الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب الأفعال الرافعة الاسم الناصبة الخبر
وهذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنها تنصب الخبر، ولم تعمل في الاسم شيئاً، بل هو باقٍ على رفعه.
(فبال شرط كان وأضحى وأصبح وأمسى وظل وبات وصار وليس) - فتعمل هذه الثمانية صلة وغير صلةٍ، وموجبةً وغير موجبةٍ.
(وصلةً لما الظرفية دام) - أي ما التي يُقصدُ بها وبصلتها التوقيت نحو: لا أصحبك ما دمت جاهلاً
(ومنفية بثابت النفي مذكور) - يعم كل ناف حتى ليس كقوله:
(241)
ليس ينفك ذا غنى واعتزاز
…
كل ذي عفةٍ مُقل قنُوع
واحترز بثابت من أن يدخل الاستفهام على النفي للتقرير نحو: ألم تزل تفعل؟ لا لمجرد الاستفهام عن النفي.
(غالباً) - أشار بقوله: غالباً إلى أن النافي قد يُحذف كقوله تعالى: "قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف" - أي لا تفتأ.
(متصل لفظاً) - كما مثل.
(أو تقديراً) -كقوله:
(242)
ما خلتني زلت بعدكم ضمناً
…
أشكو إليكم حمؤة الألم
أي خلتني ما زلت. والضمنُ الذي به الزمانة في جسده من بلاء أو كسر أو غيرهما وحمؤة الألم سورته.
(أو مطلوبة النفي) - هو معطوف على قوله: ومنفيةً. والمراد به ما يقع بعد النهي نحو: لا تزلْ قائماً، والدعاء نحو: لا يزال الله محسناً إليك.
(زال ماضي يزال) - احترز من التي بمعنى تحول، فإن مضارعها يزول وهو فعل لازم، ومِنْ زال الشيء بمعنى عزله، فمضارعه يزيلُ.
(وانفك وبرح وفتئ وفتأ وأفتأ) - قال في المحكم: ما فتئتُ أفعلُ، وما فتأتُ أفتأ فتيئاً وفتوءاً. وما أفتأت الأخيرة تميمية، أي ما برحت.
(وونى ورام مرادفتاها) - أي مرادفتا فتئ وأخواتها، كقوله:
(243)
لا يني الخبُّ شيمة الخب مادا
…
م، فلا تحسبنه ذا ارعواء
قال الجوهري: فلانٌ لا يني يفعل كذا، أي لا يزال، وكقوله:
(244)
إذا رمت ممن لا يريم متيما
…
سلوا فقد أبعدت في رومك المرمى
واحترز من ونى بمعنى فتر، ومضارعها يني كالناقصة، ومن رام بمعنى حاول ومضارعها يروم، والتي بمعنى تحول ومضارعها يريم كمضارع الناقصة.
(وكلها تدخل على المبتدأ إن لم يُخبر عنه بجملة طلبية) - نحو: زيدٌ اضربه. وعمروٌ لا تصحبه، وبشرٌ هل أتاك؟
(ولم يلزم التصدير) - كأسماء الشرط والاستفهام وما أضيف إليها نحو: أيهم عندك، وغلام أيهم، وأيهم يأتيني فله درهم، أو غلام أيهم.
(أو الحذف) - كالمخبر عنه بنعت مقطوع نحو: الحمد لله أهل الحمد.
(أو عدم التصرف) - نحو: طوبى للمؤمن، وسلام عليك، وويلٌ للكافر.
(أو الابتدائية لنفسه) - نحو: أقل رجلٍ يقول ذلك. أي ما يقول: فلا تصحبه النواسخ كما لا تصحب هذا.
(أو مصحوبٍ لفظي) - نحو: لولا زيدٌ لأتيتك. وخرجتُ فإذا زيدٌ قائمٌ.
(أو معنوي) - نحو: ما أحسن زيداً. ولله دره. والكلاب على البقر.
(وندر، وكوني بالمكارم ذكريني) - من جهة وقوع الخبر فيه جملة طلبية؛ وقبل هذا الصدر:
(245)
ألا يا أم فارع لا تلومي
…
على شيء رفعت به سماعي
وكوني بالمكارم ذكريني
…
ودلي دل ماجدةٍ صناع
وأول على وضع الأمر موضع الخبر، أي: تذكريني، كقوله تعالى:"فليمدُدْ له الرحمن مداً"؛ فارع ترخيم فارعة وهو اسم امرأةٍ.
والدل قريب المعنى من الهدى، وهما من السكينة والوقار في الهيئة والنظر والشمائل وغير ذلك. قاله أبو عبيدة؛ وماجدة من المجد وهو الكرم، يقال: مجُدَ بالضم؛ والصناع: الحاذقة الماهرة بعمل اليدين.
(فترفعه) - أي تدخل على المبتدأ المذكور فترفعه.
(ويسمى اسماً وفاعلاً، وتنصب خبره ويسمى خبراً ومفعولاً) - والمشهور فيهما الأول، وقد سماهما سيبويه والمبرد بالفاعل والمفعول، وهو من باب التشبيه، إذْ كان زيدٌ قائماً مثل: ضرب زيدٌ عمراً.
(ويجوزُ تعدده، خلافاً لابن درستويه) - لأنه خبر مبتدأ في الأصل، وإذا جاز تعدده مع العامل الأضعف، فجوازه مع الأقوى أولى، فتقول: كان هذا حلواً حامضاً. وشبهةُ ابن درستويه تشبيه هذه الأفعال بما يتعدى إلى واحد فلا يزاد على ذلك.
(وتختص دام والمنفي بما بعدم الدخول على ذي خبر مفرد طلبي) - فلا يقال لا أكلمك كيف ما دام زيد، ولا أين ما زال زيد، ولا أين ما يكون زيد. وشمل قوله: المنفي بما؛ زال وكان وغيرهما من أفعال
الباب. وفهم منه أن المنفي بغير ما وغير المنفي تدخل عليه نحو: أين لا يزال زيد؟ وأين لا يكون عمرو، وأين كان بكر؟ وإنما قيده بالمفرد لأن غيره لا تدخل عليه أفعال الباب كلها مطلقاً، كما تقدم.
(وتسمى نواقص لعدم اكتفائها بالمرفوع) - وإنما لم تكتف به لأن حدثها مقصود إسناده إلى النسبة التي بين معموليها. وقد أشار إلى هذا سيبويه بقوله: كان عبد الله أخاك، فإنما أردت أن تخبر عن الأخوة.
(لا لأنها تدل على زمن دون حدث) - كما زعم ابن جني وابن برهان والجرجاني وجماعة.
(فالأصح دلالتها عليهما) - أي على الحدث والزمان.
(إلا ليس) - وهذا الذي صححه هو ظاهر قول سيبويه والمبرد، وصرح به السيرافي في شرح الكتاب. وقد نطقت العربُ بمصدر الناقصة، قال الشاعر:
(246)
ببذلٍ وحلمٍ ساد في قومه الفتى
…
وكونُك إياهُ عليك يسير
(وإنْ أريد بكان ثبت) - نحو: ما شاء الله كان، أي قدر أو وقع، "وإنْ كان ذو عسرةٍ" أي حضر أو وجد. وثبوت كل شيء بحسبه.
