المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌القاعدة 28 إطلاق المشتق كاسم الفاعل واسم المفعول باعتبار الحال حقيقة - القواعد والفوائد الأصولية وما يتبعها من الأحكام الفرعية

[ابن اللحام]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القاعدة 1

- ‌القاعدة 2

- ‌القاعدة 3

- ‌القاعدة 4

- ‌القاعدة 5

- ‌القاعدة 6

- ‌القاعدة 7

- ‌القاعدة 8

- ‌القاعدة 9

- ‌القاعدة 10

- ‌القاعدة 11

- ‌القاعدة 12

- ‌القاعدة 13

- ‌القاعدة 14

- ‌القاعدة 15

- ‌القاعدة 16

- ‌القاعدة 17

- ‌القاعدة 18

- ‌القاعدة 19

- ‌القاعدة 20

- ‌القاعدة 21

- ‌القاعدة 22

- ‌القاعدة 23

- ‌القاعدة 24

- ‌القاعدة 25

- ‌القاعدة 26

- ‌القاعدة 27

- ‌القاعدة 28

- ‌القاعدة 29

- ‌القاعدة 30

- ‌القاعدة 31

- ‌القاعدة 32

- ‌القاعدة 33

- ‌القاعدة 34

- ‌القاعدة 35

- ‌القاعدة 36

- ‌القاعدة 37

- ‌القاعدة 38

- ‌القاعدة 39

- ‌القاعدة 40

- ‌القاعدة 41

- ‌القاعدة 42

- ‌القاعدة 43

- ‌القاعدة 44

- ‌القاعدة 45

- ‌القاعدة 46

- ‌القاعدة 47

- ‌القاعدة 48

- ‌القاعدة 49

- ‌القاعدة 50

- ‌القاعدة 51

- ‌القاعدة 52

- ‌القاعدة 53

- ‌القاعدة 54

- ‌القاعدة 55

- ‌القاعدة 56

- ‌القاعدة 57

- ‌القاعدة 58

- ‌القاعدة 59

- ‌القاعدة 60

- ‌القاعدة 61

- ‌القاعدة 62

- ‌القاعدة 63

- ‌القاعدة 64

- ‌القاعدة 65

- ‌القاعدة 66

- ‌ الفوائد الملحقة بآخر القواعد

الفصل: ‌ ‌القاعدة 28 إطلاق المشتق كاسم الفاعل واسم المفعول باعتبار الحال حقيقة

‌القاعدة 28

إطلاق المشتق كاسم الفاعل واسم المفعول باعتبار الحال حقيقة بلا نزاع.

هكذا ذكر غير واحد.

وظاهره أنه حين الشروع في الفعل يسمى فاعلا حقيقة قبل وجود ما يتناوله مطلق الاسم المشتق منه لحين القبول والإيجاب بالنسبة إلى المتبايعين.

ولكن قال أبو الطيب لا يسمى فاعلا إلا مجازا وكذلك قال القاضى أبو يعلى وإطلاقه باعتبار المستقبل مجاز ادعى بعضهم الإجماع.

وقال أبو العباس وهذا غلط بل هو نوعان.

أحدهما: أن يراد الصفة لا الفعل كقولهم سيف قطوع وماء مرو وخبز نقيع فقيل هذا مجاز وقال القاضى بل هو حقيقة لأن المجاز هو الذي يصح نفيه كأب الأب يسمى أبا مجازا لأنه يصح نفيه فيقال ليس بأب إنما هو جد ومعلوم أنه لا يصح أن ينفي عن السيف الذي يقطع القطع فيقال إنه ليس بقطوع ولا عن الخبز الكثير والماء الكثير إنه غير نقيع وغير مرو فعلم أن ذلك حقيقة.

والثانى: أن يراد الفعل الذي يحدث وجوده في المستقبل وأن لا يتغير الفاعل بفعله كأفعال الله واشتهر عند أصحابنا وجمهور أهل السنة أن الله سبحانه موصوف في الأزل بالخالق والرازق حقيقة قال أحمد لم يزل الله متكلما غفورا رحيما انتهى.

