الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ارتباط الفقه بالعقيدة الإسلامية:
من خصائص الفقه الإسلامي - وهو كما قلنا: أحكامُ شرعية ناظمةُ لأفعال المكلفين وأقوالهم - أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإيمان بالله تعالى، ومشدود تماماً إلى أركان العقيدة الإسلامية، ولا سيما عقيدة الإيمان باليوم الآخر.
وذلك لأن عقدية الإيمان بالله تعالى هي التي تجعل المسلم متمسكاً بأحكام الدين منساقاً لتطبيقها طوعاً واختياراً.
ولأن من لم يؤمن بالله تعالى لا يتقيد بصلاةٍ ولا صيامٍ، ولا يراعي في أفعاله حلالاً ولا حراماً، فالتزام أحكام الشرع إنما هو فرعُ عن الإيمان بمن أنزلها وشرعها لعباده.
والأمثلة في القرآن الكريم التي تبيِّن ارتباط الفقه بالإيمان كثيرة جداً. وسنكتفي بذكر بعضها لنرى مدى هذا الارتباط بين الأحكام والإيمان وبين الشريعة والعقيدة:
1 -
لقد أمر الله عز وجل بالطهارة وجعل ذلك من لوازم الإيمان به سبحانه وتعالى فقال: {يا أَيُّها الَّذينَ آمنوا إذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فاغْسِلوا وُجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إلى المَرَافِقِ} [المائدة: 6].
2 -
ذكر الله الصلاة والزكاة وقرن بينهما وبين الإيمان باليوم الآخر، قال تعالى:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [النمل: 3].
3 -
فرض الله الصوم المفضي إلى التقوى، وربطه بالإيمان،
قال تعالى: {يا أَيُّها الَّذينَ آمنوا كُتٍِبَ عَليْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ على الَّذينَ مِنْ قَبْلٍكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
4 -
ذكر الله تعالى الصفات الحميدة التي يتحلى بها المسلم وربط ذلك بالإيمان به تعالى والتي يستحق بها دخول الجنة، فقال:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1 - 11].
اللغو: الباطل وما لا فائدة فيه من قول أو فعل. لفروجهم حافظون: جميع فرج وهو اسم لعضو التناسل من الذكر والأنثى.
وحفظها: صيانتها عن الحرام ومن الوقوع في الزنى خاصة. ما ملكت أيمانهم: النساء المملوكات وهن الإماء. غير ملومين: بوطئهن.
العادون: الظالمون والمجاوزون.
5 -
أمر الله تعالى بحسن معاملة النساء ومهَّد لذلك بنداء المخاطبين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19]
تعضلوهن: تمنعوهن من الزواج. بفاحشة: سوء خلق أو نشوز أو زنى.
…
مبينة: واضحة وظاهرة.
6 -
أمر المطلقة أن تعتدّ ثلاثة قروء وألا تكتم ما في رحمها إن كانت حاملاً وعلق ذلك على الإيمان بالله واليوم الآخر، قال تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}
…
[البقرة: 228].
7 -
أمر الله سبحانه وتعالى باجتناب الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بعد أن نادى المؤمنين بوصف الإيمان، مشعراَ بذلك اجتنابها مرتبط بخلوص إيمانهم، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
8 -
حرَّم الله سبحانه وتعالى الربا وربط بين تركه وتحقيق التقوى والإيمان، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
…
[آل عمران: 130]
…
[البقرة: 278].
9 -
حضَّ على العمل وأحاطه بسياج من الشعور بالمراقبة الإلهية والشعور بالمسؤولية، قال تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].
وهكذا فقلَّما تجد حكماً من أحكام الدين في القرآن إلا وهو مقرون بالإيمان بالله تعالى ومرتبط بأركان العقيدة الإسلامية، وبهذا اكتسب الفقه الإسلامي قداسة دينية، وكان له سلطان روحي، لأنها