المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌القاعدة 65 المفهوم على قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة. فأما مفهوم الموافقة - القواعد والفوائد الأصولية وما يتبعها من الأحكام الفرعية

[ابن اللحام]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القاعدة 1

- ‌القاعدة 2

- ‌القاعدة 3

- ‌القاعدة 4

- ‌القاعدة 5

- ‌القاعدة 6

- ‌القاعدة 7

- ‌القاعدة 8

- ‌القاعدة 9

- ‌القاعدة 10

- ‌القاعدة 11

- ‌القاعدة 12

- ‌القاعدة 13

- ‌القاعدة 14

- ‌القاعدة 15

- ‌القاعدة 16

- ‌القاعدة 17

- ‌القاعدة 18

- ‌القاعدة 19

- ‌القاعدة 20

- ‌القاعدة 21

- ‌القاعدة 22

- ‌القاعدة 23

- ‌القاعدة 24

- ‌القاعدة 25

- ‌القاعدة 26

- ‌القاعدة 27

- ‌القاعدة 28

- ‌القاعدة 29

- ‌القاعدة 30

- ‌القاعدة 31

- ‌القاعدة 32

- ‌القاعدة 33

- ‌القاعدة 34

- ‌القاعدة 35

- ‌القاعدة 36

- ‌القاعدة 37

- ‌القاعدة 38

- ‌القاعدة 39

- ‌القاعدة 40

- ‌القاعدة 41

- ‌القاعدة 42

- ‌القاعدة 43

- ‌القاعدة 44

- ‌القاعدة 45

- ‌القاعدة 46

- ‌القاعدة 47

- ‌القاعدة 48

- ‌القاعدة 49

- ‌القاعدة 50

- ‌القاعدة 51

- ‌القاعدة 52

- ‌القاعدة 53

- ‌القاعدة 54

- ‌القاعدة 55

- ‌القاعدة 56

- ‌القاعدة 57

- ‌القاعدة 58

- ‌القاعدة 59

- ‌القاعدة 60

- ‌القاعدة 61

- ‌القاعدة 62

- ‌القاعدة 63

- ‌القاعدة 64

- ‌القاعدة 65

- ‌القاعدة 66

- ‌ الفوائد الملحقة بآخر القواعد

الفصل: ‌ ‌القاعدة 65 المفهوم على قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة. فأما مفهوم الموافقة

‌القاعدة 65

المفهوم على قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة.

فأما مفهوم الموافقة فهو أن يكون المسكوت عنه موافقا في الحكم للمنطوق وأولى منه.

مثال ذلك قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:7} وكفاية ما دون القنطار من قوله: {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75] وهذا تنبيه بالأعلى على الأدنى وما قبله بالأدنى على الأعلى وهو حجة ذكره بعضهم إجماعا لتبادر فهم العقلاء إليه واختلف النقل عن داود1.

واختلف في دلالته فقال القاضي والحنفية والمالكية وبعض الشافعية وجماعة من المتكلمين والظاهرية واختاره ابن عقيل وذكره عن أصحابنا وقال بعض أصحابنا ونص عليه أحمد في مواضع دلالته لفظية.

وقال ابن أبى موسى وأبو الحسين الجزري وأبو الخطاب والحلواني وغيرهم من أصحابنا والشافعي وأكثر أصحابه هو قياس جلي.

وأما مفهوم المخالفة فهو على أقسام:

منها: مفهوم الصفة وهو أن يقترن بعام صفة حاضرا كقوله صلى الله عليه وسلم: "في الغنم في سائمتها الزكاة" قال به أحمد ومالك والشافعي وأكثر أصحابهم وذكره في الروضة عن أكثر المتكلمين ثم مفهوم عند الجميع لا زكاة في

1 أي داود الظاهري.

ص: 367

معلوفة الغنم لتعلق الحكم بالسوم والغنم فيها العلة.

