المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌القاعدة 61 إذا ورد دليل بلفظ عام مستقبل ولكن على سبب - القواعد والفوائد الأصولية وما يتبعها من الأحكام الفرعية

[ابن اللحام]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القاعدة 1

- ‌القاعدة 2

- ‌القاعدة 3

- ‌القاعدة 4

- ‌القاعدة 5

- ‌القاعدة 6

- ‌القاعدة 7

- ‌القاعدة 8

- ‌القاعدة 9

- ‌القاعدة 10

- ‌القاعدة 11

- ‌القاعدة 12

- ‌القاعدة 13

- ‌القاعدة 14

- ‌القاعدة 15

- ‌القاعدة 16

- ‌القاعدة 17

- ‌القاعدة 18

- ‌القاعدة 19

- ‌القاعدة 20

- ‌القاعدة 21

- ‌القاعدة 22

- ‌القاعدة 23

- ‌القاعدة 24

- ‌القاعدة 25

- ‌القاعدة 26

- ‌القاعدة 27

- ‌القاعدة 28

- ‌القاعدة 29

- ‌القاعدة 30

- ‌القاعدة 31

- ‌القاعدة 32

- ‌القاعدة 33

- ‌القاعدة 34

- ‌القاعدة 35

- ‌القاعدة 36

- ‌القاعدة 37

- ‌القاعدة 38

- ‌القاعدة 39

- ‌القاعدة 40

- ‌القاعدة 41

- ‌القاعدة 42

- ‌القاعدة 43

- ‌القاعدة 44

- ‌القاعدة 45

- ‌القاعدة 46

- ‌القاعدة 47

- ‌القاعدة 48

- ‌القاعدة 49

- ‌القاعدة 50

- ‌القاعدة 51

- ‌القاعدة 52

- ‌القاعدة 53

- ‌القاعدة 54

- ‌القاعدة 55

- ‌القاعدة 56

- ‌القاعدة 57

- ‌القاعدة 58

- ‌القاعدة 59

- ‌القاعدة 60

- ‌القاعدة 61

- ‌القاعدة 62

- ‌القاعدة 63

- ‌القاعدة 64

- ‌القاعدة 65

- ‌القاعدة 66

- ‌ الفوائد الملحقة بآخر القواعد

الفصل: ‌ ‌القاعدة 61 إذا ورد دليل بلفظ عام مستقبل ولكن على سبب

‌القاعدة 61

إذا ورد دليل بلفظ عام مستقبل ولكن على سبب خاص فهل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟

في ذلك مذهبان.

أحدهما العبرة بعموم اللفظ وهو قول أحمد وأصحابه والحنفية ونص عليه الشافعي في الأم في باب ما يقع به الطلاق وهو بعد باب طلاق المريض واختاره الإمام فخر الدين والآمدي وأتباعهما.

والمذهب الثاني: العبرة بخصوص السبب وذكره أبو العباس رواية عن أحمد أخذا مما ذكره الخلال في عمدته إن محتجا احتج عند أحمد على مسألة بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] فأجاب أحمد بأن هذا إنما ورد في زمانين يعنى وليس هذا مما دخل تحت الآية.

وحكاه القاضي في الكفاية عن بعض أصحابنا واختاره المزنى والقفال1 والدقاق2 وقاله أبو الفرج وابن نصر3 وغيرهما من المالكية

1 هو الفقيه الأصولي اللغوي أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال [291 – 365هـ] إمام الشافعية زمانه في ما وراء النهر من مصنفاته "شرح الرسالة" للإمام الشافعي.

2 هو الفقيه الشافعي الأصولي: أبو علي الحسن بن علي بن محمد الدقاق النيسابوري [ت 405هـ] .

3 المقصود هو: القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر المالكي وقد سبق التعريف به.

ص: 318

وحكاه أبو الطيب1 وابن برهان عن مالك.

قال الجوينى وهو الذي صح عندنا من مذهب الشافعي.

