الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرُوِيَ فِي الْخَبَرِ "وَخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رأسه" 1، ولا تتجه صحته. ولا يخفى وَجْهُ التَّرْجِيحِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ قَالَ:"خَمِّرُوهُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" وَفِي لَفْظٍ: "خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ2 الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ كَثِيرُ الْغَلَطِ وَالْخَطَأِ مَعَ تَمَادِيهِ عَلَيْهِ، وَرَوَى الثَّانِيَ3 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ الْأَزْدِيِّ، ثِقَةٌ شِيعِيٌّ، قَالَ، أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: خُولِفَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، قَالَ الْفَضْلُ لِأَحْمَدَ: لَمْ كُرِهَ الرُّكُوبُ فِي الْمَحْمَلِ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ؟ قَالَ: لِمَوْضِعِ الْبُصَاقِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البيهقي "3/393".
2 في سننه "2/296".
3 الدارقطني في سننه "2/297".
فصل: لبس المخيط في بدنه أو بعضه
الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ فِي بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ بِمَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِهِ إجْمَاعًا وَلَوْ دِرْعًا مَنْسُوجًا أَوْ لَبَدًا مَعْقُودًا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عما
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ، قَالَ:"لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. زَادَ الْبُخَارِيُّ: "وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ" قَالَ جَمَاعَةٌ بِمَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِهِ وَقُصِدَ بِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ، كَجَوْرَبٍ فِي كَفٍّ وَخُفٍّ فِي رَأْسٍ، كَفَّرَ، وَفِي صَيْفٍ.
وَقَلِيلُ اللُّبْسِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ "وش" لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً} [البقرة: 196] الْآيَةَ; وَلِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ مُجَرَّدُ الْفِعْلِ، كَوَطْءٍ فِي فَرْجٍ أَوْ مَحْظُورٍ فَلَا تَتَقَدَّرُ فِدْيَتُهُ بِزَمَنٍ كَغَيْرِهِ وَاللُّبْسُ فِي الْعَادَةِ مُخْتَلِفٌ، وَلَا يَحْرُمُ أَنْ يَأْتَزِرَ بِقَمِيصٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ لَيْلَةٍ صَدَقَةٌ، وَعِنْدَ مَالِكٍ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ انْتِفَاعٌ مَا بِأَنْ نَزَعَهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ، فَإِنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ وَنَحْوِهِ خَلَعَهُ وَلَمْ يَشُقَّهُ وَلَا فِدْيَةَ; لِأَنَّ يَعْلَى بْنَ أمية أحرم في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 البخاري "134" و"1838" ومسلم "1177""1".
جُبَّةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَلْعِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَلِأَبِي دَاوُد2: فَخَلَعَهَا مِنْ رأسه. ولم يأمره بشق ولا فدية.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"تنبيه" قَوْلُهُ فِي فَصْلٍ "الرَّابِعُ": وَلَا فِدْيَةَ; لِأَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَلْعِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ 3وَلِأَبِي دَاوُد فَخَلَعَهَا مِنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يأمره بشقها ولا فدية وقال بعض العلماء....لئلا يتغطى رأسه بنزعته انتهى3.
وَقَوْلُهُ فِي فَصْلٍ "الْخَامِسُ": لِأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ بِغَسْلِ الطِّيبِ، انْتَهَى قَالَ: ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ يَعْلَى رَاوِي الْحَدِيثِ، وَصَاحِبَ الْقِصَّةِ غَيْرُهُ، انْتَهَى. "قُلْتُ"، لَيْسَ كَمَا قَالَ: بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَعْلَى رَاوِي الْقِصَّةِ. قَالَهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَابْنُ الْمُلَقَّنِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ وَرَدَ مَعْنًى بِهِمَا وَهُوَ رَاوِي الْقِصَّةِ كَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي حَدِيثِ الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ4. نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بِمَا قَالَ.
1 البخاري "1789" ومسلم "1180""6".
2 في سننه "1820".
3 3 ليست في "ح".
4 رواه البخاري "22276" ومسلم "2201".
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ1 يَشُقُّهُ لِئَلَّا يَتَغَطَّى رَأْسُهُ بِنَزْعِهِ. وَإِنْ اسْتَدَامَ لُبْسَهُ لَحْظَةً فَوْقَ الْمُعْتَادِ فِي خَلْعِهِ فَدَى، عَلَى مَا سَبَقَ.
