المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌القاعدة 17 ما لا يتم الواجب إلا به. للناس في ضبطه طريقان: إحداهما: - القواعد والفوائد الأصولية وما يتبعها من الأحكام الفرعية

[ابن اللحام]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القاعدة 1

- ‌القاعدة 2

- ‌القاعدة 3

- ‌القاعدة 4

- ‌القاعدة 5

- ‌القاعدة 6

- ‌القاعدة 7

- ‌القاعدة 8

- ‌القاعدة 9

- ‌القاعدة 10

- ‌القاعدة 11

- ‌القاعدة 12

- ‌القاعدة 13

- ‌القاعدة 14

- ‌القاعدة 15

- ‌القاعدة 16

- ‌القاعدة 17

- ‌القاعدة 18

- ‌القاعدة 19

- ‌القاعدة 20

- ‌القاعدة 21

- ‌القاعدة 22

- ‌القاعدة 23

- ‌القاعدة 24

- ‌القاعدة 25

- ‌القاعدة 26

- ‌القاعدة 27

- ‌القاعدة 28

- ‌القاعدة 29

- ‌القاعدة 30

- ‌القاعدة 31

- ‌القاعدة 32

- ‌القاعدة 33

- ‌القاعدة 34

- ‌القاعدة 35

- ‌القاعدة 36

- ‌القاعدة 37

- ‌القاعدة 38

- ‌القاعدة 39

- ‌القاعدة 40

- ‌القاعدة 41

- ‌القاعدة 42

- ‌القاعدة 43

- ‌القاعدة 44

- ‌القاعدة 45

- ‌القاعدة 46

- ‌القاعدة 47

- ‌القاعدة 48

- ‌القاعدة 49

- ‌القاعدة 50

- ‌القاعدة 51

- ‌القاعدة 52

- ‌القاعدة 53

- ‌القاعدة 54

- ‌القاعدة 55

- ‌القاعدة 56

- ‌القاعدة 57

- ‌القاعدة 58

- ‌القاعدة 59

- ‌القاعدة 60

- ‌القاعدة 61

- ‌القاعدة 62

- ‌القاعدة 63

- ‌القاعدة 64

- ‌القاعدة 65

- ‌القاعدة 66

- ‌ الفوائد الملحقة بآخر القواعد

الفصل: ‌ ‌القاعدة 17 ما لا يتم الواجب إلا به. للناس في ضبطه طريقان: إحداهما:

‌القاعدة 17

ما لا يتم الواجب إلا به.

للناس في ضبطه طريقان:

إحداهما: وعى طريقة الغزالى وأبى محمد المقدسي وغيرهما أنه ينقسم إلى:

غير مقدور كالقدرة والأعضاء وإلى فعل غيره كالإمام والعدد في الجمعة فلا يكون واجبا.

وإلى ما يكون مقدورا له كالطهارة وقطع المسافة إلى الجمعة والمشاعر فيكون واجبا.

قال أبو البركات وهذا ضعيف في القسم الأول إذ لا واجب هناك وفي الثانى باطل باكتساب المال في الحج والكفارات ونحو ذلك.

الطريقة الثانية: أن ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب كالقسم الأول وكالمال في الحج والكفارات. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مطلقا وهذه طريقة الأكثرين من أصحابنا وغيرهم.

قال أبو البركات وهى أصح وسواء كان شرطا وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم أو سببا وهو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم.

وقال بعض الأصوليين يكون أمرا بالسبب دون الشرط.

ص: 130

وقال بعضهم لا يكون أمرا بواحد منهما حكاه ابن الحاجب في المختصر الكبير واختاره في مختصره.

المعروف في الشرط أنه أن كان شرطا شرعيا وجب وإن كان عقليا أو عاديا فلا.

إذا علمت ذلك فيتفرع على هذه القاعدة فروع كثيرة.

منها: هل يجب على الصائم إمساك جزء من الليل أم لا؟

في المسألة قولان قال ابن الجوزي أصحهما لا يجب.

