الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة 63
إذا بطل الخصوص هل يبطل العموم؟
في ذلك خلاف بين العلماء وينبني على ذلك مسائل:
منها: إذا نسخ الوجوب فيبقى الجواز قال صاحب التلخيص: هذا هو الأصح عند أصحابنا وحكى عن الحنفية وقاله الإمام فخر الدين والجمهور.
ومرادهم ببقاء الجواز والتخيير بين فعله وتركه.
وقال ابن برهان وأبو المطلب والغزالي وجزم به التميمي عن أحمد لا يبقى دليلا على الجواز بل يرجع الأمر إلى ما كان قبل الوجوب من البراءة الأصلية أو الإباحة أو التحريم وصار الوجوب بالنسخ كأن لم يكن وحينئذ فيكون الخلاف بين الطائفتين معنويا خلافا لما ادعاه التلمساني.
وصورة المسألة أن يقول: الشارع نسخت الوجوب أو نسخت تحريم الترك أو رفعت ذلك فأما إذا نسخ الوجوب بالتحريم أو قال رفعت جميع ما دل عليه الأمر السابق من جواز الفعل أو امتناع الترك فيثبت التحريم قطعا.
ومنها: القراءة الشاذة هل تنزل منزلة الخبر في الاحتجاج أم لا؟ وفي ذلك مذهبان تقدما.
ومنها: إذا ظن دخول وقت صلاة فريضة فأحرم بفرض فبان قبل وقته لا يجزئه عن الفرض جزما وهل ينعقد نقلا أم لا؟
في المسألة روايتان:
المذهب أنها لا تنعقد نقلا وكذلك لو ظن أن عليه فريضة فائتة فأحرم بها فلم يكن في المسألة الروايتان والمذهب الانعقاد أيضا.
وأما إذا كان عالما فلا تنعقد فرضا جزما وفي انعقادها نقلا وجهان المذهب لا تنعقد.
ومنها: إذا قلنا التيمم لا يرفع الحدث وإنما يبيح الصلاة فإنه يبطل بخروج وقت الصلاة فلو نوى بتيممه إقامة فرضين قال أبو المعالي بن منجا ففي صحة تيممه وجهان:
احدهما لا يصح أصلا ولا يصلح لفريضة واحدة.
والثاني: يصلح لفريضة واحدة وهذا يقرب من الخلاف في المتوضئ إذا بوضوئه إقامة صلاة واحدة دون غيرها ففي صحة الوضوء وجهان.
ومنها: إذا نوى المتيمم رفع الحدث وقلنا على المذهب التيمم ففي صحة تيممه وجهان لأن نية الرفع تستلزم الإباحة وصحح طائفة الصحة.
ولو تيمم بفريضة قبل وقتها قال أصحابنا لا يصح تيممه بناء على أن التيمم يبيح لا يرفع ويتخرج لنا وجه بصحة تيممه للنقل كما قلنا إذا أحرم فرض فبان قبل وقته أنه يصير نقلا على رواية.
ومنها: لو أحرم بفرض ثم نقله تطوعا هل يبطل أم لا؟
قال القاضي في الجامع الكبير: تخرج المسألة على روايتين.
إحداهما: يبطل وهو ظاهر كلام أحمد في رواية اسحق بن هانئ في الرجل قوم في الصلاة فإذا أراد أن يركع ينوي التطوع فقال إذا فرض صلاة لم يحولها إلى غيرها فقد منعه من الخروج منها فاقتضى ذلك بطلانها.
والثانية: لا يبطل وأصل ذلك ما نص عليه أحمد في رواية الجماعة إذا ذكر أن عليه صلاة وهو في الصلاة والوقت واسع لها يتمها وتكون نافلة
ويقضي الفائتة ثم يصلى صلاة الوقت فلم يحكم ببطلانها من أصلها بل جعلها نافلة في حقه.
وبيان تخريج هذه المسألة على القاعدة أن نية الفرض تشتمل على نية الصلاة من حيث الجملة وخصوص الفرض فإذا بطل خصوص الفرض بقى أصل نية الصلاة كما لو أحرم فظن أن الوقت قد دخل فبان لم يدخل كما تقدم.