ولنا وجه اختاره ابن عقيل وقاله بعض الشافعية وذكره القاضي ظاهر كلام أحمد لا زكاة في معلوفة كل حيوان أعنى من الأزواج الثمانية بناء على أن السوم العلة.

وهل يعتبر البحث عما يعارضه قال في التمهيد وغيره هو كالعموم وزعم الآمدي أنه لا يعتبر عند من قال به.

ولم يقل بمفهوم الصفة أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من المالكية وابن داود وابن سريج والقفال وابن الباقلانى وأبو المعالي الجوينى والغزالي والشاشى1 وأكثر المعتزلة والإمام فخر الدين في المحصول والمنتخب وأبو الحسن التميمي من أصحابنا والآمدي وقال في الانتصار في مسألة الولي هو إحدى الروايتين عن أحمد وذكره في التمهيد عن أكثر المتكلمين.

واختلف النقل عن الأشعري وأثبته أبو عبد الله البصري2 إن كان للبيان كالسائمة أو للتعليم كتحالف المتبايعين إذا اختلفا أو دخل ما عدا الصفة فحقها كالحكم بالشاهدين يدخل فيهما الشاهد الواحد.

وإذا قلنا بأن مفهوم الصفة حجة قال أبو الفرج المقدسي من أصحابنا ثبت بالعقل وأنه إجماع أهل اللغة.

وقال أبو الخطاب في التمهيد ثبت ذلك باستقراء كلامهم ومعرفة مرادهم وفهمته الصحابة وهم أهل اللسان.

وذكر الرويانى من الشافعية في كتاب القضاء من البحر إذا قلنا مفهوم الصفة حجة فهل دلت اللغة عليه أم أستفدناه من صاحب الشرع؟ على وجهين.

1 هو: أبو محمد بن الحسين بن عمر الشاشي الشافعي [429 – 507هـ] من مصنفاته "حلية العلماء في مذاهب الفقهاء" المعروف بـ "المستظهري" و"الشافي في شرح الشامل" وهو كتاب ضخم شرح فيه "مختصر المزني".

2 في الأصل: النصري والصواب ما أثبتناه وهو المتكلم الأصولي: أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي البصري [ت 370هـ] صاحب أبي الحسن الأشعري وشيخ أبي بكر الباقلاني من تصانيفه "هداية المستبصر ومعونة المستنصر".

ص: 368

وقال الإمام فخر الدين في المعالم: يدل عرفا لا لغة وقد تقدم عنه في المحصول والمنتخب أنه قال فيهما لا يدل مطلقا.

ومفهوم الصفة له صورتان:

أحداهما: أن يقترن بعام صفة خاصة أو يقسم اللفظ إلى قسمين ويذكر صفة مع كل قسم من القسمين نحو "الثيب أحق بنفسها والبكر تستأذن"1.

والثانية: أن تفرد الصفة بالذكر كقوله: "الثيب أحق بنفسها من وليها" 2 وهذه الصورة دون التي قبلها في القوة.

والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها أن ذكر الثيب يظهر معه أنه ذاكر للبكر ويحتمل الغفلة عن الذكر فصار المفهوم ظاهرا وعند ذكر الوصف الخاص مع العام انقطع احتمال عدم الحضور فصار المفهوم هنا أظهر أشار إلى ذلك أبو محمد المقدسي.

وظاهر كلام جماعة من أصحابنا وغيرهم التسوية قال أبو المعالي الجوينى بمفهوم الصفة مع مناسبة الصفة للحكم وإلا فليس بحجة وذكره بعض أصحابنا ظاهر اختيار القاضي في موضع من كلامه.

ومنها: مفهوم الشرط نحو {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] وهو أقوى من الصفة فلهذا قال به جماعة ممن لم يقل بمفهوم الشرط منهم ابن سريج وغيره من الشافعية والكرخى وغيره من الحنفية والإمام فخر الدين.

ويتفرع على مفهوم الصفة والشرط فروع كثيرة في الوقف والوصايا والتعاليق والنذور والأيمان.

