الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن المرأة المسلمة أحسن حالاً من المرأة الاوروبية من جهة أن الشريعة الاسلامية كلفت الزوج بالانفاق على الزوجة والأولاد.
وزعم محرضو المسلمين على مخالفة الاسلام أن التشريع الاسلامي الخاص بالميراث نشأ عنه إحجام كثير من الشبان عن الزواج، فقالت لهم السيدة التي يحرضونها: انكم كاذبون لأن الامتناع عن الزواج في أوروبا هو الفظيع، وأما عندنا فالأمر بخلاف ذلك.
الملاحق -
حول تعدد الزوجات
يقول المستشرق الفرنسي المسلم "ناصر الدين دينيه" في كتابه "محمد رسول الله":
"الواقع يشهد بأن تعدد الزوجات شيء ذائع في سائر أرجاء العالم، وسوف يظل موجوداً ما وجد العالم، مهما تشددت القوانين في تحريمه، ولكن المسألة الوحيدة هي معرفة ما إذا كان الأفضل أن يشرع هذا المبدأ ويحدد، أم أن يظل نوعاً من النفاق المتستر، لا شيء يقف أمامه ويحد من جماحه؟
وقد لاحظ جميع الرحالة الغربيين - ونخص بالذكر منهم "جيرال دي نيرفال" و "الليدي مورجان" أن تعدد الزوجات عند المسلمين - وهم يعترفون بهذا المبدأ - أقل انتشاراً منه عند المسيحيين الذين يزعمون أنهم يحرمون الزواج بأكثر من واحدة، وليس ذلك بالأمر الغريب على الفطرة البشرية، فالمسيحيون يجدون لذة الثمرة المحرمة عند خروجهم على مبدئهم في هذا.
ولكن: هل تعدد الزوجات حقيقة أمر يصح أن نعلق عليه كبير اهتمام في عصرنا هذا؟ إن مقتضيات الحياة الحديثة - ولندع جانباً كل الظروف الأخرى - تجعل من العسير جداً وجود تعدد الزوجات في المدن الكبيرة، وسوف يزول هذا الأمر بين المسلمين الذين يأخذون بأسباب الحضارة الحديثة خلال فترة قصيرة، واذا كان مبدأ التعدد سوف يبقى، فلن نجده مطبقاً إلا في قلب البادية، حيث تضطر الناس اليه ظروف الحياة التي لا مفر لها.
ومع ذلك فإننا نتساءل: هل في زوال تعدد الزوجات فائدة أخلاقية؟
إن هذا أمر مشكوك فيه، فالدعارة تندر في أكثر الأقطار الاسلامية وبغيره
سوف تتفشى فيها وتنشر آثارها المخربة. وكذلك سوف يظهر في بلاد الاسلام داء لم تعرفه من قبل، ذلك هو عزوبة النساء التي تنتشر بآثارها المفسدة في البلاد المقصور فيها الزواج على واحدة، وقد ظهر ذلك فيها بنسبة مفزعة، وخاصة عقب فترات الحروب".
ويقول هذا المستشرق المسلم نفسه في كتابه "أشعة خاصة بنور الاسلام":
لا يتمرد الاسلام على الطبيعة التي لا تغلب، وإنما هو يساير قوانينها ويزامل أزماتها، بخلاف ما تفعل الكنيسة من مغالطة الطبيعة ومصادمتها في كثير من شؤون الحياة، مثل ذلك الفرض الذي تفرضه على أبنائها الذين يتخذون الرهبنة، فهم لا يتزوجون وإنما يعيشون عزباء.
وعلى أن الاسلام لا يكفيه أن يساير الطبيعة وأن لا يتمرد عليها، وإنما هو يدخل على قوانينها ما يجعلها أكثر قبولاً وأسهل تطبيقاً، في اصلاح ونظام ورضا ميسور مشكور، حتى لقد سمي القرآن لذلك "بالهدي" لأنه المرشد الى أقوم مسالك الحياة، ولأنه الدال على أحسن مقاصد الخير.
