الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نوازل في اللباس والزينة
الألبسة الحديثة:
لقد دعا الإِسلام إلى التزين والتجمل لكن في توازن واعتدال، منكرًا على الذين يحرمون زينة الله التي أخرج لعباده؛ لهذا جعل أخذ الزينة من مقدمات الصلاة، قال تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [الأعراف: 31]. وإذا كان الإِسلام شرع التجمل للرجال والنساء جميعًا، فإنه قد راعى فطرة المرأة وأنوثتها فأباح لها من الزينة ما حرم على الرجل من لبس الحرير والتحلي بالذهب.
وفي مقابل ذلك حرم الإِسلام بعض أشكال الزينة التي فيها خروج على الفطرة، وتغيير لخلق الله الذي هو من وسائل الشيطان في إغوائه للناس، قال تعالى حكايته عما قاله إبليس:{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى: "عَنِ الوَاشِمَةِ وَالمُسْتَوْشِمَةِ، وَالوَاصِلَةِ وَالمُسْتَوْصِلَةِ، وَالنَّامِصَةِ وَالمتنَمِّصَةِ"(1). بل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعَن رَسوْل الله صلى الله عليه وسلم الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتوْشِمَاتِ، وَالمُتنمصاتِ، وَالمُتفلجَاتِ لِلحُسْن المُغيرَاتِ لخِلق اللهِ"(2). والوشم معروف من قديم، وهو النقش -عن طريق الوخز- باللون الأزرق. والنمص هو إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما أو نحو ذلك.
(1) رواه البخاري، في كتاب النكاح، باب مهر البغي والنكاح الفاسد (5181)، ومسلمٌ، في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة (2107).
(2)
رواه البخاري في التفسير، باب:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (4886)، ومسلمٌ في اللباس، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة (2125).
والوصل المراد به: وصل الشعر بشعر آخر طبيعي أو صناعي كالباروكة، وكل ذلك محرم ملعون من فعله.
وعن عمرو بن مرة، سمعت سعيد بن المسيب، قال:"قَدِمَ مُعَاوِيَةُ المَدِينَةَ، آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا، فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ الزُّورَ، يَعْنِي: الوَاصِلَةَ في الشَّعَرِ". وفي رواية أخرى وهو يقول، وتناول قصة من شعر كانت بيد حرسي:"أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ: "إِنَّما هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ" (1).
فقد بين هذا الأثر أمرين:
* الأول: أن اليهود هم مصدر هذه الرذيلة وأساسها من قبل، كما كانوا مروجيها من بعد.
* الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى هذا العمل (زورًا)، ليشير إلى حكمة تحريمه، فهو ضرب من الغش والتزييف والتمويه، والإِسلام يكره الغش، ويبرأ من الغاش في كل معاملة مادية أو معنوية.
ويدخل في ذلك لبس الباروكة فهو محرم وداخل في الوصل، ولو كان في البيت؛ لأن الواصلة ملعونة أبدًا، فإذا كان في الخارج وليس على رأسها غطاء فهو أشد حرمة.
لكن إن لم يكن علي رأس المرأة شعر أصلًا فلا حرج من استعمال الباروكة؛ لأن إزالة العيوب جائز، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن قطعت أنفه في إحدى الغزوات أن يتخذ أنفًا من ذهب.
(1) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر (5938).