الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: التعريف بحركة تحرير المرأة:
حركة تحرير المرأة: هي حركة علمانية نشأت في مصر في بادئ الأمر، ثم انتشرت في أرجاء البلاد العربية والإِسلامية.
تدعو إلى تحرير المرأة من الآداب الإِسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب، وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات، والمساواة في الميراث، وتقليد المرأة الغربية في كل أمر، ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم (1).
ثانيًا: الرد على المنادين بحرية وتحرير المرأة:
1 -
لقد أقام الإِسلام سياجًا حول المرأة المسلمة فأمرها بعدم الخروج من بيتها لغير ضرورة، لكن دعاة تحرير المرأة وأعداء الإِسلام فسروا ذلك بأنه عدم ثقة بالمرأة وإهانة لها، وأنه يدل على عدم قيمتها وأهميتها في المجتمع، وهذا كلام باطل فإن وظيفة المرأة في البيت أعظم وأهم عمل في الحياة، وما قرارها في البيت إلا لحمايتها ولعدم تحميلها مهام إضافية قد تؤثر على نفسيتها وصحتها، وتجاهلوا أن السياج والحراسة لا تكون إلا على ثمين وهام.
نهى الله تعالى النساء عن التبرج، فقال سبحانه:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]. لكن أعداء الإِسلام لم يقبلوا ذلك فأساؤوا الفهم، وفسروا ذلك بأنه إهانة للمرأة وحرمان لها من حريتها، فلكي تكون المرأة حرة عندهم لا بد لها من أن تعرض زينتها وجسمها في الشوارع والأسواق، ولا شك أن أبا جهل وأبا لهب لم يكونوا يرضون لنسائهم ذلك، إن المرأة المسلمة تعتبر الحجاب حقًّا من حقوقها وليس تقييدًا وتضييقًا عليها.
(1) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، (ص: 2/ 101).
لم يضع الإِسلام حدًا لا تُبدي الزوجة لزوجها، كما سمح لها بإبداء ما لا يتنافى مع حيائها أمام محارمها، وسمح الإِسلام للمرأة بإبداء زينتها أمام النساء، وبذلك فلا يبقى إلا الأجانب، فهل في هذا ظلم أم حماية للمرأة؟ إنه حماية وتكريم للمرأة.
2 -
لقد ساوى الله سبحانه وتعالى بين النساء والرجال في التكاليف والعقاب والثواب في جميع أمور الدين، وكما أن للرجل حقوقًا على زوجته فإن للزوجة حقوقًا عليه، فقال عز وجل:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228].
3 -
حثت شريعة الإِسلام على حسن تربية البنات، بل جعلت ذلك في مقابل الجنة فقال صلى الله عليه وسلم:"مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ بَنَاتٍ، أَوْ أُخْتين أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ، حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ، كنْتُ أنَّا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ" وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى (1).
4 -
جعل الله سبحانه وتعالى للمرأة حظًّا من الميراث، لكن أعداء الإِسلام وكعادتهم طعنوا في عدالة نصيب المرأة بالنسبة للرجل. إن الرجل الذي يرث ضعف ما ترث المرأة في بعض الأحوال ينفق ذلك المال على زوجته وأولاده ونفسه، وربما على والديه وإخوانه، أما المرأة فإنها ليست مجبرة على الإنفاق على أحد. فمن الرابح إذن؟
5 -
ولقد حفظ الإِسلام حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل، وقارن بينهما، ثم بين نصيب كل واحدٍ فمن العدل أن يأخذ الابن ضعف الابنة للأسباب التالية:
أ - فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقًا؛ فالرجل هو الذي يدفع المهر، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة.
(1) رواه الإِمام أحمد (3/ 147، 148)، وابن أبي شيبة (8/ 551)، ورواه مسلم بلفظ:"مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ" وَضَمَّ أصَابِعَهُ، في البر والصلة: باب فضل الإحسان إلى البنات (2629).
