الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوضع السياسي للمرأة في السابق
لم تكن المرأة العربية في صدر الإسلام - برغم ما أعطاها الاسلام من حقوق تتساوى مع الرجل فيها - تعنى بالشؤون السياسية، فلا نعلم أن المرأة اجتمعت مع الصحابة في سقيفة بني ساعدة إثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم للتشاور فيمن يختارونه خليفة لهم، ولا نعلم أنها كانت تشارك الرجال في هذا الشأن، ولا نعلم أن الخلفاء الراشدين - بصورة خاصة - كانوا يجمعون النساء لاستشارتهم في قضايا الدولة كما يفعلون ذلك مع الرجال، ولا نعلم في تاريخ الاسلام كله أن المرأة تسير مع الرجل جنباً إلى جنب في إدارة شؤون الدولة وسياستها وقيادة معاركها.
وكل ما يرويه لنا التاريخ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من النساء بيعة - دون أن يصافحهن - على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصين رسول الله في معروف، وقد كانت هذه البيعة يوم فتح مكة، ثم أخذ بيعة الرجال على مثل ما أخذ من بيعة النساء.
ومن زعم أن هذا يدل على اشتغال المرأة المسلمة بالسياسة فقد ركب متن الشطط وحمّل وقائع التاريخ ما لا تحتمل.
ونعلم أيضاً أن بعض نساء الصحابة كن يخرجن مع الرجال في معارك الرسول صلى الله عليه وسلم يضمدن الجرحى ويسقين العطشى، وكانت لرفيدة خيمة تداوي فيها الجرحى، فإذا أصيب بعض المسلمين في المعركة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ الى خيمتها.
وهذا أيضاً لا يدل على اشتغال المرأة بالسياسة، بل على أساسها في الوقائع الحربية ما بين أعمال التمريض والسقاية، وما بين القتال عند الضرورة، وهذا الحكم باق لا ينازع أحد فيه كما سيأتي.
ونعلم أيضاً أن المرأة المسلمة أسهمت في بدء الدعوة الاسلامية بقسط وافر من التضحية والفداء، كما فعلت أخت عمر بن الخطاب، وأسماء بنت أبي بكر، وغيرهما.
وهذا يدل على أثر المرأة في حركات الاصلاح ووجوب اسهامها فيها ولا يزال هذا الحكم قائما، أما أن يدل على الاشتغال بالسياسة بمعناه المفهوم اليوم، فلا.
ونعلم أيضاً أن النساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كن يحضرن خطبة العيد، ودروس وعظه صلى الله عليه وسلم منفصلات عن الرجال.
وهذا لا يدل على اشتغالهن بالسياسة، ومن زعم ذلك، فقد ارتكب شططاً.
ونعلم أن عائشة أم المؤمنين خاضت معركة شهيرة في التاريخ بمعركة الجمل، وكانت قائدة المعركة فيها من وراء ستار وهي على هودجها.
ولكن المؤكد أن عائشة ندمت على ما فعلت، وأن أمهات المؤمنين لمنها على ذلك، إذ ما كان يجوز لها الخروج من بيتها كزوجة للرسول بنص القرآن، ولكنها تأولت فأخطأت، ثم تابت واستغفرت، وأحاطها علي بعد المعركة بكل مظاهر الاكرام والحراسة حتى عادت الى بيتها في المدينة.
فلا يمكن إذاً أن يتخذ عملها هذا دليلاً على اشتغال المرأة المسلمة بالسياسة في تلك العصور، كما يزعم بعض المتهورين، لأنها حادثة فردية أدركت فيها عائشة خطأها.
ونعلم أنه في بعض أدوار التاريخ الاسلامي تولت احدى النساء الملك والحكم كما فعلت شجرة الدر، وأن منهن من كن ذات تأثير كبير على أزواجهن كزبيدة زوجة هارون الرشيد.
ولكن هذه حوادث فردية، وتدخلهن إنما كان من قبيل السيطرة والنفوذ على أزواجهن، لا على انه اسهام منهن في سياسة الدولة بالمعنى المفهوم اليوم.
إذاً فمن المؤكد أن المرأة المسلمة لم تشتغل في السياسة، ولم تسهم في الأحداث السياسية التي مرت بالمسلمين في كل أدوار التاريخ، فلمَ هذا؟ مع أننا قررنا أن الاسلام رفع مكانتها وسواها في الأهلية القانونية بالرجل ورفع عنها الغبن اللاحق بها في مختلف البيئات والشعوب؟
هنا يجب أن نذكر حقيقة تلقي لنا الضوء على هذه الظاهرة التي تكاد تبدو متناقضة، وهي أن الاسلام برغم إعطائه المرأة كل حقوقها المسلوبة من