وقطع جماعة بوجوبه وذكره ابن عقيل في الفنون وأبو يعلى الصغير وفاقا في صوم ليلة الغيم وذكره القاضى في الخلاف في النية من الليل ظاهر كلام أحمد وأنه مذهبنا.

ومنها: إذا اشتبهت زوجته بأجنبية فيجب عليه الكف عن الجميع ومثله لو اشتبهت محرمة بأجنبيات محصورات بعشر فهل له أن ينكح واحدة منهن أم لا؟

في المسألة وجهان.

أحدهما الجواز كالقبيلة الكبيرة.

والثانى المنع لدون العشر.

وحيث قلنا بالجواز فهل يلزمه التحرى أم لا؟

في المسألة وجهان.

قال بعض متأخرى أصحابنا يتوجه مثل هذه المسألة في اشتباه الميتة بالمذكاة.

قال الإمام أحمد رضى الله عنه أما شاتان فلا يجوز فأما إذا كثر فهذا غير هذا ونقل الأثرم أنه قيل للإمام أحمد فثلاثة قال لا أدرى.

ومنها: إذا اشتبه الماء الطاهر بالنجس فهل يجوز له التحرى أم لا؟

إن كان النجس مساويا للطاهر أو أكثر فلا يجوز له التحرى ويجب عليه

ص: 131

الكف عنه بلا خلاف صرح به غير واحد من الأصحاب.

وإن كثر عدد الطاهر فهل يجوز له التحرى أم لا؟

المذهب عدم الجواز.

ولنا رواية بالجواز وهى ظاهر كلامه في رواية المروذى واختارها أبو بكر وابن شاقلا وأبو على النجاد1 وصححها ابن عقيل.

وهل يكتفي بمطلق الزيادة أو يعتبر ذلك بعشرة أوان طاهرة منها واحد نجس أو عشرة طاهرة وواحد نجس وبما هو كثير عادة وعرفا فيه أقوال للأصحاب.

ومنها: إذا اشتبه عليه الماء الطاهر بالطهور فإنه يلزمه استعمالهما لتبرأ ذمته بيقين وهل يتوضأ وضوءا كاملا من كل واحد منهما أو منهما وضوءا واحدا في المسألة وجهان.

ومنها: إذا اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة فإنه يلزمه أن يصلى بعدد النجس ويزيد صلاة وينوى بكل صلاة الفرض نص على ذلك الإمام أحمد ولا يتحرى.

وقال ابن عقيل يتحرى إذا كثرت الثياب النجسة للمشقة وقال في فنونه ومناظراته يتحرى مطلقا.

وخرج أبو الخطاب وغيره على منصوص الإمام أحمد في الثياب المشتبهة وجوب الصلاة إلى أربع جهات وهو رواية في التبصرة قال القاضى وغيره الأمر بذلك أمر بالخطأ فلهذا أمر بالاجتهاد.

ومنها: لو غصب زيتا فخلطه بمثله هل يجوز له التصرف فيه أم لا؟

قال الإمام أحمد في رواية أبى طالب هذا قد اختلط أوله وآخره وأعجب إلى أن يتنزه عنه كله يتصدق به وأنكر قول من قال يخرج منه قدر ما خالطه.

1 هو الحسن بن محمد بن عبد الله النجاد الصغير فقيه وأصولي من طبقة البربهاري [ت 360هـ] انظر طبقات الحنابلة "2/140 -142" شذرات الذهب "4/319".

ص: 132

واختار ابن عقيل في فنونه التحريم لامتزاج الحرام بالحلال واستحالة انفراد أحدهما عن الآخر وعلى هذا بنى على أنه اشتراك.

وعن أحمد رواية أخرى أنه استهلاك فيخرج قدر الحرام ولو من غيره قاله شيخنا.

ومنها: الأكل من ماله من في ماله حرام هل يجوز أم لا؟

في المسألة أربعة أقوال.