والأمثلة العديدة لا تعوزنا، ولكنا نأخذ بأشهرها، وهو التساهل في تعدد الزوجات وهو الموضوع الذي صادف النقد الواسع، والذي جلب للاسلام في نظر أهل الغرب مثالب جمة، ومطاعن كبيرة.
ومما لا شك فيه أن التوحيد في الزوجة هو المثل الأعلى، ولكن ما العمل وهذا الأمر يعارض الطبيعة ويصادم الحقائق. بل هو الحال الذي يستحيل تنفيذه؟ لم يكن للاسلام أمام الأمر الواقع، وهو دين اليسر، إلا أن يستبين أقرب أنواع العلاج، فلا يحكم فيه حكماً قاطعاً. ولا يأمر به أمراً باتاً.
والذي فعله الاسلام أول كل شيء أنه أنقص عدد الزوجيات الشرعيات، وقد كان عند العرب الأقدمين مباحا دون قيد، ثم أشار بعد ذلك بالتوحيد في الزوجة، في قوله تعالى:{وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة} .
وأي رجل في الوجود يستطيع أن يعدل بين زوجاته المتعددات؟ ولذا كان التعدد بهذا الشرط مستحيل التنفيذ (1). ولكن انظر كيف وضعه الاسلام وضعاً هو غاية في الرقة والدقة واللطف مع الحكمة.
(1) قد بينا خطأ هذا الفهم فيما مضى من هذا الكتاب.
ثم انظر: هل حقيقي أن الديانة المسيحية بتقريرها الجبري لفردية الزوجة والتوحيد فيها وتشديدها في تطبيق ذلك، قد منعت تعدد الزوجات؟ وهل يستطيع شخص أن يقول ذلك دون أن يأخذ منه الضحك مأخذه؟ وإلا فهؤلاء ملوك فرنسا - ودع عنك الأفراد - الذين كانت لهم الزوجات المتعددة، والنساء الكثيرات، وفي الوقت نفسه لهم من الكنيسة كل تعظيم وإكرام.
إن تعدد الزوجات قانون طبيعي، وسيبقى ما بقي العالم! ولذلك فإن ما فعلته المسيحية، لم يأت الغرض الذي أرادته، فانعكست الآية معها، وصرنا نشهد الإغراء بجميع أنواعه، وكان مثلها في ذلك مثل الشجرة الملعونة التي حرمت ثمراتها فكان التحريم إغراء.
على أن نظرية التوحيد في الزوجة، وهي النظرية الآخذة بها المسيحية ظاهراً، تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هي "الدعارة" و "العوانس من النساء" و "الأبناء غير الشرعيين".
وإن هذه الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد التي طبقت فيها الشريعة الاسلامية تمام التطبيق، وإنما انتشرت فيها بعد الاحتكاك بالمدنية الغربية.
-
…
وتقول الكاتبة الايطالية "لورافيشيا فاغليري" استاذة اللغة العربية وتاريخ الحضارة الاسلامية في "نابولي" بايطاليا، في كتابها "دفاع عن الاسلام" ص 97:
"إنه لم يقم الدليل حتى الآن بأي طريقة مطلقة، على أن تعدد الزوجات هو بالضرورة شر اجتماعي وعقبة في طريق التقدم. ولكننا نؤثر أن لا نناقش المسألة على هذا الصعيد، وفي استطاعتنا أيضاً أن نصر على أنه في بعض مراحل التطور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها - كأن يقتل عدد من الذكور ضخم الى حد استثنائي في الحرب مثلاً - يصبح تعدد الزوجات ضرورة اجتماعية، وعلى أية حال فليس ينبغي أن نحكم على هذه الظاهرة بمفاهيم العصور القديمة المتأخرة، لأنها كانت في أيام محمد صلى الله عليه وسلم مقبولة قبولاً كاملاً، وكانت معترفا به من وجهة النظر الشرعية، لا بين العرب فحسب، بل بين كثير من شعوب المنطقة أيضاً.