الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صححه بعضهم، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا" 1; وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّيْدِ لِلْمَكَانِ، فَلَا فَرْقَ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ "م 34" لِإِطْلَاقِ حِلِّهِ فِي الْآيَةِ; وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُحَرِّمُهُ، كَحَيَوَانٍ أهلي وسبع "والله أعلم".
1 أخرجه البخاري "1349" ومسلم "1355""447".
فصل: وَيَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
مِمَّا فُسِّرَ بِهِ الرَّفَثُ وَالْفُسُوقُ "وَهُوَ" السِّبَابُ وَقِيلَ: الْمَعَاصِي. وَالْجِدَالُ: الْمِرَاءُ، رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ2 وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنْ تُمَارِيَ صَاحِبَك حَتَّى تُغْضِبَهُ3، قَالَ الشَّيْخُ: الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وقال في الفصول:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 34" قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ وَفِي حِلِّهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ: الْمَنْعُ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
إحْدَاهُمَا لَا يُبَاحُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالشَّرْحِ4، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَنْسَكِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ مُطْلَقًا، انْتَهَى.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى6، قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَهُوَ اخْتِيَارِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاويين وغيرهم، وصححه الناظم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "158".
3 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "157".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/318".
5 "5/167".
6 في الإرشاد ص "172".
يَجِبُ اجْتِنَابُ الْجِدَالِ وَهُوَ الْمُمَارَّةُ فِيمَا لَا يُعْنِي.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفُسُوقُ وَهُوَ السِّبَابُ، وَالْجِدَالُ وَهُوَ الْمُمَارَاةُ فِيمَا لَا يُعْنِي. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ لَهُ كُلُّ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَكُلُّ سِبَابٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحِلِّ، وَأَوْلَى، كَذَا قَالَ، وفي تفسير ابن الجوزي وغيره عن أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] لَا تُمَارِينَ أَحَدًا فَيَخْرُجُهُ الْمِرَاءُ إلَى الْمُمَارَاةِ وَفِعْلِ مَا لَا يَلِيقُ فِي الْحَجِّ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ: لَا شَكَّ فِي الْحَجِّ وَلَا مِرَاءَ، فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ وَقْتُهُ.
وَفِيهِ "فِي قَوْلِهِ"{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] قِيلَ: بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقِيلَ: غَيْرُ فَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ1، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَفِيهِ فِي قَوْلِهِ:{فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} [الحج: 67] أَيْ فِي الذَّبَائِحِ، وَالْمَعْنَى: فَلَا تُنَازِعْهُمْ2، وَهَذَا جَائِزٌ فِي فِعْلٍ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ. فَإِذَا قُلْتَ لَا يُجَادِلْنَك فُلَانٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ لَا تُجَادِلْنَهُ، وَلِهَذَا قَالَ:{وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحج:68] قَالَ: وَهَذَا أَدَبٌ حَسَنٌ، عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ لِيَرُدُّوا بِهِ مَنْ جَادَلَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَلَا يُجِيبُوهُ وَلَا يُنَاظِرُوهُ.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَوَقَّى الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَنْفَعُ، وَالْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ وَاللَّغْوُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ. وَبَسْطُ هذا في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 هي قوله تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ....} [التوبة: 5]
2 في "س""تنازعنهم".
الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ1 وَكِتَابِ أُصُولِ الْفِقْهِ آخِرَ الْقِيَاسِ.
وَلِأَحْمَدَ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ" ثُمَّ قَرَأَ {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً} [الزخرف: 58] أَبُو غَالِبٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعِيدٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَبَالَغَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى رِوَايَتِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجٍ. وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ3. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "جِدَالٌ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَعَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مَرْفُوعًا "لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ، وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا"4. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ" حَدِيثٌ حَسَنٌ رواه أبو داود5.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 "1/62".
2 في مسنده "22164".
3 ابن ماجه "48" والترمذي "3253".
4 في مسنده "7508".
5 أخرجه أحمد في مسنده "8630".
وَيُسْتَحَبُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ، وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ لَهُ كَثْرَتُهُ بِلَا نَفْعٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلِيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَعَنْهُ مَرْفُوعًا "مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ2، وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مِثْلُهُ، وَلَهُ4 أَيْضًا فِي لَفْظٍ "قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ".
وَتَجُوزُ "لَهُ" التِّجَارَةُ وَعَمَلُ الصَّنْعَةِ "و" وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ مُسْتَحَبٍّ أَوْ وَاجِبٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ5، وَلِأَبِي دَاوُد6 عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ: كُنْت رَجُلًا أُكْرَى فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَكَانَ نَاسٌ يَقُولُونَ: لَيْسَ لَك حَجٌّ، فَلَقِيت ابْنَ عُمَرَ فَقُلْت: إنِّي أُكْرَى فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: لَيْسَ لَك حَجٌّ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَلَيْسَ تُحْرِمُ وَتُلَبِّي وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتُفِيضُ مِنْ عَرَفَاتٍ وَتَرْمِي الْجِمَارَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ لَك حَجًّا، جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله مثل ما
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 البخاري "6138" ومسلم "47""47".
2 الترمذي "2317" وابن ماجه "3976".
3 في مسنده "1737".
4 أحمد في مسنده "1737".
5 في صحيحه "2098".
6 في سننه "1733".
سَأَلْتنِي فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] الْآيَةَ. فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ:"لَك حَجٌّ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَحْمَدُ1، وَعِنْدَهُ:"إنَّا نُكْرَى فَهَلْ لَنَا مِنْ حَجٍّ؟ " وَفِيهِ: "وَتَحْلِقُونَ رُءُوسَكُمْ". وَفِيهِ: فَقَالَ: "أَنْتُمْ حُجَّاجٌ" وَسَبَقَ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ2 قَصْدُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ بِالسَّفَرِ.
وَيَجُوزُ لُبْسُ الْكُحْلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْبَاغِ، وَقَطْعُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ بِغَيْرِ طِيبٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: يُسَنُّ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَكَذَا يَجُوزُ الْمُعَصْفَرُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وش" لِمَا رَوَى أَحْمَدُ3، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ أَنْبَأْنَا أُبَيٌّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَإِنَّ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ مِنْ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ مَا أَحَبَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا أَوْ خَزًّا أَوْ حُلِيًّا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصًا إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ: رَوَاهُ عَبْدَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ إلَى قَوْلِهِ: "وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنْ الثِّيَابِ""5لَمْ يَذْكُرَا5" مَا بَعْدَهُ. وللشافعي6 عن أبي جعفر قال: أبصر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الدارقطني في سننه "2/292" وأحمد في مسنده "6434".
2 "2/302" وما يعدها.
3 في مسنده "4730".
4 في سننه "1827".
5 5 في النسخ الخطية "لم يذكر" والمثبت من مصدر التخريج.
6 في مسنده "1/309".
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ثَوْبَيْنِ مُضَرَّجِينَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الثِّيَابُ؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مَا إخَالُ أَحَدًا يُعَلِّمُنَا السُّنَّةَ، فَسَكَتَ عُمَرُ. وَقَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُصْبَغَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ لَيْسَ فِيهَا زَعْفَرَانٌ.
وَقَالَ أَسْلَمُ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى طَلْحَةَ يَوْمًا ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّمَا هُوَ مُدَرٌّ فَقَالَ: إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمْ النَّاسُ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاهِلًا رَأَى هَذَا الثَّوْبَ لَقَالَ: إنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ فِي الْإِحْرَامِ، فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ. رَوَاهُمَا مَالِكٌ1. وَلِلشَّافِعِيِّ2 عَنْ جَابِرٍ قَالَ: تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ. وَرَوَى حَنْبَلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: كُنَّ أُزَاوَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يحرمن في المعصفرات3.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الموطأ "1/326".
2 في مسنده "1/310".
3 أخرجه البخاري تعليقا قبل حديث "1545" ولبست عائشة رضي الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة.
وَاخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ1، وَنَهَى عَنْهُ عُثْمَانُ وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إنَّمَا نَهَانِي. رَوَاهُ النَّجَّادُ2. فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَلِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ جَاهِلٌ فِي جَمِيعِ الْأَصْبَاغِ أَوْ يُكْرَهُ3 لِلرَّجُلِ، كَمَا سَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ4، وَحَمَلَ الْقَاضِي الْخَبَرَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِاسْتِحْبَابِ الْبَيَاضِ فِي الْإِحْرَامِ، أَوْ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَلِيٍّ; وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ كَسَائِرِ الْأَصْبَاغِ; وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ مَا لَمْ يَنْفُضْ "فَجَازَ" وَإِنْ نَفَضَ كَغَيْرِهِ، وَجَوَّزَهُ فِي الْوَاضِحِ مَا لَمْ يَنْفُضْ5 عَلَيْهِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ وَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَنْفُضُ فَدَى، وَلِلْمَصْبُوغِ بِالرَّيَاحِينِ حُكْمُهَا مَعَ الرَّائِحَةِ.
وَيَجُوزُ الْكُحْلُ بِإِثْمِدٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، إلَّا لِزِينَةٍ فَيُكْرَهُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ "وم ش" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ6 عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، وَكَرِهَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَزَادَ: وَفِي حَقِّهَا أَكْثَرُ; لِأَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ ضَمِّدْهَا بِالصَّبْرِ. وَحَدَّثَ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُحْرِمِ إذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ ضَمَّدَهَا بِالصَّبْرِ.
وَعَنْ جَابِرٍ أَنْ عَلِيًّا قَدِمَ الْيَمَنَ فوجد فاطمة ممن حل فلبست ثيابا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 رواية الترخيص أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "106". ورواية الكراهة أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "105".
2 وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/61".
3 من هنا بدأ السقط في "س".
4 "2/34".
5 نفض الثوب أو الصبغ نفوضا: ذهب بعض لونه المعجم المسيط "نفض".
6 في مسنده "1/312".
صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقْتِ صَدَقْتِ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ1. وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِامْرَأَةٍ اكْتَحِلِي بِغَيْرِ الْإِثْمِدِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ لَكِنَّهُ زِينَةٌ وَنَحْنُ نَكْرَهُهُ2. وَلَنَا قَوْلٌ: لَا يَجُوزُ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ بِالسَّوَادِ. فَظَاهِرُهُ التَّخْصِيصُ.
وَيَنْظُرُ الْمُحْرِمُ فِي الْمِرْآةِ لِحَاجَةٍ، كَإِزَالَةِ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهِ. وَيُكْرَهُ لِزِينَةٍ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَنَا قَوْلٌ: يَحْرُمُ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ وَلَا يُصْلِحُ شَعَثًا وَلَا يَنْفُضُ عَنْهُ غُبَارًا، وَقَالَ: إذَا كَانَ يُرِيدُ زِينَةً فَلَا يَرَى شَعْرَةً فَيُسَوِّيهَا، رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو3 مَرْفُوعًا "إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ: اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا" وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَفِي تَرْكِ الْأَوْلَى نَظَرٌ; لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَأْتُوا شُعْثًا غُبْرًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَنْظُرُ الْمُحْرِمُ فِي الْمِرْآةِ4 وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ فِيهَا، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ5 وَزَادَ: لِشَكْوَى بِعَيْنَيْهِ، وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَبَعْضُ مَنْ أَطْلَقَهُ قَيَّدَهُ فِي مَكَان آخَرَ بِالْحَاجَةِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْغُسْلِ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ6، وَلَا فِدْيَةَ بِذَلِكَ، وَبِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ إلا ما سبق في المعصفر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في صحيحه الأول برقم "1204""89" والثاني برقم "1218""147".
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/63".
3 أحمد في مسنده الأول برقم "80047" والثاني برقم "7089".
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/64".
5 الشافعي في مسنده "1/314" ومالك في الموطا "1/358".
6 ص "407".