منها: مفهوم الغاية نحو قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230] أقوى من الشرط فلهذا قال به جماعة ممن لم يقل بمفهوم الشرط كقوم من الحنفية وغيرهم وبالغ ابن عقيل حتى قال: لا

1 مسلم كتاب النكاح رقم: "1421" أبو داود كتاب النكاح رقم: "2098 و 2099".

2 المصدر نفسه.

ص: 369

يحسن التصريح بأن ما بعدها كما قبلها كقوله: اصبر حتى تتوب وبعد التوبة وهو خلاف ما في التمهيد في مفهوم الغاية والشرط ونقض بهما في الصفة.

وقال الآمدي: لا مانع منه إجماعا وحكى بعضهم قولان أن ما بعدها مخالف لما قبلها نطقا والله أعلم.

ومنها: مفهوم العد الخاص كثمانين جلدة قال به أحمد وأكثر أصحابه ومالك وداود وبعض الشافعية وذكره أبو المعالي عن الشافعي واختار أنه من قسم الصفات وكذا قال أبو الطيب وغيره لأن قدر الشيء صفته.

ونفاه الحنفية والمعتزلة والأشعرية وأكثر الشافعية وابن داود والقاضي أبو يعلى في جزء صنفه في المفهوم وذكره أبو الخطاب عن أبى إسحاق من أصحابنا في مسألة الزيادة على النص هل هو نسخ أم لا؟

ومنها: مفهوم اللقب وهو تخصيص اسم بحكم وهو حجة عند أكثر أصحابنا وذكروه عن أحمد وقال به مالك وداود واختاره أبو بكر الدقاق وغيره من الشافعية ذكره أبو المعالي1 والصيرفي2 وابن خويز منداد.

ونفاه أكثر العلماء والقاضي في الجزء الذي صنفه في المفهوم وابن عقيل في تقسيم الأدلة وأبو محمد المقدسي قال أبو مجمد المقدسي ولو كان مشتقا كالطعام.

وقيده بعضهم بغير المشتق قال أبو البركات فيصير في المشتق اللازم كالطعام هل هو من الصفة أو اللقب وجهان.

واختار أبو البركات وغيره من أصحابنا تفصيلا وأشار إليه أبو الطيب في موضع أنه حجة بعد سابقة ما يعم له ولغيره كقوله صلى الله عليه وسلم: "وترابها طهورا" 3 بعد قوله: "جعلت لي الأرض مسجدا" وكذلك على هذا لو قال عليكم في الإبل

1 المقصود هو إمام الحرمين الجويني.

2 هو: أبو بكر الصيرفي وقد سبق التعريف به.

3 أحمد المسند رقم: "2741، 9685، 21425".

ص: 370

الزكاة لم يكن له مفهوم لأنه لا يوجب تخصيص عام قد ذكر ويمكن أن غيرها لم تخطر بباله.

ولو قيل يا رسول الله هل في بهيمة الأنعام الزكاة فقال في الإبل الزكاة لكن له مفهوم لما ذكرنا وكذلك لو قيل له نبيع الطعام بالطعام متفاضلا فقال لا تبيعوا البر بالبر متفاضلا.

قال أبو البركات وأكثر مفهومات اللقب التى جاءت عن أحمد لا يخرج عما ذكرته لمن تدبرها وجعل بعض أصحابنا مفهوم اللقب حجة في اسم جنس لا اسم عين والله أعلم.

فائدة:

وإذا ثبت القول بمفهوم المخالفة فله شروط.

أحدها أن لا يظهر في المسكوت عنه أولوية ولا مساواة فإن ظهر أولوية أو مساواة كان المسكوت عنه موافقا للمنطوق.

ومنها: أن لا يكون خرج مخرج الغالب نص عليه الشافعي وهو مذهبنا ذكره الفخر إسماعيل في طريقته ما ذكره الآمدي اتفاقا.

