الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ أَحْرَمَتْ إذَنْ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَمَلَتْ شُرُوطُهَا لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَلَا تَحْلِيلَهَا "و" وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ1 قَدْرَ نَفَقَةِ الْحَضَرِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَخْرُجَ حَتَّى تَسْتَأْذِنَهُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ كَانَ غَائِبًا كَتَبَتْ إلَيْهِ، فَإِنْ أَذِنَ وَإِلَّا حَجَّتْ بِمَحْرَمٍ، وَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيلُهَا، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ مَنْعُهَا، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ كَأَدَاءِ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ "و" وَقَضَاءِ رَمَضَانَ "و"2 وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَالْأَشْهَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ لَهُ تَحْلِيلُهَا.
وَمَنْ أَحْرَمَتْ بِوَاجِبٍ فَحَلَفَ زَوْجُهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا تَحُجُّ الْعَامَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُحِلَّ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ، وَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ، وَاخْتَارَهُ3 ابْنُ أَبِي مُوسَى كَمَا لَوْ مَنَعَهَا عَدُوٌّ مِنْ الْحَجِّ إلَّا أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهَا، وَنَقَلَ مُهَنَّا وَسُئِلَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: الطَّلَاقُ هَلَاكٌ4، هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ، وَسَبَقَ ` أَوَّلَ الْجَنَائِزِ5.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأصل.
2 في "ب""وفاقا فيهما".
3 في "س""واختار".
4 ليست في "س".
5 "3/240".
فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ لِوَالِدٍ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ حَجٍّ وَاجِبٍ
،
وَلَا تَحْلِيلُهُ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ طَاعَتُهُ فِيهِ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ التَّطَوُّعِ، كَالْجِهَادِ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ سَفَرٌ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُسْتَحَبٌّ بِلَا إذْنٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي بَحْثِ مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ، وَيَتَوَجَّهُ: يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُ. فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَنْضَرُّ بِهِ وَجَبَ وَأَنَّهُ1 وَاجِبٌ لِلْجِهَادِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلشَّهَادَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، كَمَا فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ السَّفَرِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ.
وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيلُهُ مِنْهُ، لِوُجُوبِهِ بِشُرُوعِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْفَرْضِ: إنْ لَمْ تَأْذَنْ لَك أُمُّك وَكَانَ عِنْدَك زَادٌ وَرَاحِلَةٌ فَحُجَّ وَلَا تَلْتَفِتْ إلَى إذْنِهَا وَاخْضَعْ لَهَا وَدَارِهَا.
وَيَلْزَمُهُ طَاعَةُ وَالِدَيْهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَيَحْرُمُ فِيهَا، وَلَوْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَهَا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ إطْلَاقُ كَلَامِ أَحْمَدَ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: هَذَا فِيمَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِسُقُوطِ فَرَائِضِ اللَّهِ بِالضَّرَرِ، وَعَلَى هَذَا بَنَيْنَا تَمَلُّكَهُ مِنْ مَالِهِ، فَنَفْعُهُ كَمَالِهِ، فَلَيْسَ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَبْدِ، هَذَا كَلَامُهُ.
وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ تَسْأَلُهُ أُمُّهُ شِرَاءَ مِلْحَفَةٍ للخروج إن كان
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الضمير يعود على الاستئذان.
خُرُوجُهَا فِي بِرٍّ وَإِلَّا فَلَا يُعِينُهَا عَلَى الْخُرُوجِ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: إنْ أَمَرَنِي أَبِي بِإِتْيَانِ السُّلْطَانِ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةٌ؟ قَالَ: لَا، فَيُحْمَلُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَمَظِنَّةٌ فِي الْمُحَرَّمِ، فَلَا مُخَالَفَةَ لِمَا سَبَقَ، وَظَاهِرُهُمَا الْمُخَالَفَةُ، وَأَنَّهُ1 لَا طَاعَةَ إلَّا فِي الْبِرِّ.
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: مَا أُحِبُّ أَنْ يُقِيمَ مَعَهُمَا عَلَى الشُّبْهَةِ، لِأَنَّهُ عليه السلام قَالَ:"مَنْ تَرَكَ الشُّبْهَةَ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ" 2 وَلَكِنْ يُدَارِي، فَظَاهِرُهُ لَا طَاعَةَ فِي مَكْرُوهٍ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ فِيمَنْ تَعْرِضُ عَلَيْهِ أُمُّهُ شُبْهَةً بِأَكْلٍ فَقَالَ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَلَا يأكل.
وقال أحمد: إن منعاه3 الصلاة نفلا4 يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي، فَظَاهِرُهُ لَا طَاعَةَ فِي تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ. وَقَالَ: إنْ نَهَاهُ أَبُوهُ عَنْ الصَّوْمِ لا يعجبني صومه ولا أحب لأبيه5 أن يَنْهَاهُ، فَظَاهِرُهُ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي تَرْكِهِ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ لَا يَجُوزُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وَأَنَّ مِثْلَهُ الْمُكْتَرِي وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْإِثْمِ بِتَرْكِ سُنَّةٍ "رَاتِبَة" وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ فِي الشَّهَادَةِ6، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَفِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ القرب7، وقوله: ندب إلى طاعة أبيه،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س""ولأنه".
2 أخرجه بنحوه البخاري "52" ومسلم "1599""107" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
3 في "ب""معناه".
4 في "س""فلا".
5 في "ب" لابنه".
6 "11/317".
7 "3/427".