قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ قِيمَةِ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا أَتْلَفَ2 جُزْءًا مِنْ الصَّيْدِ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ3، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى هذا الخلاف، والله أعلم.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَ خِلَافَهُ قَدْ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ.
"مَسْأَلَةٌ 26" قَوْلُهُ: وَكَذَا "4إنْ وَجَدَهُ4" مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ بِالْجُرْحِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ كُلَّهُ إحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ الْمَعْلُومِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، كَنَظَائِرِهِ، انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّهَا كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ، وَقَدْ عَلِمْتَ الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيهَا، فَكَذَا فِي هَذِهِ.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ كُلَّهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ أَظْهَرُ. "قُلْتُ": وَهُوَ الصواب.
1 في "ط""وجده".
2 في "ص""تلف".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "9/37".
4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
و1 غَابَ غَيْرَ مُنْدَمِلٍ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، كَقَتْلِهِ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ إذَا جَرَجَهُ وغاب وجهل خبره فعليه جزاؤه "وم" لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لَا يَضْمَنُهُ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ فَلَا2 يَضْمَنُ بِالشَّكِّ.
وَأَجَابَ3 "الْقَاضِي" بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ، كَالْجَنِينِ، كَذَا قَالُوا، وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ، وَسَبَقَ قَوْلُ مَالِكٍ وَدَاوُد أَوَّلَ الْفَصْلِ4.
وَإِنْ أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَا يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ، كَبَيْتِهِ وَنَائِبِهِ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَلَا يَضُمُّهُ وَلَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ، وَمَنْ غَصَبَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ كَرَحْلِهِ وَخَيْمَتِهِ وَقَفَصِهِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ، وَمِلْكُهُ بَاقٍ، فَيَرُدُّهُ مَنْ أَخَذَهُ، وَيَضْمَنُهُ مَنْ قَتَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ، فَقِيلَ: يَضْمَنُهُ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ: إنْ أَمْكَنَهُ، وَإِلَّا فَلَا، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ "م 27" نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ، وَعَلَيْهِ الأصحاب "وهـ م"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةُ كَرَحْلِهِ وخيمته وقفصه لزمه
1 في الأصل "أو".
2 في الأصل "فلم".
3 بعدها في "ط""القاضي".
4 ص "467".
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَزُولُ مِلْكُهُ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي لَا.
وَلَهُ فِي لُزُومِ إرْسَالِهِ مُطْلَقًا قَوْلَانِ، وَالْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ مِنْ قَفَصٍ مَعَهُ، وَلَهُمْ قَوْلٌ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضِيعُ، لَنَا عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ قِيَاسُهُ عَلَى سَائِرِ أَمْلَاكِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ مُنِعَ ابْتِدَاءَ تَمَلُّكِهِ زَوَالُهُ، بِدَلِيلِ الْبُضْعِ، وَلَا مَنْ رَفَعَ يَدَهُ الْمُشَاهَدَةَ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ فِي الصَّيْدِ، وَالْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ وَمِلْكُهُ ثَابِتٌ، وَلَنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إزَالَةُ يَدِهِ الْحُكْمِيَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ فِعْلِهِ فِي الصَّيْدِ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَلِهَذَا لَوْ جَرَحَهُ حَلَالًا فَمَاتَ بَعْدَ إحْرَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، بِخِلَافِ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إرْسَالُهُ، وَمِلْكُهُ بَاقٍ. وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ فَقِيلَ: يَضْمَنُهُ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ: إنْ أَمْكَنَهُ، وَإِلَّا فَلَا، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ، انْتَهَى.
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الضَّمَانُ مُطْلَقًا ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالنَّاظِمُ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِابْنِ عَقِيلٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي2، وَكَذَا الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ. وَابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بين اليدين، وعليه الأصحاب.
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "9/36".
2 "5/422 – 423".
فَإِنَّهُ فَعَلَ الْإِمْسَاكَ، وَاسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُمْسِكُ شَيْئًا حَنِثَ بِاسْتِدَامَتِهِ، فَهُوَ كَاللُّبْسِ.
وَإِنْ أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ "وم ش" وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا تَعَيَّنَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِعْلُهُ فِي هَذِهِ الْعَيْنِ خَاصَّةً، كَالْمَغْصُوبِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُهُ; لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحْتَرَمٌ، فَلَا يَبْطُلُ بِإِحْرَامِهِ، وَقَدْ أَتْلَفَهُ الْمُرْسِلُ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ، وَيُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِتَخْلِيَتِهِ بِنِيَّتِهِ، بِخِلَافِ أَخْذِهِ فِي الْإِحْرَامِ، فَإِنَّهُ1 لَمْ يَمْلِكْهُ، فَلَا يَضْمَنُهُ مُرْسِلُهُ "و" قِيلَ لِلْقَاضِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِالْوَحْشِ، بَلْ يَرْفَعُ يَدَهُ وَيَتْرُكُهُ فِي مَنْزِلِهِ وَفِي قَفَصِهِ، فَقَالَ: أَمَّا عَلَى أَصْلِنَا فَيَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: يُرْسِلُهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِكُمْ، ثُمَّ قَاسَهُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا الْفَرْعُ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَقَدْ فَرَّقَ هُوَ فِي بَحْثِهِ مَعَ الشَّافِعِيِّ بِمَنْعِ ابْتِدَاءِ التَّمْلِيكِ; وَلِهَذَا قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: لَا يُرْسِلُهُ بَعْدَ حِلِّهِ، كَمَا لَا يَتْرُكُ اللُّبْسَ بَعْد حِلِّهِ، وَيَلْزَمُهُ قَبْلَهُ، وَاعْتَبَرَهُ فِي الْمُغْنِي2 بِعَصِيرٍ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ قَبْلَ إرَاقَتِهِ، فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مُتَوَجِّهٌ.
وَفِي الْكَافِي3: يُرْسِلُهُ بَعْدَ حِلِّهِ، كَمَا لَوْ صَادَهُ، كَذَا قَالَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَلَا يَصِحُّ نَقْلُ مِلْكِهِ 4عَمَّا بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ زَالَ مِلْكُهُ4 عَنْهُ; لِأَنَّهُ لا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""لأنه".
2 "5/423".
3 "2/392".
4 4 ليست في "س".
يَجُوزُ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكِهِ، وَالنِّكَاحُ يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ وَالْبَقَاءِ; فَلِهَذَا لَا يَزُولُ. كَذَا قَالَ.
وَإِنْ مَلَكَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَزِمَهُ رَفْعُ يَدِهِ وَإِرْسَالُهُ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ ضَمِنَهُ، كَصَيْدِ الْحِلِّ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وهـ". وَيَتَوَجَّهُ: لَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَلَهُ ذَبْحُهُ وَنَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ وم ش" لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا نَهَى عَنْ تَنْفِيرِ صَيْدِ مَكَّةَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِثْلَ هَذَا الْحُكْمِ الْخَفِيِّ مع كثرة وقوعه والصحابة مختلفون فيه1، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ فِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّهُ آكَدُ لِتَحْرِيمِهِ مَا لَا يُحَرِّمُهُ.
وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ إرْثٍ "و" لِخَبَرِ الصَّعْبِ السَّابِقِ2، فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ; لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ كَالْخَمْرِ. وَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ تَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمُعَيَّنِ لِمَالِكِهِ أَيْضًا. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا شَيْءَ لِوَاهِبِهِ، وَإِنْ قَبَضَهُ رَهْنًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ3. وَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ وَلَا جَزَاءَ، وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ، وَقِيلَ: يُرْسِلُهُ لِئَلَّا تَثْبُتَ يَدُهُ الْمُشَاهَدَةُ عَلَيْهِ "وهـ م" وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَمِثْلُهُ مُتَّهِبُهُ عَلَى وَاهِبِهِ، فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ رَدِّهِ فَهَدَرٌ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأصل.
2 ص "477".
3 أي: إن لم يتلف.
وَلَا يُتَوَكَّلُ فِي صَيْدٍ، وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَا فَسْخُ بَائِعِهِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ بَلْ فَسْخُ الْمُشْتَرِي بِهِمَا، وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُحْرِمِ وَيُرْسِلُهُ.
وَيَمْلِكُهُ بِإِرْثٍ; لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ. وَيَمْلِكُ بِهِ الْكَافِرُ، فَجَرَى مَجْرَى الِاسْتِدَامَةِ. وَقِيلَ: لَا، كَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ فَيَمْلِكُهُ إذَا حَلَّ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَمْلِكُهُ بِشِرَاءٍ وَاتِّهَابٍ.
وَإِنْ ذَبَحَ صَيْدًا أَوْ قَتَلَهُ فَمَيْتَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ قَتَلَهُ لِصُولِهِ; لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ لِمَعْنًى فِيهِ، لِحَقِّ اللَّهِ، كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِ، فَسَاوَاهُ فِيهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي غَيْرِهِ; وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ فَلَمْ يَحِلَّ لِغَيْرِهِ، كَذَبْحٍ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِجُرْحِهِ، وَالْمِلْكُ أوسع
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُ بِإِرْثٍ، وَقِيلَ: لَا. وَفِي الرعاية: يملكه بشراء واتهاب، انْتَهَى.
قُلْتُ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا بِاصْطِيَادِهِ بِحَالٍّ وَلَا بِشِرَاءٍ وَلَا اتِّهَابٍ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، انْتَهَى. فَلَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا، وَتَقْدِيرُهُ: وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: يَمْلِكُهُ بشراء واتهاب، والله أعلم.
مِنْ الْإِبَاحَةِ، بِدَلِيلِ الْمَجُوسِيِّ، فَتَحْرِيمُهُ أَوْلَى، وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ قَوْله تَعَالَى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] ومن قوله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ"1.
وَعَنْ الْحَكَمِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ إبَاحَتُهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَلَهُ قَوْلٌ: يَحِلُّ لِغَيْرِهِ. وَأَبَاحَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ2 وَأَيُّوبُ3 لِحَلَالٍ.
وَإِنْ اُضْطُرَّ فَذَبَحَهُ فَمَيْتَةٌ أَيْضًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ "رحمه الله" كُلُّ مَا اصْطَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ قَتَلَهُ فَإِنَّمَا هُوَ قَتْلٌ قَتَلَهُ، كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَيَتَوَجَّهُ حِلُّهُ لِحِلِّ فِعْلِهِ وَإِنْ ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَمٍ فَكَالْمُحْرِمِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلَانِ.
وَإِنْ كَسَرَ مُحْرِمٌ بَيْضَ صَيْدٍ حَلَّ لِمُحِلٍّ، كَكَسْرِ مَجُوسِيٍّ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ كَالذَّبْحِ، لِحِلِّهِ لِمُحْرِمٍ بِكَسْرِ مُحِلٍّ لَا بكسر محرم. وفي الرعاية: يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا كَسَرَهُ، وَقِيلَ: وَعَلَى حَلَالٍ ومحرم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البخاري "5503" ومسلم "1968""20".
2 عمرو بن دينار المكي أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم أحد الأعلام ثقة ثبت كثير الحديث وكان مفتي أهل مكة في زمانه "ت 126 هـ" تهذيب التهذيب "3/268".
3 أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أبو بكر البصري وكان ثقة ثبتا في الحديث جامعا كثير العلم حجة عدلا "ت 131 هـ" تهذيب التهذيب "1/200 – 201".
وَإِنْ أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدًا حَتَّى حَلَّ ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ، لِتَحْرِيمِ إمْسَاكِهِ، كَغَصْبٍ، وَكَذَا بِذَبْحِهِ، وَهُوَ مَيْتَةٌ، لِضَمَانِهِ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ، كَحَالِ إحْرَامِهِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَأْكُلُهُ وَيَضْمَنُهُ كَصَيْدِهِ بَعْدَ الْحِلِّ، كَذَا قَالَ، وَكَذَا إنْ أَمْسَكَ صَيْدَ حَرَمٍ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ.
وَإِنْ جَلَبَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ "و". وَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ لِعَارِضٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَيْضُهُ "م 28" وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ بِمِثْلِهِ، نص عليه "وم ش" وَدَاوُد.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: بِقِيمَتِهِ، ثُمَّ لَهُ صَرْفُهَا فِي النَّعَمِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الْهَدَايَا فَقَطْ. لَنَا {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ.
{فَجَزَاءٌ} مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ يُقْرَأُ في السبع بتنوينه1، {مِثْلُ} صِفَةٌ أَوْ بَدَلٌ، وَيُقْرَأُ شَاذًّا2 بِنَصَبِ {مِثْلُ} ، أَيْ يَخْرُجُ مِثْلُ. وَقَدَّرْنَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَيُقْرَأُ بِإِضَافَةِ الْجَزَاءِ إلَى {مِثْلُ} 3، فمثل في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 28" قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَمْسَكَ صَيْدَ حَرَمٍ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ. ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ وَإِنْ جَلَبَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ، وَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ لِعَارِضٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَيْضِهِ، انْتَهَى. "قُلْتُ": الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ كَأَصْلِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَاَللَّهُ أعلم.
1 قرأ بالتنوين من السبعة الكوفيين عاصم وحمزة والكسائي التيسير في القراءات السبع للداني ص "100".
2 هذه القراءة الشاذة قراءة أبي عبد الرحمن السلمي البحر المحيط "4/18".
3 قرأ بالإضافة باقي السبعة نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر التيسير في القراءات السبع ص "100".
حُكْمِ الزَّائِدِ، كَقَوْلِهِمْ: مِثْلِي لَا يَقُولُ ذَلِكَ، أَيْ أَنَا لَا أَقُولُ، وَقَدَّرْنَا; لِأَنَّ الَّذِي يجب به الجزاء المقتول لا مثله، و {مِنَ النَّعَمِ} صِفَةٌ لِجَزَاءٍ إنْ نَوَّنْته، أَيْ جَزَاءٌ كَائِنٌ مِنْ النَّعَمِ، وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إنْ نصبت {مِثْلُ} ، لِعَمَلِهِ فِيهِمَا; لِأَنَّهُمَا مِنْ صِلَته، لَا إنْ رَفَعْته; لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ صِلَتِهِ، وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ بِصِفَةٍ أَوْ بَدَلٍ، وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إنْ أَضَفْته. وَيَجُوزُ مُطْلَقًا جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ فِي {قَتَلَ} ; لِأَنَّ الْمَقْتُولَ يَكُونُ مِنْ النَّعَمِ و {يَحْكُمُ بِهِ} صِفَةُ جَزَاءٍ إذَا نَوَّنْته1، وَإِذَا أَضَفْته فَفِي مَوْضِعِ حَالٍ عَامِلُهَا مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ الْمُقَدَّرِ فِي الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ.