أحدها التحريم مطلقا قطع به شرف الإسلام عبد الوهاب بن أبى الفرج1 في كتابه المنخب قبيل باب الصيد وعلل القاضى وجوب الهجرة من دار الحرب بتحريم الكسب عليه هناك لاختلاط الأموال لأخذهم المال من غير جهته ووضعه في غير حقه.

وقال الأزجى في نهايته هذا قياس المذهب كما قلنا في اشتباه الأوانى الطاهرة بالنجسة وقدمه أبو الخطاب في انتصاره.

وقال ابن عقيل في فنونه في مسألة اشتباه الأوانى وقد قال الإمام أحمد لا يعجبنى أن يأكل منه وسأل المروذى أبا عبد الله عن الذي يعامل بالربا يؤكل عنده قال لا قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله2 وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالوقوف عند الشبهة.

والقول الثانى إن زاد الحرام على الثلث حرم الكل والإ فلا قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع.

1 هو عبد الوهاب بن عبد الواحد بن علي الشيرازي المتوفي سنة [536هـ] و"المنتخب" مصنف له في الفقه الحنبلي انظر المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران ص "208".

2 نص الحديث: عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أنه اشترى غلاما حجاما فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا ومؤكله والواشمة والمستوشمة والمصور البخاري كتاب اللباس رقم: "5962".

وفي مسلم: عن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: "هم سواء" كتاب المساقاة رقم: "1598".

ص: 133

والثالث: إن كان الأكثر الحرام حرم وألا فلا إقامة للأكثر مقام الكل قطع به ابن الجوزي في المنهاج1.

نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد فيمن ورث مالا فيه حرام إن عرف شيئا بعينه رده وإن كان الغالب على ماله الفساد تنزه عنه أو نحو هذا.

ونقل عنه حرب في الرجل يخلف مالا إن كان غالبه نهبا أو ربا ينبغى لوارثه أن يتنزه عنه إلا أن يكون لا يعرف.

ونقل عنه أيضا هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهم وينتفع قال إن كان غالبه الحرام فلا.

الرابع: عدم التحريم مطلقا قل الحرام أو كثر لكن يكره وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلت: هـ جزم به في المغنى وقاله ابن عقيل في فصوله وغيره وقدمه الأزجى وغيره.

ومنها: لو طلق إحدى زوجتيه ولم ينو معينة حرمتا إلى البيان وبماذا يحصل روايتان المذهب بالقرعة والثانية بتعيينه فعليهما هل وطؤه تعيين أم لا في المسألة وجهان والذي ذكره القاضى أنه ليس بتعيين.

ومنها: لو طلق معينة ونسيها أو قال إن كان هذا الطائر غرابا. فهذه طالق وإن لم يكن فهذه وجهل فعن الإمام أحمد روايتان.

إحداهما يجتنبها حتى يتبين بناء على القاعدة اختاره الشيخ أبو محمد.

والثانية: نقلها الجماعة واختارها أكثر الأصحاب أنها تخرج بالقرعة.

ومنها: لو قال الزوج إن كان هذا الطائر غرابا فزوجتى طالق ثلاثا وقال الآخر إن لم يكن غرابا فزوجتى طالق ثلاثا ولم يدر ما الطائر وجب الكف في أصح الوجهين.

ومنها: الذبيحة في بلدة فيها مجوس وعبدة أوثان يذبحون فلا يجوز

1 وتمامه: "منهاج الوصول إلى علم الأصول" مصنف في أصول الفقه لأبي الفرج عبد الرحمن انظر الذيل على طبقات الحنابلة "1/416".

ص: 134

أكلها وإن جاز أن تكون ذبيحة مسلم وكذلك إن كان فيها أخلاط من المسلمين والمجوس للحديث المتفق عليه "إذا أرسلت كلبك فخالط كلابا لم تسم عليها فلا تأكل فإنك لا تدرى أيها قتله"؟ 1

فأما إن كان ذلك في بلد الإسلام فالظاهر إباحتها لأن المسلمين لا يقرون في بلدهم مالا يحل بيعه ظاهرا قاله في المغنى.

