الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68 - 69].
الثاني: القتل: فإسقاط الجنين هو من الوأد المنهي عنه، كما في قوله تعالى:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9].
وإذا أسقطت المرأة جنينها ميتًا فالواجب عليها في هذه الجناية غرة؛ والغرة عشر دية أمه، أي: خمس من الإبل، ويجب عليها أيضًا الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقًّا لله تعالى لا لحق الآدمي، ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة.
أما لو سقط حيًّا فمات ففيه الدية كاملة والكفارة.
من أحكام التبني:
التبني: هو نسبة الابن إلى غير أبيه، بحيث يأخذ أحكام الابن من الصلب في المحرمية، والإرث والصلة، وغير ذلك من أحكام البنوة، كالخلوة، والمصافحة، والرؤية لمن لا يحل له.
ولقد كثر في هذه الأزمنة اللقيط؛ نظرًا لكثرة الوقوع فيما حرَّم الله من جريمة الزنا التي كثر بسببها وجود اللقيط مما جعل الأمر يتطلب وجود دور خاصة برعاية اللقيط.
لكن قد يجد بعض الناس لقيطًا ولا يذهب به إلى دور الرعاية الخاصة باللقيط ويقوم هذا الشخص برعاية شؤون هذا اللقيط وتربيته، وهذا أمر يرجى لصاحبه الخير والمثوبة من الله تعالى، ولكن لا بد من بيان بعض المحاذير الشرعية التي يجب أن ينتبه لها عند القيام بهذا العمل الطيب منها:
أولًا: يحرم على آخذ اللقيط أن يتبناه، أي: أن ينسبه لنفسه، فقد جاءت الشريعة بتحريم التبني كما في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ
بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 4، 5]، فيحرم أن ينسب الشخص إلى نفسه طفلًا يعرف أنه ولد غيره، فينسبه إلى نفسه نسبة الابن الصحيح وُيثبت له أحكام البنوة من استحقاق إرْثه بعد موته، وحُرمة تزوُّجه بحليلته، وهذا شأنٌ كان يعرفه أهل الجاهلية، وكان سببًا من أسباب الإرْث التي كانوا يُورِّثون بها، فلمَّا جاء الإِسلام -وبيَّن الوارثين والوارثات بالعناوين التي قرَّرها سببًا في استحقاق الإرث- أسقطه من أسباب التوارث، وحصرها في البنوة والأُبوَّة والأمومة والزوجية والأخوة والأرحام على ترتيب بينهم كما في قوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6].
ثانيًا: يجوز بل يستحب أن يقوم شخص برعاية الطفل اللقيط من حيث الإعالة بالنفقة في المطعم والكسوة والتعليم وحسن التربية، حتى إذا بلغ السن التي يقوى فيها على إعانة نفسه إن كان ولدًا أو تزوجت البنت التي كانت تحت رعايته تركهما وشأنهما، مع استمرار الإحسان إليهما بشرط عدم نسبتهما إليه كما مر بنا في أي شهادة ميلاد رسمية، بل يختار لهما اسمًا آخر يناسبهما مثل عبد الله أو عبد الرحمن وسواها من الأسماء الصادقة في حقيقتها ومعناها والمقبولة عرفًا، مع مراعاة عدم الدمج الكامل في الأسرة لئلا تختلط الأنساب ويرث مالًا لا حق له فيه.
ثالثًا: عند بلوغ اللقيط، فإنه يفرق بينهم في المضاجع، وتحتجب المحارم كالزوجة والبنت الحقيقية عن الذكر منهما، والبنت منهما عن الذكر من أولاد القائم بشؤونهما؛ لأن الحرمة قائمة بين الجميع كالأجانب حيث هم كذلك في الواقع، إلا إذا كان قد تم لهما رضاع من الزوجة فيأخذون حكم الرضاع في الحرمة وجواز الدخول.
رابعًا: إن كانت الدولة لا تبيح كفالتهم إلا إذا نسب المتبني الولد إليه، وإن
كان ترك هذا التبني يجعل النصارى واليهود يأخذون أبناء المسلمين ويتبنونهم، ما يترتب على ذلك أن ينشأ الأولاد على غير ملة الإِسلام، فإنه لا مانع من تسجيل هؤلاء الأبناء بأسماء من يتبنونهم من المسلمين على أن تكتب ورقة يوضح فيها أن هذا الولد ليس لمن ينسب له، ولا مانع من أن يكتب المتبني لمن تبناه وصية من ماله على ألا يتجاوز الثلث بدلًا من الميراث، وذلك عملًا بأخف الضررين؛ فإن نسبة الأولاد إلى غير أبيهم مع وجود ورقة توضح الحقيقة ترفق بشهادة الميلاد أو الورق الرسمي أخف ضررًا من أن يتبدل دين أبناء المسلمين.
خامسًا: يمكن لزوجة المتبني أن ترضعه، حتى يكون ابنها من الرضاع، وإن لم تكن تلد، فيمكن إدرار اللبن عبر بعض الوسائل الحديثة، بإشراف أطباء حتى لا يكون هناك ضرر عليها أو أن ترضعه أخته ليكون محرمًا لبناتها ويزول المحذور من دخوله عليهن.
سادسًا: على كافل هذا اليتيم أن يعلمه حينما يبلغ رشده بنسبه وكامل هويته وطبيعة العلاقة بينه وبين بيت كافله لتجنب المفاسد التي أشرنا إليها. وفي حال رغبة الكافل أن يساعد المكفول بعد بلوغه سن الرشد، فله أن يوصي له بوصية في حدود الثلث الذي له أن يتصرف فيه، وبذلك يعينه دون أن يأخذ من حق الورثة الآخرين شيئًا.
سابعًا: على جميع القادرين من المسلمين أن لا يتركوا أبناء الأمة نهبًا للفقر والتشرد وضياع الدين والهوية، وأن يكفل القادرون كل من يستطيعون كفالته، وبذلك تكون الأمة قد أدت واجبها تجاه أبنائها الذين تقطعت بهم السبل ونزلت عليهم نوائب الدهر. قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].