الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنني أطمع أن يعقتد القارئ بعد وقوفه على ما تقدم، أن مبدأ تعدد الزوجات أمر طيب، وأن حب الأسرة، وحسن الأدب، وجميل الطبائع أكثر نمواً في الأمم القائلة به مما في غيرها على العموم، وأن الاسلام حسن حال المرأة كثيراً، وأنه أول دين رفع شأنها، وأن المرأة في الشرق أكثر احتراماً وثقافة وسعادة منها في أوروبة على العموم ص (503).
وقال هملتن من علماء الانجليز:
إن أحكام الاسلام في شأن المرأة صريحة في وفرة العناية بوقايتها من كل ما يؤذيها ويشين سمعتها، (الاسلام والحضارة العربية: 1/ 91).
الملاحق -
رأي زعيمة الحركة النسائية في الشرق في نصيب الأنثى من الميراث
نشرت مجلة "الفتح" القاهرية في عددها الصادر في 22 رجب 1347هـ 3 يناير 1929م ص 452 ما يلي:
علم القراء مما نشرناه في العدد الماضي أن سلامة موسى خطب في جمعية الشبان المسيحية في أمر لا علاقة له به كما أنه لا علاقة لجمعية الشبان المسيحيين به أيضاً، وهو التعرض للمرأة المسلمة وحجابها وسفورها، وما عينه لها القرآن الكريم من نصيب في الميراث، فتدخل هؤلاء الفضوليون في أمر لا يعنيهم، وظنوا أن المرأة المسلمة اذا تطرفت في بعض الشؤون ممكن اتخاذها أداة للسعي في هدم دينها، فوجه هؤلاء الفضوليون همهم لتحريض السيدة هدى شعراوي على مطالبة حكومة مصر الاسلامية بالعدوان على حكم الله في القرآن فيما يتعلق بنصيب المرأة في الميراث.
ولم يكتف القوم بذلك بل أرسلوا رسالة خصوصية الى هدى هانم شعراوي يحرضونها على هذا العدوان.
وقد أرادت هدى هانم أن تفهمهم أنها مهما بلغ بها الأمر في المساعي النسوية فإنها لم تصل الى حد أن ترضى لنفسها بأن تكون آلة لخداع هؤلاء الزعانف، ولذلك ألقمت سلامة موسى وجماعته حجراً بما نشرته في الصفحة
الأولى من جريدة الاهرام صباح يوم الجمعة الماضي، قالت:
دعاني الاستاذ الفاضل سلامة أفندي موسى في كتاب أرسله إلي بناء على اقتراح وجه اليه، أن أطلب الى وزارة الحقانية (العدل) سن قانون يساوي بين المرأة والرجل في حق الميراث، وأرفق خطابه بملخص محاضرة ألقاها بدار جمعية الشبان المسيحية عن نهضة المرأة في مصر ونشرت بجريدة المقطم في يوم 23 ديسمبر الماضي (من عام 1928).
يهمني أن أبلغ حضرة الأستاذ ومن حضروا خطبته أني في خدمتي لهذه النهضة أؤدي واجباً معهوداً الي من جمعية الاتحاد النسائي التي شرفتني برئاستها، ولما كان نصيب المرأة في الميراث ليس من المسائل الداخلة في برامجها فليس لي أن أتدخل في هذا الموضوع لا بإقرار الحالة الحاضرة ولا بتعديلها.
وإن كان ولا بد من ابداء رأيي في هذا الموضوع فأقول بصفتي الشخصية إني لست من الموافقين على رأي الأستاذ الخطيب (سلامه موسى) فيما يتعلق بتعديل نصيب المرأة في الميراث، ولا أظن مثله أن النهضة النسوية في هذه البلاد لتأثرها بالحركة النسوية بأوروبا يجب أن تتبعها في كل مظهر من مظاهرها، وذلك لأن لكل بلد تشريعه وتقاليده، وليس كل ما يصلح في بعضها يصلح في البعض الآخر.