ومنها: لو نسى صلاة من خمس فهل يلزمه قضاء الخمس أم لا؟

المذهب عندنا لزوم قضاء الخمس وينوى بكل واحدة الفرض وعنه يلزمه مغرب وفجر ورباعية بناء على أن نية التعيين لا تشترط.

ومنها: لو اختلط موتى المسلمين بموتى الكفار فإنه يغسل الجميع ويكفنون ويصلى عليهم سواء كان من يصلى عليه أكثر أو أقل وسواء دار الحرب وغيرها صلى على الجميع ينوى بالصلاة المسلم.

وعن أحمد رواية أخرى إن اختلط المسلمون بالكفار في دار الحرب فلا صلاة حكاها القاضى في شرحه الصغير2 والمذهب الأول وأما دفنهم فقال الإمام أحمد إن قدروا دفنوهم منفردين وإلا مع المسلمين.

ومنها: غسل المرفقين في الوضوء والمذهب عندنا وجوبه وعن الإمام أحمد رواية أخرى لا يجب.

1 رواه البخاري باللفظ التالي: عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسك وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله عليها فأمسكن وقتلن فلا تأكل فإنك لا تدري أيها قتل. وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به أثر سهم فكل وإن وقع في الماء فلا تأكل" كتاب الذبائح والصيد رقم: "5484" وفي النسائي عن عدي بن حاتم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيد فقال: "إذا أرسلت كلبك فخالطته أكلب لم تسم عليها فلا تأكل فإنك لا تدري أيها قتله" كتاب الصيد والذبائح رقم: "4268" كما رواه ابن ماجه بلفظ آخر كتاب الصيد رقم: "3208".

2 للقاضي أبي يعلى "شرح المذهب" و"شرح الخرقي" ولا يدري إلى أيهما يشير المصنف انظر طبقات الحنابلة "2/205 – 206".

ص: 135

ومنها: لو خلق له يدان وكانتا متساويتين ولم يعلم الأصلية منهما فإنه يجب عليه غسلهما.

ومنها: لو خفي عليه موضع النجاسة لزمه غسل ما يتيقن به إزالتها.

ومنها: لو كان تحت أظفاره وسخ يسير يمنع وصول الماء إلى ما تحته فإنه لا تصح طهارته حتى يزيله.

ولنا وجه أنه تصح طهارته ولو لم يزله واختاره أبو العباس وعزاه إلى كل يسير يمنع وصول الماء حيث كان كدم وعجين.

ومنها: المبتدأة إذا قلنا على المذهب إنها تجلس يوما وليلة لم يجز لزوجها وطؤها بعد اليوم والليلة قبل انقطاع الدم نص عليه الإمام أحمد وهو المشهور عند الأصحاب بناء على القاعدة وذكر في الرعاية رواية بالكراهة وذكر ابن الجوزي في إباحته روايتين.

وقال صاحب المستوعب وغيره هى في الوطء كالمستحاضة.

ودليل جواز الوطء لأنه الأصل ويحتمل أن يكون هذا حيضا وأن لا يكون حيضا فلا نحرمه بالشك وتؤمر بالعبادة بعد اليوم والليلة احتياطا.

ومنها: لو قال آخر مملوك أشتريه فهو حر وقلنا على المذهب بصحة التعليق فملك أمة ثم ملك أخرى فإنه لا يجوز له وطء الثانية لاحتمال أن لا يشترى غيرها ذكره الأصحاب.

ومنها: لو قال لزوجته أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر جزم بعض أصحابنا بتحريم وطئها من حين عقدة الصفة وقال في المستوعب وقد قال بعض أصحابنا إنه يحرم عليه وطؤها من عقد هذه الصفة إلى حين موته لأن كل شهر يأتى يحتمل أن يكون شهر وقوع الطلاق فيه.