وَإِنْ عَدِمَ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: "مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 رَوَاهُ الْأَثْبَاتُ، وَلَيْسَ فِيهِ بِعَرَفَاتٍ "قَالَ مُسْلِمٌ: لَمْ يُذْكَرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ" بِعَرَفَاتٍ "غَيْرُ شُعْبَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادٍ وَلِمُسْلِمٍ3 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ، وَلَيْسَ فِيهِ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ.
أَجَازَ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْإِزَارِ. فَلَوْ اُعْتُبِرَ فَتْقُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ عَدَمُهُ، وَلَمْ يُشْتَبَهْ عَلَى أَحَدٍ، وَلَمْ يُوجِبْ فِدْيَةً، وَحَمْلُهَا أَوْلَى مِنْ جَوَازِ اللُّبْسِ; وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا، وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ.
وَمَتَى وَجَدَ إزَارًا خَلَعَ السَّرَاوِيلَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: إنْ لَبِسَ سَرَاوِيلَ فَدَى، قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ، لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ حَتَّى يُفَتِّقَهُ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمُوَطَّإِ4 وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ بِلُبْسِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يرو الخبر فيه، وجوزه أصحابه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "المالكية".
2 البخاري "1841" ومسلم "1178""4".
3 في صحيحه "1179""5".
4 "1/325".
وَالرَّازِيُّ بِلَا فَتْقٍ، وَيَفْدِي. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ.
وَإِنْ عَدِمَ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ بِلَا فِدْيَةٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَا يَقْطَعُ خُفَّيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فَسَادٌ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَإِنَّ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ كَرَاهَتُهُ لِغَيْرِ إحْرَامٍ، لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ، قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَمْ يَقُلْ: لِيَقْطَعْهُمَا، قَالَ: لَا، رَوَاهُ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْهُ. صَحِيحٌ. وَطَافَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِخُفَّيْنِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَالْخُفَّانِ مَعَ الْقَبَّاءِ؟ قَالَ: لَبِسْتُهُمَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ2. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: الْخُفَّانِ نَعْلَانِ لِمَنْ لَا نَعْلَ لَهُ3. وَمِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَأَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ لَبِسَهُمَا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَالَ: أمرتنا به عائشة4;
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في المسند "2015".
2 ورواه أحمد في السمند "1668".
3 هذه الآثار الثلاثة رواها ابن أبي شيبة "4/101" عن عمرو علي وابن عباس.
4 لم نجد أثر المسور عن عائشة وقد عزاه الزركشي في شرحه "3/113" إلى أبي بكر النجاد بإسناده وروى أبو داود "1831" عن عائشة أن رسول صلى عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين.
وَلِأَنَّ فِي قَطْعِهِ ضَرَرًا، كَالسَّرَاوِيلِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ فَتْقُهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَلَا يَلْبَسُهُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَيَلْبَسُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ أَحَدٍ.
وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَقْطَعْهُمَا دُونَ كَعْبَيْهِ فَدَى "و" لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ1.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ لَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَوَى الْخَبَرَ عَنْ نَافِعٍ وَرَوَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ "عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ" مِنْ قَوْلِهِ، وَرَوَاهَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَشْرَانَ2 فِي أَمَالِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّهْقَانِ عَنْ الْعَبَّاسِ الدَّوْرِيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْهُ، وَرَوَاهَا مَالِكٌ3 وَأَيُّوبُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَرَفَعُوهَا، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا، فَإِنْ صَحَّتْ فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ، لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ4 عَنْ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ وَذَكَرَهُ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ5 أَنَّ رَجُلًا نَادَى فِي الْمَسْجِدِ: مَا يَتْرُكُ الْحَرَامُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: هُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَجُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ، وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ.
فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِينَ لَمْ يَحْضُرْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَلَامَهُ بِالْمَسْجِدِ فِي مَوْضِعِ البيان ووقت الحاجة، لا يقال:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 سيأتي بخريجه قريبا.
2 هو أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي صاحب الأمالي الكثير "ت 426 هـ" سير أعلام النبلاء "17/450".
3 في الموطأ "1/324 – 325".
4 في المسند "4868".
5 في سننه "2/229".
اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: فَلِمَ ذَكَرَ لُبْسَهُمَا؟ وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِهِ لُبْسَهُمَا بِلَا قَطْعٍ، ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِمْ: الْمُقَيَّدُ يَقْضِي عَلَى الْمُطْلَقِ بِالْمَنْعِ فِي رِوَايَةٍ، ثُمَّ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ، وَعَنْ قَوْلِهِمْ: فِيهِ زِيَادَةُ لَفْظٍ: بِأَنَّ خَبَرَنَا فِيهِ زِيَادَةُ حُكْمِ جَوَازِ اللُّبْسِ بِلَا قَطْعٍ، يَعْنِي: وَهَذَا الْحُكْمُ لَمْ يُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى الشَّيْخِ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ. وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي مِنْ كَلَامِ أَبِي دَاوُد وَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ ابْنَ أَبِي مُوسَى رَوَاهُ نَظَرٌ.
وَإِنْ لَبِسَ مَقْطُوعًا دُونَهُمَا مَعَ وُجُودِ نَعْلٍ لَمْ يَجُزْ وَفَدَى، نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م" لِأَنَّهُ عليه السلام شَرَطَ لِجَوَازِ لُبْسِهِمَا عَدَمَ النَّعْلَيْنِ، وَأَجَازَهُ; لِأَنَّهُ يُقَارِبُ النَّعْلَيْنِ، وَلَمْ يُجِزْهُ لِإِسْقَاطِ الْفِدْيَةِ; وَلِأَنَّهُ مُحِيطٌ لِعُضْوٍ بِقَدْرِهِ، كَغَيْرِهِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَوَازَهُ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَشَيْخُنَا; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخُفٍّ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْقَطْعِ أَوَّلًا; لِأَنَّ رُخْصَةَ الْبَدَلِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ; لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ يَصِيرُ كَنَعْلٍ، فَإِبَاحَتُهُ أَصْلِيَّةٌ، وَإِنَّمَا الْمُبَاحُ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ الْخُفُّ الْمُطْلَقُ، وَإِنَّمَا شَرَطَ عَدَمَ النَّعْلِ; لِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ وُجُودِهِ إفْسَادٌ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ.
وَلُبْسُ اللَّالَكَةِ2 وَالْجُمْجُمِ3 وَنَحْوِهِمَا يَجُوزُ على الثاني لا الأول،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 "5/112".
2 اللالكة: النعال المصنوعة من الجلد المدبوغ.
3 الجمجم: المداس.
وَإِنْ وَجَدَ نَعْلًا لَا يُمْكِنُهُ لُبْسُهَا لَبِسَ الْخُفَّ وَلَا فِدْيَةَ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ: يَفْدِي. وَتُبَاحُ النَّعْلُ كَيْفَ كَانَتْ، لِإِطْلَاقِ إبَاحَتِهَا، وَعَنْهُ: فِي عَقِبِ النَّعْلِ أَوْ قَيْدِهَا السَّيْرُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى الزِّمَامِ الْفِدْيَةُ، وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ1.
قَالَ الْقَاضِي: مُرَادُهُ الْعَرِيضَيْنِ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ; لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فِيهَا، وَرُبَّمَا تَعَذَّرَ الْمَشْيُ بِدُونِهِ، وَكَمَا لَا يَجِبُ قَطْعُ الْخُفِّ وَأَوْلَى، وَالرَّانُّ2 كَخُفٍّ.
وَإِنْ شَقَّ إزَارَهُ وَشَدَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ فَكَسَرَاوِيلَ "وَلَا يُزِرُّهُ" وَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ شَيْئًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا بِشَوْكَةٍ أَوْ إبْرَةٍ أَوْ خَيْطٍ، وَلَا يَغْرِزُ أَطْرَافَهُ، فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَفَدَى; لِأَنَّهُ كَمَخِيطٍ، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِمُحْرِمٍ: وَلَا تَعْقِدْ عَلَيْك شَيْئًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ3، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ مُرْسَلًا: رَأَى رَجُلًا مُحْتَزِمًا بِحَبْلٍ فَقَالَ: انْزِعْ الْحَبْلَ، مَرَّتَيْنِ. وَرَوَى هُوَ وَمَالِكٌ4 عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ، وَرَوَى الْأَثْرَمُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقَ وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِمَوْلَاهُ: يَا أَبَا مَعْبَدٍ زُرَّ عَلَيَّ طَيْلَسَانِي، فَقَالَ لَهُ: كُنْتُ تَكْرَهُ هَذَا. فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أفتدي5.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ص "165".
2 الرأن: كالخف إلا أنه لا قدم له وهو أطول من الخف.
3 في مسنده "1/311".
4 مسند الشافعي "1/318" الموطأ "1/326".
5 رواه ابن أبي شيبة في مصنفه "4/50".