ص: 174

وإن كان باعتبار الماضى ففي المسألة مذاهب أصحها عند الإمام فخر الدين وأتباعه أنه مجاز سواء أمكن مقارنته له كالضرب ونحوه أو لم يمكن كالكلام.

والثانى: أنه حقيقة مطلقا وهو مذهب أبى هاشم وأبى على وابن سينا.

والثالث: التفصيل بين الممكن وغيره وتوقف الآمدي وابن الحاجب فلم يصححا شيئا.

والرابع: قول أبى الخطاب قاله في مسألة خيار المجلس وهو الفرق بين ما يعدم عقب وجود مسماه كالبيع والنكاح والاغتسال والتوضى فإن الاسم يقع عليه بعد ذلك حقيقة وما يتعذر وجود المسمى جميعه كان الاسم مجازا.

والخامس قول أبى الطيب الطبرى حكاه عنه القاضى أبو يعلى أن هذه الأسماء عنده حقيقة عقب وجود المعنى المشتق منه بخلاف ما إذا طال الزمان.

إذا تقرر هذا فحاصل ما ذكره الإمام والآمدي وغيرهما وصرح به التبريزى1 في اختصار المحصول.

أن محل الخلاف فيما إذا لم يطرأ على المحل وصف وجودى يناقض المعنى الأول كالسواد مع البياض والقيام مع القعود فإنه يكون مجازا اتفاقا وهذا كله إذا كان المشتق محكوما به كقولك زيد مشرك أو قاتل أو متكلم.

فإن كان محكوما عليه كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2]{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: 38]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36] ونحوه فإنه حقيقة مطلقا سواء كان للحال أم لم يكن إجماعا ذكره القرافي.

قال وإلا لتعذر علينا الاستدلال بهذه الآيات لأنه ما من نص يستدل به إلا وللمخالف أن يقول هذا إنما يتناول من كان موجودا حالة نزول الآية وأما من كان غير موجود فلا يتناوله إلا بطريق المجاز والأصل عدم التجوز إلى هذه الصورة فيحتاج كل دليل إلى دليل آخر من إجماع أو نص يستدل به على التجوز إلى هذه

1 هو الفقيه الأصولي المتكلم الشافعي: تاج الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي الحسن الأردبيلي التبريزي [677 – 746هـ] .

ص: 175

الصورة وهو خلاف ما عليه الناس بل كل لفظ من هذه الألفاظ يتم الاستدلال به من جهة اللغة فقط انتهى.

وأما الاستدلال بالمجاز الذي ثبتت صحة التجوز به فقد صرح القاضى أبو يعلى من أصحابنا بصحة الاحتجاج به قال والدلالة عليه أن المجاز يفيد معنى من طريق الوضع كما أن الحقيقة تفيد معنى من طريق الوضع ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] فإنه يفيد المعنى وإن كان مجازا وكذلك قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] ومعلوم أنه أراد عين الوجوه لا تنظر وقد احتج الإمام أحمد بهذه الآية في حصول النظر إلى وجه الله يوم القيامة في رواية المروذى والفضل بن زياد وأبى الحارث.

وأيضا فإن المجاز قد يكون أسبق إلى القلب كقول الرجل لزيد على درهم فإنه مجاز وهو أسبق إلى الفهم من قوله يلزمنى لزيد درهم وإذا كان يقع بالمجاز أكثر ما يقع بالحقيقة صح الاحتجاج به.

إذا تقرر هذا فههنا فرعان يتعلقان باسم الفاعل.