قلت: ولم يذكر قبله ما يخالفه.

ومنها: لو علق طلاق زوجته على حملها أو على عدمه فإنه يحرم وطؤها قبل التبين في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رضى الله عنه ومن أصحابنا من خص الخلاف بما إذا كان الطلاق معلقا على وجود الحمل وإن كان

ص: 136

معلقا على عدمه فيحرم جزما وهى طريقة صاحب المحرر1.

قال القاضى في الجامع وقد ذكر أصحابنا في المسألة مسألتين:

إحداهما أن يكون للرجل زوجة ولها ولد من غيره وقد كان تقدم منه وطء لها فيمتنع من الوطء بعد موت الابن حتى يتبين هل هى حامل من وطئه المتقدم أم لا لأنه إذا استبان حملها ورث أخاه الميت.

والثانية: في عبد تحته زوجة حرة قد تقدم منه وطء لها وله أخ حر فيموت أخوه الحر فيمنع من وطء زوجته حتى يتبين هل هى حامل من وطئه المتقدم فيرث عمه أم لا؟

فلا يرث من أحدهما والمنصوص عن أحمد في رواية ابن منصور في رجل تزوج امرأة لها ابن من غيره فيموت ابنها يكف عن امرأته قال أبو بكر لا أعلم أحدا رواها غيره.

ورأيت في مسائل إبراهيم الحربى2 المسألة الأخيرة منصوصة فقال سئل أحمد عن رجل حر وليس له وارث وله أخ مملوك تحته حرة يؤمر أخوه المملوك بأن يمسك عن وطء زوجته حتى يعلم هل بها حمل أم لا فإن بان بها حمل فهو يرث عمه الحر وإن لم يكن بها حمل كان ميراثه لبيت المال.

وفي المغنى ومن خلف ورثة وإماء مزوجة ينبغى أن لا يطأ حتى يستبرىء ولم يذكر التحريم.

إذا تقرر هذا وقلنا يحرم عليه الوطء في مسألة التعليق على الحمل أو عدمه حتى يتبين وفيما يحصل البيان به من جهة الاستبراء في المسألة روايتان.

إحداهما: يحصل بحيضة ماضية لم يطأ بعدها أو موجودة هذا هو المذهب.

1 صاحب "المحرر" هو أبو البركات مجد الدين عبد السلام بن تيمية.

2 هو المحدث الفقيه الزاهد: إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشر بن عبد الله بن ديسم [198 – 285هـ] صاحب "عريب الحديث" و"دلائل النبوة" وعيرها وهو ممن روى عن الإمام أحمد انظر طبقات الحنابلة "86 – 93".

ص: 137

والثانية: تعتبر بثلاثة أقراء والخلاف في مسألتى الحمل في الاستبراء كالخلاف في مسألة تعليق الطلاق ذكره القاضى في الجامع.

ومنها: لو قال لزوجته أنت طالق في أول آخر الشهر طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه على الصحيح من المذهب ويحرم وطؤها في تاسع عشرينه ذكره في المذهب لاحتمال أن يكون الشهر ناقصا.

ومنها: صوم يوم الغيم إذا حال دون منظر الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر1 وجب صومه هذا المذهب عند الأصحاب لتبرأ ذمته بيقين كما يلزمه إذا نسى صلاة من خمس لا يعلم عينها فإنه يلزمه الخمس كذلك ههنا.

وقال أبو العباس لا أصل للوجوب من كلام أحمد ولا في كلام أحد من أصحابه والاحتياط إنما هو فيما إذا ثبت وجوبه أو كان الأصل كثلاثين من رمضان وفي مسألتنا لم يثبت الوجوب والأصل بقاء الشهر.

ومنها: الحائض أو النفساء إذا ظنت نسيان القرآن وجب عليها درسه ذكره أبو العباس لأن استدامة حفظ القرآن واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فيباح مع المانع كالقراءة في الصلاة.

