الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة 52
المفرد المحلى بالألف واللام يقتضى العموم إذا لم تكن هناك قرينة عهد.
وقد نص إمامنا رحمه الله على ذلك في مواضع وقاله أبو عبد الله الجرجانى1 وابن برهان وأبو الطيب ونص عليه الشافعى في الرسالة وفي2 البويطي ونقله الآمدي عن الشافعى والأكثرين ونقله الإمام فخر الدين عن الفقهاء والمبرد.
ثم اختار هو ومختصر كلامه أنه يقتضى العموم وهو قول أبى على الجبائى واختلف عن أبى هاشم.
وإن كان هناك معهود انصرف إليه قاله ابن مالك في التسهيل وغيره من الأصوليين.
قلت: وسواء كان المعهود عرفيا أو شرعيا.
إذا تقرر هذا فيتعلق بالقاعدة مسائل.
منها: دعوى أن الأصل جواز البيع في كل ما ينتفع به ولم ينه عنه عملا بقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] حتى يستدل به مثلا على جواز بيع لبن الآدميات ونحوه مما وقع فيه الخلاف إن قلنا إنه للعموم وإلا فلا وجمهور العلماء على أنه للعموم وقال بعضهم إنه مجمل.
1 هو يوسف بن علي بن محمد وقد سبق التعريف به.
2 المقصود في "مختصر البويطي".
وعلى الأول فهل هو من العام المخصوص؟ أو من العام الذي أريد به الخصوص في ذلك قولان.
والفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص من وجهين.
أحدهما أن العام المطلق الذي يجرى على عمومه وإن دخله التخصيص ما يكون المراد باللفظ أكثر وما ليس بمراد باللفظ يكون أقل والعام الذي أريد به الخصوص ما يكون المراد باللفظ أقل وما ليس بمراد باللفظ أكثر.
والفرق الثانى أن البيان فيما أريد به الخصوص متقدم على اللفظ وفيما أريد به العموم متأخر عن اللفظ ومقترن به وعلى كلا القولين يجوز الاستدلال به على إباحة البيوع.
والمختلف فيها ما لم يقم دليل على التخصيص على إخراجها من العموم وكذلك الاستدلال على بطلان ما فيه غرر بقوله نهى عن بيع الغرر1 وكذلك الاستدلال على بطلان بيع اللحم بالحيوان مأكولا أو غير مأكول بقوله نهى عن بيع اللحم بالحيوان2.
وأما تحرير مذهبنا في ذلك فإن كان الحيوان مأكولا فيحرم بيعه بلحم من جنسه وكذا بغير جنسه إن قيل اللحم جنس واحد فإن قيل أجناس فيجوز أشار إلى ذلك صاحب المغنى.
ولنا قول بالمنع مطلقا مأكولا أو عير مأكول.
واختار أبو العباس المنع فيما إذا كان من جنسه وكان الحيوان مقصود اللحم.
1 رواه أبو داود عن أبي هريرة كتاب البيوع رقم: "3376" ورواه الترمذي بزيادة "وبيع الحصاة" وقال: حسن صحيح كتاب البيوع رقم: "1230" ورواه بهذا اللفظ ابن ماجه كتاب التجارات رقم: "2194" وجاء بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر مسلم كتاب البيوع رقم: "1513" النسائي كتاب البيوع رقم: "4518".
2 رواه مالك مرسلا عن سعيد بن المسيب كتاب البيوع "27" وقال عنه ابن عبد البر لا إعلمه يتصل من وجه ثابت.
فعلى قول جمهور أصحابنا يكون من العام المخصوص أو الذي أريد به الخصوص والله أعلم.
ومنها: إذا قال الزوج الطلاق يلزمنى أو أنت الطلاق فهل يلزمه ثلاث أو واحدة إذا لم ينوه في المسألة روايتان لزوم الثلاث بناء على المحلى ولزوم الواحدة بناء على تقديم المعهود على العموم إذ معنى المعهود سنى وهو أن السنة أن يطلقها واحدة.
ولعل هاتين الروايتين مبنيتان على أن الطلاق الثلاث هل هو سنى أو بدعى وفي المسألة روايتان فإن قلنا هو سنى لزمت الثلاث بناء على عموم المحلى وإن قلنا ليس سنيا وإنما السنة الواحدة فينصرف المحلى إلى المعهود السنى وهو الواحدة.