ومن نص الرواية الأولى هنا أجاب عن قياس هذه المسألة على المسألة التي قبلها لأنه إنما صح في الأولى لأنه أحرم بالفريضة قبل وقتها فانعقدت من أصلها نافذة فلهذا صح أن يتمها بتلك النية وههنا انعقدت فريضة فلم يصح أن يكملها نافذة.
ومحل هذا الكلام إذا نقل الفرض إلى النفل لغير غرض صحيح أما إذا كان لغرض صحيح مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة فإن المذهب الصحيح أنه يصح لأنه إكمال في المعنى.
قال صاحب المحرر وغيره كنقض المسجد للإصلاح ما شبه بما إذا أحرم بفرض في غير وقته هل ينقلب نفلا أم لا؟
مسائل في الصلاة فتعطى حكمها:
منها: إذا قلنا لا تصح الفريضة في الكعبة فصلى الفرض فيها.
ومنها: لو ائتم بصبي في الفرض وقلنا لا تصح إمامته في الفرض.
ومنها: إذا كبر لإحرام الفريضة قاعدة أو راكعا وكان قادرا على القيام.
وفي المسألة ثلاثة أوجه:
أحدها تنعقد نفلا في الصورتين واختاره جماعة.
والثاني: لا تنعقد فيهما.
والثالث: تنعقد إذا كبر قاعدا ولا تنعقد إذا كبر راكعا لأن الصلاة لها حالتان إما قيام وإما قعود وليس لنا صلاة في حالة الركوع.
ومنها: إذا قلنا لا تصح صلاة الفذ فأحرم بفرض فذا ففي انعقاده نفلا وجهان.
ومنها: حيث قلنا تبطل الجمعة بخروج الوقت أو نقصان العدد ونحو ذلك فهل تنقلب ظهرا أو يستأنفونها ظهرا لنا في ذلك وجهان.
وعلى قولنا يستأنفون ظهرا فإنها تنقلب ظهرا ذكره صاحب التلخيص في المزحوم وذكره صاحب المغنى أيضا فيما إذا صلى الإمام قبل الزوال فأدرك المأموم معه أقل من ركعة وتتوجه التعدية إلى جميع الصور إذ لا فرق.
وقد يخرج لنا قول إذا قلنا بالاستئناف أنها لا تنعقد نافلة أيضا بناء على قولنا بعدم الصحة إذا أحرم بالصلاة على صفة ولم يصح الإحرام على تلك الصفة.
وعلى قولنا تنقلب ظهرا أبطلنا خصوص الجمعة إلى فرض آخر وهو الظهر ولم نبطله إلى العموم مطلقا وهي النافلة وهي درجة متوسطة والله أعلم.
ومن مسائل إذا بطل الخصوص هل يبقى العموم أم لا؟
إذا ظن رب المال أن عليه زكاة فأخرجها ثم بان أن لا شيء عليه لم يرجع بها على المسكين لوقوعها نفلا قال القاضي1: وذكره أبو البركات محل وفاق.
قلت ويتخرج لنا قول بالرجوع من مسألة ما إذا عجل الزكاة فدفعها إلى الفقير ثم بان المعجل غير زكاة بأن هلك المال فإنه هل يرجع على الفقير أم لا حكى طائفة من الأصحاب وجهين وحكى القاضي أبو الحسين وغيره روايتين والمذهب عن القاضي أبي يعلى وأبي البركات وغيرهما عدم الرجوع وعلى عدم الرجوع فلا فرق بين أن يكون الدافع رب المال أو وليه
1 كذا في الأصل ولعل الصواب: [قاله القاضي] وذكره أبو البركات لأن أبا البركات تيمية متأخر عن القاضي أبي يعلى بن الفراء.
وسواء كان الدفع إلى الإمام أو إلى الفقير.
هذا إذا قبضها الفقير أما إذا دفعها إلى الساعي ولم يدفعها الساعي إلى الفقير فإن المالك يرجع إلى الساعي بالاتفاق قاله أبو الوفاء ابن عقيل في الفصول وأبو البركات في منتهى الغاية.
قال ابن تميم وقطع به بعض أصحابنا لأن قبض الساعي للفقراء إنما هو في الصدقة الواجبة فأما النافذة فلرب المال ويكون وكيله في إخراجها لأنه ليس له ولاية أخذها وقبضه للمعجلة موقوف بأن الوجوب قيده للفقراء وإلا قيده للمالك وعلى عدم الرجوع سواء أعلمه أنها زكاة معجلة أم لا وسواء كان الدفع إلى الإمام أو الفقراء وسواء كان الدافع لها رب المال أو وليه هذا المذهب.
وقال ابن حامد إن دفعها رب المال إلى الفقير رجع عليه إن أعلمه أنها زكاة معجلة وإن دفعها إلى الإمام أو دفعها وليه رجع مطلقا.
قال ابن تميم ومن أخرج زكاة على وجه لا يجزئ أو بان الآخذ غنيا فالحكم في الرجوع كالمعجلة وذكره غيره أيضا.
وذكر ابن تميم أيضا في موقع آخر ما ذكره غيره أنه يرجع على الغني بها أو بقيمتها إذا أعلمه أنها زكاة رواية واحدة.
قلت وجزم غير واحد بالرجوع إذا دفع الزكاة على وجه لا تجزئ والله أعلم.
ومنها: الإحرام بالحج قبل اشره مكروه نقله ابن منصور وقال القاضي: أراد كراهة التنزيه ويصح ونقل أبو طالب وسندي1 يلزمه الحج إلا أن يريد فسخه بعمرة فلذلك قال القاضي: بناء على أصله في فسخ الحج إلى العمرة.
وعن أحمد رواية أخرى يبطل خصوص إحرامه بالحج ويبقى عموم
1 هو أبو بكر سندي الخواتيمي البغدادي كان ملازما للإمام أحمد وروى عنه عدة مسائل انظر طبقات الحنابلة "1/170 – 171".
الإحرام للعمرة واختارها الآجري وابن حامد ولعل هذه الرواية مبنية على الرواية التي ذكرها ابن شهاب العكبري1 أن الإحرام بالحج قبل أشهره لا يجوز.
ومنها: لو أشار إلى حيوان معيب عيبا مانعا من الأضحية فقال جعلت هذا أضحية أو نذرا لتضحية به ابتداء فإن ذلك لا يكون أضحية ويكون شاة لحم منذورة إلغاء لخصوص الأضحية وبقاء لعموم النذر ذكره صاحب المغنى والتلخيص وغيرهما واقتضى كلامهم أنها شاة لحم منذورة فإنها تذبح أي وقت كان.
وقد يقال أنه يختص ذبحها بيوم النحر وتجري مجرى الضحايا في المصرف لأنه أوجبها باسم الأضحية وقد بطل البعض لمعنى فيثبت باقي الأحكام فإنه لا محل لكلامه غيره.
ومنها: إذا أحال المشتري البائع بثمن المبيع فلم يقبض حتى فسخ البيع بعيب أو خيار أو غيره بطلت الحوالة في أحد الوجهين.
فلو تبين البائع الثمن فهل يقع عن المشتري أم لا؟ في المسألة احتمالات ذكرها صاحب التلخيص.
ومنها: إذا كان لرجل سلم وعليه سلم من جنسه فقال لغريمه اقبض سلمى لنفسك ففعل لم يصح قبضه لنفسه وهل يقبضه للآمر في المسألة وجهان.
ومنها: إذا وكله في بيع فاسد أو شراء فاسد لم يصر وكيلا في صحيح هكذا جزم من وقفت على كلامه فإن أراد بهذا إذا قال بع أو اشتر وقت النداء أو بع السلاح لأهل الحرب أو في الفتنة ونحو ذلك من الصور فقد يقال يملك الصحيح ويلغو الفاسد وله نظائر في النظر والصلاة وإن أرادوا بيع الخمر وشراءه فلا والله أعلم.
ومنها: إذا نذر صوم يوم العيد صح نذره ولزمه يوم آخر في الروايتين
1 هو الحسن بن شهاب [335 – 420هـ] ومن مصنفاته في هذا الباب "رسالة في أصول الفقه" مطبوع بيروت "1992" تح موفق بن عبد الله بن عبد القادر.
كما لو قال لله على صوم بناء على بقاء العموم وإلغاء الخصوص ونصر هذه الرواية القاضي وأصحابه في كتب الخلاف.
والرواية الثانية: عن الإمام أحمد لا يلزمه صوم إلغاء للعموم أيضا وعلى الروايتين هل يلزمه كفارة على روايتين.
ونذر صوم أيام التشريق إن لم يجز صومها عن الفرض فهو كنذر صوم يوم العيد وإن جاز فهو كنذر سائر الأيام ذكره غير واحد وقال أبو البركات ويتخرج أن يكون كنذر العيد أيضا.
ولو نذر صلاة في وقت نهى إن قلنا يفعل المنذورة وقت النهي انعقد نذره وفعلها فيه. وقال أبو العباس: لا يجوز هذا النذر ولم يذكرها بفعلها غير وقت نهي كنذر صوم يوم العيد أولا ولكن ذكر ابن عقيلل في الفصول أنه يفعلها غير وقت نهي كنذر صوم العيد.
ومنها: لا يجوز للمريض الخائف من الصوم التلف الصوم ذكره في الانتصار وعيون الم والرعاية وغيرها فإذا نذره حال مرضه انعقد نذره موجبا للصوم إذا برأ ذكروه في كتب الخلاف محل وفاق.
ومنها: إذا نذر صوم يوم الليل لا ينعقد نذره ذكره طائفة في كتب الخلاف محل وفاق وفرقوا بينه وبين العيد بأن الليل ليس من جنس الزمان القابل للصوم.
ومنها: لو نذرت المرأة صوم يوم الحيض بمفرده أو نذر المكلف صوم يوم أكل فيه فإنه لا ينعقد نذره ذكره طائفة من الأصحاب في كتب الخلاف محل وفاق وفرقوا بينه وبين العيد أن الحيض والأكل منافيا للصوم لمعنى فيهما والعيد ليس منافيا للصوم لمعنى فيه وإنما المعنى في غيره وهو كونه في ضيافة الله تعالى.
ومنها: لو نذر صوم نصف يوم لزمه يوم كامل ذكره أبو البركات قياس المذهب.
ومنها: لو نذر الطواف على أربع لغا خصوص الطواف على الهيئة
المنهي عنها ولزمه الطواف على الوجه المشروع وهل هو طواف أو طوافان في المسألة روايتان المذهب أنه طوافان وفي الكفارة وجهان وذكر طائفة من الأصحاب أن نذر السعي على أربع مثله.
وقياس المذهب في المسألة المذكورة لو أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد نذره بحجتين أو عمرتين يفعل إحداهما بعد الأخرى ولكن الذي جزم به الأصحاب أنه ينعقد إحرامه بإحداهما.
ومنها: لو نذر العبادة على وجه فهي عنه كنذره الصلاة عريانا أو في مكان منهي عنه والحج حافيا حاسرا والمرأة تحج حاسرة فقياس المذهب الوفاء بالطاعة على الوجه المشروع إلغاء لتلك الصفة ويخرج في الكفارة وجهان ولكن نقل المرودي عن الإمام أحمد فيمن نذر أن يقرأ عند قبر ابنه يكفر يمينه ولا يقرأ.
ومنها: لو وقف على مسجد قنديل ذهب أو فضة لم يجز وبطل خصوص الوقف.
وهل يبطل عموم الصدقة به على المسجد في المسألة قولان:
أحدهما واختاره جماعة بطلان الوقف وبقاء الموقوف على ملك مالكه.
والثاني: واختاره أبو محمد المقدسي أنه يزول ملك الواقف عنه ويكسر ويصرف في مصالح المسجد وعمارته.
وذكر أبو العباس إذا وقف قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم يصرف لجيرانه صلى الله عليه وسلم قيمته.
وقال في موضع آخر النذر للقبور هو للمصالح ما لم يعلم ربه وفي الكفارة خلاف وأن من الحسن صرفه في نظيره من المشروع.
ومنها: لو أعتق عن كفارته عبدا لا يجزئ في الكفارة فإنه ينفذ أعتاقه ولا يجزئه عن الكفارة ذكره صاحب المغنى.
ومنها: إذا نظر المشي إلى بيت الله الحرام لزمه إتيانه حاجا أو معتمرا ذكره الأصحاب فإن نذر إتيانه لا حاجا ولا معتمرا لزمه إتيانه حاجا أو معتمرا ذكره القاضي أبو الحسين.