وَقَالَ جَابِرٌ سَأَلْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الضَّبُعِ فَقَالَ: "هُوَ صَيْدٌ وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْهُ. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3.
عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ: "جَزَاءٌ كَبْشٌ مُسِنٌّ وَتُؤْكَلُ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَلَهُ أَيْضًا عَنْ ابن عباس مرفوعا بإسناد حسن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""نويته".
2 في سننه "3801".
3 في سننه "3085".
4 في سننه "2/245".
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1 عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا، وَلَهُ2 عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فِي الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ. وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ وَالْجَفْرَةُ: الَّتِي قَدْ أَرْبَعَتْ.
الْأَجْلَحُ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوقٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَقْرَبَهُ مِنْ فِطْرٍ وَفِطْرٌ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ. وَكِلَاهُمَا شِيعِيٌّ. وَلِمَالِكٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَذْهَبُ إلَيْهِ، وَحَكَمَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي ظَبْيٍ بِعَنْزٍ، رَوَاهُ مَالِكٌ3 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ.
وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَرْبَدَ أَوْطَأَ ظَبْيًا فَفَزَرَ ظَهْرَهُ فَسَأَلَ أَرْبَدَ عُمَرَ فَقَالَ: اُحْكُمْ يَا أَرْبَدُ فِيهِ. فَقَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي يَا أمير المؤمنين
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في مسنده "1/329".
2 الدارقطني "2/246".
3 في الموطأ "1/414".
وَأَعْلَمُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنَّمَا أَمَرْتُك أَنْ تَحْكُمَ فِيهِ وَلَمْ آمُرْك أَنْ تُزَكِّيَنِي، فَقَالَ أَرْبَدُ: أَرَى فِيهِ جَدْيًا قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ فَقَالَ عُمَرُ: فَذَلِكَ فِيهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ2، وَقَضَى ابْنُ عُمَرَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي ضَبُعٍ بِكَبْشٍ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3، وَقَضَى ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَمَامَةٍ بِشَاةٍ، قَالَ عَطَاءٌ: مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ4.
قَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ، لِمَا سَبَقَ مِنْ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَقَوْلِهِ لِعُمَرَ: قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ، وَلِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالسِّعْرِ وَصِفَةِ الْمُتْلَفِ، وَلَمْ يُوصَفْ لَهُمْ وَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ; وَلِأَنَّ الْجَفْرَةَ لَا تُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا; وَلِأَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ، وَالشَّاةُ خَيْرٌ مِنْ الْحَمَامَةِ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُخْرَجٌ عَلَى وَجْهِ التَّكْفِيرِ، فَكَانَ أَصْلًا، كَالْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ، وَبَعْضُهُ هَلْ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِقِيمَتِهِ؟ سَبَقَ فِيمَا إذَا أَكَلَ مِمَّا صِيدَ لَهُ5.
وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ مَعَ ضَمَانِ قِيمَتِهِ لربه "و"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في مسنده "1/332".
2 في مسنده "1/331".
3 في سننه "2/250".
4 في مسنده "1/334".
5 ص "468 – 469".
الْجَزَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ "و" فَإِنْ حَرُمَ أَكْلُهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ حَلَّ ضَمِنَ نَقْصَهُ، لِعُمُومِ الْآيَةِ1 وَالْخَبَرِ1; لِأَنَّهُ صَيْدٌ حَقِيقَةً; وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ لِلْإِحْرَامِ، كَغَيْرِهِ; وَلِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ فَاجْتَمَعَا، كَالْعَبْدِ وَعِنْدَ دَاوُد: لَا جَزَاءَ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فِي الْحَرَمِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ قِيمَتَهُ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ، وَقِيمَةً أُخْرَى لِمَالِكِهِ. كَصَيْدِ حَرَمِيٍّ، وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِمْ: إنْ مَلَكَ الْأَرْضَ بِمَا نَبَتَ فِيهَا. وَيُعْتَبَرُ الْمِثْلُ بِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ: هُوَ عَلَى مَا حَكَمَ الصَّحَابَةُ، زَادَ أَبُو نَصْرٍ الْعِجْلِيُّ: لَا يُحْتَاجُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى "وش" لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ.
واحتج الشيخ "وغيره" بقوله صلى الله عليه وسلم: "اقْتَدُوا بِاَلَّذِينَ مِنْ بَعْدِي" 2 "وَأَصْحَابِي كَالنُّجُومِ"3 وَعِنْدَ مالك: يستأنف الحكم ولا يكتفى به،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 تقدما ص "467 – 468".
2 أخرجه الترمذي "3662" وابن ماجه "97" من حديث حذيفة ين اليمان رضي الله عنه.
3 أخرجه عبد بن حميد في مسنده عن ابن عمر ص "250" وانظر التلخيص الحبير "4/190".
لِقَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] .
وَاحْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي لَنَا وَقَالَ لِخَصْمِهِ: لَا يَقْتَضِي تَكْرَارَ الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ: لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَمَنْ ضَرَبَهُ فَعَلَيْهِ دِينَارٌ، لَا يَتَكَرَّرُ الدِّينَارُ بِضَرْبٍ وَاحِدٍ، كَذَا مَثَّلَ وَقَاسَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا حَكَمَ فِيهِ بِمِثْلِهِ صَحَابِيَّانِ فِي وَقْتِهِمَا. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ فَرْضَ الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ فِي الصَّحَابِيِّينَ إنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ قُلْنَا فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ كَانَ لِسَبْقِ الْحُكْمِ فِيهِ فَحُكْمُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ مِثْلُهُ فِي هَذَا1، لِلْآيَةِ. وَقَدْ احْتَجَّ بِهَا الْقَاضِي.
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: كُلُّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ حُكْمٍ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَتْبَعُ مَا جَاءَ، قَدْ حَكَمَ وَفَرَغَ مِنْهُ. وَقَدْ رَجَعَ الْأَصْحَابُ فِي بَعْضِ الْمِثْلِيِّ إلَى غَيْرِ الصَّحَابِيِّ، كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ عُدِمَ فَقَوْلُ عَدْلَيْنِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ، خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ خَبِيرَيْنِ، لِاعْتِبَارِ الْخِبْرَةِ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ، فَيَعْتَبِرَانِ الشَّبَهَ خِلْقَةً لَا قِيمَةً، كَفِعْلِ الصَّحَابَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا الْقَاتِلَ، نَصَّ عَلَيْهِ "م" وَهُمَا أَيْضًا "م" لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِقِصَّةِ أَرْبَدَ السَّابِقَةِ2; وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ، كَتَقْوِيمِهِ عَرَضَ الزَّكَاةِ لِإِخْرَاجِهَا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إذَا قَتَلَ خَطَأً; لِأَنَّ الْعَمْدَ يُنَافِي الْعَدَالَةَ، إلَّا جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ لِعَدَمِ فِسْقِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى قِيَاسِهِ قَتْلُهُ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ، فَمِنْ الْمِثْلِيِّ، فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ رُوِيَ عَنْ عمر وعثمان وعلي وزيد وابن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "هذه".
2 ص "492".
عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ1 وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهَا تُشْبِهُهَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتُهَا. وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ.
وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ2 وَعُرْوَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ: بَدَنَةٌ، رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ3.
وَفِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ4 وَعَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ.
وَفِي الْأُيَّلِ بَقَرَةٌ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ5. وَالتَّيْتَلُ "وَالْوَعْلُ" كَالْأُيَّلِ.
