الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الخامس
تابع كتاب الصوم
باب مايفسد الصوم ، ويوجب الكفارة
مدخل
…
بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ
وَمَا يَحْرُمُ فِيهِ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يَجِبُ أَوْ يُسَنُّ أَوْ يُبَاحُ
مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَفْطَرَ "ع" خِلَافًا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ1 فِيمَا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ، مِثْلُ أَنْ يَسْتَفَّ تُرَابًا، وَخِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا لَا يُغَذِّي وَلَا يُمَاعُ فِي الْجَوْفِ كَالْحَصَاةِ، وَإِنْ اسْتَعَطَ بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ "و" أَوْ دِمَاغِهِ "م" أَفْطَرَ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي2: إلى خياشيمه، لنهيه صلى الله عليه وسلم الصَّائِمَ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ3، وَعَنْ عَلِيٍّ: الصَّائِمُ لَا يَسْتَعِطُ4، وَكَالْوَاصِلِ إلَى الْحَلْقِ، وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَدَاوُد: لَا يُفْطِرُ بِوَاصِلٍ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ، لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا حَرَّمَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْجِمَاعَ،
وَإِنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ أَوْ صَبِرٍ أَوْ قَطُورٍ أَوْ ذَرُورِ5 إثْمِدٍ مُطَيَّبٍ فعلم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 هو أبو عبد الله الحسن بن صالح بن حي وهو حيان بن شفي بن هني الهمداني "ت 169 هـ" سير أعلام النبلاء "7/371".
2 "2:239".
3 أخرجه أبو داود "2366" والترمذي "788" والنسائي في المجتبى "1/66" وابن ماجو "407" من حديث لقيط ابن صبرة ونصه "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما".
4 لم نقف عليه.
5 الذرور: ما يذر في العين القاموس "ذرر".
وُصُولَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَى حَلْقِهِ أَفْطَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: إنْ وَصَلَ يَقِينًا أَوْ ظَاهِرًا أَفْطَرَ، كَالْوَاصِلِ مِنْ الْأَنْفِ، لِأَنَّ الْعَيْنَ مَنْفَذٌ، بِخِلَافِ الْمَسَامِّ، كَدُهْنِ رَأْسِهِ، وَلِذَلِكَ يَجِدُ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ وَيَتَنَخَّعُهُ عَلَى صِفَتِهِ، وَلَا أَثَرَ كَوْنُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ مَنْفَذًا مُعْتَادًا، كَوَاصِلٍ بِحُقْنَةٍ وَجَائِفَةٍ.
ولأبي داود1 عنه صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ: " لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ" قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يُفْطِرُ "وم ش".
وَإِنْ قَطَّرَ فِي أُذُنِهِ شَيْئًا فَدَخَلَ دِمَاغَهُ أَفْطَرَ، خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَدَاوُد، وَمَذْهَبُ "م" إنْ دَخَلَ حَلْقَهُ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا.
وَإِنْ دَاوَى جُرْحَهُ أَوْ جَائِفَتَهُ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى جَوْفِهِ "م" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، أَوْ دَاوَى مَأْمُومَتَهُ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ "م" وأبي يوسف ومحمد، أو
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في سننه "2377".
أَدْخَلَ إلَى مُجَوَّفِ فِيهِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ أَوْ الدَّوَاءَ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَلَوْ كَانَ خَيْطًا ابْتَلَعَهُ كُلَّهُ "وهـ ش" أَوْ بَعْضَهُ "هـ" أَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ، أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ بِشَيْءٍ فِي جَوْفِهِ فَغَابَ1 هُوَ "وهـ ش" أَوْ بَعْضُهُ "هـ" فِيهِ، أَوْ احْتَقَنَ بِشَيْءٍ "م ر" أَفْطَرَ، لِوُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ بِاخْتِيَارِهِ، كَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالْمُعْتَادِ2 فِي الْوَاصِلِ، 3فَكَذَا فِي الْمَنْفَذِ، وَفَسَادُ الصَّوْمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا، وَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْوَاصِلِ3، وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ، كَمَا سَبَقَ، كَذَا قَالَ.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يُفْطِرُ بِمُدَاوَاةِ جَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا بِحُقْنَةٍ، وَعِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ: يُفْطِرُ بِالسَّعُوطِ فَقَطْ. وَإِنْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ أَفْطَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ "خ" لقوله صلى الله عليه وسلم:"أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" 4 قَالَ أَحْمَدُ فِيهِ: غَيْرُ حَدِيثٍ ثَابِتٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: ثَبَتَ هَذَا مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَحَدِيثُ شَدَّادٍ5 صَحِيحٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ6 حَدِيثَ رَافِعٍ، وَذُكِرَ7 عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ حَدِيثَ ثَوْبَانَ وَشَدَّادٍ، وَصَحَّحَهُمَا أَحْمَدُ. وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَا النَّهْيَ. وَلَهُ نَظَائِرُ سَبَقَتْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِرَقِيُّ "حَجَمَ" وَذَكَرَ "احْتَجَمَ" كَذَا قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُفْطِرُ الْحَاجِمُ إنْ مَصَّ الْقَارُورَةَ وَإِلَّا فَلَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ رحمهم الله: لَا فِطْرَ إنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَضَعَّفَ خِلَافَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عقيل أنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "فغار".
