الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْهِدَايَةِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَجَمَاعَةٌ، لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، كَمَا سَبَقَ1. وَكَالْمُفْلِسِ "عَلَى" مَا يَأْتِي "إنْ شَاءَ اللَّهُ"2 وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكَافِي3: إلَى أَنْ يَعُودَ فَقَطْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ "وهـ ش" فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ مِثْلُهُ وَأَوْلَى. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا كَانَ مَعَهُ نَفَقَةٌ تُبَلِّغُهُ مَكَّةَ وَيَرْجِعُ، وَيُخَلِّفُ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ حَتَّى يَرْجِعَ.
وَيُقَدِّمُ النِّكَاحَ مَنْ خَافَ الْعَنَتَ، نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ ش" لِوُجُوبِهِ إذَنْ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِالْإِجْمَاعِ، وَلِحَاجَتِهِ إلَيْهِ. وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الْحَجَّ "وم" كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْهُ "ع" وَلِأَنَّهُ أَهَمُّ الْوَاجِبَيْنِ، وَيُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصَالِحِهِ بَعْدَ إحْرَازِ الْحَجِّ، قَالَ الشَّيْخُ: وَمَنْ احْتَاجَ إلَى كُتُبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهَا. وَمَنْ اسْتَغْنَى بِإِحْدَى نُسْخَتَيْنِ بِكِتَابٍ بَاعَ الْأُخْرَى، وَسَبَقَ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْحُلِيِّ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ4، "وَاَللَّهُ أَعْلَمُ".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ص "236".
2 "6/465".
3 "2/302".
4 "4/212".
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا آمِنًا
وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ وَيُمْكِنُ سُلُوكُهُ بَرًّا أَوْ بَحْرًا "خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ" غَالِبُهُ السَّلَامَةُ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو "لَا يَرْكَبُ البحر 5إلا حاجا أو معتمرا أو غاز5 في سبيل الله" رواه أبو داود6
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
5 5 في النسخ الخطية "إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا" والمثبت من مصدر التخريج.
6 في سننه "2489" وتمامه "فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا".
وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: ضَعَّفُوهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ1 وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُمَا مَنَعَا مِنْ رُكُوبِهِ مُدَّةَ زَمَانِهِمَا، وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ سُلُوكُهُ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى، فَأَشْبَهَ الْبَرَّ.
وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ2 قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ، فَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: الظَّاهِرُ يُخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إذَا استوى الحرير والكتان "م 13".
وقال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْعَاقِلُ إذَا أَرَادَ سُلُوكَ طَرِيقٍ يستوي فيها احتمال
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تنبيه: قَوْلُهُ "وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ" لَيْسَ هَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا فِيهَا "وإن سلم قَوْمٌ وَنَجَا قَوْمٌ" فَأُصْلِحَ كَمَا تَرَى وَهُوَ صحيح والله أعلم.
"مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ فَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: الظَّاهِرُ يُخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ وَالْكَتَّانُ، انْتَهَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يُخَالِفْهُ ابْنُ عَقِيلٍ جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ، وَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ3، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الكبرى: ويركب البحر مع أمنه غالبا.
1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "3/284" أن عمر قال: لا يسألني الله عن ركوب المسلمين البحر أبدا.
2 في الأصل "مجا".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/67".
السَّلَامَةِ وَالْهَلَاكِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ سُلُوكِهَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَهِيدًا، وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لَمْ يَلْزَمْهُ سُلُوكُهُ، كَذَا ذَكَرُوهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إجْمَاعًا فِي الْبَحْرِ، وَأَنَّ عَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مَرْفُوعًا:"مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ2 فَمَاتَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ" وَيَعْتَبِرُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ خِفَارَةٌ، لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْأَمْنُ بِبَذْلِهَا3.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ كَانَتْ الْخِفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهَا، وَقَيَّدَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِالْيَسِيرَةِ، وَأَمْنِ الْغَدْرِ مِنْ الْمَبْذُولِ لَهُ، لِتَوَقُّفِ إمْكَانِ الْحَجِّ عَلَيْهَا، كَثَمَنِ الْمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: الْخِفَارَةُ تَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الدَّفْعِ عَنْ الْمُخْفَرِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا، كَمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الرَّعَايَا.
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْوَقْتِ مُتَّسِعًا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ فِيهِ وَالسَّيْرُ حَسَبَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، فَعَنْهُ: هُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ "وهـ ش" لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَلِتَعَذُّرِ فِعْلِ الْحَجِّ مَعَهُ، كَعَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَلَوْ حَجَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ تَبَيَّنَّا عَدَمَهُ "وهـ ش" وعنه: من
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في المسند "20748" من حديث أبي عمران الجوني عن رجل.
2 في "س""ارتجاعه" وارتجاع البحر: اضطرابه.
3 في الأصل "ببذلها".
شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا "م 14" وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّهُ عليه السلام فَسَّرَ السَّبِيلَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ1، وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْأَدَاءُ دُونَ الْقَضَاءِ، كَالْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ بُرْؤُهُ، وَعَدَمُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجَمِيعُ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْزِمْ 2عَلَى الْفِعْلِ إذَا قَدَرَ؟ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَأْثَمُ إنْ لَمْ يعزم2 كما
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، فَعَنْهُ: هُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. "وَعَنْهُ": مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ، إحْدَاهُمَا هُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هُمَا مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ.
"قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وهو الصواب.
1 تقدم في ص "232".
2 2 في "س" جاءت هذه العبارة بعد قوله "في عدم الإثم".
3 "5/7".
4 "2/303".
5 5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/66".