الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة 18
…
مسألة 18
الزيادة على الواجب إن تميزت كصلاة التطوع بالنسبة إلى المكتوبات فهى ندب بالاتفاق.
وإن لم تتميز فهل هى واجبة أم لا حكى أبو محمد التميمى1 الثانى قول أحمد واختاره أبو الخطاب واختاره القاضى في موضع من كلامه واختار الكرخى الحنفي الأول واختاره القاضى في موضع من كلامه أيضا.
إذا علمت ذلك فيتفرع على المسألة فروع.
منها: إذا وجب عليه شاة فذبح بدلها بدنة فهل كلها واجبة أو سبعها؟
في المسألة وجهان:
أحدهما الجميع واجب اختاره ابن عقيل قال كما لو أختار الأعلى من خصال الكفارة.
والثانى السبع واجب.
وينبنى على الوجهين هل يجوز له الأكل مما عدا السبع أم لا إن قلنا الجميع واجب لم يجز وإلا جاز أشار إلى ذلك أبو محمد المقدسي وغيره.
قلت: وينبغى أن ينبنى على ذلك أيضا زيادة الثواب فإن ثواب الواجب أعظم من ثواب التطوع لقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: "وما تقرب إلي المتقربون
1 هو المقرئ المحدث الفقيه الحنبلي أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث التميمي البغدادي [396 – 488هـ] من مصنفاته في الفقه "شرح الإرشاد" لابن أبي موسى و"الخصال والأقسام" انظر طبقات الحنابلة "2/203" والذيل على طبقات الحنابلة "1/37 – 85" وشذرات الذهب "5/380" والبداية والنهاية "12/150".
بمثل أداء ما افترضت عليهم" 1.
ومنها: لو أدى عن خمس من الإبل بعيرا وقلنا بالإجزاء فهل كله واجب أو خمسه الواجب حكى أبو يعلى الصغير فيه وجهين ينبنى عليهما هل يجزىء عن عشرين بعيرا أيضا أم لا إن قلنا خمسه الواجب أجزأ عن عشرين بعيرا وإن قلنا الكل واجب لا يجزىء عن عشرين بعيرا إلا أربعة أبقرة.
قلت: وينبنى عليهما لو اقتضى الحال الرجوع بكله أو خمسه فإن قلنا الجميع واجب رجع وإن قلنا الواجب الخمس والزائد تطوع فيرجع بالواجب لا بالتطوع.
ومما ينبغى أن ينبنى عليه أيضا النية فإن الجميع فرضا فلا بد أن ينوى الجميع الزكاة أو الصدقة المفروضة وإن قلنا الواجب الخمس كفاه الاقتصار عليه في النية.
ومنها: إذا أخرج في الزكاة شيئا أغلى من الواجب فهل كله فرض أو بعضه تطوع قال أبو الخطاب كله فرض.
قلت: هو مخالف لقاعدته وقال القاضى بعضه تطوع.
قال شيخنا وهو الصواب لأن الشارع أعطاه جبرانا عن الزيادة.
ومنها: إذا مسح رأسه كله دفعة واحدة وقلنا الفرض منه قدر الناصية فالواجب هو الفرض والزائد نفل خرجه بعضهم على القاعدة.
وقد يقال إن وقع دفعة واحدة فيتخرج على القاعدة وإن كان مترتبا
1 الحديث في صحيح البخاري باللفظ التالي: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصربه ويده التي يبطش بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته" كتاب الرفاق رقم: "6502" ورواه أحمد عن عائشة بلفظ آخر جاء فيه: "وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء الفرائض" المسند رقم: "26183".
فالزائد نفل ليس إلا.
ومنها: إذا أدرك الإمام في الركوع بعد فوات قدر الإجزاء منه هل يكون مدركا له في الفريضة أم لا؟
ظاهر كلام القاضى وابن عقيل تخريجها على الوجهين إذا قلنا لا يصح اقتداء المفترض بالمنتفل.
قال ابن عقيل ويحتمل أن تجرى الزيادة مجرى الواجب في باب الاتباع خاصة إذ الاتباع قد يسقط الواجب كما في المسبوق ومصلى الجمعة تطوعا من امرأة وعبد ومسافر.
ومنها: ما ذكره بعض المتأخرين أنه إذا أوصى ببدنه من وجب عليه سبعها أو من وجب عليه شاة إن قلنا إن الزائد يكون نفلا حسب من الثلث وإن جعلناه واجبا فيكون كما لو أوصى بالعتق في كفارة مخيرة هل تحسب من رأس المال أو من الثلث وفي المسألة وجهان لنا تقدما في قاعدة الواجب المخير.
قلت: إن قلنا إن الزائد يكون نفلا لا شك أنه يحسب من الثلث وكذا إذا قلنا يكون واجبا ولا يتجه تخريجه على مسألة الكفارة لأنه في مسألة الكفارة أوصى بما هو واجب عليه وفي مسألتنا هذه أوصى بما ليس بواجب.