الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالسجن أو نحوه، والتعويض المالي يجب أن تراعى فيه - كما هو من مبادئه المقررة - الخسارة المالية قلة وكثرة. فهل خسارة الأسرة بالرجل كخسارتها بالمرأة؟
إن الأولاد الذين قتل أبوهم خطأ. والزوجة التي قتل زوجها خطأ، قد فقدوا معيلهم الذي كان يقوم بالانفاق عليهم والسعي في سبيل اعاشتهم.
أما الأولاد الذين قتلت أمهم خطأ، والزوج الذي قتلت زوجته خطأ، فهم لم يفقدوا فيها إلا ناحية معنوية لا يمكن أن يكون المال تعويضاً عنها.
إن الدية ليست تقديراً لقيمة الانسانية في القتيل، وإنما هي تقدير لقيمة الخسارة المادية التي لحقت أسرته بفقده، وهذا هو الأساس الذي لا يماري فيه أحد.
ومما يؤكد هذا المعنى أن قوانينا الحاضرة جعلت للدية حداً أعلى وحداً أدنى، وتركت للقاضي تقدير الدية بما لا يقل عن الأدنى ولا يزيد عن الأعلى، وما ذلك إلا لتفسح المجال لتقدير الاضرار التي لحقت بالأسرة من خسارتها بالقتيل، وهي تتفاوت بين كثير من الناس ممن يعملون ويكدحون، فكيف لا تتفاوت بين من يعمل وينفق على أسرته، وبين من لا يعمل ولا يكلف بالانفاق على أحد، بل كان ممن ينفق عليه؟
وأعود فأقول ان ذلك مرتبط أيضاً بفلسفة الاسلام في عدم تكليف المرأة بالكسب للانفاق على نفسها وعلى أولادها، رعاية لمصلحة الأسرة والمجتمع اما في المجتمعات التي تقوم فلسفتها على عدم اعفاء المرأة من العمل لتعيل نفسها وتسهم في الانفاق على بيتها واطفالها، فان من العدالة حينئذ أن تكون ديتها اذا قتلت معادلة على العموم لدية الرجل القتيل.
4 - رئاسة الدولة:
يحتم الاسلام أن تكون رئاسة الدولة العليا للرجل، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذا النص يقتصر المراد من الولاية فيه على الولاية العامة العليا، لأنه ورد حين أبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن الفرس ولوا للرئاسة عليهم احدى بنات كسرى بعد موته، ولأن الولاية باطلاقها ليست ممنوعة عن المرأة بالاجماع، بدليل اتفاق الفقهاء قاطبة على جواز أن تكون المرأة وصية على الصغار وناقصي الأهلية، وأن تكون وكيلة لأية جماعة من
الناس في تصريف أموالهم وإدارة مزارعهم وأن تكون شاهدة، والشهادة ولاية كما نص الفقهاء على ذلك، ولأن أبا حنيفة يجيز أن تتولى القضاء في بعض الحالات، والقضاء ولاية.
فنص الحديث كما نفهمه صريح في منع المرأة من رئاسة الدولة العليا، ويلحق بها ما كان بمعناها في خطورة المسؤولية.
أما توليها غير ذلك من الوظائف فهذا ما سنعرض له في آخر هذه الأبحاث.
وهذا أيضاً مما لا علاقة له بموقف الاسلام من انسانية المرأة وكرامتها وأهليتها، وإنما هو وثيق الصلة بمصلحة الأمة، وبحالة المرأة النفسية، ورسالتها الاجتماعية.
إن رئيس الدولة في الاسلام ليس صورة رمزية للزينة والتوقيع، وإنما هو قائد المجتمع ورأسه المفكر، ووجهه البارز، ولسانه الناطق، وله صلاحيات واسعة خطيرة الآثار والنتائج.
فهو الذي يعلن الحرب على الاعداء، ويقود جيش الأمة في ميادين الكفاح، ويقرر السلم والمهادنة، إن كانت المصلحة فيهما، أو الحرب والاستمرار فيها إن كانت المصلحة تقتضيها، وطبيعي أن يكون ذلك كله بعد استشارة أهل الحل والعقد في الأمة، عملا بقوله تعالى {وشاورهم في الأمر} ولكنه هو الذي يعلن قرارهم، ويرجح ما اختلفوا فيه، عملاً بقوله تعالى بعد ذلك:{فإذا عزمت فتوكل على الله} .
ورئيس الدولة في الاسلام يتولى خطابة الجمعة في المسجد الجامع، وإمامة الناس في الصلوات، والقضاء بين الناس في الخصومات، اذا اتسع وقته لذلك.
ومما لا ينكر أن هذه الوظائف الخطيرة لا تتفق مع تكوين المرأة النفسي والعاطفي، وبخاصة ما يتعلق بالحروب وقيادة الجيوش، فان ذلك يقتضي من قوة الاعصاب، وتغليب العقل على العاطفة، والشجاعة في خوض المعارك، ورؤية الدماء، ما نحمد الله على أن المرأة ليست كذلك وإلا فقدت الحياة أجمل ما فيها من رحمة ووداعة وحنان.
وكل ما يقال غير هذا لا يخلو من مكابرة بالأمر المحسوس، واذا