وقد يقال تطلق واحدة وإن قلنا الثلاث سنة والمحلى بالالف واللام يقتضى الاستغراق بناء على العرف اذا العرف يقتضى أن ذلك واحدة.
أما إن قال أنت على حرام أعنى به الطلاق ولم يجعل ذلك ظهارا على الصحيح من الروايتين فذكر أبو محمد المقدسي وأبو البركات وغيرهما في المسألة الروايتين اللتين في المسألة قبلها.
وقد يفرق بين هذه المسألة والتى قبلها بأن هذه المسألة ذكر فيها أولا أنت على حرام وفسر التحريم بالطلاق والطلاق لا يكون محرما إلا إذا كان ثلاثا بحذف التى قبلها فإنه لم يصرح فيها بالتحريم فيبقى لزوم الطلاق فيها مبنيا على عموم المحلى بالألف واللام أو الرجوع إلى المعهود السنى أو العرفي.
وهذا الفرق إنما يتأتى إذا قلنا الرجعية مباحة أما إذا قلنا الرجعية محرمة فلا.
وعلى رواية وقوع الثلاث فلو نوى به ما دونها فهل يقع به ما نواه خاصة أو يقع به الثلاث ويكون ذلك صريحا في الثلاث فيه طريقان للأصحاب.
هذا الكلام بالنسبة إلى عدد الطلاق. وأما بالنسبة إلى عدد الزوجات فلو قال الطلاق يلزمنى لا أفعل كذا وفعله وله أكثر من زوجة فإن كان هناك نية
أو سبب يقتضى التعميم أو التخصيص عمل به وإن فقد السبب والنية خرجها بعض الأصحاب على الروايتين في وقوع الثلاث بذلك على الزوجة الواحدة لأن الاستغراق في الطلاق يكون تارة في نفسه وتارة في محله.
وفرق بعضهم بينهما بأن عمومه للطلاق الثلاث من باب عموم المصدر لأفراده وعموم الزوجات يشبه عموم المصدر لمفعولاته وعمومه لأفراده أقوى من عمومه لمفعولاته لأنه يدل على أفراده بذاته عقلا ولفظا وإنما يدل على مفعولاته بواسطة مثال الأكل والشرب مثلا فإنه يعم أنواع الأكل والشرب أبلغ من عمومه المأكول والمشروب إذا كان عاما فلا يلزم من عمومه لأفراده وأنواعه عمومه لمفعولاته ذكر مضمون ذلك أبو العباس.
وقوى في موضع آخر وقوع الطلاق بجميع الزوجات دون وقوع الثلاث بالزوجة الواحدة وفرق فيها بأن وقوع الطلاق بالزوجات المتعددات.
وفي الروضة إن قال إن فعلت كذا فامرأته طالق وفعل وقع بالكل أو بمن بقى قال وإن قال علي الطلاق لأفعلن ولم يذكر المرأة فالحكم على ما تقدم فإن لم يبق تحته زوجة ثم تزوج أخرى وفعل المحلوف عليه وقع أيضا ولو قال فلانة طالق لأفعلن كذا فمات أو طلقها ثم تزوج أخرى لم تطلق لأنه عينه لامرأة انتهى.
ومنها: دعوى أن الأصل في الأبوال كلها النجاسة استدلالا بقوله عليه السلام: "تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه" 1 ولكن أصحابنا حملوا الألف واللام هنا على العهد وهو بول الآدمى بقرينة.
ومنها: دعوى جواز التكبير في الصلاة بقول المصلى الله الاكبر أو الكبير أو إذا نكس على خلاف في ذلك استدلالا بقوله عليه الصلاة والسلام: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" 2 والمذهب لمنصوص الصحيح عندنا لا
1 رواه الدارقطني عن أنس بن مالك انظر كنز العمال "9/345" طبعة مؤسسة الرسالة.
2 نص الحديث: عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم" الترمذي كتاب الصلاة رقم: "3" وكتاب..................==
== الصلاة رقم: "238" عن أبي سعيد الخدري أحمد المسند رقم: "1005" ابن ماجه كتاب الطهارة رقم: "275 و276".