2 ليست في "ط".
3 3 ليست في "ط".
4 أخرجه أبو داود "2369" والترمذي "774" وابن ماجه "1679" عن رافع بن خديج.
5 حديث شداد في مسند أحمد برقم "177112" وحديث رافع برقم "22371" وحديث ثوبان "15828" والأحاديث كلها بلفظ واحد.
6 في سننه إثر حديث "774".
7 أي الترمذي في العلل الكبير "1/362".
يُفْطِرُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ.
وَمَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ لَا لِلتَّدَاوِي بَدَلَ الْحِجَامَةِ لَمْ يُفْطِرْ، لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ الصِّيَامَ، وَكَخُرُوجِ الدَّمِ يُفْطِرُ عَلَى وَجْهِ الْقَيْءِ لَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْقَيْءِ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ، وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ فِيهِ وَغَيْرُهُمْ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِيه. وَذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي يُفْطِرُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ هَذَا أَصَحُّ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَعَلَى هَذَا قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ التَّشْرِيطُ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: الْأَوْلَى إفْطَارُ الْمَفْصُودِ وَالْمَشْرُوطِ دُونَ الْفَاصِدِ وَالشَّارِطِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فِطْرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُفْطِرُ مَنْ أُخْرِجَ دَمُهُ بِرُعَافٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الرُّعَافِ. وَمَعْنَى الرُّعَافِ: السَّبْقُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: فَرَسٌ رَاعِفٌ إذَا تَقَدَّمَ الْخَيْلَ، وَرَعَفَ فُلَانٌ الْخَيْلَ أَيْ إذَا تَقَدَّمَهَا فَسُمِّيَ الدَّمُ رُعَافًا لِسَبْقِهِ الْأَنْفَ. وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي، وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَضَمُّهَا فِيهِمَا شَاذٌّ، وَيُقَالُ: رِمَاحٌ رَوَاعِفُ: لِمَا يَقْطُرُ مِنْهَا الدَّمُ، أَوْ لِتَقَدُّمِهَا فِي الطَّعْنِ. وَالرَّاعِفُ: طَرَفُ الْأَرْنَبَةِ.
وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ "و" أَيَّ شَيْءٍ كَانَ "وم ش" أَفْطَرَ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ"1 وَهُوَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه أبو داود "2380" والترمذي "720" والنسائي في الكبرى "3130" وابن ماجه "1676" وأحمد "10463".
ضَعِيفٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِمْ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يُفْطِرُ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَعَنْهُ يُفْطِرُ بِمِلْءِ الْفَمِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "وهـ" وَعَنْهُ: أَوْ نِصْفَهُ، كَنَقْضِ الْوُضُوءِ، وَعَنْهُ: إنْ فَحُشَ أَفْطَرَ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ، كَسَائِرِ الْمُفْطِرَاتِ.
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَوْ تَجَشَّأَ لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ أَجْزَاءٌ نَجِسَةٌ، لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، كَذَا هُنَا، كَذَا قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ إنْ خَرَجَ مَعَهُ نَجِسٌ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقَيْءَ فَقَدْ اسْتَقَاءَ فَيُفْطِرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ لَمْ يَسْتَقِئْ2 فَلَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ نَقَضَ الْوُضُوءَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ أَنَّهُ إذَا قَاءَ بِنَظَرِهِ إلَى مَا يُغْثِيهِ يُفْطِرُ، كَالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ.
وَإِنْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَأْتِي فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ3، وَإِنْ أَمْنَى أَفْطَرَ "و" لِلْإِيمَاءِ فِي أَخْبَارِ التَّقْبِيلِ4، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ5 وَغَيْرُهُ، وَهِيَ دَعْوَى، ثُمَّ إنَّمَا فِيهَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ وَسِيلَةً وَذَرِيعَةً إلَى الْجِمَاعِ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّ إبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقَ مُبَاشَرَةِ النِّسَاءِ لَيَالِيَ الصَّوْمِ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ نهارا، والأصل في التحريم الفساد،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في صحيحه إثر حديث "1937".
2 في النسخ "يستق".
3 ص "25".