أحدهما إذا قال الكافر أنا مؤمن أو مسلم فإنه يحكم بإسلامه نقله أبو طالب عن أحمد وقاله القاضى أبو يعلى وأبدى احتمالا آخر أن هذا في الكافر الأصلى وفيمن جحد الوحدانية أما من كفر بجحد نبى أو كتاب أو فريضة أو نحو هذا فإنه لا يصير مسلما بذلك لأنه ربما اعتقد أن الإسلام ما هو عليه فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم هم المسلمون ومنهم من هو كافر فإن جعلنا اسم الفاعل حقيقة في الحال كان مسلما وإلا فلا لأنه لو قال أنا مسلم بعد ساعة أو يوم لم يحكم بإسلامه وظاهر كلام أحمد والقاضى إن قال أنا مسلم ولا أنطق بالشهادة أنه يكون كما لو تلفظ بالشهادتين وقال لا أتلفظ بهما بعد ذلك.

ولكن قد قال القاضى أبو يعلى الصغير في مفرداته في مسألة ترك الصلاة لا خلاف أن الكافر إذا قال أنا مسلم ولا أنطق بالشهادة أنه يقبل منه.

ص: 176

ولا يحكم بإسلامه وهذا على قولنا فإن اسم الفاعل يكون مجازا والله أعلم.

الفرع الثانى إذا قال المدعى عليه أنا مقر بما يدعيه فإنه يكون إقرارا جزم به الأصحاب بخلاف ما لو قال أنا مقر ولم يقل بما يدعيه فإنه لا يكون إقرارا على أشهر الوجهين لاحتمال أنه يريد الإقرار بأنه لا شىء عليه.

والوجه الثانى حكاه المجد1 وغيره واختاره أبو العباس أنه يكون إقرارا لأن المعقول ما في الدعوى كما فيما إذا قال الزوج في عقد النكاح قبلت ولم يقل نكاحها فإنه ينعقد على المنصوص عن الإمام أحمد وهو الصحيح عند الأصحاب.

وهنا قاعدة من جنس قاعدة المشتق من معنى بعد زوال ذلك المعنى وهى المضاف بعد زوال موجب الإضافة كقوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: 27] وقوله: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] وقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل وجد ماله عند رجل قد أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه" 2 قال بعض الحنفية: صاحب المتاع هو المشترى وقال القاضى وغيره معناه الذي كان صاحب المتاع.

قلت: والدليل على ذلك ما روى مالك وأبو داود مرسلا أن النبى صلى الله عليه وسلم: "قال فإن مات المشترى فصاحب المتاع أسوة الغرماء" 3 وقد أسند هذا اللفظ من وجه غير قوى والله أعلم.

قال القاضى وهذا مجاز مستعمل يجرى مجرى الحقيقة وقد قال الله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: 27] ومعناه التى كانت

1 هو مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن تيمية [ت 652هـ] .

2 لفظ الحديث في سنن النسائي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرء أفلس ثم وجد رجل عنده متاعه فهو أولى بها من غيره" كتاب البيوع رقم: "4676" ورواه أبو داود بلفظ آخر كتاب البيوع رقم: "3519" ومالك كتاب البيوع "42" والترمذي كتاب البيوع رقم: "1262" والبخاري كتاب الإسبقراض رقم: "2402" ومسلم كتاب المساقاة رقم: "1559".

3 هذه الزيادة هي تتمة رواية أبي داود كتاب البيوع رقم: "3520" كما أوردهما مالك ولكن بلفظ "وإن مات الذي ابتاعه" بدل "المشتري" مالك الموطأ كتاب البيوع "42".

ص: 177

أرضهم وقال: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] وإنما كن أزواجنا ومنه قولهم درب فلان وقطيعة فلان ونهر فلان.

قال أبو البركات والصواب أن هذا حقيقة لأن الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة لكن قد يكون عند الإطلاق له معنى وعند الاقتران بلفظ آخر له معنى فرجع إلى أن القرينة اللفظية الدالة بالوضع هل يكون ما اقترن بها دلالة بالحقيقة أو المجاز قال والصواب المقطوع به أنه حقيقة وإن كان قد قال طائفة من أصحابنا وغيرهم إنه مجاز والله أعلم.

ص: 178