وَعَنْهُ: فِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَدَنَةٌ، ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْوَاضِحِ وَالتَّبْصِرَةِ.
وَعَنْهُ: لَا جَزَاءَ لِبَقَرَةِ الْوَحْشِ، كَجَامُوسٍ.
وَفِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ: التَّيْتَلُ الْوَعْلُ الْمُسِنُّ، قال: والوعل هي الأروى.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/182".
2 لم نجده مسندا عن عمر قال في المغني "5/402" وحكم أبو عبيدة وابن عباس في حمار الوحش ببدنة وحكم عمر فيه ببقرة انتهى.
3 أثر أبي عبيدة أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/182" وروي عن ابن عباس وفي الحماربقرة أخرجه الدارقطني في سننه "2/247".
4 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "8209".
5 أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار "7/404".
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ1 فِي الْأَرْوَى بَقَرَةٌ.
وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ "وش" لِمَا سَبَقَ قَالَ أَحْمَدُ: حَكَمَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشٍ2. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ الْعُلَمَاءُ بِالشَّامِ يَعُدُّونَهَا مِنْ السِّبَاعِ وَيَكْرَهُونَ أَكْلَهَا قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى.
وَفِي الظَّبْيِ وَهُوَ الْغَزَالُ شَاةٌ "وش" كَمَا سَبَقَ، وَكَذَا الثَّعْلَبُ إنْ أُكِلَ "وم ش" لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ، وَعَنْ قَتَادَةَ وَطَاوُسٍ: فِيهِ الْجَزَاءُ، وَلَنَا وَجْهٌ أَوْ حُرِّمَ تَغْلِيبًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَأَنَّ عَلَيْهَا لَا يَقُومُ، وَنَقَلَ بَكْرٌ: عَلَيْهِ جَزَاءٌ، هُوَ صَيْدٌ لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيهِ وَفِي السِّنَّوْرِ: يَحْرُمُ أَكْلُهُمَا وَقَتْلُهُمَا، وَفِي الْقِيمَةِ بِقَتْلِهِمَا رِوَايَتَانِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي السِّنَّوْرِ أَهْلِيًّا أَوْ بَرِّيًّا حُكُومَةً، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّدْبِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: فِي سِنَّوْرِ الْبَرِّ حُكُومَةٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُسْتَوْعِبُ: مَا فِي حِلِّهِ خِلَافٌ كَثَعْلَبٍ وَسِنَّوْرٍ وَهُدْهُدٍ وَصُرَدٍ وَغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ الْخِلَافُ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ أُبِحْنَ، وَفِيهِنَّ السِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ عَلَى قَوْلٍ، وَمُرَادُهُ بِالْإِبَاحَةِ غَيْرُهُ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ "وش" لِمَا سَبَقَ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3 فيه جمل وعن عطاء شاة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 لم نقف عليه من رواية ابن عمر لكن أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "8211" عن عطاء.
2 تقدم تخريجه ص "493".
3 أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار "7/410" عن ابن عباس في الأرنب شاة.
وَالْعَنَاقُ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ دُونَ الْجَفْرَةِ.
وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ، "وش" نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا سَبَقَ، وَهِيَ مِنْ الْمَعْزِ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فُطِمَتْ وَرَعَتْ، وَقِيلَ: يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ وَعَنْ أَحْمَدَ، جَدْيٌ، وَقِيلَ: شَاةٌ، وَقِيلَ: عَنَاقٌ.
وَفِي الضَّبِّ جَدْيٌ "وش" لِمَا سَبَقَ، وَعَنْهُ: شَاةٌ; لِأَنَّهُ قَوْلُ جابر1
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 لم نجده.
وَعَطَاءٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: قِيمَتُهُ.
وَالْوَبَرُ كَالضَّبِّ، وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ جَفْرَةٌ "وش" لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْبَرَ مِنْهَا: وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ: شَاةٌ.
وَفِي الْحَمَامِ: شَاةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِمَا سَبَقَ. وَلِلنَّجَّادِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ، جَابِرٍ قَالَ: قَضَى عُمَرُ فِي الْمُحْرِمِ فِي الطَّيْرِ إذَا أَصَابَهُ شَاةٌ1، وَلِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ، كَحَمَامِ الْحَرَمِ، وَقِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى جِنْسِهِ أَوْلَى; وَلِأَنَّ الشَّاةَ إذَا كَانَتْ مِثْلًا فِي الْحَرَمِ فَكَذَا الْحِلُّ، وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ: فِيهِ شَاةٌ، وَفِي الْحِلِّ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا شَاةٌ، وَالثَّانِيَةُ حُكُومَةٌ. كَحَمَامِ الْحِلِّ.
وَالْحَمَامُ كُلُّ مَا عَبَّ الْمَاءَ أَيْ يَضَعُ مِنْقَارَهُ فِيهِ فَيَكْرَعُ وَيَهْدُرُ كَالشَّاةِ وَيُشْبِهُهَا فِيهِ، لَا يَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً كَبَقِيَّةِ الطَّيْرِ، فَمِمَّا شَرِبَ كَالْحَمَّامِ وَالْعَرَبِ تُسَمِّيهِ حَمَامًا القطا2 والفواخيت3 والوراشين والقمري والدبسي والشفانين4.
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا: فِي كُلِّ مُطَوَّقٍ شَاةٌ; لِأَنَّهُ حَمَامٌ، وَقَالَهُ الْكِسَائِيُّ، فَالْحَجَلُ مُطَوَّقٌ وَلَا يَعُبُّ، فَفِيهِ الْخِلَافُ.
وَيَضْمَنُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ والصحيح والمعيب والذكر والأنثى
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه الشافعي بمعناه في الأم "2/195" وأخرجه أيضا في مسنده عن ابن عباس "1/334".
2 القطا: ضرب من الحمام الواحدة قطاة ويجمع أيضا على قطوات المصباح "قطو".
3 الفواخت: جمع فاختة وهي ضرب من الحمام المطوق لسان العرب "فخت".
4 الشفانين: جمع شفنين هو الذي تسميه العامة اليمام صوت كصوته الرباب وفيه تحزين حياة الجيوان الكبرى للدميري "2/53".
وَالْحَامِلَ وَالْحَائِلَ بِمِثْلِهِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْهَدْيُ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالْمِثْلِ، وَلِهَذَا فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ هَدْيًا مُطْلَقًا كَالْجَفْرَةِ وَالْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ وَلَا يَضْمَنُ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ، فَاخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِهِ، كَالْمَالِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْهُ، وَلَا يَجِبُ فِي أَبْعَاضِهِ وَلَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الزَّكَاةِ يُضْمَنُ مَعِيبًا بِصَحِيحٍ، ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ. وَخَرَّجَهُ فِي الْفُصُولِ احْتِمَالًا مِنْ الرِّوَايَةِ هُنَاكَ، وَفِيهَا تَعْيِينُ الْكَبِيرِ أَيْضًا، فمثله هنا، كقول1 مالك.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""قول".
وقال القاضي: يضمن الحامل بقيمة مثلها "وش" لِأَنَّ قِيمَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ لَحْمِهَا وَقِيلَ أَوْ بِحَائِلٍ1 لِأَنَّ هَذِهِ لَا تَزِيدُ فِي لَحْمِهَا كَلَوْنِهَا، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا2 مَيِّتًا ضَمِنَ نَقْصَ الْأُمِّ فَقَطْ، كَمَا لَوْ جَرَحَهَا; لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: إذَا صَادَ حَامِلًا فَإِنْ تَلِفَ حَمْلُهَا ضَمِنَهُ.