قَالَ أَحْمَدُ فِي مُحْرِمٍ حَزَّمَ عِمَامَةً عَلَى وَسَطِهِ: لَا يَعْقِدُهَا وَيُدْخِلُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ. وَلَهُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِقَمِيصٍ وَيَرْتَدِيَ بِهِ وَبِرِدَاءٍ مُوصِلٍ وَلَا يَعْقِدَهُ، وَيَعْقِدَ إزَارَهُ; لِأَنَّهُ يَحْتَاجُهُ لستر العورة وسترة نفقته1.
وَيُبَاحُ الْهِمْيَانُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجَازَهُ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ مُتَقَدِّمُوهُمْ وَمُتَأَخِّرُوهُمْ، فَمَتَى كَانَ فِيهِ نَفَقَتُهُ فَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ عَقْدٍ بِأَنْ أَدْخَلَ السُّيُورَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ لَمْ يَعْقِدْهُ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، وَإِلَّا جَازَ عَقْدُهُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يُرَخِّصُونَ فِي عَقْدِهِ لَا فِي عَقْدِ غَيْرِهِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ2، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَ الْهِمْيَانَ لِلْمُحْرِمِ3، يَعْنِي مَا لَا نَفَقَةَ فِيهِ.
وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهُ إذَنْ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ. وَفِي رَوْضَةِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَا يَعْقِدُ سُيُورَهُ، وَقِيلَ: لَا بَأْسَ، احْتِيَاطًا عَلَى النَّفَقَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمِنْطَقَةِ نَفَقَةٌ فَكَهِمْيَانٍ.
وَإِنْ لَبِسَهَا لِوَجَعٍ أَوْ حَاجَةٍ افْتَدَى، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: الْمِنْطَقَةُ كَهِمْيَانٍ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ حَامِدٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ، وَغَيْرُهُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا النَّفَقَةُ وَعَدَمُهَا، وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: لَهُ شَدُّ وسطه بحبل وعمامة ونحوهما، وعند
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "نفتقه" وفي "ط""تفقته".
2 رواه ابن أبي شيبة في مصنفه "4/50".
3 رواه ابن أبي شيبة في مصنفه "4/51".
شَيْخِنَا: وَرِدَاءٌ لِحَاجَةٍ. وَيَحْمِلُ قِرْبَةَ الْمَاءِ وَلَا يُدْخِلُهُ فِي صَدْرِهِ. نَقَلَهُ صَالِحٌ، وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفٍ لِحَاجَةٍ "و" لِقَضِيَّةِ1 صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. وَلَا يَجُوزُ بِلَا حَاجَةٍ، نَقَلَ صَالِحٌ: إذَا خَافَ مِنْ عَدُوٍّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ. لَا، إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ3.
قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: لَا يَحْمِلُ الْمُحْرِمُ السِّلَاحَ فِي الْحَرَمِ4، قَالَ: وَالْقِيَاسُ إبَاحَتُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى اللُّبْسِ.
وَلَوْ حَمَلَ قِرْبَةً فِي عُنُقِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَا فِدْيَةَ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْمُحْرِمِ يُلْقِي جِرَابَهُ فِي عُنُقِهِ كَهَيْئَةِ الْقِرْبَةِ فَقَالَ: أَرْجُو أَلَا بَأْسَ، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ، وَظَاهِرُهُ يُبَاحُ عِنْدَهُ فِي الْحَرَمِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَقَلَّدَ بِسَيْفٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ; لِأَنَّ حَمْلَ السِّلَاحِ بِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ "و" نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يَتَقَلَّدُهُ بِمَكَّةَ إلَّا لِخَوْفٍ، رَوَى مُسْلِمٌ5 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا:"لَا يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ السِّلَاحُ بِمَكَّةَ" ، وَإِنَّمَا مَنَعَ أَحْمَدُ مِنْ تَقْلِيدِ السَّيْفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اللُّبْسِ عِنْدَهُ، وَلِهَذَا نَقَلَ صَالِحٌ: يَحْمِلُ قِرْبَةَ الْمَاءِ وَلَا يُدْخِلُهُ فِي صَدْرِهِ، وَمِثْلُهَا جِرَابُهُ، وَإِنْ جَازَ فِيهِمَا; فَلِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى هِمْيَانِ النفقة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""لقصة".
2 في صحيحه "1844".
3 في "س""صورة".
4 رواه ابن أبي شيبة نشرة العمري ص "328".
5 في صحيحه "1356" 449".