(أو كفل) - نحو: كنتُ الصبي، أي كفلته. ومصدرها كيانة.
(أو غزل) - نحو: كنتُ الصوف، أي غزلتُه.
(وبتواليها الثلاث) - وهي أضحى وأصبح وأمسى.
(دخل في الضحى والصباح والمساء) - نحو قوله:
(247)
ومن فعلاتي أنني حسن القري
…
إذا الليلة الشهباء أضحى جليدُها
يقال لليوم ذي الريح الباردة والصقيع أشهب، والليلة شهباء. والجليد ندى يسقط من السماء فيجمد على الأرض، تقول منه: جلدت الأرضُ فهي مجلودة، ونحو قوله تعالى:"فسبحان الله حين تُمسون وحين تصبحون".
(وبظل دام أو طال) - وزاد غيره: ؛ ظل بمعنى أقام نهاراً.
(وببات نزل ليلاً) - فيقال: بات القوم، وبات القوم إذا نزل بهم ليلاً - فيستعمل متعدياً بنفسه وبالباء.
(وبصار رجع) - ويتعدى حينئذ بإلى، ومنه قوله تعالى:"ألا إلى الله تصير الأمور" أي ترجع.
(أو ضم أو قطع) - فتتعدى حينئذ بنفسها إلى مفعول واحد. يقال صاره يصيره، وهي لغة في صاره يصوره. أي ضمه. وفسره بعضهم بأماله. وقرئ:"فصُرْهُنَّ إليك" بضم الصاد وكسرها. قال الأخفش: يعني: وجَّهْهُنَّ، ويقال: صاره يصيرُه. أي قطعه.
(وبدام بقي) - كقوله تعالى: "خالدين فيها ما دامت السموات والأرض".
(أو سكن) - ومنه الحديث: "نُهي أن يبال في الماء الدائم" أي الساكن.
(ويبرح ذهب أو ظهر) - وبالوجهين فُسر قولهم: برح الخفاءُ.
(وبوني فتر) - يقال: ونيتُ بالأمر أني ونئا وونْياً أي ضعفتُ وفترتُ وهذا أشهر من استعمالها ناقصة.
(وبرام ذهب أو فارق) -يقال: رُمْتُ من عند فلان، ورُمْتُ فلاناً، قال الشاعر:
(248)
أبانا فلا رُمت من عندنا
…
فإنا بخير إذا لم ترم
(وبانْفَكَّ خلص أو انفصل) -تقول: فككتُ الأسير فانفك، وفككتُ الخاتم وغيره فانفك.
(وبفتأ سكن أو أطفأ) - نحو ما حكى الفراء: فتأتُه عن الأمر سكنته، وفتأتُ النار أطفأتُها.
(سُمِّيتْ تامةً) - لأنها تكتفي حينئذ بمرفوعها.
(وعملتْ عملَ ما رادفت) - فإن كان لازماً لزمتْ، أو متعدياً بحرفٍ تعدتْ به، أو بنفسه فكذلك. وفُهم من كلامه أن ليس وزال وفتئ بكسر التاء وأفتأ وما تصرف من متصرفاتها لا تكون إلا نواقص.
(وكلها تتصرفُ إلا ليس ودام) - فيستعمل منها الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر، ولكن لا يستعمل من الأفعال التي شرط عملها النفي فعلُ الأمر.
(ولتصاريفها ما لها) - أي من العمل والشرط.
(وكذا سائر الأفعال) -فيثبت لغير الماضي منها ما ثبت للماضي من العمل.
(ولا تدخلُ صار وما بعدها) - وهو: ليس وزال ودام وأخواتها.
(على ما خبرُه فعلٌ ماضٍ) - فلا يقال: صار زيدٌ عَلِمَ؛ وكذا البواقي؛ لأن هذه تُفهم الدوام على الفعل واتصاله بزمن الإخبار. والماضي يُفهمُ الانقطاع.
(وقد تدخلُ عليه ليس إن كان ضمير الشأن) - أي إن كان ما خبره فعلٌ ماضٍ، وهو اسمها، ضمير الشأن، وذلك نحو ما حكى سيبويه من قول بعض العرب: ليس خلق الله أِعر منه، وليس قالها زيدٌ. فاسم ليس في المثالين ضمير الشأن، أي ليس هو، أي الشأن، والخبرُ الجملةُ بعده.
(ويجوز دخول البواقي عليه) - أي بواقي أفعال الباب. إن لم تكن بمعنى صار.
(مطلقاً) - ومنه قوله تعالى: "إنْ كنتُ قلتهُ فقد علمته"، "وإن كان قميصه قُدَّ"، "أو لم تكنوا أقسمتم" وقول الشاعر:
(249)
ثم أضحوا لعب الدهرُ بهم
…
وكذاك الدهرُ حالاً بعد حال
(خلافاً لمن اشترط في الجواز اقتران الماضي بقد) - وهم الكوفيون. والصحيح خلافه لما سبق وهو كثير.
(ويجوز في نحو: أين زيدٌ؟ توسيط ما نُفي بغير ما من زال وأخواتها) - فتقول: أين لم يزلْ زيدٌ؟ وأين لا يبرح بكرٌ؟ وأين لم ينفك عمرو؟ فلو كان النفي بما لم يجز، فلا يقال: أين ما زال زيدٌ؟ لأن ما لها صدر الكلام.
(لا توسيط ليس، خلافاً للشلوبين) - فلا يقال: أين ليس زيدٌ؟ لأن الحق منع تقديم خبرها كما سيأتي.
(وتردُ الخمسةُ الأوائل) - وهي كان وأضحى وأصبح وأمسى وظل.
(بمعنى صار) - كقوله تعالى: "فكانتْ هباء منبثا"، والهباء المنثب الشيء الذي تراه في البيت من ضوء الشمس، والهباء أيضاً دقاق التراب، وكقوله:
(250)
ثم أضحوا كأنهم ورقٌ جف
…
فألوتْ به الصبا والدبور
يقال: ألؤى فلان بحقي أي ذهب به، وكقوله تعالى:"فأصبحتم بنعمته إخوانا" وكقوله:
(251)
أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا
…
أخنى عليها الذي أخنى على لُبدِ
يقال: أخنى عليه أي أتى عليه وأهلكه، ولبد آخر نسور لقمان، وهو منصرف لأنه ليس بمعدول. وتزعم العرب أن لقمان هو الذي بعثته عادٌ في وفدها يستسقي لها، فلما أهلكوا خير لقمان بين بقاء سبع بقرات سمر من أظب عفر، في جبل وعر، لا يمسها القطر، أو بقاء سبعة أنسر، كلما هلك نسر خلف من بعده نسر. فاختار النسور، فكان آخر نسوره يسمى لُبدا؛ وكقوله تعالى:"فظلتْ أعناقهم لها خاضعين".
(ويلحق بها) - أي تلحق هذه في العمل بصار.