وكان ابن عبد السلام من الشافعية يورد على هذا سؤالا فيقول: الوصف الغالب أولى أن يكون حجة مما ليس بغالب وما انعقد عليه الإجماع يقتضى الحال فيه العكس بسبب أن الوصف إذا خرج مخرج الغالب وكانت العادة شاهدة بثبوت ذلك الوصف لتلك الحقيقة يكون المتكلم مستغنيا عن ذكره للسامع بسبب أن العادة كافية في إفهام السامع ذلك فلو اخبره بثبوت ذلك الوصف لكن تحصيلا للحاصل.

أما إذا لم يكن غالبا فإنه لا دليل على ثبوته لتلك الحقيقة من جهة العادة قبيحة أن المتكلم يخبر به لعدم دليل يدل على ثبوته لتلك الحقيقة فهو حينئذ مقيد له فائدة جديدة وغير مفيد له في الوصف الغالب الذي دلت عليه العادة وإذا كان

ص: 371

في الغالب غير مفيد بإخباره عن ثبوته للحقيقة فتعين أنه إنما نطق به لقصد آخر غير الإخبار عن ثبوته للحقيقة وهو سلب الحكم عن المسكوت عنه وهذا الغرض لا يتعين إذا لم يكن غالبا لأنه غرضه حينئذ فيكون الإخبار عن ثبوته للحقيقة لا سلب الحكم عن المسكوت عنه فظهر أن الوصف الغالب على الحقيقة أولى أن يكون حجة والله أعلم.

قلت واختار أبو المعالي الجوينى أن المفهوم إذا قيل به فإنه يكون حجة ولو خرج مخرج الغالب.

وقال أبو البركات ولكن يظهر أن ذلك من مسالك التأويل فيخف على المتأول ما يبديه من الدليل العاضد.

وعلى القول الأول بأنه ليس بحجة إذا خرج مخرج الغالب فهل يكون عاما في المسكوت عنه والمنطوق أم لا كلام الأكثرين من أصحابنا يدل على لداود على اختصاص تحريم الربيبة بأنهما في الحجر بالآية وأجابوا لا حجة فيها لخروجها على الغالب.

فقال هو خاص بالسلم وإلحاق غيره به إنما يصح إذا كان مثله.

واحتج في الانتصار على نشر الحرمة بلبن الميتة بقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] فقيل له الآية حجة لنا لاقتضائها تعلق التحريم بفعلها للإرضاع فقال علته لأنه الغالب كالربيبه ولهذا لو حلب منها ثم سقى نشر.

وقال أبو الفتح بن المنى من أصحابنا هو عام فإنه أجاب من احتج لصحة نكاح المرأة بلا إذن بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل" 1 فإن المفهوم ليس بحجة على أصلنا.

قلت وهذا فيه نظر فإنه قد تقدم أن المفهوم عندنا حجة على الصحيح

1 رواه أحمد عن عائشة بلفظ "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" المسند رقم: "24366 و 25313" ورواه أبو داود كتاب النكاح رقم: "2983" والترمذي كتاب النكاح رقم: "1102".

ص: 372

والله أعلم.

قال أبو الفتح ثم هذا خرج مخرج الغالب فيعم ويصير كقوله: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] لما خرج مخرج الغالب عم والله أعلم.

ومنها: أن لا يخرج جوابا لسؤال ذكره أبو البركات في شرح الهداية في صلاة التطوع اتفاقا.

قلت وذكر القاضي أبو يعلى في ذلك احتمالين في الجزء الذي صنفه في مسألة المفهوم.

قال أبو العباس فإن تقدم ما يقتضى التخصيص من سؤال أو حاجة إلى بيانه مثل قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله قد أعطى كل ذا حق حقه فلا وصية لوارث" 1 فهذا لا مفهوم له قال وسلك القاضي وغيره من المالكية والشافعية على جواز الوصية للقائل بها بناء على أنها تصح لغير الوارث وهذا دلالة ضعيفة جدا.