فعلى قوله هو من القاعدة والمذهب تحريم القراءة عليها.

ومنها: لو نسى ظهرا وعصرا من يومين ولا يعلم أيتهما الأولى وقلنا بوجوب الترتيب في قضاء الفوائت فعن الأمام أحمد رضى الله عنه في ذلك روايتان.

إحداهما يتحرى فيبنى على غالب ظنه فإن استوى عنده الأمران بدأ بما شاء منهما.

والثانية: لا يتحرى بل يصلى الظهر والعصر من غير تحر لأن التحرى فيما له أمارة وهذا لا أمارة فيه فيرجع إلى ترتيب الشرع.

1 القتر: الغبرة يعلوها سواد كالدخان انظر لسان العرب "5/3526".

ص: 138

واختار أبو محمد المقدسي وأبو المعالى بن منجا أنه يلزمه ثلاث صلوات وقالوا: هو قياس المذهب.

قلت: ووفاء بالقاعدة لتبرأ ذمته بيقين كما لو نسى صلاة من خمس.

ونقل أبو داود عن أحمد ما يدل على ذلك.

وإن علم أن عليه الظهر من يوم وأخرى لا يعلم عينها هل هى المغرب لزمه الظهر والفجر والمغرب.

ومنها: لو خرج منه شئ لا يعلم هل هو منى أو مذى وكان بالغا أو من يحتمل بلوغه فهل يجب عليه الغسل أم لا؟

في المسألة ثلاث روايات الوجوب وعدمه والثالثة إن رأى حلما وجب وإلا فلا والخلاف جار فيما إذا تقدم نومه فكر أو ملاعبة أو برد أو لم يتقدمه شيء.

والصحيح لزوم الغسل فيما إذا لم يتقدم نومه شيء وهو جار على القاعدة وعدمه فيما إذا تقدمه ما ذكر بناء على قاعدة إحالة الحكم على السبب المعلوم.

قال ابن عقيل فيما إذا تقدم منه سبب المذى فلا يلزمه غسل ثوبه بحيث نقول إنما سقط عنه الغسل بحكمنا أن البلل مذى بل نقول في ثوبه الأصل طهارته فلا ينجس بالشك والأصل طهارة بدنه فلا يلزمه الغسل بالشك فيبقى كل منهما على أصله ذكره عنه الشريف أبو جعفر.

قال شيخنا وينبغى على هذا التقرير أن لا تجوز له الصلاة في ذلك الثوب قبل غسله لأنا نتيقن وجود المفسد للصلاة لا محالة له.

ومنها: إذا نذر الصلاة في وقت له فضيلة على غيره فإنه يتعين إيقاعها فيه فلو قال لله على أن أصلى ليلة القدر تعينت إلا أنها محصورة في العشر الأخير غير معينة في ليلة بعينها فيلزمه أن يصلى كل ليلة من ليالى العشر ليصادفها فإن لم يفعل لم يقضها إلا في مثله ولو كان نذره في أثناء العشر

ص: 139

صلى ما بقى من العشر ومن السنة الثانية يصلى من أول العشر إلى ليلة قوله فيها.

ذكر ذلك كله القاضى أبو يعلى في تعليقه1 في النذور.

ومنها: لو نذر صوم بعض يوم فإنه يلزمه صوم يوم كامل.

لأن صيام بعض اليوم غير ممكن إلا بصيام باقيه وقد التزم البعض فيلزمه الجميع بناء على هذه القاعدة.

ومنها: لو نذر أن يصوم يوما معينا ابدا ثم جهله أفتى بعض العلماء بصيام الأسبوع كصلاة من خمس.

وقال أبو العباس بل يصوم يوما من الأيام مطلقا أى يوم كان.

وهل عليه كفارة لفوات التعيين يخرج على روايتين بخلاف الصلوات الخمس فإنها لا تجزىء إلا بتعيين النية على المشهور.

والتعيين يسقط بالعذر إلى كفارة أو إلى غير كفارة كالتعيين في رمضان والواجبات غير الصلاة بل والصلاة المنذورة ايضا.

