الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة 54
النكرة في سياق النفي تعم سواء باشرها النافي نحو ما أحد قائم أو باشرها عاملها نحو ما قام أحد وسواء كان النافي نحو ما أو لم أو لن أو ليس أو غيرها.
ثم إن كانت النكرة صادقة على القليل والكثير كشىء أو ملازمة للنفي نحو أحد وكذا صيغة بد نحو مالى عنه بد كما نقله القرافي في شرح التنقيح عن الكافي والمنتخب أو داخلا عليها من نحو ما جاءنى من رجل أو واقعة بعد لا العاملة عمل إن وهى لا التى لنفي الجنس فواضح كونها للعموم وقد صرح به مع وضوحه النحاة والأصوليون.
وما عدا ذلك نحو ما في الدار رجل بدون من ولا رجل قائما أى تنصب الخبر فمقتضى إطلاق الأصوليين أنها للعموم أيضا وهو مذهب سيبويه وممن نقله عنه أبو حيان في الكلام على حروف الجر ونقله من الأصوليين إمام الحرمين في البرهان في الكلام على معانى الحروف ولكنها ظاهرة في العموم لا نص فيه.
قال إمام الحرمين وهذا نص سيبويه على جواز مخالفته فتقول ما فيها رجل بل رجلان كما تعدل عن الظاهر فتقول جاء الرجال إلا زيدا.
وقال الجرجانى1 في أول شرح الإيضاح على أن الحرف قد يكون
1 هو شيخ البلاغيين الإمام أبي بكر مجد الإسلام عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي [ت 471 أو 474هـ] أهم كتبه "أسرار البلاغة" و"دلائل الإعجاز" طبعا مرات عديدة أفضلها باعتناء العلامة محمود شاكر.
زائدا من حيث العمل دون المعنى كقولك قال الزمخشرى وغيره في قوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] لو قال ما لكم إله غيره بحذف من لم يحصل العموم وكذلك قوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} [يّس: 46] لو قال ما تأتيهم آية بحذف من لم يحصل العموم.
قال القرافي بعد حكايته عنهما هذا وهذا يقتضى أن هذه الصيغ الخاصة كلها إذا كانت في سياق النفي لا تفيد العموم وإنما تفيد النكرات العامة نحو أحد وشىء فإذا قلت: ما جاءنى أحد حصل العموم وإذا قلت: ما جاءنى من أحد كانت مؤكدة للعموم لا منشئة للعموم هذا نقل النحاة والمفسرين.
وإذا عمت النكرة فهل تعم متعلقات الفعل المنفي.
قال القرافي الذي يظهر لى أنها تعم في الفاعل والمفعول إذا كانا متعلقا الفعل أما ما زاد على ذلك فلا نحو قولنا ليس في الدار أحد ولم يأتنى اليوم أحد فإن ذلك ليس نفيا للطرفين المذكورين وكذلك ما جاءنى أحد ضاحكا ليس نفيا للأحوال قال القرافي ويستثنى من أن النكرة في سياق النفي تعم صورتان.
إحداهما إذا قلت: لا رجل في الدار بالرفع فإنها لا تعم بل هى نفي للرجل بوصف الوحدة فتقول العرب لا رجل في الدار بل اثنان ونقله عن سيبويه فهذه نكرة في سياق النفي وهى لا تعم إجماعا.
قلت: قد تقدم النقل عن سيبويه بأنه إذا قال ما في الدار رجل أنه يعم عموما ظاهرا وكذلك إذا قال لا رجل في الدار بالرفع يعم عموما ظاهرا.
الصورة الثانية تسلب الحكم عن العموم حيث وقع كقولك ما كل عدد زوجا فإن هذا ليس حكما بالسلب على كل فرد من أفراد العدد وإلا لم يكن فيه زوج وذلك باطل بل مقصودك إبطال قول من يقول إن كل عدد زوج
فقلت: أنت ما كل عدد زوجا أى ليست الكلية صادقة بل بعضها ليس كذلك فهو سلب للحكم عن العموم لا حكم بالسلب على العموم فتأمل الفرق بينهما.
إذا تقرر هذا فمما يتعلق بالقاعدة مسائل.
منها: صحة الاستدلال على منع الحائض والجنب من قراءة القرآن ولو دون آية بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن"1 إذا صححنا الحديث.
ومنها: إا قال المدعى لا بينة لى ثم أتى ببينة فالمذهب المنصوص أنها لا تسمع بينته ولنا قول آخر أنها تسمع واختاره ابن عقيل وغيره واستشكل على المنصوص إذا قال الشاهد لست متحملا عليك شهادة ثم أداها بعد ذلك فإن المنصوص عن أحمد أنها تسمع.
والفرق بين النصين أن الشهادة حق عليه فتسمع بعد النفي كما لو أقر بالحق بعد جحوده والبينة حق له فلا تسمع كما لو ادعى الخق بعد أن نفاه والله أعلم.
رواه الترميذي عن ابن عمر "كتاب الطهارة/رقم: 131" ورواه ابن ماجه عن ابن عمر بالنص التالي: "لا يقرأ الجنب والحائض شيئا من القرآن""كتاب الطهارة/رقم:596".