(ما رادفها م آض) - كقوله:
(252)
ربيتُه حتى إذا تمعددا
…
وآض نهداً كالحصان أجردا
يقال للغلام إذا شب وغلظ قد تمعدد. ورجل نهدٌ أي كريمٌ ينهد إلى معالي الأمور، وفرسٌ نهد أي جسيم مشرف. تقول منه: نهُدَ الفرسُ بالضم نُهودة، وفرس حصان بالكسر. ويقال إنما سمى حصاناً لأنه ضن بمائه فلم ينزُ إلا على كريمةٍ، ثم كثر ذلك حتى سموا كل ذكر من الخيل حصاناً، ورجلٌ أجردُ بين الجرد لا شعر عليه، وفرس أجردُ وذلك إذا رقت شعرته وقصرت وهو مدح.
(وعاد) - كقوله:
(253)
تُعد لكم جزر الجزور رماحُنا
…
ويرجعْنَ بالأكباد منكسرات
(وآل) - نحو: آل زيدٌ عالماً.
(ورجع) - كقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ترجعوا بعدي كفاراً".
(وحار) - كقوله:
(255)
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه
…
يحور رماداً بعد إذ هو ساطعُ
(واستحال) - كقوله:
(256)
إن العداوة تستحيلُ مودةً
…
بتدارك الهفوات بالحسنات
(وتحول) - كقوله:
(257)
وبدلتُ قرحاً دامياً بعد صحةٍ
…
لعل منايانا تحولن أبؤسا
(وارتد) -كقوله تعالى: "فارتد بصيراً".
(وندر الإلحاقُ بصار في: ما جاءت حاجتُك) - فمن رفع حاجتك جعلها اسم جاءتْ، وجعل ما خبرها، ومن نصب الحاجة جعلها الخبر، والاسم ضمير ما، والجملة من جاءت ومعمولها خبر ما.
(وقعدتْ كأنه حربةٌ) - قالوا: أرهف شفرته حتى قعدتْ كأنها حربة. أي حتى صارت. فاسمُ قعد ضميرُ الشفرة، وخبرُها كأنها حربة. يقال أرهفتُ سيفي أي رققته فهو مرهفٌ، والشفرة بالفتح: السكين العظيم، وشفرةُ الإسكاف إزميلُه الذي يقطع به، وشفرةُ السيف أيضاً حده.
(والأصح أن لا يلحق بها آل) - وأما قوله:
(258)
وعروبٍ غير فاحشةٍ
…
ملكتني وُدها حقبا
ثم آلتْ لا تكلمُنا .. كل حي معقبٌ غضبا
فلا حجة فيه، لاحتمال كون آلت بمعنى حلفت، ولا تكلمنا الجواب. العَروب من النساء المتحببة إلى زوجها، والجمع عُرب. ومنه:"عُرباً أتراباً".
(ولا قعد مطلقاً) -بل يقتصر فيها على السماع، خلافاً للفراء، وكذلك جاء على الصحيح.
(وأن لا يثجعل من هذا الباب غدا وراح) - خلافاً للزمخشري وأبي البقاء، فالمنصوبُ بعدهما حالٌ لا خبر، لالتزام تنكيره، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:"تغدو خماصاً، وتروحُ بطانا".
(ولا أسحر وأفجر وأظهر) - خلافاً للفراء في زعمه أنها مساوية لأصبح وأمسى وأضحى، إذ لم يذكر على هذا شاهداً.
(وتوسيط أخبارها كلها جائزٌ) - فتقول: كان قائماً زيدٌ. ومنه: "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين". ودخل في عمومه خبر ليس ودام، فتقول: ليس قائماً زيد. ومنه قوله:
(259)
سلي إنْ جهلت الناس عنا وعنهم
…
فليس سواء عالمٌ وجهولُ
ولا أصحبك ما دام قائماً زيدٌ. ومنه:
(260)
لا طيب للعيش ما دامت منغصةً
…
لذاته بادكار الموت والهرم
(ما لم يمنعْ مانعٌ) - أي من التوسط، كأن يكون الخبر واجب التقديم نحو: أين كان زيدٌ؟ أو واجب التأخير نحو: كان فتاك صديقي.
(أو موجبٌ) - أي للتوسط نحو ما قُصد فيه حصرُ الاسم، كقوله تعالى:"ما كان حجتهم إلا أنْ قالوا" ونحو: كان في الدار رجل.
(وكذا تقديمُ خبر صار وما قبلها جوازاً ومنعاً ووجوباً) - فينقسم خبر صار وما قبلها بالنسبة إلى تقديمه على الفعل إلى ثلاثة أقاسم: قسم يجوز فيه، وقسم يجب، وقسم يمتنع. فالجائز نحو: قائماً كان زيدٌ، والواجب نحو: اين كان زيدٌ؟ والممتنع نحو: صار عدوي صديقي.
(وقد يُقدم خبرُ زال وما بعدها منفيةً بغير ما) - نحو: في الدار لن يزال زيدٌ، وكذا إذا كان النافي لم أو إنْ أو لما.
(ولا يُطلقُ المنع، خلافاً للفراء) - في منعه تقديم خبر زال وما بعدها
على كل نافٍ صحبها.
(ولا الجواز، خلافاً لغيره من الكوفيين) - في إجازتهم تقديمه مع كل نافٍ، والصحيح منعه مع ما، فلا يقال: قائماً ما زال زيدٌ لأن "ما" لها صدر الكلام.
(ولا يتقدمُ خبر دام اتفاقاً) - فلا يقال: لا أصحبك طالعةُ ما دامت الشمسُ.
(ولا خبرُ ليس على الأصح) - فلا يقال: قائماً ليس زيدٌ؛ وهذا مذهب الكوفيين والمبرد وابن السراج وأكثر المتأخرين، وهو الموافق للسماع، ومذهبُ قدماء البصريين الجواز، واختلف على مذهب سيبويه.
(ولا يلزمُ تأخيرُ الخبر إن كان جملة، خلافاً لقوم) -بل يجوز تقديمه وتوسيطه، فتقول: كان أبوه قائمٌ زيدٌ، وكان يقوم زيدٌ، وأبوه منطلقٌ كان زيدٌ، ويضرب أبوه كان زيد، لأن القياس جوازه وإنْ لم يسمع. قاله ابن السراج.
(ويمنعُ تقديم الخبر الجائز التقدم تأخرُ مرفوعه) - فلا يقال: قائماً كان زيدٌ أبوه. أي: كان زيدٌ قائماً أبوه، ولا آكلا كان زيدٌ أبوه طعامك. أي: كان زيدٌ آكلاً أبوه طعامك. لما فيه من الفصل بين العامل ومعموله الذي هو كجزء منه.
(ويقبحُه تأخرُ منصوبه) - فيقبح: ؛ آكلاً كان زيدٌ طعامك. ولا يمتنع، لأنه ليس كجزء من عامله، لأنه فضلة.
(ما لم يكن ظرفاً أو شبههُ) - فيجوز: مسافراً كان زيد اليوم، وراغباً كان زيدٌ فيك، لأن الظروف والمجرورات يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها.
(ولا يمتنع هنا) - بخلاف باب المبتدأ.
(تقديم خبرٍ مشاركٍ في التعريف وعدمه) -أي وعدم التعريف وهو التنكير.
(إنْ ظهر الإعرابُ) - فيجوز: كان أخاك زيدٌ، ولم يكن خيراً منك أحدٌ؛ فإن خفي الإعراب وجب كون المقدم الاسم نحو: كان أخي صديقي، ولم يكن فتى أزكى منك.
