الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع مما تكسبه من عملها، ولها ثروتها الخاصة، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك، ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها.
اشتراك الزوجين في التملك:
من أعظمِ أسباب النِّزاع بيْن الزوجين المال، وكثيرٌ مِن حالات الطلاق سببُها النِّزاع المالي، لا سيَّما إذا كانتِ الزوجة موظَّفة، أو كان هناك عقار مشترك بينهما فيحصل بذلك النزاع والشقاق الذي غالبًا ما يكون نهايته الفرقة بين الزوجين.
ولا بد قبل بيان الحكم الشرعي في هذه النازلة أن نوضح بعض الأمور وهي:
أولًا: تَصرُّف المرأةِ الرشيدة المتزوِّجة في مالِها لا يخْلو من حالَيْن:
الأولى: أن يكون بعِوَضٍ؛ كأنْ تشتري أو تبيع أو تؤجِّر، وغير ذلك مِن عقودِ المعاوضات، فتصرفها بعوض جائزٌ بإجماع أهلِ العلم، وليس لزوجِها الاعتراضُ عليها، ولا يجب عليها استئذانُه أو إخبارُه بذلك.
الثانية: أن تتصرَّف بغيرِ عوض؛ كأنْ تُهدي، أو تتصدَّق، أو تُعطي أقاربها أو غيرَهم، فأصحُّ الأقوال جوازُ ذلك، ولو لم يَرضَ زوجُها، أو يعلم؛ لدَلالة الكتاب والسُّنة؛ فدلالة الكتاب قوله تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]، وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى جعل الحجر على اليتيم -سواء كان ذكرًا أو أنثى- ويزول هذا الحجر ببلوغِهما ورُشْدهما، ولا يعود عليهما الحجر مرَّة أخرى إلا بدليل صحيح صريح، وهذا لم يوجدْ في حقِّ المرأة المتزوِّجة.
وعن ميمونةَ بنتِ الحارث رضي الله عنها أنَّها أعْتَقتْ وليدة، ولم تستأذنِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلمَّا كان يومُها الذي يدور عليها فيه، قالت: أشعُرتَ يا رسولَ الله، أنِّي أعتقتُ وليدتي؟ قال:"أَوَ فَعَلتِ" قالت: نعَم، قال:"أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ"(1). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ميمونة كانتْ رشيدةً، وأعتقَتْ قبل أن تستأمِرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلم يستدركْ ذلك عليها، بل أرْشدَها إلى ما هو الأَوْلى، فلو كان لا ينفذ لها تصرُّفٌ في مالها لأَبْطَله (2).
ثانيًا: مِن أسبابِ النِّزاع بيْن الزوجة الموظَّفة أو العاملة وزوجها: حاجةُ الزوج لمالهِا، فربَّما طلب منها مالًا، أو طلَب قرْضًا من البنك باسمِها، فاعتذرتْ، وهذا من حقِّها؛ فليس للزوج حقّ في مالها، فإنْ فعلت فهذا إحسانٌ منها، وإذا رفضتْ لم ترتكبْ خطأً تستحقُّ عليه العتبَ والتعييرَ والهجر.
ثالثًا: وهو موضوع نازلتنا وهو أن البعضُ يشترك مع زوجتِه الموظَّفة في شِراء عقار، أو بناء بيت، وهذا الأمر مباح شرعًا، ويكون للزوجة الربح من العقار إن حصل له ربح، وكذلك عليها من الخسارة ما على الزوج ما داما اشتركا في هذا العقار ومما جاء في قرارات (3) مجلس مجمع الفقه الإِسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإِسلامي بخصوص هذه النازلة ما يلي:
رابعًا: اشتراك الزوجة في التملّك: إذا أسهمت الزوجة فعليًّا من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري، فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به.
(1) رواه البخاريُّ، كتاب العتق، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج، فهو جائز إذا لم تكن سفيهة، فإذا كانت سفيهة لم يجز (2592)، ومسلمٌ، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين (999).
(2)
فتح الباري (5/ 219).
(3)
قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي. قرار رقم: 144 (2/ 16).