على أننا لم نلاحظ تذمراً من المرأة أو شكوى من عدم مساواتها للرجل في الميراث، والظاهر أن اقتناعها بما قسم لها من نصيب، ناشيء من أن الشريعة عوضتها مقابل ذلك بتكليف الزوج بالانفاق عليها وعلى أولادها، كما منحتها حق التصرف في أموالها.
أما القول بأن عدم المساواة في الميراث من دواعي إحجام كثير من الشبان عن الزواج في الشرق فغير وجيه، لأننا نشاهد في أوروبا انتشار هذا الداء (الاعراض عن الزواج) في عصرنا الحالي انتشاراً أشد خطورة منه في الشرق، بالرغم من أن المرأة الأوروبية ترث بمقدار ما يرث الرجل، فضلاً عن أنها ملزمة بدفع المهر، ومكلفة بالتخلي عن إدارة أموالها لزوجها.
ولو سلمنا بنظرية الأستاذ سلامة موسى وجاريناه في طلب تشريع جديد فهل لا يخشى أن يؤدي الى اسقاط الواجبات الملقاة على عاتق الزوج نحو
زوجته وأولاده بالزام الزوجة بالاشتراك في الصرف، وفي ذلك ما فيه من حرمان يعود بالشقاء والبؤس على الزوجات الفقيرات اللاتي لم ينلن ميراثاً من ذويهن؟ .. وهذه الطبقة تشمل أغلبية الزوجات ولا يخفى ما هنّ عليه من جهل وأمية لا تسمحان لهن بمقاومة هذا الشقاء أو تلطيفه، بخلاف مثيلاتهن في الفقر بأوروبا لأن التعليم هناك يشمل الطبقات.
نرى الغربية أكثر حظاً منها لأنها تظهر لنا حائزة لقسط كبير من الحرية المدنية المساوية للرجل، بيد أنها أقل حظاً من أختها الشرقية في الحرية الاقتصادية، فبينما الشرقية غير المتساوية بالرجل في حق الميراث، تتمتع بكافة أنواع الاستقلال في إدارة أعمالها وأموالها، نجد الغربية المساوية لأخيها في الميراث، محرومة من هذه النعم، إذ لا يمكنها أن تنفق أي مبلغ من مالها ولا أن تتعاقد مع الغير، ولا أن تحترف حرفة، دون تصديق زوجها وموافقته، لذلك نراها ثائرة في جميع بلدان أوروبا على تلك القيود التي تحول بينها وبين الحرية الحقيقية والاستقلال الذين تتمتع بهما المرأة الشرقية منذ عصور طويلة.
ثم قالت:
إن أهم ما يشغلها اليوم في الوصول بالمرأة الى المركز اللائق بها ليس هو السعي في تغيير القوانين، أو قلب الشريعة، فلله الحمد لم نجد في هذه ولا تلك من الأحكام ما يحملنا على التذمر والشكوي، بل كل ما نسعى اليه هو حسن تطبيق هذه القوانين بما يطابق غرض الشارع وحكمه، اهـ.
وقد علقت مجلة "الفتح" على هذا البيان فقالت:
في هذا البيان من هدى هانم شعراوي أمور يحسن الاشارة إليها:
منها: أن الاتحاد النسوي يطالب بتحسين حالة المرأة وفقاً لأحكام الشرع الاسلامي، ولا يعمل قط عملاً يخرج عن أحكام الشريعة الغراء، فإذا احتُرمت هذه القاعدة أمكن من السهل التفاهم مع المتقيدين بها والاحتكام الى الشريعة في أي مطلب منهم يلوح أن فيه شذوذاً عن أحكامها.
وفي هذا البيان اعلان أن المرأة المسلمة أحسن حالاً من المرأة الاوروبية فيما خولتها الشريعة الاسلامية من حق التصرف بما تملك، بينما المرأة الاوروبية مقيدة بارادة زوجها.