(وقد يُخبرُ هنا وفي باب إنَّ بمعرفةٍ عن نكرةٍ اختياراً) - وذلك لشبه المرفوع هنا بالفاعل، والمنصوب بالمفعول، ومنه قول القطامي:
(261)
قفي قبل التفرق يا ضُباعا
…
ولا يكُ موقفٌ مك الوداعا
وليس مضطراً لتمكنه من أن يقول: ولا يكُ موقفي. وقد حمل هذا الشبه المذكور على جعل الاسم في باب إنَّ نكرة والخبر معرفة، كقوله:
(262)
وإن حراماً أن أسب مجاشعاً
…
بآبائي الشم الكرام الخضارم
وأجاز سيبويه: إن قريباً منك زيدٌ، الخضارم جمع خِضْرم بالكسر، وهو الكثير العطية، مشبهٌ بالبحر الخضرم، وهو الكثير الماء.
(فصل): (يقترنُ بإلا الخبرُ المنفي إن قُصد إيجابه) - وسواء كان النفي بحرف نحو: ما كان زيد إلا قائماً، أو بفعل نحو: ليس زيدٌ إلا قائماً، ودخل في الخبر ثاني مفعولي ظننت نحو: ما ظننت زيداً إلا قائماً، وثالث مفاعيل أعلم نحو: ما أعلمتُ زيداً فرسك إلا مسرجاً.
(وكان قابلاً) - وذلك كما مثل. وتحرز من خبر لا يقبل الإيجاب نحو: ما كان زيدٌ زائلاً قائماً، وما كان مثلُك أحداً.
(ولا يُفْعَلُ ذلك بخبر برح وأخواتها لأن نفيها إيجابٌ) - فلا يقال: ما زال زيدٌ إلا عالماً، كما لا يجوز، كان زيدٌ إلا عالماً.
(وما ورد منه بإلا مؤولٌ) - كقول ذي الرمة:
(263)
حراجيجُ لا تنفك إلا مُناخة
…
على الخسف أو نرمي بها بلداً قفرا
وتؤول على أن تنفك تامة، وهو مطاوعُ فكه إذا خصه أو فصله، فكأنه قال: ما تتخلص أو ما تنفصل عن السير إلا في حال إناختها على الخسف، وهو حبسُها على غير علف. يريد أنها تناخُ معدة للسير عليها، فلا تُرْسَلُ من أجل ذلك في المرعى، وأو بمعنى إلى أنْ، وتُسكنُ الياء ضرورة. والحراجيج جمع حُرجُوج، والحُرجوج والحُرْجُج والحُرُجُّ الناقة الطويلة على وجه
الأرض. وقال أبو زيد: الحُرجوج: الضامر. وأصل الحُرجوج حُرْجُج، وأصل الحُرْجُج حُرُجّ.
(وتختص ليس بكثرة مجيء اسمها نكرة محضة) - نحو: ليس أحدٌ قائماً. وذلك لأن النفي من مسوغات الابتداء بالنكرة، وليس موضوعةً له.
(ويجوز الاقتصارُ عليه دون قرينةٍ) - يريد: على كون الاسم نكرةً عامة. لأنه بذلك يشبه اسم لا، فيجوز أن تساويه في الاقتصار عليه، ومنه:
(264)
ألا يا ليل ويحك نبئينا
…
فأما الجود منك فليس جودُ
أي ليس منك جودٌ، أو عندك جودٌ، وحكى سيبويه: ليس أحد، أي ليس هنا أحد، وخصه المغاربة بالضرورة.
(واقتران خبرها بواو إن كان جملة موجبة بإلا) - كقوله:
(265)
ليس شيء إلا وفيه إذا ما
…
قابلته عين البصير اعتبارُ
(وتشاركها في الأول) - وهو مجيء الاسم نكرة.
(كان بعد نفي) - كقوله:
(266)
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى
…
فأبعدكن الله من شجرات
وقوله:
(267)
إذا لم يكن أحد باقياً
…
فإن التأسي دواء الأسى
والأسى مفتوح مقصور الحزن.
(أو شبهه) - كقوله:
(268)
ولو كان حي في الحياة مخلداً
…
خلدت، ولكن ليس حي بخالد
(وفي الثالث) - وهو اقتران خبرها بواو إن كان جملة موجبة بإلا.
(بعد نفي) - كقوله:
(269)
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن
…
سراج لنا إلا ووجهك نورها
وكقوله:
(270)
ما كان من بشر إلا وميتته
…
محتومةٌ لكن الآجال تختلف
(وربما شُبهت الجملةُ المخبرُ بها في ذا الباب بالحالية فوليت الواو مطلقاً) - كقوله:
(271)
وكانوا أناساً ينفحون فأصبحوا
…
وأكثر ما يعطونك النظر الشزر
وقوله:
(272)
فظلوا ومنهم سابق دمعه له
…
وآخر يثني دمعة العين بالمهل
وهذا لا يعرفه البصريون، وإنما أجازه الأخفش. يقال: نفحه بشيء أي أعطاه. ومنه: لا يزال لفلان نفحات من المعروف.
قال ابن ميادة:
(273)
لما أتيتك أرجو فضل نائلكم
…
نفحتني نفحة طابت لها العرب
أي طابت لها النفس، والعرب بالتحريك النفس. والنظر الشزر هو نظر الغضبان. بمؤخر عينه. ويقال: ثناه أي كفه، ومنه: جاء ثانياً عنانه. والمهل بالتحريك التؤدة.
(وتختص كان بمرادفة لم يزل كثيراً) -فتدل على الدوام مثل لم يزل، كقوله تعالى:"وكان الله على كل شيء قديراً".
وقوله:
(274)
وكنت امرأ لا أسمع الدهر سبةً
…
أسبُّ بها إلا كشفت غطاءها
(وبجواز زيادتها وسطاً باتفاق) - نحو: ما كان أحسن زيداً، ونحو: زيدٌ كان قائمٌ. ومنه قوله:
(275)
أرى أم عمرو دمعُها قد تحدرا
…
بكاء على عمرو وما كان أصبرا
وقول أبي أمامة الباهلي: يا نبي الله، أو نبي كان آدم؟
(وآخراً على رأي) - فيقال: زيد قائم كان. كما يقال: زيداً قائمٌ ظننتُ.
وهذا مذهب الفراء. والصحيح المنعُ. إذ لم يستعمل، والزيادة خلاف الأصل. فيقتصر بها على موضع استعمالها.
(وربما زيد أصبح وأمسى) - كقولهم: ما أصبح أبردها، وما أمسى أدفأها، يعنون الدنيا، وهذا شاذ عند البصريين مقيس عند الكوفيين.
(ومضارع كان) - كقول أم عقيل بن أبي طالب:
(276)
أنت تكون ماجد نبيل
…
إذا تهبُّ شمأل بليلُ
وقول رجل من طيء:
(277)
صدقت قائل ما يكون أحق ذا
…
طفلاً يبذُّ ذوي السيادة يافعاً
الماجد الكريم. يقال: "مجُدَ بالضم فهو ماجدٌ ومجيدٌ. وقال ابن السكيت، الشرف والمجد يكونان بالآباء. يقال: رجل شريف ماجد، أي له آباء متقدمون في الشرف. قال: والحسبُ والكرمُ يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف. والنبيل من النبالة، والنبل هو الفضل. يقال: نَبُلَ بالضم فهو نبيل. ويقال: هبت الريح تهب هبوباً وهبيباً أي هاجت. والشمال الريح التي تهب من ناحية القطب، وفيها خمسُ لغات: شمْل بالتسكين، وشمل بالتحريك، وشمال وشمأل وشأمَل مقلوب منه، وربما جاء بتشديد اللام كقوله:
(278)
تلفُّه نكباءُ أم شمألُّ
والجمع شمالات وشمائل أيضاً على غير قياس، كأنهم جمعوا شمالة كرسالة ورسائل. والبليل والبليلة الريح فيها ندى. والبذُّ مصدر بذَّه يبذُّه أي غلبه. ويقال: أ] فع الغلام ارتفع فهو يافع، ولا يقال موفع، وهو من النوادر.
(وكان مسندة إلى ضمير ما ذُكر) - كقوله:
(279)
فكيف إذا مررت بدار قوم
…
وجيران لنا كانوا كرام
فكانوا زائدة، وإسنادها إلى الضمير لا يمنع الزيادة، كما لا يمنع إلغاء ظن في نحو: زيدٌ ظننتُ قائمٌ، وهذا مذهب الخليل وسيبويه.
(أو بين جار ومجرور) - وهو على ومجرورها كقوله:
(280)
سراة بني أبي بكر تسامي
…
على كان المسومة العراب
ويروي: المطهمة الصلاب. وهذا في غاية الشذوذ. والسراةُ اسم جمع عند سيبويه كالنفر، وقيل جمع سري، وجمعُ فعيل على فعلة عزيز.
قال الجوهري: ولا يعرف هذا. والسري من السرو، وهو سخاء في مروءة. ويقال: سرا يسرو، وسري بالكسر يسري سرواً فيهما، وسرو يسرُو سراوةً أي صار سرياً. والمسومة المرعية من سامت أي رعت فهي سائمة، واسميتها أنا وسومتها. وقيل: المسومة المطهمة، يقال: فرسٌ مطهم، ورجل مطهم. قال الأصمعي: المطهم التام كل شيء منه على حدته فهو بارع الجمال. والخيل العراب والإبل العراب خلاف البراذين والبخاتي. والصلاب الشديدة من صلب الشيء صلابة فهو صُلْبٌ وصليب.
(وتختص كان أيضاً بعد إنْ أو لو بجواز حذفها مع اسمها إن كان ضمير ما عُلِمَ من غائب أو حاضرٍ) - كقول الشاعر:
(281)
قد قيل ذلك إنْ حقا وإنْ كذباً
…
فما اعتذارك من قول إذا قيلا؟
أي إن كان هو أي المقول حقاً وإن كان هو أي المقول كذباً. وكقوله:
(282)
لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكاً
…
جنوده ضاق عنها السهل والجبل
أي ولو كان هو أي ذو البغي ملكاً. وكقوله:
(283)
علمتك مناناً فلست بآمل
…
نداك ولو غرثان ظمآن عاريا
أي ولو كنت. وقوله:
(284)
لا تقربن الدهر آل مطرفٍ
…
إن ظالماً أبداً وإن مظلوماً
أي إن كنت ظالماً وإن كنت مظلوماً. والنصب في هذه ونحوها واجبٌ، لتعين كون الاسم خبر كان. والغرثان: الجائع، يقال: غرِثَ بالكسر يغرثُ غرثاً فهو غرثان.
(فإن حسن مع المحذوفة بعد إن) - أي مع كان المحذوفة.
(تقديرُ: فيه أو معه أو نحو ذلك) - أي مما يصلح جعله خبراً.
(جاز رفع ما وليها) - وذلك لعدم تعينه للخبرية، بخلاف ما سبق، نحو: الناس مجزيون بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، والمرء مقتول بما قتل به، إن سيفاً فسيفٌ، وإن خنجراً فخنجر. فيجوز نصب ما بعد إنْ خبراً لكان، والتقدير: إن كان العمل خيراً
…
وإن كان العمل شراً، وإن كان المقتول به سيفاً، وإن كان المقتول به خنجراً، ويجوز رفعه اسماً لكان، والتقدير: إن كان في عملهم خيرٌ
…
وإن كان في عملهم شر
…
وإن كان معه سيفٌ
…
وإن كان معه خنجر
…
والخنجر سكين.
(وإلا تعين نصبه) - أي وإلا يحسن تقدير فيه أو معه تعين النصب كما سبق، وحذف كان في هذا ونحوه جائز؛ قال سيبويه: وإن شئت أظهرت الفعل.
(وربما جُر مقروناً بإنْ لا أو بإنْ وحدها إن عاد اسم كان إلى مجرور بحرف) - وذلك نحو ما حكى سيبويه عن يونس أن من العرب من يقول: مررت برجل إنْ لا صالح فطالح، بالجر على تقدير: إنْ لا أكن مررت بصالح فطالح. هكذا قدره سيبويه ثم قال: هو ضعيف قبيح.
قال: ومن ثم قال يونس: امرر على أيهم أفضل: إنْ زيدٍ وإن عمروٍ؛ يعني إنْ مررت بزيدٍ أو مررت بعمروٍ.
(وجعلُ ما بعد الفاء الواقعة جواب إنْ المذكورة خبر مبتدأ أولى من جعله خبر كان مضمرة، أو مفعولاً بفعل لائق، أو حالاً) - فيجوز ذلك في الواقع بعد الفاء من قولك، إن خيراً فخير ونحوه الرفع والنصب، فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: فجزاؤهم خير، والنصب على أنه خبر كان محذوفة، والتقدير: فيكون الجزاء خيراً، أو على أنه مفعول بفعل لائق، أي: فيجزون خيراً، أو على الحالية فيلفونه خبراً، والرفع أولى لقلة المضمر.
وحصل من هذا ومما تقدم أنه يجوز في قولك، إن خيراً فخيرٌ أربعة أوجه: رفع الاسمين، ونصبهما، ورفع الأول ونصب الثاني، وعكسه، وهو أجودهما.
(وإضمار كان الناقصة قبل الفاء أولى من التامة) - فإذا رفعت خيراً الواقع بعد إنْ فقلت: إن خيرٌ فخيرٌ أو فخيراً، فجَعْلُ المقدر كان الناقصة أولى من جعل التامة، لأن الناقصة يتعين إضمارها مع نصبه، فينبغي أن يرجح، مع رفعه ليجري الاستعمالان على سنن واحد.
(وربما أضمرت الناقصة بعد لدن) - كقول الشاعر يصف إبلاً:
(285)
من لدُ شولاً فإلى إتلائها
أي من لدن كانت شولا. والشول النوق التي خف لبنُها، وارتفع ضرعها، وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية، الواحدة شائلة، وهو جمع على غير قياس، يقال منه: شولت الناقة بالتشديد. أي صارت شائلة، وأما الشائل بلا هاء فهي الناقة التي تشول بذنبها للقاح ولا لبن لها أصلاً، والجمع شول كراكع ورُكع. وإتلاؤها هو أن يتلوها ولدُها ويتبعها، يقال: أتلت الناقةُ أي تلاها ولدها، ومنه قولهم: لا دريت ولا تليت يدعو عليه بأن لا تتلى إبله أي لا يكون لها أولاد. عن يونس.
(وشبهها) - كقوله:
(286)
أزمان قومي والجماعة كالذي
…
لزم الرحالة أن تميل مميلا
أي أزمان كان قومي مع الجماعة كالذي
…
كذا قال سيبويه.
والرحالة سرج من جلد ليس فيه خشب كانوا يتخذونه للركض الشديد، والجمع الرحائل.
(والتُزم حذفُها) - أي حذفُ كان.
(معوضاً منها ما بعد أنْ كثيراً) - كقوله:
(287)
إما أقمت وأما أنت مرتحلاً
…
فالله يكلا ما تأتي وما تذرُ
والأصل: ولأن كنت مرتحلاً، فحذفت اللام لأن حذف حرف الجر مع أن مطرد، ثم حذفت كان وعوض منها ما، ولهذا لا يجتمعان، فانفصل الضمير فصار: أما أنت مُرْتحلاً.
(وبعد إنْ قليلاً) - كقوله:
(288)
أمرعتِ الأرضُ لو أن مالا
…
لو أن نوقاً لك أو جمالا
أو ثلة من غنم إمالا
أي إن كنت لا تجدُ غيرها، فحذف كان واسمها وخبرها وعوض منها ما وأبقى لا الداخلة على الخبر. ويقال: مرُع الوادي بالضم وأمرع أي أكلا فهو ممْرع. ويقال للضأن الكثيرة ثلة. قال يونس: ولا يقال للمعزى الكثيرة ثلة ولكن حيلة بالفتح. والجمع ثلل كبدرة وبدر. قال: فإذا اجتمعت الضأن والمعزى فكثرتا قيل لها: ثلة.
(ويجوز حذفُ لامها الساكن جزماً) - ناقصة كانت أو تامة، كقوله تعالى:"فلم يكُ ينفعهُم إيمانهم". وقوله تعالى: "وإن تكُ حسنة يضاعفها". واحترز بجزماً من الساكن وقفاً نحو: كن خير بني آدم.
(ولا يمنع ذلك ملاقاة ساكن، وفاقاً ليونس) - كقوله:
(289)
إذا لم تك الحاجات من همة الفتى
…
فليس بمغن عنه عقد التمائم
قال المصنف: وليس بمضطر لتمكنه من أن يقول:
إذا لم يكن من همة المرء ما نوى
ومذهب سيبويه أن هذا مخصوص بالضرورة. والتمائم جمع تميمة: قال أبو عبيدة: وهي عوذة تعلق على الإنسان. وفي الحديث: "من علق تميمة فلا أتم الله له". قال الجوهري: ويقال: هي خرزة، وأما المعاذاة إذا كان فيها القرآن وأسماء الله تعالى فلا بأس بها.
(ولا يلي عند البصريين كان وأخواتها غيرُ ظرفٍ وشبهه من معمول خبرها) - فيمتنع: كان طعامك زيدٌ آكلا، خلافاً للكوفيين، ويجوز: كان عندك زيدٌ مقيماً، وكان في الدار زيدٌ جالساً، لأن الظروف والمجرورات يتسع فهيا ما لا يتسع في غيرها.
(واغتفر ذلك بعضهم) - أي بعض البصريين كابن السراج والفارسي.
(ومع اتصال العامل) - نحو: كان طعامك آكلا زيدٌ. وفاقاً للكوفيين. ووجهه أن المعمول من كمال الخبر وكالجزء منه فلم يولها إلا الخبر،
ومذهب سيبويه المنع، ولم يرد بها سمع.
(وما أوهم خلاف ذلك قدر فيه البصريون ضمير الشأن) - اسماً. كقوله:
(290)
قنافذ هداجون حول بيوتهم
…
بما كان إياهم عطية عودا
فظاهره أن عطية اسم كان، وعود خبرها، وإياهم معمول عود تقدم على المبتدأ الواقع بعد اسم كان المضمر. ويحتمل أن تكون زائدة، والقنافذ جمع قنفذ، ويقال هدج الظليم إذا مشى في ارتعاش.
(فصل): (ألحق الحجازيون بليس ما النافية) -فيرفعون بها المبتدأ وينصبون بها الخبر، ومنه قوله تعالى:"ما هذا بشراً" وقوله تعالى: "ما هن أمهاتهمْ". وغير الحجازيين لا يعملها، بل يوقع بعدها المبتدأ والخبر مرفوعين نحو: ما زيدٌ قائمٌ.
(بشرط تأخرِ الخبر) - فإن تقدم بطل عملها نحو: ما قائمٌ زيدٌ، ومنه:
(291)
وما حسن أن يمدح المرء نفسه
…
ولكن أخلاقاً تُذم وتحمد
(وبقاء نفيه) - فإن انتقض النفي لم تعمل نحو: ما زيدٌ إلا قائم؛ ومنه: "وما محمدٌ إلا رسولٌ".
(وفقدِ إنْ) - فإن وجدت أهملت نحو: ما إنْ زيدٌ قائمٌ. ومنه قول فروة بن مسيك، وهو حجازي:
(292)
فما إن طبنا جبن ولكن
…
منايانا ودولة آخرينا
يقال: ما ذاك بطبي أي عادتي.
(وعدم تقدم غير ظرف أو شبهه من معمول الخبر) - فيبطل عملها إن تقدم على المبتدأ غير ذلك، نحو: ما طعامك زيدٌ آكلٌ. ومنه:
(293)
وقالوا: تعرفها المنازل من منى
…
وما كل من وافى مني أنا عارف
في رواية نصب كل، ولا يبطل إن تقدم ذلك، نحو: ما عندك زيدٌ مقيماً، وما في الدار عمرو جالساً، ومنه:
(294)
بأهبة حرب كن وإن كنت آمناً
…
فما كل حين من توالي مواليا
(وإن المشار إليها زائدة كافة لا نافية، خلافاً للكوفيين) - فإن كافة لما
كما في: "إنما الله إله واحد"، وليست نافية كما زعموا، لأنهم زادوها بعد ما الموصولة الاسمية والحرفية، ولا مسوغ لذلك إلا شبهها لفظاً بما النافية، فتعين أن تكون معها زائدة.
(وقد تُزادُ قبل صلة ما الاسمية) - كقوله:
(295)
يرجى المرء ما إن لا يراه
…
وتعرضُ دون أدناه الخطوب
أي الذي لا يراه.
(والحرفية) - كقوله:
(296)
ورج الفتى للخير ما إنْ رأيته
…
على السن خيراً لا يزال يزيد
(وبعد ألا الاستفتاحية) - نحو:
(297)
ألا إن سرى ليلي فبت كئيباً
…
أحاذر أن تنأى النوى بغضوبا
(وقبل مدة الإنكار) - كقول رجل من العرب ما قيل له: أتخرج إن أخصبت البادية؟ : أأنا إنيه؟
(وليس النصبُ بعدها بسقوط باء الجر، خلافاً للكوفيين) - فلا عمل لما عندهم، بل المرفوع مبتدأ والمنصوب خبره، ونصب بإسقاط الخافض، ورد بأن إسقاط الخافض لا يوجب النصب لا سيما الزائدة، ألا ترى أن بحسبك درهم، تسقط منه الباء ولا يجب نصبه، بل لا يجوز.
(ولا يغني عن اسمها بدل موجب، خلافاً للأخفش) - في إجازته ذلك في قولك: ما قائماً إلا زيدٌ، بحذف اسم ما والاستغناء عنه ببدله الموجب بإلا، وهو ضعيف، لعدم تعين المحذوف، إذ يحتمل أن يكون المحذوف ما ذكر، وأن يكون الأصل: ما كان قائماً إلا زيدٌ.
(وقد تعمل متوسطاً خبرُها) - وحكى الجرمي أن ذلك لغية، وحكى: ما مسيئاً من أعتب.
(وموجباً بإلا) - كقول المغلس:
(298)
وما حق الذي يعثو نهاراً
…
ويسرق ليله إلا نكالا
(وفاقاً لسيبويه في الأول) - وهو نصبُ خبرِ ما متوسطاً. قال سيبويه: وزعموا أن بعضهم قال: وهو الفرزدق:
(299)
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم
…
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
وهذا لا يكاد يعرف، كما أن "لات حين مناص" كذلك، ورب شيء هكذا، وهو كقول بعضهم: ملحفة جديدة في القلة. انتهى.
وعامة النحويين على منع نصب خبرها متوسطاً، وتأولوا البيت.
(وليونس في الثاني) - وهو نصبُ الخبر موجباً بإلا. وروى هذا عنه من غير طريق سيبويه، وذهب إليه الشلوبين في تنكيته على المفصل، ومذهب الجمهور وجوبُ رفعه حينئذ.
(والمعطوفُ على خبرها ببل ولكن موجب فيتعينُ رفعه) - فتقول: ما زيدٌ قائماً بل قاعدٌ، ولكن قاعدٌ، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي بل هو قاعد.
(وتلحقُ بها) - أ] بما في رفع الاسم ونصب الخبر.
(إن النافية قليلاً) - وقد صرح بذلك المبرد، وتابعه الفارسي وابن جني، ومن إعمالها قوله:
(300)
إن المرء ميتاً بانقضاء حياته
…
ولكن بأن يُبغى عليه فيُخذلا
(ولا كثيراً) - ومنه قوله:
(301)
تعز فلا شيء على الأرض باقياً
…
ولا وزر مما قضى الله واقيا
الوزر الملجأ، وقوله:
(302)
نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل
…
فبوئت حصناً بالكماة حصينا
(ورفعها معرفة نادرٌ) - كقول النابغة الجعدي:
(303)
بدت فعل ذي ود فلما تبعتها
…
تولت وردت حاجتي في فؤاديا
وحلت سواد القلب لا أنا باغياً
…
سواها ولا في حبها متراخيا
(وتكسع بالتاء) - أي لا. فيقال: لات، وتعمل حينئذ عمل ليس. قال ابن القطاع: كسع القوم كسعاً ضرب أدبارهم بالسيف، والإنسان
ضربت دبُره بظهر قدمك، والرجُل تكلمت بإثر كلامه بما ساءه.
(فتختص بالحين أو مرادفه) - كالساعة، ومنه:
(304)
ندمَ البغة ولات ساعة مندم
ولا تعمل في غير هذين، فلا يقال: لات زيدٌ قائماً.
(مقتصراً على منصوبها بكثرة) - كقوله تعالى: "ولات حين مناص" أي ولات الحين حين مناص. فحذف الاسم وأبقى الخبر، وكقول رجل من طيء:
(304)
ندم البغة ولات ساعة مندم
…
والبغي مرتع مبتغيه وخيم
أي ولات الساعة ساعة مندم.
(وعلى مرفوعها بقلة) - كقراءة بعضهم: "ولت حين مناص" برفع حين. أي ولات حين مناص لهم. فحذف الخبر، ولم يسمع في لات اجتماع الاسم والخبر.
(وقد يضاف إليها حين لفظاً) - كقوله:
(305)
وذلك حين لات أوان حلم
…
ولكن قبلها اجتنبوا أذاتي
والأذاة مصدر أذى، يقال آذاه يؤذيه إذاءً وأذاةً وأذية.
(أو تقديراً) - كقوله:
(306)
تذكر حب ليلى لات حينا
…
وأمس الشيب قد قطع القرينا
أي حين لات حين تذكر.
(وربما استغنى مع التقدير عن لا بالتاء) - كقوله:
(307)
العاطفون تحين ما من عاطفٍ
…
والمسبغون يداً إذا ما أنعموا
أي العاطفون حين لات حين ما من عاطف، فحذف حين ولا، ويحتمل كون الأصل: العاطفونه بهاء السكت، ثم أثبتها وأبدلها تاء.
(وتهمل لات على الأصح إن وليتها هنا) - كقوله:
(308)
حنت نوار ولات هنا حنت
…
وبدا الذي كانت نوار أجنت
قال المصنف: ؛ لا عمل للات في هذا وأشباهه، لكنه مهملة، وهنا في موضع نصب على الظرفية، والفعلُ بعدها صلةٌ لأن محذوفةُ، وأن وصلتها في موضع رفع بالابتداء، والخبر هنا، كأنه قال: ولا هنالك حين. حكذا قال أبو علي، وزعم الشلوبين وابن عصفور أن هنا اسم لات، وهو غير صحيح لأن هنا ظرف غير متصرف، فلا يخلو من معنى في إلا بأن تدخل عليه من أو إلى.
(ورفع ما بعد إلا في نحو: ليس الطيب إلا المسك لغة تميم) - قال أبو عمرو بن العلاء: ليس في الأرض تميمي إلا وهو يرفع، ولا حجازي إلا وهو ينصب.
(ولا ضمير في ليس، خلافاً لأبي علي) - بل هي على هذه اللغة حرف نفي لا عمل لها، وهذا قول الجمهور، وقال الفارسي: هي فعل. واسمها ضمير الشأن، والجملة من الطيب والمسك خبرها. ورُد بأنه لو كان كما زعم لقيل: ليس إلا الطيب المسكُ، كما يقال: ليس كلامي إلا زيد منطلقٌ، ولم يقل: ليس الطيب إلا المسكُ، كما لا يقال: ليس كلامي زيدٌ إلا منطلقٌ.
(ول تلزم حالية المنفي بليس وما على الأصح) - بل ينفي بها الحال والماضي والمستقبل. ومن استقبال المنفي بليس: "ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم". ومن استقبال المنفي بما: "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعُمر" قال الشلوبين: وحكى سيبويه: ليس خلق الله أشعر
منه. وأجاز سيبويه: ما زيدٌ ضربته، على أن تكون ما حجازية.
(وتُزاد الباء كثيراً في الخبر المنفي بليس) - كقوله تعالى: "أليس الله بعزيز ذي انتقام"؟ "أليس الله بكاف عبده"؟
(وما أختها) - كقوله تعالى: "وما ربك بغافل عما يعملون"، "وما ربك بظلام للعبيد". فلو ثبت الخبر لم تزد. فلا يجوز: ليس زيدٌ أو ما زيدٌ إلا بقائم.
(وقد تزاد بعد نفي فعل ناسخ للابتداء) - كقوله:
(309)
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن
…
بأعجلهم إذْ أجشع القوم أعجل
وقوله:
(310)
دعاني أخي. والخيل بيني وبينه
…
فلما دعاني لم يجدني بقعدد
أجْشَعُ أفعل من الجشع، وهو أشد الحرص، ومنه جشع الرجل بالكسر وتجشع مثله فهو جشع، وقوم جشعون. ويقال: رجل قُعْدُد وقُعْدَد إذا كان قريب الآباء إلى الجد الأكبر، وكان يقال لعبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس: قُعدد بني هاشم، ويُمدح به من وجه لأن الولاء للأكبر، ويذم به من وجه لأنه من أولاد الهرمي، وينسب إلى الضعف، ومنه: دعاني أخي
…
البيت.
(وبعدَ أوَلَمْ يروْوا أن وشبهه) - والمراد به دخولها بعد أن المسبوقة بـ أولم يروا كقوله تعالى: "أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادرٍ". وجاز ذلك نظراً إلى المعنى، إذ معنى أو لم يروا أن: أو ليس.
(وبعد لا التبرئة) - كقول العرب: لا خير بخير بعده النارُ. إذا لم تُجعل الباء بمعنى في.
(وهل) - كقول الفرزدق:
(311)
يقول إذا اقلولي عليها وأقردتْ
…
ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم
واقلولي ارتفع. ويقال: قرد الرجل سكت من عي، وأقرد أي سكن وتماوت، وبعضهم يقول: أقرد لصق بالأرض.
(وما المكفوفة بإنْ) - كقوله:
(312)
لعمرك ما إن أبو مالك
…
بواهٍ ولا بضعيف قواه
(والتميمية، خلافاً لأبي علي والزمخشري) - والصحيح خلاف قولهما، لكثرة دخول الباء بعد ما، في أشعار بني تميم ونثرهم، ونص على ذلك سيبويه والفراء، ومنه قول الفرزدق:
(313)
لعمرك ما معن بتارك حقه
…
ولا منسيء معنٌ ولا متيسرُ
(وربما زيدت في الحال المنفية) - كقوله:
(314)
فما رجعت بخائبة ركابٌ
…
حكيمُ بن المسيب منتهاها
أي خائبة.
(وخبر إن) - كقوله:
(315)
إن تنأ عنها حقبةً لا تلاقها
…
فإنك مما أحدثت بالمجرب
أي فإنك المجربُ مما أحدثتْ.
(ولكن) - كقوله:
(316)
ولكن أجراً لو فعلت بهين
…
وهل ينكر المعروف في الناس والأجرُ
(وقد يُجرُّ المعطوف على الخبر الصَّالح للباء مع سقوطها) - وهذا هو العطف على التوهم، ولا ينقاس، خلافاً للفراء، ومنه أنشد سيبويه:
(317)
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة
…
ولا ناعب إلا ببين غرابها
جر ناعب عطفاً على مصلحين على توهم الباء. ومنه أيضاً قوله:
(318)
ما الحازم الشهم مقداماً ولا بطلٍ
…
إن لم يكن للهوى بالعقل غلَّابا
جَرَّ بطلاً عطفاً على مقدام على توهم الباء، واحترز بالصالح من غيره. فلا يقال: ليس زيدٌ إلا قائماً وذاهب
…
بجر ذاهب، ولا: ما زيد يقومُ وقاعد، بجر قاعد.
(ويندرُ ذلك بعد غير ليس وما) - كقوله:
(319)
وما كنت ذا نيربٍ فيهمُ
…
ولا منمش فيهم مُنْمِلِ
جر منمشاً على توهم دخول الباء في خبر كان المنفية، وهو: ذا نيرب. والنيرب النميمة، والمنمش المفسد لذات البين، والمنمل الكثير النميمة.
(وقد يُفعلْ ذلك في العطف على منصوب اسم الفاعل المتصل) -كقول امرئ القيس:
(320)
فظلَّ طهاة اللحم ما بين منضج
…
صفيف شواءاً وقدير معجل
جَرَّ قديراً لتوهم جر صفيف بالإضافة، لأن منصوب اسم الفاعل يُجر بالإضافة كثيراً. واحترز بالمتصل من المنفصل فإنه لا يجر المعطوف عليه نحو أن يقال: من بين منضج بالنار صفيف شواء، لأن الانفصال يمنع توهم الإضافة. الطهاة جمع طاه وهو الطباخ. والصفيف ما صف من اللحم على الجمر ليُشْوَى فيه، تقول منه: صففت اللحم صفاً، والقدير المطبوخ في القدر، تقول منه: قدر واقتدر مثل طبخ واطبخ.
(وإن ولي العاطف بعد خبر ليس أو ما وصف يتلوه سببي) - نحو: ليس زيدٌ قائماً ولا قاعداً أبوه، وما زيد قائماً ولا قاعداً أخوه.
(أعطى الوصف ما له مفرداً، ورُفع به السببي) - فيجوز لك في الوصف في المثالين السابقين النصب والجر كما لو لم يذكر السببي. وكذلك لو دخلت الباء في الخبر، ولو قلت: ما زيد يقوم ولا قاعداً أبوه، أو ليس زيدٌ يقوم ولا قاعداً أبوه، لم يجز جر الوصف لما تقدم.
(أو جُعلا) - أي الوصف والسببي.
(مبتدأ وخبراً) - فتقول: ولا قاعدُ أخوه. فيرتفع أخوه مبتدأ. وقاعدٌ خبراً. ويجوز رفع الوصف مبتدأ، وجعلُ ما بعده مرفوعاً به ساداً مسد خبره.
(وإن تلاه أجنبي عُطف بعد ليس على اسمها، والوصف على خبرها) - نحو: ليس زيدٌ قائماً ولا قاعداً عمرو، فعمرو مرفوعٌ عطفاً على اسم ليس، وقاعداً منصوبٌ عطفاً على خبرها، ويجوز لك رفع الوصف على الخبرية للأجنبي، أو على الابتدائية. ولا يجوز نصب الوصف والحالة هذه مع ما، لأن خبرها لا يتقدم على اسمها، بل يتعين رفع الوصف نحو: ما زيدٌ قائماً ولا قاعدٌ عمرو. ويكون الأجنبي مبتدأ وخبره الوصف الذي قبله أو ساداً مسد خبر الوصف.
(وإنْ جُر بالباء جاز على الأصح جرُّ الوصف المذكور) - نحو: ليس زيدٌ بذاهب ولا قائم عمرو. بجر قائم بباء مقدرة مدلول عليها بالمتقدمة. وحذف حرف الجر من المعطوف لدلالة مثله عليه كثير، ونظير المثال قوله:
(321)
وليس بمدن حتفه ذو تقدم
…
لحرب ولا مستنسيء العمر محجم
(ويتعين رفعه بعدما) - أي رفع الوصف المتلو بأجنبي نحو: ما زيد قائماً ولا قاعدٌ عمرو. وما زيدً بقائمٍ ولا قاعدٌ عمرو، وذلك لما سبق.