الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما توارد على أسماعهم وما بلغهم عن نساء امتد عندهن الحمل لفترات طويلة.
ثالثًا: ثمرة الخلاف:
ثمرة الخلاف تظهر في إثبات النسب للزوج المتوفى أو المطلق، وكذلك الإلزام بالنفقة عند من يقول به والميراث للطفل المولود، ولزوم العدة للمرأة وإقامة حد الزنا وغيرها من الأحكام الهامة.
رابعًا: بيان القول الراجح في هذه المسألة:
الذي يظهر لنا أن أقصى مدة الحمل التي تبنى عليها الأحكام الشرعية هي المدة المعهودة تسعة أشهر، وقد تزيد أسابيع محدودة كما هو الواقع، أما المدد الطويلة فهي نادرة، والقاعدة الفقهية أن "الاحتمالات النادرة لا يلتفت إليها"، وأيضًا "العبرة بالغالب، والنادر لا حكم له".
قال ابن رشد الحفيد في هذه المسألة: "وهذه المسألة مرجوع فيها إلى العادة والتجربة، وقول ابن عبد الحكم والظاهرية هو أقرب إلى المعتاد، والحكم إنما يجب أن يكون بالمعتاد لا بالنادر، ولعله أن يكون مستحيلًا"(1).
قلنا: ولا يعني هذا القطع بنفي وقوع حمل امتد طويلًا كسنة أو سنتين أو ثلاث أو أربع مع كونه نادرًا جدًّا، وذلك للأمور الآتية:
1 -
حديث ابن صياد والذي ثبت أنه ولد لسنة: ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: لأن أحلف عشر مرارًا أن ابن صائد هو الدجال أحب إلي من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أمه: "سلها كم حملت؟ "، قال: فأتيتها فسألتها فقالت: حملت به اثني عشر شهرًا، قال: ثم أرسلني إليها فقال:
(1) بداية المجتهد (2/ 437).
"سلها عن صيحته حين وقع". قال: فرجعت إليها فسألتها، فقالت: صاح صيحة الصبي ابن شهر (1).
وعامة العلماء على أن الدجال غير ابن صياد، فقد دخل مكة والمدينة وله ابن من التابعين الأجلاء الذي روى بعض الأحاديث، ومن الثابت أن الدجال لا يولد له ولا يدخل مكة والمدينة إنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة يشكون في أمره، وكان فيه شيء من تلبس الجان.
2 -
أنه بين حين وآخر يوجد حمل وصلت مدته ثلاث سنوات أو أكثر أو أقل (2).
3 -
وجود الشواذ في الخلق مقطوع به، فقد ثبت ولادة سبعة توائم في بطن واحد بخلاف المعهود، ووجود أطفال ولدوا برأسين، وغير ذلك كثير مما هو نادر وواقع، ولا يمتنع أن توجد على جهة الشذوذ مشيمة لها قدرة على إمداد الطفل لفترة طويلة على غير المعهود كما هو حال المعمرين في هذا الزمان والذين تجاوزت أعمار بعضهم قرنًا ونصفًا من الزمان.
4 -
ما جاء عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (3) مفتي عام المملكة العربية السعودية حيث ثبت لديه حمل دام سبع سنين حين كان يشغل منصب القضاء، وحين أورد ذلك على الأطباء في مناقشات مجمع الفقه الإِسلامي بالرابطة حاروا في الجواب. وهذا ما تناقلته وسائل الإعلام.
(1) أحمد في المسند (5/ 148) برقم (21357)، وابن أبي شيبة (7/ 493) برقم (37485)، والطبرانيُّ في الأوسط (8/ 242) برقم (8520)، قال الهيثمي في المجمع (8/ 2):"ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة"، وسكت عنه الحافظ في الفتح (6/ 173).
(2)
انظر: الموسوعة الفقهية الطبية لأحمد كنعان، (ص: 376)، وعزاه لموسوعة المعلومات العامة للأرقام القياسية لغينيس، (ص: 18).
(3)
ذكر ذلك: الدكتور عبد الرشيد بن محمَّد أمين بن قاسم في بحث حول هذه النازلة، من خلال مقابلته للشيخ رحمه الله بمكة المكرمة في ذي الحجة 1420 هـ.