قال الإمام فخر الدين في مناقب الشافعي2 عن قول إمام الحرمين ومن نقل هذا عن الشافعي فقد التبس على ناقله وذلك لأن الشافعي يقول: إن الأمة تصير فراشا بالوطء حتى إذا أتت بولد يمكن أن يكون من الوطء لحقه سواء اعترف به أم لا لقصة عبد بن زمعة3.

وذهب أبو حنيفة إلى أن الأمة لا تصير فراشا بالوطء ولا يلحقه الولد إلا إذا اعترف به وحمل قوله عليه السلام: "الولد للفراش"4 على الزوجة وأخرج الأمة من عمومه فقال الشافعي إن هذا قد ورد على سبب خاص وهي الأمة لا الزوجة.

قال الإمام فخر الدين فتوهم الواقف على هذا الكلام أن الشافعي يقول: ان العبرة بخصوص السبب وإنما أراد الشافعي أن خصوص السبب لا يجوز إخراجه عن العموم والأمة هي السبب في ورود العموم فلا يجوز إخراجها.

هذا الكلام في الدليل الوارد من الشارع أما كلام غير الشارع فهل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ككلام الشارع على الصحيح أو العبرة

1 المقصود هو القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي وقد سبق التعريف به.

2 "مناقب الشافعي" لفخر الدين الرازي مطبوع القاهرة بدون التاريخ.

3 قصة عبد بن زمعة رواها البخاري في صحيحه ونصها: عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال: ابن أخي قد كان عهد إلي فيه فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن أمة أبي ولد على فراشي فتساوقا إلى رسول الله فقال سعيد: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن أخي كان عهد إلي فيه فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر" ثم قال لسودة بنت زمعة: "احتجبي منه" لما رأى من شبهة بعتبة فما رآها حتى لقي الله. البخاري كتاب الوصايا رقم: "2745" ورواه مسلم بلفظ آخر كتاب الرضاع رقم: "1457" و"له الحجر" معناها: له الخيبة.

4 نفس المصدر.

ص: 319

بخصوص السبب لا بعموم اللفظ بخلاف كلام الشارع؟

في المسألة وجهان.

أحدهما العبرة بعموم اللفظ وهو اختيار القاضي في المجرد والآمدي وأبى الخطاب وأبى الفتح الحلوانى وغيرهم وأخذوه من نص أحمد فيمن قال لله على أن لا أصيد من هذا النهر لظلم رآه فيه ثم زال الظلم فقال أحمد النذر يوفي به.

والوجه الثاني: الأخذ بخصوص السبب لا بعموم اللفظ وهو اختيار أبى البركات وأبى محمد المقدسي وفرق صاحب المغنى بين كلام الشارع وغيره بأن الشارع يريد بيان الأحكام فلا يختص بمحل السبب لكونه الحاجة داعية إلى معرفة الحكم في غير السبب.

واستثنى صاحب المحرر صور النهي وما أشبهها كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال الظلم وجعل العبرة فيها بعموم اللفظ وعدى صاحب المغنى الخلاف إليها.

واختار أبو العباس ما قاله جده1 وفرق بين مسألة النهي المنصوصة بأن نص أحمد إنما هو في النذر والناذر إذا قصد التقرب بنذره لزمه الوفاء مطلقا كما منع المهاجرون من العود إلى ديارهم التي تركوها لله وإن زال المعنى الذي تركوها لأجله فإن ترك شيء لله يمنع العود فيه مطلقا وإن كان لسبب قد يتغير كما نهى المتصدق أن يشترى صدقته.

وقد يكون جده2 لحظ هذا المعنى حيث خص صورة النهي بالحنث مع الإطلاق بخلاف غيرها من الصور.

وأما محل السبب فلا يجوز إخراجه بالاجتهاد إجماعا قاله غير واحد لأن دخوله مقطوع به لكون الحكم أورد بيانا له بخلاف غيره فإنه يجوز إخراجه لأن دخوله مظنون لكن نقل ناقلون عن أبى حنيفة أنه يجوز إخراج

1 أي أبو البركات بن تيمية.

