الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الوسطى: صلاة العصر. قانتين: خاشعين. كما علمكم: أي أعمال الصلاة].
روى البخاري (4261)، عن ابن عمر رضي الله عنهما، في وصفه صلاة الخوف وبعد ذكره الكيفيتين السابقتين، قال: وبعد فإن كان وصفه خوف هو أشد من ذلك، صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم، أو ركباناً، مستقبلي القبلة، أو غير مستقبليها. قال مالك: قال نافع: لا أرى عبدالله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعند مسلم (839): فصلً راكباً أو قائما، تومئ إيماء.
وبعذر في هذه الحالة في كل ما يقع منه من حركات تستدعيها ظروف القتال، إلا أنه لا يعذر في الكلام والصياح، إذ لا ضرورة تستدعي ذلك، وإذا أصابته نجاسة لا يعفا عنها كدم ونحوه، صحت صلاته ووجب عليه القضاء فيما بعد:
واعلم أن هذه الصلاة يرخص فيها بهذا الشكر عند كل قتال مشروع، وفي كل حالة يكون فيها المكلف في خوف شديد، كما إذا كان فاراً من عدو، أو حيوان مفترس، ونحو ذلك.
والمنظور إليه في مشروعية هذه الكيفية هو الحفاظ على أداء الصلاة في وقتها المحدد لها، امتثالاً لأمر الشارع حيث يقول:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} [النساء 103].
حكمة مشروعية صلاة الخوف:
والحكمة من مشروعية هذه الكيفيات في الصلاة التيسر على المكلف، كي يتمكن من أداء هذه الفريضة، وهو أحوج ما يكون إلى
الصلة بالله عز وجل، يستمد منه العون والنصرة، وهو يقارع الكفرة في ميادين القتال، فيطمئن قلبه بذكر ربه جل وعلا، وتزداد ثقته بنصره وتأييده، وثبت قدمه في أرض المعركة، حتى يندحر الباطل ويكتب لأهل الحق الفوز والفلاح، وصدق الله العظيم إذ يقول:{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فأثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون} [الأنفال: 45].
ومن الجدير بالذكر أن صلاة الخوف، بكيفياتها السابقة تمكن الجندي المسلم من أقامة الصلاة دون حرج، مهما اختلفت أساليب القتال وتنوعت وسائل الحرب، على اختلاف الزمان والمكان، ولا سيما المتقاتلة، كما هو الحال في كثير من المواقف القتالية الحديثة.
الصلاة لا تسقط بأي حال:
يتبين مما سبق أن الصلاة لا تسقط بحال من الأحوال مهما اشتد العذر، ما دام التكليف قائماً، والحياة مستمرة. ولكن الله عز وجل رخص في تأخيرها كالجمع بين الصلاتين أو قصرها كصلاة المسافر، أو التسهيل في كيفية أدائها كصلاة الخوف وصلاة المريض، وذلك حسب الأسباب والظروف.
*****
صَلَاة الجمُعَة
" مشروعيتها:
صلاة الجمعة مشروعة، وهي من الفضائل التي اختص الله تعالى بها هذه الأمة التي هديت للفوز بمكرمات هذه اليوم.
روى البخاري (836)، ومسلم (855)، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلقوا فيه، فهدانا الله، فالناس لنا فيه تبع: اليهود غداً والنصارى بعد غد".
[الآخرون: وجوداً في الدنيا. السابقون: في الفصل والأجر ودخول الجنة. بيد: غير. الكتاب: الشريعة السماوية. هذا يوم الجمعة. فرض عليهم: أن يتقربوا إلى الله تعالى فيه].
وقد فرضت بمكة قبيل الهجرة، إلا أنها لم تقم في مكة لضعف أسعد بن زرارة رضي الله عنه. روى ذلك أبو داود (1069) وغيره، من كعب بن مالك رضي الله عنه.
" دليل مشروعيها
دلّ على مشروعيتها الجمعة ووجوبها قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي إلى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ودروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [الجمعة: 9].
وأحاديث كثيرة منها: ما رواه أبو داود (1067)، عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجمعة حق واجب على كل مسلم
…
"
وما رواه مسلم (865) وغيره، عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما، أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره:"لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".
[ودعهم: تركهم].
" الحكمة من مشروعيتها:
لمشروعية صلاة الجمعة حكم وفوائد كثيرة، لا مجال لاستقصائها في هذا المكان، ومن أهمها تلاقي المسلمين على مستوى جميع أهل البلدة، في مكان واحد ـ هو المسجد الجامع ـ مرة كل أسبوع، يلتقون على نصيحة تجمع شمالهم وتزيدهم وحدة وتضامناً، كما تزيدهم ألفة وتعارفاً وتعاوناً، وتجعلهم واعين متنبهين للأحداث التي تجد من حولهم كل أسبوع، وتشدهم إلى إمامهم الأعظم الذي ينبغي أن يكون هو الخطيب فيهم، والواعظ لهم. فهي إذاً مؤتمر أسبوعي يتلاقى فيه المسلمون صفاً واحداً، وراء قائدهم الذي هو إمامهم وخطيبهم فيه. ولذلك أكثر الشارع من الحث على حضورها، والتحذير من تركها