الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحريم، يجب الأخذ على يد مرتكبيه، ومنعهم منه، ويجب على أولياء المرأة منعها من ذلك السفر" (1) انتهى.
وأما أن يكون السفر إلى أماكن تتسم بالطهارة والنقاء بقصد الترفيه، ولم يكن في هذا السفر شيء من المنكرات وكان السفر مشروعًا، كالسفر لأداء العمرة مثلًا، فإن هذا السفر لا بأس به بل قد يكون مناسبًا للزوجين في أول حياتهما (2).
الاحتفال السنوي بالزواج:
مما تأثرت به المجتمعات الإسلامية اليوم ما عليه الغرب بما يسمى بعيد الزواج كما تأثروا بهم من قبل فيما يسمى بعيد الحب وعيد الأم وعيد الميلاد، وغير ذلك من الأعياد التي أحدثت في بلاد المسلمين وتحقق في المسلمين ما وعد به النبي صلى الله عليه وسلم:"لتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ"، قُلنَا: يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ؟ "(3). وقال الله سبحانه وتعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، وقال سبحانه:{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 18 - 19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ"(4).
وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الأعياد الإسلامية ثلاثة، وهي: يوم الجمعة وعيدا الفطر والأضحى، وما عداها فهي أعياد باطلة مبتدعة، كما أنها لم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم،
(1) الملخص الفقهي (2/ 581).
(2)
انظر في ذلك: منكرات الأفراح، عبد العزيز بن عبد الله الغامدي، (ص: 65).
(3)
رواه البخاري، كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم (7320) ، ومسلمٌ، كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى (2669).
(4)
رواه مسلم، في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (1718).
ولا صحابته الكرام، ولا عرفت مثل هذه الأعياد إلا بعد القرون الثلاثة الفاضلة؛ مما يدل على أنها محرمة، وليس لها أصل في الإسلام؛ ولذلك لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما؛ قال:"ما هذان اليومان" قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ"(1). ولو كانت الأعياد مجرد عادات ما أبدلها بأعياد المسلمين.
ثم إن هذه الاحتفالات عادة دخلت على المسلمين من اليهود والنصارى ففعلها تقليد لأعداء الله تعالى وتشبه بهم، والمسلم يجب أن يكون قدوة يتَّبَع لا أن يكون تابعًا يقوده غيره.
والأعياد يجب فيها الاتباع، لا الابتداع؛ لأنها قضية دينية عقدية، وليست عادات دنيوية محضة؛ قال الله تعالى في صفة عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
…
} [الفرقان: 72] الآية، وقد فسرها كثير من العلماء بأعياد المشركين، وقال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا"(2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، كما لما قال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148]، وقال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم، وذلك أن اللام تورث الاختصاص، فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد؛ كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم، وكذلك أيضًا -على هذا-: لا ندعهم يشركوننا في عيدنا"(3).
(1) رواه أبو داود، في كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين، رقم (1134).
(2)
رواه البخاري، في (الجمعة)، باب سنة العيدين لأهل الإسلام، برقم (952)، ومسلمٌ، في كتاب (صلاة العيدين)، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد برقم (892).
(3)
اقتضاء الصراط المستقيم لخالفة أصحاب الجحيم (1/ 501).
وقال: "وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة، مثل: يوم بدر، وحنين، والخندق، وفتح مكة، ووقت هجرته، ودخوله المدينة، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا، وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى أعيادًا، أو اليهود، وإنما العيد شريعة، فما شرعه الله اتبع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه"(1).
وخلاصة حكم هذه النازلة أن الاحتفال بذكرى الزواج لا أصل له في عادات المسلمين، وإنما هو من عادات غير المسلمين، فالواجب على المسلم اجتناب ذلك.
(1) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 123).