ومنها: لو كانت عليه كفارات من جنس وكفر وبقيت عليه كفارة واحدة نسى سببها لزمه الكفارات التى كانت عليه لتبرأ ذمته بيقين وهذا قول القاضى.

وقال أبو الخطاب يلزمه كفارة واحدة فقط بناء على أن نية التعيين لا تشترط.

ومنها: لو غصب شيئا فإنه يلزمه رده ولو غرم عليه أضعاف قيمته كزبيب أحمر بأسود وحنطة حكراء ببيضاء وذرة بشعير وعدس بماش2

1 "التعليق" أو "التعليقة" في الفقه للقاضي أبي يعلى بن الفراء انظر طبقات الحنابلة "2/205" اختصرها القاضي أبو علي يعقوب بن إبراهيم البرزدبيني انظر طبقات الحنابلة "2/246" والذيل على طبقات الحنابلة "1/74" وهي غير "التعليقة" في مسائل الخلاف لحفيده عماد الدين أبي يعلى محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء المتوفي سنة [560هـ] .

2 الماش: نوع من أنواع الحبوب واللفظة معربة أو مولدة انظر لسان العرب "6/4308".

ص: 140

قال الحارثى بغير خلاف علمته.

ووقع التردد من ذلك في مسائل.

ومنها: لو غصب لوحا فرقع به سفينة وليس فيها حيوان محرم ولا مال للغير وكان قلع اللوح يؤدى إلى غرقها فهل يقلع اللوح وهى في لجة البحر بناء على القاعدة أم ينتظر وصولها إلى الشط رعاية لأعظم الضررين في المسألة قولان الأول مقتضى قول ابن أبى موسى وذكره أبو الخطاب احتمالا والثانى المذهب عند الأصحاب.

ومنها: لو غصب خيطا وخاط به جرح حيوان له محترم وكان مما يؤكل وتعذر إخراجه بدون الذبح فهل يذبح بناء على القاعدة أولا ويغرم قيمة الخيط للنهى عن ذبح الحيوان لغير مأكلة؟

في المسألة قولان أوردهما القاضى في المجرد وأبو الخطاب والأول اختيار القاضى وغيره والثانى إليه ميل السامرى.

وذكر أبو محمد المقدسي احتمالا بالتفرقة بين ما يقصد أكله غالبا كبهيمة الأنعام وبين مالا يقصد كالخيل والطائر المسموع صوته فالأول واجب الذبح دون الثانى.

ومنها: لو غصب جوهرة فابتلعتها بهيمته وكانت مما يؤكل فهل تذبح بناء على القاعدة أم لا ويغرم القيمة للنهى عن ذبح الحيوان لغير مأكلة؟

في المسألة قولان والأول أشهر.

وذكر أبو محمد المقدسي في المغنى قولا ثالثا إن كانت البهيمة أقل قيمة من الجوهرة ذبحت وإن كانت أكثر لم تذبح ووجب الضمان.

ومنها: لو غصب آجرا ولوحا وبنى فوقه فهل يلزمه رده وإن أفضى إلى هدم البناء أم لا؟

نص الإمام أحمد في رواية المروذى وجعفر بن محمد على لزوم الرد بناء على القاعدة وأبدى أبو الخطاب في الانتصار تخريجا بأنه لا يلزمه الرد بل يغرم القيمة.

ص: 141

ومنها: من كانت عنده عين لغيره وألزمنا بالرد إلى مالكها فإنه يجب عليه مؤنة الرد بناء على القاعدة.

ولنا مسائل كثيرة نأخذ فيها باليقين أو بغلبة الظن وهى مبنية على هذه القاعدة.

وقد تقدم في قاعدة حد الفقه وضابطه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب إما أن يكون بالأداء لتبرأ الذمة أو بالاجتناب ليحصل ترك الحرام إذ تركه واجب والله أعلم.

ص: 142