وَفِي الْفُصُولِ: يَضْمَنُهُ إنْ تَهَيَّأَ لنفخ الروح3 لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَصِيرُ حَيَوَانًا، كَمَا يَضْمَنُ جَنِينَ امْرَأَةٍ بِغُرَّةٍ قَالَ جَمَاعَةٌ: وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَجَزَاؤُهُ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَمِثْلُهُ يَعِيشُ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ لَكِنْ هُوَ لَمْ يَجْعَلْهُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، فَهُوَ كَطَيْرٍ غير ممتنع أمسكه ثم تركه.
وَيَجُوزُ فِدَاءُ ذَكَرٍ بِأُنْثَى، قَالَ جَمَاعَةٌ: بَلْ أفضل; لأنها أطيب وأرطب، وفي أنثى بذكر وَجْهَانِ: الْجَوَازُ; لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ4، وَالْمَنْعُ "م 29" لأن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ ضَمَانَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالصَّحِيحَ وَالْمَعِيبَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْحَامِلَ وَالْحَائِلَ بِمِثْلِهِ وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ، انْتَهَى. هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ مُنَاسِبًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مُوَافِقًا لَهُ، لِأَنَّ كَلَامَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ، فَلَعَلَّ هُنَا نَقَصَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ يُقَدَّرُ مَا يُصَحِّحُ ذِكْرَ هَذَا الْقَوْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
"مَسْأَلَةٌ 29" قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِدَاءُ ذَكَرٍ بِأُنْثَى، قَالَ جَمَاعَةٌ، بل أفضل; لأنها أطيب
1 في الأصل "بحامل".
2 في "س""جنينا".
3 بعدها في "ط""فيه".
4 في "س""أطيب".
زِيَادَتَهُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ زِيَادَتِهَا، وَكَالزَّكَاةِ.
وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ مِنْ عَيْنٍ بِأَعْوَرَ مِنْ أُخْرَى وَأَعْرَجَ مِنْ قَائِمَةٍ بِأَعْرَجَ مِنْ أُخْرَى; لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، لَا أَعْوَرَ بِأَعْرَجَ وَعَكْسُهُ، لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ.
وَكَفَّارَةُ جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و". وَعَنْهُ: يَلْزَمُ الْمِثْلُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَطْعَمَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ، نقلها محمد بن الحكم، روي عن ابْنِ عَبَّاسٍ1 وَابْنِ سِيرِينَ وَالثَّوْرِيِّ "وَزُفَرَ" وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ.
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا إطْعَامَ فِيهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ لِيَعْدِلَ بِهِ الصِّيَامَ; لأن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَأَرْطَبُ، وَفِي أُنْثَى بِذَكَرٍ وَجْهَانِ: الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
"أَحَدُهُمَا" الْجَوَازُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْعُ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْأُنْثَى أَفْضَلُ. فَيَفْدِي بِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ: تُفْدَى أُنْثَى بِمِثْلِهَا، انْتَهَى، فَظَاهِرُ كَلَامِ هؤلاء المنع، والله أعلم.
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/186".
2 "2/387".
3 "5/406".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "9/21".
مِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِطْعَامِ قَدَرَ عَلَى الذَّبْحِ، وَكَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ1، وَلَنَا الْآيَةُ.
و"أَوْ" حَقِيقَةٌ فِي التَّخْيِيرِ كَآيَةِ فِدْيَةِ الْأَذَى2 وَالْيَمِينِ3، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَهَدْيِ الْمُتْعَةِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةُ إتْلَافٍ مَنَعَ مِنْهُ الْإِحْرَامُ، أَوْ فِيهَا أَجْنَاسٌ، كَالْحَلْقِ; وَلِأَنَّ اللَّهَ "تَعَالَى" ذَكَرَ الطَّعَامَ فِيهَا لِلْمَسَاكِينِ، فَكَانَ مِنْ خِصَالِهَا كَغَيْرِهَا. وَمَا وَرَدَ مِنْ إيجَابِ الْمِثْلِ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ الْمُقَدَّرِ وَلَا تَخْيِيرَ وَلَا تَرْتِيبَ، فَإِنْ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ قَوَّمَ الْمِثْلَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وش" لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٍ وَجَبَ مِثْلُهُ إذَا قُوِّمَ وَجَبَتْ قِيمَةُ مِثْلِهِ، كَالْمِثْلِيِّ مِنْ مَالِ الْآدَمِيِّ، فَيُقَوَّمُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَتْلَفَهُ وَبِقُرْبِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "وش" وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ "بِالْحَرَمِ" لِأَنَّهُ مَحَلُّ ذَبْحِهِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ: يُقَوِّمُ الصَّيْدَ مَكَانَ إتْلَافِهِ أَوْ بِقُرْبِهِ لَا الْمِثْلُ "وهـ م" وَدَاوُد، كَمَا لَا مِثْلَ لَهُ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ.
وَعَنْهُ: لَهُ الصَّدَقَةُ بِالْقِيمَةِ، وَلَيْسَتْ الْقِيمَةُ مِمَّا خَيَّرَ اللَّهُ فِيهِ، وَالطَّعَامُ كَفِدْيَةِ الْأَذَى الْمُخْرَجُ فِي فِطْرَةٍ وَكَفَّارَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَكُلُّ مَا يُسَمَّى طَعَامًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الاشتراك في قتله.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "8198" ولفظه: إنما جعل الطعام ليعلم به الصيام وابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "116".
2 هي قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ....} [البقرة: 196] .
3 هي قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ....} [المائدة: 89] .
وَإِنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ صَامَ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا "و" كُلُّ مَذْهَبٍ عَلَى أَصْلِهِ، فَعِنْدَنَا: مِنْ الْبُرِّ مُدٌّ، وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَصَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: مُدٌّ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْيَوْمَ فِي الظِّهَارِ فِي مُقَابَلَةِ الْمِسْكَيْنِ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: يَصُومُ عَنْ مُدٍّ. وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ مُدَّيْنِ، فَأَقَرَّهُ بَعْضُهُمْ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى مَا سَبَقَ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ثَوْرٍ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ "فِي الصَّيْدِ" كَفِدْيَةِ الْأَذَى، وَإِنْ بَقِيَ مَا لَا يَعْدِلُ يَوْمًا صَامَ يَوْمًا، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ.
وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُ صَوْمٍ "و" لِلْآيَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ عَنْ بَعْضِ الْجَزَاءِ وَيُطْعِمَ عَنْ بَعْضِهِ "و" كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ، وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْإِطْعَامِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ بَقِيَ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ، فَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا، وَكَذَا عِنْدَهُمْ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ.
وَمَا دُونَ الْحَمَامِ كَسَائِرِ الطَّيْرِ يَضْمَنُهُ "و" لِمَا رَوَى النَّجَّادُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أُصِيبَ مِنْ الطَّيْرِ دُونَ الْحَمَامِ فَفِيهِ الدِّيَةُ1، وَيَأْتِي فِي الْجَرَادِ2، وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ، كَالْحَمَامِ، وَعَنْ دَاوُد: لَا يَضْمَنُ دُونَ الْحَمَامِ، وَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانَهُ، كَمَالِ الْآدَمِيِّ، وَفِي أَكْبَرَ مِنْ الْحَمَامِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ فِيهِ شَاةٌ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وعطاء وجابر، وكالحمام
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 روى البيهقي في السنن الكبرى "5/296" عن ابن عباس كل طير دون الحمام ففيه قيمته.