ب- والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده؛ لأن الإِسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس، يقول الله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]، وقوله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
على حين أن المرأة مكفية المؤونة والحاجة، فنفقتها واجبة على ابنها أو أبيها أو أخيها شريكها في الميراث أو عمِّها أو غيرهم من الأقارب.
6 -
ومما يدعيه دعاة تحرير المرأة أن الإِسلام وصفها بأنها ناقصة عقل ودين؛ حيث ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد حث النساء على التصدق، وذلك لأن أغلب أهل النار من النساء، وعندما سُئل عن سبب ذلك أجاب بأنهن ناقصات عقل ودين. وينتهي هنا كلام أعداء الإِسلام فيقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم وصف النساء بنقصان العقل والدين، ويسقطون بقية الحديث الشريف الذي يوضح معنى قوله صلى الله عليه وسلم، وهو أن المسلمة تضطرها طبيعة خلقتها إلى ترك الصلاة عدة أيام شهريًّا، وإلى ترك الصيام عدة أيام في شهر رمضان المبارك وتكفر زوجها، وبذلك ينقص دينها. أما نقصان العقل فقد فسره صلى الله عليه وسلم بأن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، وليس في هذا إهانة للمرأة؛ لأن رسالتها في الحياة تستلزم بقاءها في غالب الأوقات في منزلها وخاصة أوقات البيع والشراء حيث تجري المعاملات المالية بين الناس وهذا لا يقع إلا نادرًا وما كان كذلك فليس من شأنها أن تحرص على تذكره حين شاهدته، فإنها غالبًا ما تمر عابرةً لا تلقي له بالًا فإذا جاءت تشهد كان احتمال نسيانها، فإذا شهدت معها أخرى زال احتمال النسيان.
كما أن المرأة يغلب عليها الجانب العاطفي بحيث يفوتها التركيز على بعض
الأمور المطلوب الشهادة فيها، ومشاركتها لغيرها يذكرها ويقوي موقفها من الإدلاء بالشهادة.
والمرأة لا تكون شهادتها دائمًا نصف شهادة الرجل، فهناك حالات تتساوى كلا شهادتي المرأة والرجل، وهناك حالات لا تُقبل فيها شهادة غير شهادة المرأة.
وهل ينطبق ذلك على جميع النساء؟ كلا؛ فإن المرأة التي تنطبق عليها تلك الصفات هي امرأة لم تؤد من نوافل الصلاة ما عوضت به نقص صلاتها، ولم تقض ما فاتها من صيام، وآذت زوجها وبذلك استحقت عذاب جهنم. أما من عوضت ما فاتها من الطاعات وأدت حق زوجها؛ فإنها بذلك تستحق الكرامة وما أعده الله لعباده المؤمنين بحول الله وقوته.
7 -
المهر: يدعي أعداء الإِسلام أن المهر هو ثمن للزوجة يدفعه الزوج ويشتريها به، وهذا قول باطل؛ فالنفس الإنسانية لا تُقدر بثمن، كما أن الإِسلام لم يُحدد مبلغًا محددًا للمهر، بل إن نبينا صلى الله عليه وسلم قال:"التمس ولو خاتمًا من حديد"(1). فهل خاتم الحديد ثمن للزوجة؟ إن المهر دليل ورمز على أن المرأة ستكون موضع رعاية الزوج، وبأنه سيتكفل بكل ما تحتاج إليه، فتطيب نفسها به وتأنس وترضى أن تقترن به، بل وتسعد برياسته وقوامته.
8 -
الطلاق: لقد نفّر الإِسلام من الطلاق، ووردت أحاديث وآيات قرآنية كثيرة تحث كلا الزوجين على حسن معاشرة أحدهما للآخر، ووعدت بالأجر العظيم للصبر على ما قد يقع عليه من أذى من الآخر، بل إن سورة قرآنية كاملة خُصصت لموضوع الطلاق مما يدل على عظيم أهميته، وما ذلك إلا لأهمية الأسرة في الإِسلام،
(1) أخرجه البخاريّ في النكاح، باب التزويج على القرآن وبغير صداق (5149)، ومسلمٌ في النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد (1425).