يجزئه إلا قول الله أكبر فتكون الألف واللام للعهد لأنه لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كبر بغيرها وقد جاء الخبر في نفي قبول الصلاة بغير الله أكبر والمعنى الموجود فيها لا يوجد في غيرها.
ومنها: دعوى جواز السلام للخروج من الصلاة بقوله عليكم السلام و"سلام عليكم" بغير تعريف والسلام عليكم من غير ذكر الرحمة.
ولنا في المسألة الأولى وجهان ذكرهما القاضى أبو يعلى في الجامع الكبير مدركهما هل المراد بالألف واللام العموم أو العهد؟
ولنا في المسألة الثانية ثلاثة أوجه.
أحدها: الإجزاء إذا نواه وهو احتمال للقاضى أبداه في الجامع الكبير قال وقد أومأ إليه أحمد في رواية مهنا وقد سأله ما قوله حذف السلام سنة؟ قال: أن لا يطولها سلام عليكم ولأن التنوين يقوم مقام الألف واللام.
والثانى: عدم الإجزاء بناء على أن الألف واللام للعهد لا للعموم.
والثالث: عدم الإجزاء مطلقا سواء نواه أو لم ينوه ذكره الآمدي.
ولنا في المسألة الثالثة قولان هما احتمالان للقاضى في الجامع الكبير.
أحدها: الإجزاء لقول أحمد في رواية ابن أصرم المزنى1 وقد سئل عن قوله حذف السلام سنة قال لا يطيله السلام عليكم بناء على أن الألف واللام لجنس السلام لا للعهد.
وعدم الإجزاء واختاره أبو الخطاب وغيره بناء على أن المراد بالألف
1 هو أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن عبد الله بن مغفل العباسي المزني [ت 285هـ] أحد الرواة عن الإمام أحمد انظر طبقات الحنابلة "1/22".
واللام العهد لأن من وصف سلام النبى صلى الله عليه وسلم وصفه مع ذكر الرحمة والأخبار متطابقة بذلك.
وأما صلاة الجنازة فذكر بعض أصحابنا وجها أنه لا يجزىء السلام منها بدون ذكر الرحمة والمنصوص عن أحمد في رواية علي بن سعيد وقد سئل عن التسليم عن الجنازة فقال واحدة فقيل له كيف تسلم فقال السلام عليكم ورحمة الله فقيل له تقول ورحمة الله فتوقف ساعة ثم قال إن شاء قال وإن شاء لم يقل ورحمة الله.
ومنها: لو حلف الحالف لا أرى منكرا إلا رفعته إلى الوالى من غير تعيين فهل يتعين المنصوب في الحال أم يبرأ بالرفع إلى كل من ينصب بعده.
في المسألة وجهان قال في الترغيب لتردد الألف واللام بين تعريف الجنس والعهد.
ومنها: إذا قال الزوج امرأة القاضى طالق1 ولم يكن معنا سبب ولا عهد ولا بينة هل تطلق زوجته أم لا هذه المسألة لم أرها منقولة فيما وقفت عليه من كتب أصحابنا فيتجه أن يقال فيها يخرج على قاعدة المحلى بالألف واللام هل يقتضى العموم أم لا ويتجه بناؤها على قاعدة أخرى وهى أن المخاطب بكسر الطاء هل هو داخل في عموم خطابه أم لا كما سيأتى تقريرها إن شاء الله تعالى.
ومنها: إذا نوى المتيمم بتيممه الصلاة وأطلق ولم ينو فرضا ولا نافلة وقلنا بالمذهب المشهور إن التيمم يبيح الصلاة لا يرفع الحدث فهل يتناول تيممه الفرض والنفل بالقاعدة أم النفل خاصة تنزيلا له على الأدنى في المسألة قولان أشهرهما عند الأصحاب الثانى.
ومنها: إذا قال السيد لعبده إذا قرأت القرآن فأنت مدبر فقرأ بعضه لا يصير مدبرا حملا لها على الاستغراق إلا بدليل.
1 كذا ولعلها امرأة [القائل] طالق.
وقد ذكر بعض أصحابنا حنث من حلف لا يقرأ القرآن بقراءة بعضه وما قصد الحنث.
فخرج على الروايتين إذا حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه.