الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة 4
في المغمى عليه هل هو مكلف أم لا؟
قال الإمام أحمد وقد سئل عن المجنون يفيق يقضى ما فاته من الصوم؟ فقال المجنون غير المغمى عليه فقيل له لان المجنون رفع عنه القلم قال نعم.
قال القاضى فأسقط القضاء عن المجنون وجعل العلة فيه رفع القلم فاقتضى أنه غير مرفوع عن المغمى عليه وهذا أشبه بأصلنا حيث أوجبنا الصوم على الحائض مع استحالة الفعل منها بمعنى ثبوت الوجوب في الذمة انتهى.
قلت: المغمى عليه يتردد بين النائم والمجنون فبالنظر إلى كون عقله لم يزل بل ستره الإغماء فهو كالنائم ولهذا قيل انه إذا شمم البنج1 أفاق وبالنظر إلى كونه إذا نبه لم ينتبه يشبه المجنون وكذلك اختلفوا في الأحكام المتعلقة به فتارة يلحقونه بالنائم وتارة بالمجنون والأظهر إلحاقه بالنائم والله أعلم.
إذا تقرر هذا فهنا مسائل تتعلق به.
منها: قضاء الصلاة والمنصوص عن الإمام أحمد في رواية صالح وابن منصور وأبى طالب وبكر بن محمد2 لزوم القضاء إلحاقا له بالنائم ولنا قول لا قضاء عليه إلحاقا له بالمجنون.
1 البنج: ضرب من النبات يستعمل للتخدير.
2 هو أبو أحمد بكر بن محمد بن الحكم النسائي الأصل البغدادي صحب الإمام أحمد وروى عنه الكثير من المسائل انظر طبقات الحنابلة "1/119".
ومنها: إذا نوى الصوم ليلا ثم أغمى عليه جميع النهار لم يصح صومه وفي المستوعب خرج بعض أصحابنا من رواية صحة صوم رمضان بنية واحدة في أنه لا يقضى من أغمى عليه أياما بعد نيته المذكورة وإذا لم يصح الصوم لزمه قضاؤه في أصح القولين.
وهذا مشكل فإنه إن الحق بالنائم فإنه يصح صومه ولا يلزمه قضاء وان ألحق بالمجنون فإنه لا يلزمه قضاء.
ومنها: لو باع شيئا أو اشتراه فأغمى عليه في المجلس.
قال أبو محمد المقدسي قام أبوه أو وصيه أو الحاكم مقامه وجعله كالمجنون.
وقال في الرهن لو أغمى على الراهن قبل التسليم لم يكن للمرتهن قبض الرهن وليس لاحد تقبيضه لأنه لا ولاية عليه وهذا تناقض وكذلك قال الأصحاب في الفرق بينه وبين المجنون في قضاء الصلاة لأن المجنون تثبت عليه الولاية والمغمى عليه لا تثبت عليه الولاية.
وجزم من وقفت على كلامه من الأصحاب بأن الوكالة لا تبطل بالإغماء وحكى مع حكاية بعضهم الخلاف في المجنون وأن المذهب أن الوكالة تبطل بالجنون.
وحكى بعض المتأخرين قولا في كتاب القضاء أنه إذا أفاق المجنون أو من أغمى عليه وقلنا ينعزل بالإغماء فولايته باقية فهذا يقتضى حكاية خلاف في انعزاله عن ولاية القضاء فالوكالة كذلك.
ومنها: إذا حصل بعرفة مغمى عليه هل يجزيه عن الوقوف؟
المذهب أنه لا يجزيه إلحاقا له بالمجنون وعزى إلى نص أحمد ونقل بعضهم أن أحمد توقف في هذه المسألة وقال الحسن1 يقول بطل حجه وعطاء2 رخص فيه وحكى لنا قول بالإجزاء كالنائم على الصحيح.
1 هو التابعي الجليل أبو سعيد الحسن بن يسار الأنصاري البصري [ت 110هـ] .
2 هو التابعي الإمام مفتي الحرم أبو محمد عطاء بن أسلم أبي رباح المكي [ت 115هـ] .
ومنها: إذا أوجب العقد في النكاح ثم أغمى عليه قبل أن يقبل الزواج أو وجد في عقد البيع أو في الشركة فهل يبطل حكم الإيجاب كالجنون.
قال القاضى في الجامع قياس المذهب أنه لا يبطل لأن أحمد أوجب عليه قضاء الصلاة كالنائم ولم يجعله كالمجنون في إسقاط القضاء وجزم في الكافي1 بأنه يبطل حكم الإيجاب بالجنون والإغماء في النكاح وقاسه على البيع.
ومنها: أن الإغماء لا يبطل به الإحرام بالحج هذا المعروف في المذهب وفي الجنون وجهان وأطلق ابن عقيل في بطلانه بجنون أو إغماء وجهين.
1 تمامه: "الكافي في فقه الإمام أحمد" لموفق الدين بن قدامة المقدسي طبع بتحقيق: سليم يوسف وسعيد محمد اللحام بيروت "1992 – 1994".