2 ص "508".
بطريق الأولى، والثاني قيمته "م 30 - 32""وش" لأنه القياس خولف فِي الْحَمَامِ، لِلصَّحَابَةِ.
وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ بَلْ طَعَامًا، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا فِي الْهَدْيِ، وَقِيلَ: يُخْرِجُ الْقِيمَةَ، لِمَا يَأْتِي فِي الْجَرَادِ1.
وَإِنْ أَتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ ضَمِنَهُ "و" بِقِيمَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، مَكَانَهُ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ2: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عن مطر عن معاوية بن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 30" قَوْلُهُ: وَفِي أَكْبَرِ مِنْ الْحَمَامِ وَجْهَانِ: "أَحَدُهُمَا" تَجِبُ فِيهِ شَاةٌ وَ "الثَّانِي" قِيمَتُهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ.
"أَحَدُهُمَا" تَجِبُ فِيهِ قِيمَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الشَّاةِ فِي الْحَمَامِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِيهِ شَاةٌ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: أَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ كَالْحَمَامِ، وَقِيلَ: الْقِيمَةُ، وَقِيلَ: لَا، انتهى.
1 ص "508".
2 في مسنده "20582" ومعنى "أدحي نعام" موضع بيضها المختار الصحاح "دحى".
3 "5/414".
4 "2/388".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "9/22".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "9/23 - 24".
قُرَّةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ رَجُلًا أَوْطَأَ بَعِيرَهُ1 عَلَى أُدْحِيِّ نَعَامٍ فَكَسَرَ بَيْضَهَا فَقَامَ إلَى عَلِيٍّ فَسَأَلَهُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: عَلَيْك بِكُلِّ بَيْضَةٍ جَنِينُ نَاقَةٍ أَوْ ضِرَابُ نَاقَةٍ، فَانْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ هَلُمَّ إلَى الرُّخْصَةِ، عَلَيْك بِكُلِّ بَيْضَةٍ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ.
وَعَنْ أَبِي الْمِهْزَمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2، وَلَهُ وَلِابْنِ مَاجَهْ3: ثَمَنُهُ.
وَلِلنَّجَّادِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ4 مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: صِيَامُ يَوْمٍ لِكُلِّ بَيْضَةٍ5، وَلِلشَّافِعِيِّ6 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى: فِي بَيْضَةِ النَّعَامَةِ صَوْمٌ أَوْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ; وَلِأَنَّهُ صَيْدٌ، لِأَنَّهُ يُطْلَبُ مِثْلُهُ، وَلَا مِثْلَ لَهُ، فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ، كَالصَّيْدِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَضْمَنُ بَيْضَةَ نَعَامَةٍ بِعُشْرِ قِيمَةِ بَدَنَةٍ، وَعَنْ دَاوُد: لَا شَيْءَ فِيهِ.
وَلَا شَيْءَ فِي بَيْضٍ مُذَرٍّ أَوْ فَرْخُهُ مَيِّتٌ; لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، قال أصحابنا:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 بعدها في النسخ الخطية و"ط""على" والتصويب من مصدر التخريج.
2 في سننه "2/250".
3 الدارقطني "2/250" وابن ماجه "3086".
4 في سننه "2/247".
5 الدارقطني "2/250".
6 في مسنده "1/328 – 329".
إلَّا بَيْضَ النَّعَامِ فَإِنَّ لِقِشْرِهِ قِيمَةً، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا شَيْءَ فِيهِ، كَسَائِرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ مِنْ غَيْرِ الصَّيْدِ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْمُوجَزِ: إنْ تَصَوَّرَ وَتَخَلَّقَ فِي بَيْضِهِ فَفِيهِ مَا فِي جَنِينٍ صِيدَ سَقَطَ بِالضَّرْبَةِ مَيِّتًا.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ كُسِرَ بَيْضُ نَعَامَةٍ فَقِيمَتُهُ1، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ فَرْخٌ مَيِّتٌ فَقِيمَتُهُ1، اسْتِحْسَانًا، لِأَنَّ الْبَيْضَ مُعَدٌّ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الْفَرْخُ الْحَيُّ، فَكَسْرُهُ قَبْلَ أَوَانِهِ سَبَبُ مَوْتِهِ، وَالْقِيَاسُ يَغْرَمُ الْبَيْضَةَ فَقَطْ، لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ، وَعَلَى الِاسْتِحْسَانِ لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ صَيْدٍ فَأَلْقَى جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا.
وَمَنْ كَسَرَ بَيْضَةً فَخَرَجَ مِنْهَا فَرْخٌ حَيٌّ فَعَاشَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَسَبَقَ قَوْلٌ: يَحْفَظُهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ2، وَإِنْ جَعَلَ بَيْضًا تَحْتَ آخَرَ أَوْ مَعَ بَيْضٍ صِيدَ أَوْ شَيْئًا فَنَفَرَ عَنْهُ حَتَّى فَسَدَ أَوْ فَسَدَ بِنَقْلِهِ ضَمِنَهُ، لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ، وَإِنْ صَحَّ وَفَرَّخَ فَلَا.
وَحُكْمُ "بِيضِ" كُلِّ حَيَوَانٍ حُكْمُهُ; لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَفِي لَبَنِهِ قِيمَتُهُ، كَمَا سَبَقَ3 مَكَانَهُ، كَحَلْبِ حَيَوَانٍ مَغْصُوبٍ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَيَضْمَنُ الْجَرَادَ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ; لِأَنَّهُ طَيْرٌ في البر يتلفه الماء،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 1 ليست في الأصل.
2 ص "501".
3 تقدم ص "490".
كالعصافير، ويضمنه بقيمته "وش" لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ، وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ عَنْ جَرَادَةٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ بِحُكْمِ حَكَمَيْنِ، لِمَا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فَسَأَلَهُ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ نَحْكُمْ، فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: إنَّك لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ، لِتَمْرَةٍ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ1، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إنِّي أَصَبْت جَرَادَةً وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَقَالَ: أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ1.
وَلِلشَّافِعِيِّ2 مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَهُ3 أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِكَعْبٍ فِي جَرَادَتَيْنِ قَتَلَهُمَا وَنَسِيَ إحْرَامَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ فَأَلْقَاهُمَا: مَا جَعَلْتَ فِي نَفْسِك؟ قَالَ: دِرْهَمَانِ، قَالَ: بَخٍ، دِرْهَمَانِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ جَرَادَةٍ، اجْعَلْ مَا جَعَلْت فِي نَفْسِك. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَتَصَدَّقُ بِمَا شَاءَ.
فَإِنْ قَتَلَهُ أَوْ أَتْلَفَ بَيْضَ طَيْرٍ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ; لِأَنَّهُ "قَتَلَهُ" لِنَفْعِهِ كَمُضْطَرٍّ، وَقِيلَ: لَا; لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ كَصَائِلٍ، وَعَنْهُ: لَا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة: 31، 32، قوله: فإن قتل يعني الجراد أَوْ أَتْلَفَ بَيْضَ طَيْرٍ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عَلَيْهِ فقيل يضمنه وَقِيلَ لَا انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ:
"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 31" إذَا قَتَلَ الْجَرَادَ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عليه فهل يضمنه أم لا؟
1 أخرجهما مالك في الموطأ "1/416".
2 في مسنده "1/326".
3 في مسنده "1/327".
يَضْمَنُ الْجَرَادَ; لِأَنَّ كَعْبًا أَفْتَى بِأَخْذِهِ وَأَكْلِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا حَمَلَك أَنْ تُفْتِيَهُمْ بِهِ؟ قَالَ: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ، قَالَ: وَمَا يُدْرِيك؟ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنْ هُوَ إلَّا نَثْرَةُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ. رَوَاهُ مَالِكٌ1.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْمِهْزَمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَقَالَ: الحديثان وهم، ورواه عن كعب قوله3
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
"أَحَدُهُمَا": عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ، صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ النَّاظِمُ:
وَيُفْدَى جَرَادٌ فِي الْأَصَحِّ بِقِيمَةٍ
وَلَوْ فِي طَرِيقٍ يشبه بمبعد6.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 32" إذَا مَشَى عَلَى بَيْضِ الطَّيْرِ لِحَاجَةٍ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَرَادِ إذَا انْفَرَشَ فِي طَرِيقِهِ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ، فَيُعْطَى حُكْمَهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْجَرَادِ، فَكَذَا فِي هَذَا "قُلْتُ": الضَّمَانُ هُنَا قَوِيٌّ لِنُدْرَتِهِ، وَاَللَّهُ أعلم.
1 في الموطا "1/352".
2 في سننه "1854".
3 أبو داود "1855".
4 "2/366".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "22 – 23".
6 عقد الفريد وكنز الفوائد "1/164".
وَلَا يَضْمَنُ رِيشً طَائِرٍ إنْ عَادَ، لِزَوَالِ1 النَّقْصِ. وَقِيلَ: بَلَى; لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ. لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا شَعْرُهُ وَإِنْ صَارَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَكَالْجُرْحِ، كَمَا سَبَقَ2، وَإِنْ غَابَ فَفِيهِ مَا نَقَصَ "وش" لِإِمْكَانِ زَوَالِ نَقْصِهِ، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَجَهِلَ، وَلَا يَلْزَمُهُ جميع الجزاء "هـ م".
وَيُسْتَحَبُّ قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَطَيْرٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَبَاحَهُ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ العقور
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""كزوال".
2 ص "467".
وَالذِّئْبَ وَالسَّبُعَ وَكُلَّ مَا عَدَا مِنْ السِّبَاعِ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: يَقْتُلُ السَّبُعَ عَدَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْدُ "وم ش".
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْتُلُ مَا فِي الْخَبَرِ1 وَالذِّئْبَ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الْعَقُورُ وَغَيْرُ الْعَقُورِ وَالْمُسْتَأْنَسُ وَالْمُسْتَوْحِشُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ. لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الْجِنْسُ، وَكَذَا الْفَأْرَةُ الْأَهْلِيَّةُ وَالْوَحْشِيَّةُ سَوَاءٌ. قَالَ أَصْحَابُهُ وَلَا شَيْءَ فِي بَعُوضٍ وَبَرَاغِيثَ وَقُرَادٍ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَيْدٍ، وَلَا مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْبَدَنِ، وَمُؤْذِيَةٌ بِطَبْعِهَا. وَكَذَا النَّمْلُ الْمُؤْذِي، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ، لَكِنْ لَا جَزَاءَ، لِلْعِلَّةِ الْأُولَى. لَنَا أَنَّ اللَّهَ "سبحانه وتعالى" عَلَّقَ تَحْرِيمَ صَيْدِ الْبَرِّ بِالْإِحْرَامِ وَأَرَادَ بِهِ الْمَصِيدَ، لِقَوْلِهِ:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95] وَقَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] لِأَنَّهُ أَضَافَ الصَّيْدَ إلَى الْبَرِّ، وَلَيْسَ الْمُحَرَّمُ صَيْدًا حَقِيقَةً، وَلِهَذَا قَالَ عليه السلام "الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ" 2 وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:"خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور" متفق عليه3، ولمسلم4:"والغراب الأبقع" وللنسائي وابن ماجه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 يعني حديث عائشة الآتي.
2 تقدم تخريجه ص "493".
3 البخاري "1829" مسلم "1198""71".
4 في صحيحه "1198""67" والغراب الأبقع: هو الذي فيه سواد وبياض مختار الصحاح "بقع".
"خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1 وَلِمُسْلِمٍ2 "فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ" وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فِيهِ3 "يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ" وَسُئِلَ أَيْضًا: مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ، قَالَ: وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ4، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَأَسْقَطَ الْغُرَابَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد5، وَلِأَحْمَدَ6 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "خَمْسٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقَةٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ فِي الْحَرَمِ، فَأَسْقَطَ الْحِدَأَةَ" ، وَلِمُسْلِمٍ7 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى.
فَنَصَّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ عَلَى أَدْنَاهُ تَنْبِيهًا، وَالتَّنْبِيهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إنْ كَانَ، فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْأَلْفَاظِ يَدُلُّ على عدم القصد، والمخالف لا يقول
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 البخاري "1826" مسلم "1199""76".
2 في صحيحه "1199""72".
3 في سننه "2/232".
4 في صحيحه "1200""75".
5 في سننه "1847"
6 في مسنده "2330".
7 في صحيحه "2235""138".
بِالْمَفْهُومِ، وَالْأَسَدُ كَلْبٌ، كَمَا فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ1; وَلِأَنَّ مَا لَا يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَلَا مِثْلِهِ لَا يُضْمَنُ بِشَيْءٍ كَالْحَشَرَاتِ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ لَا يُجَاوِزُ بِقِيمَتِهِ شَاةً; لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مُؤْذٍ، قُلْنَا: فَهَذَا لَا جَزَاءَ فِيهِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ: تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَهُوَ أَقْيَسُ عَلَى أَصْلِهِمْ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُبَاحُ قَتْلُ غُرَابِ الْبَيْنِ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ، فَإِنَّهُ مَثَّلَ بِالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ فَقَطْ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ الْمُرَادُ بِهِ الْغُرَابُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ، لِلَّفْظِ الْخَاصِّ، لَكِنَّ غَيْرَهُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ، وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ، وَفِي الْمَفْهُومِ نَظَرٌ هنا.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه الحاكم في المستدرك "2/539" ووقع عنده لهب بن أبي لهب بدل: عتبة بلفظ: "اللهم سلط عليه كلبك" وحسنه ابن حجر في الفتح "4/39".
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ، قَالَ:"الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ" فِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ، سَبَقَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ1، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلصِّحَاحِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَحَسَّنَهُ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَادِيَ وَصْفٌ لَازِمٌ.
وَيَدْخُلُ فِي الْإِبَاحَةِ الْبَازِي وَالصَّقْرُ وَالشَّاهِينُ وَالْعُقَابُ وَنَحْوُهَا، وَالذُّبَابُ وَالْبَقُّ وَالْبَعُوضُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَقْتُلُ الْقِرْدَ وَالنِّسْرَ وَالْعُقَابَ إذَا وَثَبَ، وَلَا كَفَّارَةَ، فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ، وَمَا لَا يُؤْذِي بِطَبْعِهِ لَا جَزَاءَ فيه، لما سبق3.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ص "300".
2 أحمد "10990" وأبو داود "1848" والترمذي "838".
3 ص "511".
