الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضع المرأة المسلمة عبر التاريخ
في عصور الازدهار:
على ضوء هذه المبادئ الاصلاحية الجذرية التي أعلنها الاسلام، قام في الدنيا لأول مرة مجتمع تحترم فيه المرأة كانسان كامل الأهلية وتلاقي من المجتمع الاحترام اللائق بها كزوجة وأم صانعة للأبطال والعظماء، وتصان سمعتها عن اللغط وأقاويل السوء، بعدم اختلاطها المشبوه مع الرجال إلا في أماكن العبادة، ومجالس العلم، ومعارك التحرير، وفي هذه الأماكن كانت لها مجالسها الخاصة بها، ولباسها المحتشم، ووقارها المتدين، فما كانت تتعلق بها الأعين، ولا تتطلع اليها النفوس، بل اذا كانت مرت تُغضُ الأبصار حياء، واذا جلست تنصرف الوجوه عنها احتراما، وإذا حاربت تخفق لها القلوب إبكاراً وتقديراً.
وتقررت مبادئ الاسلام نحوها في الفقه الاسلامي على اختلاف مذاهبه وأصبحت مبادئ مسلّماً بها في جميع العصور، لأنها مبادئ صريحة واضحة في كتاب الله، وسنة رسوله، وعمل الرسول وصحابته والتابعين من بعده.
في عصور الانحطاط:
ثم أتى على المرأة عصور متباينة من حيث الرعاية او الاهمال، نتيجة لتطور الحضارة الاسلامية، وعادات البلاد الاسلامية المتباينة، حتى انتهى الأمر بالمرأة في عصور الانحطاط إلى اهمالها اهمالاً تاماً، والتجاوز الواقعي على كثير من حقوقها، مما جعلها معطلة عن أداء رسالتها الاجتماعية التي حملها إياها الاسلام.
وينبغي أن نلاحظ أنه في هذه العصور المظلمة بقيت حقيقتان قائمتان:
أولاهما: أن حقوقها التي قررها الاسلام ظلت مقررة في كتب الفقهاء، برغم أن المجتمع لم يكن ينفذ منها كثيراً، وهذا عائد الى أن الحقوق التي
اكتسبتها، المرأة المسلمة في الاسلام لم تكن حقوقاً أوحت بها ظروف اجتماعية طارئة ثم زالت، وإنما كانت حقوقاً ثابتة جاء بها تشريع إلهي خالد لا يستطيع أحد مهما علا شأنه في المجتمع أن يناله بالتغيير والتبديل.
ثانيهما: إن عفتها وسمعتها العطرة وقيامها بواجبها الاسروي ظلت مستمرة خلال هذه العصور تقريباً، برغم جميع الاضطرابات والانحرافات التي أصابت المجتمع الاسلامي في عصور الانحطاط. وهذا ما جعل المرأة المسلمة محل غبطة شديدة، وتنويه كبير من الكتاب الغربيين الذين أخذوا منذ مطلع الاستعمار الغربي يتصلون بالمسلمين ويتحرون الحقائق عنهم.
ومن الحق أن نشهد بأن الأوساط غير الاسلامية في بلاد المسلمين استفادت من تقاليد المجتمع الاسلامي في صيانة عفة المرأة والابتعاد عن العبث بها سمعة مشرفة أيضاً، بالنسبة الى المرأة الغربية وإن كانتا تتبعان ديناً واحداً، وهذا ما نشاهده في الأسر المسيحية العريقة برغم ما أصابنا وأصابهم من عدوى التقاليد والأخلاق والعادات الغربية.