الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة 25
إذا دار اللفظ بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح فعند أبى حنيفة يحمل على الحقيقة لأصالة الحقيقة وعند أبى يوسف يحمل على المجاز لرجحانه واختار القرافي في شرح التنقيح1 قول أبى يوسف لأن الظهور هو المكلف به.
وفي المحصول والمنتخب عن بعضهم أنها يستويان فلا ينصرف إلى أحدهما إلا بالنية لرجحان كل واحد منهما من وجه.
وأسقط صاحب الحاصل وجزم به الإمام2 في المعالم ومثل بالطلاق.
فقال إنه حقيقة في اللغة في إزالة القيد سواء كان عن نكاح أو ملك يمين أو غيرهما ثم اختص في العرف بإزالة قيد النكاح فلأجل ذلك إذا قال الرجل لأمته أنت طالق لا تعتق إلا بالنية.
ثم قال فإن قيل فيلزم أن لا ينصرف إلى المجاز الراجح وهو إزالة قيد النكاح إلا بالنية وليس كذلك.
قال فالجواب أنه إن كان الراجح وهو إزالة قيد النكاح فلا كلام وإن
1 وتمامه: "شرح تنقيح الفصول في الأصول" و"التنقيح" من تصنيف القرافي أيضا ذكر فيه أنه جمع "المحصول" للرازي وأضاف إليه مسائل كتاب "الإفادة" للقاضي عبد الوهاب المالكي انظر كشف الظنون "1/499".
2 أي: فخر الدين الرازي.
حمل على الحقيقة المرجوحة وهو إزالة مسمى القيد من حيث هو فيلزم زوال النكاح أيضا لحصول مسمى القيد فيه فلا جرم أن أحد الطرفين في هذا المثال مخصوص لم يحتج إلى النية بخلاف الطرف الآخر.
وقد تبع البيضاوى المعالم في اختيار التساوى والتمثيل بالطلاق.
وها هنا فائدة مهمة.
وهى إن لم يحرر محل النزاع وقد حرره الحنفية في كتبهم فإن مرجع هذه المسألة إليهم ونقله عنهم القرافي أيضا فقالوا: المجاز له أقسام.
أحدها: أن يكون مرجوحا لا يفهم إلا بقرينة كالأسد للشجاع فلا إشكال في تقديم الحقيقة وهذا واضح.
الثانى: أن يغلب استعماله حتى يساوى الحقيقة فقد اتفق أبو حنيفة وأبو يوسف على تقديم الحقيقة فلا خلاف أيضا نحو النكاح فإنه يطلق على العقد والوطء إطلاقا متساويا مع أنه حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر وجعل ابن التلمسانى في شرح المعالم1 هذه الصورة محل النزاع قال لأنه إجمال عارض فلا يتعين إلا بقرينة وذكر في المحصول هذه الصورة في المسألة السابعة من الباب التاسع وجزم بالتساوى.
الثالث: أن يكون راجحا والحقيقة مماتة لا تراد في العرف فقد اتفقا2 على تقديم المجاز لأنه إما حقيقة شرعية كالصلاة أو عرفية كالدابة ولا خلاف في تقديمها على الحقيقة اللغوية مثاله حلف لا يأكل من هذه النخلة فإنه يحنث بثمرها لا بخشبها وإن كان هو الحقيقة لأنها قد أميتت.
والرابع: أن يكون راجحا والحقيقة تتعاهد في بعض الأوقات فهذا موضوع الخلاف كما لو قال لأشربن من هذا النهر فهو حقيقة في الكرع من النهر بفيه وإذا اعترف بالكوز وشرب فهو مجاز لأنه شرب من الكوز لا من النهر لكنه المجاز الراجح المتبادر إلى الفهم والحقيقة قد تراد لأن كثيرا من
1 وتمامه: "شرح معالم الأصول" للرازي.
2 أي: أبو حنيفة وأبو يوسف.
الرعاء وغيرهم يكرع بفيه.
وقال الاصفهانى1 في شرح المحصول محل الخلاف أن يكون المجاز راجحا على الحقيقة بحيث يكون هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق كالمنقول الشرعى والعرفي وورد اللفظ من غير الشرع وغير العرف فأما إذا ورد من أحدهما فإنه يحمل على ما وضعه له.
إذا تقرر هذا فمما يتعلق بالقاعدة.
إذا حلف لا يشرب من دجلة أو من الفرات فمن قدم المجاز الراجح يقول يحنث باغترافه منه بإناء ونحوه وشربه منه وهذا قول أصحابنا وقول أبى يوسف.
ومن قال تقدم الحقيقة المرجوحة قال لا يحنث إلا بأن يكرع منه وهذا قول أبى حنيفة والله أعلم.
1 هو الفقيه الأصولي المنطقي الشاعر: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن عباد العجلي الأصفهاني [616 – 688هـ] له إضافة إلى "شرح المحصول""القواعد في العلوم الأربعة" وهو مصنف يتناول أصول الفقه وأصول الدين وعلم الخلاف والمنطق.