الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسمي الزوجة باسم عائلة الزوج:
لقد شاع بين كثير من الناس انتساب المرأة إلى زوجها لا إلى أبيها، وهذا من التقاليد الوافدة إلى بلاد المسلمين، وهي تقاليد غريبة عن المجتمع المسلم، وهذا الأمر صار شائعًا ومنتشرًا بين الناس ومستعملًا في كثير من المعاملات، وهو تقليد لغير المسلمين، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة تتبع الأمم الأخرى في كثير من أمورها فقال:"لتَتبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ شِبرًا شِبْرًا وذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ" قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:"فَمَنْ؟ "(1).
وانتساب المرأة لاسم زوجها أو عائلته والاستغناء بذلك عن اسم أبيها لا يجوز، قال الله تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]. وقال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم: 12].
ولم تنسب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه مع عظم منزلته عند الله وعند الناس، فكان يقال: عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت جحش وهكذا.
وإذا أضيفت المرأة لزوجها فتضاف إليه إضافة زوجية لا نسبية، كما في الآية:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} [التحريم: 10].
فيقال فلانة امرأة فلان أو زوجة فلان، وفي النسب والأوراق الثبوتية لا يقال: إلا فلانة بنت فلان.
وإذا كانت الزوجة منكرة لنسبها فقد يكون ذلك كفرًا، فقد ورد في جملة من الأحاديث ما يدل على ذلك منها:
(1) رواه البخاري، الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لتتبعن سنن من كان قبلكم"(6889)، ومسلمٌ، العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى رقم (2669).
1 -
عن أبي ذر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبيهِ وَهْوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار"(1). والتعبير بالرجل جرى مجرى الغالب وإلا فالمرأة كذلك.
2 -
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ"(2)، والفرى: جمع فرية وهي الكذب.
3 -
وعن أبي بكر وسعد رضي الله عنهما كلاهما يقول: سمعته أذناي ووعاه قلبي أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبِيهِ وَهْوَ يَعْلَمُ فَالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ"(3).
وهذه الأحاديث تحمل على من انتسب لغير أبيه واستحل ذلك.
وأما الشائع اليوم من انتساب المرأة لزوجها وإن كان لا إنكار فيه للأبوة وللعائلة إلا أنه محرم أيضًا؛ لأن فيه تشبهًا بغير المسلمين، وفيه تلبيس على الناس، فعلى المرأة أن تتسمى باسم أبيها فتقول: فلانة بنت فلان وزوجة فلان.
لكن إن ألجأت بعض سلطات بعض الدول التي يعيش فيها بعض المسلمين إلى أن تنسب الزوجة إلى زوجها ولم يكن بد من فعله، فنرجو ألا يكون في ذلك بأس لقوله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]. على أن يبقى ذلك في الأوراق، ولا يتعداه إلى استعماله عند المحادثة.
(1) رواه البخاري، في كتاب المناقب، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل (3317)، ومسلمٌ في الإيمان، باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، رقم (61).
(2)
رواه البخاري، في كتاب المناقب، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل (3318).
(3)
رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب من ادعى إلى غير أبيه (6385)، ومسلمٌ في الإيمان، باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، رقم (63).