الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
إن النظر إلى النساء منهي عنه خاصة إذا حرك في النفس الشهوات والغرائز: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30].
ثانيًا: الحكم الشرعي لهذه النازلة:
من خلال ما ذكرناه يمكننا أن نقول: إن الأولى أن تقوم النساء بتحفيظ النساء حذرًا من الوقوع في المحاذير الشرعية، فإن لم يكن ثمة نساء يقمن بذلك وأمكن أن يكون الحفظ عن طريق التسجيلات والحواسب الإلكترونية فإن ذلك يكون أفضل، أما إن كان هناك حاجة لأن يقوم الرجل بذلك فإنه يجوز بلا حرج مع مراعاة الشروط الآتية:
أ- أن تكون المخالطة والحديث على قدر الحاجة ودون خضوع بالقول.
ب- أن يكون ذلك في جمع من النساء أو مع وجود المحارم؛ حذرًا من الخلوة المنهي عنها.
ج- أن ترتدي النساء الزي الشرعي مع مراعاة غض البصر من كلا الطرفين.
د- أن يكون معلم القرآن معروفًا بالتدين والورع وحبذا لو كان كبير السن ومتزوجًا.
هـ - أن يراقب المحفظ نفسه وقلبه، فإن وجد فيه ميلًا ينبغي أن يسارع بترك هذا العمل حذرًا من أن يتمكن هذا الميل من قلبه فيرفعه إلى المخالفة.
مزاحمة النساء في المواصلات:
من الأمور المؤسفة ما نراه اليوم من الاختلاط ومزاحمة النساء للرّجال، وهو من الأمور التي عمّت بها البلوى في هذا الزّمان في أكثر الأماكن كالأسواق والمستشفيات والجامعات وغيرها، وينبغي أن تُتخذ الوسائل المناسبة لتلافي هذا الاختلاط مع تحقيق
ما أمكن من المصالح، مثل عزل مكان الرجال عن النساء، وتخصيص أبواب للفريقين، واستعمال وسائل الاتّصالات الحديثة لإيصال الصوت.
فاجتماع الرجال والنساء في مكان واحد، ومزاحمة بعضهم لبعض، وكشف النّساء على الرّجال، كلّ ذلك من الأمور المحرّمة في الشريعة؛ لأن ذلك من أسباب الفتنة وثوران الشهوات، ومن الدّواعي للوقوع في الفواحش والآثام، قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء، عن أم سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:"كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: "فَأُرَى -واللهُ أَعْلَمُ- أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ القَوْمِ"(1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلهُا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلهُا"(2).
وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء والرّجال أبعد ما يكونون عن ثوران الشهوات، فاتّخاذها في غيره ولا شكَّ من باب أولى، ومعلوم ما في اختلاط الرجال بالنساء في وسائل المواصلات أو العمل أو الدراسة من مفاسد عظيمة لا تخفى. ولكن ما العمل إذا اضطر الإنسان لركوب وسيلة من وسائل المواصلات المختلطة؟
(1) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب صلاة النساء خلف الرجال (870).
(2)
رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها (440)(132).