الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حق تقديرها ولعدم مراعاة امكانية اعطاء المرأة عملاً مناسباً لها.
ومن هذه العوامل جميعاً يبرز عامل - يزداد في الكتابات الحديثة دائماً ذكره على نحوٍ مُرضٍ - تنسب اليه مسؤولية النتائج النفسية والجسمية لعمل النساء - هذا العامل هو العمل المزدوج او على الأصح ذو الثلاثة جوانب، أعني: المهنة - تدبير المنزل - الأسرة.
ولزيادة في التفصيلات يرجع الى بحث من الفاميدرال وفيولا كلين بعنوان "الدور المزدوج للمرأة في الأسرة والمهنة" والى كتاب الأسرة "النساء بين الأسرة والمصنع" د. ا. ل. هوفمان ورتيرش كيرستن.
7 -
وهناك أسباب أخرى تدل على مدى تعقد المشكلة نشأت عن تطويل عمر الانسان - فعمر المرأة يبلغ حالياً 72 سنة - وعن امكانية زيادة سني العمل التي تترتب على ذلك وخاصة في مرحلة الكبر. إنها تضع الطبيب أمام مشكلة جديدة، بالاضافة الى أن قلة المواليد الحالية تتيح لكثير من النساء في سن مبكر نسبياً العودة الى المهنة من جديد.
القسم الثاني
فالى جانب التشغيل الكامل في هذا العصر ذي المستوى الاقتصادي المرتفع، تلعب أسباب شخصية دوراً هاماً في تزايد عمل المرأة المهني مما يجب أن يكون معلوماً لدى الاجتماعيين ورجال السياسة والأطباء، إذا أرادوا أن يقدروا أسباب ردود الفعل المخيبة وأسباب الانهاك والضرر النفسي والجسمي المتسبب عن العمل حق تقديرها، وان يصلوا بعد ذلك الى نتائج صحيحة ان ذلك مهم جداً بالنسبة للآثار الايجابية والسلبية - بوجه خاص - للنشاط المهني أعني فيما إذا كان المرء يذهب الى عمله بسرور وارتياح او بدافع الحاجة فحسب دون أن يشعر برغبة داخلية أو بعلاقة تشده الى عمله.
فيما إذا كان المرء يذهب الى عمله متحرراً من أعباء الواجبات الأخرى مدفوعاً بالطموح وإرادة الابداع، أو مكرهاً مشغول الفكر بمنزله وأطفاله المتروكين دونما رعاية أو بزوجة المريض المهمل شأنه.
إن المعنى المألوف والقائل: بان تزايد تشغيل المرأة مبعثه رغبتها في الخروج من دائرة الحياة المنزلية الضيقة والدخول في ميدان العمل النابض، بالاضافة الى أن ذلك يؤدي الى رفع مستوى الحياة باقتناء ثلاجة مناسبة أو
رائي "تلفزيون"، ان هذا المعنى صادق ولا شك على نسبة ضئيلة جداً من النساء. ولكن السبب الأساسي - وهذا ما تؤكده الاحصاءات والاختبارات بشكل واضح - انما هو الواجب القاسي او الحاجة المرة. إن المرأة لا تشتغل على الاطلاق من أجل نفسها بل - وبدون استثناء تقريباً - من أجل الأسرة.
إن أجر الرجل أو راتبه التقاعدي لا يكفي، فعلى المرأة أن تعمل معه، ولقد تبين من أحد الاستفتاءات لأحد المرافق أن ثلثي من وجهت اليهم الأسئلة كان عليهم أن يؤمنوا ربحاً فوق راتبهم يعادل - 30 - 50% منه لكي يحافظوا على كيان أسرتهم، فالمسكن وأثاثه والضرائب يجب أن تغطى من الطرفين. كما أن المرفق الخاص يتطلب عوناً كاملاً من المرأة بالإضافة الى عملها المنزلي. فلنفكر اذن في المصير التعس للنساء الريفيات ولنفكر أيضاً بالعدد الضخم من أرملات الحرب والمطلقات اللواتي يتوجب عليهن أن ينتزعن لقمة عيشهن وعيش أطفالهن بأنفسهن.
ففي ألمانيا الاتحادية تعيش 1،150،000 أرملة حرب و 2،800،000 أسرة محرومة الأبوين، وهذا يعني ربع مجموع العائلات الألمانية. كما أن هناك 1،700،000 رجلاً من مشوهي الحرب اللذين يعادل كسبهم أقل من نصف كسب الرجل العادي، وغالبية هؤلاء متزوجون. كل هذا بالاضافة الى أن عدد النساء في ألمانيا الاتحادية يزيد على الرجال بثلاثة ملايين.
ان هذه الأسباب المذكورة باختصار تجعلنا ندرك النتائج التي تترتب على المرأة، بحيث يتبين لنا أن النساء اللواتي يعني العمل عندهن إملاء فراغ المرأة، لا يشكلن غير نسبة ضئيلة فحسب، أما الأغلبية فيسبب لها متاعب جسيمة ونفسية.
ولعل الحديث يصبح أكثر تأثيراً عندما يعالج المرء النسبة العددية لمشاركة النساء في العمل، اسمحوا لي أرجوكم في أن تفهموني وان تكونوا معي في الرأي عندما أسوق بعض الاحصائيات التي لا تعتبر سارة لما هو معلوم: ففي 30 حزيران عام 1960 بلغ عدد النساء العاملات في المانية الاتحادية 6،900،000 امرأة وهذا يعني أكثر من العدد في عام 1950 بـ 2،800،000 وهذه السبعة ملايين تقريباً تشكل نسبة 34% من مجموع العمال بحيث أن الوقت الذي سيصبح فيه عدد النساء العاملات مساويا لعدد الرجال لا يبدو بعيداً. ان 36% من النساء العاملات متزوجات، والأرقام الآتية يجب أن تسترعي انتباهنا:
1،7 مليونا وهذا يعني 14% من مجموع المتزوجات يعملن خارج نطاق العمل المنزلي، فهؤلاء النساء يقمن بالإضافة الى ساعات العمل اليومي الثمانية. بالذهاب الى أماكن العمل - التي ليست دائماً قريبة - والعودة منها. الى جانب أعمالهن المنزلية. وحسب احصاء عام 1957 كان هنالك 1،2 مليون عاملة عليهن أن يرعين أبناءهن الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ 6 سنوات بالاضافة الى عملهن.
ويمكن أن نضيف هنا مثالاً بسيطاً يبدو أنه لا يمس القضية مباشرة لكنه في الحقيقة يجب أن يسترعي اهتمامنا: إنها مسألة مصير أطفال الامهات العاملات الذين يدعون بـ "أطفال الاقفال" أو حسبما يتطلبه التعبير المؤلم: "يتامى الصناعة".
فبينما كان المرء منذ عشر سنوات مضت في عام 1950 يعد مليونين من الاطفال الذين تذهب أمهاتهم وآباؤهم الى العمل يقدر هذا العدد اليوم بثلاثة ملايين طفل. إننا لسنا بحاجة الى ذكر النكبات المترتبة على ذلك والتي تحل بايتام الصناعة، هؤلاء الذين يبقون دون أبوين، على الرغم من جميع الاحتياطات الاجتماعية كدور الحضانة اليومية وحدائق اللعب.
هذا عدا الآثار الجسمية والنفسية التي تتحملها أمهات هؤلاء الاطفال العاملات والتي تترتب على وجوب ترك أطفالهن.
وهناك بعد، مجموعتان من الأرقام سنذكرها من أجل فهم بعض الآلام والمتاعب التي تبدو غير واضحة، والتي يزعم أنها ناشئة من العمل مباشرة، ولكنها في الحقيقة ناشئة في كون الأمهات غير مسرورات في عملهن. إنها تتعلق بدلائل النشاط في العمل وبالوضع الثقافي.
فهناك 9% فقط من النساء يزاولن الاعمال الحرة وتختلف هذه النسبة عن أمريكا حيث تبدو هناك أعظم. كذلك في البلاد الاخرى حيث يزداد الميل الى مشاركة النساء في المهن المستقلة (الحرة) والراقية. فأكثر من 60% من النساء هن عاملات أو مستخدمات أو موظفات و 22% منهن يعملن بالاضافات الى عملهن المنزلي في مرافق خاصة كالفلاحات في الاقتصاد الريفي والتجارة، وهكذا فان 92% من النساء يقمن بأعمال عادية، وهناك حقيقة هامة توضح بعض الثغرات والنتائج المترتبة عليها. تلك هي أن 9% من النساء فقط يقمن بعمل اختصاصي - أي كصناع - (بينما تبلغ هذه النسبة 50% في الرجال)