2 نفس المصدر.

ص: 320

السبب وقد منع ابن أبى موسى في الإرشاد والشيرازى في الممتع وابن عقيل في الفصول في المعتمر المحصر من التحلل مع أن سبب الآية في حصر الحديبية وكانوا معتمرين وحكى هذا عن مالك وأنه لا هدى أيضا وروى الإمام أحمد رضي الله عنه أنه حمل ما في الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" 1 على أمر الآخرة مع أن سببه أمر الدنيا لكن يحتمل أنه لم يصح عنده سببه وقد روى المروذى وابن القاسم وأبو طالب عن أحمد أنه لا يجوز الرهن في السلم وهو اختيار الخرقى وأبى طالب عن أحمد أنه لا يجوز الرهن في السلم وهو اختيار الخرقى وأبى بكر عبد العزيز مع أنه روى ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أن المراد بقوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: 282] السلم وفيه ذكر الرهن.

ولو سألته امرأة الطلاق فقال نسائي طوالق طلقت ذكره ابن عقيل إجماعا ولو ادعى استثناءها دين وهل يقبل في الحكم المشهور أنه لا يقبل لأن محل السبب لا يجوز إخراجه.

قال القاضي: ويحتمل قبوله بجواز تخصيص العام والله أعلم.

والأصح عن أحمد لا يصح اللعان على حمل وقاله أبو حنيفة وهو سبب آية اللعان واللعان عليه في الصحيح لكن ضعفه أحمد ولهذا في الصحيحين أنه لا شيء بعد الوضع ثم يحتمل أنه علم وجوده بوحى فلا يكون اللعان معلقا بشرط في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن عتبة بن أبى وقاص عهد إلى أخيه سعد أن ابن وليد زمعة ابني فاقبضه إليك فلما كان يوم الفتح أخذه سعد فقال سعد هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد بن زمعة هذا أخي ولد على فراش أبى من وليدته فنظر إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال: "هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة"2.

1 رواه البخاري بلفظ ".......من جحر واحد مرتين" كتاب الأدب رقم: "6133" ومسلم كتاب الزهد والرقائق رقم: "2998".

2 سبق تخريجه.

ص: 321

وعند أبى حنيفة لا تصير الأمة فراشا حتى يقر بولدها فإذا أقر به صارت فراشا ولحقه أولاده بعد ذلك فأخرج السبب.

قال أبو المعالي الجوينى وإنما ادعى النقلة عن أبى حنيفة أنه أخرج السبب من هذين الخبرين أعنى حديث اللعان على الحمل وحديث عبد بن زمعة ثم قال لا يجوز أن ينسب إلى متعاقل تجويز إخراج السبب تخصيصا وحمل ما نقل عنه على أن الحديثين لم يبلغاه بكمالها قال فقد كان ضعيف القيام بالأحاديث قال أبو العباس ولهذا قطع أحمد بدخول النبيذ في آية الخمر والاستماع إلى الأمام في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] وقطع بأن إما يقضى وإما أن يربى من الربا وهذا كثير في كلامه.

وإذا تقرر هذا فيتعلق بالقاعدة فروع.

منها: أن الأفضل عندنا في السفر الفطر مطلقا سواء وجد مشقة أو لم يجد أخذا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر" 1 رواه أحمد والنسائي وابن ماجة عن كعب ابن عاصم قال بعضهم: إسناده جيد وقال النسائي هذا الحديث خطأ لا نعلم أحدا تابع محمد بن كثير عليه والصواب قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البرأن تصوموا في السفر" 2 أخرجاه في الصحيحين وهو عام أيضا لأن تصوموا جملة فعلية والجمل الفعلية نكرات وهي في سياق النفي فيكون عاما.