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَيَجُوزُ قَتْلُهُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَقْتُلُ كُلَّ مَا يُؤْذِيهِ، وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ فِي نَمْلٍ وَنَحْوِهِ، وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَذِيَّةٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا الذُّبَابَ وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ، لِلنَّهْيِ "م 33".
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لا بأس بقتل الذر، وَنَقَلَ مُهَنَّا: وَيَقْتُلُ النَّمْلَةَ إذَا عَضَّتْهُ وَالنَّحْلَةَ إذَا آذَتْهُ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ قَتْلُ نَحْلٍ وَلَوْ بِأَخْذِ كُلِّ عَسَلِهِ، قَالَ هُوَ وغيره: إن لم يندفع1 نمل إلا بقتله جاز.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 33" قَوْلُهُ: وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ فِي نَمْلٍ وَنَحْوِهِ يعني إذا لم يؤذ وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَذِيَّةٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا الذُّبَابَ، وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُؤْذِ أَمْ لَا؟.
"قُلْت" الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَقَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ أَنَّ قَتْلَ النَّمْلِ وَالنَّحْلِ وَالضُّفْدَعِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي آخِرِ الْفُصُولِ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلِ وَلَا تَخْرِيبُ أَجْحُرَتِهِنَّ وَلَا قَصْدُهُنَّ بِمَا يَضُرُّهُنَّ، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُ الضَّفَادِعِ، انْتَهَى، وَسُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُ بُيُوتِ النَّمْلِ بِالنَّارِ؟ فَقَالَ يُدْفَعُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْكَلْبِ أَنْ لَا يَضُرَّهُ فِيهِ: لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ، وَكَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَكَان آخَرَ: يُكْرَهُ قَتْلُ مَا لَا يَضُرُّ مِنْ نَمْلٍ وَنَحْلٍ وَهُدْهُدٍ وَصُرَدٍ انْتَهَى. وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ فِي قَتْلِ مَا لَا يَضُرُّهُ فِيهِ ثَلَاثَةً الْإِبَاحَةُ والكراهة
1 بعدها في "ط""ضرر"
قَالَ أَحْمَدُ: يُدَخِّنُ لِلزَّنَابِيرِ إذَا خَشِيَ أَذَاهُمْ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَحْرِيقِهِ، وَالنَّمْلُ إذَا آذَاهُ يَقْتُلُهُ، وَاحْتَجَّ فِي الْمُغْنِي1 عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ غَيْرِ مُؤْذٍ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَأَنَّهُ إنْ جَازَ، جَازَ قَتْلُ كُلِّ كَلْبٍ لَمْ يُبَحْ اقْتِنَاؤُهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ هُنَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ قَتْلُ النَّمْلِ، وَأَوْلَى، وقد سبق قول أحمد: يَقْتُلُ النَّمْلَ إذَا آذَتْهُ، فَالْكِلَابُ بِنَجَاسَتِهَا وَأَكْلِ مَا غَفَلَ النَّاسُ عَنْهُ أَوْلَى، لَكِنَّ مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ يَحْرُمُ قَتْلُهُ "م" كَمَا أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ يباح
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالتَّحْرِيمُ، انْتَهَى، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ، وَقَدْ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمُصَنِّفُ وغيرهم، وهو ظاهر كلام الناظم.
1 "6/356".
قَتْلُهُ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا نَهَى عَنْ قَتْلِ الْخَطَاطِيفِ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْعَنْكَبُوتِ، وَكَانَ يُقَالُ: إنَّهَا مَسْخٌ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ1: وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الْعَنْكَبُوتِ، وَفِي ذَلِكَ بَسْطٌ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ2.
وَلَا جَزَاءَ فِي مُحَرَّمٍ إلَّا مَا سَبَقَ مِنْ الْمُتَوَلِّدِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الضُّفْدَعِ: لَا فِدْيَةَ فِيهِ، نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ3. وَفِي الْإِرْشَادِ4 فِيهِ حُكُومَةٌ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَهُ سُفْيَانُ، وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ حُكُومَةً. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي النَّمْلَةِ لُقْمَةٌ أَوْ تَمْرَةٌ إذَا لَمْ تُؤْذِهِ، وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ مِثْلَهُ فِي النَّحْلَةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فِي أُمِّ حُبَيْنٍ جَدْيٌ، وَهِيَ دَابَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِثْلُ ابْنِ عِرْسٍ وَابْنِ آوَى وَيُقَالُ أُمُّ حُبَيْنَةَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْتِفَاخِ بَطْنِهَا، شُبِّهَتْ بِالْحُبْلَى، وَمِنْهُ الْأَحْبَنُ وَهُوَ الْمُسْتَسْقَى; لِأَنَّ عُثْمَانَ "رضي الله عنه" قَضَى بِذَلِكَ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ5، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ كُلُّ مُحَرَّمٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ.
وَلَا يَحْرُمُ أَهْلِيٌّ إجْمَاعًا، وَالِاعْتِبَارُ فِي وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ بِأَصْلِهِ. نص عليه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 "1/33" وقد أورده ابن الجوزي بسنده عن أبي يعلى عن ابن عباس.
2 "3/350".
3 أخرجه أبو داود "3871" والنسائي في المجتبى "7/210" من حديث عبد الرحمن بن عثمان أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فنهى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قتله.
4 الإرشاد ص "162" وفيه "لا يقتل الضفدع".
5 "في مسنده "1/331".
"و". فَالْحَمَامُ وَحْشِيٌّ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَفِي أَهْلِيِّهِ الْجَزَاءُ "م" وَالْبَطُّ كَالْحَمَامِ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُهُ أَهْلِيًّا "وهـ" لِأَنَّهُ أَلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، كَذَا قَالُوا، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِي الدَّجَاجِ رِوَايَتَيْنِ، وَخَصَّهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى بِالدَّجَاجِ السِّنْدِيِّ1. وَالْجَوَامِيسُ أَهْلِيَّةٌ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ مَا تَوَحَّشَ مِنْ إنْسِيٍّ أَوْ تَأَنَّسَ مِنْ وَحْشِيٍّ فَلَيْسَ صَيْدًا، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلًا فِي الثَّانِيَةِ.
وَيَحْرُمُ مَنْعُ الصَّيْدِ الْمَاءَ وَالْكَلَأَ.
وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ إجْمَاعًا، وَالْبَحْرُ الْمِلْحُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ سَوَاءٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ} [فاطر: 12] الْآيَةَ "و" وَمَا يَعِيشُ فِيهَا كَسُلَحْفَاةٍ وَسَرَطَانٍ كَالسَّمَكِ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ لَهُ حُكْمُهُ وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ لَهُ حُكْمُهُ، كَالْبَقَرِ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا شَيْءَ فِي السُّلَحْفَاةِ; لِأَنَّهَا مِنْ الْهَوَامِّ وَالْحَشَرَاتِ 2كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْوَزَغِ2، وَلَا يُقْصَدُ أَخْذُهَا، وَيُمْكِنُ أَخْذُهَا بِلَا حِيلَةٍ، كَذَا قَالُوا، فَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَبَرِّيٌّ; لِأَنَّهُ يُفَرِّخُ وَيَبْيَضُّ فِي الْبَرِّ، وَيَكْتَسِبُ مِنْ الْمَاءِ الصَّيْدَ. وَفِي حِلِّهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ: المنع.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الدجاج السندي: هوالدجاج الحبشي ويسميه أهل العراق بالدجاج السندي حياة الحيوان الكبيرة "1/334".
2 2في "س""كخنفساء ووزغ".