الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما التعصب فهو هذا الذي ما يزالوا يتوارثونه جيلاً بعد جيل ضد الاسلام ونبيه وقرآنه.
حين كنت في دبلن (ارلندا) عام 1956 زرت مؤسسة الآباء اليسوعيين فيها، وجرى حديث طويل بيني وبين الأب المدير لها، وكان مما قلته له:
لماذا تحملون على الاسلام ونبيه وبخاصة في كتبكم المدرسية بما لا يصح أن يقال في مثل هذا العصر الذي تعارفت فيه الشعوب والتقت الثقافات؟
فأجابني: نحن الغربيين لا نستطيع أن نحترم رجلاً تزوج تسع نساء! ..
قلت له: هل تحترمون نبي الله داود، ونبيه سليمان؟
قال: بلى! وهما عندنا من أنبياء التوراة!
قلت: إن نبي الله داود كان له تسع وتسعون زوجة! كملهن بمائة بالزواج من زوجة قائدة أوريا كما هو معلوم "ونبي الله سليمان كانت له - كما جاء في التوراة - سبعمائة زوجة من الحرائر، وثلاثمائة من الجواري وكن أجمل أهل زمانهن، فلم يستحق احترامكم من يتزوج ألف امرأة، ولا يستحق من يتزوج تسعاً؟ لماذا لا يستحق احترامكم من تزوج تسعاً، ثمانية منهن ثيبات، وأمهات، وبعضهن عجائز، والتاسعة هي الفتاة البكر الوحيدة التي تزوجها طيلة عمره؟
فسكت قليلاً وقال: لقد أخطأت التعبير أنا أقصد أننا نحن الغربيين لا نستسيغ الزواج بأكثر من امرأة، ويبدوا لنا أن من يعدد الزوجات غريب الأطوار، أو عارم الشهوة!
قلت: فما تقولون في داود وسليمان وبقية أنبياء بني اسرائيل الذين كانوا جميعاً معددين للزوجات بدءً من ابراهيم عليه السلام؟
فسكت ولم يحر جواباً
…
في الأحوال الشخصية - في تعدّد الزوجات -
تشريع التعدد في القرآن
جاء في القرآن الكريم في أول سورة النساء {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا} [النساء: 03].
وجاء في السورة نفسها: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو
حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً} [النساء: 129].
تفيد هاتان الآياتان بمجموعهما كما فهمها جمهور المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين وعصور الاجتهاد فما بعدها: الاحكام التالية:
1 -
اباحة تعدد الزوجات حتى الأربع، فلفظ "انكحوا" وإن كان لفظ أمر إلا أنه هنا للاباحة لا للايجاب، وعلى ذلك جمهور المجتهدين في مختلف العصور لا نعلم في ذلك خلافاً.
ولا عبرة بمن خالف ذلك من أهل الأهواء والبدع فذهبوا الى أن الآية تفيد إباحة التعدد بأكثر من أربعةن وهذا ناشئ من جهلهم ببلاغة القرآن وأساليب البيان العربي، ومن جهلهم بالسنة كما قال القرطبي رحمه الله.
2 -
أن التعدد مشروط بالعدل بين الزوجات، فمن لم يتأكد من قدرته على العدل "لم يجز" له أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولو تزوج كان العقد صحيحا بالاجماع ولكنه يكون آثما.
وقد أجمع العلماء - وأيده تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله - أن المراد بالعدل المشروط هو العدل المادي في المسكن واللباس والطعام والشراب والمبيت وكل ما يتعلق بمعاملة الزوجات مما يمكن فيه العدل.
3 -
أفادت الآية الأولى اشتراط القدرة على الانفاق على الزوجة الثانية وأولادها، بناء على تفسير قوله تعالى {أن لا تعولوا} أن لا تكثر عيالكم، وهذا هو التفسير المأثور عن الشافعي رحمه الله.
قال البيهقي في "أحكام القرآن" الذي جمعه من كلام الشافعي رحمه الله في مصنفاته:
وقوله: "ألا تعولوا" أي لا يكثر من تعولون اذا اقتصر المرأة على واحدة، وإن أباح له أكثر منها" (ص 260).
وهذا يفيد ضمناً اشتراط القدرة على الانفاق لمن أراد التعدد، إلا أنه شرط ديانة لا قضاء.
4 -
وأفادت الآية الثانية أن العدل في الحب بين النساء غير مستطاع وأن على الزوج أن لا يميل عن الأولى كل الميل فيذرها كالمعلقة، لا هي مطلقة،