1 رواه أحمد عن كعب بن عاصم الأشعري المسند رقم: "23675 و 23676" ابن ماجه كتاب الصيام رقم: "1664 و 1665" والنسائي كتاب الصيام رقم: "2255".

واستناد المصنف إلى قول النسائي: هذا خطأ لرد متن الحديث وهم منه لأن النسائي قصد سندا ثانيا أورده بعد سند الحديث المشار إليه وذلك لكونه مرسلا عن سعيد بن المسيب والحديث بهذا اللفظ رواه البخاري كتاب الصوم رقم: "1946" عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحام ورجلا قد ظلل عليه فقال: "ما هذا؟ " فقالوا: صائم فقال: "ليس من البر الصوم في السفر".

2 رواه مسلم كتاب الصيام رقم: "1115" وأحمد بلفظ: "أن يصوم" المسند رقم: "15261".

ص: 322

ومنها: أن متروك التسمية لا يحل عندنا على الصحيح من المذهب أخذا بعموم قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وتحقيق المذهب في التسمية والترجيح والترجيح في بعض الصور دون بعض قد كتبه في الكلام على البسملة.

ومنها: جواز بيع العرايا بشروطها المذكورة في كتب الفقه ومن شروطها أنه لا بد من حاجة المشترى وهي أن لا يكون للرجل مما يشترى به الرطب غير التمر وهو مخالف لقاعدة المحلى بالألف واللام فإن اللفظ الوارد في جوازه ما ثبت في الصحيحين من حديث أبى هريرة وزيد بن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا1.

فإن قلت إنما ورد بيع العرايا رخصة عند الحاجة بدليل ما قاله الشيخ أبو محمد في كتابه الكافي إن محمود بن لبيد قال قلت لزيد بن ثابت ما عراياكم هذه فسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص لهم أن يتبايعوا العرية بخرصها من التمر يأكلونه رطبا وعزاه الشيخ أبو محمد في الكافي إلى الصحيحين.

قلت وقد قال الإمام أبو عبد الله بن عبد الهادي في كتابه التنقيح عن عزو الشيخ في الكافي الحديث إلى الصحيحين هذا وهم فإن الحديث لم يخرج في الصحيحين بل ولا في السنن وليس لمحمود بن لبيد رواية في شيء من الكتب الستة بل وليس هذا الحديث في مسند الإمام أحمد ولا السنن الكبير للبيهقي قال وقد فتشت عليه في كتب كثيرة فلم أر له سندا وقد ذكره الشافعي في كتاب البيوع في باب بيع العرايا2 بلا إسناد وأنكر عليه ابن داود الظاهري

1 رواه البخاري عن زيد بن ثابت بلفظ: رخص النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع العرايا بخرصها ثمرا وعن أبي هريرة بلفظ رخص النبي صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا بخرصها من التمر فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق شك داود في ذلك. كتاب المساقاة رقم: "2380 و 2382".ومسلم كتاب البيوع رقم: "15411".

2 أي من كتاب "الأم".

ص: 323

ذلك ورد عليه ابن سريج في إنكاره والله أعلم.

وادعى بعض المتأخرين من الشافعية أن أصحابهم اختلفوا هل يشترط حاجة المشترى أم لا وأن الخلاف بينهم يبنى على الخلاف في الأخذ بعموم اللفظ أو بخصوص السبب وفيما قاله نظر لأن السبب الحديث الذي ذكره الشيخ في الكافي وقد تقدم كلام ابن عبد الهادى فيه ولو ثبت لم يلزم منه التعدى إلى المعنى لأن الرخصة إنما كانت لقوم موصوفين بصفة الفقر وكان الأصل المنع ثبت معنا في هذه الصورة الخاصة لمعنى لا يوجد في غيرها من الصور قلنا به والباقى على مقتضى الأصل.

ثم قول أبى هريرة وزيد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا ينصرف الألف واللام إلى المعهود الذي قد أبيح لمن اتصف بصفة الفقر والله أعلم.

ص: 324