4 ومن هذه الأخبار ما رواه البخاري "322" ومسلم "296" عن عائشة رضي الله عنها كان يقتلها وهو صائم وكان أملككم لإربه وما رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد "138" أن عمر سأله عن القبلة للصائم؟ فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "أرأبت لو تمضمضت بماء وأنت صائم......" الحديث. ومعنى الإيماء هنا: إشارة النصوص.
5 في المغني "4/3261".
خَرَجَ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ بِلَا إنْزَالٍ، لِدَلِيلٍ، كَذَا قَالَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاشَرَةِ الْجِمَاعُ، كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ1، يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ مُحَرَّمًا ثُمَّ نُسِخَ، لَا مَا دُونَهُ، مَعَ أَنْ الْأَشْهَرَ لَا يَحْرُمُ مَا دُونَهُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ، وَقَالَهُ دَاوُد، وَإِنْ صَحَّ إجْمَاعٌ قَبْلَهُ كَمَا قَدْ ادَّعَى تعين القول به، وعن أبي يزيد الضني2 عَنْ مَيْمُونَةَ3 مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا صَائِمَانِ، قَالَ:"قَدْ أَفْطَرَا" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ4 وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ هَذَا. وَأَبُو يَزِيدَ 5الضني ليس بمعروفوكذا قال البخاري وغيره: حديث منكر وأبويزيد5 مَجْهُولٌ.
وَإِنْ مَذَى بِذَلِكَ أَفْطَرَ أَيْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ "وم" وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَأَظُنُّ وَشَيْخُنَا: لَا يُفْطِرُ، وَهُوَ أَظْهَرُ "وهـ ش"6 عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمَنِيِّ لَا يَصِحُّ، لِظُهُورِ الْفَرْقِ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: يَبْطُلُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ فَقَطْ، كَذَا قَالَ.
وَإِنْ اسْتَمْنَى فَأَمْنَى أَوْ مَذَى فَكَذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وِفَاقًا، وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَفْطَرَ "هـ ش" خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ، وَإِنْ مَذَى لَمْ يُفْطِرْ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "م" وَالْقَوْلُ بِالْفِطْرِ أَقْيَسُ على المذهب، كاللمس، لأن الضعيف إذا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه الطبري في تفسير "2953" و"20611" و"2962" عن ابن عباس ومجاهد وعطاء.
2 في النسخ الخطية و"ط" الضبي وهو أبو يزيد الضني روى له حديثان في النسائي وابن ماجه وهو رجل مجهول تهذيب الكمال "34/408".
3 هي ميمونة بنت سعد خادم النبي صلى الله عليه وسلم روت عنه وحديثها في السنن تهذيب الكمال "35/314".
4 أحمد "27625" وابن ماجه "1686" والدارقطني "2/184.
5 5 ليست في "ط".
6 في الأصل "وش".
تَكَرَّرَ قَوِيَ، كَتَكْرَارِ الضَّرْبِ بِصَغِيرٍ فِي الْقَوَدِ، وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ النَّظَرَ لَمْ يُفْطِرْ "وهـ ش" لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ. وَقِيلَ: يُفْطِرُ "وم" وَنَصَّ أَحْمَدُ يُفْطِرُ بِالْمَنِيِّ لَا بِالْمَذْيِ: وَكَذَا الْأَقْوَالُ إنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ أَوْ مَذَى، فَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ سَوَاءٌ، لِدُخُولِ الْفِكْرِ تَحْتَ النَّهْيِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُفْطِرُ "م" وَهُوَ أَشْهَرُ، لِأَنَّهُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ وَتَكْرَارِ النَّظَرِ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ فِي التَّحْرِيمِ إنْ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيَّةٍ، زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي1: أَوْ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ فِي زَوْجَةٍ، كَذَا قَالُوا. وَلَا أَظُنُّ مَنْ قَالَ يُفْطِرُ بِهِ وَهُوَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ يُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ: لَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ2، وَفِي الْكَفَّارَةِ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ، وَالْمُرَادُ النِّيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحْضَرَ عِنْدَ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ صُورَةَ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ ذَكَرٍ أَنَّهُ يَأْثَمُ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَوَّلَ كِتَابِ النِّكَاحِ.
وَلَا فِطْرَ وَلَا إثْمَ بِفِكْرٍ غَالِبٍ "و" وَفِي الْإِرْشَادِ3 احْتِمَالٌ فِيمَنْ هَاجَتْ شَهْوَتُهُ فَأَمْنَى أَوْ مَذَى يُفْطِرُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أَبِي حَفْصٍ الْمَذْكُورَ ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى احْتِمَالٌ.
وَيُفْطِرُ بِالْمَوْتِ فَيُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ في نذر وكفارة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 "4/364".
2 ص "26".
3 ص "152".