ومنها: أن تكون الصفة التي علق الحكم بها قصد بها تعليق الحكم بها فإنه علق بصفة غير مقصودة مثل قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] فلا دليل له لأن الصفة لم تقصد لتعلق الحكم بها وإنما قصد بها رفع الجناح عمن طلق قبل المسيس وإيجاب المتعة على وجه التبع فصار كأنه مذكور ابتداء من غير تعليق على صفة ذكر ذلك القاضي أبو يعلى.

وهذا الكلام في المفهوم إذا كان في الأمر أو النهي فإن كان في الخبر مثل أن يقول: زيد الطويل في الدار فسلم القاضي في الكفاية أنه لا يدل على القصر نفي ولا إثبات وقد قال قبل هذا إن تعليق هذا الوجوب والأخبار بالألقاب يقتضى رفع النفي.

1 ابن ماجه كتاب الوصايا رقم: "2713" الترمذي كتاب الوصايا رقم: "2120، 2121" أبو داود كتاب الوصايا رقم: "2870".

ص: 373

فائدة:

قال بعض أصحابنا إن العام إذا خص بعض أفراده فهل يخص العموم بمفهوم تخصيص الحكم بهذا الفرد اختلف أصحابنا في ذلك الأكثرون أنه لا تخصيص ويكون تخصيص الفرد لتأكيد الحكم فيه ونحوه.

قال أبو البركات وهذا النقل ليس بسديد وهو يناقض قول الأصحاب إن المفهوم يخص العموم.

قلت وأبو الخطاب ممن اختار أن العام إذا خص بعض أفراده لا يكون مفهوم ذلك الفرد مخصصا وحكى عن أبى ثور1 هو من القائلين بمفهوم اللقب فلذلك قال بالتخصيص في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في شاة ميمونة: "دباغها طهورها" 2 وجعله مخصصا لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر"3.

وأما إذا قلنا: بأن المفهوم غير معتبر فلا يكون بعض أفراد العموم مخصصا بلا نزاع.

وقد احتج أبو الخطاب لأبى ثور أنه يكون مخصصا بأن تعليقه بالظاهر يدل على أن ما عداه بخلافه.

وأجاب عنه بأن دليل الخطاب ليس بحجة في أحد الوجهين.

وإن قلنا هو حجة فصريح العموم أولى به.

قال أبو العباس فهذه المسألة إن حملت على عمومها ناقض قوله: إن دليل الخطاب يخص العموم. وإن حملت على ما إذا ذكر بعض المثبت بالاسم اللقب

1 هو الفقيه الحجة المجتهد أبو عبد الله إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي المعروف بأبي ثور [170 – 240هـ] .

2 مسلم كتاب الحيض رقم: "363 – 365" أحمد المسند رقم: "2521".

3 الترمذي كتاب اللباس رقم: "وأحمد المسند رقم: "1894، 2434، 3197".

ص: 374

لم يتناقض ويكون خاصا بأن الاسم اللقب وإن قلنا له مفهوم عند الإطلاق فإنه لا يخص العموم لقوة دلالة العموم ولهذا ذكر الخلاف مع أنى ثور وحده.

فعلى هذا يكون في المسألة ثلاثة أوجه قال أبو البركات ويجب أن يخرج في تقديم القياس على المفهوم وجهان كما في تخصيص العموم بالقياس بل أولى لأنهم قدموا المفهوم على العموم فلأن يقدموه على القياس الذي هو دون المفهوم على أحد الوجهين أولى وقد صرح القاضي بأن تقدم.

فائدة:

قال طائفة من محققي أصحابنا تخصيص العموم بالمفهوم إنما هو في كلامين منفصلين من متكلم واحد وفي حكم واحد ككلام الله ورسوله لا في كلام واحد متصل ولا متكلمين بل يجب اتحاد مقصودهما كبينة شهدت أن جميع الدار لزيد وأخرى شهدت أن الموضع الفلاني منها لعمرو فإنهما يتعارضان في ذلك الموضع قال وغلط بعض الناس فجمع بينهما لأنه من باب العام والخاص كما غلط بعضهم في كلام متكلم متصل والله أعلم.

ص: 375